شرح العقيدة السفارينية (08)

......فيها نتائج، نستغرب أن توجد هذه النتائج عندهم، لكنها بنيت على مقدمات اقتضتها عقولهم، ثم لزم على هذه المقدمات لوازم فالتزموا بها، وإلا من يبي يتصور أن مسلماً ينتسب إلى الإسلام ويسجد لله يصلي، يقول: سبحان ربي الأسفل، أو يقول:

ألا بذكر الله تزداد الذنوب

 

 

وتنطمس البصائر والقلوب

 

من بيتصور أن شخص ينتسب إلى الإسلام وتدعى فيه الولاية أن يقول مثل هذا الكلام، إلا أن هناك مقدمات استرسلوا فيها، وألزموا بلوازم فالتزموا بها؛ لأنه لو لم يلتزموا لنقضوا مذاهبهم، ومن يريد الله به السعادة إذا عرف هذه اللوازم رجع عن قوله، والذي لا يريد الله به السعادة فيستمر في ظلاله وغيه يستمر إلى أن يصل على حد يخرج فيه من الدين، والذي يمكن أن يقال: هذه الأقوال، وهذه ال..... وهذه المقدمات قيلت عن حسن قصد يعني هم يقصدون التنزيه، فهل كلامهم صحيح، قصدهم التنزيه لله -جل وعلا-؟ أو أن لهم مآرب يريدون أن يتوصلوا بها من باب كلمة حق أريد بها باطل؟

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن الرازي صاحب بالتفسير، وضرره بالغ على عقيدة السلف؛ لأنه منظر، وأوتي بيان وقوة حجة، والشبهات التي يوردها يصعب الإجابة عنها، حتى هو يعجز عنها، يورد شبهات في مذهب المخالفين، شبهات عند المعتزلة بقوة وبوضوح وبجلاء ويؤكد عليها ويبدي رأيه ثم إذا أراد أن يجيب عجز، هل يقال: أنه من أجل أن يقرر الشبهة يضعف في ردها وإلا فهو يستطيع أن ينقضها بدليل أنه ظهرت عنده الشبهة بقوة وبوضوح وبجلاء وهو لا يقول بها، لكن مع ذلك يأتي برد ضعيف، وهذا قد يكون أسلوب ماكر من أساليب المناظرات، يتظاهر الإنسان بأنه لا يرى هذا القول وهو في الحقيقة يراه، فيذكره ويدعمه بقوة، ثم يذكر الرد الضعيف ليقتنع به من يقرأ، باعتبار أنه جاء على لسان منصف.

شيخ الإسلام سئل عن الرازي، وسئل عن كثير من رؤوس المبتدعة، وأجاب عنهم -رحمه الله- بإنصاف، يعني حينما يرد بقوة على المبتدعة على عموم المبتدعة والبدع، وشبهات المبتدعة فإذا سئل عن الأشخاص تحرى وتوقف، فقال عن الرازي: بعض أو كثير من الناس يطعن في قصده، يطعن في قصده والذي أراه أنه ينصر ما يراه الحق، يعني قصده سليم، لكن هذا ما، أعطي ذكاء وقوة حجة، لكنه ما أعطي زكاء، لماذا؟ هل بذل السبب في الوصول إلى الحق؟ أو أنه بسبب استرساله مع العقليات وضعفه في النقليات وصل إلى ما وصل إليه؟ يعني في تفسير سورة النصر، سورة العصر، في تفسير سورة العصر من تفسيره يقول: إن امرأة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سألت عنه في المدينة فدلت عليه، فقالت: يا رسول الله إنها شربت الخمر، ثم زنت، فحملت من الزنا، ثم قتلت هذا الصبي، قال: أما كونها شربت الخمر فلأنها لم تدرك صلاة العصر؛ لأنه يفسر سورة العصر، وأما كونها زنت فلكذا، ولكونها قتلت فلكذا، الألوسي لما ذكر هذه القصة نقلاً عن تفسير الرازي ماذا قال؟ قال: ذكرها الإمام في تفسيره، هم إذا أطلقوا الإمام انصرف إليه، ذكرها الإمام في تفسيره، ولعمري أنه إمام في معرفة ما لا يعرفه أهل الحديث، هذا مدح وإلا ذم؟ هذا ذم غاية في الذم، فبضاعته من الحديث ضعيفة جداً، واهية، لا يكاد يعرف شيئاً من الحديث، ويسترسل في العقليات لا بد أن يصل إلى هذه النتائج، فعلى طالب العلم أن يكون من أول أمره، أو من بداية أمره أن يكون ملازماً للنصوص، معولاً على الوحيين، حريصاً على فهم ما جاء عن الله وعن رسوله، على مراد الله ومراد رسوله بالطرق والوسائل التي سلكها سلف هذه الأمة، وأئمتها لفهم الكتاب والسنة، وإلا إذا اتبع العقل والرأي لا بد أن يزيغ، ولا بد أن يضل، لا سيما في مباحث الغيبيات التي لا تدرك بالمشاهدة، وليس لها نظائر تقاس عليها، وليس ثم إلا النص أو التوقف.

في الأخير يقول: وما هو مذهب الراغب الأصبهاني والكفوي؟

أنا لا أعرف مذهبهم بدقة؛ لأني لم استكمل قراءة الكتابين، أنا أراجع في الكتابين، لكن لا يسلمون، ومع ذلك لا أستطيع أن أحدد المذهب بدقة، يمر علينا أشياء من التأويل عندهم.

الراغب له هذا الكتاب المفردات، وهو نافع في بيان غريب القرآن، نافع، يعني جودته في كونه يذكر الألفاظ في جميع القرآن، ويفسرها في موضع واحد، فكأنه تفسير موضوعي، يتكلم على الموضوعات مفردة مع، بجميع الآيات التي وردت فيها ويفسرها في موضع واحد، وهذا لا شك أنه يعين طالب العلم، يعين طالب العلم، لكن مع ذلك ألف كتاباً في الأدب اسمه: "محاضرات الأدباء، ومحاورات البلغاء والشعراء"، هذا في غاية السوء من كتب الأدب، يعني فيه نقيض الأدب؛ لأنهم يطلقون الأدب على أدب الدرس، ومع الأسف أن هذه الكلمة خصت عرفاً بالكتب التي هي مناقضة للأدب، وكتاب الكليات للكفوي أيضاً فيه فوائد جمعها من بطون المراجع، وكتاب يعني تعب عليه، ويستفيد منه طالب العلم فائدة كبرى، ومرتب على الحروف مثل المفردات.

المفردات طبع مراراً، طبع أول ما طبع على هامش النهاية في غريب الحديث لابن الأثير مراراً، وطبع في المطبعة الميمنية قديماً أيضاً مفرد في مجلد، وطبع طبعه الحلبي وحقق أيضاً من قبل شخص يقال له: محمد أحمد خلف الله، تحقيق جيد، هذا إذا وجد فطبعته أفضل الطبعات.

وأما بالنسبة للكليات فهو مطبوع قديماً، طبع في تركيا، وفي مصر، طبعات قديمة يعني منذ مائة وخمسين سنة، وبعضها دون، ثم طبع في الشام في خمسة أجزاء محقق، طبعة نفيسة إذا وجدت طيبة، ثم طبع في مجلد واحد مضغوط.

طالب:.......

يعني المسائل، الألفاظ، ألفاظ يفسر ألفاظ.

نكتفي بهذا السؤال وإلا فالأسئلة كثيرة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-، الناظم:

فصل: في مبحث القرآن.

يعني تتفق عليه النسخ، الترجمة؟

طالب:.........

شرح المؤلف موجود معكم؟ فصل في مبحث القرآن العظيم، هنا يقول: وبيان اختلاف الناس فيه، ومذهب السلف.

إيش عندك؟

طالب:........

لمن؟

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:........

في مبحث القرآن العظيم والكلام المنزل القديم، هذه اجتهادات العبرة بما كتبه المؤلف، الشرح معكم شرح المؤلف؟

طالب:......

يقول -رحمه الله تعالى-:

وأن ما قد جاء مع جبريل

 

 

من محكم القرآن والتنزيل

 

وأن ما قد جاء مع جبريل

إيش؟

طالب:........

وأن ما قد جاء مع جبريل

طالب:.....

هاه؟ كلكم ما في قد، يستقيم الوزن؟

طالب:........

أنت، أنت؟

طالب:.........

كل النسخ تتفق على حذف قد، هنا أيضاً وأن ما جاء مع جبريل؟

طالب:.........

على بن قاسم، هي اللي معي، حاشية ابن قاسم فيها قد، في غيرها؟

في أحد يقطع لنا البيت؟

طالب:.........

هاه؟ لا ما يلزم، العروض كلنا يعرفه، العروض كلنا يعرفه.......

طالب:..........

نحتاج إلى وقت، يحتاج إلى وقت هذا.

طالب:........

نسخة الشيخ ابن عثيمين فيها؟

طالب:........

طيب.

طالب:........

إيش هو؟

طالب:........

إيه لأنا قطعتها، لقد، بلا شك.

يقول -رحمه الله- تعالى:

وأن ما قد جاء مع جبريل

 

 

من محكم القرآن والتنزيل

 

جبريل مصروف وإلا غير مصروف؟ نعم، غير مصروف، غير مصروف وهنا صرف من أجل الضرورة، ضرورة الشعر، وإلا فالأصل أن يقول: مع جبريلَ، لكن احتج إلى الصرف من أجل التنزيل مجرور، ولا بد من الاتحاد بين شطري البيت في الرجز.

وأن ما قد جاء مع جبريل

 

 

من محكم القرآن والتنزيل

 

"من محكم القرآن والتنزيل"، يعني من القرآن الذي جاء به جبريل مبلغاً إياه عن الله -جل وعلا- الذي تكلم به، وسمعه منه جبريل بصوت وحرف  يسمع، ونزل به إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، تلقاه عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- وبلغه إلى الأمة، وبلغه إلى الأمة، فالقرآن كلامه مضافاً إليه؛ لأنه هو الذي تكلم به، ومنه بدأ، وإليه يعود، إلى الله -سبحانه وتعالى-، هذه عقيدة سلف هذه الأمة وأئمتها.

جاءت نسبته إلى جبريل، وجاءت نسبته إلى محمد عليهما الصلاة والسلام، الكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدئاً، وقد ينسب إلى من نقله عن قائله، لكن حقيقة النسبة إنما هي لمن قاله ابتداءً، ونسب إلى محمد -عليه الصلاة والسلام- {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [(38 – 40) سورة الحاقة]، ونسب إلى جبريل في سورة التكوير، وهو واحد، والواحد لا يمكن أن ينسب حقيقة إلا إلى واحد، لا ينسب حقيقة إلا إلى واحد, وأضيف إلى الاثنين بلفظ الرسالة، {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} ما قال قول نبي، لا، قول رسول، فالرسول بهذا اللفظ يدل على أنه مرسل من غيره، وأن غيره هو الذي قال: ما أرسل به، فالإضافة حقيقة إنما تكون للقائل ابتداءً، وأما الناقل فلا يضاف إليه إلا على سبيل التوسع والتجوز، ولذا يجمعون على أن ناقل الكفر ليس بكافر، ناقل الكفر ليس بكافر؛ لأنه ليس هو الذي قاله ابتداءً، فكون جبريل -عليه السلام- نقله عن الله أضيف إليه باعتبار أنه أرسل به، هو قول في الجملة، وهذا القول الأصل في إضافته إلى من قاله وتكلم به ابتداءً، ثم جبريل بلغه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فصحت نسبته إليه من هذه الحيثية على سبيل التجوز، وإلا فالأصل أن الكلام لمن قاله ابتداءً، وعرفنا أنه أضيف إليهما بلفظ الرسالة، مما يدل على أن هناك مرسل بهذا القول وهو الله -سبحانه وتعالى-.

"من محكم": من هذه تبعيضية وإلا بيانية؟ بيانية، بيانية ليست تبعيضية، من محكم القرآن، لكن المتشابه ليس بكلامه سبحانه؟

من محكم القرآن والتنزيل

كلامه سبحانه قديم

 

 

...................................

خبر أن،

وأن ما قد جاء مع جبريل

 

 

من محكم القرآن والتنزيل

 

كلامه هذا الخبر، أو قديم؟ أيهما الخبر؟ أيهما الذي تتم به الفائدة، ويحسن السكوت عليه؟

طالب:........

وأن ما قد جاء، أن القرآن كلامه، كلامه سبحانه، أو أن القرآن قديم؟

طالب:........

خبر بعد خبر أو وصف؟

طالب:..........

هاه؟

طالب:.........

إذن انتهت الجملة، طيب قديم؟ هل نقول خبر بعد خبر، أو خبر لمبتدأ محذوف وهو قديم؟ يأتي للمبتدأ أكثر من خبر، يقول:

ومن يكن ذا بت فهذا بت

 

 

مصيف مقيض مشت

 

خبر بعد خبر.

طالب:........

نقول: كلها خبر بعد خبر، أو نقول الخبر كلامه، يعني مثل ما يقال: وأن محمداً، ثم يؤتى بألفاظ الجمل، وفي الأخير عبده ورسوله، وقد يصلح بعض هذه الجملة أن يكون خبراً، إذا أريد الإخبار به عن المبتدأ، فالسياق هو الذي يحدد، يعني هل مراد الناظم أن يقرر أن القرآن كلام الله؟ أو يريد أن يقرر أن القرآن قديم؟

طالب:.........

هاه؟

طالب:.........

يعني المبحوث في هذا المبحث هو تقرير أن القرآن كلام الله، أو أن القرآن كلام الله هذا مفروغ منه، لكن يريد أن يقرر أنه قديم.

طالب:..........

نعم؟

طالب:..........

نعم؟

طالب:.........

صاحب الحاشية يقول: أي وأن نجزم ونعتقد أن الكلام الذي جاء من الله مع جبرائيل أمينه أوحاه إليه من محكم القرآن العظيم، ومحكم التنزيل الذي أنزله الله على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- بواسطة جبريل هو كلام الله سبحانه، تكلم به حقيقة... إلى آخره.

يريد أن يجعل الخبر كلامه، وقوله: قديم، ليس من قول السلف، وإنما هو من قول ابن كلاب ومن تبعه، لكن هل يريد أن يقرر أنه قديم؟ من له الفصل في مثل هذا؟ إذا حصل التردد على سواء فالذي يقرر هو المؤلف، ولا بد من الرجوع إلى كلامه، وقد شرح عقيدته، الإشكال أننا منا نحضر الشرح الأصل لا بد من الرجوع إليه، نعم.

كلام، "من محكم القرآن"، المحكم يقابله المتشابه، وجاء وصف القرآن بأنه محكم {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ} [(1) سورة هود]، وجاء أيضاً وصفه بأنه متشابه، وجاء أيضاً وصف بعضه بالإحكام والبعض الآخر بالتشابه، والمراد هنا وصف بعض القرآن وإلا جميع القرآن؟ {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ} يعني جميعه، فهو يريد أن يتكلم عن القرآن بجملته، لا يريد أن يفصل المحكم من المتشابه، فقوله: محكم، لا مفهوم له؛ لأن القرآن كله محكم، وكله متشابه، وهذه لها معنى، وهذه لها معنى، وإذا قيل: إن بعضه متشابه، وبعضه محكم، صار للإحكام معنىً وللتشابه معنىً يختلف.

"من محكم القرآن والتنزيل"، طيب الواو هذه عاطفة تعطف التنزيل على القرآن، وهل هذا من عطف الشيء على نفسه، أو من عطف التغاير؟ نفسه، هو يريد بالقرآن، هو التنزيل.

"كلامه سبحانه"، لا شك أن القرآن كلام الله، تكلم به حقيقة بحرف وصوت يسمع؛ لأن فيها ما يدل على أنه يسمع، {حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ} [(6) سورة التوبة]، أبلغه مأمنه حتى يسمع، فدل على أنه يسمع، وهو أيضاً صوت؛ لأن فيه نداء، {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [(52) سورة مريم]، يدل على أنه يسمع إما بصوت مرتفع، أو بصوت منخفض، {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} [(10) سورة الشعراء]، {وَنَادَيْنَاهُ} [(52) سورة مريم]، تكررت في القرآن، {قَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} المقصود أن فيه ما يدل على أنه بصوت؛ لأن النداء مسموع، وكذلك المناجاة وإن اختلف الصوت قوة وما يقابل هذا.

"كلامه سبحانه"، تنزيه لله -جل وعلا-، أن يكون كلامه مشابهاً لكلام المخلوقين، هذا بالنسبة للصفة ومعناها، وأما كيفيته، كيف تكلم بالقرآن؟ فعلمه عند الله -جل وعلا-، وهذا خلافاً لمن يقول: إن كلام الله مخلوق، كلام الله مخلوق، خلقه في شيء من خلقه، أو في الشجرة، إذ نادى موسى، خلقه في الشجرة،طيب، حينما خلق الكلام في الشجرة ونطقت الشجرة وقالت لموسى: أنا ربك، ما الفرق بين قول الشجرة: أنا ربك، وبين قول فرعون: أنا ربكم الأعلى؟ في فرق؟ ما في فرق، على قول المعتزلة والجهمية الذين يقولون: إن كلام الله مخلوق، إن القرآن مخلوق، وكفروا بسبب ذلك؛ لأن مقتضى ذلك إلغاء الأمر وإلغاء الشرع.

"كلامه سبحانه قديم"، قديم هذه اللفظة تقدمت، وأن القديم لم يرد إطلاقه في النصوص، ولا استعمله السلف لا بالنسبة لما يتعلق بالله -جل وعلا-، ولا ما يتعلق بصفة من أوصافه؛ لأن هذه اللفظة لا تعني الأزل، وإن كل ما تقدم على غيره كالعرجون القديم يمكن أن يوصف بأنه قديم، وذكرنا في أوائل الدروس أن من اشترى بيتاً أو سيارة أو قلماً أو كتاباً، في العام الماضي في مثل هذه الأيام من العام الماضي، واشترى قلماً في هذه الأيام، أو كتاباً في هذه الأيام، أو اشترى بيتاً في هذه الأيام، أو سيارة في هذه الأيام، يصح أن يقال: الجديد، للمتأخر يقال له: جديد، والمتقدم يقال له: قديم، فهل يمكن أن يوصف الرب -جل وعلا- لا سيما وأنه لم يرد في النصوص بمثل هذا وهذا مفاده؟ لا يمكن، وهل يرفع هذا المحظور إضافة كلمة أزلي، قديم أزلي، وهي تعني التناهي في القدم، وحينئذ تكون مساوية للأول الذي جاءت به النصوص، {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [(3) سورة الحديد]، يعني الأول الذي ليس قبله شيء، وهذا هو اللائق بالله -جل وعلا-، ما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله -عليه الصلاة والسلام-، أما قديم فلم ترد في النصوص ولم يستعملها السلف.

جاء في الذكر: أعوذ بالله العظيم، وسلطانه القديم، وسلطانه القديم، فسلطانه يمكن أن يوصف بأنه وإن كان قديماً إلا أنه لا يكون أولاً، كما يوصف الله -جل وعلا- بالأول، أو أن قديم هنا تعني التناهي بالقدم التي تساوي الأولية، فيصح أن يتمسك بها لإثبات هذا اللفظ، ممكن وإلا غير ممكن؟ أو أن وصف الصفة لا يلزم منه الاطراد في الموصوف، يعني إذا قلنا: إن كلامه قديم، يعني جنس الكلام، لا آحاد الكلام فإنه حادث؛ لأن الله تعالى تكلم، ويتكلم متى شاء، إذا شاء.

هو يقول: كلامه سبحانه قديم، وإذا عرفوا الحديث بأنه ما يضاف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يجعلونه في مقابل القديم الذي هو القرآن، قيل له حديث؛ لأنه يقابل القرآن، قلنا: جاء وصف القرآن بأنه مُحْدَث محدث، وإذا نظرنا إلى القرآن باعتباره آخر الكتب الإلهية من هذه الحيثية محدث؛ لأنه قبله كتب وصحف، جاءت من عند الله -جل وعلا-، فمثل هذه اللفظة قديم، ينبغي أن يتقى؛ لأنه لم يرد بها نص، ولم يستعملها سلف هذه الأمة ولا أئمتها، إضافة إلى أن في كلامه ما يدل على أنه يرى أنه قديم بجملته، بجملته، والقول الحق عند أهل السنة والجماعة أنه وإن كان قديم النوع فالله -جل وعلا- تكلم في الأزل، ومتصف بهذه الصفة إلا أنه بالنسبة لآحاده وأفراده متجددة، متجدداً، هل نستطيع أن نقول أن {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [(1) سورة المجادلة] في يوم نزوله هل نستطيع أن نقول أنها قديمة؟ نعم في يوم نزولها ما نقول قديمة، لا، على كلامهم أنه تكلم في القدم ولا تكلم، وهذا فيه شبه من كلام الأشعرية، فيه شبه من كلام الأشعرية، الذين يقولون: أنه تكلم في الأزل ولا يتكلم، تكلم دفعة واحدة، وكلامه واحد، أما اختلافه باختلاف اللغات، اختلافه باختلاف اللغات وهذا تقدم بيانه والرد عليه.

نعم.

هي مضافة إليه -جل وعلا-، مضافة إليه -جل وعلا-.

نعم، كيف؟

طالب:........

إيه.

طالب:........

على كل حال لو راجعت الحديث وشفت ما قال فيه أهل العلم تحضره غداً.

يقول:

..................................

 

أعيا الورى بالنص يا عليم

 

أعجزهم، وهم ممن بلغ الذروة في الفصاحة والبلاغة وتحداهم الله -جل وعلا- أن يأتوا بمثله، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله، وقال: لو أنهم اجتمعوا وتظاهروا وتعانوا على أن يأتوا بمثله ثم بعد ذلك عجزوا، تحداهم أن يأتوا بعشر سور، ثم تحداهم أن يأتوا بسورة، والسورة كما تكون طويلة تكون قصيرة، كما تكون طويلة تكون قصيرة، فحصل التحدي بأقصر السور، ومع ذلك في باب التحدي المتحدى يحاول جاهداً بكل ما أوتي من قوة أن يدفع عن نفسه العجز، ولو استطاع أن يستعين بأحد مهما كلفه ذلك لفعل، والعرب هم أهل الفصاحة والبلاغة، يعني كل أمة تكون معجزة نبيها الكبرى فيما اشتهر عندهم، فاشتهر السحر في قوم موسى، واشتهر الطب في قوم عيسى، فحصل التحدي في باب السحر بالنسبة لموسى، وحصل التحدي بالطب، بإحياء الموتى، بإبراء الأكمه والأبرص في بالنسبة لعيسى، وحصل التحدي بالقرآن؛ لأن من بعث فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل فصاحة وبلاغة والقرآن هو الغاية في هذا الباب الذي لا يستطيع أحد أن يأتي بسورة من مثله.

قد يقول قائل: هل حصل التحدي بآية؟

ها؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

يعني هل يعجز العربي أن يقول: ثم نظر؟ نعم، ما يعجز، ولذا لم يحصل التحدي بآية، ومع ذلك هذه الآية المختصرة المكونة من خمسة حروف في مكانها وفي موضعها بين ما قبلها وما بعدها، غاية في الاختيار والبلاغة، قد لا يستطيع العربي أن يضعها في هذا المكان، ولديهم من القدرة ما لديهم، حاول ومن حاول جاء بالمضحكات، يحاول المعارضة جاء بما يضحك منه الصبيان، حتى قال من قال من المبتدعة من المعتزلة وغيرهم: أن الإعجاز لا لعجزهم عن ذلك، وإنما هم صرفوا عن معارضته، ويسمونه التحدي بالصرفة، يعني أنهم يستطيعون، لكنهم صرفوا، وهذا قول مرفوض عند أهل العلم؛ لأنهم إذا صرفوا ما صار هناك تحدي، ما هناك تحدي، يعني ما معنى أن يتحدى الأشل، أشل اليد اليمنى أن يكتب؟ هل للتحدي مجال، له مجال تأتي إلى أشل أو مقطوع اليد تقول: اكتب؟ ليس فيه مجال للتحدي، فالصرفة بمثابة الشلل، لا يستطيعون ذلك، ومنهم من يقول: إن فيه آية حتى مع القول بأنهم صرفوا، صرفوا لا بمانع حسي، والآلات موجودة، الآلة متوفرة لكنهم لم يفعلوا، يعني الصرف شيء محسوس وإلا معنوي؟ هم ما اختلفت عليهم من أمورهم شيء، حالوا ما استطاعوا، ومن سمع القرآن منهم أذعن، ومن سمع منهم القرآن كاد قلبه أن يطير، فما قالوا: والله إنا حاولنا وعجزنا، وواحد بغى يتكلم وعجز، لنقول بالصرفة؟

المقصود أن القول بالصرفة لا وجه له، وليس بصحيح، ومردود ومرفوض، ولديهم القوة، القدرة على الكلام، لكن العجز عن معارضة القرآن، يتكلمون بالكلام البليغ، يتكلمون بالكلام الفصيح، بالنسبة لكلام البشر هم ملاك أزمته من حيث القوة والبلاغة والفصاحة والجزالة، لكن لا شيء بالنسبة لكلام الخالق المعجز.

ظهر بعض من يعارض القرآن فمثل ما قلنا: أتى بالمضحكات، هناك كتاب للمعري اسمه هذا يقال أنه في مواعظ البريات، الفصول والغايات، الفصول والغايات في مواعظ البريات، يقال في ترجمته: أنه كان الأصل فيه أنه في معارضة الآيات، المعري معروف وضعه، رمي بالزندقة وما يستغرب أن يؤلف هذا الكتاب بهذه النية، لكن من يقرأ كتابه يعرف أن هذا الرجل رغم أنه لديه من القدرة والفصاحة ما يبهر، لكنه مع ذلك كلامه بالنسبة للقرآن لا شيء، وبعض الدعاة دعا شخصاً من النصارى ممن لا يحسن من العربية، ولا يفهم في العربية ولا حرف، فقرأ عليه شيء من القرآن، بترتيل معين، وقرأ عليه من كلام البشر بنفس الترتيل، بنفس الترتيل والنغمات وفرق بينهما، في القراءة الأولى دمعت عيناه، ووقر الإيمان في قلبه، وأما الثاني فلا شيء، قال له: هذا لا شيء، ولا يفهم من العربية شيء، يعني صناديد قريش رغم عداوتهم للنبي -عليه الصلاة والسلام- اعترفوا وأذعنوا، كما في كلام الوليد بن المغيرة وغيره، جبير بن مطعم لما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ سورة الطور يقول: كاد قلبه أن يطير، وهو مشرك قبل أن يسلم.  

والنصارى إذا سمعوا يعني من تحدث عنهم القرآن في وقت التنزيل، إذا سمعوا من القرآن شيء تفيض أعينهم من الدمع، ومع الأسف أن المسلم يسمع القرآن، ويقرأ القرآن ولا يحرك فيه ساكناً، لا يحرك ساكناً، يعني مثل ما تقدم أن المسلم يردد لا إله إلا الله ويأتي بالنواقض، ويقرأ القرآن، وكأنه يقرأ جريدة، ويسمع القرآن بالأصوات المؤثرة ومع ذلك كأنه يسمع نشرة أخبار، لا يؤثر فيه شيء.

...................................

 

أعيا الورى بالنص يا عليم

 

"أعيا الورى بالنص"، والواقع عجزوا أن يأتوا بشيء، ولا بسورة من مثله، أعياهم يعني أعجزهم.

"يا عليم": فعيل صيغة مبالغة، الله -جل وعلا- سميع عليم، من صفاته، الله -جل وعلا- عالم ويعلم وعلام الغيوب وعليم لكن لا يقال له علامة، والبشر في المبالغة يقال له: علامة، لكن هل يقال له عليم؟ وصيغة مبالغة فعيل؟ هل يقال للبشر عليم؟ {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [(76) سورة يوسف]؟

طالب:.....

نعم، هذا يدل على أنه يمكن أن يوصف بهذه الصفة.

وليس في طوق الورى من أصله

 

 

أن يستطيعوا سورة من مثله

 

"وليس في طوق الورى"، ليس في وسعهم، وليس في مقدورهم من أصله، يعني من أساسه، نعم

طالب:....

كيف؟

طالب:....

نعم، من أصل الورى، من أصل الخلق، يعني مع قدرتهم على ذلك، ومع عدم صرفهم عنه أن يستطيعوا سورة من مثله؛ لأنه قد وقع تحدي، والتحدي لا شك أنه يحمل الإنسان على أن يأتي بأقصى ما يستطيع، ومع ذلك لم يستطيعوا لا اجتماعاً ولا انفراداً أن يأتوا بسورة من مثله، والسورة من مثله قد تكون في سطر واحد، كسورة النحر، قد تكون في سطر واحد، وقد عجزوا، مع أنهم موصوفون بالفصاحة والبلاغة ومع ذلك أذعنوا واعترفوا، وشهدوا له في حال كفرهم، قبل إسلامهم أما من أسلم منهم فهذا مفروغ منه، ومن حاول المعارضة كمسيلمة مثلاً، جاء بما يزعم أنه قرآن يوحى إليه، فأتى بما يسخر منه بسببه الأطفال، وأما بالنسبة لكتاب المعري الفصول والغايات هو فيه شيء من الفصاحة، لكنه لا يقارب ولا يداني ما جاء في كتاب الله تعالى.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.