تنقيح الأنظار في معرفة علوم الآثار (13)
...ليس الغاية منها تلقين مسائل وإنما الغاية منها التدريب على التعامل مع النصوص، وهذا الذي يعنينا بالدرجة الأولى، أنا أذكر الراجح لكن ليس باستمرار أنا لا ألقن الطلاب وإنما وظيفتنا توجيه الإخوان وإن كنا نستفيد منهم أحيانا أكثر مما يستفيدون منا، لكن مع ذلك مثل ما ذكرت يعني أحيانا لا أرجح من هذه الحيثية لهذا السبب، لكي يستعمل الطالب ذهنه ويستفرغ وسعه في استخلاص القول الراجح من هذه الأقوال، وأيضا يهمنا بالدرجة الأولى جمع النظائر إلى نظائرها وتشقيق المسائل وأخذها من أصولها، أما تلقين راجح ومرجوح هذا ما أعتني به كثيرا وإن كان هو مطلب لكثير من الطلاب لاسيما الذي لا يستطيع أن يصل إلى الراجح بنفسه.
في الكتاب الثاني مسألة الاحتجاج والعناية بتصحيح الترمذي وتقليد الترمذي في تصحيحه أو عدمه، حينما يقول الذهبي إنه متساهل في التصحيح فلا يعتمد على قوله ذكرنا قول الشيخ أحمد شاكر أن تصحيحه معتمد وتوثيق لرجاله، لا شك أن الترمذي إمام لكنه كغيره ممن يقبل قوله ويرد، ويصيب ويخطئ، وعلى هذا طالب العلم ليس بملزَم لا بتصحيح الترمذي ولا بغيره، طالب العلم المتأهل ليس بملزَم، ومع ذلك الترمذي إمام حافظ علم حجة ثقة مجمع عليه خلافا لما يقوله ابن حزم إنه مجهول، قال تصحيحه لحديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني وهو متروك شديد الضعف، يقول المؤلف وكذلك يحتمل أنه صحح هذا الحديث لثبوته من غير طريق كثير بن عبد الله المزني هذا فالحديث روي من غير طريق، وقد رواه الحاكم وأبو عبد الله في مستدركه من طريق كثير بن زيد المدني عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة مرفوعا، وقال الحاكم صحيح على شرطهما وهو مقرون بعبد الله بن الحسين المصيصي وهو ثقة"، حديث الصلح جائز بين المسلمين "وأخرج الحاكم أيضا له شاهدين عن أنس وعائشة رواهما من رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن الجزري عن خصيف ذكر ذلك الإمام الحافظ تقي الدين ابن دقيق العيد في كتاب الإلمام وذكر الحافظ ابن كثير في إرشاده" إرشاد الفقيه الذي تقدم ذكره إلى معرفة أدلة التنبيه، تقدم بالأمس، "أن أبا داود روى الحديث عن أبي هريرة بإسناد حسن هذا كله مع شهادة القرآن الكريم لذلك في قوله تعالى:{ وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞ } النساء: ١٢٨ وفي قوله تعالى:{ أَوۡ إِصۡلَٰحِۭ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ } النساء: ١١٤ وأما اختيار الترمذي لإسناد الحديث من طريق كثير بن عبد الله فيحتمل وجهين فيحتمل وجهين أحدهما أنه لم يروه بالسماع من غير طريقه وقد عرف قوته وصحته بالوجادة والإجازة ومذاكرة الشيوخ وثانيهما أن يكون قد رواه من طرق كثيرة في كل منها مقال فاكتفى بإيراد أحدها كما قد صح عند مسلم أنه يفعله وكما صح عند أبي داود أنه أيضا يفعله" يخرج الحديث الضعيف لأنه يعرف أنه ثابت من طرق أخرى يقول "وقد صح عن البخاري مثل ذلك ولكنه قليل" يعني ما في الصحيحين من ذلك لا يعني الضعف الذي يصل إلى درجة الرد لا، إنما المراد به الضعف الذي يقل عن شرطهما فيعدلون عن شرطهما لكون هذا الراوي صرح بسماعه من فوق أو لكون إسناده أعلى من غيره "ولكنه قليل فإنه قد روى نادرا في الصحيح من ضعفه في تاريخه ومما يدل على ذلك أن الترمذي قد روى حديث التكبير في صلاة العيد من طريق كثير بن عبد الله هذا وحسنه وحسنه ولم يصححه ولم يصححه فلو كان تصحيحه لحديث الصلح اعتمادا على كثير بن عبد الله لصحح حديثه في صلاة العيد ولكنه حسن حديثه في صلاة العيد لقصور شواهده عن مرتبة الصحة وصحح حديثه في الصلح ارتفاع شواهده إلى مرتبة الصحة والعجب أن ابن النحوي ذكر في خلاصته عن البيهقي أن الترمذي قال سألت البخاري عنه يعني حديث كثير بن عبد الله في صلاة العيد فقال ليس في الباب شيء أصح منه" أولا ابن النحوي والخلاصة المؤلف أو المحقق ما ترجم لابن النحوي ولا عزاه للخلاصة مع أن الخلاصة مطبوعة، وابن النحوي هو ابن الملقن والخلاصة خلاصة البدر المنير له، البدر المنير له في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، وخلاصته له، وأيضا له تلخيص لابن حجر اسمه التلخيص الحبير، لكن ابن النحوي هذا هو ابن الملقن عرف بابن النحوي وكان يكره ابن الملقن؛ لأن الملقن زوج أمه كان يلقن الصبيان القرآن فنُسب إليه، "والعجب أن ابن النحوي ذكر في خلاصته" لأن كلمة نحوي تبعد والخلاصة أيضا تطلق على الألفية والنحو والألفية بينهما ارتباط، قد يقول قائل أن ابن النحوي هذا ابن الناظم ابن ابن مالك وهو نحوي والخلاصة يعني فهذه جعلت المحقق لا ينتبه لمثل هذا فلم يعزه إلى الكتاب ولم يذكر المترجم للمؤلف على عادته، "والعجب أن ابن النحوي ذكر في خلاصته عن البيهقي أن الترمذي قال سألت البخاري عنه يعني عن حديث كثير بن عبد الله في صلاة العيد فقال ليس في الباب شيء أصح منه وقال ابن دقيق العيد في الإلمام في هذا الحديث في صلاة العيد أن البيهقي روى عن الترمذي عن البخاري أنه صحيح" فرق بين صحيح وبين أصح؛ لأن أهل الحديث لا يستعملون أفعل التفضيل على بابها، وإنما قد يقولون أصح وهو ليس بصحيح لكنه يكون أجود ما في الباب، ويجوز أن يقال أصح باعتبار ما معه في المقارنة، يعني مثل ما لو قلنا أن حديث كثير بن عبد الله هذا أصح من حديث من هو أشد منه ضعفا مثل المقارنة بين الرواة يعني التعديل التوثيق والتضعيف النسبي عند أهل العلم، والتصحيح والتضعيف النسبي عندهم شيء اسمه مطلق وشيء نسبي، إذا قيل سالم ثقة نافع ثقة هذا مطلق لكن لما يقال مثلا نافع أضعف من سالم هذا ماذا؟ تضعيف نسبي وليس بتضعيف مطلق وكلاهما ثقة ما فيهما إشكال متفق على ثقتهما، لكن إذا وازنا بين الاثنين وجدنا أن هذا أضعف من هذا، ويصح بالمقابل أن نقول أيضا سالم أوثق من نافع ويصح أيضا أن نقول ابن لهيعة أوثق من الإفريقي كلاهما ضعيف لكن النسبي هذا لا يعني التوثيق ولا التضعيف المطلق، "قال ابن دقيق العيد في هذا الحديث في صلاة العيد أن البيهقي روى عن الترمذي عن البخاري أنه قال صحيح" والذي عندنا قبل سألت البخاري عن حديث كثير بن عبد الله في صلاة العيد قال ليس في الباب شيء أصح منه وهذه لا تقتضي أن البخاري صححه لكن فيما نقله البيهقي يدل على أنه صححه، وفرق كبير بين العبارتين، "لكن ابن دقيق العيد رواه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثم عزاه إلى الترمذي وعقبه برواية البيهقي ورواية عمرو بن شعيب منسوبة إلى أبي داود وأحمد وابن ماجه في كثير من كتب الأحكام المستخرجة من الكتب الستة ولم يضفها أحد إلى الترمذي وكذلك هي غير موجودة في جامع الترمذي من طريق عمرو بن شعيب والله أعلم" نعم يصحح الإمام البخاري أحيانا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقال حديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي صحيح، وهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، يصحح ولكن لا يصحح حديث كثير بن عبد الله "ولم يضفها أحد إلى الترمذي وكذلك هي غير موجودة في جامع الترمذي من طريق عمرو بن شعيب والله أعلم".
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
طالب: .............
والله ليس فيها قوة يعني ليست.. يعني كونها ذكرت في بعض الأحاديث ولم تذكر لا يعني أنها غير مقصودة.
طالب: .............
أين؟
طالب: .............
لا، أبو ثور مخالف.
"