شرح العقيدة الطحاوية (26)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين، قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:

ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام.

قال ابن أبي العز رحمه الله تعالى:

هذا من باب الاستعارة إذا القدم الحسي لا تثبت إلا على ظهر شيء، أي لا يثبت إسلام من لم يسلم لنصوص الوحيين وينقاد إليهما ولا يعترض عليها ولا يعارِض..

وينقاد إليها إلى النصوص..

وينقاد إليها ولا يعترض عليها ولا يعارضها برأيه ومعقوله وقياسه، روى البخاري عن الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله أنه قال: من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم وهذا كلام جامع نافع.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فالإسلام هو في الأصل الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك لاتِّباع جميع الأوامر واجتناب جميع النواهي هذا هو الإسلام، والذي يعارِض ما جاء عن الله وعن رسوله بعقله أو بعقل غيره هذا لم يستسلم، فقدمه غير راسخة في الإسلام ومعرَّضة للزوال بحسب قوة هذه المعارَضة وضعفها أو كثرتها وقلتها، ويعيش الإنسان مسلمًا في بيئة مسلمة ثم إذا نشأ وترعرع وتعرَّض لشبهات أو شهوات تضعضع وتزعزع إسلامه، حتى أن من هذا النوع من يفقد الإسلام بالكلية- نسأل الله العافية- وهذا يكثر في آخر الزمان الذي يصبح فيه الرجل مسلمًا ويمسي كافرًا، كل هذا بسبب المعارضة، فالمسلم لاسيما طالب العلم عليه أن يحذر من سوء العاقبة وعليه أن يضع لنفسه من الاحتياطات ما يكون حصنًا يمنعه من الانزلاق فيما يسمع أو فيما يرى من شبهات وشهوات، ولو تأملتم نشأة البدع التي في بدايتها صغيرة ثم تتطور ويترتب عليها لوازم ثم يلتزم مرتكبوها ومتبنوها بهذه اللوازم من باب الانتصار للرأي فإذا التزموا باللوازم تطورت بدعهم كما هو الواقع في البدع المغلظة إلى أن خرج بعضهم من الإسلام بالكلية، لا بد من أخذ الاحتياط ولا بد من أن يجعل الإنسان له سياجا يمنعه من الانزلاق في المخالفات القولية والعملية، فالتقرب إلى الله- جل وعلا- بالنوافل أولاً أحب ما يتقرب به إلى الله الفرائض بلا شك، لكن لا يزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه، فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به وقدمه التي يمشي بها ويده التي يبطش بها إلى آخر الحديث، ومثل هذا ليس عليه خوف- بإذن الله- لأن وضع من الاحتياطات العملية ما يمنعه ويحول دونه ودون الانزلاق في ترك الأعمال، وإلا إذا ترك هذه الأعمال التطوعية وهي في الأصل سياج للواجبات لأنه إذا حصل خلل في الواجبات قيل انظروا هل لعبدي من تطوع، مكملة بلا شك، لكن الذي لا يعرف إلا الواجبات على وجهٍ اللهُ أعلم به، يؤديها بالقدر المجزئ على حسب ظنه هذه عليها خطر أن ينالها نقص، ولذا أُثر عن جمع من السلف أنهم كانوا يتركون تسعة أعشار الحلال خشية أن يقعوا في الحرام، أيضًا الاحتياط للأقوال بعض الناس لا يحتاط لكلامه وتجده يتكلم بكل ما يعِن له مثل هذا يخشى عليه أن ينزلق في كلام ثم يعاقَب بما هو أشد منه، إلى أن يجد نفسه في موقف ما كان يتصوره في يوم من الأيام، لكنها السيئة تقول أختي أختي، ومثال كررناه مما أُثر عن بشر المريسي حينما يقول في سجوده سبحان ربي الأسفل، هذا يتصور أن مسلما سيقوله في بداية حياته ؟! إلا وقد قال قبله كلمات كثيرة جدًا إلى أن وصل إلى هذا الحد، فالتسليم فيه السلامة وفيه تحقيق الإسلام، يقول الزهري- رحمه الله تعالى- كما في البخاري: من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم هذه وظيفتنا، وإلا إذا نازعنا الله جل وعلا في شرعه ونازعنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- في تبليغه وضعنا أنفسنا شركاء، ما صرنا عبادا أو عبيدا، صرنا شركاء سواء كان نزاعنا من تلقاء أنفسنا أو من من ناس وثقنا بهم وقلدناهم جعلناهم شركاء لله     ﯙﯚ الشورى: ٢١ نقول قال الله ورسوله ما نقول قال فلان، قال أبو حنيفة، قال مالك، قال أحمد، فكيف بمن يقلد من لا علم له ولا دين ويمشي وراه ويقلد كل ناعق؟ كم هو حاصل الآن ترد الأقوال من إعلاميين في وسائل الإعلام وتتبنى ويروج لها وهي لا أصل لها لا من عقل ولا من نقل

طالب: ...........

والله لسنا بحاجة إلى غيرنا في ديننا ما يكفي، وفي كتاب ربنا وسنة نبينا -عليه الصلاة والسلام- وفي أقوال أهل العلم الذين اعتمدوا على الكتاب والسنة ما يغني وما يكفي.

سم.

وما أحسن المثل المضروب للنقل مع العقل وهو أن العقل مع النقل كالعامي المقلِّد مع العالم المجتهد بل هو دون ذلك بكثير فإن العامي..

لأن النقل معصوم، النقل عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- معصوم من الخطأ والعالم ليس بمعصوم فإذا جعلنا العقل مع النقل بمنزلة العامي مع العالم مثل ما قال المؤلف بل هو دون ذلك ولا شك بكثير لكن هذا من باب التقريب.

فإن العامي يمكنه أن يصير عالمًا ولا يمكن للعالم أن يصير نبيًا رسولاً فإذا عرف العامي المقلد عالمًا فدل عليه عاميًا آخر ثم اختلف المفتي والدالّ فإن المستفتي يجب عليه قبول المفتي..

يجب عليه قبول قول المفتي دون الدالّ.

أحسن الله إليك.

يجب عليه قبول قول المفتي دون الدال فلو قال الدالّ الصواب معي دون المفتي لأني أنا الأصل في علمك بأنه مفت، فإذا قدمتَ قوله على قولي قدحت في الأصل الذي به عرفت أنه مفت..

يقول ما عرفت أنه مفتٍ إلا عن طريقي فأنا الأصل في المسألة، ما عرفت أن هذا مفتٍ إلا عن طريقي فإذا اختلفت أنا وإياه أنا الأصل في المسألة فيجب أن ترجع إلي، هذا الكلام ليس بصحيح، فالدالّ مثل ما يستعمل في أمور الدنيا أنت الآن إذا اختلف السمسار الدلال مع صاحب الملك يقول الدلال أنا من دلَّك عليه أنا الأصل وأنت.. ما يمكن.

فلزم القدح في فرعه فيقول له المستفتي أنت لما شهدت له بأنه مفت ودللت عليه شهدت له بوجوب تقليده دونك فموافقتي لك في هذا العلم المعين لا يستلزم موافقتك في كل مسألة وخطؤك فيما خالفت فيه المفتي الذي هو أعلم منك لا يستلزم خطأك في علمك بأنه مفت هذا مع علمه أن ذلك المفتي قد يخطئ.

لماذا؟ لأن العلم له مقدمات ومعرفة العالِم بأنه عالِم لا يحتاج إلى مقدمات تكفي فيه الاستفاضة، العلم الدالّ على هذا العالِم لما استفاض من فضل هذا العالم وعلمه يستوفيه هو وغيره ممن بلغه هذا الأمر ولا يحتاج إلى مقدمات، بينما العلم يحتاج إلى مقدمات، هذا ما صار عالما ووصل إلى هذه المرتبة إلا بعد أن تجاوز مراحل التعلم ووصل إلى مرحلة بحيث يستفيض في الناس القول بأنه عالم أو مفتي، فرق بين هذا وهذا، هناك أمور لا تحتاج إلى مقدمات ولا تحتاج إلى تعب يعرفها الناس كلهم، ولو كُلِّف الناس في التمييز بين أهل العلم من أجل تقليدهم بمقدمات دقيقة لكان هذا تكليف بما لا يطاق، العامي ليس بأهل لذلك والله جل وعلا يقول:              النحل: ٤٣  العامي فرضه تقليد العالم لكن كيف يعرف أن هذا عالم أو ليس بعالم؟ تكفي فيه الاستفاضة.

والعقل يعلم أن الرسول معصوم في خبره..

لكن المسألة متصورة في شخص جاء إلى آخر وقال دلني على عالم أريد أن أسأله، وهذا الدال عالم، وقد يكون أعلم من في البلد، هل يلزم يقول أنا أعرف من جميع من في البلد، أو يدل على عالم ويتولاه الله بحيث لو اختلف، يعني تصور المسألة أنه ليس عاميا، الدال قد يكون أعلم من المدلول عليه فاختلف معه الدال فما موقف العامي حينئذٍ؟ كما لو لم يكن دالا، يقلد أوثقهما في نفسه إذا لم يوجد ما يرجح من عالم آخر أو شيء من هذا، المفترض في العالم أنه إذا جاءه شخص يقول عندي سؤال أريد أن أسأل عالما دلني عليه، هل يلزم أن يقول خلاص وصلت إلى خير أنا عالم اسألني أو يدله على عالم بدلاً من أن يشهر نفسه بهذه الطريقة، نعم إذا لم يوجد في البلد غيره يدل عليه تعين عليه هذا، لكن إذا وجد غيره ودله على من تبرأ الذمة بتقليده فلا إشكال، لكن دله على هذا العالِم وأفتاه بما لا يرتضيه الدالّ هل يقول تعال خلاص صاحبك ما أصاب والصواب عندي والمسألة كذا وكذا وأنا الذي دلّك عليه.

طالب: ................

وين؟

طالب: ................

هو أفتاه بغير دليل، أفتاه خطأ هل يقول تعال أنا أعرف منه؟

طالب: ................

لا، هو يقول له أفتاك خطأ ولا دليل معه وما فيه إشكال.

طالب: ................

مهما كان إذا كان خطأ ولو برئت ذمته لا بد من بيانه، إذا كان مخالفا لدليل صحيح صريح لا بد من بيانه لكن هو الكلام في المثال الذي ذكره المؤلف ودفعه بما قال نفترض أن الدفع غير موجود أن الدال عالم وليس بعامي.

والعقل يعلم أن الرسول معصوم في خبره عن الله تعالى لا يجوز عليه الخطأ فيجب عليه التسليم له والانقياد لأمره وقد علمنا بالاضطرار من دين الإسلام أن الرجل لو قال للرسول هذا القرآن الذي تلقيه علينا والحكمة التي جئتنا بها قد تضمن كل منهما أشياء كثيرة تناقض ما علمناه بعقولنا ونحن إنما علمنا صدقك بعقولنا.

صار العقل هو الدالّ.

فلو قَبِلنا جميع ما تقوله مع أن عقولنا تناقض ذلك لكان ذلك قدحًا فيما علمنا به صدقك فنحن نعتقد موجِب الأقوالِ المناقضةِ لما ظهر من كلامك وكلامك نعرض عنه لا نتلقى منه هديًا ولا علمًا لم يكن مثل هذا الرجل مؤمنًا..

مثلُ مثلُ.

أحسن الله إليك.

لم يكن مثلُ هذا الرجل مؤمنًا بما جاء به الرسول.

لأنه لم يستسلم والإسلام هو الاستسلام.

ولم يرض منه الرسول بهذا بل يعلم أن هذا لو ساغ لأمكن كل أحد ألا يؤمن بشيء مما جاء به الرسول إذ العقول متفاوتة والشبهات كثيرة والشياطين لا تزال تلقي الوساوس في النفوس فيمكن كل أحد..

لاسيما مع طول العهد وبُعد الأمد، يعني الشبهات والشهوات في عهد السلف أقل منها بكثير منها فيما بعد،  بعد أن انتشرت الكتب التي تشتمل على الشبهات وتُرجمت كتب الفلاسفة وغيرهم ممن يدعون الحكمة التي صارت سببا من أعظم الأسباب في الانحراف الفكري والعقدي.

فيمكن كل أحد أن يقول مثل هذا في كل ما أخبر به الرسول وما أمر به وقد قال تعالى:    النور: ٥٤  وقال النحل: ٣٥  وقال: ﮞﮟ ﮦﮧ إبراهيم: ٤  وقال: ﭿ المائدة: ١٥  وقال الزخرف: ١ - ٢  وقال تعالى: يوسف: ١  وقال:                ﯿ     يوسف: ١١١  وقال تعالى: النحل: ٨٩  ونظائر ذلك كثيرة في القرآن فأمْر الإيمان بالله واليوم والآخر إما أن يكون الرسول تكلّم فيه بما يدل على الحق أم لا، والثاني باطل وإن كان قد تكلم على الحق بألفاظ مجملة محتملة فما بلّغ البلاغ المبين وقد شهد له خير القرون بالبلاغ وأشهد الله عليهم في الموقف..

وأشهد اللهَ..

أحسن الله إليك.

وأشهد اللهَ عليهم في الموقف الأعظم فمن يدعي أنه في أصول الدين لم يبلغ البلاغ المبين فقد افترى عليه -صلى الله عليه وسلم-.

يعني في حجة الوداع قال «اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت» وشهدوا له بذلك فقال «اللهم اشهد» اللهم صل على محمد..

قوله فمن رام علم ما حُظِر عنه علمه ولم يقتنع بالتسليم فهَمُّه..

فهْمه فهْمه..

أحسن الله إليك.

ولم يقنع بالتسليم فهْمه.. ولم يقنع بالتسليم فهْمه.. حجبه مرامه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الإيمان هذا تقرير للكلام الأول وزيادة تحذير أن يُتَكلَّم في أصول الدين بل وفي غيرها بغير علم وقال تعالى الإسراء: ٣٦..

والعلم الذي لا يستند على الكتاب والسنة ليس بعلم، العلم الذي لم يكن أصله ومأخذه من الكتاب والسنة ليس بعلم، فمهما قرأ الشخص من الكتب التي يُزعَم أنها كتب علم ممن لا يعتمد مؤلفوها على الكتاب والسنة مهما قرؤوا فمازالوا في حيّز الجهل وفي حيز الشك ولن يصلوا إلى الحقيقة إلا إن تداركهم الله- جل وعلا- ولذلك كبار المتكلمين وهم أذكياء عباقرة صار مآلهم في النهاية إلى الشك والحيرة، وتمنوا أنهم لم يقرؤوا في هذه الكتب ما وصلوا إلى نتيجة، لكن من اقتصر على الكتاب والسنة وما يوضِّح هذين المصدرين يعني الوحيين من كلام أهل العلم الذين معوُّلهم وعمدتهم على الكتاب والسنة، هؤلاء سلكوا الجادة واتحدت أقوالهم واتسقت ولم تضطرب أقوالهم، وأما أولئك فقد تناقضت أقوالهم وأُلزِموا بلوازم مضحكة وبعضهم أخذته العزة بالإثم والتزم بها.

وقال تعالى: ﯵﯶ           ﯿ الإسراء: ٣٦  وقال تعالى:    ﭿ          الحج: ٣ - ٤  وقال تعالى:        الحج: ٨.

لا يقال أن هذا فيه تنافر لفظي كما هو مقرر في البلاغة، لفظان متضادان يعطف أحدهما على الآخر فأنه يضله ويهديه هذا لاختلاف المتعلَّق وانفكاك الجهة، الضلال يضله عن الصراط المستقيم ويهديه إلى عذاب السعير، ليس المتعلَّق واحدا فيقال يضله إلى عذاب السعير ويهديه إلى عذاب السعير، هنا اختلف المتعلَّق فساغ التعبير بهذا وإلا فالأصل أن اللفظين متنافران لكن باعتبار انفكاك الجهة واختلاف المتعلق صح التعبير بهذا الأسلوب، بل هو أبلغ أسلوب بهذه الطريقة، العلماء حينما قالوا في المقطوع وهو ما يضاف إلى التابعي قالوا ما يحسن أن يقال متصل وإن كان سنده متصلاً ولم يروا.

ولم يروا أن يدخل المقطوع

 

.............................

للتنافر اللفظي تقول متصل مقطوع؟ فيه تنافر لأن المتصل ما اتصل إسناده إلى قائله، والمقطوع ما أضيف، اختلفت الجهة فالاتصال من حيث تسلسل الرواة بحيث لا يوجد فيه انقطاع، والمقطوع بالنسبة إلى الإضافة لا تقول متصل منقطع هذا ما يسقيم لا يمكن أن يرد التعبير بهذا الأسلوب، لكن هم من باب أنه من باب التنافر اللفظي ما رأوا أن يدخل المقطوع في المتصل المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يقال له متصل، الموقوف على الصحابي يقال له متصل ما فيه تنافر ولا فيه إشكال لكن ما يضاف إلى التابعي في الاصطلاح يسمونه مقطوعا ولا يحسن عندهم أن تقول مقطوع متصل للتنافر بين اللفظين، لكن إذا انفكت الجهة فكونه متصل باعتبار أن إسناده كل راو من رواته تلقاه عمن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل، وهو مقطوع بالنسبة لإضافته إلى التابعي وهذا مجرد اصطلاح فانفكت الجهة وانتفى المحذور مثل ما عندنا لكن هو من باب تلافي التنافر اللفظي المنافي للبلاغة المنافي للفصاحة قالوا لم يروا أن الخلل في حيز الاتصال في المتصل، يعني لا يجمع بين متصل مقطوع كما يقال متصل مرفوع متصل موقوف للتنافر، وإذا طبقنا على ما جاء هنا الحج: ٤  وجاء في أفصح كلام قلنا لا مانع إذا انفكت الجهة، لكن لا بد من البيان ما تقول متصل مقطوع وتسكت؛ لأن القارئ ما يدري لأنه قد يطلق المقطوع على المنقطع فيحصل التناقض.

طالب: ..............

نعم، كاسيات عاريات، لكن باعتبار أن الجهة منفكة كاسية باعتبار عارية باعتبار.

طالب: ..............

إيش؟

طالب: ..............

هو من باب التهكم لأن البشارة في الأصل فيما يسر وبعذاب أليم..

طالب: ..............

وش لون؟

طالب: ..............

يهديه لأن الهداية في الأصل للدلالة على الخير من هذا النوع.

وقال تعالى:                          ﭿﮀ ﮄﮅ     الحج: ٨ - ٩  وقال تعالى:        ﯸﯹ    ﯿ القصص: ٥٠  وقال تعالى: ﯴﯵ النجم: ٢٣  إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا المعنى وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل» ثم تلا:    ﯪﯫ الزخرف: ٥٨  رواه الترمذي وقال حديث حسن.

لأن الإنسان مجبول على أنه متكلم ويتكلم فلا بد أن يملأ الفراغ، فإن تكلم بخير وإلا فبضده ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن حاد عن الصراط المستقيم فالبديل عذاب السعير نسأل الله العافية.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم» خرجاه في الصحيحين ولا شك أن من لم يسلّم للرسول نقص توحيده فإنه يقول برأيه وهواه أو يقلد ذا رأي وهوى بغير هدى من الله فينقص من توحيده بقدر خروجه عما جاء به الرسول فإنه قد اتخذ في ذلك إلهًا غير الله قال تعالى     الجاثية: ٢٣  أي عبد ما تهواه نفسه وإنما دخل الفساد في العالم من ثلاث فِرَق كما قال عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه.

الفرق الثلاث في البيت الثالث على ما سيأتي.

قال:

رأيت الذنوب تميت القلوب

 

وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب

 

وخير لنفسك عصيانها

وهل أفسد الدين إلا الملوك

 

وأخبار سوء ورهبانها

أحبار.. أحبار.

أحسن الله إليك.

وهل أفسد الدين إلا الملوك

 

وأحبار سوء ورهبانها

فالملوك الجائرة يعترضون على الشريعة بالسياسات الجائرة.

الذين مسخوا الشرائع الشرع الإلهي وبدلوه وغيروه واستوردوا من أعدائهم البديل أو شرعوا من تلقاء أنفسهم، لا شك أن هؤلاء يفسدون الدين ومن يوافقهم من الأحبار من العلماء نسأل الله العافية وكذلك الرهبان الذين يعبدون الله على غير هدى فمن يقتدي بهم لا شك أنه يضل.

وأحبار السوء وهم العلماء الخارجون عن الشريعة بآرائهم وأقيستهم الفاسدة المتضمنة تحليل ما حرم الله ورسوله وتحريم ما أباحه واعتبار ما ألغاه وإلغاء ما اعتبره وإطلاق ما قيده وتقييد ما أطلقه ونحو ذلك والرهبان وهم جهال المتصوفة المعترضون على حقائق الإيمان والشرع بالأذواق والمواجيد والخيالات والكشوفات الباطلة الشيطانية المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله وإبطال دينه الذي شرعه على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- والتعوض عن حقائق الإيمان بخدع الشيطان وحظوظ النفس.

من هؤلاء المتصوفة من غلاتهم من عندهم أذكار وأوراد في كتبهم موروثة عن مرؤوسيهم يفضلونها على القرآن، التيجانية عندهم كما في جواهر المعاني بعض الأذكار من قرأها كان أفضل من سبعين ختمة يعني ما تستغرق ولا دقيقة ولا دقيقتين أفضل من قراءة القرآن سبعين مرة، وعبّاد القبور - لاسيما الطوائف الغالية منهم- يرون أن حج المشاهد أفضل من حج بيت الله الحرام- نسأل الله العافية-.

فقال الأولون إذا تعارضت السياسة والشر قدمنا السياسة وقال الآخرون..

الشر أو الشرع؟

أحسن الله إليك عندي الشر.

وش عندكم؟

طالب: ..............

الشرع؟

طالب: ..............

إيه هذا الصحيح.

فقال الأولون إذا تعارضت السياسة والشرع قدمنا السياسة، وقال الآخرون: إذا تعارض العقل والنقل.

الإشكال أن هذا واقع كثير في الأمة الإسلامية، إذا تعارض الشرع، تعارض النص مع العهود والمواثيق الدولية ما الذي يقدم؟! نسأل الله العافية.

طالب: ..............

من أحبار السوء، يبرَّر من بعض أحبار السوء والله المستعان.

وقال الآخرون إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل وقال أصحاب الذوق إذا تعارض الذوق والكشف وظاهر الشرع قدمنا الذوق والكشف، ومن كلام أبي حامد الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه الذي سماه إحياءَ علوم الدين وهو من أجل كتبه أو أجلِّها.

أو أجلُّها.

أو أجلُّها فإن قلت فعلم الجدل والكلام مذموم كعلم النجوم أو هو مباح أو مندوب إليه فاعلم أن للناس في هذا غلوًا وإسرافًا في أطراف، فمن قائل إنه بدعة وحرام وإن العبد أن يلقى الله بكل ذنب سوى الشرك خير له من أن يلقاه بالكلام، ومن قائل إنه فرض إما على الكفاية وإما على الأعيان وإنه أفضل الأعمال وأعلى القربات فإنه تحقيق لعلم التوحيد ونضال عن دين الله قال وإلى التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أئمة الحديث من السلف وساق ألفاظًا عن هؤلاء، قال وقد اتفق أهل الحديث من السلف على هذا ولا ينحصر ما نقل عنهم من التشديدات فيه قالوا ما سكت عنه الصحابة مع أنهم أعرف بالحقائق وأفصح بترتيب الألفاظ من غيرهم إلا إلا لم إلا..

لمَا لمَا.

أحسن الله إليك.

إلا بما يتولد..

لما يتولد منه.

إلا بما..

وش عندك؟! لما.

إلا لما يتولد منه من الشر ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «هلك المتنطعون» أي المتعمقون في البحث والاستقصاء.

لأبي إسماعيل الهروي كتاب اسمه ذم الكلام وأهله، كتاب كبير في هذا الباب فيه نقول كثيرة جدًا عن السلف، مع أن أبا إسماعيل ما سلم لكن ألَّف هذا الكتاب بعدما عرف الخطر على الأمة بسبب ما دخل إليها من هذا الحدث الذي هو الكلام والخلاف فيه معروف فابن الصلاح كما يقول صاحب السلم.

فابن الصلاح والنواوي حرّما

 

وقال قوم ينبغي أن يُعلما

وعلى كل حال يقول شيخ الإسلام لا يحتاج إليه الذكي ولا يستفيد منه الغبي، لأنه ليس بسهل صعب في مقدماته ونتائجه، الذكي إذا اعتمد على الكتاب والسنة بطريقة أهل العلم في كيفية التعامل معهما لا يحتاج إلى غيرهما والغبي لو يستمر يقرأ في هذه الكتب ما استفاد والله المستعان.

طالب: ..............

وش لون؟

طالب: ..............

في هذا المجال في الغيبيات في العقائد.

واحتجوا أيضًا بأن ذلك لو كان من الدين لكان أهمَّ ما يأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعلِّم طريقه ويثني على أربابه ثم ذكر بقية استدلالهم ثم ذكر استدلال الفريق الآخر إلى أن قال فإن قلت فما المختار عندك؟ فأجاب بالتفصيل فقال فيه منفعة وفيه مضرّة فهو باعتبار منفعته في وقت الانتفاع حلال أو مندوب أو واجب كما يقتضيه الحال وهو باعتبار مضرته في وقت الاستضرار ومحله حرام قال فأما مضرته فإثارة الشبهات وتحريك العقائد وإزالتها عن الجزم والتصميم وذلك مما يحصل بالابتداء ورجوعها بالدليل مشكوك فيه.

نعم إذا تخلخلت العقائد بسبب الشبهات رجوعها إلى الأصل مشكوك فيه قد لا ترجع، عمومًا الشيء إذا حصل له شيء من الخلل فرجوعه إلى أصله مشكوك فيه إلا بعناية إلهية تحوط الإنسان فيرجع كما كان، ومع ذلك يعني أنتم ترون من يقرأ في كتب فيها شيء من هذا أو في شبهات أو يطّلع على قنوات أو كذا متى تعرض عليه، تعرض له في أحلك الظروف أكثر ما تعرض عليه وهو ساجد- نسأل الله العافية- لكن متى يتخلص منها بالكلية؟ إذا ندم على ذلك وأقلع عنها وتركها وأعرض عنها بالكلية، وإلا مادام يتابع في هذه القنوات وهذه المرئيات وهذه المقروءات التي فيها شبهات وشهوات أكثر ما تعرض له في أحلك الظروف، تجده في عشية عرفة يستذكر؛ لأن الشيطان حريص على إضلال الناس وبذل سبب منه في هذا المجال، لكن لو أغلق الباب على نفسه واحتاط لنفسه ما عرض له شيء من هذا.

ورجوعها بالدليل مشكوك فيه ويختلف الأشخاص.

يعني هل يتصور أنه يسمع من يضحك وهو ساجد؟! يقهقه وهو ساجد لماذا؟ لأنه أكثر من حكايات النكت وسماعها وكذا وكذا فاستولت على عقله ومشاعره وجاءته في أحلك ظرف، الناس يبكون وهو يضحك، الإنسان عليه أن يحتاط لنفسه ويلتزم بالوحيين ويقتدي بنبيه -عليه الصلاة والسلام-ويقرأ في سير سلف الأمة ويوفق-إن شاء الله تعالى-.

فهذا ضرره في اعتقاد الحق وفيه ضرر في تأكيد اعتقاد المبتدعة وتثبيتها في صدورهم بحيث تنبعث دواعيهم ويشتد حرصهم على الإصرار عليه ولكن هذا الضرر بواسطة التعصب الذي ..

يَثور من الجدل.

الذي يثور من الجدل.

وأكثر ما يعمق هذه الأمور أو يركزها الأتباع، قال شيخه كذا فتجده يصر على هذا القول ويشرحه ويردده بين الناس ويستدل له بكل ما أوتي من قوة.

قال وأما منفعته فقد يُظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه وهيهات فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف ولعل التخبيط والتضليل فيه أكثر من الكشف والتعريف قال وهذا إذا سمعته من محدِّث أو حشوي ربما خطر ببالك أن الناس أعداء ما جهلوا.

يعني لو تسمع هذا الكلام من محدث بعيد عن علم الكلام قلت ما أدراه؟! هذا ما يدري عن شيء يتكلم بشيء لا يعرفه، يهرف بما لا يعرف، أو حشوي يلمزون مثبتة الصفات بالحشوية يقول هذا ما يدريه؟ ما ذاق طعم العلم على حد زعمه مع أنه ارتاح وسلم قلبه وسلم فكره وسلم تفكيره من الشبهات التي يثيرها هذا العلم.

فاسمع هذا ممن خبر الكلام.

يعني نفسه-الغزالي- خَبَرَ الكلام وتعمق فيه ووصل فيه إلى حد قد يقصر دونه كثير من المتكلمين فإذا أردت أن تعتبر وتتعظ اسمع كلامه.

فاسمع هذا ممن خبر الكلام ثم قلاه بعد حقيقة الخبر وبعد التغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلمين وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخرى تناسب علم الكلام وتحقق أن الطريق إلى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود ولعمري لا ينفكّ الكلام عن كشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور ولكن على الندور انتهى ما نقلته عن الغزالي رحمه الله.

وإذا كانت هذه الفائدة على الندور فكيف أعرِّض ديني واعتقادي لهذه الشكوك التي يثيرها هذا الذي يسمونه علما وواقع كبار المتكلمين يشهد بهذا ولا تجد متكلما عنده رصيد من النصوص، الغزالي يقول إن بضاعته من الحديث مزجاة والإحياء الذي هو أفضل كتبه مشحون بالأحاديث الموضوعة والضعيفة، بضاعته من الحديث مزجاة، ما عنده شيء، والرازي أسوأ منه في هذا الباب.

طالب: ..............

إيه من أفضلها بل أفضلها.

طالب: ..............

أفضل كتب الغزالي أليس قال أفضل الكتب.

طالب: ..............

هو أفضلها غيره أقل أردأ! ما فهمت؟! هو ما قال أفضل كتب المسلمين أو كتب أهل العلم أو كذا لا، أفضل كتب الغزالي.

وكلام مثله في ذلك حجة بالغة.

لأنه عن خبرة ما قاله محدث أو قاله شخص لا خبرة له بهذا العلم يتكلم من حرقة ومرارة مجرّب وأي تجربة.

والسلف لم يكرهوه لمجرد كونه اصطلاحًا جديدًا على معان صحيحة كالاصطلاح على ألفاظ لعلوم صحيحة ولا كرهوا أيضًا الدلالة على الحق..

أهل العلم ما رفضوا العلوم التي احتيج إليها بعد انقراض عصر السلف، يعني ما رفضوا علوم الحديث وقواعد المحدثين ولا رفضوا قواعد التفسير وعلوم القرآن ولا رفضوا أصول الفقه ولا قواعد الفقه وهي كلها حادثة لأن الحاجة داعية إليها ومردها ومآلها إلى العلوم الأصلية.

ولا كرهوا أيضًا الدلالة على الحق والمحاجة لأهل الباطل بل كرهوه لاشتماله على أمور كاذبة مخالفة للحق ومن ذلك مخالفتها للكتاب والسنة وما فيه من علوم صحيحة فقد وعّروا الطريق إلى تحصيلها وأطالوا الكلام في إثباتها مع قلة نفعها فهي لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل.

لحم جمل غث على رأس جبل وعر، الطريق ليس بالسهل وإذا وصلت بعد المشقة الشديدة ماذا تلقى هناك؟ لحم جمل غث لا يستحق التعب، هذا من كلام المرأة في حديث أم زرع، زوجها كلحم جمل غث على رأس جبل لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل، لا يستحق من يتعب عليه.

وأحسن ما عندهم فهو في القرآن أصح تقريرًا وأحسن تفسيرًا فليس عندهم إلا التكلف والتطويل والتعقيد كما قيل:

لولا التنافس في الدنيا لما وضعت

 

كتب التناظر لا المغني ولا العمد

يحللون بزعم منهم عقدًا

 

وبالذي وضعوه زادت العقد

يعني لو قرأت في المغني للقاضي عبد الجبار ما خرجت بنتيجة، ما يمكن أن تخرج بنتيجة وكلام صعب ما يمكن أن يحتاج إليه أبدًا في فهم الكتاب والسنة، إذًا ماذا يراد منه؟ مثل هذه الكتب طلاب العلم ليسوا بحاجة إليها ولا يحتاج إليها إلا من أراد الرد عليهم من كتبهم كما هو حال شيخ الإسلام ابن تيمية، يعني تقرأ في كتبه- رحمة الله عليه- ينقض كلامهم بكلامهم فهو يحتاج إليه من هذه الحيثية، كما أنه لا يحتاج إلى كتب الملل الأخرى من التوراة والإنجيل إلا في حال من يحتاج إلى الرد عليهم من كتبهم يقول ابن القيم:

ومن العجيب أنه بسلاحهم

 

أرداهم نحو الحضيض الداني

ما يمكن أن يرد عليهم إلا بعد أن عرف كتبهم لكنه تخلص منها رحمة الله عليه لأنه بنى نفسه بالكتاب والسنة قبل أن يلج إلى هذا الطريق المُظلم، أما من يدخل بغير معرفة بالأصل الذي هو الكتاب والسنة هذا الغالب أنه ما يتخلص ولا يعود سالمًا.

فهم يزعمون أنهم يدفعون بالذي وضعوه الشبه والشكوك والفاضل الذكي يعلم أن الشبه والشكوك زادت بذلك ومن المحال ألا يحصل الشفاء والهدى والعلم واليقين من كلام من كتاب الله وكلام رسوله ويحصل من كلام هؤلاء المتحيرين بل الواجب أن يجعل ما قاله الله ورسوله هو الأصل ويتدبر معناه ويعقله ويعرف برهانه ودليله إما العقلي وإما الخبري السمعي ويعرف دلالته على هذا وهذا ويجعل أقوال الناس التي توافقه وتخالفه متشابهة مجملة فيقال لأصحابها هذه الألفاظ تحتمل كذا وكذا فإن أرادوا بها ما يوافق خبر الرسول قُبِل وإن أرادوا بها ما يخالفه رُد وهذا مثل لفظ المركب والجسم والمتحير والجوهر..

المتحيز والمتحيز بالزاي.

أحسن الله إليك.

والمتحيِّز والجوهر والجهة والحيِّز والعرض ونحو ذلك فإن هذه الألفاظ لم تأتِ في الكتاب والسنة بالمعنى الذي يريده أهل هذا الاصطلاح بل ولا في اللغة بل هم يختصون بالتعبير بها عن معان لم يعبر غيرهم عنها بها فتفسر تلك المعاني بعبارات أخر وينظر ما دل عليه القرآن من الأدلة العقلية والسمعية وإذا وقع الاستفسار والتفصيل تبين الحق من الباطل مثال ذلك في التركيب فقد صار له معانٍ أحدهما التركيب من متباينين فأكثر ويسمى تركيب مزج كتركيب الحيوان من الطبائع الأربع والأعضاء ونحو ذلك وهذا المعنى منفي.

الطبائع الأربع متباينة، حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة متباينة، ولذلك تجدون- وهذا من الغرائب- أحيانًا تنبعث حرارة الجسم من برودة الجو، لذلك أكثر ما توجد الحرارة عند الناس في الشتاء أكثر ما توجد في الصيف، أو إذا تعرض لبرودة طبيعية غير طبيعية بسبب تكييف أو نحوه تنبعث الحرارة هذا تركيب من متباينين.

وهذا المعنى منفي عن الله سبحانه وتعالى ولا يلزم من وصف الله تعالى بالعلو ونحوه من صفات الكمال أن يكون مركَّبًا بهذا المعنى المذكور، الثاني: تركيب الجوار كمصراعي الباب ونحو ذلك ولا يلزم أيضًا من ثبوت صفاته تعالى إثبات هذا التركيب الثالث التركيب من الأجزاء المتماثلة وتسمى الجواهر المفردة، الرابع: التركيب من الهَيْوَلي..

لا لا لا، الهُيُوْلا..

الهُيُوْلا؟

الهُيُوْلا.

الرابع التركيب من الهُيُوْلا والصورة كالخاتم مثلاً هيولاه الفضة وصورته معروفة وأهل الكلام قالوا.

الهيولا  المادة التي صُنِع منها.

وأهل الكلام قالوا إن الجسم يكون مركَّبًا من الجواهر المفردة ولهم كلام في ذلك يطول ولا فائدة فيه وهو أنه هل يمكن التركيب من جزئين أو من أربعة أو من ستة أو ثمانية أو ستة عشر وليس هذا التركيب لازم لثبوت صفاته تعالى وعلوه على خلقه.

النص من القرآن صريح في الدلالة على صفة من صفات الله -جل وعلا- يعرض على هذه القواعد وهذه النظرية التي جلبت من غير مسلمين! ترجمت كتب اليونان وتأثروا بها ونعرض عليها نصوص الكتاب والسنة هل تطابق أو لا تطابق؟! ونجعلها هي العقل الذي يُحتكم إليه والنص ظني لا يفيد علما! نسأل الله العافية.

والحق أن الجسم غير مركب من هذه الأشياء وإنما قولهم مجرد دعوى وهذا مبسوط في موضعه، الخامس: التركيب من الذات والصفات وهذا سموه تركيبًا لينفوا به صفات الرب تعالى وهذا اصطلاح منهم لا يعرف في اللغة ولا في استعمال الشارع فلسنا نوافقهم على هذه التسمية ولا كرامة ولئن سَموا إثبات الصفات تركيبًا فنقول لهم العبرة للمعاني لا للألفاظ سموه من فلا يترتب على التسمية بدون المعنى حكم فلو اصطُلح على تسمية اللبن خمرًا لم يحرم بهذه التسمية.

كما أن تسمية الخمر بغير اسمها لا ينفي تحريمها.

السادس: التركيب من الماهية ووجودها وهذا يفرضه الذهن أنهما غيران وأما في الخارج هل يمكن ذات مجردة عن وجودها ووجودها مجرد عنها هذا محال فترى أهل الكلام يقولون هل ذات الرب وجوده أم غير وجوده؟ ولهم في ذلك خبط كثير وأمثلهم طريقة رأي الوقف والشك في ذلك.

مع أن الوقف والشك جهل ليس بعلم لكنه أفضل ممن يتكلم بكلام يناقض ما جاء عن الله وعن رسوله.

وكم زال بالاستفسار والتفصيل كثير من الأضاليل والأباطيل وسبب الضلال الإعراض عن تدبر كلام الله وكلام رسوله والاشتغال بكلام اليونان والآراء المختلفة وإنما سمي هؤلاء..

هل يوجد محدِّث بارع في هذه العلوم- في علم الكلام- لا يمكن مستحيل؛ لأنه إن انصرف إلى الحديث انشغل به وأغناه عن غيره مع كلام الله- جل وعلا- وإن انشغل بعلم الكلم حُرِم الحديث وبركة العلم.

وإنما سمي هؤلاء أهل الكلام لأنهم لم يَفيدوا علمًا لم يكن معروفًا وإنما أتوا بزيادة كلام قد لا يفيد وهو ما يضربونه من القياس لإيضاح ما عُلم بالحس وإن كان هذا القياس وأمثاله ينتفع به في موضع آخر ومع من ينكر الحس وكل من قال برأيه أو ذوقه أو سياسته.. أو سياسته مع وجود النص أو عارض النص بالمعقول فقضاها إبليس حيث لم يسلِّم بأمر ربه بل قال الأعراف: ١٢.

عارَض الأمر الإلهي بالقياس مع أنه لا يسلَّم له هذا القياس.

وقال تعالى: ﭖﭗ النساء: ٨٠  وقال تعالى:              ﭸﭹ آل عمران: ٣١  وقال تعالى:           النساء: ٦٥  أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يحكِّموا نبيه ويرضوا بحكمه ويسلموا تسليمًا.

 

اللهم صل على محمد البشير...

"