كتاب الجامع من سبل السلام (1)

نعم.

أحسن الله إليك.

"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والسامعين.

أما بعد،

فقال في البلوغ وشرحه:

كتاب الجامع.

أي الجامع لأبواب ستة: الأدب، والبر والصلة، والزهد والورع، والترهيب من مساوئ الأخلاق، والترغيب في مكارم الأخلاق، والذكر، والدعاء.

الأول باب الأدب.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال رسول -صلى الله عليه وسلم- «حق المسلم على المسلم..»."

في صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب البر للوالدين والصلة للأقارب والآداب مع سائر الناس.

هذا يسأل عن حديث الضرير في توسله للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرد الله بصره.

هذا مخرَّج عند الترمذي وغيره، وهو ضعيف.

أحسن الله إليك.

"عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلِّم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، فسمِّته» بالسين المهملة والشين المعجمة، «وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه». رواه مسلم، وفي رواية له: خمس أسقط مما عده هنا، «وإذا استنصحك فانصحه».

 والحديث دليل على أن هذه حقوق المسلم على المسلم، والمراد بالحق ما لا ينبغي تركه ويكون فعله إما واجبًا أو مندوبًا ندبًا مؤكدًا شبيهًا بالواجب الذي لا ينبغي تركه، ويكون استعماله في المعنيين من باب استعمال المشترَك في معنييه، فإن الحق يستعمل في معنى الواجب، كذا ذكره ابن الأعرابي.."

ويُستعمَل في المتأكِّد في غير الواجب، ولفظ الواجب يستعمَل فيما يوافق الوجوب الاصطلاحي، ويُستعمَل فيما هو بإزاء الحق غير الواجب، لكنه متأكد مثل ما هنا.

أحسن الله إليك.

"فالأُولى من الست: السلام عليه عند ملاقاته لقوله: «إذا لقيته فسلم عليه»، والأمر دليل على وجوب الابتداء بالسلام إلا أنه نقل ابن عبد البر وغيره أن الابتداء بالسلام سنة، وأن رده فرض."

{إِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [سورة النساء:86].

أحسن الله إليك.

"وفي صحيح مسلم مرفوعًا الأمر بإفشاء السلام، وأنه سبب للتحاب، وفي الصحيحين أن أفضل الأعمال إطعام الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف، قال عمار: ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان، إنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالَم، والإنفاق من الإقتار، ويا لها من كلمات ما أجمعها للخير، والسلام اسم من أسماء الله تعالى، فقوله: السلام عليكم أي اسم الله عليكم، أي أنتم في حفظ الله كما يقال: الله معك، والله يصحبك، وقيل: السلام بمعنى السلامة، أي سلامة الله ملازمة لك."

وهو السلام على الحقيقة سالم

 

 

 

 

من كل ما عيب ومن نقصان

 

 

يعني من الأسماء الحسنى.

طالب: الحديث فيه الأمر بابتداء السلام، وأنه واجب.

الأصل في الأمر الوجوب، لكن هناك صوارف.

طالب: فيه أحاديث أخرى صارفة...

نعم.

أحسن الله إليك.

"وأقل السلام أن يقول: السلام عليكم، وإن كان المسلَّم عليه واحدًا يتناوله وملائكته، وأكمل منه أن يزيد: ورحمة الله وبركاته، ويجزيه السلام عليك، وسلام عليك بالإفراد والتنكير."

يقول أهل العلم: يخير بين تعريفه وتنكيره في سلام على الحي، يخير بين تعريفه وتنكيره في سلام على الحي؛ لأنه جاء التعريف، وجاء التنكير في نصوص الكتاب والسنة بالنسبة للحي، أما بالنسبة للميت السلام دار قوم مؤمنين ما جاء إلا بالتعريف.

أحسن الله إليك.

"فإن كان..."

طالب: ...........

والله ما يظهر.. أنا لا أذكر.. إلا أنه في تقديمه عليك الأصل في تقديم عليك هذا في الرب ما هو في السلام.

"فإن كان المسلَّم واحدًا أوجب الرد عليه عينًا."

نعم؛ لأن الرد متعيِّن عليه وإن كانوا جماعة، ورد واحد منهم، فالرد كفاية.

 أحسن الله إليك.

"وإن كان المسلَّم عليهم جماعة فالرد فرض كفاية في حقهم، ويأتي قريبًا حديث «يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم»، وهذا هو سنة الكفاية، ويشترط كون الرد على الفور وعلى الغائب في ورقة أو رسول، ويأتي حديث أنه يسلم الراكب على الماشي.."

على الغائب إذا سلم في كتاب أو في رسالة جوال أو ما أشبه ذلك يرد عليه بالمثل بكتاب أو برسالة، لكن لو افترضنا أن هذا لا يكتب، ولا يريد أن يرد جوابه ما كل خطاب يجاب عليه؛ لأن من بعث الخطاب يريد أن يخبر من غير رد جواب، مثل هذا يكفي السلام باللسان، رد السلام باللسان.

أحسن الله إليك.

"ويأتي حديث أنه يسلِّم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، ويؤخذ من مفهوم قوله: «حق المسلم على المسلم» أنه ليس للذمي حق في رد السلام، وما ذَكر معه ويأتي في الحديث: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالكلام»، ويأتي الكلام، وقوله: إذا لقيته يدل أنه لا يسلم عليه إذا فارقه، لكنه قد ثبت حديث: «إذا قعد أحدكم فليسلم، وإذا قام فليسلم، وليست الأولى بأحق من الآخرة»، فلا يعتبر مفهوم إذا لقيته، ثم المراد بلقيه وإن لم يطل بينهما الافتراق؛ لحديث أبي داود: «إذا لقي أحدكم صاحبه فليسلم عليه، إذا لقي أحدكم صاحبه فليسلم عليه، فإن حال بينهما شجرة أو جدار ثم لقيه فليسلم عليه»، وقال أنس: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتماشون، فإذا لقيتهم شجرة أو أكَمة تفرَّقوا يمينًا وشمالاً، فإذا التقوا من ورائها يسلم بعضهم على بعض.

 الثانية: «وإذا دعاك فأجبه»، ظاهره عموم حقية الإجابة في كل دعوة يدعوه بها، وخصها العلماء بإجابة دعوة الوليمة ونحوها."

المقصود من الوليمة وليمة العرس.

أحسن الله إليك.

"والأولى أن يقال: إنها في دعوة الوليمة واجبة، وفيما عداها مندوبة؛ لثبوت الوعيد على من لم يجب في الأولى دون الثانية."

وقد تقدم حكمها في كتاب النكاح.

أحسن الله إليك.

"والثالثة قوله: «وإذا استنصحك» أي طلب منك النصيحة. «فانصحه» دليل على وجوب النصيحة، نصيحة من يستنصح، وعدم الغش له، وظاهره أنها لا يجب نصيحة إلا عند طلبها."

استنصح يعني طلب منك النصيحة، السين والتاء للطلب.

أحسن الله إليك.

"والنصح بغير طلب مندوب؛ لأنه من الدلالة على الخير والمعروف.

 الرابعة: قوله: «وإذا عطس فحمد فسمته» بالسين المهملة والشين المعجمة، قال ثعلب: يقال: شمت العاطس وسمته إذا دعوت له بالهدى وحسن السمت المستقيم، قال: والأصل فيه السين المهملة، فقُلبت شينًا معجمة.

 فيه دليل على وجوب التشميت للعاطس الحامد، وأما الحمد على العطاس.."

عند الهجر، عند الهجر الشرعي كما هجر النبي -عليه الصلاة والسلام- الثلاثة الذين خلفوا هل يجب رد السلام؟ وهل يقال بتشميته إذا عطس؟ وكذلك الوالد إذا هجر ولده جاء في وقت من الأوقات وجده ما صلى فهجره، وترك مكالمته، فعطس الولد وحمد الله، وهذه تحصل كثيرًا، الأب إذا غضب عليه وهجره ما يشمته، وإذا سلم ما يرد عليه، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بالثلاثة الذين خلفوا.

 واحد يشكوا أباه يقول: إني أعطس عنده وأحمد الله، ولا يشمت باستمرار، فهل من من حقه علي ألا أحمد الله؛ لئلا يلزمه تشميتي ولا يشمِّت؟

نقول: حمد الله لا بد منه، أنت مطالب بما يخصك، وهو مطالب بما يخصه، لكن إن جمعت بين الأمرين وحمدت الله في نفسك؛ لئلا تؤثِّم أباك فهذا يكون فيه جمع بين الحسنيين، مع أن الواجب نصح الأب في مثل هذا، وبيان الحكم له.

 بعض الآباء عندهم شيء من الغطرسة مع أبنائهم، فتجده لا يراه شيئًا، والأبناء لهم إحساس ولو كانوا صغارًا، ولو كانوا صغارًا تجد الوالد يضع باله كل شيء وهو صغير، يعني ما دخل المدرسة، ثالثة، رابعة ما يحضر في مثل هذه الحالة، فتجده يتكلم بكلام يجعله مهتمًا لأمره وأنت ما تشعر، ويتصرف بعض الناس تجاه الصبيان الصغار بأشياء يحفظونها إلى الممات لمثل هذا لا ينسونه.

 هناك مواقف ما نُسِيَت، ومحمود بن الربيع عقل المجة التي مجه النبي -عليه الصلاة والسلام- بوجهه من دلو وهو ابن خمس سنين، مثل هذا ما يغفل ولا يستهان في أمره.

 يشمت، وإذا سلم يرد عليه، ويحسس بقيمته، وينشأ على هذا الأمر، بخلاف ما إذا تغوفل وتجوهل وكأنه غير موجود، أو كأنه غير مخلوق، مثل هذا يتربى على نمط معيَّن من اللامبالاة وعدم الاكتراث والاهتمام، بل قد يتحطم، فأنت ابذل ما ينبغي أن يُبذَل له شرعًا، وطالبه بما يطالَب به شرعًا، واستعن بالله على تربيته وتعان.

أحسن الله إليك.

"وفيه دليل على وجوب التشميت للعاطس الحامد، وأما الحمد على العطاء فما في الحديث دليل على وجوبه، قال النووي: إنه متفق على استحبابه، وقد جاء كيفية الحمد وتشميت العاطس، وكيفية جواب العاطس فيما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمكم الله، وليقل هو أو صاحبه: يهديكم الله ويصلح بالكم». وأخرجه أبو داود وغيره بإسناد صحيح، وفيه زيادة من حديث.."

وبعض العامة إذا شمت يقول: يهدينا ويهديكم الله، هذا كثير في العامة إن كان مردُّه «إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه» فله وجه وإلا فالأصل أن التشميت هكذا: يهديكم الله ويصلح بالكم.

طالب: ...........

بلا شك.

أحسن الله إليك.

"وأخرجه أبو داود وغيره بإسناد صحيح، وفيه زيادة من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، ويقول هو: يهديكم الله ويصلح بالكم»، أي شأنكم، وإلى هذا الجواب ذهب الجمهور، وذهب الكوفيون إلى أنه يقول: يغفر الله لنا ولكم، بدليل ما أخرجه الطبراني عن ابن مسعود وأخرجه البخاري في الأدب المفرد بلفظ: «يغفر الله لنا ولكم»، وقيل: يتخير أي اللفظين أحب، وقيل: يجمع بينهما، وإلى جواب التشميت بما بما ذكر ذهبت الظاهرية وابن العربي، وأنه يجب على كل سامع، ويدل له ما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة: «إذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقًّا على كل مسلم يسمعه أن يقول: يرحمك الله»، وكأنه مذهب أبي داود صاحب السنن، فإنه أخرجه عنه، فإنه أخرج عنه ابن عبد البر بسند جيد أنه كان في سفينة، فسمع عاطسًا على الشط حمد الله فاكترى قاربًا بدرهم حتى جاء إلى العاطس فشمته ثم رجع، فسئل عن ذلك فقال: لعله يكون مجاب الدعوة، فلما رقدوا سمعوا قائلاً: يقول لأهل السفينة: إن أبا داود اشترى الجنة من الله بدرهم، ويحتمل أنه إنما أراد.."

راجع التعليقات.

نعم.

راع التعليقات ماذا قال عندكم؟ أنا عندي تعليق بعد..

أنا عندي تعليق..

ماذا يقول؟

يقول: بما أن أبا داود قد سمع العاطس وهو في السفينة فلم يشمته وهو فيها وفي إمكانه أن يسمعه صوته كما أسمعه ذاك عطاسه من غير إجهاد؟ وكيف يستحق الجنة في مقابلة ذلك الدرهم الذي أنفقه في غير مصلحة؟ وهل الجنة ثمنها درهم؟ ألا إن ثمنها الإيمان والعمل الصالح وتطهير النفوس وحسن الخلق.

هذا عزاه لأحد في التعليق؟

لا لا، ما عزاه لأحد.

هو عندي في هذه الطبعة قديمة.

هو نفسه؟

نفسه إذا كان داود قد سمع العاطس وهو في السفينة فلِمَ لم يشمته وهو فيها وفي إمكانه أن يسمعه صوته، كما أسمعه ذاك عطاسه من غير إجهاد؟ وكيف يستحق الجنة في مقابلة ذلك الدرهم الذي أنفقه في غير مصلحة؟ وهل الجنة ثمنها درهم؟ ألا إن ثمنها الإيمان والعمل الصالح وتطهير النفس وحسن الخلق.

لا، به تحريف، يعني سقط منها شيء مؤثر في المعنى قال: فلَمْ يشمته، ما قال: فلِمَ لم يشمته.

لا، ناقله بحروف وهذه الطبعة قبل أن يولد ذلك المحقق، ولا يعني أن كل تعليقاته من هذا النوع تعليقاتها نافعة وتوثيقات وتخريجات جيدة، لكن من باب الاتفاق وقفنا على هذا.

طالب: من هو يا شيخ؟

هذا محمد عبد العزيز الخولي من شيوخ الأزهر القدامى.

طالب: ..........

مثل هذه الأمور تحتاج إلى مثل هذا النقد؟!

طالب: .............

أقول: مثل هذه الأمور تحتاج إلى مثل هذا النقد؟! هذه الأمور تمرر، تمشي، لا يترتب عليها حكم شرعي، هذا حكم مبني على رؤيا إن ثبتت فبها ونعمت، ما ثبت الحمد لله، ما فيه أحد يقول لك: استأجر قاربًا ورح شمت؛ لأن أبا داود حصل له كذا، لا.

هذه مطبوعة لها ستون سنة.

طالب: أقول: حكم تشميت العاطس هل هو فرض عين أو فرض كفاية؟

لا، كفاية يكفي واحد.

طالب: ..........

هذه ما مرت علينا توًّا؟ عند الطبراني، عند الطبراني، عن ابن مسعود، والبخاري في الأدب المفرد.

طالب: ............

ماذا؟

يقولها أحيانًا، لا مانع من قولها أحيانًا.

كمِّل كمِّل.

أحسن الله إليك.

"ويحتمل أنه إنما أراد طلب الدعوة كما قاله، ولم يكن يراه واجبًا، قال النووي: ويستحب لمن حضر من عطس فلم يحمد أن يذكره الحمد؛ ليحمد فيشمته، وهو من باب النصح، والأمر بالمعروف، ومن آداب العاطس ما أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة.."

فيه حديث مر بنا في التفسير، ونسبوه لابن ماجه وما أجده في ابن ماجه يقول في تفسير القرطبي: «من سبق العاطس بالحمد أمن الشوص واللوص والعلوص» تعرفهن؟ الشوص واللوص والعلوص نسبوه لابن ماجه، ولم أجده في ابن ماجه، ما أدري والله إن كان في رواية ما وصلتنا أم النسبة خطأ.

طالب: قوله يستحب...

شمت واحد وما شمت الثاني ويعاقَب بترك التشميت؛ لأنه ما حمد.

طالب: وما يستحب.

لا، ما يستحب.

طالب: .........

الجمهور على صرفها إلى الاستحباب؛ لأن أصل الباب ليس من الواجبات في شيء؛ لأنها كلها آداب، وكونها آدابًا لا يعني أنها يأثم تاركها، الأدب لا يأثم تاركه، هذا كلامهم، والأصل في الأوامر عمومًا الوجوب، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بصارف.

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........

واحد؟

طالب: إذا كان شخص واحد وسلم عليه.

{إِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [سورة النساء:86] للآية.

أحسن الله إليك.

"ومن آداب العاطس ما أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا عطس أحدكم فليضع كفيه على وجهه وليخفض بها صوته»، وأن يزيد بعد الحمد لله كلمة رب العالمين، فإنه أخرج الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعًا: «إذا عطس أحدكم فقال: الحمد لله، قالت الملائكة: رب العالمين، فإذا قال: رب العالمين، قالت الملائكة: رحمك الله». وفيه ضعف.

 ويُشرَع أن يشمته ثلاثًا إذا كرر العطاس، ولا يزيد عليها؛ لما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا عطس أحدكم فليشتمه جليسه، فإن زاد على ثلاث فهو مزكوم، ولا يُشمَّت بعد ثلاث»، قال ابن أبي جمرة: في الحديث دليل على عظم نعمة الله تعالى على العاطس، يؤخذ ذلك مما رُتَّب عليه من الخير، وفيه إشارة إلى عظمة فضل الله تعالى على عبده، فإنه أذهب عنه الضرر بنعمة العطاس، ثم شرع له الحمد الذي يثاب عليه، ثم الدعاء بالخير ممن يشمته بعد الدعاء منه له بالخير، ولما كان العاطس قد حصل له بالعطاس نعمة أو منفعة بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه التي لو بقيت فيه أحدثت أدواء عسرة شرع له حمد الله على هذه النعمة، مع بقاء أعضائه على هيئتها والتئامها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض، ومفهوم الحديث أنه لا يشمت غير المسلم كما عرفت، وأخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة من حديث.."

نعم، البدن عند العطاس يضطرب، يضطرب، ولا يستطيع أن يتصرف الإنسان ويتحكم في جسده، كما أن الأرض إذا حصل لها زلزلة تضطرب، ولا يستطيع أحد أن يتحكم فيها، وشرع لها صلاة تناسبها، ودعاء، وما أشبه ذلك، على الخلاف بين أهل العلم هل تصلى الكسوف في غير الكسوف؟

 المقصود أن الناس يلجؤون إلى الله، كما أن العاطس الذي حصل له ما حصل يحمد الله على ما حصل له، وإن كانت الزلزلة يعني ضررها ظاهر محض، والعطاس نفعه ظاهر.

أحسن الله إليك.

"ومفهوم الحديث أنه لا يشمت غير المسلم كما عرفت وقد أخرج أبو داود.."

لأنها من حقوق المسلم على المسلم.

"وقد أخرج أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة من حديث أبي موسى أنه قال: كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، ففيه دليل على أنه يقال لهم ذلك، ولكن إن حمد الله."

إذا حمدوا نعم.

"ولكن إذا حمدوا الله.

 الخامسة قوله: «وإذا مرض فعده» فيه دليل على وجوب عيادة المسلم للمسلم، وجزم البخاري بوجوبها."

وترجم على ذلك قال: باب وجوب عيادة المريض، والنووي نقل الإجماع على أنها مستحبة.

"قيل: يحتمل أنها فرض كفاية، وذهب الجمهور إلى أنها مندوبة، ونقل النووي الإجماع على عدم الوجوب قال المصنف: يعني على الأعيان، وإذا كانت حقًّا للمسلم على المسلم فسواء فيه من يعرفه ومن لا يعرفه، وسواء القريب وغيره، وهو عام لكل مرض، وقد استثنى.."

حتى في حال الإغماء وعدم الإحساس بالزائر باب عيادة المغمى عليه في صحيح البخاري والنبي -عليه الصلاة والسلام- زار جابرًا وهو مغمى عليه توضأ وصب عليه من وضوئه فأفاق، فما يقول: والله نزور فلانًا، وهو ما يدري بنا إن كان تزوره لذاته لا تزوره إن كنت ترجو ما عند الله- جل وعلا- من أجر، وترجو نفع أخيك بدعائك له ورقيتك له فتزوره ولو لم يطلع عليك ويعرفك.

أحسن الله إليك.

"وهو عام لكل مرض، وقد استثني منه الرمد، ولكنه قد أخرج أبو داود من حديث زيد بن أرقم أنه قال: عادني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من وجع بعيني، وصححه الحاكم، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد، وظاهر العبارة ولو في أول المرض إلا أنه أخرج ابن ماجه من حديث أنس أنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعود إلا بعد ثلاث، وفيه راوٍ متروك، ومفهومه كما عرفت دالٌّ على أنه لا يعاد الذمي."

لأنها من حقوق المسلم على المسلم إلا إذا رجي إسلامه ودعوته في هذه اللحظات التي يرق فيها قلبه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- باليهودي الشاب.

أحسن الله إليك.

"ومفهومه كما عرفت دال على أنه لا يعاد الذمي إلا أنه قد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- عاد خادمه الذمي، وأسلم ببركة عيادته -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك زار عمه أبا طالب في مرض موته، وعرض عليه كلمة الإسلام.

 السادسة: قوله: وإذا مات فاتبعه دليل على وجوب تشييع جنازة المسلم معروفًا كان أو غير معروف."

نعم، وقد مضى هذا في كتاب الجنائز.

والله أعلم.

 

 وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.