شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (16)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال -رحمه الله تعالى-:  

ومن كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين ركبتيه وسرته أجزأه ذلك إذا كان على عاتقه شيء من اللباس، ومن كان عليه ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك، ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالساً يومئ إيماءً، فإن صلوا جماعة كان الإمام معهم في الصف وسطاً يومئون إيماءً، ويكون سجودهم أخفض...

فروق نسخ، فروق.

"فإن صلى جماعةٌ عراة كان الإمام مهم" فروق، فروق، المعنى ما يختلف.

طالب: حتى هو أشار إلى هذا الفرق.

حتى أشار؟

طالب: إيه أشار إليه.

نعم.

فإن صلوا جماعة كان الإمام معهم في الصف وسطاً يومئون إيماءً، ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم، وعن أبي عبد الله -رحمه الله تعالى- رواية أخرى أنهم يسجدون بالأرض، ومن كان في ماء وطين أومأ إيماءً، وإذا انكشف من المرأة الحرة شيء سوى وجهها أعادت الصلاة، وصلاة الأمة مكشوفة الرأس جائزة، ويستحب لأم الولد أن تغطي رأسها في الصلاة، ومن ذكر أن عليه صلاة وهو في أخرى أتمها وقضى المذكورة، وأعاد الصلاة التي كان فيها إذا كان الوقت...

طالب: مبقى يا شيخ؟

أو مشددة كله.

مبّقى؟

نعم.

إذا كان الوقت مبقى، فإن خشي فوات الوقت اعتقد وهو فيها أن لا يعيدها وقد أجزأته، ويقضي التي كانت عليه، ويؤدب الغلام على الطهارة والصلاة إذا تمت له عشر سنين، وسجود القرآن أربع عشرة سجدة في الحج منها اثنتان، ولا يسجد إلا وهو طاهر، ويكبر إذا سجد، ويسلم إذا رفع، ولا يسجد في الأوقات التي لا يجوز أن يصلي فيها تطوعاً، ومن سجد فحسن، ومن ترك فلا شيء عليه، وإذا حضرت الصلاة والعَشاء بدأ بالعَشاء، وإذا حضرت الصلاة وهو يحتاج إلى الخلاء بدأ بالخلاء.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول -رحمه الله تعالى-: "ومن كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين سرته وركبته" يعني ما يستر العورة، ستر العورة كما هو معروف شرط من شروط الصلاة، لا تصح إلا بها، فلو أخل بهذا الشرط بطلت صلاته،

إذا صلى وقد انكشف من عورته شيء فإن صلاته تكون حينئذٍ باطلة، ويرى بعضهم أن ستر العورة واجب وليس بشرط، وتصح صلاته مع الإثم، لكن القول المعتمد عند أهل العلم أن ستر العورة شرط، وللرجل عورته وللمرأة عورتها.

"الرجل إذا صلى وعليه ما يستر ما بين سرته وركبتيه أجزأه" هذا حد العورة عند الرجل، وعلى هذا السرة ليست من العورة، والركبة ليست من العورة؛ لأن المطلوب ستره ما بينهما؛ ما بين السرة والركبة، أجزأه، منهم من يرى أن الركبة من العورة، لكن الذي ورد فيه النص هو الفخذ ((غط فخذك)) إلا أن ستر الركبة مما لا يتم الواجب إلا به، والقاعدة تقول: إنه واجب؛ لأنه إذا انكشفت ركبته فلا بد أن ينكشف الفخذ عند الركوع والسجود، نعم؟

طالب:.......

حتى الركبة كاملة، حتى الذين يلبسون من الثياب القصيرة، ما يغطي الركبة تنكشف، فلا بد من تغطية ما يحصل به الواجب، ما يحصل به الشرط، لكن قد يقول قائل: إنه يخرج ويظهر الركبة، ويلبس لباساً لا يخرج معه شيء من الفخذ بأن يكون لاصقاً مثلاً، واللاصق هذا يترتب عليه إبداء المحاجم، أحجام العورة، وهذا ممنوع، حجم العورة إذا ظهر مما يبينها، ويجليها للناظر هذا ممنوع، فلا بد من ستر الركبتين احتياطاً للفخذ؛ لأن الفخذ عورة.

وجاء فيه حديث جرهد عند أحمد وغيره: ((غط فخذك، فإن الفخذ عورة)) وجاء فيه أيضاً حديث أنس: "حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه" وهذا في الصحيح، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يقول: حديث جرهد أحوط، وحديث أنس أسند، يعني أقوى إسناداً، فإذا تعارض مثل هذا الحديث الأقوى مع ما دونه في القوة من وجه، وأيضاً أحدهما فعل والثاني قول، أحدهما فعل والفعل لا عموم له، والقول يعم، ولو خوطب به شخص فإنه يعم، والفعل لا عموم له عند أهل العلم، وحديث أنس لا شك أنه أقوى؛ لأنه في الصحيح أسند أقوى إسناداً، حديث جرهد في المسند وبعض السنن أحوط، يعني تغطية الفخذ والتنصيص على أنه عورة أحوط من كشفها.

بعضهم يسلك للتوفيق بين الحديثين مسلكاً وهو أنه يحمل فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخصوصية، والأمر لجرهد ولغيره من الأمة، فيكون الكشف خاصاً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن هل هذا سائغ أو غير سائغ؟ يعني في نظائر كثيرة لمثل هذه المسألة يحملون الفعل على الخصوصية، والأمر للعموم، وسائغ أيضاً ومقبول عند أهل العلم في مثل هذا، لكن إذا نظرنا إلى مثل هذه المسألة بخصوصها، أو استقبال النبي -عليه الصلاة والسلام- القبلة أو استدباره القبلة بالبول والغائط كما تقدم، وقلنا: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والنهي عام لغيره، نقول: إن كل كمال يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، يعني هل يتصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أكمل الخلق وأخشاهم وأتقاهم لله وأشدهم تعظيماً لحرمات الله وتعظيماً لشعائر الله، نقول: يفعل ذلك! يستقبل القبلة أو يستدبر القبلة ببول أو غائط، وغيره ممن هو دونه في المنزلة لا يجوز له ذلك، أو نقول: له أن يكشف الفخذ ولغيره أن لا يكشف؟ يعني أيهما أكمل؟ التغطية أكمل بلا شك، فالكمال يطلب له -عليه الصلاة والسلام- لأنه الأكمل، ورجحه بعض الشراح، مثل هذا الجمع يرجحه بعض الشراح طرداً لمثل هذا التعارض إذا حصل بين القول والفعل يحمل الفعل على الخصوصية، والقول على أنه لغيره -عليه الصلاة والسلام-.

ومنهم من يقول: إن الفعل صارف للأمر من وجوب التغطية إلى الاستحباب، وكثيراً ما يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ينهي عن شيء أو يأمر بشيء ثم يخالفه ليبين أن الأمر للاستحباب، والنهي للكراهة، نعم؟

طالب:.......

إيه، لكن كيف مقبولة وهنا غير مقبولة؟ حسر النبي فعل.

طالب:.......

أنه أكمل، يعني لبيان الجواز كما يقولون.

طالب:.......

لصارف؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

نعم لا يلزم أن تكون عورة مغلظة يجب سترها، عورة لكن ليست مغلظة ولا يجب سترها.

طالب:.......

أين؟

طالب:.......

الاحتياط لا يعني أنه حكم شرعي مجزوم به ينسب إلى البخاري، الحكم بالاحتياط ليس بحكم ملزم، يعني ما نستطيع أن نقول: إن البخاري يرى أن الفخذ عورة، لا نستطيع؛ لأنه يقول: أحوط، وإذا قيل من باب الاحتياط فهو من باب الأبرأ للذمة فقط، والخروج من الخلاف، والخروج من عهدة النصوص كلها.

طالب: ألا يفهم يا شيخ هذا أنه كأن البخاري يميل إلى أن الفخذ ليس بعورة؟

بلى، ولذلك خرج الحديث ولم يخرج الثاني، نعم؟

طالب:.......

يقول: هذا صارف.

طالب:.......

خارج الصلاة وداخل الصلاة؟

طالب:.......

يأتي هذا الكلام؛ لأن هذا مما جمع به.

قال بعضهم: إن حديث أنس يحمل على خارج الصلاة، وحديث جرهد يحمل على ما كان داخل الصلاة، قيل بهذا، نعم؟

طالب:.......

هذا في قضية الركوب، الركوب لا بد أن ينحسر، وإذا كان على غير اختيار هذا ما يرتب عليه حكم، لكن حينما حسر عن فخذه، ثم دخل أبو بكر، ثم دخل عمر، ثم دخل عثمان هذا باختياره -عليه الصلاة والسلام-.

المقصود أن هذه المسألة تحتاج إلى مزيد عناية، لا سيما وأن الناس تساهلوا في العورات، ووجدوا ما يتمسكون به، فإما أن يقال: إن الفخذ ليس بعورة إلا من باب الاحتياط كما قال البخاري، أو يقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- نص على أنه عورة، ويحمل على داخل الصلاة، وأما خارج الصلاة فيكون من باب الأدب، وليس من باب الإلزام.

طالب:.......

السرة باعتبار أن المحل ثابت لا يلزم منه حركة، فيمكن أن تستر العورة ولو لم تستر السرة، لكن الركبة متحركة، وقيام وقعود وركوع وسجود ولا بد أن ينكشف ما فوقها عند الأصحاب وغيرهم من..، كثير من أهل العلم الذين يرون أن الفخذ عورة إذا انكشف شيء من العورة على ما سيأتي ولو كان يسيراً أنه يعيد الصلاة، على الخلاف نذكره -إن شاء الله تعالى-.

"ومن كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين سرته وركبتيه أجزأه" إذا قيل: وركبتيه، ومعلوم هذا بيان الواقع أنهما ركبتين، وإذا قيل: وركبته، فالمراد الجنس؛ لأنه مفرد مضاف فيعم، وركبتيه أجزأه، وذلك إذا كان على عاتقه شيء من اللباس، وجاء في الحديث الصحيح في البخاري وغيره: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) فإذا ستر ما بين السرة والركبة ووضع على عاتقين أو أحدهما تبعاً للروايتين؛ لأن فيه ((على عاتقه)) و((على عاتقيه)) ويأتي فيه ما قلناه في ركبته وركبتيه، تحمل رواية الإفراد على أن المراد بها المنكبين، مثل ما قيل في الركبتين؛ لأن ذكر العاتق الواحد عاتقه مفرد مضاف يشمل العاتقين، وإذا قيل: عاتقيه فهو بيان مطابق للواقع، وأن لكل شخص عاتقين.

هل هناك فرق بين ستر ما بين الركبة والسرة وستر العاتق في الصلاة؟ منهم من يقول -وهو رواية في المذهب-: إنه لا فرق، فإذا صلى وقد كشف عاتقيه أو أحدهما فإن صلاته لا تصح؛ لأنها واجبة الستر بهذا النص الذي ينهى عن كشف العاتق، ومنهم من يفرق بين أن يكون الأمر على سبيل الاشتراط فهذا مؤثر، كما بين السرة والركبة عند عامة أهل العلم، وما يكون الأمر فيه مما هو خارج عن العورة، المنكب ليس بعورة، فستره امتثالاً لهذا النهي ((لا يصلي أحدكم)) فيكون من باب الواجبات وليس من باب الشروط، وعلى هذا لو انكشف شيء مما بين السرة والركبة تبطل؛ لأنه أخل بشرط، لكن لو انكشف المنكب صلاته صحيحة مع الإثم؛ لأنه منهي وليس بشرط، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

لا لا، يأثم هذا، واجبات الصلاة غير..، واجب من أفعال الصلاة ومما يجب للصلاة فرق بين هذا وهذا، يعني لو أن إنساناً يرى وجوب الغسل لصلاة الجمعة ثم صلى بغير غسل نقول: صلاته باطلة؟ نقول: يأثم وصلاته صحيحة؛ لأن الوجوب غير الاشتراط.

"وذلك إذا كان على عاتقه شيء من اللباس" مقتضى قوله: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) أنه لا يلزم ستر المنكب كاملاً، وأنه لو ستر بشيء رقيق كالخيط مثلاً، وضع خيطا على منكبه، أو شيئا شفافا يصح أن يطلق عليه شيء، ويتم به الامتثال؛ لأنه نكرة في سياق النهي فيعم، وتنكير شيء ليشمل أي شيء يستر به المنكب، أو يوضع عليه، ومنهم من يقول: لا، لا بد أن يستر المنكب كاملا؛ لأنه لا يسمى سترة حتى يستر، لكن هل جاء ستر المنكب في النص؟ الفقهاء يقولون: ستر المنكب، لكن هل النص يقتضي الستر، أو أن يوضع عليه شيء؟ نعم النص يوضع عليه شيء ((ليس على عاتقه منه شيء)) وعلى هذا يتم الامتثال ولو كان لا يستر المنكب.

طالب: لكن -أحسن الله إليك- أليس مقصود وضع الشيء على العاتق هو ستره ما فائدة أن يضع شيئا لا يستر؟

لكن الامتثال يتم.

طالب: الامتثال يتم.

الامتثال يتم.

طالب: لكن إذا نظرنا إلى قصد الشارع هو يقصد إلى فائدة.

المسألة امتثال، امتثال، ولو لم يرد هذا الحديث قلنا: لا فرق بين المنكب وطرف اليد وطرف الرجل، لا فرق، ومنهم من يقول: إن هذا الإلزام بوضع شيء على المنكب من أجل أن يمسك الثوب، فلا يطلب لذاته، وإنما هو مطلوب لغيره، فإذا تم إمساك الثوب بشيء ولو بغير هذا الأمر الذي هو وضع شيء منه على العاتق تم المطلوب لا لأن العاتق يجب تغطيته أو ستره لذاته، لكن كل هذه التعليلات مع ثبوت النص لا قيمة لها، فلا بد من وضع شيء من الثوب على المنكب، وقلنا: إن هذا على سبيل الوجوب لا على سبيل الاشتراط، وأهل العلم لا يتقيدون بنفس الثوب، اللهم إلا من يقول: إن ستر العاتق إنما هو من أجل أن يستمسك الثوب فلا بد أن يكون منه أو متصلاً به، نعم؟

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

عند الظاهرية هذا، كل نهي يقتضي الفساد، وعلى قاعدة: أن النهي إذا عاد إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه أو جزئه المؤثر كالركن يقتضي الفساد وإلا فلا.

طالب:.......

لا المنكب ليس بشرط، يعني كما لو غطى رأسه بعمامة حرير، هذا نهي، أو خاتم ذهب بيده، هذا أمر خارج عن السترة.

"وذلك إذا كان على عاتقه شيء من اللباس، ومن كان عليه ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك"

ما الفائدة من إيراد هذه الجملة؟

طالب:.......

الصلاة في الثوب الواحد ليس فيها إشكال، لكن الأكمل أن يصلي بثوبين، لكن الصلاة في الثوب الواحد وهو مطابق لما جاء في الحديث: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) فهل نحن بحاجة إلى التنصيص على هذه...؟ ومن كان عليه ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك؟ هو مفاد الخبر، نعم؟

طالب:.......

الآن كل الكلام الذي تقدم عن العاتق من أجل الحديث، فلسنا بحاجة إلى إعادة هذه الجملة، يعني إذا قلنا: إذا كان على عاتقه شيء من اللباس ما يكفي؟ فما الداعي إلى تكرير "ومن كان عليه ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك"؟ هو يصلي في ثوب واحد على عاتقه شيء منه، امتثل الأمر وانتهى الإشكال، وهو دليل الجملة الأولى "وذلك إذا كان على عاتقه شيء من اللباس" فما الداعي إلى تكرار الجملة الثانية؟ نعم؟

طالب:.......

"وذلك إذا كان على عاتقه شيء من اللباس" طيب لا شك أن الثاني أكمل أو الأول؟ "وعليه ما يستر ما بين سرته وركبتيه" هذا لا يقتضي أن يكون أعالي البدن مستورا، يعني لو لبس من الفنايل العلاقية، هذه التي ليس لها أكمام، وينكشف منها إلى ما يقرب من السرة أو إلى السرة مثلاً، وفيها خيط رقيق يتدلى من المنكب إليها، وعليه في أسفل البدن سروال قصير إلى الركبة هذا ينطبق عليه الكلام الأول، ويتحقق به الكلام الأول.

الجملة الثانية ثوب، ما معنى الثوب؟ الثوب الذي له أكمام، يعني كالقميص يستر أعلى البدن، فلا يخرج منه شيء، لكن كيف يكون ثوب واحد بعضه على عاتقه ونحن نقول: فرقنا بين الصورة الأولى والثانية؟ على كل حال الجملة الثانية هي تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا الحكم استقر بالكلام الأول، وهو أنه إذا ستر العورة المشترطة للصلاة ووضع على العاتق منه شيء انتهى الإشكال، نعم؟

طالب:.......

الجملة الثانية مطابقة لما جاء في الحديث، فهل نحن بحاجة إليها مع جلاء الأمر في الصورة الأولى؟ يعني هل نحتاج إلى أن نقول: إذا ستر بين السرة والركبة ووضع على العاتق شيئا، هل نقول: حتى إذا ستر أعالي البدن كله يجزيه؟ يعني هذا من باب أولى.

طالب:.......

المقصود أنه يستره، سواء فصل له أكماما وجيبا وما أشبه ذلك، هذا لا شك أنه أحوط للصلاة باعتبار أنه أثبت، لكن لو اشتمله ووضعه على عاتقيه أو على عاتقه والتف به كفى، والمقصود أنه يستر العورة ما بين السرة إلى الركبة، ويضع على العاتق منه شيء، وانتهى الإشكال، فلا أتصور أن المتأخرين من أصحاب المتون يقول مثل هذا الكلام، إنه يكتفي بأحدهما، لا يكرر مثل هذا الكلام، الذين يحسبون للكلام الحساب الدقيق، ويجعلون له محترزات، ولماذا زاد هذه الجملة؟ ولماذا نقص هذه الجملة؟ لكن المؤلف متقدم، فيأتي ويصرح بما هو مجرد توضيح، أنا أقول: من حيث الحكم لا من حيث الصورة، الصورة مختلفة، لكن الحكم واحد، ستر ما بين السرة والركبة، وستر شيء من العاتق أو العاتقين على الخلاف، سواءً كان أعالي البدن مستورا أو غير مستور، فلا يتأثر الحكم، نعم؟

طالب:.......

هو يعتني بأقوال الإمام ويعتمدها وأكثر كلامه مستنبط من نصوص الإمام، لكن مع ذلك هل يقول: الأولى مأخوذة من نصوص الإمام، والثانية مأخوذة من الحديث؟

طالب:.......

نعم، جاء النهي لأنه يخشى الانكشاف، لكن هل من مفاد الجملة الأولى أن يصلي بأكثر من ثوب؟ لنقرر أنه في الثانية قرر أنه تجوز الصلاة في الثوب الواحد ما في، وعلى كل حال الحكم واحد في الجملتين.

قال: "ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالساً يومئ إيماءً" الأصل أن القيام مع القدرة في الفريضة ركن من أركان الصلاة على ما تقدم، فإذا كان عرياناً تعارض عنده القيام الذي هو ركن من أركان الصلاة، مع ستر العورة الذي هو شرط من شروطها، فهل يقاوم ستر العورة بهذه الطريقة بالجلوس ما رتب عليه بطلان الصلاة فيما لو صلى مع القدرة وهو جالس؟ يعني عندنا تعارض شرط مع ركن، والركن متحقق، والشرط يعني تحققه فيه نظر، يعني مخفف لا متحقق، الشرط هذا تخفيف لمفاد الشرط، وذاك ركن محقق يتنازل عنه في مقابل تخفيف العورة، فإذا قلنا: إن القيام من المأمورات، والعري من المحظورات، وتعارض هذا مع هذا، القيام مأمور، والصلاة مع انكشاف العورة محظور، فأيهما المقدم؟ وهما في القوة واحد، نعم القيام ركن عند الجميع في الفريضة، وستر العورة خلاف هل هو شرط أو واجب؟ فهو أخف من هذه الحيثية، ومن نظر إلى المسألة من هذه الحيثية قال: يصلي قائماً؛ لأن القيام ركن بلا نزاع هذا في الفريضة، وأما بالنسبة لستر العورة فهو شرط عند أكثر أهل العلم، وواجب عند بعضهم، فهو أخف من هذه الحيثية.

من جهة أخرى القيام مأمور به، والصلاة مع عدم ستر العورة محظورة من المحظورات، وكل على مذهبه فيمن يقول بأن ترك المأمور أعظم من فعل المحظور أو العكس، فالذي يرى أن ترك المأمور أعظم من فعل المحظور يقول: يصلي جالساً، والذي يقول بالعكس يقول: يصلي قائماً، وهذا هو المقدور عليه، فعل ما يقدر عليه، وترك ما يعجز عنه، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، هو عاجز عن ستر العورة، لكنه قادر على التخفيف، وهل يقوم التخفيف في مقابل الإتيان بما أمر به على سبيل التأكيد المؤثر في الصلاة؟ لأنه ركن، ((صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً)) الصلاة إذا كانت نافلة الأمر سهل واضح، لكن إذا كانت فريضة، والقيام ركن من أركانها، المؤلف يقول: ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالساً يومئ إيماءً، يعني هناك أمور وإن كانت كبيرة، وجاء الأمر المؤكد الشرعي فيها، وأمور أخرى ولو كانت أخف، لكن آثارها أشد، أيهما أقوى أثرا على المصلي وعلى الناظر وعلى الواقع كله أن يصلي عاريا قائم أو يترك القيام الذي أوجبه الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((صل قائماً))؟ الأثر على النفس؟ ترك القيام أخف أثراً على النفس، نظير ذلك الأكل من الميتة أيهما أخف أثراً على النفس الأكل من الميتة أو ما صاده المحرم؟ مع أن أهل العلم يشددون فيما صاده المحرم، بعضهم يقول: هو أشد من الأكل من الميتة؛ لأن الميتة أبيحت بالنص، وهذا ما أبيح، لكن هل لقوة الأثر على النفس أثر في الحكم الشرعي؟ نعم؟

طالب:.......

هل نقول: إن الإنسان إذا أشرف على الموت لا بد أن يأكل، وعنده ميتة وعنده ما صاده محرم من أجله، أو صيد في الحرم، بعض الناس عنده استعداد يموت ولا يأكل ميتة، هل نقول لمثل هذا: مت؟ لأن الميتة أخف مما صاده المحرم، وعنده استعداد أن يأكل مما صاده المحرم؛ لأن هناك أمور جبلية جبل عليها الإنسان وفطر عليها الإنسان لا يمكن أن يتعداها، والشرع يلاحظ مثل هذه الأمور، يعني الخوف، يقولون: الخوف لا بد أن يكون محققاً لتترتب عليه الآثار، شخص في مكان مظلم، وليس عنده في هذا المكان ماء، والماء قريب منه، يقولون: إذا كان هناك خوف محقق يسمع عواء الذئب أو زئير الأسد، أو اللصوص أو قطاع الطريق يصلي هذا شيء محقق، لكن إذا كان يخيل إليه أن هناك ما يضره يقولون: هذا لا بد أن يخرج، لكن بعض الناس عنده الخوف المظنون أشد من المحقق عند بعض الناس، هذا لو كلف أن يخرج يطلب الماء لَجُنَّ، ولو لم يكن هناك ما يضره، هل نقول: إن الشرع يهدر مثل هذه الأمور؟ يعني في البخاري معلقا عن الحسن أن الصبي يخرج لصلاة الصبح ولو نهته أمه خشية عليه، هذا شيء قد لا يطاق، مثل هذا الأمر لا يطيقه الصبي ولا تطيقه أمه، لكن ماذا لو اعتراه شيء من الجنون من يضمن في مثل هذه الحالة؟ إذا ألزم بأن يخرج، وكذلك الكبير إذا ألزم بأن يخرج لطلب الماء وهو لا يستطيع، هناك آثار مترتبة أمور نفسية وأمور يعني مؤثرة، هل نقول: إن هذا ما دام الأمر مظنونا لا بد أن يخرج حتى يتحقق أن هناك ما يضره، هذا يقول به بعض أهل العلم، ورتبوا أحكاما على هذا، لكن الشرع لا يمكن أن يكلف نفساً ما لا تطيق {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] هذا لا يطيق أن يخرج.

وقلنا: إن الخوف المظنون، بل المتوهم عند بعض الناس أشد من الخوف المحقق عند آخرين، فمثل هذا ومن باب الاستطراد قد يكون بعض المبصرين تكليفه ببعض الأمور الدقيقة أقل من تكليف بعض العميان؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، هذا مبصر يمر على بعض الأمور ما تلفت انتباهه، لكن الحكم العام الشرعي شيء، ولذلك يختلفون في كون الأعمى هل يصح أن يكون مَحْرَماً أو لا يصح؟ خلاف، مع أن بعض العميان أولى بكثير من كثير من المبصرين في كونه محرما من حيث الاهتمام والاحتراز والنباهة، لكن الأحكام الشرعية العامة تأتي على الجميع، ثم بعد ذلك ينظر في حال كل شخص بحسبه ومؤثراته، فإذا نظرنا إلى هذا الشخص أنه لا يستطيع الخروج بحال من أجل أن يبحث عن الماء، نقول: يا أخي خطر إذاً لا يخرج، هذا يعذر أكثر من الشخص الآخر الذي ليس بمنزلته ومثابته، ونقول هنا: بالنسبة للشخص الذي لا يستطيع أن يأكل من الميتة ولو مات نقول: أكله مما ذبحه، أو ما قتله المحرم من الصيد أو صيد في الحرم أسهل، وإن كان الأصل عند جمع من أهل العلم أن هذا أخف وذاك أشد، فهذه الأمور لا بد من مراعاتها.

بعض الناس لو تكلفه أن يصلي عريانا قائما قال: بلاش من الصلاة لا يطيق، هذا أمر لا يطيقه ولا يحتمله فيصلي جالسا، لكن هل مثل هذه الأمور تُرَدُّ إلى تقديرات الناس أو لا بد من حكم عام يضبط الجميع ويخرج على ذلك من لا يطيق مثل هذه الأمور؟ ولذا يقول المؤلف: "ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالساً يومئ إيماءً" القاعدة أن من قدر على شيء من العبادة وعجز عن شيء يأتي بما يقدر عليه، ويعفى عما لا يقدر عليه، هذا قدر على القيام ولم يقدر على ستر العورة يصلي قائماً لأنه قادراً عليه، وهو ركن من أركان الصلاة، ولا يستر عورته لأنه لم يستطع ذلك.

طالب:.......

حديث عمرو بن سلمة، هذا صبي يصلي بقومه، ما وجدوا أقرأ منه، وكان عليه ثوب قصير، أو فيه خرق كما في بعض الروايات، إذا سجد انكشف بعض عورته، حتى قال القائل: "غطوا عنا عورة إمامكم" أو "است إمامكم" المقصود أن مثل هذا..، ومن معه عليهم سترة، فهل يتجاوز عن مثل هذا لكونه غير مكلف؟ صبي، يتجاوز عن مثله لكونه غير مكلف؟ الصلاة حصلت في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأقرت، والحديث صحيح لا إشكال فيه، فإما أن يقال: إنه تجاوز عنه لأنه غير مكلف، ومن خلفه مكلفون لكنهم لا يقرؤون فهو أولى منهم بالإمامة، على أن في المذهب نزاعاً قوياً في إمامة مثل هذا لأنه متنفل، ومن وراءه مفترضون، ولا تصح عندهم إمامة المتنفل بالمفترض، فلا ترد عليهم المسألة، لكن ماذا عنها وهي في الصحيح؟ لا بد من تخريجها على وجه يصح، فإما أن يقال: إنه يعفى عنه؛ لأنه صبي، أو يقال: أن تطبيق شروط الإمامة أولى من تطبيق شروط الصلاة؛ لأنه يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وهذا أقرؤهم، لكن في مثل هذا النص من القوة ما يتجاوز فيه شرط الصلاة، مع أن شرط الصلاة فيما يخصه هو هذا المقدور عليه، لكن هل نقول: إن المسألة معارضة بين حقوق الإمامة وبين حقوق الصلاة؟ يعني هل التعارض بين شرط من شروط الصلاة بالنسبة للمصلي فنقول للمأمومين: تنازلوا عن ستر العورة، المأمومين ستروا عوراتهم، لكن مسألة الإمامة يعني فيها شيء من الخفاء، ويمكن التعبير ...

طالب: ألا يحمل على أن خروج ما خرج من عورته غير مقصود ولا معلوم له، وإنما انتبه له من خلفه فقال: "غطوا عنا است قارئكم"؟

إيه لكن إذا كان الثوب بحيث لا يمكن تحقيق السترة، كلما سجد حصل هذا؟ ذكرنا أنه يمكن أن يتجاوز عن الصغير ما لا يتجاوز عن الكبير هذه مسألة، الأمر الثاني: أنهم في مسألة الإمامة المطلوب فيها الأقرأ، فإذا تعارض هذا الشرط أو أحقية الإمام المتلبس بهذا المطلوب مع كونه عنده شيء من الخلل المعفو عنه؛ لأنه ما عنده سترة غير هذه، نعم؟

طالب:.......

لا، الآن ليس التعارض بين شرط صلاة وبين شرط إمامة، بالنسبة لهذا الصبي هذا المقدور عليه، ولا يكلف بأكثر من هذا، يبقى أن الإمام بهذه الصفة التي تقتضي النقص مع الصفة التي تقتضي الكمال وهي القراءة.

طالب:.......

نأتي إلى المسألة بشيء من التوضيح، نعم؟

طالب:.......

إيه، يعني حين اختيار الإمام، الآن حينما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث أبي مسعود: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) هل هذا على سبيل الإلزام أو لا؟ لا، ليس على سبيل الإلزام، ولا تتأثر الصلاة لو تجاوزنا عن هذا، صلاة الإمام ولا المأموم لا تتأثر، لكن إذا افترضنا أن المأموم أمي لا يقرأ ولا يكتب، هل يجوز أن يؤم غيرهم ممن فيهم من يقرأ؟ مثل هذا لا يؤم، وإنَّما يؤم مثله من الأميين.

هذا الإمام فيه شرط مرجح، وفيه مضعف، مرجح كونه أقرأ، ومضعف من جهتين: كونه أصغر سناً، وكبر السن معتبر في الإمامة، الأمر الثاني: كونه عليه سترة لا تفي بالواجب، وعلى كل حال القصة صحيحة وأقرت من قبله -عليه الصلاة والسلام-، والذي أمرهم أن يقدموه، فمثل هذا لا بد من التسليم فيه، ولا بد من تخريجه على وجه يصح.

نعم لو كان عنده سترة ثانية، أو كان مكلفاً، ويستطيع أن يستر، ثم صلى بهذا الخلل الكبير نقول: صلاته باطلة، وأثر صلاة الإمام على صلاة المأموم عند جمع من أهل العلم تبطل صلاة إمام ببطلان صلاة إمامه، وهذا هو المؤثر، لكنه من جهة أنه لا يستطيع أكثر من هذه السترة من جهة، والأمر الثاني أنه غير مكلف، فعورته غير عورة المكلف.

طالب: ألا يحمل -أحسن الله إليك- على أن ما خرج من العورة المخففة كالفخذ يعفى عنه من هذه الحيثية؟

لا، النص يدل على أنها مغلظة، إذا انكشف من العورة على ما سيأتي لا يخلو: إما أن يكون من المغلظة أو من المخففة، إذا انكشف من المغلظة ولو يسيرا وطال، أو فاحشا ولم يطل هذا يبطل الصلاة، نعم؟

طالب:.......

هذا الفاحش ولو استدرك عندهم، الفاحش من المغلظة ولو استدرك، لو استمر ولو كان يسيراً يؤثر في الصلاة، بينما لو كان من المخففة واستدركه هذا ليس فيه إشكال، نعم؟

طالب:.......

لا شك أن المسألة مشكلة، وعندهم أيضاً لا يسجد ولا يركع، يومئ إيماء العريان، وذلكم لأنه أستر له، لكن لو وجد ما يستره غير السترة من جدار أو حفرة أو ماء أو طين أو ظلام يلزمه أن يصلي الصلاة كاملة، لكن هل يلزمه أن يغوص في الماء من أجل أن يستتر، أو يلزمه أن يسجد في طين، أو يطلي جسده بالطين؟ نعم قالوا: لا يلزمه ذلك.

طالب: في المغني كلام حول هذه القضية يا شيخ.

ماذا يقول؟

طالب: يقول: فصل: فإن انكشف من العورة يسير لم تبطل صلاته، نص عليه أحمد، وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي: تبطل؛ لأنه حكم تعلق بالعورة، فاستوى قليله وكثيره كالنظر، ولنا: ما روى أبو داود بإسناده عن أيوب عن عمرو بن سلمة الجرمي، قال: انطلق أبي وافداً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نفر من قومه، فعلمهم الصلاة، وقال: ((يؤمكم أقرؤكم)) فكنت أقرأهم فقدموني، فكنت أؤمهم وعليّ بردة لي صفراء صغيرة، وكنت إذا سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم، فاشتروا لي قميصاً عمانياً، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به.

ورواه أبو داود والنسائي أيضاً عن عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة قال: فكنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق، فكنت إذا سجدت فيها خرجت استي، وهذا ينتشر ولم ينكر، ولا بلغنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكره، ولا أحد من أصحابه؛ ولأن ما صحت الصلاة مع كثيره حال العذر فرق بين قليله وكثيره في غير حال العذر كالمشي؛ ولأن الاحتراز من اليسير يشق فعفي عنه كيسير الدم.

التفريق بين حال العذر وغير العذر هذا أمر واضح، فمع العذر يعفى، ومع غيره لا يعفى، إذا كان من الشروط أو الأركان أو الأمور المؤثرة في الصلاة لا يعفى عنه، إلا أن الفرق بين القليل والكثير من المسائل معروف.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد...

الرواية التي ذكرت في الشرح في حديث عمرو بن سلمة، وأن القميص والبردة فيه فتق يحتمل أن يكون هذا الفتق يسيرا فيعفى عنه، كما قال الإمام الموفق كأنه وهو المذهب عنده خلافاً للشافعية.

على كل حال المذهب عندهم إشكالات في صلاة عمرو بن سلمة من أولها -ولو كانت سترته سابغة وتامة- أنه صبي على ما سيأتي في الإمامة أنه صبي، والصبي متنفل ليس بمفترض، وعندهم أن المتنفل لا يصلي بالمفترض، وسيأتي بحث هذه المسألة بتمامها -إن شاء الله تعالى-، نعم؟

طالب:.......

نعم.

يقول: لماذا لا نتجاوز عن الجماعة في حال العري؛ لأنه قال: "فإن صلى جماعة عراة كان الإمام معهم في الصف وسطاً يومئون إيماءً".

الآن من لم يقدر على ستر العورة وهو بمفرده صلى جالساً يومئ إيماءً، وعلى كلامه ولو لم يكن بحضرة أحد.

طالب:.......

ولو كان، مقتضى العبارة؛ لأن هذا تخفيف للعورة، وواضح أن الجالس ليس مثل القائم.

طالب:.......

..... مسألة محظور، ترك ركن من أركان الصلاة، إذا كان منفرداً، إن كان خالياً، نعم؟

طالب:.......

ولو كان في قعر بيته وفي ظلام دامس يجب عليه ستر العورة، ولو كان منفرداً، وإن أخل بالعورة بطلت صلاته ولو كان منفرداً.

"فإن صلى جماعة عراة كان الأمام معهم في الصف وسطاً" يعني يصلي في وسط الصف، ولا يتقدمهم، يومئون إيماءً، بمعنى أنهم لا يركعون ولا يسجدون، ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم، ما الذي يعفيهم من الركوع والسجود وهي أركان؟ هو الذي أعفاهم من القيام وهو ركن، والجادة مطردة هنا، ما دام أعفوا من القيام يعفون من الركوع والسجود لأن هذا أستر.

"ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم" وقد روي عن أبي عبد الله الإمام أحمد -رحمه الله- رواية أخرى أنهم يسجدون بالأرض، لماذا؟ لأن السجود مقدور عليه، ومقتضى هذه الرواية أن القيام أسهل من السجود، أيهما أسهل بالنسبة للعورة القيام أو السجود؟ نعم بالنسبة للتفريق بين القبل والدبر، وأيهما أولى بالستر السجود لا شك أنه لا تبين جميع العورة المغلظة، إنما يبين بعضها، ويختفي بعضها إذا سجد، لكنه إذا سجد ظهور الدبر أشد مما لو جلس أو قام، ولا شك أن هذه المسائل من المعضلات، والترجيح فيها لا بد أن يكون فيه نص قاطع صريح في المسألة، والذي في الباب هي اجتهادات من أجل تحقيق المصلحة ودرء المفسدة بقدر الإمكان، يعني حينما يقولون في صلاة الخوف مثلاً: أي الصور أولى التي ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على ستة أوجه أو سبعة أيهما أولى؟

قالوا: الأولى من هذه الصور ما يحافظ على أركان الصلاة وأجزائها، ويحافظ أيضاً على حراسة العدو والأمن منه، ما يحقق الأمن، ويحقق المحافظة على صورة الصلاة، وهنا نقول: الأولى مثلما هناك، الأولى من الصور التي ذكرت ما يحقق المصلحة بالإتيان بالواجبات والأركان بقدر الإمكان، مما لا يترتب عليه مفسدة، والمصلحة تتحقق بالإتيان بالأركان، والمفسدة تتحقق بالإخلال بالشرط، فإذا وجدت صورة تحفظ شيئاً من هذا وشيئاً من هذا بالتوازن فهي المطلوبة، أما إهدار واحد على حساب الثاني فهذا لا يمكن إلا بنص، بعذر، صلاة الخوف جاءت فيها نصوص، لكن صلاة العراة ما جاءت فيها نصوص، فيها إهدار لأركان القيام الركوع السجود، فيها محافظة على شيء من الشرط، فالمجتهد لا بد أن يحقق المصلحة بما لا يترتب عليه مفسدة، وهل تتحقق المصلحة بما ذكر هنا مع انتفاء المفسدة أو لا؟ أو نقول: المفسدة حاصلة، والمصلحة مهدرة، يأتي بما يستطيع، ويترك ما لا يستطيع ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) فالمأمور به يؤتى فيه بالمستطاع، الآن القيام مستطاع، الركوع مستطاع، السجود مستطاع، لكنه يترتب عليه...

طالب:.......

الشرط الذي هو ستر العورة مهدر، سواءً صلى جالسا أو قائما، لكن تخفيف هذا الشرط يعني تخفيف إهدار الشرط هل يقاوم ترك هذه الأركان أو لا؟ مثل ما ذكرنا سابقاً كأن من يقول بهذا الكلام لاحظ ما في نفس المصلي ومن حوله من هذه الأمور، صلاة العريان أمرها ليس بالسهل، وإن قلنا: إن القيام والركوع والسجود أركان، لكنها على نفس المصلي وعلى نفس الرائي كلها أمور شديدة، والشرع يراعي مثل هذه الأمور.

وقد روي عن أبي عبد الله -رحمه الله-رواية أخرى أنهم يسجدون بالأرض؛ لأن السجود ركن، والمصلحة لن تتحقق كاملة بترك هذا الركن إلا أنها تخف، نعم؟

طالب:.......

إيه، لكن لو رأى بعضهم بعضاً الأمر ليس بالسهل، أشد من القيام من وجه؛ لأن الانضمام والانفتاح وأمور تعرف، ولذلك يقولون في المفاضلة: لو وجد ما يكفي أحد الفرجين مثلاً، أو إحدى السوءتين، فإن لم يكفهما يستر الدبر أهم من القبل، نعم؟

طالب:.......

نعم عند العجز، لكنه قادر.

طالب:.......

يعني عجز حكمي ليس بعجز حقيقي.

طالب:.......

لا لو قلنا بهذا قلنا: الذي عنده ثوب لا يلبسه؛ لئلا يشابه المشركين، حتى الذي عنده ثوب لا يلبسه لئلا يشابه المشركين.

طالب:.......

لا لا المشابهة منتفية هنا تماماً نعم؟

طالب:.......

الفطر السليمة تنفر وتنبو وتأبى رؤية العورات، وكشف العورات من الوظائف الأولى لإبليس وأتباعه، قبل الإهباط من الجنة، هدفه الأول لما أكل من الشجرة {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا} [(20) سورة الأعراف] هذه وظيفة من وظائف إبليس الأولى وأتباعه إلى قيام الساعة على هذا، همهم كشف العورات، ولذا لما جاء في أواخر سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [(59) سورة الأحزاب] إلى أن قال: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ} [(60) سورة الأحزاب] دل على أن المنافقين هم وراث إبليس، همهم كشف العورات، وهذا ديدنهم إلى يومنا هذا، هذه وظيفتهم، نسأل الله العافية.

"ومن كان في ماء وطين أومأ إيماءً" يعني أنه لا يلزمه أن يسجد في الماء والطين، هذا إذا كان يتضرر به، هذا لا إشكال، إذا كان الطين بحيث يغطي الفم والأنف والماء كذلك هذا لا يلزمه أن يسجد، لكن إذا كان لا يتضرر به؛ لأن العبارة مطلقة، ليس فيها ضرر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- سجد ليلة إحدى وعشرين في ماء وطين، والمقصود هنا عند المؤلف ما يتضرر به، أما ما لا يتضرر به فالنص الصحيح النبي -عليه الصلاة والسلام- سجد في صبيحة واحد وعشرين بماء وطين، ورئي في وجهه وجبهته أثر الماء والطين.

"وإذا انكشف من المرأة الحرة شيء سوى وجهها أعادت الصلاة" عورة المرأة الحرة في الصلاة كلها عورة إلا الوجه، ولذلك لو انكشف منها شيء سوى الوجه لزمها الإعادة؛ لأنها أخلت بشرط من شروط الصلاة، ومنهم من يلحق بالوجه اليدين الكفين، ومنهم من يلحق أيضاً القدمين، وهذا قول الحنفية، وشيخ الإسلام كأنه يميل إلى شيء من هذا.

"وصلاة الأمة مكشوفة الرأس جائزة" وكان عمر -رضي الله عنه- ينهى الإماء من تغطية الرؤوس؛ لئلا يتشبهن بالحرائر، وهذا أمر موروث، ومتداول بين الصحابة من غير نكير، لكن لو غطت شعرها لا سيما إذا كانت مثار فتنة، وشيء من هذا فلا شك أنه أولى وأكمل، نعم؟

طالب:.......

لا، ليس عورة، لكن أقول: إذا كانت مثار فتنة من هذه الحيثية.

"صلاة الأمة مكشوفة الرأس جائزة لأنه ليس من عورتها، وكان عمر ينهى من تغطية الإماء شعورهن ورؤوسهن؛ لئلا يتشبهن بالحرائر.

"ويستحب لأم الولد" هاه؟

طالب:.......

لكن عمر هذا ما هو...، عمر ليس معاوية أو من دونه.

طالب:.......

لكن إذا كان جيلهم يوجد فيه هذا الفعل، وتداولوه من غير نكير، وهذا معروف عندهم.

طالب:.......

فعل عمر نص، بمناسبة أنهم يسجدون بالأرض.

"وإذا انكشف من المرأة الحرة شيء سوى وجهها أعادت الصلاة، وصلاة الأمة مكشوفة الرأس جائزة، ويستحب لأم الولد أن تغطي رأسها في الصلاة" الآن متى تكون أم ولد؟

طالب: إذا استولدها سيدها.

إذا ولدت أو إذا حملت؟ الأمر الثاني تكون أم ولد في حياته أو بعد مماته؟

طالب:.......

السيد، نعم؟

طالب: بعد مماته.

تكون حرة يعتقها ولدها، وفي عهده، وفي حياته أم ولد، وقوله: "يستحب" لوجود النزاع والخلاف هل هي ما زالت أمة، أو أنها عتقت بمجرد الحمل من سيدها؟ ويترتب على ذلك بيعها، وبيع أمهات الأولاد مسألة خلافية من عصر الصحابة -رضوان الله عليهم-، منهم من يقول بجواز بيعها؛ لأنها ما دام السيد حي فهي أمة، وفي حكم الإماء، ولا يقسم لها، ولا يعدل لها مع الزوجات الأحرار، فهي أحكامها أحكام الأمة، وباعتبار أنه لا يجوز بيعها عند جمع من الصحابة، وأن مآلها إلى الحرية المحققة إن لم تمت قبل سيدها، فإنها تعامل معاملة الحرة، ومسألة قياس الشبه فيها معروف، ولذا قال: "يستحب لأم الولد".

طيب هل يلزم من قال بجواز بيعها أن يلحقها بالأمة؟ ومن قال: لا يجوز بيعها أن يلحقها بالحرة، فلا يجوز لها أن تكشف رأسها في الصلاة؟ أو نقول: إن الحرية موقوفة على موت السيد؟ وهذا التردد هو الذي جعل المؤلف يقول: "ويستحب لأم الولد أن تغطي رأسها في الصلاة" لأنها لا تخلو إما أن تكون أمة فيجوز لها أن تكشف رأسها، أو تكون حرة فيجب عليها أن تغطي رأسها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) فإن كانت حرة لزمها تغطية الرأس، وإن كانت أمة جاز كشفها الرأس، ولوجود هذا الاختلاف بين الصحابة وهو خلاف معتبر كما هو معروف أطلق الاستحباب، وكأنه يميل إلى أن حكمها حكم الأمة، لكن الاستحباب إنما هو للخروج من الخلاف، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"