كتاب الجامع من سبل السلام (21)

نعم.

أحسن الله إليك.

"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

اللهم اغفر لشيخنا وللمستمعين.

أما بعد،

فقال في البلوغ وشرحه في باب الترهيب من مساوئ الأخلاق من كتاب الجامع:

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «سباب» بكسر السين المهملة مصدر سبة «المسلم فسوق، وقتاله كفر». متفق عليه. السب لغة: الشتم، والتكلم في أعراض الناس بما لا يعني كالسباب. الفسوق مصدر.."

السب كالسباب سب يسب سبًّا وسبابًا كلها مصدر للفعل سب، والسب هو الشتم.

أحسن الله إليك.

"الفسوق مصدر فسق، وهو لغة الخروج، وشرعًا الخروج من طاعة الله. وفي مفهوم قوله: المسلم دليل على جواز سب الكافر، فإن كان.."

وأنه لا صيانة لعرضه.

أحسن الله إليك.

"فإن كان معاهدًا فهو أذية، وقد نهي عن أذيته، فلا يعمل بالمفهوم في حقه، وإن كان حربيًّا جاز سبه؛ إذ لا حرمة له."

إن كان حربيًّا؛ لأنه دون القتل، وهو مستحق له، فلا حرمة له.

أحسن الله إليك.

"وأما الفاسق فقد اختلف العلماء.."

فدمه وماله غير معصوم، فعرضه كذلك.

أحسن الله إليك.

"وأما الفاسق فقد اختلف العلماء في جواز سبه بما هو مرتكب له من المعاصي، فذهب الأكثر إلى جوازه؛ لأن المراد بالمسلم في الحديث الكامل الإسلام، والفاسق ليس كذلك."

نعم إذا ترتب على ذلك مصلحة من واجب النصيحة أو في شكاية عند القضاء أو غير ذلك فلا مانع، أما التشهي والتفكه بأعراضه ولو كان بعرضه ولو كان فاسقًا، وجاء في الخبر: «لا غيبة لفاسق» فيه ضعف.

طالب: ...........

لا، إذا كان يترتب عليه مفسدة عظمى أو شيء.

طالب: ...........

ليس باللعان ولا بالطعان، لا يلعن، وإن كان مستحقًا للعن، ولو خص ذلك بمن لا يستحق اللعن، أما من يستحقها فما المانع يلعن إبليس، ويلعن.. وأئمة الإسلام في تواريخهم.

طالب: ...........

هذا من باب الأدب، أما من لعنه الله فلا يتردد في لعنه.

طالب: ...........

ليس العادة.

أحسن الله إليك.

"وفي حديث: «اذكروا الفاسق بما فيه كي يحذره الناس»، وهو حديث ضعيف، وأنكره أحمد، وقال البيهقي: ليس بشيء، فإن صح حمل على فاجر معلن بفجوره، أو يأتي بشهادة، أو يعتمد عليه فيُحتاج إلى بيان حاله؛ لئلا يقع الاعتماد عليه."

لئلا يغتر به، لئلا يغتر به إذا ترتبت على ذلك مصلحة عظمى فلا مانع؛ لئلا يغتر به.

أحسن الله إليك.

"ولكنه أخرج الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد حسن رجاله موثوقون، وأخرجه في الكبير أيضًا من حديث معاوية بن حيدة أنه قال: خطبهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «حتى متى ترعوون عن ذكر الفاجر؟ اهتكوه حتى يحذره الناس»، وأخرجه البيهقي.."

هذا لمن يخشى تعدي ضرره، ويكون أيضًا بقدر الحاجة.

أحسن الله إليك.

"وأخرج البيهقي من حديث أنس بإسناد ضعيف: «من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له»، وأخرج مسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون» وهم الذين جاهروا بمعاصيهم فهتكوا ما ستروا الله عليهم فيتحدثون بها بلا ضرورة ولا حاجة."

ومثل هذا فيما قاله أهل العلم استطرادًا في موضوع جرح الرواة قالوا: من يتساهل بالفتوى، يتساهل بالفتوى، ويخشى من تعدي تساهله إلى الناس، فينسلخون من أديانهم هذا يشهَّر به في المجالس، وأنه لا يُقبَل منه العلم، ذكره أهل العلم في جرح الرواة.

أحسن الله إليك.

"والأكثر يقولون بأنه يجوز أن يقال للفاسق: يا فاسق، يا مفسد، وكذا في.."

لكن لا يجوز أن يقال له: يا سيد أو السيد فلان أو إلى السيد فلان.

أحسن الله إليك.

"وكذا في غيبته بشرط قصد النصيحة له أو لغيره؛ لبيان حاله، أو للزجر عن صنيعة، لا لقصد الوقيعة فيه، فلا بد من قصد صحيح إلا أن يكون جوابًا لمن يبدؤه بالسب، فإنه يجوز له الانتصار لنفسه؛ لقوله تعالى: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} [سورة الشورى:41]، ولقوله -صلى الله عليه وسلم- «المتسابَّان ما قالا فعلى البادي ما لم يعتدِ المظلوم». أخرجه مسلم، ولكنه.."

يعني يزيد، يعتدي فيزيد في السب.

طالب: ...........

نعم.

طالب: .........

كفَّ الغيبة عن نفسه؛ لئلا يعرض نفسه لأن يغتابه الناس، فيترفَّع عما يوجِب الغيبة.

أحسن الله إليك.

"ولكنه لا يجوز أن يعتدي، ولا يسب ولا يسبه بأمر كذب، قال العلماء: وإذا انتصر المسبوه استوفى ظلامته وبرئ الأول من حقه، وبقي عليه.."

{لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [سورة النساء:148].

أحسن الله إليك.

"وبقي عليه إثم الابتداء والإثم المستحَق لله تعالى، وقيل: يرتفع عنه الإثم، ويكون على البادئ اللوم والذم لا الإثم، ويجوز في حال الغضب لله تعالى؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، وقول عمر في قصة حاطب: دعني أضرب عنق هذا المنافق."

وإن لم يصل إلى حد النفاق، لكنه غضبًا لله، فيحتمل ما لا يحتمل في حال السعة.

أحسن الله إليك.

"وقول أسيد لسعد: إنما أنت منافق تجادل عن المنافقين، ولم ينكر -صلى الله عليه وسلم- هذه الأقوال، وهي بمحضره.

 وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «وقتاله كفر» دالٌّ على أنه يكفر من يقاتل المسلم بغير حق وهو ظاهر فيمن استحل قتل المسلم، أو قاتله حال إسلامه، وأما إذا كانت المقاتلة بغير ذلك فأطلق عليه.."

فإطلاق.

نعم.

فإطلاق الكفر عليه مجاز.

أحسن الله إليك.

"وأما إذا كانت المقاتلة لغير ذلك فإطلاق الكفر مجازًا."

يعني كفر دون كفر، يقول هنا كفر النعمة لا كفر الجحود.

"ويراد به كفر النعمة والإحسان وإخوة الإسلام لا كفر الجحود، وسماه كفرًا؛ لأنه قد يؤول به إلى الكفر؛ لما يحصل من المعاصي من الرعن على القلب.."

لأنها بريد الكفر، المعاصي بريد الكفر.

أحسن الله إليك.

"لما يحصل من المعاصي من الرين على القلب حتى يعمى عن الحق، وقد تصير كفرًا، أو أنه فعل كفعل الكافر الذي يقاتل المسلم."

لأنه ليس من شيمة المسلم أن يقاتل مسلمًا، وإنما هذه طريقة الكفار وهذا شأنهم.

أحسن الله إليك.

"وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث». متفق عليه.

 المراد بالتحذير التحذير من الظن بالمسلم شرًّا، نحو: {اجتنبوا كثيرًا من الظن} [الحجرات: 12]، والظن هو ما يخطر بالنفس من التجويز المحتمِل بالصحة والبطلان فيحكم به.."

يعني إذا كان هذا القول أو هذا الفعل يحتمِل أن يُحمَل على محمل صحيح وعلى محمَل باطل فلا ينبغي للمسلم أن يبادر إلى حمله على الباطل مع إمكان حمله على معنى صحيح.

أحسن الله إليك.

"فيحكم به، ويعمل عليه، كذا فسَّر الحديث في مختصر النهاية."

ومختصر النهاية الدر النثير في مختصر نهاية ابن الأثير للسيوطي.

أحسن الله إليك.

"وقال الخطابي: المراد التهمة ومحل التحذير والنهي إنما هو عن التهمة التي لا سبب لما يوجبها، كمن اتهم بالفاحشة، ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك. قال النووي: والمراد التحذير من تحقيق التهمة، والإصرار عليها، وتقررها في النفس دون ما يعرض وما يستقر، فإن هذا لا يكلف به كما في الحديث: «تجاوز الله عما تحدثت به الأمة أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل»."

يعني كونه خاطرًا و هاجسًا يمر بالبال، ببال الشخص أن هذا محل لكذا، أو يتوقع منه كذا فيطرده ليزول، ولا يغلب على ظنه أو يرتِّب عليه شيئًا أو يتكلم به فهذا معفو عنه.

أحسن الله إليك.

"ونقله عياض عن سفيان، والحديث وارد في حق من لم يظهر منه شر ولا فحش ولا فجور، ويقيد إطلاقه حديث: «احترسوا من الناس بسوء الظن». أخرجه الطبراني."

هذا ضعيف، هذا ضعيف جدًّا.

أحسن الله إليك.

"أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي والعسكري من حديث أنس مرفوعًا قال البيهقي: تفرد به بقية، وأخرج الديلمي عن علي- رضي الله عنه- موقوفًا: «الحزم سوء الظن»، وأخرجه.."

يحرم سوء الظن.. عندكم الحزم؟ المناسب للفظ احترسوا الحزم، وعلى كل حال ضعفه ظاهر.

أحسن الله إليك.

"وأخرجه القضاعي مرفوعًا من حديث عبد الرحمن بن عائذ مرسلاً، وكل طرقه ضعيفة، وبعضها يقوي بعضها، ويدل على أن لها أصلاً، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «أخوك البكري ولا تأمنه»، أخرجه الطبراني في الأوسط عن عمر، وأبو داود عن عمرو بن العاص."

عن عمرو؟

نعم عن عمرو بن العاص.

فعوى..

نعم في نسخة يقول في (ب) العفوى.

وما قال: الصواب كذا؟

لا.

ولا رجع إلى أبي داود؟

يقول: لم أعثر عليه.

ما عثر عليه؟

ما عثر عليه.

لعله في رواية لم تصل إليه.

كمِّل.

أحسن الله إليك.

"وقد قسَّم الزمخشري الظن إلى واجب ومندوب وحرام ومباح."

يعني على الأحكام الخمسة.

أحسن الله إليك.

"فالواجب حسن الظن بالله، والحرام سوء الظن به تعالى، وبكل من ظاهره العدالة من المسلمين، وهو المراد بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إياكم والظن» الحديث."

فإن الظن أكذب الحديث.

طالب: ...........

نعم.

طالب: .........

ماذا؟

طالب: ...........

نبحثه.. إن شاء الله..

خلاص راجعه...

أحسن الله إليك.

"والمندوب حسن الظن بمن ظاهره العدالة من المسلمين، والجائز مثل قول أبي بكر لعائشة: إنما هو أخوكِ أو أختكِ، لما وقع في قلبه أن الذي في بطن امرأته أنثى، ومن ذلك سوء الظن.."

إنما هما أخوَاك أو أختاك لما وقع في قلبه أن الذي في بطن امرأته اثنان.. ماذا عندك أنت؟

مثل ما قرأت أخوك أو أختك، ثم قال: في بطن امرأته أنثى.

في بطن امرأته اثنان..

ما علَّق عليه؟

لا.

راجعه.

 راجعه.

أحسن الله إليك.

"ومن ذلك سوء الظن بمن اشتهر بين الناس بمخالطة الرِّيَب والمجاهرة بالخبائث، فلا يحرم سوء الظن به؛ لأنه قد دل على نفسه، ومن ستر على نفسه لم يظن به إلا خير، ومن دخل في مداخل السوء اتهم، ومن هتك نفسه ظننا به السوء، أو ظننا به السَّوء، والذي يميْز الظنون.."

يميِّز.

"والذي يميِّز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها أن كل ما لا تعرف له أمارة صحيحة وسبب.."

لا بد من دليل أو قرينة قوية تقرب من الدليل.

أحسن الله إليك.

"أن كل ما لا تعرف له أمارة صحيحة وسبب ظاهر كان حرامًا واجب الاجتناب، وذلك كأهل الستر والصلاح ومن آنست منه الأمانة في الظاهر، ويقابله بعكس ذلك ذكر معناه في الكشاف.

 وقوله: «فإن الظن أكذب الحديث» سماه حديثا؛ لأنه حديث نفس، وإنما كان الظن أكذب الحديث؛ لأن الكذب لمخالفته الواقع من غير استناد إلى أمارة، وقبحه ظاهر لا يحتاج إلى إظهاره، وأما الظن فيزعم صاحبه أنه استند إلى شيء، ويخفى على السامع أنه كان كاذبًا حسب الغالب، فكان أكذب الحديث."

اللهم صل...

يكفي يكفي..

 

اللهم صل على محمد....