قرة عيون الموحدين - 18

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

قال المصنف رحمه الله تعالى الإمام المجدد:

باب قول الله تعالى {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [سورة القصص:56].

قال الشارح رحمنا الله تعالى وإياه ووالدينا ومشايخنا وجميع المسلمين:

قوله باب قول الله تعالى {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} [سورة القصص:56] قال ابن كثير"

فإذا كان هذا في حق النبي الذي جاء فيه وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم فكيف بغيره {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [سورة القصص:56] فالهداية جاءت بالنفي والإثبات، فالمنفية هي هداية التوفيق والقبول والإذعان، هذه لله-جل وعلا-وأما مجرد هداية الدلالة والإرشاد هذه له -عليه الصلاة والسلام-ولأتباعه.

أحسن الله إليك.

"قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- يقول تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم- إنك يا محمد لا تهدي من أحببت أي ليس إليك ذلك إنما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} [سورة البقرة:272] {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [سورة الأنعام:117] وقال {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [سورة يوسف:103] قلت والمنفي هاهنا هداية التوفيق والقبول فإنَّ أمر ذلك إلى الله وحده وهو القادر عليه، وأما الهداية المذكورة في قول الله تعالى {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة الشورى:52] فهداية الدلالة والبيان فهو المبيِّن عن الله والدال على دينه وشرعه قوله في الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعنده عبد الله بن أبي أمة وأبو جهل فقال له «يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله» فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب؟! فأعاد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأعادا فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول."

رؤوس الكفر يعرفون معنى كلمة التوحيد، يعني ما قالا له قل هذه الكلمة ترضي ابن أخيك وجامل ومش أمورك، يمكن أن تقال اليوم من أناس لا يفهمون، لكن من هؤلاء؟ هؤلاء العرب يفهمون مثل هذا الكلام، يفهمون النفي والإثبات؛ ولذلك منعوه، حالوا دونه وبين أن يقولها- نسأل الله السلامة والعافية-، وهذا مضرة جلساء السوء لاسيما في مثل هذه الظروف- نسأل الله السلامة والعافية- وكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب، مثل هذا الكلام القبيح لا يسنده الإنسان إلى نفسه، وإلا فقد أسنده أبو طالب إلى نفسه والرواة كلهم يتحاشون مثل هذا فيقولون هو على ملة عبد المطلب، وإلا فالأصل أن أبا طالب ذكره بضمير المتكلم ولكن الرواة يتحاشون مثل هذ،ا ومثل هذا من الأدب ألا ينسب الإنسان إلى نفسه المقالة الخبيثة وهو يستطيع أن يكني عنها، أما إذا اقتضى المقام التصريح ويختلف الحكم باختلاف التصريح والتعريض لا بد من التصريح، في حديث ماعز كل الرواة يتواردون على قوله "إني زنيتُ" لأن الحكم يختلف لأنه لو قال هو زنى ما أقيم عليه حد، وهو يريد إثبات الحد فالرواة كلهم يقولون هذا، لو تناقل الرواة قال ماعز هو زنى ما ثبت، يعني يثبت الحد بمثل هذا الكلام؟ ما يثبت فإذا كان الحكم يختلف من لفظ إلى آخر لا بد من التصريح بالمقصود.

أحسن الله عملك.

"وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «لأستغفرن لك ما لم أنه عنك» فأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ} [سورة التوبة:113]."

هذا الحرص من النبي -عليه الصلاة والسلام- من وفائه -عليه الصلاة والسلام- لهذا العم الذي دافع عنه وذب عن دعوته، لكن ما ينفع مع الكفر شيء، لا ينفع فيه شفاعة ولا تنفعهم شفاعة الشافعين وإلا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حرص وقال «لأستغفرن لك» بعد أن فاضت روحه على الكفر لكنه لا ينفعه ذلك.

"وأنزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} [سورة القصص:56] قوله في الصحيح أي الصحيحين وابن المسيب هو سعيد ابن المسيب بن حزن بن أبي وهب.."

حزن بالنون ترى بالنون..

حزن أي نعم أحسن الله إليك.

النبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يغيره إلى سهل فقال إن السهل يوطأ ومازالت الحزونة فيهم بالنون حزن بالنون.

أحسن الله إليك.

"وابن المسيب سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أحد العلماء والفقهاء الكبار السبعة من التابعين، اتفق أهل الحديث أن مراسيله أصح المراسيل قال ابن المديني.."

الفقهاء السبعة يجمعهم.

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

 

 

 

 

سعيد أبو بكر سليمان خارجة

 

 

السبعة.

طالب: أحسن الله إليك.. إذا قيل من في العلم سبعة أبحر..

هما بيتان لكن أجمعهما البيت الأخير.

"وقال ابن المديني لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين، وأبوه المسيَّب صحابي بقي إلى خلافة عثمان- رضي الله عنهما- وكذلك جده حزن صحابي استشهد باليمامة، قوله لما حضرت أبا طالب الوفاة أي علاماتها ومقدماتها قوله جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أن يكون المسيب حضر مع الاثنين فإنهما من بني مخزوم وهو أيضًا مخزومي وكان الثلاثة إذ ذاك كفارا فقتل أبو جهل على كفره وأسلم الآخران قوله «يا عم قل لا إله إلا الله» أمره بقولها لعلم أبي طالب بأنها دلت على نفي الشرك بالله وإخلاص العبادة له وحده فإن من قالها عن علم ويقين وقبول فقد أنكر الشرك وتبرأ منه وكذلك الحاضرون يعلمون بما دلت عليه من نفي الشرك والبراءة منه؛ ولهذا عارضوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- بقولهم أترغب عن ملة عبد المطلب.."

لما طلب منهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقولوا لا إله إلا الله قالوا أجعل الآلهة إلهًا واحدا، يعرفون يفهمون حال كثير من المسلمين يطوف على قبر ويقول لا إله إلا الله- نسأل الله السلامة والعافية-.

أحسن الله إليك.

"لأن ملة عبد المطلب الشرك بعبادة الأوثان كما كانت قريش وغيرهم في جاهليتهم كذلك، قوله كلمة قال القرطبي بالنصب على أنه بدل من لا إله إلا الله ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، قوله: أحاج لك بها عند الله لأنه لو قالها في تلك الحال لقبلت منه ودخل بها في الإسلام. قوله: فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب ذكَّراه الحجة الملعونة التي يحتج بها المشركون على المرسلين كقول فرعون لموسى {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} [سورة طـه:51] وكقوله تعالى {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} [سورة الزخرف:23] قوله "فأعاد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فأعادا" فيه مضرة أصحاب السوء والحذر من قربهم والاستماع لهم ففيه معنى قول الناظم."

إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم

 

 

 

ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

 

قوله "فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب وأبا أن يقول لا إله إلا الله" قال الحافظ هو تأكيد من الراوي في نفي وقوع ذلك من أبي طالب، قال المصنف- رحمه الله تعالى- وفيه الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه، قوله: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك» اللام لام القسم قال النووي فيه جواز الحلف من غير استحلاف قال ابن فارس.."

لحظة.

طالب: ............

كيف؟

طالب: ............

إسلام أبي طالب حتى زعموا إسلام عبد المطلب وأبوي النبي -عليه الصلاة والسلام- زعموا إسلامه.

طالب: ............

إيه لا لا، معروف هم يزعمون هذا، الرافضة كلهم يزعمون هذا.

طالب: تشمل الاثنين..

نعم كلهم.

أحسن الله إليك.

"قال ابن فارس مات أبو طالب ولرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر وأحد عشر يومًا، وتوفيت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها بعد موت أبي طالب بثمانيةَ أيام قوله فأنزل الله عز وجل.."

بثمانيةِ..

"بثمانيةِ أيام قوله فأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [سورة التوبة:113] والظاهر أن هذه الآية نزلت في أبي طالب فإن الإتيان بالفاء المفيدة للترتيب في قوله فأنزل الله بعد قوله «لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك» يفيد ذلك وقد ذكر العلماء لسبب نزول هذه الآية أسباب أخر فلا منافاة الآية الواحدة."

يتعدد السبب لنازل واحد وفي أكثر من قصة يقال حصل كذا فنزلت وهي آية واحدة، ولا مانع عند أهل العلم أن يتعدد السبب والنازل واحد لاسيما إذا كانت في أوقات متقاربة.

أحسن الله إليك.

"والآية الواحدة قد يتعدد نزولها وفيه تحريم الاستغفار للمشركين وموالاتهم ومحبتهم باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين."

بركة.