كتاب الصلاة (09)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "في باب ما يذكر في الفخذ:

 حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا إسماعيل بن علية قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما دخلنا القرية قال: «الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين»، قالها ثلاثًا، قال: وخرج القوم إلى أعمالهم فقالوا: محمد، قال عبد العزيز: وقال بعض أصحابنا: والخميس يعني الجيش، قال: فأصبناها عنوة، فجمع السبي فجاء دحية فقال: يا نبي الله، أعطني جارية من السبي قال: «اذهب فخذ جارية»، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلا لك، قال: «ادعوه بها»، فجاء بها، فلما نظر إليها النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «خذ جارية من السبي غيرها» قال: فأعتقها النبي –صلى الله عليه وسلم- وتزوجها.

 فقال له ثابت: يا أبا حمزة، ما أصدقها؟ قال: نفسها أعتقها وتزوجها، حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سُليم، فأهدتها له من الليل فأصبح النبي –صلى الله عليه وسلم- عروسًا، فقال: «من كان عنده شيء فليجئ به» وبسط نطعًا فجعل الرجل يجيء بالتمر، وجعل الرجل يجيء بالسمن.

قال: وأحسبه قد ذكر السويق، قال: فحاسوا حيسًا فكانت وليمة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-".

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

 فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في باب ما يذكر في الفخذ، وتقدَّمت الترجمة وما ذُكر فيها من المعلقات، ثم قال بعد ذلك في الحديث الموصول المشار إليه في الترجمة السابقة، وقال أنسٌ: حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه، إشارةً إلى الحديث الآتي الموصول في هذا الباب.

 قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم هو الدورقي، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الذي يقال له: ابن علية، كان الإمام أحمد لا يقول: ابن علية، يعني يكره ذلك؛ لأن علية أمه، الذي يقال له: ابن علية، فيكره ذلك الإمام أحمد؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}[الأحزاب:5]، مع أنه عُرف عن أهل العلم أنه إذا اشتهر شخص بأمه دُعي بها، ودخل النبي –صلى الله عليه وسلم- المسجد وهو حاملٌ أمامة بنت زينب، بنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، حاملٌ أمامة بنت زينب، فنسبوها لأمها لشرف النسبة؛ لأن زينب بنت النبي -عليه الصلاة والسلام- وأباها أبو العاص بن الربيع، وهنا الإمام أحمد يتورع عن قول إسماعيل ابن علية؛ لأنه قال: الذي يقال له: ابن علية، ليخرج من تبعة هذه النسبة بإضافتها إلى غيره -رحمه الله-، قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس وهو ابن مالك خادم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- غزا خيبر، غزا خيبر، خيبر سنة سبع للهجرة، وعمر أنس كم عمر أنس؟ خدم رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.

طالب:...

لا، أكثر، لما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- كان عمره عشرًا، يعني سبع عشرة، غزا خيبر فصلينا عندها، يعني قربها قبل أن ندخلها، صلاة الغداة وهي صلاة الفجر، ويستدلون بمثل هذا على جواز إطلاق الغداة على الفجر من غير كراهة، وإن كرهوا العتمة بالنسبة لصلاة العشاء، وجاء إطلاق العتمة عليها، ولكنه خلاف الأولى، صلاة الغداة بغلس بظلام، يعني في أول وقتها، وركب نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، ما علاقة أنس بأبي طلحة؟ زوج أمه، فأجرى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- يعني فرسه، في زقاق خيبر، الزقاق السوق، وتخَصُّ بها الضيقة، يعني السكك الضيقة، فأجرى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو الشاهد، وأن الفخذ كانت بادية ظاهرة، ولو كانت مغطاة ما مستها ركبة أنس، لكن هل خروجها باختيار؟ باختيار وقصد أو أنها مع جريان الفرس تنكشف؟

 احتمال، ثم حسر الإزار عن فخذه هذا يحتمل؟ فيه احتمال هذا؟ لا.

 ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن هل مثل هذا يغتفر إذا احتيج إليه في الكر والفر والجهاد، أو أنه من باب أن الفخذ ليس بعورة؟ من يقول: الفخذ عورة كما تقدَّم في حديث جرهد ومن معه، «غطِّ فخذك، فإن الفخذ عورة»، يقول مثل هذا في ظروفٍ تقتضيها الحاجة.

طالب:...

نعم. ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما دخل القرية قال: «الله أكبر خربت خيبر»؛ لأنهم استقبلوه بالفؤوس والمكاتل، هم خرجوا لأعمالهم لزراعتهم ما علموا به.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ما علموا بقدومه -عليه الصلاة والسلام-، استقبلوه بالفؤوس والمكاتل، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين»، «إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» قالها ثلاثًا؛ لأن النصر له -عليه الصلاة والسلام-، وهذه مقدمات النصر أن خرجوا غارين ما يعرفون شيئًا، غير مستعدين لقتال، قالها ثلاثًا، قال: وخرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمدٌ! قالوا: محمد، يعني هذا محمد، قال عبد العزيز يعني ابن صهيب الراوي عن أنس: وقال بعض أصحابنا: والخميس، قالوا: هذا محمد والخميس، يعني الجيش، يسمون الجيش خميسًا؛ لأنه يُقسَّم إلى خمسة أقسام: القلب والميمنة والميسرة والمقدمة والساقة.

 قال: فأصبناها عنوة يعني فتحنا خيبر عنوة، وليست صلحًا، فجُمِع السبي، جُمِع السبي من النساء والذراري والأموال، فجاء دحية بن خليفة الكلبي المعروف الذي يأتي جبريل على صورته لجماله، وقال: يا نبي الله، أعطني جارية من السبي، يا رسول الله أعطني جارية من السبي، فقال: «اذهب فخُذ جارية»، فأخذ صفية بنت حيي، اختيار، سيدتهم وابنة سيدهم، صفية بنت حيي يعني ابن أخطب، فجاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلا لك. سيدة لا تصلح إلا لمثلك سيد، قال: «ادعوه» يعني ادعوا دحية، نادوا دحية.

طالب:...

ما يعرف.

طالب:...

رأوها، السبي مجموع في مكان.

 قال: «ادعوه بها» ليأتي هو وإياها، فجاء بها، فلما نظر إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «خذ جارية من السبي غيرها»، «خذ جارية من السبي غيرها» ليس هذا رجوع في الهبة والعطية لا، وإنما النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عينها من الأصل، وقبضها دحية قبل بعد تعيينها لا، هو اختار، قال: «خذ جارية من السبي غيرها» قال: فأعتقها النبي –صلى الله عليه وسلم- وتزوجها، يعني تزوجها وجعل عتقها صداقها، أعتقها وجعل هذا العتق هو الصداق، وتزوجها، يرِد هل أنه تزوجها وجعل عتقها صداقها ثم أعتقها وجعل عتقها صداقها، أو أنه أعتقها ثم تزوجها؟ أيهما السابق؟

طالب:...

العتق إذا صارت حرة ملكت نفسها تحتاج إلى صداق.

طالب:...

يعني مقرونًا بالنكاح، العتق مقرون بالنكاح لا أنه أعتقها، ثم ملكت نفسها وصارت حرة ثم تزوجها؛ لأنها تحتاج أن تكون امرأة كسائر النساء، قال: فأعتقها النبي –صلى الله عليه وسلم- وتزوجها.

 فقال له ثابت: يا أبا حمزة! هذه كنية أنس بن مالك، ما أصدقها؟ قال: نفسها، أعتقها وتزوجها هاه؟ قال: نفسها يعني أصدقها نفسها، أعتقها وتزوجها، وجاء في الثلاثة الذين يؤتَون أجرهم مرتين رجل ملك جارية جارية فأدبها وأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها، حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سُليم.

طالب:...

أم أنس بن مالك، أم أنس بن مالك، جهزتها له أم سُليم فأهدتها له من الليل، يعني دخل بها من الليل، فأصبح النبي –صلى الله عليه وسلم- عروسًا، عروس أم عريس؟

طالب:...

خلنا نشوف ماذا يقول.

طالب:...

كلاهما.

طالب:...

فأصبح النبي –صلى الله عليه وسلم- عروسًا.

طالب:...

هذا هو عندك ماذا أصح من هذا؟

البخاري وعلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مطلق.

فقال: «من كان عنده شيء» يعني من الطعام «فيجيء به» هذه وليمة أكرم خلق الله عليه، يعني إذا أولم الرجل من سائر الناس ومن عاديهم فانظر إلى ما يبذل من الأموال ومن السرف والكبر والخيلاء مما يرمى أكثره في القمامات، وبسط نِطعًا، بساطًا، وفي الغالب يكون من أدَم، فجعل الرجل يجيء بالتمر يجيء بتمر يضعه على هذا النطع، وجعل الرجل يجيء بالسمن، قال: وأحسبه قد ذكر السويق، يعني جُمِّعت الوليمة من أزواد الناس، من أشياء يسيرة يأتي بها هذا وذاك، ومتنوعة، فتكون وليمة أشرف الخلق.

 وأحسبه قد ذكر السويق قال: فحاسوا حيسًا، يعني خلطوا هذه الأشياء، عرضوها على النار، صارت حَيسًا.

 وإذا تكون كريهة أدعى لها          وإذا يحاس الحَيس يدعى جندب

 وإذا تكون كريهة أدعى لها          وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

 قال: فحاسوا حيسًا فكانت وليمة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. الإمام البخاري أخرج هذا الحديث في ستة وثلاثين موضعًا، وجرت عادته -رحمه الله- أنه يكرر الأحاديث بحسب ما يستنبط منها من الأحكام، وقد يذكر في باب ما لم يذكره في باب آخر وقد يقطع الحديث بحسب الحاجة إلى شيء من جُمَله، ويأتي بجملة أخرى منه في وضع آخر وهكذا، هذه طريقته، ولا يجمع الحديث في موضع واحد، كما يصنعه غيره كالإمام مسلم وغيره، لكن البخاري كرر هذا الحديث في ستة وثلاثين موضعًا -رحمه الله-.

قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: قوله: (حدثنا يعقوب بن إبراهيم) هو الدورقي. قوله: (فصلينا عندها) أي خارجًا منها. قوله: (صلاة الغداة) فيه جواز إطلاق ذلك على صلاة الصبح، خلافًا لمن كرهه. قوله: (وأنا رديف أبي طلحة) فيه جواز الإرداف، ومحله ما إذا كانت الدابة مطيقة".

أما إذا كانت لا تطيق فيكون شاقًّا عليها وظلمًا لها، فلا يجوز؛ لأنها تحس، وتتألم، ولا يجوز فعل ما يؤذي الدواب، ولكن زيادة الحمل على السيارات هذا إذا كانت الدابة ذات روح وذات إحساس لا يجوز، لكن إذا كانت سيارة سيارة حمولتها طن، يحمل عليها اثنين؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

وإذا كان يتلفها فهذا لا إشكال في المنع؛ لأنه من إتلاف المال.

طالب:...

وقد يتلف الطريق على المسلمين، فهو ممنوع من أكثر من وجه، ما يقول: سيارتي وحديدي ما تتألم ولا تتأثر.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

"قوله: (فأجرى نبي الله -صلى الله عليه وسلم-) أي مركوبه. قوله: (وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم- ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر)، وفي رواية الكشميهني: (لأنظر)، (إلى بياض فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-). هكذا وقع في رواية البخاري: (ثم إنه حسر، والصواب أنه عنده بفتح المهملتين، ويدل على ذلك تعليقه الماضي في أوائل الباب حيث قال: وقال أنس: حسر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وضبطه بعضهم بضم أوله وكسر ثانيه على البناء للمفعول بدليل رواية مسلم: (فانحسر)".

أي حُسِرَ حُسِرَ. الضبط الثاني بضم أوله وكسر ثانيه حُسِر، ورواية مسلم انحسر، فيكون الفاعل غيره -عليه الصلاة والسلام- بخلاف اللفظ المبني للمعلوم حسر.

"وليس ذلك بمستقيم، إذ لا يلزم من وقوعه كذلك في رواية مسلم أن لا يقع عند البخاري على خلافه، ويكفي في كونه عند البخاري بفتحتين ما تقدم من التعليق. وقد وافق مسلمًا على روايته بلفظ: فانحسرأحمد بن حنبل عن ابن علية، وكذا رواه الطبراني عن يعقوب شيخ البخاري".

طالب: يا شيخ يقول: تحرف في عين وسين إلى الطبراني، وتصويبه من ألف؛ إذ إن يعقوب الدورقي أحد شيوخ ابن جرير الطبري، والظاهر أنه أخرج هذا الحديث في كتابه تهذيب الآثار كما يُفهم من كلام الشارح لاحقًا.

لأنه نسب القول لابن جرير، وقد صرح في تهذيب الآثار بخلافه كما سيأتي، انحسر ماذا يسمى هذا الفعل؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

كلنا نعرفه أنه ماضٍ، لكن له اسم خاص به مطاوع، حسرته فانحسر، كسرته فانكسر يقولون: مطاوع.

"وقد وافق مسلمًا على روايته بلفظ: فانحسر أحمد بن حنبل عن ابن علية، وكذا رواه الطبري عن يعقوب شيخ البخاري".

لحظة لحظة، خلونا نصحح.

"ورواه الإسماعيلي عن القاسم بن زكريا عن يعقوب المذكور ولفظه: (فأجرى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- في زقاق خيبر إذ خرَّ الإزار".

خر يعني سقط.

طالب:...

خرَّ يعني بغير قصد نعم.

"قال الإسماعيلي: هكذا وقع عندي خرَّ بالخاء المعجمة والراء، فإن كان محفوظًا فليس فيه دليل على ما ترجم به، وإن كانت روايته هي المحفوظة فهي دالة على أن الفخذ ليست بعورة. انتهى".

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ما هي؟

طالب:...

كل شيء، نعم.

طالب:...

لا، أشد مما هو أشد من الفخذ.

"انتهى، وهذا مصير منه إلى أن رواية البخاري بفتحتين كما قدمناه، أي كشف الإزار عن فخذه عند سوق مركوبه؛ ليتمكن من ذلك. قال القرطبي: حديث أنس وما معه إنما ورد في قضايا معينة في أوقات مخصوصة يتطرق إليها من احتمال الخصوصية، أو البقاء على أصل الإباحة ما لا يتطرق إلى حديث جرهد وما معه; لأنه يتضمن إعطاء حكمٍ كلي وإظهار شرع عام، فكان العمل به أولى. ولعل هذا هو مراد المصنف بقوله: وحديث جرهد أحوط".

وهذه القضايا التي فيها هدي النبي –صلى الله عليه وسلم- حسر فخذه أو انحسر الإزار عن فخذه أو خرَّ الإزار عن فخذه كلها تحتمل، فيها احتمالات، وللتأويل فيها مجال، وليست نصًّا في المراد، بخلاف «غط فخذك فإن الفخذ عورة» هذا ما يحتمل شيئًا، ولذلك قال البخاري: حديث جرهد أحوط، ولكن هذه الأحاديث التي سيقت كلها أقوى من حديث جرهد من حيث الإسناد؛ لأنها في الصحيح.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

مقدَّم على فعله يستعملونها كثيرًا، قوله مقدَّم على فعله، والفعل يحتمل الخصوصية، والفعل يحتمل الخصوصية، السؤال: هل كشف الفخذ أكمل أو تغطيته؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

والأولى والأليق بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فعل الأكمل أو الأدنى؟

طالب:...

لا شك، ما يقال مثل هذا، ما يقال هذا من فعله، وهذا خاص به، مثل ما قالوا في قضايا كثيرة.

طالب:...

أنت تريد أن تقول: هذا خاصٌ به -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:...

فعله من باب الخصوصية له لا لغيره.

طالب:...

ما تقول: خصوصية، ما تكون خصوصية، النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى بالكمال من غيره، وسقنا له نظائر كثيرة مرت بنا في الدروس، ماذا منها؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

نعم، استقبال القبلة، لما قالوا: استقبل حديث ابن عمر قالوا: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، استقبال القبلة في حال قضاء الحاجة كما في حديث ابن عمر، وقالوا: أعظم منه خاص، هل الأولى باحترام القبلة النبي -عليه الصلاة والسلام- أو غيره؟

طالب:...

من هذا النوع، نعم.

طالب:...

لا، هو الأحوط؛ لأن حديث جرهد منهم من حسَّنه واقتصر على التحسين، الترمذي قال: حسن صحيح، ومعروف أن الترمذي فيه تساهل في التصحيح، فيبقى الحكم أنه حسن، والحديث الحسن لا يُعارَض به الأحاديث الصحيحة التي جاءت في الصحيحين.

طالب:...

لا لا، ما هو، متغايرتان المسألة.

طالب:...

النصوص، التغطية أقوى، وهنا من حيث الإسناد الحسر أقوى، عرفت الفرق؟ ولا شك أن الاحتياط فيما قاله البخاري معروف نعم.

"قال النووي -رحمه الله-: ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة، وعن أحمد ومالك في رواية: العورة القبل والدبر فقط، وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والاصطخري.

قلت: في ثبوت ذلك عن ابن جرير نظر، فقد ذكر المسألة في تهذيبه، ورد على من زعم أن الفخذ ليست بعورة، ومما احتجوا به قول أنس في هذا الحديث: "وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم -"، إذ ظاهره أن المس كان بدون الحائل، ومس العورة بدون حائل لا يجوز".

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

على كل حال المس هذا هل هو مقصود أم في كر وفر وقتال؟

طالب:...

وفي مكان ضيق.

طالب:...

نعم.

طالب:...

لا، ما يمكن أن يحصل عن قصد، ما يمس؛ لأن المس لا يكون إلا بدون حائل.

"وعلى رواية مسلم ومن تابعه في أن الإزار لم ينكشف بقصد منه -صلى الله عليه وسلم- يمكن الاستدلال على أن الفخذ ليست بعورة من جهة استمراره على ذلك; لأنه وإن جاز وقوعه من غير قصد لكن لو كانت عورة لم يقَرَّ على ذلك؛ لمكان عصمته -صلى الله عليه وسلم-، ولو فرض أن ذلك وقع لبيان التشريع لغير المختار لكان ممكنًا، لكن فيه نظر من جهة أنه كان يتعين حينئذٍ البيان عقبه كما في قضية السهو في الصلاة، وسياقه عند أبي عوانة والجوزقي من طريق عبد الوارث عن عبد العزيز ظاهر في استمرار ذلك، ولفظه: "فأجرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، وإني لأرى بياض فخذيه".

طالب:...

إلى العورة، دليل على جواز كشفه.

طالب:...

الركبة معروف أنها ليست من العورة، معروف، الكلام في الفخذ، وإذا انكشف فخذه -عليه الصلاة والسلام- لحاجة في حرب وكر وفر ومكان ضيق فلأن ينكشف ركبة أنس من باب أولى نعم.

طالب:...

الدواب الدواب كلها من لازم ركوبها الانكشاف.

طالب:...

نعم، يمكن التحفظ، الآن أنت إذا ركبت السيارة ورفعت رجلًا أما ينكشف ساقك وأنت ما تريد أن ينكشف، وجرت عادتك أنك تغطي ساقيك، لكن الذي ينكشف من غير قصد، والحاجة تدعو إليه، يعني يرتفع الثوب من أجل الركوب، هذه السيارات التي هي نصف متر ذراع واحد، ترفع رجلك فكيف بالإبل والخيل؟

طالب:...

نعم، الذي ليس من لازمه أن حال السعة يمكن للإنسان أن يحتاط، الحال في السعة والاختيار يمكن للإنسان الاحتياط، لكن في مثل هذه الظروف لا يمكن.

طالب:...

نعم، مع ضيق الحال ومع العجلة وضيق الوقت.

طالب:...

الذين يرحلون، يرحلون رحلة، نعم.

طالب:...

مهما يقال، الفخذ بحائل ما فيه شيء تلمسه، ثياب رجل ما يضر.

طالب:...

كل هذا على هذا الاحتمال أنه انحسر يعني بدون حائل، هذا هو الأصل.

"قوله: (فلما دخل القرية قال: «الله أكبر، خربت خيبر») قيل: مناسبة ذلك القول أنهم استقبلوا الناس بمساحيهم ومكاتلهم، وهي من آلات الهدم".

يعني من باب التفاؤل. فيكون هذا من باب التفاؤل نعم.

طالب:...

نعم، مالهم ومزارعهم، ما دروا بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:...

لا، هذا بالنسبة للمسلمين طيب، هذا الفأل بالنسبة للمسلمين طيب.

"قوله: (قال عبد العزيز) هو الراوي عن أنس، (وقال بعض أصحابنا) أي أنه لم يسمع من أنس هذه اللفظة، بل سمع منه (فقالوا: محمد)، وسمع من بعض أصحابه عنه: (والخميس)، ووقع في رواية أبي عوانة والجوزقي المذكورة: "فقالوا: محمد والخميس" من غير تفصيل، فدلت رواية ابن علية هذه على أن في رواية عبد الوارث إدراجًا، وكذا وقع لحماد بن زيد عن عبد العزيز وثابت كما سيأتي في آخر صلاة الخوف. وبعض أصحاب عبد العزيز يحتمل أن يكون محمد بن سيرين، فقد أخرجه البخاري من طريقه، أو ثابتًا البناني، فقد أخرجه مسلم من طريقه.

قوله: (يعني الجيش) تفسير من عبد العزيز أو ممن دونه".

يعني تفسير المبهم بمحمد بن سيرين أو ثابت البناني؛ لأنه روي عن هذا وعن هذا، فيصحُّ أن يفسر بهذا، والبعض قد تطلق على أكثر من واحد، بعض أصحابنا قد يكون من الاثنين.

"وأدرجها عبد الوارث في روايته أيضًا، وسمي خميسًا; لأنه خمسة أقسام: مقدمة، وساقة، وقلب، وجناحان".

وجناحان هما الميمنة والميسرة.

"وقيل من تخميس الغنيمة، وتعقبه الأزهري بأن التخميس إنما ثبت بالشرع، وقد كان أهل الجاهلية يسمون الجيش خميسًا، فبان أن القول الأول أولى.

قوله: (عنوة) بفتح المهملة، أي قهرًا. قوله: (أعطني جارية) يحتمل أن يكون إذنه له في أخذ الجارية على سبيل التنفيل له إما من أصل الغنيمة أو من خمس الخمس بعد أن ميز، أو قبل على أن تحسب منه إذا ميز، أو أذن له في أخذها؛ لتقوم عليه بعد ذلك وتحسب من سهمه. قوله: (فأخذ) أي فذهب فأخذ. قوله: (فجاء رجل) لم أقف على اسمه. قوله: «خذ جارية من السبي غيرها» ذكر الشافعي في "الأم" عن "سير الواقدي".

الرجل الذي جاء هل هو حاسد أم ناصح؟

طالب:...

هو ناصح للنبي -عليه الصلاة والسلام- نعم.

"قوله: «خذ جارية من السبي غيرها» ذكر الشافعي في "الأم" عن "سير الواقدي" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه أخت كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق. انتهى. وكان كنانة زوج صفية، فكأنه -صلى الله عليه وسلم- طيب خاطره لما استرجع منه صفية بأن أعطاه أخت زوجها، واسترجاع النبي -صلى الله عليه وسلم- صفية منه محمولٌ".

يعني لما أخذ رد رئيس القوم سيدتهم عوضه بامرأة لها نوع رئاسة، لها نوع رئاسة، وإن لم تكن كتلك.

"على أنه إنما أذن له في أخذ جارية من حشو السبي لا في أخذ أفضلهن، فجاز استرجاعها منه؛ لئلا يتميز بها على باقي الجيش مع أن فيهم من هو أفضل منه. ووقع في رواية لمسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى صفية منه بسبعة أرؤس، وإطلاق الشراء على ذلك على سبيل المجاز، وليس في قوله: "سبعة أرؤس" ما ينافي قوله هنا: "خذ جارية"؛ إذ ليس هنا دلالة على نفي الزيادة. وسنذكر بقية هذا الحديث في غزوة خيبر من كتاب المغازي، والكلام على قوله: "أعتقها وتزوجها" في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى.

 قوله: (فقال له) أي لأنس، وثابت هو البناني".

سبعة أرؤس من الغنم، أو من الإبل، ما هو من الجواري سبعة جواري، وقال له: خذ غيرها، وزاده سبعة أرؤس، فيه ما يمنع؟

"قوله: (فقال له) أي لأنس، وثابت هو البناني وأبو حمزة كنية أنس، وأم سليم والدة أنس.  قوله: (فأهدتها) أي زفتها. قوله: (وأحسبه) أي أنسًا (قد ذكر السويق)، وجزم عبد الوارث في روايته بذكر السويق فيه. قوله: (فحاسوا) بمهملتين أي خلطوا، والحيس بفتح أوله خليط السمن والتمر والأقط، قال الشاعر: التمر التمر والسمن جميعًا والأقط الحيس إلا أنه لم يختلط وقد يختلط مع هذه الثلاثة غيرها كالسويق، وسيأتي بقية فوائد ذلك في كتاب الوليمة إن شاء الله تعالى".

في غزوة بني المصطلق جاء الاستبراء بحيضة.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب في كم تصلي المرأة في الثياب، وقال عكرمة: لو وارت جسدها في ثوب لأجزأته". 

لأجزته.

نعم، "وقال عكرمة: لو وارت جسدها في ثوب لأجزته.

 حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني عروة أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات، متلفعات في مُرُطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد".

قال -رحمه الله-: في كم تصلي المرأة؟ يعني كم ثوبًا من الثياب تصلي المرأة، هل يكفي واحد، أو اثنان، أو تتعدد؟ يُكتفَى بما يغطي البدن فقط؟ أو مفصلة درع وخمار؟ وغير ذلك مما قيل في هذا الباب، البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم هذه الترجمة، وذكر في النصوص ما يدل على مراده، وقال عكرمة مولى ابن عباس: لو وارت جسدها في ثوب لأجزته، يسأل كثير من النساء أن لو عليها ملابس داخلية قصيرة جدًّا ثم جاءت بما يسمونه الجلال الذي يغطي جميع البدن ووارت بدنها فيه من أعلاه إلى أسفله بحيث لا يظهر منه شيء، وتحته ما فيه شيء أو كانت عريانة، ما عليها شيء، أو شبه عريانة، ثم لفت بدنها بثوب بحيث يغطيه كله، بحيث لا يكون يبين ما تحت هذا الثوب، صفيق يغطي الثوب، وتكثر الأسئلة مع تنوع الألبسة حول النساء، هل تصلي في البنطلون؟ هل تصلي في كذا؟ هل تصلي؟

 توسع الناس في هذا الأمر، وإلا فالصلاة موضع سكينة وخشوع وموضع زينة، وأخذ الزينة بما يناسب الشرع، ما هو بأخذ الزينة التي تلبسها في المناسبات أو غير ذلك، ليست هذه الزينة المطلوبة، {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف:31] يعني عند كل صلاة، فتأخذ من الزينة ما يناسب الصلاة بحيث لا يبدو من بدنها شيء، وكونه واحدًا أو أكثر من واحد الكمال شيء، والواجب شيء آخر.

 قال: لأجزته، قال عكرمة: لو وارت جسدها في ثوب لأجزته، يعني رأيت ذلك جائزًا.

 قال: حدثنا أبو اليمان واسمه الحكم بن نافع، قال: أخبرنا شعيب هو ابن أبي حمزة، عن الزهري الإمام المشهور قال: أخبرني عروة يعني ابن الزبير، أن عائشة قالت: لقد كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يصلي الفجر فيشهد معه نساء، فيشهد نساء من المؤمنات متلفعات يعني متلففات في مروطهن، المرط الثوب الواسع الذي يستوعب البدن كله، ثم يرجعن إلى بيوتهن، ما يعرفهن أحد إما من التلفف وزيادة الاحتياط أو من الغلس، كما جاء في رواية، ما يعرفهن أحد من الغلس، يعني الصلاة في أول وقتها.

قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: (باب) بالتنوين، (في كم) بحذف المميز أي كم ثوبًا، (تصلي المرأة) من الثياب، قال ابن المنذر بعد أن حكى عن الجمهور أن الواجب على المرأة أن تصلي في درع وخمار: المراد بذلك تغطية بدنها ورأسها، فلو كان الثوب واسعًا فغطت رأسها بفضله جاز.

قال: وما رويناه عن عطاء أنه قال: تصلي في درع وخمار وإزار، وعن ابن سيرين مثله، وزاد: "وملحفة"، فإني أظنه محمولاً على الاستحباب.

 قوله: (وقال عكرمة) يعني مولى ابن عباس".

«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»، «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» المقصود بذلك ما يغطي الرأس، المقصود بذلك ما يغطي الرأس.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا لا لا يا ابن الحلال، أنت فهمت ذا؟

طالب:...

بالغة.

"قوله: (جاز)، وفي رواية الكشميهني: "لأجزته" بفتح الجيم وسكون الزاي، وأثره هذا وصله عبد الرزاق ولفظه: لو أخذت المرأة ثوبًا فتقنعت به حتى لا يُرى من شعرها شيء أجزأ عنها. قوله: (أن عائشة قالت: لقد) اللام في لقد جواب قسم محذوف.

قوله: (متلفعات)، قال الأصمعي: التلفع أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك، وفي شرح الموطأ لابن حبيب: التلفع لا يكون إلا بتغطية الرأس، والتلفف يكون بتغطية الرأس وكشفه".

يعني التفريق بين التلفع والتلفف في الرأس، إن غُطي الرأس فهو تلفع، وإن كُشف فهو تلفف.

"و(المروط) جمع مِرط بكسر أوله، كساء من خز أو صوف أو غيره. وعن النضر بن شميل ما يقتضى أنه خاص بلبس النساء. وقد اعترض على استدلال المصنف به على جواز صلاة المرأة في الثوب الواحد بأن الالتفاع المذكور يحتمل أن يكون فوق ثياب أخرى. والجواب عنه أنه تمسك بأن الأصل عدم الزيادة على ما ذكر، على أنه لم يصرح بشيء إلا أن اختياره يؤخذ في العادة من الآثار التي يودعها في الترجمة.

 قوله: (ما يعرفهن أحد) زاد في المواقيت: "من الغلس"، وهو يعين أحد الاحتمالين: هل عدم المعرفة بهن لبقاء الظلمة، أو لمبالغتهن في التغطية؟ وسيأتي الكلام على بقية مباحثه في المواقيت إن شاء الله تعالى".

نعم.

طالب:...

نعم، مذهبهم.

طالب:...

الحنفية عندهم الإسفار أفضل من التعجيل، وجاء الأمر به، لكن أحاديث التعجيل أصح وأكثر وأقوى.

طالب:...

 لا لا، ما يترك الجماعة، الصلاة في جميع الوقت مجزئة، ما تترك الجماعة لهذا.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "بابٌ إذا صلى في ثوب له أعلام، ونظر إلى علمها، حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: حدثنا ابن شهاب عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي». وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة، فأخاف أن تفتنني»".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: بابٌ إذا صلى في ثوب له أعلام، خطوط أو نقوش أو شيء يلفت النظر بحيث ينشغل به المصلي، فنظر إليها، وانشغل بها وانفتن بها، كادت أن تفتنني يعني إيش؟

تشغلني عن صلاتي، وما أكثر ما يفتن ويشغل عن الصلاة في هذه الأيام، من المباحات ومن المحرمات مع الأسف، تجد الشخص يترك الجوال يرزح في الموسيقى المحرمة، والناس في صلواتهم، يؤذي المؤمنين بجواله، ويستحق ما جاء في سورة الأحزاب بسبب هذا الأذى في أخص عبادات المسلمين، ويكون مشبهًا في ذلك للنصارى، الذين يستمعون إلى الموسيقى من أول ما يدخلون بالصلاة إلى آخره، نسأل الله العافية.

وكان الإنكار قويًّا في أول الأمر على من يُسمَع منه هذا الشيء، ثم تساهل الناس شيئًا فشيئًا، لا لذهاب الغيرة، الغيرة موجودة، ويوجد من يتكلم، لكن يأسًا؛ لأن أكثر أهل هذه الجوالات أعاجم حتى لو تكلمت بعد الصلاة ما يدري ماذا تقول، هذه مشكلة، لا بد من حلها وتضافر الجهود على إيجاد حل يفهمه الجميع، إن كتبت ما انتبه، وإن تكلمت ما فهم، وعند بعضهم أن مجرد الحركة تبطل الصلاة، من الوافدين من المشرق، وكونه يمد يده ليغلق الجوال يدخل في هذا، فيتركونه إلى أن ينتهي، وما يدري عن هؤلاء الذين انشغلوا بهذه الموسيقى، الأصل في المسلم أنه يغار على دينه، فإذا وجد هذا الصوت المحرم يعني أنت لا ترى المحرم، غيرك يرى المحرم، فأنت تؤذيه بهذا، تسمعه ما لا يرتضيه، ويتأثم به.

 ومع الأسف أن الأمور مشت، ووجد مع الأسف، والله إني سألت عن واحد، سألت أين صاحب الجوال؟ طوَّل أخذ ركعة كاملة، وسألت لما سلمنا قالوا هذا، من أهل البلد، وملتحٍ وعلامات الصلاة عليه ظاهرة، والله إن هذا الحاصل، فكأنه يقول: إن الجوال تغيرت نغمته من غير قصد وما أدري ماذا يسمونه، قد يحصل هذا، المقصود أن مثل هذه الأمور يحتاط لها المسلم، فإذا دخل المسجد فإما أن يغلقه أو يجعله على الصامت، وإذا خرج لاحقًا على أمور دنياه، الله المستعان.

طالب:...

ليس بشيء، قافل.

طالب:...

أنا رأيت واحدًا من المشارقة ولك به صلة قوية، رنَّ الجوال في جيب جاره في الصلاة، هذا أدخل يده في جيب جاره، وأخرج الجوال وأغلقه، وهذا معروف من المشايخ أن لهم غيرة، ولا يصبر على مثل هذه الأمور، عرفته؟

طالب:...

إذا خلاه صامتًا ما يشتغل.

طالب:...

الجهة منفكة. نعم. الله المستعان، أنت خبير بهذه الأمور.

طالب:...

الله المستعان، الله المستعان.

طالب:...

قال لك ما تعرف.

طالب:...

تريد أن تأتي.

طالب:...

مجرد الثياب هل تستر العورة بهذا النوع أو لا؟

طالب:...

سيأتي على التصاوير تصاوير وتصاليب، لكن هذه لمجرد إشغالها للمصلي، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «كادت أن تفتنني»، ثوب فيه خطوط، هذا من أسهل ما يوجد عندنا، حيطان المساجد مزخرفة، والإشكال أن بعض المساجد المزخرفة يشرف عليها طلاب علم، والله المستعان.

طالب:...

هذا العبرة بمتوسط الناس، بأوساطهم، بعض الناس لا يدخله سوق أو مول على ما تقولون، ما ينشغل، بعضهم ينشغل لأدنى شيء كما قالوا في غيرها من الأمور كالنجاسة المعفو عنها والشيء اليسير متى يعفا عنه، يختلف الناس فيه.

 قال -رحمه الله-: "حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: حدثنا ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في خميصة لها أعلام" يعني فيها خطوط، "فنظر إلى أعلامها نظرة، قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم»" جهم أم جهيم؟

طالب:...

نعم، جاء في الحديث الصحيح حديث ابن الصماء، وهو؟

طالب:...

ابحث تجده. أقبل النبي -عليه الصلاة والسلام- من نحو بئر جمل؟

طالب:...

الحديث الذي لم يوصل في صحيح مسلم، نعم.

طالب:...

صحّ. ما شاء الله عليك. استعن بالآلة.

طالب:...

"«اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي»"، يعني شغلتني عنها، وهذه هي الفتنة التي أشار إليها، هذه هي الفتنة التي أشار إليها فيما بعد، "وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة، فأخاف أن تفتنني» تفتنه، الشغل، تشغله، ومنه الفتنة في المال، والفتنة في الأهل، يعني الانشغال بهم عما هو أهم منهم، وهذه كما قال في الحديث: تكفرها الصلوات وغيرها.

 اقرأ لعله يذكره. لعله يذكره الشارح.

طالب:...

ماذا؟ أي سند؟

طالب:...

نعم. هل هذا معلَّق، أو بالسند السابق؟ وحيث يريد التعليق يأتي بالواو، حيث يريد التعليق يأتي بالواو هذا كلام ابن حجر، وهذا في صفحة؟

طالب:...

نعم. وذكرنا ما يخرج عن هذه القاعدة التي قعَّدها.

طالب:...

بالأرقام بالأحاديث.

طالب:...

واحد وعشرين؟

طالب:...

قالت عائشة، قالت بدون واو، هو بالإسناد الذي قبله وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف وغيره كثيرًا، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، سمعت؟ وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، والذي عندنا هنا فيه الواو، لكن الاستقراء ليس بتام؛ لأن عندي نماذج بالعكس، نعم.

قال -رحمه الله-: "قوله: (باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها) قال الكرماني: في رواية "ونظر إلى علمه"، والتأنيث في علمها باعتبار الخميصة. قوله: (خميصة) بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة، كساءٌ مربع له علمان، والأنبجانية بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء النسبة: كساء غليظ لا علم له، وقال ثعلب: يجوز فتح همزته وكسرها، وكذا الموحدة، يقال: كبش أنبجاني إذا كان ملتفًّا، كثير الصوف. وكساء أنبجاني كذلك، وأنكر أبو موسى المديني على من زعم أنه منسوب إلى منبج البلد المعروف بالشام".

لأنه يكون مَنبِج.

"قال صاحب الصحاح: إذا نسبت إلى منبج فتحت الباء فقلت: كساء مَنبجاني".

فتحت الباء.

طالب: مَنبَجاني.

نعم.

"أخرجوه مخرج منظراني. وفي الجمهرة: منبِج موضع أعجمي تكلمت به العرب، ونسبوا إليه الثياب المنبجانية. وقال أبو حاتم السجستاني: لا يقال: كساء أنبجاني، وإنما يقال: منبجاني، قال: وهذا مما تخطئ فيه العامة. وتعقبه أبو موسى كما تقدم فقال: الصواب أن هذه النسبة إلى موضع يقال له: أنبجان، والله أعلم.

قوله: (إلى أبي جهم)".

في موضع ثالث أنبِجان.

طالب:...

هذا هو، ويُنسَب إليه أنبجاني. وممن كتب في علوم الحديث قاسم أنبجاني، كتابه معروف.

"قوله: (إلى أبي جهم) هو عبيد الله –ويقال: عامر- بن حذيفة القرشي العدوي صحابي مشهور، وإنما خصه -صلى الله عليه وسلم- بإرسال الخميصة; لأنه كان أهداها للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما رواه مالك في الموطأ من طريق أخرى عن عائشة قالت: "أهدى أبو جهم بن حذيفة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خميصة لها علم، فشهد فيها الصلاة، فلما انصرف قال: «ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم»، ووقع عند الزبير بن بكار ما يخالف ذلك، فأخرج من وجه مرسل: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي بخميصتين سوداوين فلبس إحداهما، وبعث الأخرى إلى أبي جهم".

يعني طلبه للأنبجانية من باب جبر خاطره؛ لأنه ردَّ هديته، فيبين له أنه لم يردها؛ لأنه لا يستحق أن تُقبَل هديته، ما ينبغي أن تُرَد إليه، لا.

"ولأبي داود من طريق أخرى: "وأخذ كرديًّا لأبي جهم، فقيل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخميصة كانت خيرًا من الكردي". قال ابن بطال: إنما طلب منه ثوبًا غيرها؛ ليعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافًا به، قال: وفيه أن الواهب إذا ردت عليه عطيته من غير أن يكون هو الراجع فيها فله أن يقبلها من غير كراهة.

قلت: وهذا مبني على أنها واحدة، ورواية الزبير والتي بعدها تصرح بالتعدد. قوله: (ألهتني) أي شغلتني، يقال: لهي بالكسر إذا غفل، ولها بالفتح إذا لعب. قوله: (آنفًا) أي قريبًا، وهو مأخوذ من ائتناف الشيء أي ابتدائه. قوله: (عن صلاتي) أي عن كمال الحضور فيها، كذا قيل، والطريق الآتية المعلقة تدل على أنه لم يقع له شيء من ذلك، وإنما خشي أن يقع لقوله: «فأخاف». وكذا في رواية مالك "فكاد" فلتُؤول الرواية الأولى. قال ابن دقيق العيد: فيه مبادرة الرسول إلى مصالح الصلاة".

يعني كثير من المسلمين يدخل المسجد، ويشرع في الصلاة وباله مشغول بأعماله التي جاء منها، والشيطان حريص على أن ينصرف الإنسان بدون أجر، أو بأجر قليل جدًّا؛ لأن بعض الناس ينصرف من صلاته وليس له إلا عشرها أو ربعها أو ثلثها، فيشغله بأدنى شاغل، ويفتح له من الأبواب والأعمال التي نسيها يذكره بها.

 يقول شخص: دخلت المسجد فإذا دخل مسجدًا ليصلي فيه، فإذا به مسجد كبير وجديد، ونظرت إذا المسجد مسجد فروض ما هو بجامع، وهو يوم صف، قلت: ما يصلح إلا لجامع هذا، وأنظر إلى المحراب ما فيه منبر ولا فيه شيء، كيف يصير جامعًا وكذا، وهذا كله بعد أن شرع في الصلاة، فطرأ على باله أو ذكره الشيطان بأنه فيه غرفة لها باب مصكوك بجوار المحراب، قال: هذه الغرفة نرفع الباب ونجعلها محرابًا، وما انتهت الصلاة إلا وقد ضبط كل شيء ما بقي إلا الإذن، لما سلَّم إذا ما فيه شيء.

 الإنسان العقول والقلوب منشغلة عن الصلاة، منشغلة عما ينفع بتوافه الأمور، والقلب له منافذ تصب فيه مما يشغله، وابن القيم -رحمه الله تعالى- في الجواب الكافي ذكر هذه المنافذ، وكيف تُسَدّ بحيث لا ينفذ إلى القلب شيء يشغله ويلهيه، فالكتاب من أنفع الكتب، من أنفع الكتب لعلاج هذه القلوب، وغلق هذه المنافذ التي تصب فيها بحيث تشغله عن أهم المهمات، من أدنى شيء ينساق ويروح ولا يشعر إلا بسلام الإمام.

 يقول واحد: أنا ما أنتبه في الصلاة إلا إذا بكى الإمام وإلا قبل ما كأني أصلي، متى تظفر بإمام يبكي، المشكلة الآن أن الأمور اشترك فيها الإمام والمأموم والكبير والصغير، قلوب شاردة، نسأل الله أن يردها، والله المستعان.

طالب:...

نعم، عمر -رضي الله عنه- جهز الجيش وهو يصلي، يعني انشغال بعبادة عن عبادة، شيء، واحد يقول: أنا أطل على صحن الحرم والإمام يقرأ، والناس يبكون، وأنا ما أستشعر الصلاة ولا القرآن، أستشعر اجتماع الناس في المحشر، وبكيت، من أجل هذا، لا من أجل الصلاة، فهذا انشغال بعبادة عن عبادة، هذا أسهل بكثير من الانشغال بالأمور الدنيوية، لكن الانشغال فيما أنت بصدده هو الأصل، وعمر يجهز الجيش وهو يصلي، رضي الله عنه وأرضاه.

طالب:...

على كل حال الأمر الذي أنت بصدده هو أهم الأمور؛ لأنه يفوت، يفوت، تنتهي الصلاة وترجع، أحيانًا مما يخشى فواته تذكر مسألة مهمة جدًّا من مسائل العلم وأنت تصلي، إما ألقيت لها بالك إذا سلمت ما مسكت شيئًا، وهو من هذا النوع.

طالب:...

لا، هذا مما يخدم الصلاة. ما فيه شيء.

"قال ابن دقيق العيد: فيه مبادرة الرسول إلى مصالح الصلاة، ونفي ما لعله يخدش فيها. وأما بعثه بالخميصة إلى أبي جهم فلا يلزم منه أن يستعملها في الصلاة. ومثله قوله في حلة عطارد حيث بعث بها إلى عمر: «إني لم أبعث بها إليك لتلبسها»، ويحتمل أن يكون ذلك من جنس قوله: «كُلْ فإني أناجي من لا تناجي»، ويستنبط منه كل".

كراهية. كراهية.

"ويستنبط منه كراهية كل ما يشغل عن الصلاة من الأصباغ والنقوش ونحوها. وفيه قبول الهدية من الأصحاب، والإرسال إليهم، والطلب منهم. واستدل به الباجي على صحة المعاطاة لعدم ذكر الصيغة. وقال الطيبي: فيه إيذان بأن للصور والأشياء الظاهرة تأثيرًا في القلوب الطاهرة والنفوس الزكية، يعني فضلاً عمن دونها.

قوله: (وقال هشام بن عروة) أخرجه أحمد وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود من طريقه، ولم أر في شيء من طرقهم هذا اللفظ. نعم اللفظ الذي ذكرناه عن الموطأ قريب من هذا اللفظ المعلق، ولفظه: فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني، والجمع بين الروايتين بحمل قوله: «ألهتني» على قوله: «كادت» فيكون إطلاق الأَولى".

الأُولى.

"إطلاق الأُولى للمبالغة في القرب لا لتحقق وقوع الإلهاء. (تنبيه): قوله «فأخاف أن تفتِنِّي»".

تفتنني.

طالب: عندي يا شيخ بنون واحدة.

ماذا؟

طالب: عندي بنون واحدة يا شيخ.

"قوله: «فأخاف أن تفتِنِّي»".

تلك الرواية الثانية.

يقول: "في روايتنا بكسر المثناة وتشديد النون، وفي رواية الباقين بإظهار النون الأولى".

الرواية التي اعتمدها رواية أبي ذر، نعم.

"قوله: «فأخاف أن تفتِنِّي» في روايتنا بكسر المثناة وتشديد النون، وفي رواية الباقين بإظهار النون الأولى، وهو بفتح أوله من الثلاثي".

قال: قريب من هذا اللفظ المعلَّق، وقال هشام بن عروة، نصّ على أنه معلق يندرج تحت القاعدة السابقة، وحيث يريد التعليق يأتي بالواو.

 اللهم صل على محمد.