كتاب الإيمان (12)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا يسأل يقول: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «يا علي لا تقم إلا أن تأتي بخمسة أشياء: قراءة القرآن كله، والتصدق بأربعة ألاف درهم، وزيارة الكعبة، وحفظ مكانك في الجنة، وإرضاء الخصوم» قال علي: وكيف ذلك يا رسول الله؟ فقال له –صلى الله عليه وسلم-: «إذا قرأت سورة الإخلاص ثلاث مراتٍ فقد قرأت القرآن كله، وإذا قرأت الفاتحة ثلاث مرات فقد تصدقت بأربعة ألاف درهم، وإذا قلت: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير عشر مرات فقد زرت الكعبة، وإذا قلت: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه عشر مرات فقد أرضيت الخصوم»

هذا الحديث ليس بصحيح؛ لقوله: «إذا قرأت سورة الإخلاص ثلاث مرات فقد قرأت القرآن كله» له ما يشهد له من أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، وأما البقية فليس لها ما يشهد لها، وهل أرضى عليٌّ –رضي الله عنه- خصومه؟ لأنه قال: «وإذا قلت: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه عشر مرات فقد أرضيت الخصوم» يعني واقع أمير المؤمنين علي –رضي الله عنه- أنه يسمع مثل هذا الكلام من النبي –عليه الصلاة والسلام- بأمرٍ يسير، ويستمر مع خصومه إلى أن يُقتل؟ كلام باطل.

جاء في الصحيح «إذا قلت: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير عشر مرات كنت كمن أعتق أربعةً من ولد إسماعيل» ما فيه قد زرت الكعبة.

المقصود أن هذا الحديث لا أصل له.

طالب:........

ماذا فيه؟

طالب:........

إذا استغفرت استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه فيه حديث، لكن ما هو بهذا اللفظ أرضيت الخصوم، في الأذكار هذه وما ذُكِر كلها، الفاتحة أعظم سورة في القرآن، وسورة الإخلاص تعدل ثُلث القرآن، والتهليل «أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له»، لكن ليس بهذه الصيغة.

طالب:........

هي ثلث، لكن الثواب الإجمالي لا يعني الثواب التفصيلي، فليس من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] ثلاث مرات يحصل له من الأجر ثلاثة ملايين حسنة كما لو قرأ القرآن له أجر الحروف، لا، لكن هو كمن قرأ القرآن كاملاً؛ لأن الختم قراءة القرآن كاملاً له أجر، والحروف لها أجر، فهو يُحصِّل أجر قراءة القرآن هو كمن قرأ القرآن.

بعض الناس يقول: إذا وجبت عليك زكاة مائة ألف للفقراء تذهب لمكة وتدفع ريالًا عن مائة ألف، هذا الكلام يقوله أحد؟!

إذا جلست إلى أن تنتشر الشمس كان كأجر حجة وعمرة، يعني ما تحتاج أن تحج حجة الإسلام، اجلس بالمسجد ولا تذهب.

كل هذه لا تثبت أمام التمحيص؛ لأن المسألة ليست مقاصة ولا محاصة، هذه النصوص التي فيها الترغيب في الأعمال الصالحة لا يعني أنها مقاصة ومحاصة، فمثلاً من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير مائة مرة.

طالب:........

لا، الأجر مُرتَّب على مائة مرة، والأجر مرتَّب على عشر مرات، يقول هذا في الحديث الأول «كُتبت له مائة حسنة وحُطت عنه مائة خطيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان حتى يُمسي، وكان كمن أعتق عشرة أنفس» والذي يقولها عشر مرات أربعة من ولد إسماعيل، يقول: أقولها عشر مرات أقولها بالتجزئة عشرًا، عشرًا، عشرًا ليُعتق أربعين، لماذا أعتق عشرة؟

لا، ليست طريقة الحساب بهذه الطريقة، إنما كل نص يُنظر إليه على انفراده، يقول: مائة حسنة تُجنى بأقل من هذا أو مائة سيئة امشِ مائة خطوة وانتهى الإشكال، لكن ليست بهذه الطريقة.

أيضًا واحد يقول: أقرأ آية من القرآن كمن تصدق بناقةٍ كوماء، وآيتين بناقتين، وثلاثًا بثلاث، بإمكانك أن تقرأ جزءًا من القرآن، وكم فيه من الآيات؟ الجزء فيه مائتا آية يعني بالنسبة، جزء من القرآن فيه مائتا آية، جزء من القرآن بربع ساعة كأنك تصدقت بمائتين من الإبل الكوماوات، يعني الكبار.

ومن ذهب في الساعة الأولى كمن قرَّب بدنة، لماذا أذهب من الساعة الأولى قبل صلاة الجمعة بست ساعات، وأنا بإمكاني أن أجلس ربع ساعة وأتصدق بمائتين؟

نقول: يا أخي ليس الحساب بهذه الطريقة.

 أولاً: من قرأ آية من القرآن كمن حصل على ناقة، ما هو كمن تصدق بناقة، وحصولك على الناقة وهي من متاع الدنيا لا شيء بالنسبة للناقة التي تصدقت بها ترجو بها ثواب الله، ويُدَّخر لك أجرها في الآخرة، يختلف هذا عن هذا؛ ولذلك الحسابات ما تكون بالطريقة الحسابية المعروفة.

يعني {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] ثلاث مرات إذا كان من قرأ القرآن ثلاثمائة ألف حرف، وجاءت أمور مثل كمن حج هل يسقط الحج؟

أعتق أربعة من ولد إسماعيل، يُجامع في رمضان أربع مرات ويكفيه؟

 يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له عشر مرات كمن أعتق أربعة، يدخرها لأربع مُجامعات في رمضان يُمكن أن يقول بهذا أحد؟!

 ما يُمكن، فهذه الأمور لا شك أن حسابها ليس على ما يتصوره بعض الناس.

يقول: ورد عن بعض السلف إذا بلغ الغلام فلم يُزوجه أبوه فأصاب فاحشة أثم أبوه؟

ما فيه شك أن المتسبِّب إذا وجد التسبب شارك الفاعل بالإثم، مع أن المباشر هو الذي يتحمل الإثم، لكن إذا أعانه الأب على تحصين فرجه كان أجره عند الله عظيمًا، وإن كان لا يكون مثله في ذنبه إذا اقترف ذلك.

يقول: فما وجه إثم الأب مع كون الابن بالغًا؟

يعني باعتبار أن تركه لتزويجه مع قدرته عليه فيه نوع تسبب.

في كلام للنووي أورده تبعًا في الحديث السابق في فصول مختصرة وهي نافعة في هذا الباب في باب الإيمان.

قال –رحمه الله-: "فصلٌ: اتفق أهل السُّنَّة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن المؤمن الذي يُحكم بأنه من أهل القبلة ولا يُخلَّد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الاسلام اعتقادًا جازمًا خاليًا من الشكوك، ونطق مع ذلك  بالشهادتين، فإن اقتصر على أحدهما لم يكن من أهل القبلة أصلاً، بل يُخلَّد في النار؛ إلا أن يعجز عن النطق لخللٍ في لسانه أو لعدم تمكنٍ منه لمعاجلة المنية أو لغير ذلك".

وهذه المسألة تعرضنا لها وقلنا في وقت شرح هذه المسألة: أن الغزالي قرر أنه إذا وقر الإيمان في قلبه ولم ينطق بالشهادتين يُعامل في الدنيا معاملة الكفار، وأما في الآخرة فإنه ينجو إذا صدق في هذا الاعتقاد.

"أو لغير ذلك، فإنه حينئذ يكون مؤمنًا بالاعتقاد من غير لفظٍ، وإذا نطق بالشهادتين لم يشترط معهما أن يقول: أن بريءٌ من كل دينٍ خالف الإسلام إلا إذا كان من كفارٍ يعتقدون اختصاص الرسالة بالعرب، فلا يحكم بإسلامه حتى يتبرأ، ومن أصحابنا من اشترط التبرؤ مطلقًا وليس بشيءٍ؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله».

وأما إذا اقتصر الكافر على قول: لا إله إلا الله، ولم يقل: محمدٌ رسول الله، فالمشهور من مذهبنا ومذهب جماهير العلماء أنه لا يكون مسلمًا، ومن أصحابنا من قال: يصير مسلمًا ويُطالب بالشهادة الأخرى، فإن أبى جُعِل مرتدًا، واحتُج له بقوله –صلى الله عليه وسلم- في روايات «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله».

وحجة الجمهور قوله في الحديث المتفق على صحته: «حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله».

وأما الرواية المقتصرة «لا إله إلا الله» فالجواب عنها من وجهين:

أحدهما: أنها مقتصرة والزيادة من الثقة مقبولة، ثم ليس فيها نفي اشتراط الشهادة الثانية، ورواية الجمهور مصرِّحةٌ باشتراطها.

الثاني: أن الاقتصار على إحدى الشهادتين مبنيةٌ على الأخرى، واقتصارٌ من القرينين المتلازمين على أحدهما؛ ولأن غالب القائلين في ذك العصر لم يكونوا يفرِّقون بين الشهادتين، بل من أقر منه بأحدهما -يعني بإحداهما- أقر بالأخرى، والله أعلم.

قال القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري من أئمة أصحابنا –يعني الشافعية-: يُشترط في صحة الإسلام بالشهادتين أن يُقدِّم قول: لا إله إلا الله، وقد ذكرت ذلك في باب صفة الوضوء من شرح (المهذب) في فصل ترتيب الوضوء، والله أعلم.

أما إذا أقر بوجوب الصلاة أو الصوم أو غيرهما من أركان الإسلام وهو على خلاف ملته التي كان عليها، فهل يُجعل بذلك مسلمًا؟ فيه وجهان لأصحابنا:

الصحيح أنه لا يكون مسلمًا لظاهر الحديث، ومن جعله مسلمًا قال: كل ما يكفر المسلم بإنكاره يصير الكافر بالإقرار به مسلمًا".

فأهل العلم يقولون: إن صلى فمسلمٌ حكمًا، لماذا؟ لأن الصلاة تشتمل على الشهادة.

"فصلٌ: اذا أقر بالشهادتين بالعجمية، فإن كان لا يُحسن العربية صار مسلمًا بلا خلاف، وإن كان يُحسنها، فهل يصير مسلمًا؟ فيه وجهان:

الصحيح أنه يصير؛ لوجود الإقرار والاعتقاد، وهذ هو الصواب.

والوجه الآخر ضعيف جدًّا، وقد أوضحت بطلانه بدلائه وما يتعلق به في شرح (المهذب)".

يقول: "فصلٌ: اختلف السلف والخلف في إطلاق الإنسان: أنا مؤمن، فقالت طائفةٌ: لا يقول: أنا مؤمن مقتصرًا عليه، بل يقول: أنا مؤمنٌ إن شاء الله، وحُكي هذا عن أكثر المتكلمين، وذهب آخرون إلى جواز إطلاق أنا مؤمن وأنه لا يقول: إن شاء الله، وهذا هو المختار، وهو قول أهل التحقيق.

وذهب الأوزاعي وغيره إلى جواز الأمرين، والأقوال الثلاثة صحيحة باعتباراتٍ مختلفة، فمن أطلق نظر إلى الحال فإن أحكام الايمان جاريةٌ في الحال، ومن قال: ان شاء الله، قالوا: هو للتبرك أو لاعتبار العاقبة"

يعني لا للشك "قالوا: للتبرك أو لاعتبار العاقبة"؛ لأنه ما يدرى ما يُختم به عليه، فهو يرجو أن يموت على الإسلام أو على الإيمان.

"ومن قال بالتخيير نظر إلى مأخذ القولين".

يعني اعتبر مأخذ القول الأول ومأخذ القول الثاني.

"ومن قال بالتخيير نظر إلى مأخذ القولين ورفع الاختلاف، والقول بالتخيير حسن، ولكن المختار الجواز من قول: إن شاء، وبالله التوفيق".

هذه مسألة كبيرة جدًّا وقع فيها خلافٌ بين أهل العلم، وحصل بسببه تضليل من بعض العلماء لبعض بسببها؛ لأن قوله: أنا مؤمن، إن شاء الله، منهم من يرى أن الجزم بالإيمان هو تزكيةٌ للنفس، وقرنه بالمشيئة يُخلص الإنسان من هذه التزكية.

ومنهم من يقول: إنه لو قال: إن شاء الله، فقد شك في إيمانه، إن شاء الله؛ لأنه علق ذلك على المشيئة ولم يجزم بها، ويُسمي من يقول: إن شاء الله شكاكًا، وسُئل عن الزواج بمن تقول: إن شاء الله، ومن المذهب الذي فيه جواز التعليق بالمشيئة، فذكر وجهين:

الوجه الأول: أنه لا يجوز.              الثاني: يجوز قياسًا على الذمية.

وُجِد من يقول هذا، ولا شك من اعتبر أنه قال: إن شاء الله كأنه قال: إن شاء زيد –شاك-، لكن هل مشيئة الله –جلَّ وعلا- التي لا يُدرى ما نهايتها وما غايتها إلا بوقوع الفعل؛ لأنه إذا قال: أنا مؤمنٌ إن شاء الله هو في حقيقته مؤمن بأركان الإيمان، وعامل بأركان الإسلام التي يخرج بها من الإسلام، تبين من خلال وضعه وواقعه أن الله –جلَّ وعلا- شاء له الإيمان فارتفع التردد حينئذٍ، يعني لو قال: علَّق الطلاق بمشيئة الله، زوجته طالق إن شاء الله، مَن الذي يُحدد أن الله شاء أو لم يشاء؟ الوقوع وعدمه، فإن أوقعه وفارقها فقد شاء الله، وإن استمر معها فقد شاء الله ألا يُطلِّق.

"وأما الكافر ففيه خلافٌ غريبٌ لأصحابنا منهم من يقول: هو كافر، ولا يقول: إن شاء الله".

طالب:........

ما فيه إن شاء الله إشكال تعليقه بالمشيئة للتبرك ما فيه إشكال.

"وأما الكافر ففيه خلافٌ غريبٌ لأصحابنا منهم من يقول: هو كافر، ولا يقول: إن شاء الله، ومنهم من يقول: هو في التقييد كالمسلم، فيقال على قول التقييد: هو كافرٌ إن شاء الله؛ نظرًا إلى الخاتمة فإنها مجهولة، والمختار الإطلاق".

كيف يُناقش الكافر هل يقول: إن شاء الله أو لا يقول: إن شاء الله؟ يعني سواءٌ قال: إن شاء الله أو لم يقل هو على كل حال كافر.

طالب:........

مادام قال: هو كافر، فليس له في الإسلام نصيب، سواءٌ علق ذلك بالمشيئة أو لم يعلقه؛ لذلك ففيه خلافٌ غريب، صحيح أن يُذكر مثل هذا الخلاف، أليس بغريب أن يُذكر مثل هذا الخلاف؟ يعني ما فائدة تعليق الحكم على الإنسان على نفسه حكم الإنسان على نفسه بالكفر تعليقه بالمشيئة؟ يعني هل يعترف بالمشيئة وهو كافر؟ وهل يستفيد من هذه المشيئة وقد أطلق على نفسه الكفر وحكم عليها به؟

ولذلك "وأما الكافر ففيه خلافٌ غريب، منهم من يقول: هو كافر" وإن كان المراد من إطلاق غيره عليه، إن كان من إطلاقه على نفسه هذا ما يمكن أن يرد مثل هذا الخلاف، وإن كان من إطلاق غيره عليه سُئلت عن شخص كافر، هل تقول: تجزم بأنه كافر أو كافرٌ إن شاء الله؟  

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

مادام كافرًا مُتصفًا بالوصف، ما المانع من الجزم به؟

طالب:........

الآن بدأوا يُنقِّبون عن أشياء، وأنه لا يُحكم على الإنسان بالكفر المقتضي للتخليد بالنار؛ لأنك ما تدري ماذا يُختم به عليه ولو سجد لصنم، ولو قال: إن الله ثالث ثلاثة، ولو قال كذا وكذا، أمور ظهرت أعادت لنا مذاهب المرجئة الغلاة وُجِدت الآن، ووُجِد من يدعو لها ويشهرها.

طالب:........

{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} [الأنعام:148] والله الذي يظهر أن المراد الثاني أنك أنت ما تطلق على الكافر تجزم بأنه كافر، بل تقول: إن شاء الله، يعني أنه ما يُدرى ماذا يُختم له به، لكن هذا خلافٌ غريب الكافر كافر.

طالب:........

لا لا هو يقول: هو كافرٌ إن شاء الله، مَن الذي يقول: هو، الكافر نفسه أو الذي يحكم عليه؟ والذي يظهر أنه الذي يحكم عليه؛ لأن الكافر ما....

طالب:........

هو الشك ما هو باعتبار الواقع إنما باعتبار العاقبة ما تدري بماذا يُختم له؛ ولذلك أوردوا مثل هذا الخلاف الغريب، نعم.

طالب:........

هو بالحال ما عليك إلا بالحال.

طالب:........

هذا الصحيح؛ ولذلك قال: خلافٌ غريب، الكافر لا يُتردد في كفره، وقد قرَّر أهل العلم أن اليهود والنصارى كفارٌ بالإجماع، ومن شك في كفرهم كفر إجماعًا، ونسمع بعض الكُتاب وبعض المفتونين يُشكِّك في كُفرهم.

طالب:........

كثير من الأدباء المصريين من ستين وسبعين سنة وغيرهم يترحمون على الأدباء النصارى.

طالب:........

«قاتل الله اليهود والنصارى» في كثيرٍ من النصوص.

طالب:........

ما معنى قاتل؟ لعنهم.

طالب:........

يعني: قد يُوجد إشكال في فهم مع أنه واضح مثل الشمس، يعني كلام ابن رجب -رحمة الله عليه- في شرح البخاري حينما قال: إن اليهود والنصارى ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك، لكن ابن رجب وغيره يُقرِّر أنهم كفار بالإجماع.

طالب:........

يكفر بدون شرك؟ وما فائدة الخلاف: هل هم مشركون، أو فيهم شرك؟ هم كفار بالإجماع، وما فائدة الخلاف؟ الزواج منهم هل يحتاج إلى استثناء مُخصص من تحريم نكاح المشركات، أو لا يحتاج؟ فقط ما توجد إلا هذه المسألة.

طالب:........

السجود للصنم ما تدري؛ لأنه قال فيه بعض الناس من مرجئة العصر، يقول: ما تدري، لعله اتخذه سترة.

طالب:........

يقول: "وقريبٌ منه قول من قال: إن أهل الكتاب يُقال: إنهم أشركوا وفيهم شرك، كما قال تعالى سبحانه: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف:190] ولا يدخلون في اسم المشركين عند الإطلاق، بل يُفرَّق بينهم وبين المشركين كما في قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة:1] فلا تدخل الكتابية في قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة:221]، وقد نص على ذلك الإمام أحمد وغيره.

وكذلك كره أكثر السلف أن يقول الإنسان: أنا مؤمن، حتى يقول: إن شاء الله، وأباحوا أن يقول: آمنت بالله".

هذ سيجيء بالتفصيل إن شاء الله.

قال -رحمه الله-: "فصلٌ:

 مذهب أهل الحق أنه لا يُكفَّر أحدٌ من أهل القبلة بذنبٍ، ولا يُكفَّر أهل البدع والاهواء.

واعلم أن من جحد ما يُعلَم من دين الاسلام ضرورة كوجوب الصلاة والزكاة والصوم ونحوها، حُكِم بكفره إلا أن يكون قريب عهدٍ بالإسلام أو نشأ بباديةٍ بعيدةٍ ونحوه مما يخفى عليه ذلك، فيُعرَّف ذلك، فإن استمر على جحده حُكِم بكفره، وكذا من استحل الزنى أو الخمر أو القتل ونحوها من المحرمات التي يُعلم تحريمها ضرورةً، والله أعلم.

ومن ينتقص نبيًّا بنقصٍ ما حُكِم بكفره بالإجماع، قال أصحابنا وغيرهم: الكفر ثلاثة أقسام:

أحدها: بالاعتقاد بأن يعتقد شيئًا يُكفِّر، أو يُنكر بقلبه شيئًا مما ذكرناه.

والثاني: باللفظ بأن يتكلم بكلام الكفار، ولا يقصد معناه فهذا كفرٌ.

الثالث: بالفعل بأن يسجد لصنمٍ أو نحوه أو يُلقي المصحف في القاذورات أو يضمِّخ الكعبة بالعذرة، والعياذ بالله تعالى.

فكل فعلٍ من هذه الأشياء وأشباهها كفرٌ بلا خلاف، وحكم فاعله حكم سائر المرتدين، عافانا الله تعالى وسائر المسلمين، وبالله التوفيق".

وهذا خلاف ما يُروِّجه بعض الناس أنه لا يُحكم بالكفر العملي حتى يعتقد.

طالب:........

هذا الساحر في قبول توبته مسألة خلاف بين أهل العلم، هل تُقبل توبته، أو لا تُقبل؟ والمراد بذلك في أحكام الدنيا.

"فصلٌ: وقد ذكرت هذه المسائل المتعلقة بالإيمان مختصرة، وقد أوضحتها بأدلتها وأقوال السلف فيها في أول كتاب الإيمان من شرح صحيح مسلم، وذكرتها بأوضح من ذلك في شرح (المهذب)، مع زياداتٍ وفروعٍ حسنة تتعلق بها لا يُستغنى عن معرفتها".

قال –رحمه الله-: "فصلٌ: قوله –صلى الله عليه وسلم- في حديث الباب «بُني الإسلام على خمسٍ...» إلى آخره، هو حديثٌ عظيم من قواعد الإسلام وجوامع الأحكام، وقد أدخلته في كتاب (الأربعين) من مباني الإسلام وقواعد الأحكام، وهو حقيق بذلك، وسيأتي بسط شرحه في موضعه اللائق به؛ وإنما أدخله البخاري في هذا الباب ليُبين أن الإسلام يُطلق على الأفعال، وأن الإسلام والإيمان قد يكونان بمعنىً، وسيأتي القول في أن الإسلام والإيمان معناهما واحد أم بينهما عمومٌ وخصوص، ومذاهب السلف فيهما حيث ذكر البخاري قريبًا، والله أعلم، وله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة".

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب أمور الإيمان، وقول الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177].

{قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] الآيَةَ.

حدثنا عبد الله بن محمدٍ، قال: حدثنا أبو عامرٍ العقدي، قال: حدثنا سليمان بن بلالٍ، عن عبد الله بن دينارٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ»".

الأول فتح الباري.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد...  

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "باب أمور الإيمان" في رواية أبي ذر أمر بدل أمور، باب أمر الإيمان، وأمور جمع، وأمر مفرد، والأمور تعم أفرادًا، والأمر المفرد المضاف يُفيد العموم أيضًا، فلا فرق بين الروايتين، المفرد المضاف يُفيد العموم {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:3]، هل المقصود نعمة واحدة؟

 المقصود النعم كلها، أتم الله علينا، وأسبغ علينا النعم كلها، الظاهرة والباطنة وإن جاءت بلفظ الإفراد؛ لأنها أُضيفت، فأمر الإيمان المقصود أموره سواءً كما في رواية الأكثر أمور الإيمان، أو كما في رواية أبي ذر أمر الإيمان.

يقول الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى-: "قوله: باب أمور الإيمان" وللكشميهني أمر الإيمان، بالإفراد على إرادة الجنس"

لأنه مثل ما قلنا: المفرد المضاف يعم، إذا قلت: اللهم اغفر لي ذنبي، تقصد واحدًا، أم جميع الذنوب؟

طالب:.........

نعم مفرد مضاف فيعم جميع الأفراد.

قال: "وللكشميهني أمر الإيمان بالإفراد على إرادة الجنس، والمراد بيان الأمور التي هي الإيمان والأمور التي للإيمان".

يعني الأمور التي يتركب من مجموعها الإيمان، والأمور التي تُطلب لتحقيق الإيمان وإيجاده.

"وقول الله تعالى" معطوف على أمور، باب مضاف، وأمور مضاف إليه، باب خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا باب أمور مضاف إليه، وقول الله معطوفٌ على المجرور.

"وقول الله تعالى" في رواية أبي ذر والأصيلي.

طالب: .............

عزَّ وجلَّ بدل تعالى.  

يقول الحافظ: "قوله: وقول الله تعالى" بالخفض ووجه الاستدلال بهذه الآية" {لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة:177] وجه الاستدلال بهذه الآية على الترجمة.

يقول: "ومناسبتها لحديث الباب تظهر من الحديث الذي رواه عبد الرزاق وغيره من طريق مجاهد، أن أبا ذرٍّ سأل النبي –عليه الصلاة والسلام- عن الإيمان فتلا: {لَيْسَ البِرَّ} [البقرة:177] إلى آخره".

نحتاج إلى رواية عبد الرزاق أم ما نحتاج؟ الآية صريحة ومطابقة لحديث جبريل لما سُئِل عن الإيمان، مطابقة لحديث جبريل؛ لأن فيها أركان الإيمان، وفيها أيضًا إضافة وزيادة على ما جاء في حديث جبريل، فدلالتها على الإيمان من باب مطابقتها لما جاء في جوابه –عليه الصلاة والسلام- عن الإيمان في حديث جبريل. 

قال: "ووجه الاستدلال بهذه الآية ومناسبتها لحديث الباب تظهر من الحديث الذي رواه عبد الرزاق وغيره من طريق مجاهد، أن أبا ذرٍّ سأل النبي –عليه الصلاة والسلام- عن الإيمان فتلا {لَيْسَ البِرَّ} [البقرة:177] إلى آخره، ورجاله ثقات؛ وإنما لم يسقه المؤلف؛ لأنه ليس على شرطه".

ما فيه مانع من أن يُستدل برواية عبد الرزاق من أجل ظهور المناسبة، إضافةً إلى ما تشتمل عليه الآية من أركان الإيمان، كما بُيِّن في حديث جبريل.

طالب: .............

ماذا؟

طالب:.........

لا؛ ليُبين أن الإيمان هو البر، يعني من باب مطابقة البر للإيمان لو لم ترد رواية عبد الرزاق وعندنا الآية، وعندنا حديث جواب النبي –عليه الصلاة والسلام- لجبريل –عليه السلام- لما سأل عن الإيمان «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله...» إلى آخره، وهنا {وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة:177]. 

 قال: "وإنما لم يسقه المؤلف؛ لأنه ليس على شرطه، ووجهه أن الآية حصرت التقوى على أصحاب هذه الصفات، والمراد المتقون من الشرك والأعمال السيئة".

{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177] يعني من توافرت فيهم هذه الصفات هم الذين صدقوا، وهم المتقون.

تفضل با أبا عبد الله.

قال –رحمه الله-: "ووجهه أن الآية حصرت التقوى على أصحاب هذه الصفات، والمراد المتقون من الشرك والأعمال السيئة، فإذا فعلوا وتركوا فهم المؤمنون الكاملون، والجامع بين الآية والحديث".

الحديث الذي يليه حديث أبي هريرة «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ» كما هنا وعند مسلم، وأيضًا فيه «بضعٌ وسبعون» في صحيح مسلم «أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق».

"والجامع بين الآية والحديث أن الأعمال مع انضمامها إلى التصديق داخلةٌ في مسمى البر، كما هي داخلةٌ في مسمى الإيمان".

داخلة في مسمى البر بالآية، وداخلة في مسمى الإيمان بالحديث.

يقول: "فإن قيل: ليس في المتن ذكر التصديق. أُجيب بأنه ثابتٌ في أصل هذا الحديث، كما أخرجه مسلمٌ وغيره، والمصنف يكثر الاستدلال بما اشتمل عليه المتن الذي يذكر أصله، ولم يسقه تامًّا".

نعم، قد تكون الترجمة لا يُوجد ما يشهد لها في لفظ الحديث الذي أورده المؤلف، لا يُوجد ما يشهد للترجمة من لفظ الحديث الذي أورده المؤلف، ولا أقصد في هذه الترجمة بالذات، إنما يُوجد ما يشهد لهذه الترجمة من ألفاظ أخرى للحديث لم يذكرها المؤلف، إما أن يكون ذكرها في موضعٍ آخر، أو تكون ثابتة لكن ليست على شرطه –رحمه الله- إنما رواها غيره.

طالب:.........

لا.

طالب:.........

لو ما يوجد ذكر للتصديق صراحةً، لكن هذا من المعلوم بداهةً أنه ما فيه اعتقاد هذه الأمور إلا بتصديق، ما معنى اعتقاد هذه الأمور؟

 الإيمان بهذه الأمور لا بُد منه، فهو كالمصرَّح به.  

"فإن قيل ليس في المتن ذكر التصديق أُجيب بأنه ثابتٌ في أصل هذا الحديث كما أخرجه مسلمٌ وغيره، والمصنف يكثر الاستدلال بما يشتمل عليه المتن الذي يذكر أصله ولم يسقه تامًّا.

"قوله:{قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1]"

هنا يقول: وقول الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة:177] رقم اثني عشر في الفروق {وَلَكِنَّ البِرَّ} [البقرة:177] إلى آخر الآية سقط عند أبي ذر والأصيلي وروايتهما هكذا {قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة:177] إلى قوله: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177] يعني حذف بقية الآية وذكر عجزها.

"قوله: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] ذكره بلا أداة عطفٍ، والحذف جائز".

هنا {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177] {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] هنا رقم أربعة عشر.

{وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة:177] ثلاثة عشر، يقول: وعند س {وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة:177] إلى قوله: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177] {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} [البقرة:177] يعني بالتقديم والتأخير، كذا في الفرع المكي تقديم قوله: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177] على قوله: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} [البقرة:177] في رواية ابن عساكر، ولعل الصواب ما في فرعٍ آخر من العكس في روايته على نظم الآية.

على كل حال الصواب الذي يوافق المصحف، الذي يوافق المصحف هو الصواب.   

"{قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] الآية" في الفرق رقم أربعة عشر (وقد) عند الأصيلي، وعند ابن عساكر، وقوله: {قَدْ} [المؤمنون:1].

الآن الحافظ يقول: ذكره بلا أداة عطف دليل على أنه قوله: "وقوله" مرجوحة.

"ذكره بلا أداة عطفٍ، والحذف جائز، والتقدير هو قول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] وثبت المحذوف في رواية الأصيلي، ويحتمل أن يكون ذكر ذلك تفسيرًا لقوله: {الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177] أي: المتقون هم الموصوفون بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ} [المؤمنون:1] إلى آخرها.

 وكأن المؤلف أشار إلى إمكان عد الشُّعب من هاتين الآيتين وشبههما، ومن ثَمَّ ذكر ابن حبان أنه عد كل طاعةٍ عدها الله تعالى في كتابه من الإيمان، وكل طاعةٍ عدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان وحذف المكرر فبلغت سبعًا وسبعين".

انظر عمدة القاري؛ لأنه فيه تعقيب على هذا الكلام.

طالب: .............

هناك فوق.

طالب:.........

سبعًا وسبعين، في النسخ المطبوعة: تسعًا وتسعين، ومن هنا نسخة الرياض المخطوطة.

طالب: .............

ما الذي معك؟

طالب:.........

فيها تسعًا وتسعين، وهنا سبعًا وسبعين مأخوذة من نسخة الرياض.

هنا يقول: "{قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] الآية، هذه آيةٌ أخرى ذكر الآيتين؛ لاشتمالهما على أمور الإيمان، والباب مبوبٌ عليها، وإنما لم يقل: وقول الله –عزَّ وجلَّ- {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] كما قال في أول الآية الأولى، وقول الله –عزَّ وجلَّ- {لَيْسَ الْبِرَّ} [البقرة:177] إلى آخره؛ لعدم الالتباس في ذلك، واكتفى أيضًا بذكره في الأولى، وقال بعضهم".

من يقصد؟ ابن حجر.

"وقال بعضهم: ذكره بلا أداة عطفٍ، والحذف جائز، والتقدير هو قول الله –عزَّ وجلَّ- {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1].

قلت: الحذف غير جائز".

يقول العيني: " قلت: الحذف غير جائز" لماذا؟

قال: "ولئن سلمنا فذاك في باب الشِّعر، وقال هذا القائل أيضًا: ويحتمل أن يكون تفسيرًا لقوله: {الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177] هم الموصوفون بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] إلى آخرها.

قلت: لا يصح هذا أيضًا؛ لأن الله تعالى ذكر في هذه الآية من وصِفوا بالأوصاف المذكورة فيها، ثم أشار بقوله: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177] بيَّن أن هؤلاء الموصوفين هم المتقون، فأي شيءٍ يحتاج بعد ذلك إلى تفسير المتقين في هذه الآية حتى يفسّرهم بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ} [المؤمنون:1] إلى آخره.

وربما كان يمكن صحة هذه الدعوى لو كانت الآيتان متواليتين، فبينهما آياتٌ عديدة، بل سورٌ كثيرة، فكيف يكون هذا من باب التفسير؟ وهذا كلام مستبعدٌ جدًّا".

يعني البخاري حينما يذكر آية، ويُردفها بآيةٍ أخرى تحمل نفس المعنى، ويكون من تفسير القرآن بالقرآن، هل يلزم أن تكون الآيتان متواليتين؟ ما يلزم، ما يلزم أن تكون الآيتان متواليتين، نعم، يلزم توالي الآيات عند من يُوجِد المناسبات بين الآيات، أما من يُفسِّر آية بآية فهذا لا يلزم فيه التوالي، أما من يسعى لإيجاد المناسبات بين الآيات، كما فعل البقاعي في نظم الدرر، هذا ما يُمكن أن يقول: مناسبة سورة المؤمنون لسورة البقرة مثلاً، ما يمكن، إنما يقول: مناسبة سورة آل عمران لسورة البقرة، ومناسبة آية كذا لآية كذا من الآيات المتجاورة.

"وربما كان يمكن صحة هذه الدعوى لو كانت الآيتان متواليتين، فبينهما آياتٌ عديدة، بل سورٌ كثيرة، فكيف يكون هذا من باب التفسير؟

وهذا كلام مستبعدٌ جدًّا".

يعني مثل ما قلنا: أن تفسير آية بآية لا يلزم فيه التجاور بين الآيات، وإذا نظرنا إلى تفسير ابن كثي،ر وهو يهتم بتفسير القرآن بالقرآن، أو تفسير أضواء البيان، وهو مؤلَّفٌ لهذا الشأن وجدنا أنه يذكر في تفسير الآية آيات من أول القرآن ومن أثنائه ومن آخره تحمل المعنى الذي تحمله الآية المُفسَّرة.     

"قوله: "الآية" يجوز فيها النصب".

الآيةَ مثل الحديث إذا اقتصر على بعضه أو بعض الآية قال: الآية، وإذا اقتصر على بعض الحديث فقال: الحديث.

قال: "يجوز فيها النصب على معنى اقرأ الآية، والرفع، على معنى الآية بتمامها على أنه مبتدأ محذوف الخبر.

قوله: {قَدْ أَفْلَحَ} [المؤمنون:1] أي: دخل في الفلاح".

يعني كما يُقال: أظلم دخل في الظلام، أسفر، أنجد يعني دخل في نجد، أتهم: دخل في تهامة، وهكذا.

يقول: "{أَفْلَحَ} [المؤمنون:1] أي: دخل في الفلاح، وهو فعلٌ لازم، والفلاح: الظفر بالمراد، وقيل: البقاء في الخير، قال الزمخشري: يُقال: أفلحه: أجاره إلى الفلاح، وعليه قراءة طلحة بن مُصرِّف: أُفلِح للبناء للمفعول، وعنه أفلحوا، على أكلوني البراغيث".

يعني لغة أكلوني البراغيث، أفلحوا المؤمنون.

"أو على الإبهام والتفسير، والخشوع".

{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:2].

"والخشوع في الصلاة خشية القلب".

يُفرِّقون بين الخشوع والخضوع، فيجعلون الخشوع في القلب، والخضوع في البدن، مع أنه يحصل الخضوع حتى بالقول {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [الأحزاب:32].

"والخشوع في الصلاة خشية القلب، واللغو".

{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:3].

"واللغو ما لا يعنيك من قولٍ أو فعل كاللعب والهزل، وما تُوجب المروءة إلغاءه وإطراحه.

قوله: {فَاعِلُونَ} [المؤمنون:4] أي: مؤدون، وقال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: من مَلكت؟ قلت: لأنه أريد من جنس العقلاء ما يجرى مجرى..".

طالب: .............

"مَلكت" {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ} [المؤمنون:6] لعل هذا مراده؛ لأن في الآية لم يذكرها الآية، ولكن جاء بها عرضًا.

"قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: من مَلكت؟".

بدل ما ملكت {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ} [المؤمنون:5-6].

يقول: "الزمخشري هلا قيل: من مَلكت؟ قلت: لأنه أُريد من جنس العقلاء ما يجرى مجرى غير العقلاء، وهم الإناث".

أين حقوق الإنسان؟

 يعني مادامت المرأة ناقصة عقل ودين، و(ما) لغير العاقل و(من) للعاقل كأنها لما كانت ناقصة عقل عُومِلت معاملة غير العاقل، فإن قلت: "هلا قيل مَن ملكت؟" لأن (من) للعاقل، و(ما) لغير العاقل.

"قلت" قال الزمخشري: "لأنه أُريد من جنس العقلاء ما يجرى مجرى غير العقلاء، وهم الإناث"؛ لأنه مثل هذه الحروف تتقارض، تأتي (ما) بمعنى مَن، وتأتي مَن بمعنى (ما)، ولا نحتاج إلى مثل هذا الجواب، وإن كان نقص عقلها مقررٌ شرعًا، وهو واقعٌ فعلاً، يعني ما تحملنا ردود الأفعال على أن نُنكر ما جاء في شرعنا.

طالب:.........

نعم

طالب: .............

طيب.

طالب: .............

ما معنى أنواع ما يعقل؟

طالب:.........

ما أدري.

طالب:.........

ما هي؟

طالب:.........

هذا الأصل فيها، لكن قد تأتي (ما) بمعنى مَن، وتأتي (مَن) بمعنى ما، والمقرر أن الحروف تتقارض وينوب بعضها عن بعض.

طالب:.........

هو زال الإشكال، لكن لماذا ما جرى على الأصل؟ يبقى السؤال قائمًا.

طالب:.........

نعم.

طالب: .............

ماذا فيه؟

طالب:.........

هو مادام ثبت عندنا بالنص الصحيح أنهن ناقصات عقل ودين فما لنا مفر من هذا مهما كان، يعني بعض من كتب من المتأخرين في الإجابة عن بعض الأحاديث التي في ظاهرها إشكال ومخالفة للواقع استدلوا بأمور هي إلى السفه أقرب منها إلى التوفيق بين النصوص، يعني كتب في حديث «لن يُفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة» وهذا في الصحيح، في البخاري.

 قال: هذا الحديث يشهد الواقع بخلافه، فلا يصح، يشهد الواقع بخلافه، وما الواقع؟ يقول: غاندي حكمت الهند، ونجحت، وتاتشر ملكت الإنجليز، ونجحت، وجولدا مائير هزمت العرب كلهم، ونجحت، بمثل هذا تُرد النصوص؟

نسأل الله العافية.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد.

"