التعليق على تفسير سورة الفاتحة من تفسير الجلالين (01)

 في الاستعاذة جاء قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [(98) سورة النحل] وجاء قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [(200) سورة الأعراف] وجاء أيضاً قوله تعالى: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} [(97-98) سورة المؤمنون] وقال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [(36) سورة فصلت] معنى الاستعاذة: الالتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى-، والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر، والعياذة إنما تكون لدفع الشر، كما أن اللياذة لطلب الخير، العياذ والعياذة: إنما تكون لدفع الشر، بخلاف اللياذ الذي يكون لجلب الخير وطلبه.

فمعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أستجير به وألتجئ إليه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله -سبحانه وتعالى-، والشيطان مشتق، فعلان مشتق: إما من شطن إذا بعد، أو من شاط إذا احترق، فالشيطان بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير، منهم من قال: إنه مشتق من شاط إذا احترق؛ لأنه مخلوق من نار، لكن الأول أصح، لماذا؟ لأن الشيطان يطلق على الإنسي أيضاً، فإذا قلنا: أن الشيطان مشتق من شاط إذا احترق؛ لأنه مخلوق من نار يدخل في هذا الإنسي؟ ما يدخل فيه الإنسي؛ لأنه يطلق على الإنسي وليس من نار، كما في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} [(112) سورة الأنعام] في المسند من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا أبا ذر تعوّذ بالله من شياطين الإنس والجن)) فقلت: أو للإنس شياطين؟ قال: ((نعم)).

والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي مرجوم، فهو مطرود عن الخير كله، قال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ} [(5) سورة الملك] وقيل: فعيل رجيم، فعيل بمعنى فاعل، فهو راجم، كونه مرجوم ظاهر، لكنه كونه راجم؛ لأنه يرجم الناس بالوساوس؛ لأنه يرجم الناس ويرميهم بالوساوس، لكن الأول أشهر.

حكم الاستعاذة:

حكم الاستعاذة: جماهير العلماء على أن الاستعاذة مستحبة وليست بواجبة، الاستعاذة مستحبة والإتيان بها سنة  وليست بواجبة عند جماهير العلماء، حكى الرازي عن عطاء بن أبي رباح القول بوجوبها، واستدل له بظاهر الأمر في الآية: {فَاسْتَعِذْ} [(98) سورة النحل] وبمواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها؛ ولأنها تدرأ الشيطان، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، الجمهور على أنها مستحبة، نقل عن عطاء القول بوجوبها عند كل قراءة، وعند ابن سيرين أنه إذا استعاذ مرةً واحدة في عمره كفاه، سقط الوجوب عنه، حكي عن الإمام مالك أن المصلي لا يتعوذ في المكتوبة، ويتعوذ لقيام شهر رمضان في أول ليلةٍ منه، الاستعاذة مستحبة عند جماهير العلماء على ما ذكر، فهل يستعيذ عند كل قراءة؟ وفي كل ركعة؟ الاستعاذة مستحبة، وفي كل ركعة، وهل يستعيذ للفاتحة والسورة؟ أم يقتصر على الاستعاذة في الركعة الأولى في سورة الفاتحة فقط؟ اختلف العلماء هل يتعوذ فيما عدا الركعة الأولى أو لا؟ على قولين مبناهما على الاستعاذة هل هي للصلاة وهل هي للقراءة؟ الاستعاذة للصلاة أو للقراءة؟ {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} [(98) سورة النحل] فعلى هذا هي للقراءة، إذا قلنا: إنها للصلاة صارت تابعة للاستفتاح، وليست تابعة للقراءة، فعلى هذا يستعيذ من لا يرى قراءة الفاتحة من مأموم وغيره، يستفتح ويستعيذ ويترك، يقف، وإذا قلنا: إن الاستعاذة للقراءة فعلى هذا يقرأ يستعيذ في كل ركعة، إذا قلنا: إن الصلاة فيها أكثر من قراءة، أما إذا قلنا: إن القراءة في الصلاة حكمها واحد فيستعيذ مرة واحدة، فإذا قلنا: إن القراءة في جميع الصلاة قراءة واحدة، أو قراءات متعددة بينها فواصل يترتب على هذا أننا إذا قلنا: قراءة واحدة يستعيذ مرة واحدة في الركعة الأولى، وإذا قلنا: قراءات متعددة، كل ركعة قراءتها مستقلة فيستعيذ فيها.

وجماهير العلماء على أن الاستعاذة لدفع الوسواس في القراءة، فعلى هذا تكون قبل التلاوة، الأمر في الآية: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} [(98) سورة النحل] وعرفنا أن قول الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون بعد القراءة وإلا قبلها؟ قبل القراءة، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} [(98) سورة النحل] إذا قرأت، قرأ: فعل ماض، معناه إذا فعلت وانتهيت، هذا ظاهر اللفظ، وقيل بهذا، لكن الجمهور قالوا: إن المراد بقوله: إذا قرأت، إذا أردت القراءة، كما في قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام، يطلق الفعل ويراد به إرادته، ويطلق الفعل ويراد به الفراغ منه، ويطلق الفعل ويراد به الشروع فيه، ((إذا كبر فكبروا)) معناه إذا فرغ من التكبير فكبر، ((إذا كبر فكبروا)) يعني إذا فرغ من التكبير فكبروا، لكن ((إذا ركع فاركعوا)) نقول: إذا فرغ من الركوع فاركعوا؟ أو إذا شرع في الركوع فاشرعوا فيه؟ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم فيطلق الفعل ويراد به إرادته، ويراد به الفراغ منه، ويراد منه الشروع فيه.

طالب:.......

نعم، السياق، السياق هو اللي..، والنصوص الأخرى.

قالت طائفة: إنما تكون الاستعاذة بعد القراءة، يعني بعد الفراغ منها، اعتمدوا على ظاهر سياق الآية، ظاهر السياق يدل على هذا، ولدفع الإعجاب بعد الفراغ من هذه العبادة، ولدفع الإعجاب بعد الفراغ من هذه العبادة، وسبب الإعجاب الشيطان، وممن قال بذلك حمزة وأبو حاتم السجستاني، ونقله الرازي في تفسيره عن ابن سيرين، في رواية عنه، وهو قول إبراهيم النخعي وداود بن علي الظاهري، نعم هو لائق بمذهب داود، ونقل عمن ذكر سواه، ابن العربي في تفسيره في أحكام القرآن قال: "ومن أغرب ما وجدناه -في الجزء الثالث (صفحة 1063)- يقول: "ومن أغرب ما وجدناه قول مالك في المجموعة في تفسير هذه الآية: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [(98) سورة النحل].. الآية، قال: بعد قراءة أم القرآن لمن قرأ في الصلاة، بعد قراءة أم القرآن لمن قرأ في الصلاة، هذا قول مالك، يقول ابن العربي: "وهذا قول لم يرد به أثر، ولا يعضده نظر، ولو كان هذا كما قال بعض الناس أن الاستعاذة بعد القراءة لكان تخصيص ذلك بقراءة أم القرآن في الصلاة دعوى عريضة، لا تشبه أصول مالك، ولا فهمه، والله أعلم بسر هذه الرواية" معروف أن الإمام مالك لا يرى الاستعاذة، ولا يرى بسملة، ولا يرى استفتاح، ثم بعد ذلك يقول: إنه يستعيذ بعد الفراغ من الفاتحة؟ يقول: هذا قول لا يعضده أثر، ولا يؤيده نظر، يقول: "فالله أعلم بسرّ هذه الرواية".

صيغة الاستعاذة:

صيغة الاستعاذة: تسمعون من يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، والأمر {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [(98) سورة النحل] فيه السميع العليم؟ في غير آية القراءة، في غير آية القراءة فيه {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [(36) سورة فصلت] يقول الحافظ ابن الكثير في تفسيره: إذا قال المستعيذ...

طالب:......

نعم، هذه بعد هذه، منهم من يقول: هذا خاص بصلاة الليل، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، يقول الحافظ ابن كثير: "إذا قال المستعيذ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كفى ذلك عند الشافعي وأبي حنيفة، وقال القرطبي: وهذا هو الذي عليه الجمهور من العلماء؛ لأنه لفظ كتاب الله تعالى، وزاد بعضهم: أعوذ بالله السميع العليم، وقال آخرون: بل يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم، هذا قال به الثوري والأوزاعي، وحكي عن بعضهم أنه يقول: أستعيذ بالله، ما يقول: أعوذ بالله، أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لأي شيء؟ لمطابقة الأمر في الآية، فليستعذ، فيقول: أستعيذ، لكن الأحاديث الصحيحة أولى بالاتباع من هذا، المقصود أن الأمر (فليستعذ) أمر بإيجاد الاستعاذة، والاستعاذة كما تقول في البسملة، الاستعاذة كالبسملة والحوقلة وغيرها، فإذا قيل لك: أستعذ، تقول: أستعيذ، وإذا قيل: بسمل، تقول: أبسمل، الذي قال: أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لمطابقة أمر الآية إذا قيل له: بسمل، هل يستطيع أن يقول: أبسملة ليمتثل الأمر، أو يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فدل على أن البسملة عنوان على بسم الله الرحمن الرحيم كما أن الاستعاذة عنوان على أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والحوقلة عنوان على لا حول ولا قوة إلا بالله، إلى غير ذلك من العناوين التي تدل على بعض الجمل.

طالب: أحسن الله إليكم، ما هو الصارف بالاستعاذة من الوجوب إلى السنية؟

الصارف؟ جاء الأمر بها، والأمر الأصل فيه الوجوب {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} [(98) سورة النحل] ما الصارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب عند جمهور العلماء؟ عرفنا أن في من يقول بالوجوب، لكن الجمهور صرفوه إلى الاستحباب، الصارف أن أصل القراءة، الأصل –أصل القراءة- هو واجب وإلا سنة؟ واجب وإلا مستحب؟ والاستعاذة إنما هي من أجل القراءة، فإذا كانت الاستعاذة من أجل المستحب، الاستعاذة ليست مطلوبة لذاتها، وإنما هي مطلوبة لغيرها، وإذا كان ذلك الغير مستحباً فما طلب من أجله من باب أولى، هذه عند الجمهور، نعم.

طالب:.......

لا، هو إذا صرف الأمر في الآية صار حكمه عاماً مضطرداً، ولذا صرف في بعض صوره وهو الكثير الغالب صار الحكم مطرداً؛ لأنه لفظ واحد، لا يستعمل اللفظ الواحد في أكثر من معنى.

الكلام على البسملة:

بعد هذا البسملة، البسملة عنوان على قول: بسم الله الرحمن الرحيم، الاسم هل هو مشتق من السمو، وهو العلو، أو من السمة وهي العلامة؟ قولان مشهوران عند أهل العلم، قال بالأول البصريون، وبالثاني قال الكوفيون، وقول البصريين أصح؛ لأنه يقال في تصغير الاسم: سُمي، ويقال في جمعه: أسماء، والتصغير يرد الحروف إلى أصولها، ولا يقال: وسيم ولا أوسام، يمكن أن تدخل العلامة والسمة، أو يدخل الاسم في باب السمة في الاشتقاق الأكبر وإلا الأصغر؟ إذا اتفق الأصل مع الفرع في مجموع الحروف ولو اختلف ترتيبها؟ هذا نوع من أنواع الاشتقاق، إذا اتفقا معه في الحروف وترتيبها، وإن زاد بعضها عن بعض لكن على نفس الترتيب هذا نوع أيضاً من أنواع الاشتقاق، فهنا الاسم والوسم، الاسم والسمة يتفقان في غالب الحروف مع الاختلاف في الترتيب، هذا يسمى الاشتقاق الأصغر.

الاسم هل هو المسمى أو غير المسمى؟ هل هو عينه أو غيره؟ أولاً: الخلاف حادث وطارئ هذا من جهة، الأمر الثاني: من قال: إن الاسم عين المسمى لا يقصد أن هذه الحروف هي عين المسمى بها، والذي قال غيره لا يقصد أن للاسم ذات تمكن رؤيتها والإشارة إليها، والإشارة إليها ومخاطبتها دون مسمى، فأقوال العلماء في هذا طويلة وعريضة، وأدلتهم كثيرة لكن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: النزاع في ذلك اشتهر بعد الأئمة، بعد أحمد وغيره، والذي كان معروفاً –كلام شيخ الإسلام- والذي كان معروفاً عند أئمة السنة أحمد وغيره الإنكار على الجهمية الذين يقولون: أسماء الله مخلوقة، فيقولون: الاسم غير المسمى، وأسماء الله غيره، وما كان غيره فهو مخلوق، يعني إنكار الأئمة في هذه المسألة منصب على أسماء الله -سبحانه وتعالى- وأنها غيره عند الجهمية ليتوصلوا بذلك إلى كونها مخلوقة، وقال -رحمه الله تعالى-: يروى عن الشافعي والأصمعي وغيرهما القول: إذا سمعت الرجل يقول: الاسم غير المسمى فاشهد عليه بالزندقة، ثم قال: ولم يعرف أيضاً عن أحد من السلف أنه قال: الاسم هو المسمى، بل هذا قاله كثير من المنتسبين إلى السنة بعد الأئمة، وأنكره أكثر أهل السنة عليهم، ثم منهم من أمسك عن القول في هذه المسألة نفياً وإثباتاً، يقول: لا أقول: الاسم عين المسمى ولا غيره، إذا كان كل من الإطلاقين بدعة، كما ذكره الخلال عن إبراهيم الحربي وغيره، وقال -رحمه الله-: والذين قالوا: إن الاسم هو المسمى لم يريدوا بذلك أن اللفظ المؤلف من الحروف هو نفس الشخص المسمى به، فإن هذا لا يقول عاقل، ولهذا لو كان المراد بالقول الاسم نفس المسمى وعينه لكان من قال: نار احترق لسانه، هل يقول بهذا قائل؟ هل يقول شخص: لو كتب محمد في ورقة قال: هذا هو ولدي أو أخي أو ابني؟ يشير إلى هذه الورقة أن هذا هو ابنه؟ ما يقول بهذا عاقل، يقول الشيخ -رحمه الله-: ومن الناس من يظن أن هذا مرادهم، بعض المبتدعة يقولون بالنسبة لمن ينتسب إلى السنة ممن يقول بهذا القول أن الاسم عين المسمى ومراده بذلك نقل قول الجهمية الذين يقولون: إنه غير المسمى ليتوصلوا أن أسماء الله مخلوقة، بعض الناس يرمي من قال: بأن الاسم عين المسمى ويقول: إن هذا هو مرادهم، مرادهم أن الحروف هي ذات المسمى، هي عينه، يقول: ويشنع عليهم وهذا غلط عليهم، بل هؤلاء يقولون: اللفظ هو التسمية، والاسم ليس هو اللفظ، بل هو المراد باللفظ، يقول: فإنك إذا قلت: يا زيد، يا عمرو، فليس مرادك دعاء اللفظ، يعني إذا قلت: يا زيد هل مرادك أن هذه الحروف تحضر عندك؟ أو أن الشخص المسمى بهذا الاسم هو المدعو والمنادى؟ فليس مرادك دعاء اللفظ، بل مرادك دعاء المسمى باللفظ، وذكرت الاسم فصار المراد بالاسم هو المسمى، إذا عُرف هذا فقد ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام وهو من أئمة أهل السنة إلا أن اسم الشيء هو عينه وذاته، واسم الله هو الله، وتقدير قول القائل: باسم الله أفعل، أي بالله أفعل، واستدل بقول لبيد.

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

 

ومن يبكِ حولاً كاملاً فقد اعتذر

ثم اسم السلام، يعني ثم السلام عليكم، حقيقةً النصوص جاء فيها ما يدل على أن الاسم لفظ الاسم مراد أحياناً وما يدل على أن لفظ الاسم غير مراد، فمثلاً {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [(74) سورة الواقعة] جاء في الأولى: ((اجعلوها في سجودكم)) وفي الثانية: ((اجعلوها في ركوعكم)) هل الساجد يقول: سبحان اسم ربي الأعلى أو يقول: سبحان ربي الأعلى؟ كما بينت السنة؟ سبحان ربي الأعلى، هل الراكع يقول: سبحان اسم ربي العظيم أو يقول: سبحان ربي العظيم؟ ففي مثل هذه النصوص يدل على أن الاسم المراد به الله -سبحانه وتعالى-، فالمراد به ذكر الله لا ذكر الاسم، في بعض النصوص دل على أن لفظ الاسم مراد، فإذا قيل: سم الله وكل، تقول بالله أو بسم الله؟ بسم الله، منهم من يقول: إن الاسم صلة، وهو قريب من قول أبي عبيد فالمراد بقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] سبح ربك الأعلى، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [(78) سورة الرحمن] أي تبارك ربك، قال شيخ الإسلام: "والتحقيق أنه ليس بصلة، بل المراد.. إيش معنى الصلة؟ يعني زايد، تشبيهاً له بصلة الموصول التي لا محل لها من الإعراب، لكن هل في القرآن على وجه الخصوص ما يمكن أن يقال: إنه صلة أو زائد؟

طالب: تأدباً مع القرآن، في بعض الحروف موقعها الإعرابي لو كانت في غير القرآن تكون زائدة، ولكن العلماء تأدباً مع القرآن لا يقولون: إن في القرآن حروف زائدة يقولون: صلة؛ لأن الصلة في الإعراب لا محل لها؟

إيه، لكن هل هي زائدة من كل وجه؟ يعني حذفها ووجودها سواء؟

طالب: في القرآن لا، القرآن ما نستطيع نحذف، لكن لو كانت...

لكن من حيث الإعراب هي لا محل لها من الإعراب.

طالب: لو قلنا: ليس كمثله شيء، مثلما نقول: ليس مثله شيء في غير القرآن، لكن في القرآن ما نستطيع نحذف الكاف لأنه محفوظ، لفظه محفوظ، بالإضافة إلى أننا متعبدين بتلاوة هذا الحرف؟

إيه، لكن الكاف في {لَيْسَ كَمِثْلِهِ} [(11) سورة الشورى] لها معنى وإلا ليس لها معنى؟ لها معنى.

طالب: ما يستغنى عنه لو كان في كلامٍ غير القرآن؟

ليس مثله شيء؟ لكن أيهما أبلغ أن تقول: ليس كمثله شيء، أو ليس مثله شيء؟

طالب: في غير القرآن؟

في غير القرآن، نعم.

هو من ضمن كلامهم أنها زائدة سواء. كلام أهل اللغة يقولون: إنها زائدة، يعني يستوي...

أما من حيث الإعراب فقد أثرت في مدخولها فجرته، هذا من حيث الإعراب، وأما من حيث المعنى فنفيه مثل المثل أبلغ من نفيه المثل، نفي مثل المثل أبلغ من نفي المثل، وهذا ظاهر، ما يقول..، أبلغ بلا شك، فوجودها من حيث المعنى أبلغ من عدمها، ليست كما يقولونه: إن وجودها وإثبات وجودها في المعنى خطأ، لماذا؟ لأنهم يقولون: إن وجودها يثبت المثل، نقول: لا، هذا الكلام ليس بصحيح، يقول: إذا قلت: ليس مثل مثل الله شيء، فأنت تثبت لله مثل، نقول: هذا الكلام ليس بصحيح، نقول: إن نفي مثل المثل أبلغ من نفي المثل.

طالب: مثال آخر، أقول: في مثال آخر؟

على إيش؟

طالب: في الحرف الزائد؟

{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ} [(155) سورة النساء] الأصل: فبنقضهم.

طالب: هل (فبنقضهم) تستوي في اللغة في غير القرآن كـ(فبما نقضهم)؟

هذا الجواب عليك، ابحث، ما تستفيد؟ إيه.

طالب: في كتب اللغات وإلا كتب التفسير؟

ابحث، ابحث عندك ما شاء الله الكتب كلها.

يقول: "والتحقيق أنه ليس بصلة، بل المراد تسبيح الاسم كما أمر بذكر اسمه، والمقصود بتسبيحه وذكره وتسبيح المسمى وذكره، فإن المسبح والذاكر إنما يسبح اسمه، ويذكر اسمه فيقول: سبحان ربي الأعلى" كلام الشيخ هنا، يقول: "والتحقيق أنه ليس بصلة" المسألة دقيقة يالإخوان، قال: "منهم من قال: إنه ليس بصلة، فالمراد بقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] سبح ربك، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [(78) سورة الرحمن]  تبارك ربك، شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: "والتحقيق أنه ليس بصلة" الآن امتثال الأمر: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [(1) سورة الأعلى] هل الآن امتثال الأمر يتم بقولك: سبحان اسم ربي، أو سبحان ربي؟ سبحان اسم ربي؟

طالب:.......

إيه، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] هل الامتثال يتم بقولك: سبحان اسم ربي، أو سبحان ربي؟

طالب: على كلام الرازي......... وعلى كلام شيخ الإسلام أنها ليست اسم، كلمة اسم...

لكن انظر آخر كلامه، يقول: "والتحقيق أنه ليس بصلة، بل المراد تسبيح الاسم" تابع: "كما أمر بذكر اسمه والمقصود بتسبيحه وذكره هو تسبيح المسمى، فإن المسبح والذاكر إنما يسبح اسمه، ويذكر اسمه، فيقول: سبحان ربي الأعلى، ما قال: سبحان اسم ربي الأعلى" إيش الكلام هذا؟

طالب: ما صرح، وأحس في فهمي القاصر؛ لأنه قال: فالمراد أنه يسبح المسمى، وبعدين قال: يسبح باسمه؟

هو أمر بذكر الاسم، وأمر بتسبيح الاسم، والمراد تسبيح المسمى، الشيخ يرد على من يقول: إن الاسم صلة، الذي يقول: إن الاسم صلة واضح كلامه ما فيه إشكال {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] تقول: سبحان ربي الأعلى ما تقول: سبحان اسم ربي الأعلى.

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

 

...................................

يعني السلام عليكم، نعم هذا كلام أبي عبيدة الأول، والثاني عند من يقول: إنه صلة، وهو قريب من كلام أبي عبيد، شيخ الإسلام -رحمه الله- صفحة تسعة وتسعين ومائة من الجزء السادس يقول: "والتحقيق أنه ليس بصلة، بل المراد تسبيح الاسم، كما أمر بذكر اسمه، والمقصود بتسبيحه وذكره هو تسبيح المسمى، يقول: إنه لا يريد الاسم لذاته، وإنما يريد الاسم لمسماه، تسبيح الاسم لوقوعه على مسمى، أنت لا تسبح الحروف اسم، إنما تسبح المسمى بهذا الاسم.

بعد هذا يقول الشيخ -رحمه الله-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [(1) سورة العلق] هو قراءة بسم الله في أول السور، وهذه الآية تدل على أن القارئ مأمور بأن يقرأ باسم الله، وأنها ليست كسائر القرآن، بل هي تابعة لغيرها، وهنا يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، على هذا من قال: بسم الله الرحمن الرحيم من غير مناسبة يؤجر وإلا ما يؤجر؟ من غير مناسبة، لا لأكل ولا لقراءة ولا لذبح ولا لوضوء ولا لغير ذلك، لغير مناسبة؟ يعني إذا قلنا: أنها قرآن مستقل قلنا: يؤجر، كل حرف عشر حسنات، وإذا قلنا: كما يقول الشيخ: وأنها ليست كسائر القرآن بل هي تابعة لغيرها، وهنا يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، والخلاف في كونها آية أو ليست بآية سيأتي يعني بسطه -إن شاء الله-.

بل هي تابعة لغيرها، وهنا يقول: باسم الله الرحمن الرحيم، كما كتب سليمان، وكما جاءت به السنة المتواترة وأجمع المسلمون عليه، فينطق بنفس الاسم الذي هو اسم المسمى، لا يقول: بالله الرحمن الرحيم. يعني الله -سبحانه وتعالى- حينما يقول: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [(1) سورة العلق] هل الاسم مراد ذكره أو ليس بمراد؟ إذاً تقول: باسم الله ما تقول: بالله الرحمن الرحيم، وهذا يدل على أن لفظ الاسم أحياناً يكون مراد ومقصود، وأحياناً بعض النصوص تدل على أنه ليس بمراد، دقيقة جداً.

الخلاصة أن الحروف الألف والسين والميم غير مسمى باعتبار أن من يطلق هذا الاسم لا يريد إلا مسماه وكما تقدم في قولهم: أن من قال: نار لا يحترق لسانه، وإنما يدل على المسمى، فالمراد بالاسم المسمى كما في النداء، فإذا قيل: يا محمد لم يرد بذلك الحروف فقط، وإنما يراد المسمى بهذا الاسم، ....... والاسم هو عين التسمية، وهو عين المسمى باعتبار وغيره باعتبار، والباء للاستعانة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره: ابدأ أو اقرأ أو ابتدائي أو قراءتي أو باسم الله ابدأ تقدره متقدماً أو متأخراً، وإن قدرته متأخر وهو اسم وليس بفعل، إذا قلت: ابدأ باسم الله الرحمن الرحيم، قدرت فعل متقدم، أو تقول: ابتدائي باسم الله الرحمن الرحيم، قدرته اسم متقدم، إذا قلت: باسم الله الرحمن الرحيم ابدأ قدرته فعل متأخر، وإذا قلت: بسم الله الرحمن الرحيم ابتدائي، أربع صور؟ أيها أبلغ؟ ابدأ بسم الله الرحمن الرحيم فعل متقدم، ابتدائي بسم الله الرحمن الرحيم اسم متقدم، المتعلق، بسم الله الرحمن الرحيم ابدأ المتعلق فعل متأخر، بسم الله الرحمن الرحيم ابتدائي اسم متأخر، أيها أبلغ؟ فعل متأخر، لاحظوا يا لإخوان، لا تستعجلوا، لماذا صار الفعل المتأخر أبلغ؟

طالب:.......

إيه تقديم المعمول على العامل يدل على إيش؟ يفيد الحصر، وهذا مقصود، لكن كونه فعل أو اسم أيهما أبلغ؟ سلام الملائكة أو سلام إبراهيم؟ {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [(25) سورة الذاريات] المفسرون يتفقون على أن سلام إبراهيم أبلغ من سلام الملائكة، لماذا؟ لأن سلام الملائكة منصوب، وهو مصدر والمصدر نائب عن فعل، وسلامٌ اسم والاسم أبلغ من الفعل؛ لأن الاسم يدل على الاستمرار بخلاف الفعل الذي يدل على التجدد، وحينئذٍ يكون الأبلغ تقدير المتعلق متأخر ليفيد الحصر، واسم أيضاً يدل على الاستمرار.

طالب:.......

أو قراءتي أو ما أشبه، أو أكلي أو شربي.. إلخ.

والله: علم على الذات الإلهية –ترى باقي كلام كثير في البسملة- يقال: إنه الاسم الأعظم؛ لأنه يوصف بجميع الصفات، ويتبعه جميع الأسماء، كما في قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} [(22-23) سورة الحشر]...إلخ.

طالب: بالنسبة لـ(باسم فلان)؟

الجار والمجرور متعلق بأي شيء؟

طالب: مثلاً باسم مثلا ًالأمير الفلاني أو الملك الفلاني؟

إذا كان استعانة لا يجوز، إذا كانت الباء للاستعانة لا يجوز، هذا معناه، يعني مشابهةً بسم الله -سبحانه وتعالى- لا يجوز.

طالب: باسمكم جميعاً مثلاً نحيي فلان....

إيه، متعلق بنحي، كونك تحيي أنت وهم ما فيها شيء، ما في بأس.

طالب:.......

كونك تستعين بسم الله الرحمن الرحيم تقول: بسم فلان بن فلان.

طالب: تقول: بسم فلان نفتتح هذا المجلس.

شلون باسمه؟ إيش معنى باسمه؟

طالب: يعني على شرفه..

لا ما ينفع، هذا ما ينفع، شوف الحرف الذي أنت أدخلته، الباء وش معناها هنا؟