شرح العقيدة الطحاوية (47)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:

ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ولا نقنطهم."

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:ما

فيقول الطحاوي رحمه الله تعالى "ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم" نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم المحسن الذي فعل الإحسان ما الذي يعفى عنه وقد فعل الإحسان الأصل في أن ابن آدم خطاء ومهما بلغ من العمل والإحسان فهو خطّاء إلا من عصمه الله جل وعلا ومع ذلك لو قوبل إحسانه طول عمره بنعمة من نعم الله جل وعلا بنعمة من النعم التي لا تعد ولا تحصى ما قابلت هذه النعمة ما قابلت أعماله طول عمره هذه النعمة ولذا لن يدخل أحدكم عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته» فالمسلم وإن كان محسنًا المؤمن وإن كان محسنًا وإن بلغ إلى هذه المنزلة منزلة الإحسان إلا أنه لا غنى له عن عفو الله ومغفرته ولذلك لا يدخل المؤمن بعمله الجنة وإنما يدخل برحمة أرحم الراحمين وقوله جل وعلا {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [سورة النحل:32] هذه تدل على أن العمل يدخل الجنة ادخلوا الجنة قالوا دخلوا الجنة بالرحمة وبلوغ المنازل بالعمل منازل الجنة إنما هو بالأعمال وأما الدخول فبالرحمة قلنا أنه هذا الأصل فيه أنه محسن وهل معنى أنه محسن أنه لا يسيء؟ هل هو معصوم من الإساءة؟ لا، إلا الأنبياء الذين عصمهم الله تعالى وعلى هذا يرجى له وإن كان محسنًا لأن الإساءة محتمَلة ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته هذا دخول الجنة.

طالب: ..........

وش هو؟

طالب: ..........

أن يعفو عنهم، وش عندك؟

طالب: ..........

ونرجو من المحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم معروف الفاعل يحذف للعلم به ما فيه إشكال ويدخلهم الجنة من الذي يعفو من الذي يدخل الجنة

طالب: الله جل وعلا.

{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [سورة ص:32] وش اللي توارت لها ذكر؟ لا، يحذف للعلم به لا بأس والتصريح بما هو مجرد توضيح أيضًا وارد في النصوص وفي لغة العرب وما فيه إشكال لو صرح ما فيه إشكال ويدخلهم الجنة برحمته كما ذكرنا في الحديث وما ذكرناه في الآية وأجبنا عنه ومعروف عند أهل العلم ولا نأمن عليهم ولا نأمن عليهم لأن الإنسان مادامت روحه في جسده لا يؤمن عليه أن يزل وهذا منهج يرسمه ويتخذه المسلم لنفسه ولغيره حتى مهما بلغ من الإحسان في نفسه لا يجزم بأنه ناجي بل يرجو ويخاف ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة للمحسنين من المؤمنين لا نشهد لهم بالجنة إلا من شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- كالعشرة والحسن والحسين وثابت بن قيس ومن شهد لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أما من عداهم فهم في هذه المنزلة يرجى لهم الثواب ويخشى عليهم ولا نشهد لهم بالجنة وسيأتي بحث هذه المسألة وهي الشهادة للمؤمن المحسن بالجنة أو لا، والجمهور على أنه لا يشهد إلا من شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- ومنهم من قال أنه يشهد لمن اتفقت ألسنة أهل الخير بالثناء عليه فهم شهود الله في أرضه كما مُرَّ بالجنازة عليه -عليه الصلاة والسلام- فقال «وجبت» أثنوا عليها خيرا فقال «وجبت» قالوا وما وجبت؟ قال «الجنة أنتم شهود الله في أرضه» فيُثنى على مَن أو يشهد لمن اتفقت ألسنة أهل الخير بالثناء عليه كالأئمة المعروفين بالعلم والعمل والإخلاص ولكن هذا قول بعض أهل العلم وليس قول الجمهور على خلافه قول الجمهور على خلافه "ونستغفر لمسيئهم" المسيء لا نقنطه ولا يقنط بنفسه لكنه يستغفر ويُستغفَر له ونخاف عليهم يعني من العقوبات المرتبة على ما ارتكبوه من إساءة نخاف عليهم من نصوص الوعيد التي وردت في حقهم مما أساؤوا فيه ولا نقنطهم مثل ما قال والله لا يغفر الله لفلان فقال هذه الكلمة التي أوبقت دنياه وآخرته حينما قنَّطه.

اقرأ سم.

"قال الشارح رحمه الله تعالى:

وعلى المؤمن أن يعتقد الذي قاله الشيخ رحمه الله في حق نفسه وفي حق غيره قال تعالى {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [سورة الإسراء:57] وقال تعالى.."

ما يفعلونه من الأعمال المقرِّبة التي يتوسلون بها إلى رضى الله جل وعلا ومغفرته ورحمته يخافون يرجون ويخافون لا بد أن تكون هذه حال المسلم دائرة بين الخوف والرجاء فلا يأمن ولا ييأس بل يخاف ويرجو والمراد بالخوف النافع الذي يحث على العمل الصالح ويكف عن ضده وكذلك الرجاء وحال الناس حال الناس بين إفراط وتفريط ومن يوفَّق للوسط بأن يعمل الصالحات ويخاف من ردها هذه طريقة السلف من الصحابة ومن تبعهم بإحسان لكن بعض الناس يعمل عشرات السنين يتعبد ومع ذلك لا يطمع في الجنة حتى قال قائلهم أنا أنا أكتفي بالاستعاذة من النار أنا لست بكفؤ للجنة وقد تعبد سبعين سنة هذا قريب من اليأس نسأل الله العافية وبعضهم مجرد ما يصلي ركعتين أو يصوم يوم أو يفعل شيء من الأعمال الصالحة ينتظر التسليم هذا موجود وهذا موجود وبعضهم تُدَّعى له الولاية وهو ما عمل من الصالحات شيئًا ولا ترك من المنكرات شيئًا نسأل الله العافية يعني في طبقات الشعراني ذكر في ترجمة ولي من الأولياء على حد زعمه قال وكان رضي الله عنه لم يترك جريمة ولا منكر ولا فاحشة إلا ارتكبها وكان رضي الله عنه لم يفعل حسنة قط هكذا يقول الشعراني هذا ولي يدعون له الولاية وصاحب النسخة مالك النسخة السابق كتب عليها إذا كان هذا رضي الله عنه فلعنة الله على مَن؟! يعني المشكلة النظرة للنفس وللغير بهذه الطريقة معناها ضياع ضياع للدين وللدنيا وإهدار لنصوص الكتاب بل إهدار للدين بالكلية الدين أوامر ونواهي والتقوى فعل الأوامر وترك النواهي ولذا يقول الشيخ على المؤمن أن يعتقد أن هذا الذي قاله الشيخ في حق نفسه وفي حق غيره ثم ذكر الآية {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [سورة الإسراء:57].

"وقال تعالى {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [سورة آل عمران:175] وقال تعالى {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} [سورة البقرة:41] وقال تعالى {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [سورة البقرة:40] وقال تعالى {فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [سورة المائدة:44] ومدح أهل الخوف فقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ } [سورة المؤمنون:57-58]."

الخشية خوف وزيادة خوف مع تعظيم الخشية التي هي منزلة أهل العلم خوف وزيادة خوف يصحبه تعظيم لله جل وعلا وإلا فالخوف قد يحصل لغيره من من الأشياء الضارة لكن الخشية ما تحصل إلا لله جل وعلا.

"{إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [سورة المؤمنون:57-60]."

{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [سورة المؤمنون:60] يعملون الصالحات من الصلاة والصيام والحج والجهاد وغيرها من الأعمال الصالحة ومع ذلك قلوبهم وجلة أن ترد عليهم كما سيأتي في حديث عائشة.

"{أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [سورة المؤمنون:61] وفي المسند والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [سورة المؤمنون:60] أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال «لا، يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف ألا يُقبَل منه» قال الحسن رضي الله عنه عملوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا أن تُرَدَّ عليهم إن المؤمن جمع إحسانا وخشية والمنافق جمع إساءة وأمنا انتهى."

هذه حال الناس في القديم وفي الحديث تجد الرجل الصالح يعمل الصالحات وهو وجل وخائف وتجد المسيء المفرِّط يعمل السيئات ويفرِّط بالواجبات وإذا قيل له قال التقوى هاهنا ما هي مسألة لحية والا ثوب والا.. التقوى هاهنا يعني يجمع بين التفريط والإساءة والأمن من مكر الله والله المستعان.

"وقد قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة البقرة:218] فتأمل كيف جعل رجاؤهم مع إتيانهم بهذه الطاعات فالرجاء إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله تعالى شرعه وقدره وثوابه وكرامته."

أما من يرجو مع الإساءة فهذا متلاعِب هذا يضحك على نفسه ويخادع ربه يسيء ويرجو الأصل أنك تحسن وترجو أما أن تسيء فلا بد أن تخاف عاقبة إساءتك.

"ولو أن رجلاً ولو أن رجلاً له أرض يؤمل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يحرثها ولم يبذرها ورجا أنه يأتي من مغلها مثل ما يأتي مِن.."

مَن.

"مثل ما يأتي مَن حرث وزرع وتعاهد الأرض لعده الناس من أسفه السفهاء وكذا لو رجا وحسَّن ظنه أن يجيئه ولد من غير جماع أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب العلم وحرص تام وأمثال ذلك فكذلك من حسن ظنه وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات العلى والنعيم المقيم من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ومما ينبغي أن يُعلم أن من رجى شيئًا استلزم رجاؤه أمورًا أحدها."

ابن القيم رحمه الله في أوائل الجواب الكافي رد على الذين قالوا إن الدعاء مجرد تحصيل حاصل لا أثر له ولا فائدة فيه لأني إذا دعوت إن كان مكتوبًا لي فسوف يحصل دعوت أو لم أدع وإن كان ما دعوت به لم يكتب لي فلا فائدة في الدعاء ورد عليه ابن القيم بمثل هذا قال أنت ترجو الولد يعني ما تزوج لا تتزوج وانتظر الولد إن كانت مكتوب لك بيجيك الولد إن كان مكتوب لك ولد بيجيك وإن كان ما هو مكتوب لك ما هو بجايك تزوجت أو لم تتزوج ليش تتزوج أنت؟! هل يقول مثل هذا عاقل؟ يقول إن كان الولد مكتوب بيجي لو ما تزوجت هذه أسباب هذه أسباب وهي نافعة بإذن الله بجعل الله النفع فيها لا تؤثر بذاتها ولا تنفع لذاتها وليست مهملة مهدرة كما يقول بعضهم أن الأسباب لا قيمة لها بل تحصل الأمور عندها لا بها كما هو عند الأشاعرة في كلام يطول لكن المقصود أن بذل السبب مطلوب شرعًا مطلوب شرعًا وترك الأسباب قدح في العقل والاعتماد عليها قدح في الدين.

"أحدها محبة ما يرجوه الثاني خوفه من فواته الثالث سعيه في تحصيله بحسب الإمكان وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني."

الإنسان حينما يرجو الولد هل لأنه يحبه أو لا يحبه؟ مجبول على محبة الولد فمحبة ما يرجو حاصلة وخوفه من فواته إذا حصل هذا الولد أو خاف أن يفوته كما يقول الناس في تعبيرهم القطار وينتهي وقت النسل قبل أن يتزوج أو وجد هذا الولد فتجد خوفه على فوات هذا الولد أكثر من خوفه على نفسه لكن بقي الثالث وهو السعي في تحصيله أحد ينتظر السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة لا بد من السعي لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير الطير تبقى في أوكارها ويأتيها الرزق والا تغدو وتروح؟ تغدو خماصًا وتروح بطانًا فهو يسعى في تحصيله بحسب الإمكان.

"والرجاء شيء والأماني شيء آخر فكل راج خائف والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير مخافة الفوات وقال تعالى {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء:48] فالمشرك لا ترجى له المغفرة لأن الله نفى عنه المغفرة وما سواه من الذنوب في مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه وفي معجم الطبراني وفي معجم الطبراني."

فالمشرك لا ترجى له المغفرة بمنطوق الآية وما دون الشرك من المعاصي والبدع التي لا تخرج عن الملة والسيئات تحت المشيئة يبقى الشرك الأصغر الشرك الأكبر لا خلاف في دخوله في الآية دخولا أوليا وأما الشرك الأصغر فهو محل خلاف بين أهل العلم هل يدخل فيه {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [سورة النساء:48] وقال به جمع من أهل العلم في عموم لفظ الشرك أو يدخل فيما دون ذلك فيُغفَر المسألة خلافية بين أهل العلم ولفظ الشرك مخيف سواء كان أكبر أو أصغر ودخوله في عموم الشرك المنفي مغفرته في الآية ظاهر عند جمع من أهل العلم.

طالب: ..........

إيه نكرة في نكرة في سياق النفي.

طالب: ..........

على خلاف بينهم لكن دخول الشرك في {أَن يُشْرَكَ بِهِ} [سورة النساء:48].

طالب: ..........

وقد تكون (ال) جنسة (ال) التعريفية جنسية فتشمل الأكبر والأصغر يعني المؤول المصدر المؤول.

"وفي معجم الطبراني «عند الله يوم القيامة ثلاثة دواوين ديوان لا يغفر الله منه شيئا وهو الشرك بالله» ثم قرأ {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [سورة النساء:48] وديوان لا يترك الله منه شيئًا وهو مظالم العباد بعضهم بعضًا وديوان لا يعبأ الله به وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه."

هذا الحديث نسبه المصنف الشارح رحمه الله تعالى إلى الطبراني وهو عند أحمد في مسنده.

"وقد اختلفت عبارات العلماء في الفرق بين الكبائر والصغائر وستأتي الإشارة إلى ذلك عند قول الشيخ رحمه الله وأهل الكبائر من أمة محمد في النار لا يخلدون ولكن ثَم أمر ينبغي التفطن له وهو أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر وهذا مرجعه إلى ما يقوم بالقلب وهو قدر زائد على مجرَّد الفعل والإنسان يعرف ذلك من نفسه وغيره."

يعني ما يحتف بالفعل من تعظيم الله جل وعلا والخوف منه لا شك أن هذا يخفف من أثر الذنب أما الذنب ولو صغر مع الاستخفاف بمن عصاه لا شك أن هذا إساءة إلى إساءة وذنب إلى ذنب.

"وأيضا فإنه قد يعفى لصاحب الإحسان العظيم ما لا يعفى لغيره فإن فاعل السيئات تسقط عنه عقوبة جهنم بنحو عشرة أسباب عرفت بالاستقراء من الكتاب والسنة والسبب الأول التوبة قال تعالى {إِلاَّ مَن تَابَ} [سورة مريم:60] وقال تعالى {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ} [سورة البقرة:160] والتوبة النصوح وهي.."

التوبة بشروطها تجب جميع الذنوب بما في ذلك الشرك فالإسلام يهدم ما كان قبله {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَن تَابَ} [سورة الفرقان:68-70] فالتوبة تهدم ما ذكر وما دونه ذكر الشرك وذكر الزنا وذُكر القتل وذكر الزنا عظائم الأمور ثم قال {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ} [سورة البقرة:160] يكفي أن تمحى سيئاتهم؟ تبدل حسنات وهذا من فضل الله جل وعلا فهذه أعظم الأسباب الماحية لآثار الذنوب.

"والتوبة النصوح وهي الخالصة لا يختص بها ذنب دون لكن هل تتوقف صحتها على أن تكون عامة."

يعني من كل ما اقترفه من الذنوب أو يتوب من كل ذنب على حِدة له أن يتوب من الزنا وإن كان متلبسًا بالسرقة أو يتوب من السرقة وإن كان متلبسًا بذنب آخر هذا محل خلاف بين أهل العلم.

"حتى لو تاب من ذنب وأصر على آخر لا تقبل والصحيح أنه تقبل وهل يجب الإسلام ما قبله من الشرك وغيره من الذنوب وإن لم يتب منها أم لا بد مع الإسلام من التوبة من غير الشرك حتى لو أسلم وهو مصر على الزنا وشرب الخمر مثلاً هلا يؤاخذ بما كان منه في كفره من الزنا وشرب الخمر أم لا بد أن يتوب مع ذلك الذنب مع إسلامه أم لا بد أن يتوب من ذلك الذنب مع إسلامه أو يتوب توبة عامة من كل ذنب وهذا هو الأصح أنه لا بد من التوبة مع الإسلام وكون التوبة سببًا لغفران الذنوب وعدم المؤاخذة بها مما لا خلاف فيه بين الأمة وليس شيء يكون سببًا لغفران جميع الذنوب إلا التوبة قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [سورة الزمر:53] وهذا لمن تاب ولهذا قال {لا تَقْنَطُوا} [سورة الزمر:53] وقال بعدها {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [سورة الزمر:54] الآية السبب الثاني الاستغفار."

ولذلك اختلفوا في أرجى آية في كتاب الله فقال بعضهم {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [سورة الزمر:53] ورد عليه أن هذا في التائب وأما قوله جل وعلا {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء:48] هذه التعليق بالمشيئة مع عدم التوبة كما هو معلوم فتلك أرجى من هذه الآية يعني آية النساء أرجى من آية الزمر لأنها معلَّقة بالتوبة ويدل على تعليقها بالتوبة ما جاء بعدها من الآيات.

"السبب الثاني الاستغفار."

التوبة أطال ابن القيم في تقريرها وبيانها وما تتطلبه من شروط وغيرها وآداب في كتابه مدارج السالكين في كلام طويل جدًا ويحتاج إليه كل مسلم لاسيما طالب العلم وأوصى رحمة الله عليه بأن يهتم بهذا الكلام وقال لعلك أو علك ألا تجده في موضع آخر ألبتة يعني احرص عليه.

"السبب الثاني الاستغفار قال تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [سورة الأنفال:33] لكن الاستغفار تارة يذكر وحده وتارة يقرن بالتوبة فإن ذكر وحده دخل معه التوبة كما إذا ذكرت التوبة وحدها شملت الاستغفار فالتوبة تتضمن الاستغفار والاستغفار يتضمن التوبة وكل واحد منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق وأما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى فالاستغفار طلب وقاية شر ما مضى والتوبة الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله ونظير هذا الفقير والمسكين إذا ذكر أحد اللفظين شمل الآخر إذا ذكرا معًا كان لكل منهما معنى قال تعالى {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [سورة المائدة:89] وقال تعالى.."

في الكفارة إطعام عشرة مساكين أو إطعام ستين مسكينًا لو أطعم فقراء يجزئ والا ما يجزئ؟ يجزئ بلا شك وكذلك العكس في آية الفقراء يجزئ لو أطعم المسكين وإذا ذُكرا معا فلكل واحد منهما معناه كما في آية مصارف الزكاة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [سورة التوبة:60] ولكن الخلاف في الفقر والمسكنة أيهما أشد والجمهور على أن الفقر أشد والذي لا يمكن شيئًا والمسكين من يملك دون الكفاية وقال الحنفية بالعكس.

"وقال تعالى {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [سورة المجادلة:4] وقال تعالى {وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} [سورة البقرة:271] لا خلاف أن كل واحد من الاسمين في هذه الآيات لما أُفرد شمل المقل والمعدم ولما قرن أحدهما بالآخر في قوله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [سورة التوبة:60] الآية كان المراد بأحدهما المقل والآخر المعدم على خلاف فيه."

المعدِم يعني العادم تمامًا لما يمكن أن يستفاد منه أو المعدَم أو المعدوم كلها تصلح هنا كما جاء في الحديث في وصف خديجة للنبي -عليه الصلاة والسلام- وتكسب المعدَم أو المعدوم على ما جاء في رواية الصحيح.

"وكذلك الإثم والعدوان والبر والتقوى والفسوق والعصيان ويقرب من هذا المعنى الكفر والنفاق فإن الكفر أعم فإذا ذكر الكفر شمل النفاق وإذا ذكرا معًا كان لكل منهما معنى وكذلك الإيمان والإسلام على ما يأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى. السبب الثالث الحسنات فإن الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها فالويل لمن غلبت آحاده أعشارُه."

أعشارَه.

"أحسن الله إليك.

فالويل لمن غلبت آحاده أعشارَه."

ولو قال عشراته لكان أولى لأن العُشر.

طالب: ..........

عشراته هذا الصحيح لأن العشر من غلبت آحاده أعشاره العشر معروف أقل من الواحد والسيئات والمراد العشرات الحسنة بعشر أمثالها ما هي بأعشار فالصواب فالويل لمن غلبت آحاده وهي السيئات عشراته وهي الحسنات لأن السيئة سيئة جزاء سيئة سيئة مثلها والحسنة بعشر أمثالها.

"فالويل لمن غلبت آحاده عشراته وقال تعالى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [سورة هود:114] وقال -صلى الله عليه وسلم- «وأتبع السيئة الحسنة تمحها» السبب الرابع المصائب الدنيوية قال -صلى الله عليه وسلم- «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا غم ولا هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر بها من خطاياه» وفي المسند أنه لما نزل قوله تعالى {مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [سورة النساء:123] قال أبو بكر يا رسول الله نزلت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءًا فقال «يا أبا بكر ألستَ تنصب ألست تحزن ألست يصيبك الأدواء ألست يصيبك الآواء؟..»"

اللأواء.

أحسن الله إليك.

"«ألستَ يصيبك اللأواء؟ فذلك ما تُجزَون به» فالمصائب نفسها مكفِّرة وبالصبر عليها يثاب العبد."

الحديث له شواهد يعني يثبت بشواهده وإلا بمفرده فيه كلام لأهل العلم.

"وبالصبر عليها يثاب العبد وبالتسخط يأثم فالصبر والتسخط أمر آخر غير المعصية."

غير المصيبة.

أحسن الله إليك.

"فالصبر والتسخط أمر آخر غير المصيبة فالمصيبة من فعل الله لا من فعل العبد وهي جزاء من الله للعبد على ذنبه ويكفر ذنبه بها وإنما يثاب المرء ويأثم على فعله والصبر والسخط من فعله وإن كان الثواب والأجر قد يحصل بغير عمل من العبد بل هدية من الغير أو فضل من الله من غير سبب قال تعالى {وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [سورة النساء:40] فنفس المرض جزاء وكفارة لما تقدم وكثيرًا ما يفهَم من الأجر غفران الذنوب وليس ذلك مدلولُه."

مدلولَه.

أحسن الله إليك.

"وليس ذلك مدلولَه وإنما يكون من لازمه."

يعني المصائب كفارات وجاء ما يدل عليها وأيضًا جاء ما يدل على أنها تُرفَع بها الدرجات فيترتب عليها ثواب وإن كانت من فعل الله لا من فعل العبد والمرء إنما يثاب على فعله لكن هذا من فضل الله جل وعلا لكن هل يثبت الأجر والتكفير للذنوب بمجرد المصيبة ولو لم يصبر أو لا بدمن الصبر الذي هو من فعله؟

طالب: ..........

قالوا بهذا قال به الجمهور أنه لا بد من الصبر وقال بعضهم أن مجرد الإصابة بالمصيبة يكفِّر الذنوب وأجر الصبر قدر زائد على ذلك وكأن الحافظ ابن حجر دعم هذا القول.

"السبب الخامس عذاب القبر ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى السبب السادس دعاء المؤمنين واستغفارهم في الحياة وبعد الممات السبب السابع ما يُهدى إليه بعد الموت من ثواب صدقة أو قراءة أو حج أو نحو ذلك ويأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى."

على الخلاف بين أهل العلم فيما يصل من ثواب الأعمال الصالحة بعد اتفاقهم على أن الدعاء والصدقة وكذلك الحج والعمرة التي جاءت بها النصوص يصل ثوابها إلى مَن فُعِلَت عنه أو أهدي ثوابها إليه والجمهور على أن كل قربة فعلها المسلم ثم أهدى ثوابها لمن شاء من حي أو ميت وصل هذا قول الأكثر هذا قول الجمهور وبعضهم يقتصر على ما ورد فيه النص.

"والسبب الثامن أهوال يوم القيامة وشدائده السبب التاسع ما ثبت في الصحيحين أن المؤمنين إذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيُقتَصّ لبعضهم من بعض فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة."

طالب: ..........

إيه ما عمل ما فيه عمل لكنها مما يعد بالنسبة للناس مصايب لأن الأهوال والفزع والخوف وهذه الشدائد بمثابة المصائب لهم.

طالب: ..........

المقصود أنها مكفرات هذه ما هي من عمله هو.

"السبب العاشر شفاعة الشافعين كما تقدم عند ذكر الشفاعة وأقسامها السبب الحادي عشر عفو أرحم الراحمين.."

في البداية قال عشرة أسباب على سبيل الاستقراء وكله مأخوذ من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ثم قال السبب الحادي عشر والزيادة مقبولة.

طالب: ..........

فيُقتَص لبعضهم من بعض؟

طالب: ..........

إيه مجرد تطييب، المقصود أنه يُرضَى الخصم.

طالب: ..........

يرضى إما بتكثير سيئات أو بزيادة حسنات.

"السبب الحادي عشر عفو أرحم الراحمين من غير شفاعة كما قال تعالى {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء:48] فإن كان ممن لم يشأ الله أن يغفر له لعظم جرمه فلا بد من دخوله إلى الكير ليخلص طيب إيمانه من خبث معاصيه."

كما يدخل الذهب والفضة إلى الكير لتخلص من الشوائب كذلك يدخل المسلم الذي مات على لا إله إلا الله بسبب ذنوبهم ومعاصيهم ينقى ويخلَّص منها.

"فلا يبقى في النار من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان بل من قال لا إله إلا الله كما تقدم من حديث أنس رضي الله عنه وإذا كان الأمر كذلك امتنع القطع لأحد معيَّن من الأمة غير من شهد له الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالجنة ولكن نرجو للمحسنين ونخاف عليهم."

ونخاف على المحسنين وبالأولى والأحرى أن نخاف على المسيئين.

"قوله والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة."

طالب: ..........

يعني من باب أن نخاف المسيء يُخاف عليه.

طالب: ..........

المحسن يرجى له بعمله بأعماله الصالحة يرجى له الثواب في مقابل أننا نجزم له بهذا الثواب وإذا كان نرجو للمحسن فمن باب أولى أن نخاف على المسيء.

"يجب أن يكون العبد خائفًا راجيًا فإن الخوف المحمود الصادق ما حال بين صاحبه وبين محارم الله فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط والرجاء المحمود رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فهو راج لثوابه أو رجل أذنب ذنبًا ثم تاب منه إلى الله فو راج لمغفرته قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمة اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة البقرة:218]."

الخوف النافع والرجاء النافع هو ما يبعث على العمل هو ما يبعث على العمل وأما أن تخاف وأنت مستمر في عصاينك وغيك وضلالك هذا الخوف لا ينفعك وكذلك الرجاء إذا رجوت الله جل وعلا وأنت مصِرّ على ذنوبك هذا غرور هذا غرور واستدراج نسأل الله العافية.

"أما إذا كان الرجل متماديًا في التفريط والخطايا يرجو رحمة الله بلا عمل فهذا هو ال غرور والتمني والرجاء الكاذب قال أبو علي الروذباري رحمه الله الخوف والرجاء كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت."

معلوم أنه إذا ذهب الجناحان ما طار أصلا ذهبت الفائدة من الجناحين بالكلية إذا تعطل الجناحان ما طار والمسألة مفترضة في الطيران فإذا توازنا وصارا على حد سواء استوى الطيران واعدل وإذا ارتفع أحدهما وانخفض الآخر صار في الطيران من الخلل بقدره وعلى هذا يجب أن يكون الخوف والرجاء مستويان في حياة المسلم لا يزيد أحدهما على الآخر لا يزيد الخوف فيدعوه ذلك إلى اليأس والقنوط ولا يزيد الرجاء فيحمله ذلك على الأمن من مكر الله بل لا بد من الاستواء وبعضهم يقول إنه في حال الصحة يغلِّب الخوف ليزداد في العمل ويشمر ويجد ويجتهد فيما يوصله إلى الله جل وعلا وفي حال المرض يغلِّب جانب الرجاء ليتمنى لقاء الله.

"وقد مدح الله أهل الخوف والرجاء بقوله {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [سورة الزمر:9] الآية."

آناء الليل يعني آناء الليل كله قانت ساجد وقائم ومع ذلك يحذر الآخرة يعني أحسن العمل وعمِل ومع ذلك يحصل منه الخوف كما يحصل منه الرجاء وهذا مع حسن العمل.

"وقال تعالى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} [سورة السجدة:16] الآية فالرجاء يستلزم الخوف ولولا ذلك لكان أمنًا والخوف يستلزم الرجاء ولولا ذلك لكان قنوطا ويأسًا وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله تعالى فإنك إذا خفته هربت إليه فالخائف هارب من ربه إلى ربه."

كما جاء في الحديث نعوذ بالله من سخطه من عقوبته وبه منه وبك منك لا نحصي ثناءًا عليك قد يقول قائل أن عموم المسلمين خوفهم من عذاب الله يَخافون ويُخَوَّفون بالنار ويرجون ثواب الله وجنته فهم في الحقيقة يَخافون النار ويرجون الجنة ولذلك قال بعضهم {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [سورة الكهف:110] قال أن من كان خوفه من أجل النار ومن كان رجاؤه من أجل الجنة هذا مشرك قاله بعضهم هذا الكلام ليس بصحيح الذي يخاف النار هو يخاف النار لذاتها أو بمن سلطها.. مَن خلَقها وسلَّطها على عصاته يعني أنت وجدت عصا ملقى في الأرض تخاف منه؟! أو حتى سيف ملقى في الأرض تخاف منه؟! ما تخاف من السيف لكن سيف بيد رجل يهزه أمامك تخاف منه والا ما تخاف؟ تخاف من السيف والا من حامله؟ من حامله فالنار إنما يُخاف خالقها الذي أعدها للعصاة الذي يعذِّب بها وليس الخوف منها في الحقيقة فأنت تخاف من الله أن يعذِّبك بهذه النار.

"وقال صاحب منازل السائرين رحمه الله الرجاء أضعف منازل المريد وفي كلامه نظر بل الرجاء والخوف على الوجه المذكور من أشرف منازل المريد وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول الله.."

المريد اصطلاح صوفي يراد به الطالب بين يدي الشيخ ويجعلون الطالب ويسمونه المريد يخضع لشيخه ويتلقى كل ما يمليه عليه وهذه اصطلاحات صوفية لكن ابن القيم رحمه الله وجَّه كلام صاحب منازل السائرين في شرحه مدارج السالكين.

"وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء» وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول قبل موته بثلاث «لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه» ولهذا قيل إن العبد ينبغي أن يكون رجاؤه في مرضه أرجح من خوفه بخلاف زمن الصحة فإنه يكون خوفه أرجح من رجائه وقال بعضهم من عبَد الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحِّد ولقد أحسن محمود.."

يذكر عن رابعة العدوية أنها تقول ما عبدتك رجاء لثوابك ولا خوفًا من عقابك وإنما تذكر أنها عبدته حبًّا له وينطبق عليها هذا الكلام وهو مأخوذ من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

طالب: ...........

يزعم يدعي حب الله لا يخاف عقاب ولا يرجو ثواب يقول أنا مجرد محبة وهو يزعم محبة هذه ليست محبة المحبة التي لا تطابق ما جاء عنه جل وعلا هذه ليست محبة.

"ولقد أحسن محمود الوراق في قوله

لو قد رأيت الصغير من عمل

 

الخير ثوابًا عجبت من كبره

أو قد رأيت الحقير من عمل

 

الشر جزاء أشفقت من حذره

قوله ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما دخله فيه يشير الشيخ رحمه الله إلى الرد على الخوارج والمعتزلة في قولهم في قولهم بخروجه منم الإيمان بارتكاب الكبيرة وفيه تقرير لما قال أولاً إنه لا يكفِّر أحدٌ من أهل.."

يُكفَّر..

أحسن الله إليك.

"إنه لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله."

تقدم الكلام في هذه المعاني بالتفصيل في درس مضى.. نعم وتقدم..

"وتقدم الكلام على هذا المعنى قوله.."

يكفي بركة.

يقول: هل التوبة تبدِّل آثار الذنوب إلى عافية أو عاقبة فإن الله تعالى قال {إِلاَّ مَن تَابَ} [سورة مريم:60] {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [سورة الفرقان:70] وقال تعالى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا} [سورة الجاثية:21]؟

التبديل إلى حسنات هذا نص قطعي في القرآن ما أحد يخالف فيه لكن الكلام الذي فيه النظر هل هذه الحسنات المبدَلة من سيئات مثل الحسنات التي تعمل ابتداء مضاعفة يعني نفترض المسألة في شخصين في أخوين توأمين أحدهما يعمل بطاعة الله سبعين أو ثمانين سنة والثاني على العكس يعمل بالمعاصي منذ أن وُلِد إلى قرب وفاته ثم تاب توبة نصوحًا قلنا بُدِّلَت سيئاته حسنات لكن هل يستويان والا لا؟ بمعنى أن هذه السيئات المبدَلة حسنات الحسنة هذه المبدَلة بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة مثل الحسنات الأصلية شيخ الإسلام يقول فضل الله لا يُحَد ولا يوجَد ما يمنع لكن المقرَّر كما في الآية الأخرى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [سورة الجاثية:21] العدل الإلهي يجعل الذي عمل بطاعته طول عمره كمن عمل بمعصيته طول عمره نعم تبدل سيئاته حسنات لكن الذي يظهر أنها لا تضاعف وكل شيء له وكل بدل له حكم مبدله يأخذ حكم المبدل البدل يأخذ حكم أصله فالحسنات الأصلية مضاعفة والحسنات المبدلة لها حكم أصلها فلا تضاعَف وهذا الذي يقتضيه عدل الله جل وعلا وعجب ربنا لامرئ ليست له صبوةصله .

يقول: ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في ركوعه وسجود «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» فهل يجوز لي أن أقولها في ركوعي وسجودي فقط بدون أن أقول سبحان ربي العظيم؟

لا، الواجب في الركوع سبحان ربي العظيم والواجب في السجود سبحان ربي الأعلى وما زاد على ذلك مما ورد فهو سنة والله أعلم.

"