تعليق على مقدمة المؤلف وتفسير سورة الفاتحة من أضواء البيان (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدمة الله يحفظك.

المقدمة.

نعم مقدمة المؤلف.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي اصطفاه وجعله سيد ولد أجمعين، الحمد لله الذي أنزل على خاتم الرسل والأنبياء أكمل كتاب فكشف به ظلمات الجهل وأسباب العذاب، وأماط به عن نفائس العلوم وذخائرها الحجاب، وكشف به عن حقائق الدين وأسراره ومحاسنه النقاب، وأخلص به العبادة للعزيز الوهاب، وفتح به لنيل مآرب الدارين الباب، وأغلق باتباعه والعمل به دون الشر جميع الأبواب، تحيى بوابل علومه القلوب النيِّرة أعظم مما تحيى به الأرض بوابل السحاب، يتميز بتدبر آياته الخطأ من الصواب، والقشور من اللُباب، وتجل ألفاظه ومعانيه وأحكامه وأخباره عن الوصمة والعاب ص: ٢٩  وعد الله متبعه ما هو خير وأبقى وقال فيه فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، وأوعد المعرضين عنه من جميع الأحزاب بالنار قال:   ﯓﯔ هود: ١٧  وهو عامّ للكفار وشبه بالحمر المعرضين عنه من الكفرة قال: المدثر: ٤٩ - ٥٠  فيكفي المعرض عنه أنه حمار وأنه من حمير النار، وبين تعالى أن المعرض عنه يحمل القيامة ما لا يستطيع له حملاً قال: ﭪﭫ      طه: ٩٩ - ١٠١  فتح الله تعالى به قلوبًا غلفا، وأعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقال فيه     طه: ١٢٤  لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على طول التكرار ما تعاقب الليل والنهار، رفع الله تعالى به قومًا ووضع به آخرين وقال: ﭢﭣ ﭫﭬ         القلم: ٤٤ - ٤٥  وهو آخر الكتب السماوية عهدًا برب العالمين، فكل الشر في الإعراض عنه وكل الخير في الإقبال عليه فطوبى لمن كان حجة له وويل لمن كان حجة عليه ﯧﯨ ﯱﯲ فصلت: ٤٤  ففيه  للمطيع أعظم وعد، وللعاصي أشد وعيد، ومع هذا كله فإن أكثر المنتسبين للإسلام اليوم في أقطار الدنيا مُعرضون عن التدبر في آياته غير مكترثين بقول من خلقهم محمد: ٢٤  لا يتأدبون بآدابه ولا يتخلقون بما فيه من مكارم الأخلاق يطلبون الأحكام في التشريعات الضالة المخالفة له غير مكترثين بقول ربهم: المائدة: ٤٥  وقوله:  

سم الله يحفظك.

   النساء: ٦٠".

الظالمون أو الكافرون؟

الكافرون، هذه، لكن هذه مطبوعة في عصر المؤلف وتحت نظره.

أحسن الله إليك.

يريدون.

وهي أبلغ في الزجر.

"ﮋ        النساء: ٦٠  بل المتأدِّب بآداب القرآن المتخلق بما فيه من مكارم الأخلاق محتَقر مغمور فيه عند جلهم إلا من عصمه الله فهم يحتقرونه واحتقاره لهم أشد كما قال الشافعي- رحمه الله-:

فهذا زاهد في قرب هذا   .

 

وهذا فيه أزهد منه فيه   .

وإياك يا أخي ثم إياك أن يزهدك في كتاب الله كثرة الزاهدين فيه، ولا كثرة المحتقرين لمن يعمل به ويدعو إليه، واعلم أن العاقل الكيّس الحكيم لا يكترث بانتقاد المجانين واسمع قول الأديب الكبير محمد بن حنبل الشنقيطي الحسني رحمه الله.

محمد بنِ محمد بنِ.

محمد بنِ حنبل الشنقيطي الحسني- رحمه الله-:

لا تسيء بالعلم ظنا يا فتى"

لا تسئ.

مكتوبة على واو عندنا لا تسؤ من الإساءة.

لا تسئ بالعلم ظنا يا فتى 

 

إن سوء الظن بالعلم عطب 

لا يزهدك أخي في العلم أن     

 

غمر الجهال أرباب الأدب      .

إن ترى العالم نظرا..........      .

 

............................

نِضوا نِضوا.

"......... نِضوًا مُرملاً .

 

صفر كف لم يساعده سبب      .

وترى الجاهل قد حاز الغنى 

 

محرز المأمول من كل أرَب  .

قد تجوع الأسد في آجامها    .

 

والذئاب الغُبس تحتام........"

تعتام القتب.

"...........................            .

 

............ تعتام القتب             .

جزع النفس ...........        .

 

............................."             .

جرِّع النفس.

"جرِّع النفس على تحصيله  .

 

مضض المُرَّين ذلٍ وسغب  .

لا يهاب الشوك قطاف الجنى     .

 

وإبار النحل مشتار الضرب"  .

يعني العسل.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجميعن، أما بعد:

فهذا التفسير المبارك من تصنيف الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي- رحمة الله عليه- المتوفى سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وألف، قدِم إلى هذه البلاد في أوائل السبعينات حيث قدم مدرسًا في معهد عنيزة، ثم معهد الرياض، ثم في كلية الشريعة، وفي أوائل الثمانينات انتقل إلى المدينة للتدريس في الجامعة الإسلامية ومكث فيها اثنتي عشرة سنة ثم توفي- رحمة الله عليه- وكتابه هذا يشهد بصحة المقولة كم ترك الأول للآخر، خلافًا لمن يقول ما ترك الأول لآخر شيئًا، ففيه نوع تجديد في التفسير لكنه ليس ابتداعا ولا اختراعا إنما هو معتمد على ما يعتمد عليه أئمة المفسرين ولم يبتدع، والقرآن كما سيأتي في كلام المؤلف لا تنقضي عجائبه، وهو موجود في حديث علي ولا يخلق على كثرة الرد؛ ولذا تجدون المؤلفات في التفسير كثيرة جدًا وكل تفسير له منزع وله مشرب وفيه فائدة من أين جاءت هذه الفوائد؟ إنما هي من عجائب القرآن ومقل ومكثر، وللمتقدمين قصب السبق في هذا الباب ثم لحقهم أهل التحقيق من المتأخرين وغير المحققين أيضًا لهم يد في هذا الباب كل على مشربه ومنزعه، والشيخ المحقِق في هذا الباب- رحمة الله عليه- في أول الكتاب اختصر والموجود في الأشرطة من شرحه وتفسيره في المسجد النبوي أطول مما في الكتاب؛ ولذلك استدرك على الكتاب ما سُمي بالعذب النمير للشيخ خالد السبت من الأشرطة، ما جاء به من عنده من الأشرطة فرغ وطبعت مستقلة في أربع مجلدات، الشيخ- رحمه الله- له يد في كثير من العلوم وله مخزون ومحفوظ علمي هائل زاخر، يحفظ الدواوين بكاملها، ويحفظ من كتب الأدب الشيء الكثير، إضافة إلى الأصل من نصوص الوحيين، وليس مجرد ناقل أو جمّاع بل هو ناقد ويده في أصول الفقه لا تجارى ولا تبارى، وفي كتابه من المباحث الأصولية ما لو جُرِّد لجاء كتابًا حافلاً في هذا الفن، وله في لغة العرب الشيء الكثير، يحفظ بعض المعاجم بكاملها بحروفها، وهذه الميزة التي هي الحفظ موجودة إلى الآن في قومه الشناقطة، يوجد فيهم الحفظ الواسع، وكثير من طلاب العلم إذا نظر إلى هذا الحفظ مع ضعفه في هذا الباب في الحافظة وتضييع هذا الجانب المهم من جوانب أسباب التحصيل الذي هو الحفظ قال نعم هم يحفظون لكن الكلام على الفهم، كأنه يلمز أين هو من فهم هذا الجِهبذ العلامة الشنقيطي- رحمه الله- هل يدانيه في فهمه؟ ونعرف من الشناقطة من يحفظون الكثير وعندهم من الفهم الشيء الكثير ولله الحمد، نعم يوجد من يحفظ ولا يفهم كما أنه يوجد من يفهم ولا يحفظ واجتمع الأمران في مؤلِّفي تفسير الجلالين جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، السيوطي يحفظ كل ما وقف عليه وما وقع بين يديه، حتى أنه يذكر عن نفسه أنه يحفظ مائتي ألف حديث ومؤلفاته تشهد بهذا، وهو يقول عن نفسه لو كُلِّفت بنقل جبل لكان أسهل علي من مسألة حسابية ولا يقال أنه لا يفهم، عنده فهم لكن بالمقابل يعني بالنظر إلى حفظه أقل، فمحفوظه ومخزونه أكثر المحلي يقولون عنه أن فهمه يثقب ماذا؟ الألماس ما أدري ماذا قالوا؟

طالب: الفولاذ.

الفولاذ لا قالوا الألماس لا أدري شيء من هذا، المقصود أنه عنده من الفهم شيء، في تحليله لبعض المسائل الفقهية في حواشيه على المنهاج وغيرها يدل على ذلك لكن الحفظ ليس بذاك، عالج كراسة من التنبيه مدة طويلة حاول أن يحفظ عجز حتى أنه أصيب بارتفاع حرارة وظهر في جسمه بثور من كثرة الاهتمام لهذا الحفظ، والموفق من جمع الله له بينهما، قابلنا كثيرا من علماء تلك البلاد الشناقطة عندهم محفوظات مذهلة شيء ما كنا نتصور أن الحفظ الذي يذكر عن المتقدمين موجود إلى الآن موجود نظيره، وأحيانًا لا يخطر على بال إنسان أن أنه يوجد في عصرنا هذا مع وجود الملهيات ووجود المشغلات من يحفظ هذا المحفوظ ولا شك أن الحافظة غريزة ملكة منها ما هو جبلِّي غريزي مخلوق في الإنسان ومنها ما هو مكتسب ينمو بالتنمية، فهذه الغريزة إذا أُهملت ضعفت حتى تموت، وإذا سقيت كالزرع زادت ونمت، ويذكر عن بعضهم من مشاهيرهم في العصر الأخير من حضر مجلسًا فيه مناظرة شعرية عشرة من جانب وعشرة من جانب ،عشرة من هذه البلاد وعشرة من بلاد شنقيط والمناظرة حصلت هناك، ألقى العشرة من هذه البلاد قصائدهم قصائد ليست بالقصيرة ثم عارضهم الشناقطة بعشر قصائد انتهى الأمر وبعد عشر سنين سئل واحد من الشعراء في هذه البلاد عن قصيدته، قال والله لا أدري ما كتبتها ونسيتها، قال: والله خسارة تنسى، قال أحد الحاضرين هي مسجلة قالوا ما رأينا مسجلات، قال: الشيخ فلان حاضر وطلبوا منه أن يعيد قصيدة الشيخ فلان فأعاد العشرين بحروفها ما سمعها إلا مرة واحدة هذا لا يزال موجودا، يعني الشيخ هذا الذي أعاد القصائد توفي- رحمة الله عليه- لكن مازال الحفظ موجودا، بعضهم يحفظ فتح الباري بكامله، طلاب العلم عندنا إذا حفظ الأربعين قيل ما شاء الله نال خيرًا كثيرًا وهو كذلك نال خيرا- إن شاء الله- لكن بقدره، عندنا مع الأسف أنه مع بداية التعليم النظامي بسبب الوافدين من المعلمين من بلدان مجاورة من العرب شاع عندهم نظريات يسمونها تربوية ويقولون أن الحفظ يبلد الذهن وزهدوا الناس في الحفظ قالوا العبرة بالفهم، نعم الفهم له شأنه لكن لا يوجد علم شرعي إلا بحفظ النصوص ماذا تفعل بها؟ إذا جازت الرواية بالمعنى بالنسبة للحديث فما الشأن في القرآن؟ مع أن الرواية بالمعنى لا تجدي طالب العلم شيئًا بالنسبة للحديث فضلاً عن القرآن، فلا بد من الحفظ، قدم المؤلف- رحمه الله- بهذه المقدمة وذكر فيها ما سمعتم، وفيها يقول- رحمه الله-: وإياك يا أخي ثم إياك أن يزهدك في كتاب الله تعالى كثرة الزاهدين فيه ولا كثرة المحتقرين لمن يعمل به ويدعو إليه، الآن لو نظرنا حتى في الدروس العلمية وحتى في الدراسات النظامية تجدون نصيب القرآن وما يتعلق به أقل من غيره حتى في الكليات الشرعية، وفي دروس الشيوخ في المساجد كذلك أقل، ونظرتهم لمن يعلم القرآن نظرة أقل من نظرتهم إلى من يعلم الحديث أو الفقه أو العقيدة أو غيرها من العلوم، ويجلب لمن يعلم القرآن في المدارس أصحاب المؤهلات الأقل لا يشترطون مؤهلا عاليا وشخص متمكن في علمه أقل؛ ولذا تجدون وهذا مع الأسف أنه لا يوجد معلم حلقة تحفيظ دكتور يدرس في جامعة نجد مثل هذا؟ لا نجد، وهذا كله من أجل نظرة الناس إليه وإلا فالأصل أن ما صح به الخبر «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» حتى الشيوخ الكبار وكلوا هذا إلى من دونهم وتفرغوا لتعليم العلوم الأخرى، مع أن الإنسان لو خصص من وقته ساعة يعلم القرآن ليدخل في هذه الخيرية لكان خيرًا له، أنا سمعت أنه يوجد في الأحساء دكتور في الجامعة يحفِّظ القرآن فحمدته وشكرته على ذلك، لكن ما نجد في بلادنا ولا ما جاورها أحدا، تجده صاحب شأن ومرفوع الرأس بين الناس لحمله العلم يجلس يعلم الناس وكلوا هذا إلى من هو أقل منهم، ومع الأسف حتى في أقسام القرآن في الكليات تجدون معلمي القرآن شأنهم أقل ووظائفهم أقل لا يتطلبون لهم الشهادات أو ذوي الشهادات العالية لا شك أن هذا زهد في كتاب الله، وكل العلوم مندرجة في القرآن وبإمكان العالِم المتفنن لو مد في عمره فقط يحتاج إلى عمر طويل أن يدرج كل ما يحتاج إليه من العلم في كتاب الله، وما أدل على ذلك من أن كل العلوم فسِّر بها القرآن، الأثري فسر القرآن بالسنة ووجد لكثير من الأحاديث التي يحتاج إليها ما يدخله في تفسير الآيات، وصاحب العقائد أو المختص بالعقائد وما يسمى بعلم الكلام صار لهم نصيب وافر من التفاسير، وأيضًا الفقيه والأصولي والأديب والمؤرخ في كل العلوم بل كل العلوم تندرج في هذا الكتاب، يعني لو قدر أن أن شخصا يمد في عمره وهو متفنن وعنده جلد وصبر يستطيع أن يغني طالب العلم بتفسير القرآن لكن العمر لا يسع، ولا يوجد صبر وجلد ويتحمل، يؤلف كتابا بمئات المجلدات لكن الموجود إن شاء الله فيه خير وبركة يضم بعض التفاسير إلى بعض ويحصل منها خير كثير، ولا كثرة المحتقرين لمن يعمل به ويدعو إليه، ومع الأسف أن بعض من يتصدى لتعليم القرآن لاسيما النظامي نظرًا لدنو مرتبتهم في تحصيل العلم تجد عند بعضهم مخالفات وبعضهم لا يصلح أن يكون معلمًا للقرآن.

"أما بعد:

فإنا لما عرفنا إعراض أكثر المتسمين باسم المسلمين عن كتاب ربهم ونبذهم له وراء ظهورهم وعدم رغبتهم في وعده وعدم خوفهم من وعيده علمنا أن ذلك مما يعين على من أعطاه الله."

يعيِّن.

"علمنا أن ذلك مما يعيِّن على من أعطاه الله علما بكتابه أن يجعل همته في خدمته من بيان معانيه وإظهار محاسنه وإزالة الإشكال عما أشكل منه، وبيان أحكامه والدعوة إلى العمل به وترك كل ما يخالفه".

نعم، لما انتقل المؤلف- رحمه الله- من المقدمة الأولى وأراد أن يدخل في المقصود في بيان منهجه في كتابه جاء بكلمة الفصل أما بعد وهي من السنن المأثورة المروية عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبتت عنه في أكثر من ثلاثين حديثًا بهذه الصيغة أما بعد، مع أن المتأخرين استعاضوا عن أما بالواو، وقال الزرقاني في شرح المواهب إنها بدلا منها، والصحيح أنها لا تغني عنها لمن أراد أن يقتدي به -عليه الصلاة والسلام- لا بد أن يأتي بهذا اللفظ أما بعد ولا نحتاج إلى ثم لأنها لم ترد ولا في حديث واحد؛ لأن بعض الناس يقول الحمد لله رب العالمين إلى آخره ثم أما بعد ما نحتاج إليها ولم نقف عليها في كلام أحد من أهل العلم إلا في تفسير الطبري طبعة محمود شاكر قال إنها موجودة في بعض النسخ ولم يثبتها من طبع الكتاب، والطبعات السابقة ما فيها ثم، هي موجودة في بعض النسخ ولم يثبتها من طبع الكتاب جريًا على المألوف والعادة، إذا كان المألوف والعادة فيه الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فأي ضير في الجري عليه بل هو المتعين.

"واعلم أن السنة كلها تندرج في آية واحدة من بحره الزاخر وهي قوله تعالى:   ﮧﮨ الحشر: ٧  ومن أهم المقاصد في ذلك هذا الكتاب المبارك الذي هذه ترجمته واعلم أن من أهم".

الذي هذه مقدمته، والترجمة ما يترجم الشيء ويبينه ويوضحه، والشيخ وضح بعض المقاصد من خلال هذه الترجمة التي هي مقدمة وترجمته الكبرى الأولى في اسمه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن.

"واعلم أن من أهم المقصود في تأليفه أمران، أحدهما: بيان القرآن بالقرآن لإجماع العلماء على أن أشرف أنواع التفسير وأجلها تفسير كتاب الله بكتاب الله؛ إذ لا أحد أعلم بمعنى كلام الله- جل وعلا- من الله- جل وعلا-، وقد التزمنا ألا نبين القرآن إلا بقراءة سبعية سواء كانت قراءة أخرى في الآية المبيَّنة نفسها أو في آية غيرها، ولا نعتمد على البيان بالقراءات الشاذة وربما ذكرنا القراءة الشاذة استشهادا للبيان بقراءة سبعية وقراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف ليست من الشاذ عندنا ولا عند المحققين من أهل العلم بالقراءات".

سبق المؤلفَ الحافظُ ابن كثير في ذكر الآيات التي يبين بعضها بعضًا فابن كثير- رحمه الله- له عناية في جمع الآيات المتشابهة في مكان واحد سواء ذلك في تفسيره وأيضًا في تأريخه البداية والنهاية، تجده يجمع الآيات التي موضوعها واحد ويتكلم عليها فله سبق في ذلك وإن كان طريقة الشيخ الشنقيطي أوسع وأكثر فجعل هذا عنوان الكتاب في إيضاح القرآن بالقرآن، كما أن عناية الحافظ ابن كثير بالسنة وبيان القرآن بالسنة أكثر من عناية الشيخ محمد الأمين- رحمة الله على الجميع- ولكل كتاب ميزته هما يجتمعان في بيان القرآن بالقرآن ويزيد الشنقيطي في هذا الباب على ابن كثير، وابن كثير- رحمة الله عليه- يتميز بتفسير القرآن بالسنة ليس فيه أكثر مما في أضواء البيان رحم الله الجميع.

"وثانيهما".

وهذه الطريقة هي التي أشار إليها شيخ الإسلام ومن تقدم عليه من أهل العلم أنها هي أفضل التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن لأنه قد يكون الكلام في هذا الموضع مجملا وفي موضع آخر مبيَّنا ومفصَّلا فيُفَسَّر هذا بهذا ثم بصحيح السنة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أعلم الخلق بمراد الله- جل وعلا- الذي أرسله به، ثم بعد ذلك بقول الصحابة الذي شاهدوا التنزيل وعاصروا النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم بأقوال التابعين وغيرهم ممن سلك مسلكهم واقتفى أثرهم وشرب من مشربهم، وهذه طريقة السلف في القرون المفضلة، ثم بعد ذلك دخلت العلوم الأخرى على التفسير، ولا شك أن فيها خير وفيها نفع، وفُسر القرآن بلغة العرب، وكل مفسِّر زاول مهنته من خلال تفسيره النحْوي كأنك تقرأ في كتاب سيبويه، والفقيه كأنك تقرأ في كتاب فقه، والمتكلم كذلك، والأصولي والأديب كل له مشربه ومنحاه واختصاصه بحيث طغى ذلك على تفسيره، لكن على الإنسان أن يلاحِظ مراد الله- جل وعلا- من تنزيل كتابه ومعرفة أسباب النزول أمر في غاية الأهمية وأظن الشيخ سيشير إليها.

"وثانيهما بيان الأحكام الفقهية في جميع الآيات".

وثانيهما أو والثاني.

"أحدهما وثانيهما ".

ما الطبعة التي معك؟

"دار الحديث".

عندنا والثاني بيان الأحكام الفقهية.

"والثاني بيان الأحكام الفقهية في جميع الآيات المبيَّنة بالفتح في هذا الكتاب، فإننا نبين ما فيها من الأحكام وأدلتها من السنة وأقوال العلماء في ذلك ونرجح ما ظهر لنا أنه الراجح بالدليل من غير تعصب لمذهب معيّن ولا لقول قائل معيّن".

وهو في هذا متأثر تأثرًا كبيرًا بالقرطبي في تفسيره- رحمهما الله- وينقل عنه المسألة برمتها في كثير من المواضع ثم يقول قال مقيده عفا الله عنه ليبين رأيه في المسألة.

"لأننا ننظر إلى ذات القول لا إلى قائله؛ لأن كل كلام فيه مقبول ومردود إلا كلامه -صلى الله عليه وسلم- ومعلوم أن الحق حق ولو كان قائله حقيرًا، ألا ترى أن ملكة سبأ في حال كونها تسجد للشمس من دون الله هي وقومُها لما قالت كلامًا حقًا صدقها الله فيه ولم يكن كفرها مانعًا من تصديقها في الحق الذي قالت وذلك في قولها".

والحكمة ضالة المؤمن أنَّا وجدها أخذها وقبلها، والحق يقبل ممن جاء به، وقد توجد الفوائد في كتب ليس لها شأن يذكر، كما ذكرنا في مناسبات بيان معنى قول أبي حاتم الرازي بين يدي عدل، وأن الذي حل الإشكال كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني كان الحافظ العراقي يظنها تعديلا لما قالها أبو حاتم في جوارة بن المغلس بين يدي عدل قال عدله أبو حاتم وكان يقرأها بين يديَّ عدلٌ، الحافظ ابن حجر- رحمه الله- وهذا من نباهته رأى أن الأئمة على تضعيفه وأبو حاتم متشدد كيف يوثق هذا الراوي الضعيف مع تشدده لا بد أن تكون الكلمة لها معنى غير ما يظهر، يقول: بحثت فوجدت في كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة أن العدل ابن جز بن سعد العشيرة كان على شرطة تبّع وكان تبّع إذا أراد أن يقتل أحدا سلمه للعدل فقال له الناس بين يدي عدل يعني هالك تالف منتهي، ثم بعد ذلك وجد قصة في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهان القائد طاهر على مأدبة يأكل وكان أعور ومعه بعض أولاد الرشيد الصغار فأخذ واحد منهم هندباة لا أدري قرع أو كوسة أو باذنجان أو شيء فرمى بها عين طاهر السليمة فشكاه إلى أبيه فقال ضربني في عيني السليمة والأخرى بين يدي عدل يعني تالفة، فمثل هذه الكتب صحيح أن الانشغال بها يقضي على الأوقات وينساق الإنسان وراءها بحيث لو بدأ بها ما تركها تشد القارئ وتصده عما هو أهم منها لكن ما تخلو من فائدة؛ ولذا هذا مصداق كلام الشيخ ولو كان حقيرًا ، ومعلوم أن الحق حق ولو كان قائله حقيرًا، ويتعدى بعض من ينتسب إلى العلم من المعاصرين إلى أن يفيدوا من كتب المخالفين من اليهود والنصارى وغيرهم فينقلون منها ولسنا بحاجة إليها، هم يقولون الحق ضالة المؤمن لكن يبقى أن الخطر أيضًا موجود في كتبهم فلا يوثقون، عندنا ما يكفينا لسنا بحاجة؛ ولذا لما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- الورقة من التوراة في يد عمر -رضي الله عنه- قال: «أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟!» غضب عليه «والله لو كان موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي» فلا يتوسع الإنسان في هذا الباب باعتبار ما قيل من أن الحكمة ضالة المؤمن، بعض الكتب في التربية وعلم النفس مقدمة ومقدسة عند بعض المتخصصين ومؤلفوها من اليهود والنصارى لهم مؤلفات لاسيما في علم النفس ولهم نظريات ويعتنون بها ويحللونها ويقررونها وفي كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ما يغنينا عن ذلك كله، فالمقصود ولو كان قائله حقيرًا يعني ممن لا يُخاف منه وتُؤمَن غائلته على المسلم، أما من يخشى إضلاله للمسلم أو يستدرج المسلم في كلام يستهويه ثم بعد ذلك يجره إلى الزيغ والضلال هذا لا يجوز بحال، وللسخاوي كتاب اسمه الأصل الأصيل في ذكر الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل، قد يقول قائل شيخ الإسلام نقل من الإنجيل ورد عليهم في الجواب الصحيح، نعم قد يحتاج إلى شيء لنقضه كما يحتاج إلى كلام أهل البدع للرد عليها وهو مزلة قدم ليس لكل إنسان أن يتعرض لمثل هذا أو يعرض نفسه للخطر، نعم المتمكن الذي يريد أن يرد ويبين الحق مثل شيخ الإسلام لا بأس، كم من واحد نظر في كتب الكلام من أجل أن ينقد ثم تأثر بها وما تخلص منها عجز أن يخرج منها.

"وذلك في قولها فيما ذكر الله عنها      ﯺﯻ النمل: ٣٤  فقد قال تعالى مصدقا لها في قولها النمل: ٣٤ ".

يعني التعقيب وكذلك يفعلون من قول الله- جل وعلا- وليس من تمام قولها؛ لأنه تصديق لكلام غير المتكلم، يعني الشخص يتكلم ويصدق نفسه، نعم جاء في حديث جبريل أنه سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان وفي كل وفي كل ما يجيبه يقول صدقت فعجب الصحابة من كونه يسأله ويصدقه لكن هذا غير، هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- الله- جل وعلا- صدَّقها وأقرها في كلامه وقال: النمل: ٣٤  والكلام الحق حق والصدق صدق ممن جاء به والباطل باطل والكذب كذب ممن جاء به، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- في حق الشيطان صدقك وهو كذوب.

"وقد قال الشاعر:

لا تحقرن الرأي وهو موافق    

 

حكم الصواب إذا أتى من ناقص 

فالدر وهو أعز شيء يقتنى      .

 

ما حط قيمته هوان الغائص    .

وقد تضمن هذا الكتاب أمورًا زائدة على ذلك كتحقيق بعض المسائل اللغوية، وما يحتاج إليه من صرف وإعراب والاستشهاد بشعر العرب، وتحقيق ما يحتاج إليه فيه من المسائل الأصولية والكلام على أسانيد الأحاديث كما ستراه إن شاء الله".

وهذه أمور لا بد منها لمن يدرس النصوص، لا بد من معرفة ما يعين على فهم النصوص مما ذكره الشيخ سواء كانت في الكتاب أو في السنة، يأتي شخص غُفل لا يعرف من لغة العرب شيئا ولا يعرف من الوسائل التي يعتمد عليها أهل العلم والطرق التي يستعملونها والجوادّ التي سلكوها في فهم كلام الله وكلام رسوله ثم يفسر القرآن فيقع في الطوامّ، وموجود في الساحة تفاسير تضل من يقرؤها ليست مبنية على الأصول التي يعتمد عليها أهل العلم في تفسير كلام الله- جل وعلا- وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام- هي مجرد استنباطات عقلية لا تستند إلى أصل، يعني تفسير متداول بين الناس وموجود الآن في المكتبات الخاصة والعامة يقول ﮡﮢ   الأنفال: ٤٣  في هذا دليل على جواز التصوير من أين دلَّ على جواز التصوير؟! يقول ليس فيه شيء يغير الحقيقة إلا التصوير تصوره من بعيد يصير صغيرا، قال فعرضت هذا الاستنباط على شيخ من شيوخ الأزهر فقال بل يدل على وجوب التصوير، يعني مثل هذا الكلام يقال في كلام الله- جل وعلا-؟! هذه وسائل يفهم بها كلام الله؟! هذا الضلال بعينه، وكان الكتاب ممنوعًا في عهد الملك عبد العزيز وأصدر أمر ألا يدخل ثم دخل بعد ذلك وأرسل صاحبه خطابا للملك وقال إن الكتاب ترجم إلى لغة البوسنة والهرسك وجميع لغات العالم وتحرم منه بلاد الحرمين؟! تحرم منه بلاد الحرمين صيانة لكتاب الله- جل وعلا- وصيانة لأفهام الناشئة من طلبة العلم وهو أشبه ما يكون بكتاب علوم فيزياء وكيمياء وفيه تصاوير وفيه أشياء ونظريات وعلم الفلك كله مودع فيه وكل النظريات موجودة فيه بالتصوير والله المستعان.

طالب: فيه جواهر.

الجواهر.

طالب: أقول فيه جواهر.

ماذا؟

طالب: جواهر.

جواهر ماذا؟

طالب: جواهر التصوير.

هو الجواهر، اسمه جواهر مؤلفه طنطاوي جوهري، يذكر في البداية كلمتين أو ثلاث من غريب القرآن وقد يوافق وقد يخالف لكن الكتاب مبني على النظريات.

"كما ستراه-إن شاء الله تعالى-واعلم أن أنواع البيان المذكورة في هذا الكتاب المبارك كثيرة جدًا، وقد أردنا أن نذكر في هذه الترجمة جملاً من ذلك ليعلم بها الناظر كثرة ما تضمنه".

في تفاسير المعاصرين، تفاسير المتقدمين من العلماء المحققين هذه مفروغ منها، تفسير الطبري، تفسير البغوي، تفسير ابن كثير، والعلوم التي اعتمدت على العلوم الأخرى ينتفع بها مثل تفسير القرطبي في أحكام القرآن، وتفسير البحر المحيط في بيان اللغة والنحو والصرف وما أشبه ذلك يستفاد منه، للمعاصرين أيضًا مساهمات جيدة مثل هذا الكتاب مثل تفسير القاسمي تفسير جيد ومثل تفسير الطاهر ابن عاشور التحرير والتنوير نافع، على كل حال هناك تفاسير يستفاد منها وهي تفاسير بلغات العصر واضحة.

"ليعلم بها الناظر كثرة ما تضمنه هذا الكتاب المبارك من أنواع بيان القرآن بالقرآن ويكون على بصيرة في الجملة من فائدته قبل الوقوف على جميع ما فيه، وبعد ذلك نذكر مقدمة في تعريف الإجمال والبيان".

لأن موضوع الكتاب البيان فلا بد من معرفة معنى البيان، ولا يمكن معرفة البيان إلا بعد معرفة مقابله وهو الإجمال وما يحتاج إليه من مسائلهما من غير تطويل في ذلك، "ثم نشرع-إن شاء الله- في المقصود مرتبًا على ترتيب سور القرآن العظيم ونرجو من الله الكريم على ما فينا".

الترتيب ترتيب السور التي استقر عليها الأمر في المصاحف التي أمر عثمان بكتابتها وتوزيعها على الأمصار ودرج عليها علماء الأمة إلى يومنا هذا وخالف من خالف فبنى تفسيره على النزول، رتب القرآن على نزول السور الترتيب بالنزول، التفسير الحديث محمد عزة دروزة رتب على النزول أول ما بدأ بإقرأ.

طالب: .............

نعم، اسمه التفسير الحديث، وتفسير واحد نسيت اسم الكتاب لكن المؤلف عبد العزيز مُلَّا حويش أحد يعرفه أولا؟ كذلك رتبه على التنزيل، وقد خالفوا أو خالفا إجماع المسلمين وصنيعهم مرفوض باطل لأنهم خالفوا إجماع الأمة.

"ونرجو من الله الكريم على ما فينا أن نكون داخلين في قوله -صلى الله عليه وسلم- الثابت في صحيح البخاري من حديث أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» وفي رواية له: «إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه» كما نرجوه تعالى أن يوفقنا للعمل بما علمنا من كتابه".

بما علِمنا أو علَّمنا من كتابه كل واحد.

"بما علَّمنا من كتابه والتخلق بما فيه من المكارم والتأدب بآدابه وأن يعلمنا ما جهلنا ويذكرنا ما نسِّينا منه".

نسِّينا.

"وأن يذكرنا ما نسِّينا منه".

في الحديث الصحيح النهي عن قول نسيت كذا بل تقول نسِّيت لئلا تدخل في قوله جل وعلا:           ﭕﭖ طه: ١٢٦.

"وأن يرزقنا إخلاص النية في جميع الأعمال وأن يحفظ بفضله ورحمته".

يحفَظَنا أن يحفَظَنا يرزقنا ويحفظنا.

"وأن يحفظنا بفضله ورحمته من فساد القصد في الأعمال إنه رحيم كريم.

 اعلم وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه أن من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك بيان الإجمال الواقع بسبب اشتراك سواء كان الاشتراك في اسم أو فعل أو حرف ومثال الإجمال بسبب الاشتراك في اسم قوله تعالى: ﭼﭽ البقرة: ٢٢٨  لأن القرء مشترك بين الطهر والحيض، وقد أشار تعالى إلى أن المراد بأقراء العدة الأطهار بقوله الطلاق: ١  فاللام للتوقيت، ووقت الطلاق المأمور به فيه في الآية الطهر لا الحيض، وتدل له قرينة زيادة التاء في قوله ﭼﭽ البقرة: ٢٢٨  لدلالتها على تذكير المعدود وهو الأطهار فلو أراد الحيضات لقال ثلاث قروء بلا هاء؛ لأن العرب تقول ثلاثة أطهار وثلاث حيضات".

لا شك أن القرء مشترك بين الطهر والحيض حتى بإقرار المؤلف- رحمه الله- والعلماء يختلفون في المراد بالقرء فالمالكية والشافعية يرونه الطهر، والحنفية والحنابلة عندهم أنه الحيض، ومن أظهر ما يستدل به لقول الحنابلة والحنفية قوله -عليه الصلاة والسلام- في حديث المستحاضة في الصحيح «دعي الصلاة أيام أقرائك » هل يراد بها الطهر أو الحيض؟ الحيض بلا شك، تدع الصلاة في وقت الحيض أو في وقت الطهر؟ الشيخ- رحمه الله- رجح أحد معنيي المشترك باللفظ ﭼﭽ البقرة: ٢٢٨ لأنه لو كان القرء الحيض وواحده حيضة لقال ثلاث لوجوب المخالفة بين العدد والمعدود هذا الكلام صحيح، لكن قد يعامل اللفظ إذا كان مشتركا باعتبار اللفظ لا باعتبار المعنى، لو نظرنا إلى المعنى « أتبعه ستًا من شوال» نصوم الليل أو النهار؟ إذا نظرنا إلى المعنى نصوم النهار وهي ستة وليست بست لكن قد يكون سياق اللفظ باعتبار اللفظ لا باعتبار المعنى، والقرء لفظه مذكر وإن كان معناه يحتمل التذكير والتأنيث باعتبار أنه مشترك هذا متفق على أنه مشترك، لكن هل المراد به في الآية الحيض أو الطهر؟ لا شك أن الشيخ رجح ما يراه واستدل له وغيره رجح غير ذلك، على كل حال يترتب على الخلاف إذا قلنا المراد بالقرء الطهر والمراد بالقرء الحيض هو لا بد أن يكون الطلاق في طهر لم تجامع فيه، فإذا حاضت بعد هذا الطهر عند الحنابلة والحنفية يعد هذا الحيض من الثلاثة لكن عند غيرهم لا يعد إلا من الطهر الذي يليه من الطهر الذي يليه فتكون العدة أطول فقط، الأمر سهل يعني الخلاف يسير يعني المسألة أيام.

"وسترى بعض الكلام على هذه المسألة في هذه الترجمة وتحقيق المقام فيها بأدلته في سورة البقرة- إن شاء الله تعالى- ومن أمثلة الاشتراك في اسم قوله تعالى الحج: ٢٩  فإن العتيق يطلق بالاشتراك على القديم وعلى المعتَق من الجبابرة وعلى الكريم وكلها قيل به في الآية وتصريح الله بأنه أقدم البيوت التي وُضعت للناس في قوله".

لماذا سمي بالبيت العتيق؟ إما لقدمه آل عمران: ٩٦  أو لأنه عَتُق من الجبابرة الذين أرادوه بسوء فلم يقدروا عليه مثل أبرهة، أو لأنه كريم على الله- جل وعلا- وكل هذه  المعاني موجودة في هذا البيت، لكن هذا اللفظ يراد به أي المعاني الثلاثة؟ الشيخ رجح أنه القديم.

"وتصريح الله بأنه أقدم البيوت التي وضعت للناس في قوله        آل عمران: ٩٦  يدل للأول، ومثال الإجمال بسبب الاشتراك في فعل قوله تعالى      التكوير: ١٧  فإنه مشترك بين إقبال الليل وإدباره، وقد جاءت آية تؤيد أن معناه في الآية أدبر وهي قوله تعالى:          المدثر: ٣٣ - ٣٤  فتكون   التكوير: ١٧  الآية بمعنى أدبر يطابق معنى آية المدثر".

  التكوير: ١٧  في الآية.

"فيكون معنى   التكوير: ١٧  في الآية بمعنى أدبر يطابق معنى آية المدثر هذه كما ترى ولكن الغالب في القرآن أنه تعالى يقسم بالليل وظلامه إذا أقبل وبالفجر وضيائه إذا أشرق كقوله       الليل: ١ - ٢  وقوله        الشمس: ٣ - ٤  وقوله: الضحى: ١ - ٢  إلى غير ذلك من الآيات والحمل على الغالب أولى وهذا هو اختيار ابن كثير وهو الظاهر خلافًا لابن جرير".

وهنا إذا لم يتحدد المجمل مثل ما ذكر الشيخ في   التكوير: ١٧  أيد أن معناه أدبر بآية المدثر، ثم ذكر أن الغالب في القرآن أن الله- جل وعلا- يقسم بالليل في حال إقباله فما المرجح منهما؟ ابن كثير رجح الثاني وابن جرير رجح الأول، هل حصل في هذا بيان أو لم يحصل؟ أو مازال الإجمال؟

طالب: .............

مازال الإجمال وشغل الشيخ وما حشده للآيات، تبقى من المسائل التي تختلف فيها أنظار أهل العلم كغيرها من المسائل الاجتهادية وهذا كثير، فمن ترجح له الأول زال الإجمال عنده، ومن ترجح عنده الثاني زال الإجمال عنده، ومن تردد يبقى الإجمال عنده حتى يزول بمرجح آخر، وهذا كثير في القرآن يعني التشابه أيضًا نسبي قد يكون متشابه عند قوم ومحكم عند آخرين، وقد يكون الآخرون يرون عكس ما يراه الأولون، وقد يتوقف فيه أناس وقد ينجلي الأمر ويتضح لأناس بحسب ما أُعطوا من العلم وسعة الاطلاع.

"وسترى إيضاح هذا المبحث- إن شاء الله- في سورة في سورة التكوير، ومن أمثلة الاشتراك في فعل قوله تعالى:      الأنعام: ١  فإنه مشترك بين قولهم عدل بيه غيره إذا سواه به ومنه قول جرير:

أثعلبة الفوارس أم رياح           

 

عدلت بهم طهية والخشابا      .

أي سويتهم بهم وبين قولهم عدل بمعنى مال وصد ويدل للأول قوله تعالى           الشعراء: ٩٧ – ٩٨ ".

يعني التسوية عدل به غيره إذا سواه به، وهنا قال الشعراء: ٩٨  فالمراد بيعدلون يسوون بالله غيره.

"وقوله ﭿ      ﮇﮈ البقرة: ١٦٥  ومثال الإجمال بسبب الاشتراك في حرف قوله تعالى ﭢﭣ ﭦﭧ البقرة: ٧  فإن الواو في قوله: ﭢﭣ البقرة: ٧  وقوله البقرة: ٧  محتملة للعطف على ما قبلها وللاستئناف ولكنه تعالى بيّن في سورة الجاثية أن قوله هنا ﭢﭣ البقرة: ٧  معطوف على قلوبهم وأن قوله ﭦﭧ البقرة: ٧  جملة مستأنفة مبتدأ وخبر فيكون الختم على القلوب والأسماع والغشاوة على خصوص الأبصار والآية التي بين بها ذلك هي قوله تعالى:     الجاثية: ٢٣  وسترى في سورة البقرة الجواب عن آية النحل- إن شاء الله تعالى- ومن أمثلة الاشتراك".

حتى الإجمال يكاد أن ينتفي في سورة البقرة لأنه لما قال- جل وعلا- البقرة: ٧  ما ذكر بعدهما أخبارا البقرة: ٧  ولما جاء إلى الأبصار ذكر بعدها خبر ﭦﭧ البقرة: ٧  فتمت الفائدة في الوقف على قلوبهم وعلى سمعهم، لكن هل تمت الفائدة لو قال وعلى أبصارهم؟ لو قال وعلى أبصارهم وما ذكر غشاوة صار مثل الذي قبله لكن لما قال ﭦﭧ البقرة: ٧  ماذا يكون إعراب غشاوة إذا قلنا البقرة: ٧  الواو عاطفة وداخلة في الختم.

طالب: .............

خبر لماذا؟

طالب: .............

لو قلنا أنه مثل قلوبهم ومثل سمعهم داخل في الختم.

طالب: .............

صارت معطوفة لكن غشاوة ما محلها من الإعراب؟

طالب: .............

إذا قلنا إنها معطوفة مثل القلوب والأسماع قلنا غشاوة هذه ليس لها محل وجودها ليس له قيمة لا بد أن تكون الواو هنا استئنافية لتكون جملة مستقلة ويكون لغشاوة محل من حيث المعنى ومن حيث الإعراب، فالإجمال زائل حتى في آية البقرة هل ذكر بعد قلوبهم؟ ما ذكر خبرا ولا بعد سمعهم لا يوجد خبر.

طالب: .............

ماذا تقول؟

طالب: .............

هي غشاوة عن الختم أو هو غشاوة ما يستقيم.

طالب: .............

لا يستقيم ولذلك لما ذكر الخبر بعد الأبصار دون أن يذكر خبرًا للسمع والقلوب دل على أن الإجمال منتفي من أصله.

طالب: ............

لا لا.

طالب: .............

يعني الواو تكون مستأنفة من السمع.

طالب: .............

لكن في آية الجاثية.

طالب: .............

في آية الجاثية أفرأيت.

طالب: وختم على سمعه وقلبه.

لا، آية الجاثية مبينة واضحة لكن أنا أقول إذا قلنا وعلى سمعهم الواو محتملة للاستئناف لا بد من أن يقدر لها خبر ولا شك أن ما لا يحتاج إلى تقدير أولى مما يحتاج إلى تقدير.

سم.

"ومن أمثلة الاشتراك في حرف أيضًا الاشتراك في الواو من قوله ﯘﯙ   آل عمران: ٧ ".

أين؟ اللهُ؟ فيه من قوله   آل عمران: ٧.

ليس فيه لفظ الجلالة.

"الاشتراك في الواو من قوله   آل عمران: ٧  فإنها محتملة للعطف فيكون الراسخون في العلم يعلمون تأويل المتشابه، ومحتملة للاستئناف فيكون الله تعالى مستأثرًا بعلمه دون خلقه، وفي الآية قرائن ترجح أنها للاستئناف أوضحها ابن قدامة في روضة الناظر، قال: وفي الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه وتعالى منفرد بعلم تأويل المتشابه وأن الوقف الصحيح عند قوله تعالى: ﯘﯙ آل عمران: ٧  لفظًا ومعنى أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال".

لا ، أما اللفظ فلأنه ذم مبتغي التأويل.

"وأما المعنى فلأنه ذم.."

فيه سقط.

أين؟

"أما اللفظ فلأن الواو لو أراد عطف الراسخين لقال وأما المعنى فلأنه ذم مبتغي التأويل".

لفظًا ومعنى أما.

"أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال ويقولون آمنا به بالواو، وأما المعنى فلأنه ذم مبتغي التأويل".

ماذا عندك يا أبا عبد الله؟

طالب: .............

نعم أنا مراجع للروضة الجزء الأول صفحة مائة وستة وثمانين من الشرح لكن ما طبقت الكلام أنا وثقته فقط ولا طبقته صحيح واضح المقابلة ما تمت، ماذا يقول أما اللفظ.

"أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال".

لو أراد عطف.

"الراسخين لقال".

لقال.

"ويقولون آمنا به بالواو".

بالواو.

"وأما المعنى فلأنه ذم مبتغي التأويل".

صحيح.

"ولو كان ذلك للراسخين معلومًا لكان مبتغيه ممدوحًا لا مذمومًا ولأن قولهم آمنا يدل على نوع تفويض وتسليم لشيء لم يقفوا على معناه إلى آخره، وسترى تمامه وتفصيله إن شاء الله في سورة آل عمران".

ما الذي معك يا أبا عبد الله؟ أرني وجهه فقط الغلاف لا يهم.

مدني مصورة أرني إياه صورة هاتها أرى حرفها.

نعم هذه المدني الثانية والتي معي المدني الأولى كلها مطبوعة بالمدني.

طالب: ........

أنا رجعت لكلام ابن قدامة وبالجزء الأول من الشرح صفحة مئة وست وثمانين لكن ما قُدِّر أني أطبقه أنا قرأته.

طالب: .............

ما هذا؟

طالب: .............

لا، أنا مراجعه لا نحتاج إليه.

"ومن أمثلة الاشتراك في حرف قوله تعالى: ﭿ ﮀﮁ المائدة: ٦  فإن لفظة من مشتركة بين التبعيض وابتداء الغاية، وقد قال الشافعي وأحمد- رحمهما الله- هي في هذه الآية الكريمة للتبعيض فاشترطا صعيدًا له غبار يعلق باليد، وقال مالك وأبو حنيفة -رحمهما الله- هي لابتداء الغاية فلم يشترطا ما له غبار بل أجازا التيمم على الرمل والحجارة وقولهما أنسب؛ لأن قوله تعالى بعده المائدة: ٦  نكرة في سياق النفي زيدت قبلها لفظة من لتوكيد العموم، والنكرة إذا كانت كذلك فهي نص صريح في شمول النفي لجميع أفراد الجنس والتكليف بخصوص ما له غبار لا يخلو من حرج؛ لأن كثيرًا من بلاد الله لا يوجد فيها إلا الجبال أو الرمال، وسيأتي تحقيق هذا المبحث وإيضاحه بالسنة في سورة المائدة- إن شاء الله تعالى-".

يعني مما يحتاج إليه في بيان هذا الموضع حديث الخصائص «جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا» وفي رواية عند مسلم «جُعلت تربتها لنا طهورًا جعلت تربتها لنا طهورًا» فالذي يقول «جعلت لي الأرض» الأرض بجميع أجزائها وأفرادها طهور يشمل ما ذكر مما مال إليه مالك وأبو حنيفة وأنه يتيمم على كل شيء مما على وجه الأرض سواء كان له غبار أو ليس له غبار، وأما من قال أو اعتمد الرواية الأخرى «جعلت تربتها»‏ فإنه لا يتيمم إلا بتراب له غبار وهذا معروف عند الشافعية والحنابلة، وإذا أردنا أن ننظر إلى اللفظين في الروايتين ننظر ما بينهما من نسبة هل اللفظان من قبيل العموم والخصوص أو من قبيل الإطلاق والتقييد؟ هل التربة فرد أو وصف؟

طالب: .............

فرد إذًا عموم وخصوص، ومثل هذا العموم والخصوص إذا كان حكم العام هو حكم الخاص فإنه لا يقتضي التخصيص وإنما يفرد الخاص للعناية به والاهتمام بشأنه، وإذا قلنا إطلاق وتقييد وهذا الذي يعرف من مذهب من يخص أو يقيد الأرض بالتراب قال أن التراب وصف، ولا شك أن التراب فرد وليس بوصف وهذا المرجح إضافة إلى ما ذهب إليه ابن عبد البر والحافظ ابن حجر من أن أحاديث الخصائص لا تقبل التخصيص؛ لأن الخصائص تفضيل للنبي -عليه الصلاة والسلام- ولأمته والتخصيص تقليل لهذا التفضيل، لكن ما تؤخذ هذه على إطلاقها؛ لأننا إذا ما خصصنا في هذا الموضع تطبيقًا لقاعدة إذا كان حكم العام أو إذا اشترك العام والخاص في الحكم فإنه لا يخص العام بالخاص فإننا لا نستطيع أن نقول مثل هذا في حديث «لا تُصلُّوا إلى القبور» والنهي عن الصلاة في المقبرة ما نقول إن حديث الخصائص لا يقبل التخصيص؛ لأن الخصائص إذا كانت تشريفًا للنبي -عليه الصلاة والسلام- والتخصيص تقليل لهذا التشريف فإن مراعاة حقه -عليه الصلاة والسلام- مهم وفي غاية الأهمية ولا تتحقق إلا بهذا، لكن إذا تعارض حقه مع حق الله- جل وعلا-؛ لأن الصلاة في المقبرة وإلى القبور لا شك أنها من وسائل الشرك، ولا شك أن حماية جناب التوحيد وسد الذرائع الموصلة للشرك صيانة لحق الله- جل وعلا- ومراعاة حقه -عليه الصلاة والسلام- أولى، مراعاة حقه- جل وعلا- أولى من مراعاة حق غيره سبحانه وتعالى.

 

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"