هدي النبي في رمضان (25)

الحلقة الخامسة والعشرون.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أيها الإخوة المستمعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم إلى هذا اللقاء الذي يجمعنا بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله، فحيى الله فضيلته وأهلاً وسهلاً به معنا في هذه اللقاءات.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

فضيلة الشيخ تحدثتم في الحلقة الماضية، حول العمرة وفضلها وفي هذا اللقاء فضيلة الشيخ لو تفضلتهم ببيان بمَ تدرك العمرة هل لو أحرم المسلم المعتمر في يوم التاسع والعشرين أو الثلاثين من شعبان عصرًا ثم نزل إلى مكة وبدأ عمرته في..، بعد دخول الشهر فهل يدرك العمرة أم لا؟

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، من أحرم بالعمرة بعد دخول الشهر وأداها قبل خروجه فقد أدرك العمرة في رمضان قولاً واحدًا لكن ما الحكم إذا أحرم بها قبل دخول الشهر أو قبيل دخول الشهر ثم أدّاها بعد دخوله أو أحرم بها قبيل خروجه وأداها بعد خروجه هل تعد عمرة في رمضان ويترتب عليها الوعد المذكور في الحديث حديث ابن عباس الذي ذكر في الحلقة السابقة مقتضى كلام أهل العلم في لزوم الدم على المتمتع وأنه يشترط له شروط قالوا في الشرط الأول أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج لقوله تعالى: فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِ } البقرة: ١٩٦  والاعتبار بالشهر الذي أحرم بها فيه والاعتبار بالشهر الذي أحرم بها فيه، لا بالشهر الذي حل منها فيه فلو أحرم بالعمرة في شهر رمضان الذي الذي ليس من أشهر الحج ثم حلَّ منها بأن طاف وسعى وحلق وقصر في شوال الذي هو من أشهر الحج لم يكن متمتعًا؛ لأن الإحرام نسك يعتبر للعمرة أو من أعمالها فاعتبر في أشهر الحج كالطواف.. إلى آخره، مقتضى كلامهم هذا أن العبرة بالإحرام إن أحرم بها قبل دخول الشهر فليست عمرة رمضان ولو أديت في رمضان وإن أحرم بها قبل خروج الشهر فهي عمرة رمضان ولو أداها بعد خروجه، لكن كثير من الناس يحرص على أن يوقع الإحرام في عصر اليوم في عصر آخر يوم من شعبان لكي يتمكن من الصلاة صلاة قيام رمضان صلاة التراويح مع المسلمين صلاة كاملة؛ لأنه لو أخرها إلى المغرب فاته شيء من التراويح أقول مثل هؤلاء عليهم أن يحرصوا أن يوقعوا الإحرام بعد التأكد من دخول الشهر ومن لحظ الملحظ الذي ذكرته فلن يحرم الأجر إن شاء الله تعالى، لكن هذا مقتضى قول أهل العلم أنه يحرم بها لا بد أن يحرم بها بعد التأكد من دخول الشهر؛ لأن الإحرام نسك معتبر للعمرة ومن أعمالها فلا بد من اعتباره في شهر رمضان، هذا ما يقرره أهل العلم في هذه المسألة. وفضل الله واسع لا يحد، يعني لو سأل شخص وقال إنه أحرم وانتهى ماذا يلزمه هل يحرم ثانية بعد دخول الشهر أو يستمر في إحرامه ويؤدي بعد نقول فضل الله واسع ويرجى له حصول هذا الأجر إن شاء الله تعالى.

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم، أيضًا فضيلة الشيخ مما يلحظ هذه الأيام الفاضلة وخاصة في ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر، الازدحام الشديد من المعتمرين في هذه الليلة التي هي إحدى ليالي الوتر في هذه الليالي الفاضلة، هل لهذه الليلة ليلة السابع والعشرين مزية زيادة فضل؟ هل وجود العمرة في غيرها من الليالي أو غيرها من أيام رمضان ينقص من أجر كون هذه عمرة في رمضان؟

العمرة في رمضان يحصل الثواب المرتب عليها من أوّل لحظة يدخل فيها الشهر إلى آخر لحظة فيه على حد سواء، وكون المسجد الحرام يزدحم ليلة سبع وعشرين؛ لأنها يرجى أن تكون ليلة القدر هذه ليلة مرجحة عند كثير من أهل العلم أنها أرجى الليالي؛ لأن تكون ليلة القدر وقد قدمنا أن ليلة القدر متنقلة في ليالي العشر وهي في الأوتار آكد على ما تقدم بسطه، المقصود أن تحري ليلة القدر بالعمرة ليس لها..، ليس لها أجر قدر زائد من الأجر وليس لليلة القدر بالنسبة للعمرة فضل زائد إنما الذي ورد في ليلة القدر هو القيام، ولذا جاء في الحديث الصحيح من حديث أبي هريرة «من قام ليلة القدر من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا» وليس فيمن اعتمر ليلة القدر؛ إنما فيه «من قام» وعرفنا أن القيام يحصل بالصلاة والتلاوة والذكر ولا يحصل بأعمال أخرى، والله المستعان.

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ أيضًا فضيلة الشيخ الاهتمام بالتخفيف عن المسلمين إذا لحظ المسلم الازدحام الشديد في ذلك المكان الطيب الطاهر ثم أخّر أو قدّم عمرته في هذا الشهر الكريم ألا يكون في ذلك فضل له أو أجر باعتبار أنه يخفف عن إخوانه المسلمين؟

لا شك أن الأمور بمقاصدها فمن أدى العمرة في أول الشهر ورجع إلى بلده قصده التخفيف على غيره أو ليتمكن من أداء عبادته على الوجه الكامل مع حضور القلب؛ لأنه في الأماكن المزدحمة قد يفوت شيء من حضور القلب وقد يفوت شيء من أداء السنن نعم، فمن من عمل هذا العمل بهذه النية وأراد أن يخفف عن غيره وأن يؤدي العبادات المطلوبة منه في هذا الشهر المبارك على الوجه الأكمل في بلده؛ لأنه أنسب والفرص أكثر إتاحة له، لا شك أنه يؤجر على ذلك ويرجى أن أن يعطى من الأجر مثل ما لو مكث هناك.

أثابكم الله فضيلة الشيخ أيضا فضيلة الشيخ يعني مسألة أخيرة وهي أن بعضًا من الحريصين على الخير من المسلمين قد يذهب إلى مكة المكرمة ويحضر مع المسلمين ذلك الخير من قيام وصيام وعمرة لكن قد يحدث من البعض إهمال لمن هم تحت رعايتهم من أبناء وبنات وغير ذلك توجيهكم يا شيخ في لمثل هؤلاء.

نعم يوجد من بعض المسلمين مع الحرص على حصول الأجر العظيم المرتب على العمرة في رمضان على مضاعفة الأعمال هناك والصلاة بمائة ألف صلاة هناك، يحرصون على أن يذهبوا إلى مكة من أول الشهر إلى آخره وهذا عمل طيب يؤجرون عليه، لكن قد يحصل من بعضهم إهمال من تحت يده من استرعاهم الله سبحانه وتعالى إياه يهمل بعض الشباب وبعض الشابات وبعض النساء والذراري يخرجون ويدخلون بدون مراقبة بحجة أنه مشغول عنهم بملازمة هذا البيت الشريف، لا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح إذا كان ذهابه بهم يترتب عليه مفسدة لا شك أن درء هذه المفسدة أولى من جلب المصلحة المرتبة على مضاعفة الأجور هناك أيضًا كونه يذهب ويتركهم في بلده من دون رعاية ولا مراقبة هذه أيضًا مفسدة عليه أن يؤدي العمرة ويرجع إليهم إذا أراد يعتني بما استرعاه الله عليهم، أيضًا أقول بعض الناس إذا أهمل أولاده هناك وتركهم ذاهبين آيبين من غير مراقبة من غير مراقبة، لا شك أنه يشاركهم في الإثم لا شك أنه يكون شريكًا لهم في الإثم وهم أيضًا هم يؤذون الناس يؤذون الناس يؤذون المارة وهذا مشاهد في الشوارع والطرقات فضلاً عمن يخرج إلى الأسواق ويعاكس النساء هذا أمر موجود مع الأسف الشديد، والله المستعان.

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم، أيضًا لعلنا نختم هذا اللقاء فضيلة الشيخ وإن كان يعني باعتبار أن الشيء بالشيء يذكر، العمرة الرجبية يا شيخ هل ورد فيها شيء أم..؟

العمرة في رجب جاء فيها حديث ابن عمر في الصحيح يقول فيه: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رجب، لكن عائشة استدركت عليه كما في الصحيح فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا وهو شاهد تعني ابن عمر حاضر جميع العمر التي أداها النبي -عليه الصلاة والسلام- وما اعتمر في رجب قط فليس للعمرة في رجب مزية عن غيره من الشهور إلا عند من يقول قد يقول قائل لماذا نرجح قول عائشة على قول ابن عمر هما صحابيان وكلاهما منزلتهما معروفة في الدين هذا أمر آخر، لكن الجمهور على أنه لا مزية لعمرة رجب على غيرها من الشهور؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- أدرى بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- لقربها منه، فلذا رجح قوله على قول ابن عمر.

 

أحسن الله إليكم وأثابكم ونفع بما قلتم فضيلة الشيخ أيها الإخوة المستمعون الكرام بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة نتقدم في ختامها بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله شكرًا لكم أنتم مستمعينا الكرام نلقاكم بإذن الله تعالى في لقاء مقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"