شرح الموطأ - كتاب صلاة الكسوف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء.

كتاب: صلاة الكسوف: باب العمل في صلاة الكسوف:

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب صلاة الكسوف: باب العمل في صلاة الكسوف:

حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا)) ثم قال: ((يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا)).

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: خسفت الشمس فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس معه فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة، قال: ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد ثم قام قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله)) قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، فقال: ((إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أرَ كاليوم منظرًا قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء)) قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: ((لكفرهن)) قيل: أيكفرن بالله؟ قال: ((ويكفرن العشير، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط)).

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن يهودية جاءت تسألها فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائذًا بالله من ذلك، ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات غداة مركبًا فخسفت الشمس فرجع ضحى فمر بين ظهراني الحُجَر، ثم قام يصلى وقام الناس وراءه، فقام قيامًا طويلًا ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع ثم سجد ثم انصرف، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب صلاة الكسوف" الكسوف: مصدر كسف يكسف كسوفًا، وكسفت الشمس تكسف كسوفًا، وحكي ضم الكاف كُسفت وهو نادر، والكسوف في اللغة: التغير إلى سواد، ومنه كسف وجهه وحاله، وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها.

وفي مسلم عن عروة: "لا تقولوا: كسفت الشمس، ولكن قولوا: خسفت" الحديث الأول هنا في حديث الباب: خسفت الشمس، وجاء في الأحاديث الصحيحة من طرق كثيرة إطلاق الكسوف على الشمس، والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر، واختاره ثعلب، ليخص كل آية بلفظ، فيقال: كسفت الشمس وخسف القمر، وذكر الجوهري أنه أفصح، وحكي عكسه، وهو مقتضى كلام عروة أن الخسوف للشمس والكسوف للقمر، لكنه غلط لا سيما ما يتعلق بالقمر {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [(7، 8) سورة القيامة] هذا نص على أن ما يحدث للقمر يقال له: خسوف، وأما بالنسبة للشمس فجاءت النصوص باللفظين، هل جاء بالنسبة للقمر لفظ الكسوف في النصوص؟

طالب:......

نعم، يعني يقال: لا ينكسفان كما أنه يقال: لا ينخسفان على وجه التبعية للشمس جاء ذلك، وإلا فهل حصل القمر أن خسف في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لم يحصل، وهل كسفت الشمس أكثر من مرة في عهده -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم أهل السير مطبقون على أنها لم تكسف الشمس إلا مرة واحدة في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم موت إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أن مدلول الكسوف من حيث اللغة قالوا: إنه يطلق الكسوف والخسوف على كلٍّ من الشمس والقمر بدليل لا ينكسفان في بعض الروايات، ولا ينخسفان في روايات أخرى.

ولا شك أن معنى الكسوف غير معنى الخسوف من حيث اللغة، الفقهاء يقولون: إذا غابت الشمس كاسفة، أو طلعت والقمر خاسف لم يصلوا، إذا غابت الشمس كاسفة أو طلعت والقمر خاسف، هذا من باب تخصيص كل آية بلفظ، لم يصلوا، لماذا لا يصلون؟ تعليلهم؟

طالب:......

كيف؟ إذا غابت الشمس كاسفة غابت انتهى وقت النهي، هم يقولون لذهاب الانتفاع بهما، كأن المسألة من أجل مشروعية صلاة الكسوف من أجل أن ننتفع بهاتين الآيتين، والعلة المنصوصة التخويف، فإذا قلنا: إنه يصلى بعد غروب الشمس وهي كاسفة نحن لا ندري هل انجلى الكسوف أو لم ينجلِ؟ والحكم والأمر بالصلاة معلق برؤية الكسوف ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) وإذا طلعت الشمس والقمر خاسف انتهى لا يُرى، فهذا هو السبب الحقيقي في كون صلاة الكسوف لا تصلى إذا غابت الشمس كاسفة وطلعت والقمر خاسف.

مدلول الكسوف في اللغة غير مدلول الخسوف؛ لأن الكسوف التغير إلى السواد كما تقدم، والخسوف: النقصان، فإذا قيل في الشمس: كسفت أو خسفت لأنها تتغير ويلحقها النقص، يلحقها المعنيان معًا، وكذلك القمر، وحينئذٍ يصوغ إطلاق اللفظين على كلٍّ من الآيتين، ولا يلزم من ذلك ترادف اللفظين، نظير ما نحن فيه، وإن كان استطرادًا، ولعله يفيد -إن شاء الله تعالى- ما قيل بترادف الفرد والغريب، قالوا: هم مترادفان من حيث الأصل، ولا شك أن الفرد في اللغة له معنى، والغريب في اللغة له معنى، لكن من حيث الإطلاق الاصطلاحي كلٌ منهما يطلق على تفرد الراوي برواية الخبر، كون هذا يكثر إطلاقه في التفرد المطلق وهذا في النسبي هذا أمر ثان، لكن يقال: تفرد به فلان وأغرب به فلان، وإن كان اللفظ من حيث اللغة هذا له معنى وهذا له معنى، كما عندنا الآن.

بعض أهل الهيئة أهل الفلك يرون أن الكسوف لا حقيقة له، الآية لا تتغير، الشمس يبقى نورها موجود، القمر يبقى نوره موجود، إنما هو مجرد تغير بالنسبة للرائي، يقول: لا حقيقة له فإنها لا تتغير في نفسها وإنما القمر يحول بيننا وبينها، هذا بالنسبة لكسوف الشمس، قولهم في كسوف القمر: إن الأرض تقع بينه وبين الشمس، إذا حال القمر بيننا وبين الشمس تغطى جزءًا منها أو جميعها، ويأتي ما في الكلام من قبل ابن العربي، هم يقولون: إن كسوف القمر حقيقي؛ لأنه يلزم من القول بأن الأرض تحول دون رؤية القمر؛ لأنه يستمد ضوءه من الشمس، فإذا حالت الأرض بينهما خسف القمر، قولهم هذا يلزم عليه أو هو متفرعٌ من القول بدوران الأرض، لكن المتقدمون منهم لا يرون دوران الأرض، وهم يرون أن كسوف القمر حقيقي، بينما كسوف الشمس غير حقيقي، هؤلاء أهل الهيئة الذين هم علماء الفلك.

ابن العربي يقول: كلامهم غير صحيح، لماذا؟ لأن القمر أصغر بكثير من الشمس، حتى هم يذكرون أرقامًا  أصفارها ما تأخذها الأسطر، أرقامًا خيالية، لا يمكن أن تقرأ، يعني نسبة الأرض إلى الشمس، أو نسبة القمر إلى الشمس أضعاف أضعاف لا يحاط بها، فابن العربي يقول: كيف الصغير يحجب الكبير؟ الصغير كيف يحجب الكبير؟

طالب:......

بعد المسافة، لو توضع يدك أمام المنبر، هل فيه نسبه بين يدك وبين المنبر ذا؟ تغطيه لقرب مسافة القمر وبعد مسافة الشمس.

طالب:......

لا ما هو بحجب الأشعة، الحجب لمصدر الأشعة.

طالب:......

لا، هو حجب مصدر الأشعة، الآن الحجب للمصدر،.......هذا أكبر من هذا، فإذا قربتهم بالنسبة لك قد تكون الأشعة من الجهات الأخرى على أقطار أخرى منتشرة، فالحجب الآن للمصدر مصدر الأشعة، فكلام ابن العربي فيه ما فيه، وإن كنا قد لا نوافق على ما يقولون؛ لأن هذا أمر قد لا ندركه يعني، وخلافنا معهم إلا أنه بالنسبة لدوران الأرض هذا أمر لا نقول به لمخالفته الصريحة، أما كون الشمس بعد هم يقولون: الشمس ثابتة، وجريانها منصوص عليه في كتاب الله -جل وعلا-، فنحن لا نوافقهم فيما يقولون، هذه المسألة أنا أقول: قد لا يكون علمنا بها تامًّا وتصورنا كامل لها، إلا أننا نتعامل معها من خلال النصوص، الشمس تجري بالدليل القطعي، ومن قال: إنها لا تجري هذا يكفر بلا شك، أما مسألة دوران الأرض فهي مسألة خلافية، حتى بينهم هم يختلفون في هذا، ولا شك أنها راسية في أدلتنا الشرعية، وهل يختلف أو يتناقض ويتنافى دورانها مع كونها راسية أو لا يتناقض؟ المسألة قابلة للنظر؛ لأنهم من حيث الاستعمال يقولون: هذه السيارة راسية، راسية وهي تمشي مائتين، وليست ثابتة وواقفة وهي راسية بالفعل، لكن الكلام عندنا نصوص وتفسيره باللغة التي نزل فيها، ما هو باستعمالنا نحن، يعني ما نستدل بكون الأرض تدور وهي راسية باستدلالنا بكلام بعضنا لبعض أن السيارة راسية وهي تمشي، على كل حال هي مسألة عقيمة لا يترتب عليها عمل، نعم؟

طالب:......

الكسوف عندهم هو بالنسبة للرائي؛ لأنه شيء يحجب شيئًا وينتهي ضوءه، لكن الذي بين أيدينا من النصوص هو أنهما آيتان من آيات الله وجد هذا الكسوف من أجل التخويف، يخوف بهما عباده، وإذا قلنا مثل هذا الكلام -كلام أهل الهيئة- وأضفنا إلى ذلك أنه يدرك بالحساب، وعلمنا به قبل وقوعه ذهبت الحكمة من وجوده كما هو الواقع، قبل شهر يعلنون: أن الشمس تكسف في يوم كذا في الدقيقة كذا عن مكان كذا وتنجلي في وقت كذا، هل يدرك بالحساب؟ مسألة خلافية والواقع يشهد بأنه يدرك، لكن الإخبار بهذا الكسوف وبذلك الخسوف ليس من مصلحة المكلف؛ لأن الحكمة الشرعية من وجود الكسوف تنتفي، النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق وأعلم الخلق وأتقى الخلق وأخشاهم لله -عز وجل- خرج يجر رداءه يظنها الساعة، فمثل هذا والفزع إلى الصلاة دليل على أن هناك شيء مخيف، وطلب كشف هذا الأمر يدل على أنه لا ينتظر وجودًا ولا انتهاءً؛ لأنا نطلب كشفه، إذا عرفنا أنه بينكشف في ساعة كذا إذًا دعاؤنا عبث، إذا كان وجوده في الساعة الفلانية وانكشافه في الدقيقة أو الثانية الفلانية، إذًا دعاؤنا عبث ننتظر حتى ينكشف كما يقول كثير من الناس الآن، والذي أوجد هذا التغير في هذا الجرم الكبير قادر على أن يوجد ما هو أعظم منها، هذا اختلال في سير هذه المخلوقات العظيمة، والذي أوجد هذا الاختلال قادر على أن يوجد ما يتعلق بالبشر، ما يضرهم، والله المستعان.

طالب:......

يعني مسألة إدراكه هل يدرك بالحساب أو لا يدرك؟ نقول: على كل حال سواءً أدرك أو لم يدرك إعلانه لعموم الناس خطأ؛ لأنه بهذا الإعلان تذهب الفائدة والحكمة التي من أجلها وجد هذا الكسوف وهي التخويف.

الجمهور على أن صلاة الكسوف سنة مؤكدة، ونقل النووي الإجماع على ذلك، وصرح أبو عوانة في صحيحه بوجوبها قال: "باب وجوب صلاة الكسوف" وحكي عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة، ونقل عن أبي حنيفة الوجوب أيضًا، وفي الكسوف من الحكم... نعم؟

طالب:......

عامة أهل العلم على أنها سنة مؤكدة، لكن الأمر صريح: ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) الأمر صريح، والأصل فيه الوجوب.

طالب:......

نعم، ما نعرف صارفًا إلا ((هل علي غيرها؟)) قال: ((لا، إلا أن تتطوع)).

في الكسوف من الحكم ظهور التصرف الإلهي في هذين الخلقين العظيمين، وإزعاج القلوب الغافلة، وإيقاظ هذه القلوب المنصرفة، يقولون: فيه تنبيه على خوف المكر، ورجاء العفو، والإعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له فكيف بمن له ذنب؟! لأن هذه الأمور يخوف فيها المطيع والعاصي، وأشد من خاف النبي -عليه الصلاة والسلام-.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب العمل في صلاة الكسوف:

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أي في زمنه، في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال القائل: إنها انكسفت لموت إبراهيم، والعرب كانت تزعم أنهما لا ينكسفان إلا لموت أحد، لموت عظيم "فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس"، "خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى" العطف بالفاء يدل على أنه مباشرة، حتى أخذ بعضهم أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يحافظ على الوضوء فلهذا لم يحتج إلى الوضوء مباشرة صف، صلى على طول، لكن الحافظ ابن حجر يقول: فيه نظر؛ لأن في السياق حذف، الرواية الأخرى تدل على أنه تمهل، وحدث منه بعض التصرفات مرورًا بالحجر وغيرها على ما سيأتي.

"فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس فقام فأطال القيام نحوًا من سورة البقرة" كما في الحديث اللاحق حديث ابن عباس "نحوًا من سورة البقرة" وجاء أيضًا في حديث ذكره الفاكهاني أنه في القيام الأول قرأ سورة البقرة، وفي القيام الثاني قرأ آل عمران، وفي الثالث قرأ النساء، وفي الرابع قرأ المائدة، هذا ذكره الفاكهاني، أيهما أطول آل عمران وإلا النساء؟ النساء أطول، فهل هذا مؤيد بما معنا من أحاديث أو مردود؟

"فأطال القيام ثم ركع" نعم؛ لأنه يأتينا في الروايات كلها: "وهو دون القيام الأول"، "وهو دون القيام الأول"، "وهو دون القيام الأول" هذه نعرض لها في وقتها في الحديث الثاني -إن شاء الله تعالى-.

طالب:......

قرأ آل عمران ثم النساء هم يجيبون عن هذا، يعني إن ثبتت هذه الرواية بأنه يحتمل أنه رتل سورة آل عمران حتى صارت أطول من النساء؛ لأنه معروف من فعله -عليه الصلاة والسلام- أنه يرتل، ويمد بعض السور حتى تكون أطول من أطول منها، ولا يكون حينئذٍ فيه تعارض.

طالب:......

على كل حال على فرض صحتها.

"فأطال القيام ثم ركع" يقول ابن حجر: ولم أرَ في شيء من الطرق بيان ما قاله فيه -يعني في الركوع- إلا أن العلماء اتفقوا على أنه لا قراءة فيه، وإنما فيه الذكر كالتسبيح ونحوه، وقد جاء النهي عن القراءة في الركوع والسجود، "ثم ركع فأطال الركوع ثم قام قائلًا: سمع الله لمن حمده، فأطال القيام" يعني وقرأ بعد ذلك الفاتحة ثم السورة "وهو دون القيام الأول" المراد بالقيام الأول هنا الذي قرأ فيه سورة البقرة، خلونا مع القيامات الأربعة بالسورة من أجل أن نميز بينها؛ لأنه دون الأول، لا نستطيع أن نميز إلا بالسور، فنسمي القيام الأول: قيام سورة البقرة، والثاني: آل عمران، والثالث: النساء، والرابع: المائدة، خلونا على هذا من أجل أن نفهم الحديث وما جاء بعده.

"وهو دون القيام الأول" الذي هو قيام سورة البقرة، هذا ما فيه إشكال "ثم ركع فأطال الركوع -بالتسبيح ونحوه- وهو دون الركوع الأول" وهذا ما فيه إشكال أولية مطلقة "ثم رفع فسجد سجودًا طويلًا" كما في بعض الروايات "ثم فعل في الركعة الآخرة" يعني الثانية المشتملة على ركوعين، وقد فصلت في رواية: عمرو الآتية "ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم انصرف -من صلاته- وقد تجلت الشمس" عاد إليها نورها وضوؤها "فخطب الناس" وعظهم وذكرهم وكشف الشبهة أزال الشبهة التي في أذهانهم، "فحمد الله وأثنى عليه" تفريعية، "فحمد الله وأثنى عليه ثم قال.." واستدل بهذا من يقول: بأن صلاة الكسوف لها خطبة كالجمعة، "فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال.." إلى آخره هذه خطبة، وهذا معروف عند الإمام الشافعي وإسحاق، والأكثر على أنه لا خطبة لصلاة الكسوف.

كيف نجيب عن مثل هذا؟ "فخطب الناس، حمد الله، وأثنى عليه" نقول: في كلمة، في موعظة اقتضتها الحاجة لا أنها مرتبطة بالصلاة، إنما اقتضتها الحاجة لكشف لبس وموعظة وتذكير يقتضيه المقام، لكن إذا لم يقتضِ المقام تذكيرًا، إذا لم يوجد من يقول: إن الشمس تنكسف لموت أحد، وعلى هذا لو حصل الكسوف في يوم الجمعة وعظ الناس وذكروا في خطبة الجمعة هل هم بحاجة إلى خطبة ثانية؟ على القول بأن لها خطبة يقتضي على قول الشافعي وإسحاق، على القول الآخر أنه تم وعظهم وتذكيرهم في خطبة الجمعة ولا داعي لأن يخطبوا مرة ثانية، الظاهر أنها موعظة، يعني في مكانه يتكلم الإمام بما يراه مناسبًا للحاجة، وهذا قول الأكثر.

"ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات)) يعني علامتان من آيات الله الدالة على وحدانيته -جل وعلا- وعظمته ((لا يخسفان لموت أحد)) لأنهم ذكروا أنها إنما انكسفت لموت إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام- فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجتث هذه الشبهة من قلوبهم ((لموت أحدٍ ولا لحياته)) هل في أحد قال: إن الشمس تنكسف لحياة أحد؟ نعم ممكن؟

طالب:......

الموت لكن لحياة؟!

طالب:......

نعم، لا يعدم أن يوجد من يقول لحياة إلا أن الموت أظهر، العظيم تعرف عظمته قبل موته، لكن كيف نعرف أن هذا الذي ولد عظيم؟ نعم؟

طالب:......

يعني هو مجرد اعتقاد، ومنهم من يقول: إنه مبالغة في الإنكار، كما في حديث: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها" نعم؟

طالب:......

الاعتقاد ممكن أن يعتقد لا على التعيين، ما يقال: إن هذا الذي ولد اليوم هذا عظيم، يعني لا على التعيين ممكن، لكن الذي مات على التعيين لمن علم به.

((ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) ((إذا رأيتم ذلك)) في رواية: ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) ((فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) وهناك: النبي -عليه الصلاة والسلام- صلٍّى، وفي بعض الروايات -وهي صحيحة في الصحيح-: ((فصلوا)) وهذا أمرٌ بالصلاة، ومقتضاه أنها مرتبطة برؤية الكسوف، وعلى هذا لو حصل الكسوف في وقت نهي على القول بوجوبها لا إشكال، تصلى في وقت النهي، لكن على القول بأنها سنة، فمن يقول: لا تفعل ذوات الأسباب في وقت النهي ما تصلى، وهذا معروف عند الحنابلة والحنفية هذا قول، والمالكية في الجملة، لكن هذه الصلاة بعضهم يرى وجوبها فلا تدخل.

على كل حال مسألة فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي مسألة خلافية، لكن هذه الصلاة فيها من القوة والأمر الخاص وترتيب هذا الأمر على هذه الحادثة فيه ما يصلح لمقاومة أو لمعارضة أحاديث النهي، فالأظهر أنها تصلى.

((فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) من أجل؟ يعني قدِّموا شيئًا يكن سببًا لكشف ما بكم، كما أنه تسن الصدقة قبل صلاة الاستسقاء، الإنسان لا بد أن يقدم بين يدي طلبه شيئًا، الآن الصلاة طلبًا لانكساف أو لانكشاف ما بهم، ويقدم بين يدي هذا الطلب ما يقرب إلى الله -جل وعلا-.

مسألة سجود الشمس كل ليلة واستئذانها تسجد تحت العرش كل ليلة وتستأذن ولا يلزم من ذلك أن تفارق فلكها؛ لأن هذه أمور غيبية، ولو قلنا: إنها تفارق الفلك والآن بعد أن اكتشفت جميع أجزاء الأرض وأن الشمس لا تغاب عن الأرض، إذا غابت عن جزء طلعت على جزءٍ آخر، فأقول: إن هذا من الأمور الغيبية التي لا تدرك بالرأي، فإذا صحت عندنا الأخبار علينا التسليم، يعني كما نقول في النزول الإلهي؛ لأن بعضهم يورد -هذا حديث صحيح- الله -جل وعلا- ينزل آخر كل ليلة في الثلث الأخر بالأدلة القطعية وصلت إلى حد القطع، والثلث الأخير متفاوت من بلد إلى بلد، وأيضًا قد يكون فيه شيء من المعارضة، وجه معارضة لأحاديث الاستواء، وأدلة العلو، والذي قرره شيخ الإسلام أنه ينزل في آخر كل ليلة، وأنه لا يخلو منه العرش، سمعنا وأطعنا، هذا شيء لا يمكن أن نحيط به، وعلينا أن نعمل، وهذا من باب امتحان المكلف، وقدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.

"ثم قال: ((يا أمة محمد)) وفيه معنى الإشفاق، يعني كما يخاطب الوالد ولده ((والله -هذا قسم- ما من -من زائدة- أحد أغير من الله)) ((ما من أحد أغير من الله -جل وعلا-)) الله -جل وعلا- يغار أن تنتهك محارمه، ((ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته)) ولذا ظهور هذه الفاحشة مؤذن بخطر عظيم، مؤذن بتعجيل العقوبة، كثرة الزنا، وانتشار الفاحشة مؤذن بتعجيل العقوبة، ((يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم)) من عظيم قدرة الله -جل وعلا-، وانتقامه من المجرمين، وهذا هو الظاهر، وهو المناسب للبكاء، ومنهم من يقول: لو تعلمون ما أعلم من عظيم سعة رحمته وحلمه لبكيتم على ما فاتكم من ذلك، لكن الأول أقرب هو المناسب للبكاء ((لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا)) لتفريطكم، وهذا المواجه به الصحابة أفضل الأمة، فكيف بمن جاء بعدهم ممن جمع بين سوء العمل مع حسن الظن وطول الأمل؟ جاء في وصف خيار الأمة أنهم {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ} [(60) سورة المؤمنون] فجمعوا بين الخوف والوجل مع حسن العمل، على ضد ما نحن عليه، ونحن أولى بأن يوجه لنا هذا الكلام.

وعلى كل حال الطبيب الحاذق -كما يقول أهل العلم- يقابل العلة بما يضادها لا بما يزيدها، يقابل العلة بما يضادها، يعني رأيت الناس منصرفين عن الدين تعالجهم بنصوص الوعيد، ما داموا منصرفين يحتاجون إلى من يردهم، ما تقابلهم بفقه التيسير، لكن إذا وجدت أو عشت في بلدٍ فيه تشديد وغلو ومبالغة، أو أمامك شخص يتصف بهذا الوصف تعالجه بنصوص الوعد بسعة رحمة الله -جل وعلا-، لتكسر ما عنده، ولذا جاءت النصوص بهذا وهذا، جاءت بالوعد والوعيد، والموفق من يجمع بينهما، فلا يرجح الوعيد فيحمله ذلك على الخوف والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، ولا يرجح الوعد فيأمن من مكر الله، وعلى هذا ينبغي أن يعالج كل إنسان بما يناسبه من النصوص.

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس أنه قال: "خسفت الشمس" يعني على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصلى الناس معه، فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة" يقول هذا من؟ ابن عباس، واستدل بهذا من يقول: بأن قراءة صلاة الكسوف سرية، إذ لو كانت جهرية لعلم ابن عباس، لكن لا يمنع أن تكون جهرية ولبعده لم يسمع.

طالب:......

بعض الصحابة صلى من الزلزلة، بعضهم صلى، والجمهور على أنه لا يصلى إلا للكسوف.

يقول: "فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصلى الناس معه، فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة، قال: ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع من الركوع فقام قيامًا طويلًا -يعني بنحو آل عمران كما تقدم- وهو دون القيام الأول" وهذا القيام الثاني، والأول هنا أولية مطلقة، الأول الذي لم يتقدمه شيء "ثم ركع ركوعًا طويلًا دون الركوع الأول -الذي لم يتقدمه ركوع- ثم سجد -يعني سجد سجدتين- ثم قام قيامًا طويلًا -يعني بنحو سورة النساء- وهو دون القيام الأول" القيام الأول أي أول؟ الذي قبله أو الأول أولية مطلقة؟ يعني الأولية هنا يحتمل أن تكون أولية نسبية؛ لأن كل شيء أول بالنسبة للذي يليه، وهناك أولية مطلقة، يكون عندنا واحد أول والثلاثة التي تليه دون القيام الأول أولية مطلقة، أو دون القيام الأول الذي قبله، وعلى هذا يكون كل قيام دون الذي قبله، فالقيام رقم واحد أطولها، ثم الثاني يليه، ثم الثالث يلي الثاني، ثم الرابع يلي الثالث وهكذا، لكن إذا قلنا: دون القيام الأول أولية مطلقة قلنا: يمتاز الأول بالطول والثلاثة مساوية، طولها واحد لماذا؟ لأنه قيل في وصف الثاني والثالث والرابع دون القيام الأول، إذًا هي مستوية، واللفظ محتمل.

طالب:......

هذا إن ثبت، إن ثبت، لكن جاء ما يدل على أن كل واحد دون الذي يليه، وأيضًا سنة الصلاة أن كل ركعة دون التي قبلها، الركعة الأولى أطول من الثانية، والثالثة أقصر من الثانية وهكذا.

"ثم سجد" بعض الروايات: "سجودًا طويلًا" سجد سجودًا طويلًا، يقول: "ثم قام قيامًا طويلًا" يعني بنحو النساء "وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا" يعني بنحو المائدة "وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا دون الركوع الأول، ثم سجد سجدتين، ثم انصرف" من صلاته يعني بالسلام "وقد تجلت الشمس" الواو واو الحال، الحال أن الشمس قد تجلت قبل انصرافه منها، قبل انصرافه من الصلاة، لو انصرف من الصلاة والكسوف لم ينجلِ ينشغل بالذكر ولا تعاد الصلاة، ينشغل بالأذكار والتلاوة والدعاء والتضرع، ولا تعاد الصلاة.

"فقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته))" بل هما مخلوقان من مخلوقات الله -عز وجل- ((فإذا رأيتم ذلك -الكسوف- فاذكروا الله)) قالوا: يا رسول الله: رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا؟" تقدم وهو في محرابه تقدم "رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت -يعني تأخرت وتقهقرت- فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إني رأيت الجنة))" رؤية حقيقية عينية، كشفت له -عليه الصلاة والسلام-، ورفعت الحجب بينه وبينها؛ إكرامًا له -عليه الصلاة والسلام-، ولا يمنع من إرادة المعنى الحقيقي أي مانع، ((إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودًا)) فيه دليلٌ على وجود الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان خلافًا للمعتزلة، ((عنقودًا)) أي أردت أن أضع يدي عليه، وفي روايةٍ: ((فحيل بيني وبينه)) ((ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا)) لماذا؟ لأن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وهذا من ثمارها ((ورأيت النار فلم أرَ كاليوم)) يعني كالوقت الذي هو فيه ((منظرًا قط أفظع)) يعني أقبح ولا أشنع ((من ذلك المنظر، ورأيت أكثر أهلها النساء)) قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: ((لكفرهن))" الكفر اللغوي الستر والتغطية، تغطية الجميل والمعروف، ويشارك النساء من يتصف بهذا الوصف من الرجال، فكيف بمن يتصف بما هو أعظم منه؟! لأن الرجل إذا سمع هذا الكلام انبعثت عنده آمال كثيرة، ورأى فضله على النساء بمجرد أنهن يكفرن العشير، عند الرجال من المخالفات ما هو أعظم من ذلك، فإذا وجد مثل ذلك أو ما هو أعظم منه استوجب دخول النار، نسأل الله العافية "((لكفرهن)) قيل: أيكفرن بالله تعالى؟ قال: ((ويكفرن العشير)) الذي هو الزوج المعاشر ((ويكفرن الإحسان)) أي..

طالب:......

لا أكثر الروايات ما فيها هذا ((يكفرن العشير)) هذا تفسير، ((ويكفرن الإحسان)) إحسان الزوج، وهو عطف تفسيري يسمونه عطف تفسيري ((لو أحسنت)) هذه شرطية، ويحتمل أنها امتناعية ((لو أحسنت)) المخاطب ((لو أحسنت)) هذا خطاب لمفرد لكنه متجه لكلِّ من يتأتى خطابه بمثل هذا الكلام ((لو أحسنت لإحداهن الدهر كله)) يعني مدة عمرها ((ثم رأت منك شيئًا)) والتنكير للتقليل، هذا واقع النساء قليلًا لا يوافق غرضها من أي نوعٍ كان، لو كانت خراجة ولاجة، تخرج في كل يوم، ثم منعت في يوم واحد، قالت: العمر كله محبوسة في هذا البيت، ولو أنفقت عليها الأموال ومنعت مما تريد في يوم من الأيام لادعت أنها ما رأت خيرًا قط، نعم، والعبارة التي يرددنها: "أنها ما رأيت نوح، ولا باب مفتوح" هذه مشهورة عند الحريم، ثم رأيت منك شيئًا قليلًا لا يوافق غرضها من أي نوع كان ((قالت: ما رأيت منك خيرًا قط)) وهذا بيان للتغطية المذكورة والستر وكفر الإحسان المذكور في الحديث.

والإمام البخاري -رحمه الله- ترجم على الحديث: باب: صلاة الكسوف جماعةً، يعني وإن لم يحضر الإمام الراتب فيؤمُّ لهم بعضهم عند الجمهور، وعن الثوري إن لم يحضر الإمام صلوا فرادى، البخاري هذه الترجمة من أين أخذها من الحديث؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الإمام الراتب وهو الذي صلى بهم؟

طالب:......

((إذا رأيتم ذلك فصلوا)) نعم، وهذا مقتضٍ لأمر الجميع، وفي الحديث المبادرة إلى الطاعة عند رؤية ما يحذر منه، واستدفاع البلاء بذكر الله تعالى وأنواع طاعته، وفيه معجزة ظاهرة للنبي -عليه الصلاة والسلام- حينما كشفت له الجنة والنار، وما كان عليه -عليه الصلاة والسلام- من نصحٍ لأمته وتعليمهم ما ينفعهم، وتحذيرهم مما يضرهم، ومراجعة المتعلم العالم فيما لا يدركه فهمه، راجعوه حينما تقدم وتناول شيئًا، قالوا: رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، يسألونه ما السبب في هذا؟ فهي مراجعة من المتعلم العالم فيما لا يدركه، هؤلاء لا يدركون ما حصل، والتحذير من كفران المعروف، وجحد الحقوق، ووجوب شكر المنعم، فإذا وجب مثل هذا للزوج على زوجته فكيف بمن لا تحصى نعمه؟! وإطلاق الكفر على ما يخرج من الملة يعني كفرٌ دون كفر، وتعذيب العصاة من هذه الأمة، وجواز العمل القليل في الصلاة؛ تقدم وتأخر، هذا عملٌ قليل داخل الصلاة، وفيه: أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان خلافًا للمبتدعة الذين يقولون: إنما تخلق عند الحاجة إليها، وهذا قول المعتزلة.

طالب:......

هذا مجرد استفهام وإلا جاء في النصوص ما يدل على هذا وهذا على حدٍ سواء، جاء فيه هذا وجاء فيه ذاك، لكن أكثر ما يراد بالأكبر المقترن بـ(أل)، وإذا خلا من (أل) فالغالب أنه يراد به الأصغر دون كفر.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن -بن سعد بن زرارة الأنصارية- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يهودية" وفي رواية عند البخاري: "دخلا عجوزان من يهود المدينة" يعني على عائشة، الآن يهودية، والذي دخل ثنتان لا يمنع أن يكون الداخل اثنتين والمتكلم واحدة "أن يهودية جاءت تسألها" شيئًا تعطيه إياها "فقالت" اليهودية لعائشة: "أعاذك الله من عذاب القبر" هذا أمرٌ مقرر في الشرائع السابقة "فسألت عائشة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" قائلة: "أيعذب الناس في قبورهم؟" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عائذًا بالله من ذلك)) ((عائذًا بالله من ذلك)) منصوب على المصدرية بفعل محذوف بلفظ المصدر: أعوذ بالله عائذًا به من ذلك ((عائذًا بالله من ذلك)) أي من عذاب القبر، والمعتزلة ينكرون عذاب القبر، وقد طلب من شخص من أهل السنة أن يصلي على معتزلي فرفض، رفض، بإلحاح شديد قَبِل، وكأنه ليس من أهل العلم، فلما قَبِل كبر التكبيرة الثالثة فقال: "اللهم إن عبدك فلان ممن ينكر عذاب القبر فأذقه إياه" نسأل الله العافية.

"ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات غداة مركبًا" يعني ركب إلى تجهيز جنازة إبراهيم ابنه -عليه الصلاة والسلام-، ركب بسبب موت إبراهيم "فخسفت الشمس فرجع -من الجنازة- ضحى، فمر بين ظهراني -على التثنية- الحجر" أي بيوته -عليه الصلاة والسلام- "ثم قام يصلى صلاة الكسوف، وقام الناس وراءه يصلون فقام قيامًا طويلًا" نحو البقرة على ما تقدم "ثم ركع ركوعًا طويلًا" قريبًا من قيامه "ثم رفع فقام قيامًا طويلًا" وتقدم ما يدل على أنه بقدر آل عمران "وهو دون القيام الأول"، "ثم ركع ركوعًا طويلًا" يقرب من قيامه "وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول" هذا كله تقدم "ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول" وعرفنا المراد بالأولية في هذه المواضع هل هي مطلقة أو نسبية؟ "وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع -رأسه من السجود- ثم سجد -سجدتين طويلتين- ثم انصرف" من صلاته بعد التشهد بالسلام "فقال ما شاء الله أن يقول" يعني مما تقدم ذكره في حديث عائشة وغيره "ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر" قال ابن المنير: مناسبة ذلك أن ظلمة النهار بالكسوف تشابه ظلمة القبر وإن كان نهارًا، والشيء بالشيء يذكر، وفيه: أن عذاب القبر حق خلافًا للمعتزلة، قصة الأعرابي التي استدل بها في قوله -جل وعلا-: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(2) سورة التكاثر] على البعث لما سمع القارئ يقرأ: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(2) سورة التكاثر] قال الأعرابي: "بعث القوم ورب الكعبة" من أين أخذ؟ من الزيارة الزائر لا بد أن يقفل ويرجع.

وفي جميع هذه الروايات أن صلاة الكسوف ركعتان، في كل ركعةٍ ركوعان، هذا ما اتفق عليه الشيخان، وجاء في صحيح مسلم ثلاث ركوعات، وجاء أربعة، وجاء ما يدل على أنها خمسة في كل ركعة، وأهل العلم يختلفون في كيفية التوفيق بين هذه الروايات، ومنهم من يرى أن الصواب ما اتفق عليه الشيخان، وما عدا ذلك وهم، ومنهم من يصحح الجميع ويقول: بتعدد القصة، وهذا مسلك من يجبن عن توهين رجال الصحيح، وعلى كل حال الجبن في هذا الموضوع محمود، لكن يبقى أن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أقسم أو ذكر أن الكسوف لم يحصل إلا مرة، وأن إبراهيم لم يمت إلا مرة واحدة.

وعلى كل حال هما مسلكان في مثل هذا الاختلاف، منهم من يجزم ويحكم للأصح بأنه هو المحفوظ، وما يقابله يحكم عليه بالشذوذ ولو صح سنده، ولو وجد في الصحيح، ومنهم من يقول بتعدد القصة، وعلى كل حال أهل السير متفقون على أنها لم تحصل إلا مرة واحدة.

باب: ما جاء في صلاة الكسوف:

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- أنها قالت: أتيت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء، وقالت: سبحان الله، فقلت: آية؟ فأشارت برأسها: أن نعم، قالت: فقمت حتى تجلاني الغشي، وجعلت أصب فوق رأسي الماء، فحمد الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليه، ثم قال: ((ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبًا من فتنة الدجال -لا أدري أيتهما قالت أسماء- يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن -لا أدري أي ذلك قالت أسماء- فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا وآمنا واتبعنا، فيقال له: نم صالحًا، قد علمنا إن كنت لمؤمنًا، وأما المنافق أو المرتاب -لا أدري أيتهما قالت أسماء- فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته))".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في صلاة الكسوف" يعني غير ما تقدم.

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة" عن زوجته فاطمة "بنت" عمه "المنذر" بن الزبير بن العوام "عن أسماء" جدتهما، جدة هشام وزوجته لأبويهما "عن أسماء بنت أبي بكر الصديق" ذات النطاقين صحابية جليلة من فضليات الصحابة، تأخرت وفاتها إلى سنة ثلاثٍ وسبعين، ماتت عن مائة سنة، قالوا: لم يسقط لها سن، ولم يتغير لها شيب، متعت إلى أن عاشت مائة سنة.... والله المستعان "أنها قالت: أتيت عائشة" تعني أختها "زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس" وذهب ضوؤها "فإذا الناس قيام يصلون" للكسوف "وإذا هي -تعني عائشة- قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟" سألتها وهي تصلي، ما للناس؟ عائشة تصلي فسألتها أسماء ما للناس؟ مخاطبة المصلي ما حكمها؟ وإجابة المصلي بالإشارة المفهمة؟ جئنا بمثال قبل كم درس وقلنا: لو وقف متأخر في الصف وقال: كم صلوا قال جاره هكذا يعني ما أدري، جائز وإلا ما هو بجائز؟ المسألة حكم شرعي، سؤال يحتاج إلى جواب، والجواب بالإشارة هنا وهنا، يعني ما فعلته أسماء جائز وإلا ما هو جائز؟ وإشارة عائشة جائزة وإلا غير جائزة؟ جائزة، إذًا ما الذي يجيز هذه ولا يجيز تلك الصورة؟

طالب:......

يعني يتوسع في النافلة، لا، افترض أنها نافلة، قال: كم صلوا؟ صلاة التراويح، كم صلوا؟، على القول بوجوب صلاة الكسوف لا فرق، لكن يبقى أنه لو جاء في صلاة التراويح أو التهجد وقال: كم صلوا؟

طالب:......

الداعي مختلف، الداعي للكلام مختلف، طيب لو شخص مشغل المسجل يقرأ قرآنًا ويسمع هذا المصلي، يستمع وهو يصلي أليس فيه ما يشغله كشغل من يسأله بل أشد؟ المقصود أن على المصلي أن يقبل على صلاته هذا الأصل، عليه أن يقبل على صلاته بقلبه وقالبه، وأن يحضر قلبه، ويستحضر ما يقرأ وما يسمع من الإمام إن كان مأمومًا ليرجع بصلاته كلها إن أمكن وإلا فما قرب من الكل.

"وإذا هي -تعني عائشة- قائمة تصلي، فقالت: ما للناس؟" قائمين مضطربين فزعين ما لهم؟ ما شأنهم؟ "فأشارت عائشة بيدها نحو السماء" تشير إلى الكسوف "وقالت: سبحان الله" من التي قالت: سبحان الله؟ عائشة، المرأة إذا نابها شيء في صلاتها تسبح؟ تصفق هذا الأصل، لكن هل نابها شيء الآن؟ من التي قالت: سبحان الله أسماء وإلا عائشة؟ "فأشارت بيدها نحو السماء وقالت: سبحان الله" هذا يدل على أنها عائشة، "فقلت" هذا تعجب بذكرٍ مشروع، أقول: هذا تعجب بذكر مشروع لا يسمعها رجال، وجاء العموم: ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) هو شامل للرجال والنساء، ثم جاء المخصص للنساء، المقصود أن مثل هذا ليس مجالًا للتصفيق إنما هو للتعجب، نعم.

طالب:......

المقصود أن هذا ليس مقامه مقام التصفيق "فقلت: هذه آية؟" علامة للتخويف، من قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء] "فأشارت برأسها: أن نعم" برأسها هذه إشارة ثانية "فقلتٌ: آية؟" أسماء تقول: هذه آية؟ "فأشارت -عائشة- برأسها نعم" إشارة ثانية وسؤالٍ ثان، وفي رواية: "أي نعم"، "قالت: فقمت" أسماء "قالت: فقمت حتى تجلاني" قمت في الصلاة يعني معهم "حتى تجلاني" غطاني "الغشيُ" "حتى تجلاني الغشي" والغَشْي والغُشيّ نوع من الإغماء سببه طول التعب، تعب الوقوف، والمراد به هنا الحالة القريبة من الإغماء، حالة قريبة من الإغماء، يعني مثل الدوخة، وهذا يصاب به الإنسان إذا بلغه أمرٌ لا يحتمل، لا سيما إن وجد معه ضعف في البنية أو في الاحتمال والصبر، أو فقر دم يصاب بمثل هذا، "وجعلت أصب فوق رأسي الماء" في تلك الحالة يعني وهي تصلي؟ نعم؟

طالب:......

فقمتُ للصلاة، يعني معهم.

طالب:......

لا، لا، معهم "حتى تجلاني الغشي.." نعم؟ كيف؟

طالب:......

"وجعلتُ أصب فوق رأسي الماء" في تلك الحالة ليذهب هذا الغشي، وهذا يدل على أن حواسها موجودة ومدركة، يعني ما هو بإغماء كامل قريبٌ منه، دوخة يسمونها دوخة، "فحمد الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليه" من عطف العام على الخاص "ثم قال: ((ما من شيء من الأشياء كنت لم أره إلا قد رأيته))" رؤية حقيقية كما هو الأصل "في مقامي هذا" (هذا) صفة صلة لمقامه، الإشارة يوصف به وإلا يوصف؟ يوصف وإلا يوصف به؟ يوصف به، من يحفظ كلام ابن مالك؟ الذي يحفظ كلام ابن مالك نعطيه هذا الكتاب.

طالب:......

لا، لا.

ونعتوا بمشتقٍّ كصعبٍ وذرب

 

وشبهه كذا وذي والمنتسب

أين العربية يا الإخوان؟

((في مقامي هذا حتى الجنةُ والنارُ)) (حتى الجنةَ والنارَ) (حتى الجنةِ والنارِ) ضبطت بالحركات الثالث، فعلى رواية الرفع، حتى ابتدائية، الجنة: مبتدأ خبره محذوف تقديره مرئية، حتى الجنة والنار مرئيتان، أو حتى الجنة مرئية والنار كذلك، والنصب على أنها عاطفة على ضمير النصب في (رأيته)، إلا قد رأيته حتى الجنةَ، حتى رأيت الجنةَ، والعطف على نية تكرار العامل، والجر على أنها جارة أو عاطفة على المجرور وهو ماذا؟ ما من شيء، وإذا قلنا: عاطفة على (شيء) إما أن نجرها على لفظ (شيء) أو على محله، ما محله شيء؟ ما شيءٌ الأصل نعم مرفوعة.

((ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور)) تمتحنون تختبرون في القبور، أوحي إليه وأعلم بذلك في ذلك الوقت ((مثل فتنة الدجال أو قريبًا منها)) فتنة الدجال الكذاب "قالت" فاطمة -فاطمة بنت المنذر-: "لا أدري أيتهما قالت أسماء" مثل أو قريبًا هل بينهما فرق من حيث المعنى؟

طالب:......

مثل نعم مطابقة، طيب أو قريبًا؟ لكن هل تمكن المماثلة التامة من كل وجه؟ هل هي ممكنة؟

طالب:......

مثل أو قريبًا، على كل حال هذا تحري ودقة في التعبير.

"لا أدري أيتهما قالت أسماء" ((يؤتى أحدكم)) الآتي الملكان أسودان أزرقان، جاء تسميتهما بأنهما منكر ونكير، يعني على ما قيل في الخبر المتضمن التسمية ((يؤتى أحدكم في قبره فيقال له: ما علمك؟)) ما: مبتدأ وعلمك: خبره ((بهذا الرجل)) محمد -صلى الله عليه وسلم-، ما قالوا: ما رأيكم برسول الله؟ لأن هذا تلقين للجواب، تلقين للجواب، إنما قالوا: بهذا الرجل ليجيب بما يعتقد ((فأما المؤمن أو الموقن)) المصدق بنبوته -عليه الصلاة والسلام- "لا أدري أي ذلك قالت أسماء" المؤمن أو الموقن وكذلك هذا تحرٍّ ((فيقول: هو محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جاءنا بالبينات -المعجزات الدالة على نبوته- والهدى -الدلالة والإرشاد- فأجبنا وآمنا)) وهذا يرجح المؤمن أو الموقن؟ المؤمن ((واتبعنا)) بحذف ضمير المفعول للعلم به، يعني فأجبناه وآمنا به واتبعناه ((فيقال له: نم صالحًا -صالحًا حال- قد علمنا إن كنت لمؤمنًا)) من يعرب هذه: ((إن كنت لمؤمنًا)) (إن) هذه مخففة من الثقيلة، واسمها؟ ضمير الشأن، و((كنتَ لمؤمنًا)) جملة كاملة، والجملة في محل خبر (إن)، (إن) عاملة هذه وإلا مهملة؟

طالب:......

عاملة وإلا مهملة؟ إذا خففت (إن) لكن أيهما أفضل؟ {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طـه]

وخففت (إن) فقل العملُ

 

 

...................................

((وأما المنافق)) من لم يصدق بقلبه بنبوة محمد -عليه الصلاة والسلام- ((أو المرتاب)) الشاك، "لا أدري أيتهما قالت أسماء" وهذا أيضًا فيه تحرٍّ في موضعٍ ثالث ((فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته))، فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيضرب بمطرقة من حديد)) نسأل الله السلامة والعافية.

طالب:......

يسأل المؤمن امتحانًا له، ويسأل المنافق ليظهر زيف دعواه، لكن الكافر أصلًا ما ادعى أنه يتبع محمد -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:......

واليهود يفتنون؛ لأنهم يزعمون أنهم على دينٍ صحيح فيظهر لهم زيف دعواهم، على كل حال هذه أمور غيبية يدار فيها مع النصوص.

((سمعتُ الناس يقولون شيئًا فقلته)) يستدل بهذا من يذم التقليد، لا سيما في الأصول والعقائد، ولا شك أن الخبر ذمٌ لمن قلد في الأمور الظاهرة الجلية، لكن هناك من أمور العقائد مسائل دقائق لا يمكن إدراكها من جميع الناس، قد يدركها بعض الناس أما جميع الناس لا يمكن، فهل التقليد يذم من كل وجه؟ عوام المسلمين فرضهم التقليد، نعم الأمور الكلية المعروفة من الدين بالضرورة لا تحتمل التقليد، مثل الإيمان بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، هل يقول: أنا والله أنا عشت ببلدٍ يقولون: إن نبينا محمد وأقول أنا مثلهم؟ أو لا بد من الاعتقاد الجازم بأنه نبيٌ مرسل مصدق بلغ الرسالة وأدى الأمانة؟ نعم لا بد من الاعتراف بهذا، واعتقاد مثل هذا الأمر، وتصديقه بجميع ما أخبر به، وطاعته فيما أمر، المقصود أن الإيمان بالأمور الكلية لا بد منها، ولا يحتمل التلقيد، أما الجزئيات ولو كانت في الأصول يسوغ فيها التقليد.

طالب:......

العقيدة فيها مسائل كبرى لا يسع أحد جهلها، وفيها مسائل دقائق لا يدركها إلا أفراد الناس، لو كلف بها عموم المسلمين ما مشى أحد، صح وإلا لا؟ حتى الفروع أيضًا فيها ما لا يحتمل التقليد، وفيها ما يلزم فيه التقليد.

طالب:......

المقصود أنك تعتقد، يكفيك استفاضتها، وأنها بلغتك بطريقٍ ملزم مفيدٍ للعلم.

طالب:......

أما مسألة عدم الجزم بها المسائل الكبرى لا بد من اعتقادها والجزم بها، أما معرفة أدلتها فكونها يدركها هذا العامي بطريقٍ ملزم استفاضة بين المسلمين كلهم تكفيه، العامي الذي لا يحفظ من النصوص شيئًا كيف يلزم بأدلة؟ وقد لا يستطيع الحفظ أصلًا، لو حفظ ليل نهار ما قدر.

طالب:......

الأصول الثلاثة كانت يمتحن بها الناس، ويحفظون إياها في المساجد، كثير من العوام لا يستطيع حفظها، يعني إذا سألته من ربك؟ قال: ربي الله، وإذا سألته من نبيك؟ اكتفى بالأجوبة الثلاثة، والله المستعان.

طالب:......

الكسوف عرفنا صفة الكسوف، وأنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، من جاء والإمام راكع أو قبل الركوع الثاني هو انتهى من الركوع الأول وقام إلى القراءة للركوع الثاني من الركعة الأولى يقول أهل العلم: إن الركوع الثاني زائد لا تدرك به الركعة، والعبرة بالركوع الأول الذي هو ركن الصلاة...

"