شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (15)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في دورة العام الماضي تذكرون مسألة الإيقاد في ليلة عرفة وفي وقتها أطلنا الكلام فيها واحتمالات وكلام طويل، هذا يقول: أثناء قراءتي لكتاب: ملئ العيبة بما جمع في طول الغيبة" يعني رحلة ابن رشيد رحلة معروفة في خمسة مجلدات فيها فوائد في كل العلوم، ومن أنفس الرحلات، يقول في صفحة سبع وثمانين لكن ما ذكر الجزء قال: ورأينا في تلك الليلة عجبًا فيما ابتدعته العامة من الاستعداد والاحتفال بوقد الشمع بطول تلك الليلة بالجبل القائم في وسط عرفات المعروف عند العرب القدماء بإلال، وقد صنع له درج بالبناء من أمامه ومن خلفه فيرتقى إليه من طريق وينزل من أخرى، وربما التقى فريق مع فريق فيغص الجبل بالصاعدين والنازلين وهو يتأجج نارًا ويتموج كالبحر الزخّار، والطريق بالشموع في بسيط عرفات وأنت إذا نظرت إليه على بعد من المخيمات تراه كالشعلة الواحدة، يعني اختصر كلام ابن رشيد وهو كلام طويل في هذه المسألة، ومثل ما قلنا رحلة ابن رشيد مملوءة بالفوائد وابن رشيد معاصر لشيخ الإسلام ابن تيمية، شيخ الإسلام توفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وابن رُشَيْد توفي سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، تذكرون يا إخوان مسألة الإيقاد العام الماضي، ولماذا
لا يحصل الإيقاد ليلة عرفة؟ لماذا لا يحصل ليلة العيد؟ لماذا.. إلى آخره، وهل الإيقاد من أجل أن إضاءة المحل أو من أجل شيئ آخر؟، المقصود أنه كثر الكلام فيه وكلام ابن رُشيد -رحمه الله- حاسم في الموضوع، أيضًا للحافظ ابن كثير كلام في البداية والنهاية حول هذا الإيقاد لعلنا نحضره في وقت لاحق إن -شاء الله تعالى- .
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: وذلك أن الدين مبني على أصلين: ألا يُعبد إلا الله وحده لا شريك له، وألا يُعبد إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع، كما قال –تعالى-: ((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا))، الكهف: ١١٠. ولهذا كان عمر بن الخطاب --رضي الله عنه-- يقول في دعائه : اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل فيه لأحد شيئًا. وقال الفضيل بن عياض في قوله -تعالى-: ((ﭟﭠﭡﭢﭣ))، الملك: ٢. قال: أخلصه، وأصوبه. قيل: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصًا، ولم يكن صوابًا، لم يُقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا. والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة، وقد قال الله –تعالى-: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ))، الشورى: ٢١.والمقصود بجميع العبادات أن يكون الدين كله لله وحده، فالله هو المعبود، والمسؤول الذي يُخاف ويُرجى، ويسأل ويعبد، فله الدين خالصًا، وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا، والقرآن مملوء من هذا، كما قال تعالى: ((تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ))، الزمر: ١ - ٣ إلى قوله: ((قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي))، الزمر: ١٤ إلى قوله : ((قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون))، الزمر: ٦٤. وقال –تعالى-: ((ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله))، عمران: ٧٩ الآيتين، وقال –تعالى-: ((قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا))، الإسراء: ٥٦ الآيتين.
قالت طائفة من السلف كان أقوام يدعون الملائكة والأنبياء كالمسيح وعزير فأنزل الله –تعالى- هذه الآية، وقال –تعالى-: ((وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول)) الآيات ومثل هذا في القرآن كثير بل هذا مقصود القرآن ولبه وهو مقصود دعوة الرسل كلهم وله خلق الخلق، كما قال –تعالى-: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ))، الذاريات: ٥٦ فيجب على المسلم أن يعلم أن الحج من جنس الصلاة ونحوها من العبادات التي يعبد الله بها وحده لا شريك له وأن الصلاة على الجنائز وزيارة قبور الأموات من جنس الدعاء لهم، والدعاء للخلق من جنس المعروف والإحسان الذي هو من جنس الزكاة والعبادات التي أمر الله بها توحيد وسنة، وغيرها فيها شرك وبدعة كعبادات النصارى ومن أشبههم مثل قصد البقعة لغير العبادات التي أمر الله بها، فإنه ليس من الدين ولهذا كان أئمة العلماء يعدون من جملة البدعة المنكرة السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين وهذا في أصح القولين غير مشروع حتى صرَّح بعض من قال ذلك أن من سافر هذا السفر لا يقصر فيه الصلاة لأنه سفر معصية وكذلك من يقصد بقعة لأجل الطلب من مخلوق هي منسوبة إليه كالقبر والمقام أو لأجل الاستعاذة به ونحو ذلك فهذا شرك وبدعة كما تفعله النصارى ومن أشبههم من مبتدعة هذه الأمة حيث يجعلون الحج والصلاة من جنس ما يفعلونه من الشرك والبدع ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر له بعض أزواجه كنيسة بأرض الحبشة وذُكر له عن حسنها وما فيها من التصاوير فقال «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» ولهذا نهى العلماء عما فيه عبادة لغير الله وسؤال لمن مات من الأنبياء أو الصالحين مثل من يكتب رقعة ويعلقها عند قبر نبي أو صالح أو يسجد لقبر أو يدعوه أو يرغب إليه وقالوا إنه لا يجوز بناء المساجد على القبور؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال قبل أن يموت بخمس ليال «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» رواه مسلم وقال «لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً» وهذه الأحاديث في الصحاح وما يفعله بعض الناس من أكل التمر في المسجد أو تعليق الشعر في القناديل فبدعة مكروهة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: بعد أن ذكر ما ذكر مما يتعلق بمسائل التوحيد وما يتعلق بقصد البقاع والمشاهد من البدع وما يُذكر فيها من البدع التي لم ينزل الله بها من سلطان ولا جاءت على سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، قال "وذلك أن الدين مبني على أصلين" الدين كله مبني على أصلين، ومفرداته مبنية على أصلين، قبولها على الإخلاص والمتابعة، وبعض المخلصين قد يعمل عملاً ليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- وحينئذٍ لا ينفعه إخلاصه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث عائشة قال:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" يعني مردود عليه ولو كان مخلصا يتقرب به إلى الله -جلَّ وعلا- دون غيره، وإذا فقد الإخلاص كذلك ولو كان العمل على السنة لأن من شرط قبول العمل الإخلاص والمتابعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- هذان الشرطان لقبول كل عبادة، ومنهم من يكتفي بالثاني يقول: يكفي شرط المتابعة ولا داعي لاشتراط الإخلاص لماذا؟ لأنه إذا وجدت المتابعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- فالإخلاص موجود؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عمل عملا مجردًا عن الإخلاص فإذا تابعنا النبي -عليه الصلاة والسلام- فإن الإخلاص حاصل، ولكن ذكر الأمرين لا بد منه ؛ لأنه قد يكون العمل في الصورة وفي الظاهر على ضوء ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي كما رئي النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي، يأخذ أو يعمل المناسك على ضوء ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- وهذا في الظاهر، تخلف الإخلاص في الصورة مطابقة، الأمر الثاني أنه لأهمية الإخلاص ولو دخل في المتابعة لا بد من التنصيص عليه لأنه يغفل عنه كثيرًا، والنية كما يقول أهل العلم شرود لا بد من الاهتمام بها ولا بد من التنبه لها وأن تكون على بال الإنسان في كل وقت وفي كل عمل.
طالب: ...................
نعم قد يكون العامل مع إخلاصه لله -جلَّ وعلا- لكن يخدش في الإخلاص قصده حطام الدنيا، يخدش في الإخلاص أن يكون قصده ما يراه من رؤية أحد أو ممن يسمعه مثلاً في باب الرياء والسمعة، أو يكون الباعث على العمل -نسأل الله السلامة والعافية- غير الله -جلَّ وعلا- ويدخل في ذلك قصد الدنيا، قال:"وذلك أن الدين مبني على أصلين أن لا يعبد إلا الله -جلَّ وعلا-" ألا يعبد إلا الله وحده لا شريك له كما جاء في آخر آية الكهف أو في آخر آية من الكهف على ما سيأتي،"ولا يعبد إلا بما شرع لا نعبده بالبدع" كل بدعة ضلالة، ومن أهل العلم من يقسم البدع إلى بدع مستحسنة وبدع قبيحة، بل قسموها إلى الأحكام الخمسة: بدع واجبة قالوا وبدع مستحبة، بدع مباحة، وبدع مكروهة، وبدع محرمة، كيف يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- كل بدعة ضلالة ونقول بدعة واجبة؟ هذا تناقض وهذه معارضة ومضادة لحكم النبي -عليه الصلاة والسلام- وإن قال به جمع من الكبار قالوا بالتقسيم، لكن الشاطبي في الاعتصام رد هذا التقسيم بقوة، وقوض دعائمه ونقضه نقضًا مبرمًا -رحمة الله عليه- كيف يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- كل بدعة ضلالة ونحن نقول بدعة مستحبة، أو بدعة واجبة، هذه معارضة للنص، ويستروحون ويميلون إلى ما ذهبوا إليه؛ استدلالا بقول عمر: "نعمة البدعة" سماها بدعة ومدحها؛ لأن نعم حرف مدح أو فعل مدح على خلاف بين أهل العلم هل هو فعل أو حرف، المقصود أنه مدح فقال: "نعمة البدعة"، سماها بدعة وأثنى عليها حينما خرج ورأى الناس يصلون التراويح مجتمعين على إمام واحد، قال: "نعمة البدعة" وشيخ الإسلام ومن يقول بقوله يقول إن هذه بدعة لغوية، والشاطبي يقول مجاز، لكن إذا نظرنا إلى معنى البدعة اللغوية هي ما عمل على غير مثال سابق وجدنا أن التعريف اللغوي لا ينطبق على صلاة التراويح التي جمعهم عمر عليها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها ليلتين أو ثلاث جماعة ثم تركها لا نسخًا لها ولا عدولا عنها؛ وإنما خشية أن تفرض عليهم فلما زالت هذه الخشية أعادها عمر -رضي الله عنه- وأحياها فليست بدعة لغوية، والشاطبي يقول: مجاز لكن الذي لا يقول بالمجاز مطلقًا لا يسعه أن يقول بهذا القول، والمتوجه أنها من باب المشاكلة، كأن قائلاً قال لعمر: ابتدعت يا عمر، فقال: "نعمة البدعة" يعني إن كانت هذه بدعة فنعمة البدعة، ((وجزاء سيئة سيئة مثلها))، الجزاء ليس بسيئة بل حسنة، معاقبة الجاني حسنة ليس بسيئة لكن من باب المجانسة والمشاكلة والمشابهة بالتعبير، قالوا اقترح لنا شيئًا نوجد لك طبخه قلت اطبخوا لي جبة وقميصًا مشاكلة ومجانسة فعمر -رضي الله عنه- قال نعمة البدعة لاحتمال أن يقول قائل وقد يكون قد قاله أحد ابتدعت يا عمر، قال: نعمة البدعة، والعلماء في مباحث البديع في باب المشاكلة لا يشترطون أن يكون القول محققا بل يجوزونه ولو تقديرًا، يعني لو خشي أن يقال له كذا فأجاب هذا من باب المشاكلة كما هنا،"كما قال تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا" بعض المبتدعة قالوا إن قصد الجنة بالعمل وقصد النجاة من النار بالعمل داخل في المنهي عنه هنا، يعني إذا عمل الإنسان يكون قصده امتثال أمر الله -جلَّ وعلا- امتثال أمره واجتناب نهيه فقط من غير نظر إلى جنة ولا نار، فإن نظر إلى جنة وإلى نار فقد دخل في الآية: ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا، لكن لو كان هذا النظر مؤثرًا لما ذكر في النصوص وصار حادي يحدو للعمل، الأمر الثاني أن الذي الذي يخاف النار هو خائف من النار ذاتها أو من الذي بيده النار يعذب بها، كمثل رجل بيده سوط أو بيده سلاح أنت تخاف من السلاح أو تخاف من الذي بيده السلاح؟ تخاف من السوط؟ لو كان وحده ما ضرك لكن الذي بيده السوط هو الذي يخاف منه فالذي يخاف من النار هو في الحقيقة خائف من الله -جلَّ وعلا- الذي يعذب بالنار، والذي يرجو أو يلحظ الجنة في عمله إنما هو يرجو الله -جلَّ وعلا- أن يدخل جنته التي ذكر عنها ما ذكر فقولهم ليس بصحيح قال "ولهذا كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول في دعائه اللهم اجعل عملي كله صالحًا واجعله لوجهك خالصًا"صالحًا على السنة فيه تمام المتابعة للنبي -عليه الصلاة والسلام-"واجعله لوجهك خالصًا"ليس لأحد فيه حظ ولا تجعل فيه لأحد شيئًا لا قليل ولا كثير لا باعث ولا طارئ قال "وقال الفضيل بن عياض في قوله -تعالى-((ليبلوكم أيكم أحسن عملاً))" ونلحظ كلمة أحسن ليست بأكثر ولا أطول إنما أحسن فقد يكون الطول في العبادة أفضل وقد يكون القصر أفضل؛ إنما المطلوب أن يكون أحسن مخلصًا فيه صاحبه لله -جلَّ وعلا- موافقًا للسنة أحسن، فيخفف في مواطن التخفيف ويطيل في مواطن الإطالة؛ ليكون موافقًا للسنة، فلو جاء شخص مع أذان الصبح وقال: أريد أن أصلي الركعتين وأمامي نصف ساعة أقرأ في هاتين الركعتين سورة البقرة عمله أحسن أولا؟ لا ليس بأحسن، لماذا؟ لأن من صفة هاتين الركعتين التخفيف، وعائشة تقول لا أدري أقرأ بفاتحة الكتاب أم لا، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، لكن قد يكون العمل جاء فيه هذا وهذا من النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه قد يقول قائل: الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى بالليل ركعة واحدة خمسة أجزاء البقرة ثم النساء ثم آل عمران، والعلماء يقولون ليس هذا بأحسن مطلقًا لأنه جاء أيضا أنه صلى بسور أخرى، وجاء أيضًا الحث على عدد تكثير الركوع والسجود، "أعني على نفسك بكثرة السجود" فهذا مشروع وهذا مشروع "وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى ((ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)) قال أخلصه وأصوبه" أخلصه وأصوبه قيل يا أبا علي -مع أن كلامه واضح-قيل يا أبا علي"وهذه كنية الفضيل "ما أخلصه وأصوبه قال إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل" شيخ الإسلام -رحمه الله- يقرر أن في عوام المبتدعة في بعضهم أو في كثير منهم عنده إخلاص، بل قد يوجد في بعض من ينتسب إلى العلم منهم، تجدهم توارثوا هذا القول وأخلصوا فيه لكن يبقى النظر في الشرط الثاني،"إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا"
ما الخالص؟"الخالص أن يكون لله" يعني وحده لا شريك له "والصواب أن يكون على السنة" أن يكون على السنة، يعني يتبع فيه ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتحرى فعلى طالب العلم أن يبحث عن السنة، ثم يسعى في تطبيق السنة، ثم يحرص على فقه السنة فقه التطبيق، نحتاج إليه أحيانًا لأنك تسمع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يجافي بين جنبيه وبطنه عن فخذيه أنت عرفت السنة وحرصت على تطبيق السنة لكنك آذيت من بجوارك في الصلاة هل فقهت تطبيق السنة؟ لا ما فقهت فلا بد من معرفة السنة والحرص على تطبيق السنة وفقه تطبيق السنة؛ لأن السنة قد تطبق في حال ولا تطبق في حال، قد تكون السنة خلاف ما ثبت في السنة لنصوص أخرى كثيرة معارضة؛ لأنه يتأذى به المجاور ويحصل فيه الفرج بين الصفوف يعني لو قيل بدلاً ما يكون الصف خمسين خله يصير عشرين يتجافى الناس يطبقون السنة، لكن يترتب عليه أن يوجد فرج بين المصلين ووقعوا في مخالفة أشد ففقه، تطبيق السنة أمره عظيم؛ لأن بعض الناس يفقه السنة يعرف السنة ويحاول يتطبق السنة ثم يؤذي من بجواره يلصق كعبه بكعبه ثم يزحمه فيبعد عنه قليلاً ثم يتبعه إلى متى؟ لأن بعض الناس يتأذى من بعض هذه التصرفات، يكون جسده حساسا، بعض الناس نفور لايريد أن يلمس أحد رجله، فإذا رأيت شخصا من هذا النوع لا تلحقه إلى آخر شيء، لا تتابع الإلصاق، فالأصل ألا يوجد فرجة هذا الأصل، لكن مع ذلك لا تسعى في إبطال صلاة غيرك، يعني بالمقابل الطرف الثاني يحصل منه خلل إذا أوذي قد يحصل منه أذى، بعض الناس وصل به الجهل إلى أن يربي ظفر لأجل ألا يقرب حوله أحد، يعني مسألة فقه تطبيق السنة ينبغي أن يكون طالب العلم على ذكر منها؛ لأن مثل ما ذكرنا طالب العلم عليه أن يحرص على السنة، يعرف السنة، ويطبق السنة، لكن يفقه متى تطبق هذه السنة، فبعض الناس عنده حساسية شديدة، طالب علم من طلاب العلم المعروفين قطع صلاته لأمر يسير لوجود خيط رفيع يتدلى من ثوبه ويتردد على قدمه فظنه حشرة،وبعض الناس يخاف من بعض الحشرات أكثر من الذئاب،الناس يتفاوتون بعضهم يفضل أن يرى ذئبا ولا يرى وزغا وينفر منه ويهرب من المكان الذي هو فيه، وبعضهم يخاف من صرصار مثلاً، ووجد من يخاف من الجراد، هذا الخوف الذي لا رصيد له في الواقع يعني حشرات غير مؤذية، هل نقول إنها ملغاة؟ لأن الخوف يقرره أهل العلم في باب التيمم يقولون إذا كان الطريق إلى الماء مخوف فإنه يتيمم، لكن هل يشترط أن يكون الخوف حقيقيا وليس وهميا يجوز أن يكون وهميا، بعض الناس عنده الخوف الوهمي أشد من الحقيقي، هذا يكلف أن يخرج مع وجود هذا الخوف الوهمي؟ هذا خطر عليه فقد يجن، كذلك الخوف من الجراد أو الخوف من الصراصير أو من الوزغ هذا لا شك أنه مؤثر عند كثير من الناس، ومثل ما قلنا بعض الناس مستعد أن يواجه أسدا ولا يواجه صرصارا، يخرج من البيت ويهجر البيت فكيف إذا وجد من الحيّات التي لا تقتل في أول مرة حتى تنذر ثلاثًا، تخوف ثلاثًا وين يروح المسكين؟ هذا إذا وجدها في بيته لا بد أن يخرج شقق مفروشة أو غيرها، الناس يتفاوتون، هذا الشخص وأنا أعرفه معرفة جيدة طالب علم ومن أهل التحري الشديد الحريص على العبادة، ومع ذلك قطع صلاته لوجود حبل يتدلى من ثوبه يظنه حشرة، هل نقول أنه حتى لو كانت حشرة لا يجوز أن يقطع الصلاة؟ ونكلفه أكثر مما يطيق؟ الخوف الوهمي عند بعض الناس أشد من الخوف الحقيقي عند آخرين، وعلى هذا هل يتيمم إذا وجد الخوف الوهمي؟ بعض الناس لا يستطيع أن يخرج بالليل وهو عارف أن الطريق من المكان إلى المكان آمن، لكن لا يستطيع، وفي صحيح البخاري: إذا أخرجته أمه لصلاة الفجر فجن بسبب ذلك فما الحكم؟ لأن الظلام مخوف، وأنتم ما أدركتم هذا الخوف، نشأتم والكهرباء موجود والمصابيح والليل والنهار لا فرق بينهما، لكن كان كثير من الكبار يهاب أن يخرج بالليل، الظلام بحد ذاته مخوف، فالمقصود أنه هل يتيمم والماء يتطلب الخروج؟ الناس في رحلة مثلاً واجتمعوا في خيمة أو في بيت شعر أو ما أشبه ذلك، واحد منهم احتاج أن يتوضأ ولا يستطيع أن يخرج يا فلان تذهب معي يا فلان كلهم رفضوا، من أهل العلم من يقرر أن هذا الخوف الوهمي أشد من الحقيقي عند بعض الناس، ومنهم من يقول أنه لا يجوز الالتفات إليه؛ لأن العبرة بالحقائق، لكن مع ذلك ماذا يصنع الإنسان إذا كان وضعه هذا نكلفه ما لا يطيق.
طالب: .........................
لا، لا بد أن يكون محققا يعني ارتكاب محظور لا بد أن يكون معارضه محققا، على كل حال الحج بدون تصريح هم في هذه السنة شددوا، فيه تشديد أكثر من كل سنة وردوا كثيرا من الناس، وعلى كل حال عندهم فتوى يعتمدون عليها فردهم شرعي، أما من كان فريضته فليسع بشتى الوسائل ولو بحيلة أن يدخل هذا إذا كانت فريضة وأما إذا كانت نافلة فضل الله واسع فنيته وصلت وبلغت وإذا كان لا يعوقه إلا هذا فأجره ثابت ولو كان في بلده.
طالب: .........................
لا بد أن يتحقق. "وقد قال الله–تعالى-: ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) الشورى: ٢١" شركاء شرعوا لهم من الدين، وهذا شرك في التشريع إذا كان يعمل بشرع مخلوق أو بشرع طاغوت أو ما أشبه ذلك فإنه مشرك في هذا الباب، والذي يشرع غير الله -جلَّ وعلا- يدعو الناس إلى الإشراك به مع الله -جلَّ وعلا- لأن الحكم لمن؟ ﮮﮯﮰﮱﯓ" والمقصود بجميع العبادات أن يكون الدين كله لله وحده فالله هو المعبود والمسؤول الذي يخاف ويرجى"الذي يُخاف ويُرجى، وينبغي أن نفرق بين الخوف الجِبلي والخوف الشرعي، وكذلك الرجاء وينبغي أن نفرق بين الخوف الباعث على العمل والخوف الذي لا يبعث على العمل، والرجاء الذي يبعث على عمل وهو المطلوب شرعًا بخلاف الرجاء الذي لا يبعث على العمل فإنه غرور وأمن من مكر الله بخلاف الخوف الذي لا يبعث على عمل هذا قنوط ويأس،"فالله هو المعبود والمسؤول الذي يُخاف ويرجى ويسأل ويعبد فله الدين خالصًا وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا، والقرآن مملوء من هذا كما قال –تعالى-: ((تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصًا له الدين ألا لله الدين الخالص.. إلى قوله.. قل الله أعبد مخلصًا له ديني))" يعني تأكيد على الإخلاص لأهميته؛ لأنه قطب من أقطاب القبول وشرط من شروطه "إلى قوله ((أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون))، وقال –تعالى- ((وما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادًا لي من دون الله ثم يقول للناس كونوا عبادًا لي من دون الله))" ما يمكن أن يوجد مثل هذا لا يمكن أن يوجد، رجل أو بشر يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول كونوا عبادًا لي من دون الله ما يمكن لأنه إذا وصل إلى هذه المرتبة فهو معصوم من أن يقول هذا الكلام، الآيتين "وقال –تعالى-((قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً))" لا يستطيعون ادعوا من شئتم من زعمتم لكن في النهاية تنتفعون أو لا تنتفعون؟ لا يملكون كشف الضر عنكم، يأتي المريض إلى من يطلب منه الشفاء ثم يرجع بخفي حُنين، وقد يكون من باب الابتلاء قد يشفى بعض الناس إذا ذهب إلى قبر وضريح وتوسل ودعا قد يشفى من باب الابتلاء، وإذا دعا قد يجاب يجيبه شيطان يظنه صاحب القبر، وشيخ الإسلام نبه إلى شيء من هذا وكل هذا -نسأل الله السلامة والعافية- من الابتلاء، وهذا سبب ضلال كثير من الناس وافتتان كثير من الناس بهذه القبور والمشاهد "قالت طائفة من السلف"فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً يعني لا يستطيعون أن يحولوا أو يتصرفوا في أحوالكم ولا في صفاتكم يحيلونها من حال إلى حال من شدة إلى رخاء، من مرض إلى صحة، من ضعف إلى قوة لا يستطيعون،"قالت طائفة من السلف كان أقوام يدعون الملائكة والأنبياء كالمسيح والعزير، فأنزل الله تعالى هذه الآية"، هل الملائكة يستطيعون أن يكشفوا ضرا وكذلك الأنبياء؟ المسيح يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى لكن كل هذا بإذن الله "فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال تعالى ((وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول))" يعني هؤلاء الملائكة المقربون، هؤلاء الذين يعبدهم بعض الناس ويزعم بعض الناس أنهم بنات الله هؤلاء عباد من عباده وخلق من خلقه، قالوا اتخذوا الرحمن ولدًا سبحانه، بل عباد ملازمون للعبودية وصف العبودية لا ينفك عنهم لا يسبقونه بالقول: لا يتقدمون بين يديه لأنهم يعبدونه فكيف يتقدم العابد المعبود،"ومثل هذا في القرآن كثير بل هو مقصود القرآن ولبُّه" يعني مدار الأمر كله على التوحيد ونفي الشرك؛ لأن الشرك لا يغفر صاحبه خالد مخلد في النار، هذا بالنسبة للشرك الأكبر وما دونه تحت المشيئة، ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) فإذا كان ما دون المشيئة الذي لا يغفر هذا ما فيه طب ولا فيه علاج هذا معناه قضاء مبرم على الإنسان خالد مخلد في النار، هذا ما فيه حيلة لكن ما دونه يمكن أن يكون فيه سبب من أسباب المغفرة، وإذا لم يوجد سبب من أسباب المغفرة فرحمة أرحم الراحمين فوق ذلك كله، لكن الإشكال في الشرك وفي عدم تحقيق التوحيد وفي التلبس بما يناقضه من الشرك هذا لا يغفر كما قال الله -جلَّ وعلا-، أما بالنسبة للشرك الأكبر فإنه لا يغفر مطلقًا وصاحبه خالد مخلد في النار، وأما بالنسبة للشرك الأصغر فمن أهل العلم من يرى أنه حكمه حكم الكبائر داخل تحت المشيئة، ومنهم من يقول أن حكمه حكم الشرك الأكبر لا يغفر لا بد أن يعذب المشرك شركا أصغر، لا يدخل تحت المشيئة لا بد أن يعذب، لكنه يختلف عن الشرك الأكبر بعدم الخلود في النار ويشترك معه في أنه لا بد من تعذيبه كالمشرك شركًا أكبر.
طالب: ...................
يعني يحيي الموتى، هو واحد من أمة محمد -عليه الصلاة والسلام- وسبق في الصحابة أن من أهل العلم من أدرجه في الصحابة.
طالب: ......................
ما يظهر لأنه لا ينزل على أساس أنه نبي ينزل على أنه مقرر لشرع محمد -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: ......................
والله أعلم، يعني الأمر هذا مجرد إبداء اجتهاد.
طالب: ......................
لكن ينبني عليه أن الناس يذهبون بمرضاهم وعميانهم، على كل حال المسألة ليست عملية، قال "وهو مقصود دعوة الرسل كلهم وله خلق الخلق كما قال -جلَّ وعلا-((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))" هذا هو الهدف الذي من أجله خلق الخلق لتحقيق العبودية لله -جلَّ وعلا- دون غيره هذا الهدف فعلى الإنسان أن يسعى لتحقيق هذا الهدف وهو تحقيق العبودية لله -جلَّ وعلا- وكثير من الناس هذا الهدف الذي خُلق من أجله فضلة عندهم، إذا فرغ من جميع أعماله ما يتعلق بأمور الدنيا التفت إلى هذا الهدف، إن بقي له وقت وإلا فالله غفور رحيم على ما يزعمون، الله -جلَّ وعلا-يقول: ((ولا تنس نصيبك من الدنيا)) لأن الإنسان بصدد أن ينهمك في تحقيق هذا الهدف لأنه من أجله خلق ، فإذا انهمك في تحقيق هذا الهدف قد يغفل عن أمر الدنيا التي تعينه على تحقيق الهدف فلذلك قيل له ولا تنس نصيبك من الدنيا، لكن الواقع الآن في حال كثير من الناس العكس كأن الهدف إقامة الدنيا وعمارة الدنيا ثم بعد ذلك يحتاج أن يقال له: ولا تنس نصيبك من الآخرة، هذا حال كثير من الناس اليوم، فعلى الإنسان أن يتفطن ويسعى في خلاص نفسه، ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) يعني ليوحدون؛ لأن التوحيد أهم المهمات، ومع ذلك يتبعه فعل الواجبات وترك المحظورات "فيجب على المسلم أن يعلم أن الحج من جنس الصلاة ونحوها من العبادات التي يعبد الله بها وحده لا شريك له" وإذا كان عبادة لا بد من تحقق الشرطين الإخلاص والمتابعة "فيجب على المسلم أن يعلم أن الحج من جنس الصلاة ونحوها من العبادات التي يعبد بها..، التي يعبد الله بها وحده لا شريك له"، الصلاة هل يجوز فيها مزاولة أمر من أمور الدنيا من تجارة ونحوها؟ الحج يجوز لكن هل يجوز الصلاة؟ لا يمكن أن يزاول في الصلاة لأن أي حركة فيها تبطلها، لكن لو تعبد بعبادة أخرى في أثناء الصلاة، يصلي فمر سائل فأدخل يده في جيبه وأخرج مبلغا وأعطاه إياه وهو يصلي يعني كما تزعم الرافضة في قوله -جلَّ وعلا- وهم راكعون قال مر سائل بعلي -رضي الله عنه- وهو راكع فأعطاه فتصدق عليه، فمثل هذا العمل داخل في عبادة، مثلاً إذا خشي أن يفوت المسكين ويخرج هل نقول أن هذا من العمل اليسير مثل بعض الأعمال التي جاءت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مثل فتح الباب ومثل أمور ذكرت عنه -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: .....................
نعم المقصود أنه حصلت بعض الأعمال التي لا تطول والحاجة داعية إليها، فإذا خشي أن يخرج هذا السائل ومر به في طريقه إلى الباب أدخل يده في جيبه، نفترض أن المسألة صلاة فريضة أو نافلة؟ النافلة أمرها أوسع لكن الفريضة على الإنسان أن يحتاط لها، الحج يجوز أن يزاول التجارة في أثنائه لماذا؟ لأنه عبادات ذات أجزاء يفصل بينها بأوقات تجوز فيها التصرفات بخلاف الصلاة، الصوم مثلاً إمساك لا يمنعه من مزولة ما ينفعه من أمور دينه ودنياه فيختلف عن الصلاة قال "فيجب على المسلم أن يعلم أن الحج من جنس الصلاة ونحوها من العبادات التي يعبد الله بها وحده لا شريك له وأن الصلاة على الجنائز وزيارة قبور الأموات من جنس الدعاء لهم والدعاء للخلق من جنس المعروف والإحسان الذي هو من جنس الزكاة.." إلى آخره، صلاة الجنازة هل هي من جنس الإحسان إلى المخلوقين والدعاء لهم أو أنها صلاة تثبت لها أحكام الصلاة؟ أو أن لها وجه متعلق بحق الله -جلَّ وعلا- بمعنى أنها لا تجوز إلا مع الإخلاص والمتابعة ووجه متعلق بحق المخلوق وهو الدعاء له؟ أولاً صلاة الجنازة هل تدخل في حديث أبي هريرة أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول قال أقول اللهم باعد بيني..،الحديث هي صلاة لا تصح إلا باكتمال شروط الصلاة؛ ولذا من يرى من أهل العلم أنه إذا خشي أن ترفع الجنازة جاز له أن يتيمم وإن كان الماء بجواره، إذا قلنا أنها صلاة عبادة محضة كالصلوات الخمس وغيرها من الصلوات المعروفة قلنا لا يجوز له التيمم بحال ولو خشي أن ترفع لأن الله لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ، وإذا قلنا أنها أخف من الصلوات باعتبار أن الأصل فيها الإحسان إلى الميت والدعاء له فهي من جنس ما ذكر الشيخ -رحمه الله- من جنس المعروف والإحسان، قلنا أنه يدرك هذا القصد والهدف فيدعو للميت في هذه الصلاة ويحقق هذا الهدف بأقل مما تتحقق به العبادات المحضة، فإذا خشي أن ترفع ويفوته هذا الإحسان وهذا المعروف فإن له أن يتيمم، معروف رأي شيخ الإسلام -رحمه الله- في أنه إذا خشي أن ترفع يتيمم، لكن غيره يقول هذه صلاة "لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتيمم"، ((فلم تجدوا ماء فتيمموا)) فهو مشروط بعدم وجود الماء "وأما الصلاة على الجنائز وزيارة قبور الأموات من جنس الدعاء لهم والدعاء للخلق من جنس المعروف والإحسان الذي هو من جنس الزكاة والعبادات التي أمر الله بها توحيد وسنة" إذا كانت العبادة مأمور بها فهي توحيد لأنه لا يجوز أن يصرف منها شيء ويشرك فيها شيء لغير الله -جلَّ وعلا- وسنة لا بد فيها من متابعة النبي -عليه الصلاة والسلام-"وغيرها" يعني مما لم يؤمر به هذا "شرك وبدعة كعبادات النصارى" ((رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم))،"كعبادات النصارى ومن أشبههم مثل قصد البقعة لغير العبادات التي أمر الله بها تقصد عرفة للصلاة الله -جلَّ وعلا- أمر بقصد عرفة للوقوف وما يشابه ذلك "مثل قصد البقعة لغير العبادات التي أمر الله بها فإنه ليس من الدين"، ليس من الدين أن تقصد بقعة بعينها يؤدى فيها ما يؤدى مما لم يأمر الله به، ولا يقصد بقعة ولا يشد الرحل إلى بقعة سوى المساجد الثلاثة، فإنه ليس من الدين؛ ولهذا كان أئمة العلماء يعدون من جملة البدع المنكرة في بعض النسخ المتكررة هي في الواقع متكررة لكنها مع ذلك وصفها بالإنكار أولى من جملة البدع المنكرة؛ لأنها بدعة ولو لم تتكرر فهي منكرة ولو لم تتكرر،"ولهذا كان أئمة العلماء يعدون من من جملة البدع المنكرة السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين وهذا في أصح القولين غير مشروع"،أصح أفعل التفضيل أهل العلم كثيرًا ما يستعملونها على غير بابها ولا يعني أن القول الثاني صحيح، يعني مثل ما يقول المحدثون حديث كذا أصح ما في الباب؛ لأن الحديث ضعيف وغيره ضعيف فأهل العلم يستعملون أفعل التفضيل على غير بابه ولو كانت على بابها عند أهل العربية لقلنا أن القول الثاني صحيح لكن هذا أصح منه، لكنها ليست على بابها "وهذا في أصح القولين غير مشروع حتى صرح بعض من قال ذلك أن من سافر هذا السفر لا يقصر،لا يقصر فيه الصلاة لأنه سفر معصية" وجمهور أهل العلم على أن من سافر سفر معصية لا يترخص ولا يجوز له أن يترخص؛ لأن الترخص إعانة له على قطع الطريق، والترخص في السفر إعانة له على قطع المسافة في أقصر مدة، فمن عصى في سفره لا يعان ولا يرخص له بحيث يطول له مدة المعصية وهذا في قول جمهور أهل العلم، واشترط في الأكل من الميتة للمضطر ألا يكون باغيًا ولا عاديًا، والحنفية يرون أن السفر شامل لكل سفر سواء كان طاعة أو معصية أو مباح، يقابلهم من يقصر السفر على سفر الطاعة لحج وعمرة وغزو وطلب علم وما أشبه ذلك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قصر إلا في سفر طاعة لكن عامة أهل العلم على أن الوصف المؤثر لهذه الرخص مسمى السفر ما لم يكن معصية ؛لأن الترخيص للعاصي يعينه على معصيته،"وكذلك من يقصد بقعة لأجل الطلب من مخلوق هي منسوبة إليه كالقبر" يعني كما يقال قبر فلان أو مقام فلان هي منسوبة إليه،"أو لأجل الاستعاذة به ونحو ذلك فهذا شرك"يعني صرف شيء من أنواع العبادة لا يجوز، وشرك يتفاوت بحسب القصد من كونه شركا أكبر أو أصغر،"فهذا شرك وبدعة كما تفعله النصارى ومن أشبههم من مبتدعة هذه الأمة حيث يجعلون الحج والصلاة من جنس ما يفعلونه من الشرك والبدع" يعني يتدينون بأنواع أو يتقربون بأشياء في الحج أو يصلون صلوات لا يدل عليها دليل، فيجعلون الحج والصلاة من جنس ما يفعلونه من الشرك والبدع، يمكن أن يخترعوا صلاة، ووجد عند المبتدعة أنواع من الصلوات ومن رأى كتبهم وجد من أنواع الصلوات التي لا دليل عليها بل هي مخترعة مبتدعة في صورتها وهيئتها وأذكارها لا توافق الصلاة الشرعية، ونرى كثيرا من غلاة المبتدعة في الحرمين يصلون صلوات يمكن يصلي سبع ركعات في وقت النهي ويجلس التشهد بين ركعتين ويقنت في كل ركعة رأيناهم، ما هذه الصلوات؟ من جنس ما يفعلونه من الشرك والبدع، قد يقول إنسان كيف يتقرب إلى الله بمثل هذه العبادات التي لا دليل عليها يتعب نفسه، رأينا بعض المبتدعة يجلس خمس ساعات يصلي، يسلم من هذه الصلاة ويشرع في أخرى وهي ليست على السنة، كيف يصبرون على هذه الأمور التي يعاقبون عليها لا يثابون عليها، لكنه الشيطان واستدراج الشيطان، يستدرجهم شيئًا فشيئًا حتى يصلوا إلى حد يفعلون فيه ويزاولون العبادات كفعل المجانين، والإنسان في أول الأمر قد يخالف مخالفة يسيرة ثم يعاقب عليها بما هو أشد منها، ثم يعاقب عليها بما هو أشد منها، وهكذا إلى أن يصل إلى حد لا يقبله عقل، "ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر له بعض أزواجه كنيسة بأرض الحبشة وذكر له من حسنها وما فيها من التصاوير فقال أولئكِ" للإشارة إلى مؤنث أولئكِ يخاطب مؤنث "إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصورًا فيهتلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة،ولهذا نهى العلماء عما فيه عبادة لغير الله وسؤال لمن مات من الأولياء أو الصالحين مثل من يكتب رقعة ويعلقها عند قبر نبي أو صالح أو يسجد لقبره أو يدعوه أو يرغب إليه"،ويفعل هذا وأشد منه في المشاهد المعروفة في أقطار المسلمين، ينذرون لهم ويذبحون لهم، ويتقربون إليهم، ويسجدون تجاههم، ويطوفون حول قبورهم، ويصرفون العبادات الكبيرة، يصلون إليهم، كل هذه تصرف لغير الله -جلَّ وعلا- وهذا هو الشرك بعينه،"وقالوا إنه لا يجوز بناء المساجد على القبورلأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال قبل أن يموت بخمس بخمس ليال" يعني هذا يدل على أن الحكم محكم، وأيضًا العقائد لا يدخلها النسخ "قبل أن يموت بخمس ليال إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم،وقال لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاًوهذه الأحاديث في الصحاح.."، ما الشاهد من الحديث؟ لو كنت متخذًا خليلاً من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر خليلاً يعني تشديد في المحبة والخلة "وهذه الأحاديث في الصحاح وما يفعله بعض الناس من أكل التمر.."، وهذه الأحاديث في الصحاح يقول "وما يفعله بعض الناس من أكل التمر في المسجد أو تعليق الشعر في القناديل فبدعة مكروهة" أكل التمر في المسجد فيه إشكال؟ التعبد بأكل التمر في المسجد وإلا كان القنو يعلق في المسجد ويؤكل منه، ولا شك أن هذا من الإحسان إلى من لا يجد مثل التمر وما أشبه ذلك، أو تعليق الشعر في القناديل فبدعة مكروهة كيف يعلق الشعر في القناديل، هو يمكن أن يكون هذا مظهرا في وقته -رحمه الله- يتعبدون بذلك يعلقون ما يسقط منهم من شعر أو يحلقونه من رؤوسهم أو أبدانهم في القناديل قال بدعة مكروهة، والكراهة أعم من أن تكون للتحريم أو التنزيه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: .......................
نعم هذا كلام وارد ومتكرر من بعض من ليس لديه بدعة في الجملة فتجد من أهل هذه البلاد الذين يحققون التوحيد يذهبون إلى بعض البلدان التي فيها مشاهد، ويذهبون إلى تلك المشاهد من أجل الفرجة، وأقول لا يجوز الذهاب إليها إلا بنية الإنكار؛ لأنه لا يجوز مشاهدة المنكر من غير إنكار، ولا يقول إني عاجز أنكر بقلبي أنت ما اضطررت إلى الذهاب إلى هذا المكان، أنت بطوعك واختيارك ذهبت إلى هذا المكان، فلا يجوز لك أن تغشى هذه الأماكن إلا بالإنكار.
"هذا واحد يقول: أثناء قراءتي لكتاب "ملء العيبة بما جمع في طول الغيبة"، يعني رحلة ابن رشيد رحلة معروفة في خمسة مجلدات، فيها فوائد في كل العلوم، يعني من أنفس الرحلات، يقول: صفحة سبع وثمانين، لكن ما ذكر الجزء، قال: ورأينا في تلك الليلة عجبًا فيما ابتدعته العامة من الاستعداد والاحتفال بوقد الشمع بطول تلك الليلة، بالجبل القائم في وسط عرفات، المعروف عند العرب القدماء بإلال، وقد صنع له درج بالبناء من أمامه ومن خلفه، فيرتقى إليه من طريق وينزل من أخرى، وربما التقى فريق مع فريق فيغص الجبل بالصاعدين والنازلين، وهو يتأجج نارًا، ويتموج كالبحر الزخّار، والطريق بالشموع في بسيط عرفات، وأنت إذا نظرت إليه على بعد من المخيمات تراه كالشعلة الواحدة. يعني اختصر الكلام لابن رشيد كلام طويل في هذه المسألة...
--------------------------------------------
ومثلما قلنا: رحلة ابن رشيد مملوءة من الفوائد، وابن رشيد معاصر لشيخ الإسلام ابن تيمية، معاصر لشيخ الإسلام، شيخ الإسلام توفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وابن رُشَيْد توفي سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، تذكرون يا إخوان العام الماضي المسألة، لماذا لا يحصل الإيقاد ليلة عرفة؟ لماذا لا يحصل ليلة العيد؟ لماذا.. إلى آخره، وهل الإيقاد من أجل أن إضاءة المحل أو من أجل..، المقصود أنه كثر الكلام فيه، وكلام ابن رُشيد -رحمه الله- حاسم في الموضوع. أيضًا للحافظ ابن كثير كلام في "البداية والنهاية" حول هذا الإيقاد لعلنا نحضره في وقت لاحق إن -شاء الله تعالى-