كتاب الصلاة من سبل السلام (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد...

فقد قال المصنِّف –رحمنا الله تعالى وإياه-: "وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: الْتَفَتَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ، فَيَدْعُو»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

وَلِلنَّسَائِيِّ: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ.

وَلِأَحْمَدَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ النَّاسَ".

فيكون التشهد واجبًا في الموضع الأول الجلوس الأول ركن، مع العلم في الجلوس الثاني استدلوا بقوله: قبل أن يُفرَض، وعلَّمه وأمره أن يُعلّمه الناس، وقد ثبت عنه –عليه الصلاة والسلام- أكثر من تشهد، لكن تشهد ابن مسعود هو أرجح هذه التشهدات؛ ولذا اختاره الجمهور.

ورجَّح الإمام الشافعي تشهد ابن عباس على ما سيأتي، وغيره رجَّح تشهد عمر، وكلها ثابتة صحيحة، لكن تشهد ابن عباس أرجحها من حيث الثبوت، لكن لا يمنع أن يكون غيره قد ثبت عنه –عليه الصلاة والسلام-، ولذا فإن الاختلاف في مثل هذا مثل الاختلاف في صيَّغ الاستفتاح في أذكار الاستفتاح كلها ثابتة عن النبي –عليه الصلاة والسلام-، ولذا ينبغي أن يُراوح بينها المصلي، فمرةً يستفتح بحديث أبي هريرة، ومرةً يستفتح بخبر عمر وغيرهما من أنواع الاستفتاحات.

ومثله التشهدات لو غلَّب تشهد ابن مسعود لرجحانه، وتشهَّد أحيانًا بتشهد ابن عباس، وأحيانًا بتشهد عمر لكان أولى من الترجيح؛ لأنها كلها ثابتة، والاختلاف فيها من اختلاف التنوع، وليس من باب اختلاف التضاد.

طالب: الأرجح من جهة الثبوت تشهُّد مَن؟

ابن مسعود.

طالب: ...........

لا، على ما سيأتي في كلام البزار وغيره.

"الْتَفَتَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ» جَمْعُ تَحِيَّةٍ، وَمَعْنَاهَا: الْبَقَاءُ وَالدَّوَامُ، أَوْ الْعَظَمَةُ أَوْ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ، أَوْ كُلُّ أَنْوَاعِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ، «وَالصَّلَوَاتُ» قِيلَ: الْخَمْسُ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، أَوْ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا، أَوْ الدَّعَوَاتُ، أَوْ الرَّحْمَةُ وَقِيلَ: التَّحِيَّاتُ: الْعِبَادَاتُ الْقَوْلِيَّةُ، وَالصَّلَوَاتُ: الْعِبَادَاتُ الْفِعْلِيَّةُ، «وَالطَّيِّبَاتُ» أَيْ مَا طَابَ مِنْ الْكَلَامِ، وَحَسُنَ أَنْ يُثْنِيَ بِهِ عَلَى اللَّهِ، أَوْ الْأَقْوَالُ الصَّالِحَةُ، أَوْ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ".

"مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ" كل طيب فهو لله –سبحانه وتعالى- من الأقوال والأفعال ينبغي أن يكون خالصًا لله سبحانه وتعالى.

"وَطَيِّبُهَا كَوْنُهَا كَامِلَةً خَالِصَةً مِنْ الشَّوَائِبِ، وَالتَّحِيَّاتُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهَا لِلَّهِ".

خبرها متعلق الجار والمجرور التحيات كائنةٌ لله سبحانه وتعالى.

"«وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ» عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَخَبَرُهُمَا مَحْذُوفٌ، وَفِيهِ تَقَادِيرُ أُخَرُ.

«السَّلَامُ» أَيْ السَّلَامُ الَّذِي يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ «عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ»"

نعم هو تحية المسلمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بالنسبة للأحياء يُخيَّر بين تعريفه وتنكيره، وأما بالنسبة للأموات فيُعرَّف، وهذه التحية يعرفها كل أحد تحية المسلمين فيما بينهم، وهي أيضًا تحية أهل الجنة.

طالب: ...........

على خلاف بين أهل العلم إذا كان هو الدعاء بالسلامة، أو اسم السلام، وهو الله سبحانه وتعالى.

"خَصُّوهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَّلًا بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ، لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهِمْ، وَقَدَّمُوهُ عَلَى التَّسْلِيمِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لِذَلِكَ، ثُمَّ أَتْبَعُوهُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: «السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ»، وَقَدْ وَرَدَ: أَنَّهُ يَشْمَلُ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ".

والعبد الصالح هو القائم بحقوق الله وحقوق عباده.

"وَفُسِّرَ الصَّالِحُ بِأَنَّهُ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، وَدَرَجَاتُهُمْ مُتَفَاوِتَةٌ.

«أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» لَا مُسْتَحَقَّ لِلْعِبَادَةِ بِحَقٍّ غَيْرُهُ".

أي: أُقر وأعترف جازمًا بأن الله لا شريك له، ولا مستحق للعبادة غيره، فلا معبود بحقٍّ غير الله سبحانه وتعالى.

"فَهُوَ قَصْرُ إفْرَادٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ وَيُشْرِكُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ.

«وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» هَكَذَا هُوَ بِلَفْظِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ فِي جَمِيعِ رِوَايَاتِ الْأُمَّهَاتِ السِّتِّ، وَوَهَمَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ فَسَاقَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ: (وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)، وَنَسَبَهُ إلَى الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا".

لماذا؟ هل نقول: وهِم ابن الأثير أو بناءً على منهجه وقاعدته وطريقته؟ هل هذا وهم من ابن الأثير؟

طالب: ...........

هم صرَّحوا بأن النقل من الكتب -ابن الأثير ينقل من الكتب-، والنقل من الكتب بالمعنى لا يجوز، بل لا بُد من اللفظ، لا تجوز الرواية بالمعنى من الكتب، من المصنفات.

طالب: ...........  

نعم ابن الأثير والبيهقي والحميدي أيضًا اعتمادهم على المستخرجات، والمستخرجات تُخالف في اللفظ كثيرًا وفي المعنى ربما؛ ولذا إذا قال ابن الأثير أو البيهقي أو الحميدي: الحديث أخرجه الشيخان، فالمراد أصل الحديث؛ لأنه يعتمد على المستخرجات أصل الحديث؛ لأنه يعتمد على المستخرجات.

وَالأَصْلَ يَعْني البَيْهَقي وَمَنْ عَزَا
 

 

وَلَيْتَ إذْ زَادَ الحُمَيدِي مَيَّزَا
 

إذًا هل نقول: ابن الأثير وهِم أم هذه طريقته ومنهجه؟

طالب: هذه طريقته ومنهجه.

نعم هذه طريقته، وأما من جاء بعده كابن الديبع في (مختصر جامع الأصول تيسير الوصول) فهو ناقلٌ عنه مُقلِّدٌ له في كل شيء.

طالب: ...........  

الأصل أيسر من المستخرج، لكن يُوجد مستخرج جامع بين الصحيحين، فيرجع إليه أيسر من أن يرجع للبخاري.

طالب: ...........  

هذا مُخل هذا.

طالب: ...........  

ما معنى المستخرجات؟

طالب: ...........  

بعضهم يقول:

وَاسْتَخْرَجُوا عَلى الصَّحِيْحِ كَأَبي
 

 

عَوَانَةٍ وَنَحْوِهِ، فَاجْتَنِبِ
 

عَزْوَكَ ألفَاظَ المُتُونِ لَهُمَا
 

 

...............................................

يعني لا تعزو إلى الشيخين وأنت قد اعتمدت على المستخرج.

......................................
 

 

إذْ خَالَفتْ لَفْظًا وَمَعْنىً رُبَّمَا
 

إلى آخر كلامه.

المستخرج هو أيش؟

طالب: كتاب يروي بالأسانيد يأتي بأسانيد أخرى غير أسانيد الأصل.

والمتون؟

طالب: والمتون في بعض الأحيان يزيد شيئًا.

الأصل أنها هي المتون، لكن قد يزيد فيها وقد يروي بالمعنى؛ لاختلاف الطريق، فالاستخراج أن يعمد حافظ عالم من علماء الحديث إلى كتابٍ معتمد من كُتب السُّنَّة، فيُخرِّج أحاديث الكتاب بأسانيده هو من غير طريق صاحب الكتاب، لكن قد يضيق عليه -يضيق على المُخرِّج- وجود الحديث من غير طريقٍ صحيح في الكتاب، فيرويه عن طريق صاحب الكتاب، وهذا نادر أو يحذفه أو يُعلقه، فيذكره بلا إسناد؛ لذلك تُقابل ما يعزوه البيهقي مثلًا إلى البخاري أو إلى مسلم فتطابق، فلا تجد الموافقة، المعنى موجود، وقد يشتمل ما في المستخرج على زيادة على ما في الصحيح، لكن الاختلاف أيضًا موجود.

طالب: ...........  

المتن، الاختلاف في السند هو الأصل.

طالب: ...........  

ذكروا في المستخرجات أكثر من عشرين فائدة.

مَن يذكر فوائد المستخرجات؟

طالب: ...........  

نعم.

طالب: ...........

التقوية بكثرة الطرق، وأيضًا؟

طالب: توضيح بعض الألفاظ التي في المتن التي لا تُوجد في الروايات الصحيحة.

يعني الزيادة في قدر المتن، قد يُوجد جُمل، وقد يُوجد كلمات في المستخرج لا تُوجد في الأصل، نعم.

طالب: ...........  

تمييز المهمل، يروي البخاري مثلًا قال: حدَّثنا محمد، من محمد هذا؟ يختلف فيه الشُّراح اختلافًا متباينًا، لكن المُستَخرِج ينص عليه محمد بن فلان، وتعيين المُبهَم أتاني رجلٌ أو فلان من غير تسمية فيُسمى صاحبه في المستخرج.

طالب: ...........  

التصريح بصيغ الأداء والتحديث أو الإخبار أو السماع، بينما الحديث يُروى في الصحيح بصيغة العنعنة بصيغةٍ موهِمة مع أن الراوي موصوفٌ بالتدليس، وهي من أَجل فوائد المستخرجات.

وجُل قصد المستخرجين العلو، علو الأسانيد، ففي المستخرجات يحرص المُستخرِج على أن يكون سنده أعلى من سند الكتاب الأصلي، وهذا من الفوائد.

طالب: ...........  

مستخرج الحاكم؟

طالب: ...........  

الحاكم له أيش؟

طالب: المستدرك.

المستدرك، المستدرك يختلف تمامًا عن المستخرج.

طالب: ...........  

موجود، مطبوع، ماذا فيه؟

طالب: ...........  

من أجود المستخرجات، وهو أقدمها.

طالب: على مسلم أظن يا شيخ.  

على مسلم.

طالب: ...........

تركها الشيخان والمصنِّف المفروض أنه يذكرها.

طالب: ...........   

على حد زعمه هو ألزم الشيخين بإخراج هذه الأحاديث، استدرك عليهما.

طالب: فيه يا شيخ مستخرج على البخاري مطبوع مثل أبي عوانة؟

مستخرج أبي نعيم على الصحيحين.

طالب: هذا المطبوع؟

والبرقاني على البخاري، لكن ما طُبِع.

طالب: البيهقي المقصود سُنن البيهقي ومُسند الحميدي السُّنن الكبرى؟

السُّنن الكبرى.

طالب: والمسند للحميدي؟

لا لا، (الجمع للصحيحين) المسند هو قبل الصحيحين، مسند الحميدي قبل الصحيحين.

طالب: وكلامكم على الحميدي في أي كتاب؟

(الجمع بين الصحيحين)؛ لأن الحميدي شيخ البخاري أبو بكر عبد الله بن الزبير هذا غير، هذا متقدم على البخاري ومسلم.

طالب: يعني الحميدي غير صاحب المسند، الحميدي ثانٍ؟

نعم الحميدي صاحب (الجمع بين الصحيحين).

طالب: هذا بعد البخاري ومسلم؟

نعم بعدهم، محمد بن أبي نصر.      

"وَتَبِعَهُ عَلَى وَهْمِهِ صَاحِبُ تَيْسِيرِ الْوُصُولِ".

مختصر جامع الأصول، لكن لو يُنسَج على منوال مثل جامع الأصول مع التقيد بألفاظ الكتب الأصلية لكان نافعًا.

طالب: ما فائدة جامع الأصول يا شيخ؟

يجمع الكتب السِّتة في كتابٍ واحد.

طالب: هذه فقط...

بدلًا من أن ترجع إلى الحديث في كُتب كثيرة تجده مجموعًا في كتابٍ واحد.

طالب: ومعزو إلى الصحيح؟

معزوّ نعم معزوّ بالحروف.

"وَتَبِعَهُمَا عَلَى الْوَهْمِ الْجَلَالُ فِي ضُوءِ النَّهَارِ، وَزَادَ أَنَّهُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، فَتَنَبَّهْ.

«ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُو» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

قَالَ الْبَزَّارُ: أَصَحُّ حَدِيثٍ عِنْدِي فِي التَّشَهُّدِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، يُرْوَى عَنْهُ مِنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ طَرِيقًا، وَلَا نَعْلَمُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي التَّشَهُّدِ أَثْبَتَ مِنْهُ، وَلَا أَصَحَّ إسْنَادًا؛ وَلَا أَثْبَتَ رِجَالًا وَلَا أَشَدَّ تَضَافُرًا بِكَثْرَةِ الْأَسَانِيدِ وَالطُّرُقِ.

وَقَالَ مُسْلِمٌ: إنَّمَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَغَيْرُهُ قَدْ اخْتَلَفَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: هُوَ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي التَّشَهُّدِ؛ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ التَّشَهُّدِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صَحَابِيًّا بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، اخْتَارَ الْجَمَاهِيرُ مِنْهَا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ.

وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ التَّشَهُّدِ لِقَوْلِهِ: «فَلْيَقُلْ»، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى وُجُوبِهِ أَئِمَّةُ الْآلِ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ؛ لِعَدَمِ تَعْلِيمِهِ الْمُسِيءَ صَلَاتَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَجِبُ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ سُنَّةٌ، وَقَدْ سَمِعْت أَرْجَحِيَّةَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ".

طالب: ...........  

العترة.

طالب: ...........  

آل البيت.

"وَقَدْ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، فَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَقَدْ رَجَّحَ جَمَاعَةٌ غَيْرَهُ مِنْ أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ الْوَارِدَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَزَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَوْلُ: (وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، لَكِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى".

سنده ضعيف للانقطاع بينهما.

طالب: ...........  

أبو عبيدة يصححه؟

طالب: ...........

نعم.

طالب: ...........

في موضعٍ آخر.

"لَكِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَوْقُوفِ فِي الْمُوَطَّأ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، إلَّا أَنَّهُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْت فِيهِ (وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ)، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ.

وَقَوْلُهُ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ»، زَادَ أَبُو دَاوُد: «فَيَدْعُو به»، وَنَحْوَهُ النَّسَائِيّ مِنْ وَجْهٍ بِلَفْظِ: «فَلْيَدْعُ»، وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ أَيْضًا؛ لِلْأَمْرِ بِهِ، وَأَنَّهُ يَدْعُو بِمَا شَاءَ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ".

خلافًا لمن قصر في الدعاء بخير الدنيا فقط، خير الآخرة فقط، أما خير الدنيا فلا يجوز الدعاء به في داخل الصلاة، الحنابلة يُبطلون الصلاة إذا دعا بشيءٍ من أمور الدنيا، لا يقول: اللهم ارزقني دارًا واسعة، وامرأةً جميلة، ودابة هملاجة، كل هذا لا يجوز عندهم، لكن عموم فيدعو بما أحب ثم يتخير يشمل الدنيا والآخرة، فأمور الدنيا ما تطلب للآخرة، إذا كانت مما يُعين المسلم على سلوك طريق الآخرة فهي مطلوبة.     

طالب: ...........  

أين؟

طالب: ...........  

«ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ» اللام لام الأمر، والأمر الأصل فيه الوجوب، لكن الجماهير على استحبابه.

"وَقَدْ ذَهَبَ إلَى وُجُوبِ الِاسْتِعَاذَةِ الْآتِيَةِ طَاوُسٌ".

طاوس في صحيح مسلم أمر ابنه بإعادة الصلاة لما تركها، التعوذ بالله من أربع، أمره بإعادة الصلاة.

طالب: ...........  

إن دعا في أمور الدنيا، نعم، لكن لا يُسرف في الدعاء، يطلب شيئًا بتفصيلٍ لا ينبغي.

"فَإِنَّهُ أَمَرَ ابْنَهُ بِالْإِعَادَةِ لِلصَّلَاةِ لَمَّا لَمْ يَتَعَوَّذْ مِنْ الْأَرْبَعِ الْآتِي ذِكْرُهَا، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَيَجِبُ أَيْضًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالظَّاهِرُ مَعَ الْقَائِلِ بِالْوُجُوبِ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالنَّخَعِيُّ وَطَاوُسٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِمَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَدْعُو إلَّا بِمَا كَانَ مَأْثُورًا، وَيَرُدُّ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ»".

«ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ» أجل سواءً كان مما ثبت أو مما يختاره هو.

طالب: ...........  

"وَفِي لَفْظِ: «مَا أَحَبَّ»".

طالب: ...........  

يصلي على النبي، ثم يدعو.

طالب: ...........  

كيف؟

طالب: ...........  

الأمر بالصلاة على النبي –عليه الصلاة والسلام- من غير تفصيل شامل للتشهد الأول والثاني؛ ولذلك يقولون: لو أطال الإمام يُصلي على النبي في التشهد.

طالب: ...........  

كيف؟

فيه أحد يركع وهو ما كمِّل الفاتحة وهي ركن؟

طالب: ...........  

الدعاء في دُبر الصلاة.

"وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «مِنْ الثَّنَاءِ مَا شَاءَ»".

طالب: ...........  

يكفي، تتابعه، يعني تكون في حُكم المسبوق، يعني مثل من جاء والإمام راكع، تسقط عنه.

"فَهُوَ إطْلَاقُ الدَّاعِي أَنْ يَدْعُوَ بِمَا أَرَادَ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِأَمْرِ الْآخِرَةِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَعَلَّمَنَا التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ: أَيْ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ يَقُولُ: إذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ التَّشَهُّدِ فَلْيَقُلْ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ الْخَيْرِ مَا عَلِمْت مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ مَا عَلِمْت مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَك مِنْهُ عِبَادُك الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَك مِنْهُ عِبَادُك الصَّالِحُونَ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} الْآيَةَ [البقرة:201]».

وَمِنْ أَدِلَّةِ وُجُوبِ التَّشَهُّدِ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: وَلِلنَّسَائِيِّ أَيْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ.

حَذَفَ الْمُصَنِّفُ تَمَامَهُ، وَهُوَ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَا تَقُولُوا هَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا: «التَّحِيَّاتُ» إلَى آخِرِهِ".

طبِع في الكتاب الاختصار، فلا يأتي بلفظٍ معدولٍ عنه، إنما يأتي باللفظ المقصود، وهو "قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ"، والتشهد فرض.

"فَفِي قَوْلِهِ: يُفْرَضُ عَلَيْنَا، دَلِيلٌ عَلَى الْإِيجَابِ، إلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَ النَّسَائِيّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ: تَفَرَّدَ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِذَلِكَ، وَأَخْرَجَ مِثْلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَاهُ، وَلِأَحْمَدَ أَيْ: مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ الْوُجُوبِ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ النَّاسَ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التَّشَهُّدَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ النَّاسَ: «التَّحِيَّاتُ» وَذَكَرَهُ إلَى آخِرِهِ.

وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ» إلَى آخِرِهِ".

سبب العدول عن بعض الألفاظ والاقتصار على بعضها مثل التزام تشهد واحد يجعل الناس يُنكرون الألفاظ الأخرى، يعني لو تشهد شخص بتشهد ابن عباس: التحيات لله، المباركات الطيبات. يُنكَر عليه أشد الإنكار؛ لأن الناس ما يعرفونها، لكن لو قُدِّر أن الإنسان يأتي بهذا تارة، وذاك تارة، وعلَّم الناس ونوّرهم وبصَّرهُم بما ثبت عن النبي –عليه الصلاة والسلام- كان أولى.

"تَمَامُهُ: «السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِين، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُد، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ ذَكَرَ السَّلَامَ مُنَكَّرًا، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ كَمُسْلِمٍ، لَكِنَّهُ قَالَ: «وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بِتَنْكِيرِ السَّلَامِ أَيْضًا وَقَالَا فِيهِ: (وَأَنَّ مُحَمَّدًا) وَلَمْ يَذْكُرْ أَشْهَدُ، وَفِيهِ زِيَادَةُ الْمُبَارَكَاتِ، وَحَذْفُ الْوَاوِ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَمِنْ الطَّيِّبَاتِ؛ وَقَدْ اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ تَشَهُّدَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَمَّا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ صِرْتَ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّشَهُّدِ؟ قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُهُ وَاسِعًا، وَسَمِعْته عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحًا كَانَ عِنْدِي أَجْمَعَ، وَأَكْثَرَ لَفْظًا مِنْ غَيْرِهِ".

مع أنه لا يمنع غيره، الشافعي لا يمنع غيره من التشهدات.

"فَأَخَذْت بِهِ غَيْرَ مُعَنِّفٍ لِمَنْ يَأْخُذُ بِغَيْرِهِ مِمَّا صَحَّ.

وَعَنْ فَضَالَةَ بِفَتْحِ الْفَاءِ بِزِنَةِ سَحَابَةٍ، هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ لِعَبْدٍ، أَنْصَارِيٍّ أَوْسِيٍّ، أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ أُحُدٌ، ثُمَّ شَهِدَ مَا بَعْدَهَا، وَبَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى الشَّامِ، وَسَكَنَ دِمَشْقَ، وَتَوَلَّى الْقَضَاءَ بِهَا، وَمَاتَ بِهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، قَالَ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «عَجِلَ هَذَا» أَيْ: بِدُعَائِهِ قَبْلَ تَقْدِيمِ الْأَمْرَيْنِ، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ»، وَهُوَ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّحْمِيدِ نَفْسُهُ، وَبِالثَّنَاءِ مَا هُوَ أَعَمُّ: أَيْ عِبَارَةٌ، فَيَكُونُ مِنْ عِطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ".

التحميد لفظ الحمد، والثناء ما هو أعم من ذلك الأول بلفظ الحمد الخاص، والثناء وهو الثاني بما هو أعم من لفظ الحمد بالتعظيم، والإجلال، والتمجيد وغير ذلك، هذا يكون من باب عطف العام على الخاص، والثناء كما عُرِّف تكرير المحامد، أما إفرادها فهو حمد. 

طالب: ...........  

ولذلك غلَّطوا من فسَّر الحمد بالثناء، الأكثر يقولون: الحمد هو الثناء على الله إلى آخره، لكن ابن القيم نص على أن الثناء غير الحمد.

طالب: الثناء حمدٌ وزيادة.

نعم، ولما قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قال: «أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي».

طالب: هذا الفرق الذي فرَّق به ابن القيم بين الحمد والثناء؟

نعم.

"«ثُمَّ يُصَلِّي» هُوَ خَبَرُ مَحْذُوفٍ: أَيْ ثُمَّ هُوَ يُصَلِّي عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، فَلِذَا لَمْ تُجْزَمْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالدُّعَاءِ بِمَا شَاءَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ أَحَادِيثَ التَّشَهُّدِ تَتَضَمَّنُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِمَا أَجْمَلَهُ هَذَا، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ الَّذِي سَمِعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَانَ فِي قَعْدَةِ التَّشَهُّدِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ حَالَ قَعْدَةِ التَّشَهُّدِ، إلَّا أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا".

المُصنِّف فَهِم أنه في التشهد؛ ولذلك وضعه بين أحاديث التشهد.

"يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي قُعُودِ التَّشَهُّدِ، وَكَأَنَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ مِنْ سِيَاقِهِ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَسَائِلِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَسَائِلِ وَهِيَ نَظِيرُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]".

قدَّم العبادة بين يدي الاستعانة.

"حَيْثُ قَدَّمَ الْوَسِيلَةَ وَهِيَ الْعِبَادَةُ، عَلَى طَلَبِ الِاسْتِعَانَةِ".

طالب: ...........  

يأتي بها.

طالب: ...........  

يأتي بها يأتي بالصلاة على النبي، لا بُد أن يأتي بها.

طالب: ...........  

هو ما يُعيد الركعة، يأتي بها وهو جالس، لكن لو طال الفصل بطلت الصلاة كلها.

طالب: ...........  

يستقبل القبلة، يجلس جلسة التشهد كأنه لم يقم من صلاته، فيُصلي على النبي –عليه الصلاة والسلام-، ثم يُسلِّم، ثم يسجد للسهو ويسلِّم؛ لأنه سلَّم عن نقص.

طالب: ...........  

إذا كان وجوب فقط يجبره سجود السهو.

طالب: ...........  

الأصل أنه في صلاة ما دام خرج وترك ركنًا فهو في الصلاة، وترك ركعة فهو في الصلاة ما خرج.

طالب: ...........

لا لا.  

طالب: ...........

الأكثر على أنها ركن.

طالب: التشهد الأول في الجلسة الثانية راتب أم ركن؟

مثل التشهد الأول يصير التشهد الثاني، هو التشهد لكنه ثانٍ.

طالب: إذًا يُصبح التشهد الثاني كاملًا ليس الصلاة على النبي فقط؟

والصلاة على النبي –عليه الصلاة والسلام- التشهد ركن، والصلاة على النبي –عليه الصلاة والسلام-، والجلوس له ركن.

طالب: كم؟  

ثلاثة أركان، والرابع التسليمتان.

طالب: ...........  

على من يُوجبه عند من يُوجبه.

طالب: ...........  

القيام مع القدرة.

طالب: ...........  

الركوع، الرفع منه، الاعتدال، السجود، الرفع منه، والجلسة بين السجدتين.

طالب: ...........  

مرة واحدة.

طالب: ...........  

والصلاة على النبي، والجلوس، والتسليمتان، والترتيب.

"وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، وهو أَبُو مَسْعُودٍ اسْمُهُ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ".

عقبة بن عمروٍ.

طالب: ...........  

البدري، ماذا عندك؟

طالب: ...........  

كلكم عندكم عامر؟

ماذا عندك أنت؟ محققة أنت؟

طالب: ...........  

حتى مترجم المسألة مترجم اللفظة.

طالب: ...........  

موجود، تقدمت ترجمته.

"وَأَبُو مَسْعُودٍ اسْمُهُ عُقْبَةُ بْنُ عمرٍو ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْبَدْرِيُّ، شَهِدَ الْعَقَبَةَ الثَّانِيَةَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، وَإِنَّمَا نَزَلَ بِهِ فَنُسِبَ إلَيْهِ".

وإن كان من أهل العلم كالبخاري من يرى أنه شهد بدر.

طالب: ...........  

لا.

"سَكَنَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ بِهَا فِي خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-.

قَالَ: قَالَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ، هُوَ أَبُو النُّعْمَانِ بَشِيرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، وَالِدُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَمَا بَعْدَهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْك، يُرِيدُ فِي قَوْله تَعَالَى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك؟ فَسَكَتَ، أَيْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ زِيَادَةٌ (حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ)، ثُمَّ قَالَ".

وهم ما يدرون ما سبب السكوت أمن غضبه عليه؟ لأن الرسول –عليه الصلاة والسلام- عُرِف عنه أنه يكره المسائل.

"«قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ»، الْحَمِيدُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ أَيْ: إنَّكَ مَحْمُودٌ بِمَحَامِدِك اللَّائِقَةِ بِعَظَمَةِ شَأْنِك، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِطَلَبِ الصَّلَاةِ، أَيْ: لِأَنَّك مَحْمُودٌ، وَمِنْ مَحَامِدِك إفَاضَتُك أَنْوَاعَ الْعِنَايَاتِ، وَزِيَادَةُ الْبَرَكَاتِ عَلَى نَبِيِّك الَّذِي تَقَرَّبَ إلَيْك بِامْتِثَالٍ مَا أَهَّلْته لَهُ مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ، وَيُحْتَمَل أَنَّ حَمِيدًا بِمَعْنَى حَامِدٍ، أَيْ: أَنَّك حَامِدٌ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحْمَدَ، وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَحَقِّ عِبَادِك بِحَمْدِك، وَقَبُولُ دِعَاءِ مَنْ يَدْعُو لَهُ وَلِآلِهِ، وَهَذَا أَنْسَبُ بِالْمَقَامِ.

«مَجِيدٌ» مُبَالَغَةُ مَاجِدٍ، وَالْمَجْدُ: الشَّرَفُ. وَالسَّلَامُ كَمَا عُلِّمْتُمْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ لِلْبِنَاءِ بِالْمَعْلُومِ وَتَخْفِيفُ اللَّامِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَزَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: (فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا)، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ رَوَاهَا أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَهَا أَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَحَدِيثُ الصَّلَاةِ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ طَلْحَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ.

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصَّلَاةِ؛ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ-أَعْنِي: «قُولُوا»- وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَدَلِيلُهُمْ الْحَدِيثُ مَعَ زِيَادَتِهِ الثَّابِتَةِ.

وَيَقْتَضِي أَيْضًا وُجُوبَ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ، وَهُوَ قَوْلُ الْهَادِي، وَالْقَاسِمِ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَلَا عُذْرَ لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْتَدِلًّا بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا عَلَى الْآلِ".

لورودهما معًا، ورود الصلاة على النبي –عليه الصلاة والسلام- مقرونًا بها الصلاة على الآل، فإيجاب أحد المثلين المتساويين دون الآخر وورودهما في نصٍّ واحد مقرونين دون الآخر تحكم.

طالب: ...........  

لا، ما يلزم؛ لأن الأمر في الآية {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب:56] ما قال: وعلى آله.

طالب: ...........  

لا، في هذا الموضع.

طالب: هل تصبح الصلاة على الآل واجبة يا شيخ؟

في الصلاة.

طالب: ...........  

في صلاته، في الصلاة، أما خارج الصلاة فامتثال الأمر في الآية يتم بدونهم.

"إذْ الْمَأْمُورُ بِهِ وَاحِدٌ، وَدَعْوَى النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ مَنْدُوبَةٌ، غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ، بَلْ نَقُولُ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تَتِمُّ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ مُمْتَثِلًا بِهَا، حَتَّى يَأْتِيَ بهذا اللَّفْظُ النَّبَوِيُّ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الْآلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ السَّائِلُ: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك؟ فَأَجَابَهُ بِالْكَيْفِيَّةِ، أَنَّهَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، فَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِالْآلِ فَمَا صَلَّى عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الَّتِي أُمِرَ بِهَا، فَلَا يَكُونُ مُمْتَثِلًا لِلْأَمْرِ، فَلَا يَكُونُ مُصَلِّيًا عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ: «كَمَا صَلَّيْت» إلَى آخِرِهِ يَجِبُ؛ إذْ هُوَ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَلْفَاظِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ بِإِيجَابِ بَعْضِهَا وَنَدْبِ بَعْضِهَا فَلَا دَلِيلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الْمَهْدِيِّ فِي الْبَحْرِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ سُنَّةٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَذَانِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ، فَكَلَامٌ بَاطِلٌ".

الفرق بين الفرع مع أصله المقيس عليه لا وجه للشبه بين الأذان وبين الصلاة، وأيضًا ليس في الأذان صلاة على النبي –عليه الصلاة والسلام- ليُصلى على آله، إنما هو مجرد شهادة بأنه رسول، ولا يجوز الشهادة للآل بأنهم رسول، فالقياس مع الفارق.

طالب: ...........  

في الصلاة؟

طالب: في الصلاة.

الأصل على ما حفِظ، حفظه من السور ونسيها كما هو معلوم.

طالب: ...........  

إذا أسقط جهل، فالجاهل معذور، يُعذَر بجهله.

طالب: ...........  

يُبينوا الشهادة. 

"فَإِنَّهُ كَمَا قِيلَ: لَا قِيَاسَ مَعَ النَّصِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُذْكَرُ الْآلُ فِي تَشَهُّدِ الْأَذَانِ لَا نَدْبًا وَلَا وُجُوبًا، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَذَانِ دُعَاءٌ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَلْ شَهَادَةٌ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَالْآلُ لَمْ يَأْتِ تَعَبُّدٌ بِالشَّهَادَةِ بِأَنَّهُمْ آلُهُ، وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ حَذْفَ لَفْظِ الْآلِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا يَقَعُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي".

ما يقع في كُتب الحديث ليس بالتشهد، وإلا فالتشهد ثابت، الصلاة على الآل في التشهد ثابت في كتب الحديث، أما حذف الآل من كتب الحديث على حد زعمهم، فالمراد بها في قولهم: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يقولون: وآله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا.

طالب: ...........  

لأنه لا بُد خارج الصلاة.

"وَكُنْت سُئلت عَنْهُ قَدِيمًا، فَأُجِبْت أَنَّهُ قَدْ صَحَّ".

قالوا: إنه تتابع عليه المحدِّثون لما كانوا في زمن بني أمية الذين يسوء بعضهم ذِكر الآل والصلاة عليهم، ثم تتابع الناس على هذا الخطأ على حد زعمهم.

"فَأُجِبْت أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِلَا رِيبَ كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمْ رُوَاتُهَا".

والذي صح عندهم الصلاة عليه في الصلاة.

"وَكَأَنَّهُمْ حَذَفُوهَا خَطَأً؛ تَقِيَّةً لَمَّا كَانَ فِي الدَّوْلَةِ الْأُمَوِيَّةِ مَنْ يَكْرَهُ ذِكْرَهُمْ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ مُتَابَعَةً مِنْ الْآخِرِ لِلْأَوَّلِ، فَلَا وَجْهَ لَهُ، وَبَسَطْت هَذَا الْجَوَابَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ بَسْطًا شَافِيًا.

وَأَمَّا مَنْ هُمْ الْآلُ؟ فَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ: الْأَصَحُّ أَنَّهُمْ مَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ؛ فَإِنَّهُ بِذَلِكَ فَسَرَّهُمْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَالصَّحَابِيُّ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

ومنهم من قال: المراد أزواجه وذريته، ومنهم من قال: أتباعه على دينه، ومنه أقوال لأهل العلم.

"فَتَفْسِيرُهُ قَرِينَةٌ عَلَى تَعْيِينِ الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ، وَقَدْ فَسّرهُمْ بِآلِ عَلِيٍّ، وَآلِ جَعْفَرٍ، وَآلِ عَقِيلٍ، وَآلِ الْعَبَّاسِ.

فَإِنْ قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا. أَيْ: إذَا نَحْنُ دَعَوْنَا فِي دُعَائِنَا، فَلَا يَدُلُّ عَلَى إيجَابِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ.

قُلْت: الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: الْمُتَبَادَرُ فِي لِسَانِ الصَّحَابَةِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ صَلَاتُنَا الشَّرْعِيَّةُ لَا اللُّغَوِيَّةُ، وَالْحَقِيقَةُ الْعُرْفِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ إذَا تَرَدَّدَتْ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ وُجُوبُ الدُّعَاءِ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ كَمَا عَرَفْت مِنْ الْأَمْرِ بِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الدُّعَاءِ وَاجِبَةٌ، لِمَا عَرَفْت مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ، وَبِهَذَا يَتِمُّ إيجَابُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ الدُّعَاءِ الدَّالِ عَلَى وُجُوبِهِ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ» مُطْلَقٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوْسَطِ وَالْأَخِيرِ، «فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ» بَيّنَهَا بِقَوْلِهِ: يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ؛ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «إذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ» هَذِهِ الرِّوَايَةُ قَيَّدَتْ إطْلَاقَ الْأُولَى، وَأَبَانَتْ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ".

«إذَا تَشَهَّدَ» يعني إذا فرغ من التشهد؛ لأن الفعل يُطلَق ويُراد به الشروع فيه، أو الفراغ منه، {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة:6] يعني: إذا أردتم القيام. {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل:98] إذا أردت القراءة، «إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» إذا فرغ من التكبير فكبِّروا، «إِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» إذا شرع في الركوع فاركعوا.

طالب: إذا قال الإنسان التشهد واستعاذ بالأربعة، وأطال الإمام، هل يدعو؟

يدعو.

طالب: مطلق الدعاء؟

نعم.

طالب: في العالمين.  

كلها ثابتة.

طالب: ...........  

بعض الروايات تثبت في الأولى.

طالب: ...........

كذلك.

طالب: ...........

«إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» إذا كبَّر للإحرام يعني إذا فرغ من التكبير، وليس بأن تُكبِّر أثناء شروع الإمام، لا، إذا فرغ من التكبير إذا قال: الله أكبر، تقول: الله أكبر.

«إِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» لو قلنا: إذا فرغ من الركوع معناه أنك ما تركع إلى أن يرفع من الركوع، لكن إذا شرع في الركوع، وإذا انقطع صوته من التكبير تُكبِّر، معناه إذا شرع في الركوع تركع.

طالب: ...........  

لا، الذي يُحدده السياق والنصوص الأخرى.

طالب: ...........  

نعم، أحيانًا إذا فرغ، وأحيانًا إذا أراد قبل أن يبدأ مثل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة:6] إذا أردتم القيام أو {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل:98] إذا انتهيت من القراءة؟ لا، كما يقول أهل الظاهر.

طالب: ...........  

كيف؟

طالب: ...........  

مع كل وضوء، هذا يقتضي المعية، ما في أثناء الوضوء.

طالب: ...........  

مع كل وضوء.

طالب: ...........  

على المأموم أن ينتظر حتى ينقطع صوته.

طالب: ...........  

بعد الصلاة؟

طالب: ...........  

لا، ما هو بالوضوء، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل:98] الاستعاذة بعدما تنتهي من القراءة، لكن ما يقولون بأن الوضوء بعد الصلاة {إِذَا قُمْتُمْ} [المائدة:6]، ومنهم من يقول: {إِذَا قُمْتُمْ} [المائدة:6] يعني من النوم.

"وَيَدُلُّ التَّعْقِيبُ بِالْفَاءِ أَنَّهَا تَكُونُ قَبْلَ الدُّعَاءِ الْمُخَيَّرِ فِيهِ بِمَا شَاءَ.

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِعَاذَةِ مِمَّا ذُكِرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الظَّاهِرِيَّةِ؛ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ مِنْهُمْ: وَيَجِبُ أَيْضًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، عَمَلًا مِنْهُ بِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ طَاوُسٌ ابْنَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لَمَّا لَمْ يَسْتَعِذْ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ، وَبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَهَا، وَالْجُمْهُورُ حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى ثُبُوتِ عَذَابِ الْقَبْرِ.

وَالْمُرَادُ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مِنْ الِافْتِتَانِ بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَالْجَهَالَاتِ، وَأَعْظَمُهَا -وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ- أَمْرُ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ: هِيَ الِابْتِلَاءُ مَعَ عَدَمِ الصَّبْرِ.

وَفِتْنَةُ الْمَمَاتِ، قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا: الْفِتْنَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ، أُضِيفَتْ إلَيْهِ؛ لِقُرْبِهَا مِنْهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا فِتْنَةُ الْقَبْرِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهَا السُّؤَالَ مَعَ الْحَيْرَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ: «إنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ»، وَلَا يَكُونُ هَذَا تَكْرِيرًا لِعَذَابِ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى ذَلِكَ".

عذاب القبر فرع عن الفتنة؛ لأنه إذا فُتِن في قبره وسُئل إذا تحيَّر عُذِّب، وإن أجاب نجا.

"وَقَوْلُهُ: «فِتْنَةُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» قَالَ الْعُلَمَاءُ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْفِتْنَةُ: الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ وَالتُّهْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، "وَالْمَسِيحُ" بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ، وَفِيهِ ضَبْطٌ آخَرُ".

الضبط الآخر أنه بالخاء.

"وَهَذَا الْأَصَحُّ، وَيُطْلَقُ عَلَى الدَّجَّالِ، وَعَلَى عِيسَى".

يعني مسيح غواية، ومسيح هداية.

"وَلَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهِ الدَّجَّالُ قُيِّدَ بِاسْمِهِ، سُمِّيَ الْمَسِيحَ؛ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ.

أَمَّا عِيسَى فَقِيلَ لَهُ: الْمَسِيحُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ زَكَرِيَّا مَسَحَهُ؛ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إلَّا بَرِئَ".

وقيل: لأنه ممسوح القدمين لا أخمص له.