كتاب الصلاة (05)

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا وارفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وعملًا يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنَّا خيرًا.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ وُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي الثِّيَابِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ.

وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ» فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًى، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا».

 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ وُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي الثِّيَابِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]" باب وجوب الصلاة في الثياب المراد بذلك ما يستر العورة من الثياب، وستر العورة في الصلاة شرطٌ لصحتها.

وعند المالكية أقوال كأن فيها شيئًا من التساهل، وبعضهم يقول: عند الذِّكر، فإذا نسي فلا شيء عليه، ومنهم من يُطلق السُّنية، لكن عامة أهل العلم على أن الصلاة بدون سترٍ للعورة لا تصح.

"وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]" يعني: عند كل صلاة.

وهل المراد بالزينة ما يستر ويُجزئ في الصلاة أو تحسين ما يستر، وهو قدرٌ زائد على مجرد السُّترة؟

وبعض الناس لا يهتم لصلاته، فيحضر إلى المسجد بأثوابٍ رثة وبالية أو بما يُلبَس للمهنة أو للنوم، وإذا أراد أن يستقبل أحدًا له منزلةٌ في قلبه غيَّر وضعه، ولبِس أحسن ثيابه، وكذلك إذا أراد أن يذهب إلى دوامه فإنه يلبس أحسن ثيابه، بخلاف صلاته، فإنه لا يهتم لها، وهذا واضح بين الناس في صلاة الصبح يأتي بثياب النوم، ولا شك أن تعظيم هذه الشعيرة وهي من أعظم شعائر الإسلام من تقوى القلوب، كما قال الله –جلَّ وعلا-: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32].

فنأخذ الزينة للصلاة والمساجد عمومًا، فهي أولى ما يُحترم ويُعظَّم في قلب المؤمن، وفي قلوب الناشئة المُقلِّدة.

بعض الناس يُصلي في ثيابٍ لا تُناسب وإن سترت العورة، ويراه أطفاله ونساؤه على هذه الحالة، فلا يهتمون لصلاتهم، ولا يُنزلونها من قلوبهم المنزلة اللائقة بها.

قالوا في قوله: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف:31] هذا أمر، {عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31] عند كل صلاة، والمراد بالزينة: القدر الواجب الذي لا تصح الصلاة بدونه، وهو ستر العورة.

والقدر الزائد على ذلك لا شك أنه من تعظيم الصلاة والاهتمام بها والعناية بشأنها، فهو مما ينبغي.  

"وُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي الثِّيَابِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ" الأكمل أن يُصلي الرجل في الثياب الساترة السابغة، وتكون بالثياب القُمص والسراويل بحيث لا يخرج منه شيء إذا ركع أو سجد أو تغير وضعه، فيحتاط لصلاته من هذه الحيثية.

وإذا صلى في الثوب الواحد ملتحفًا به فعليه أن يحتاط له ويزره، كما سياتي في حديث سلمة: «يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ»، والثوب الضيق يعقده؛ لئلا تنكشف عورته ولاسيما إذا ما كان عليه سراويل، والواسع يلتحف به.

"وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ.

 وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ" تعليق بصيغة التمريض.

"أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ»"، وسيأتي في كلام الشارح السبب في تمريض الصيغة عند الإمام البخاري؛ لأن في إسناده مغمزًا، فيه كلام.

"وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًىً" الجماع معروف، والذي ليس عنده إلا ثوب واحد ويُجامع فيه، ولا يتلوث بشيء، ولم يُصبه أذى، هذا لا إشكال في الصلاة فيه، مع أن المني طاهر، وسبق في أحاديث الطهارة أنه ينضحه ويحكه ولو بإذخرة، ولا يلزم غسله، الغسل الذي تُغسل به النجاسات؛ لأنه طاهر.

"وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًىً، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ"، ولما بعث النبي –عليه الصلاة والسلام- أبا بكر أن يحج بالناس أمره ألا يطوف بعد العام بالبيت مُشرك، وألا يطوف بالبيت عريان، وكانت العرب في الجاهلية نساؤهم يطفن عُراة بالبيت، فجاء الإسلام فأبطل هذه الظاهرة، وأمر بالتحفظ والتستر لاسيما النساء، فالأمر في حقهن أشد وأعظم.

 "أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ" والطواف حكمه حُكم الصلاة، فإذا مُنِع من التعري في الطواف فالصلاة من باب أولى؛ لأن تشبيهه بالصلاة ليس تشبيهًا من كل وجه، فتختلف الصلاة، وجاء في الحديث: «الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلاَةٌ غير أنه أُبيح فيه الكلام»، مع أن الحديث فيه مقال؛ ولذلك يشترطون للطواف الطهارة، كما تُشترط للصلاة، يُشترط للطواف ستر العورة، كما تُشترط للصلاة، فيبقى في ذلك الكلام، ونحو الشرب اليسير والأكل اليسير يختلف فيه مع الصلاة.

"وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ" وأبو بكر حج بالناس سنة تسع، والنبي –عليه الصلاة والسلام- حج سنة عشر، حجة أبي بكرٍ بعد فرض الحج، وتأخير النبي –عليه الصلاة والسلام- لفريضته حتى على القول بأن الحج واجب على الفور؛ من أجل ألا يرى هذه المناظر المسيئة، فهو لا يُطيق مثل هذه المناظر وطواف العُراة، مع أن ما قيل من كلام لأهل العلم: أن حجة أبي بكر لم تكن في شهر ذي الحجة، وإنما كانت في القعدة، ولما دارت السنة -والعرب عندهم ما يُسمى بالنسيء يؤخرون كل سنة شهرًا- وافقت حجة النبي –عليه الصلاة والسلام- في شهر ذي الحجة؛ ولذا قال: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّماواتِ والأَرْضَ» فوافقت حجته –عليه الصلاة والسلام- في ذي الحجة، والله المستعان.

نعم.

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

لا، هو مع مجموع الباب ينهض للاستدلال، لكن بمفرده لا.

طالب: ...........

"فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ" ولذلك صدَّره بصيغة التمريض، وسيأتي التنصيص على العلة في كلام الشارح.

طالب: ...........

لا لا، قوله في الرجل: فيه نظر، من ورعه –رحمه الله-، وكلامه في الرجال إذا قال: فيه نظر فالجرح شديد، أما هنا فلا.

طالب: ...........

أذى نجاسة أم...

طالب: ...........

إن كان من المني فهو طاهر، وإن كان مذيًا فهو نجس، لكن جاء التوجيه بأنه يُحك؛ لأن هيئته مقلقة ومؤذية كالمخاط وغيره.

طالب: ...........

أو من المرأة كلاهما طاهرٌ.

ومن أراد أن يطلِع على مناظرةٍ طويلة مفصَّلة في طهارة المني ونجاسته بين حنبليٍّ وشافعي، فلينظرها في (بدائع الفوائد) لابن القيم.

قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى-: "قوله: بَابُ وُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي الثِّيَابِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]" يُشير بذلك إلى ما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس، قال: كانت المرأة تطوف بالبيت عريانة... الحديث، وفيه {خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف:31]، ووقع في تفسير طاوسٍ".

وفيه فنزلت {خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف:31].

"وفيه فنزلت {خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف:31]، ووقع في تفسير طاوسٍ قال: في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف:31] قال: الثياب، وصله البيهقي ونحوه عن مجاهد.

ونقل ابن حزمٍ الاتفاق على أن المراد: ستر العورة.

قوله: "ومن صلى ملتحفًا في ثوبٍ واحدٍ" هكذا ثبت للمستملي وحده هنا، وسيأتي قريبًا في بابٍ مُفرد، وعلى تقدير ثبوته هنا فله تعلقٌ بحديث سلمة المعلق بعده كما سيظهر من سياقه.

قوله: "ويُذكَر عن سلمة" قد بيَّن السبب في ترك جزمه به بقوله: "وفي إسناده نظر" وقد وصله المصنف في تاريخه، وأبو داود، وابن خزيمة، وابن حبان، واللفظ له من طريق الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع، قال: قلت: يا رسول الله، إني رجل أتصيد فأصلي في القميص الواحد، قال: «نعم زره ولو بشوكة»".

في الغالب أن الذي يتصيد وليس عليه إلا ثوب واحد أنه يحصل منه الجري الشديد، وقد يتعرض ثوبه لما يخرقه من مروره بشجرٍ ونحوه أو من سرعة الوثب قد يحصل له ما يخرقه؛ فلذلك يلزمه أن يزره ولو بشوكة.

"ورواه البخاري أيضًا عن إسماعيل بن أبي أويسٍ، عن أبيه، عن موسى بن إبراهيم، عن أبيه، عن سلمة زاد في الإسناد رجلًا.

ورواه أيضًا عن مالك بن إسماعيل، عن عطاف بن خالد، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا سلمة، فصرح بالتحديث بين موسى وسلمة".

طالب: ...........

"قال: حدثنا موسى بن إبراهيم، قال: حدثنا سلمة، فصرح بالتحديث بين موسى وسلمة".

ورواه أيضًا عن مالك؟

"ورواه البخاري أيضًا عن إسماعيل".

"ورواه البخاري أيضًا عن إسماعيل بن أبي أويسٍ، عن أبيه، عن موسى بن إبراهيم، عن أبيه، عن سلمة، زاد في الإسناد رجلًا.

ورواه أيضًا عن مالك بن إسماعيل، عن عطَّاف بن خالد، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم، قال: حدثنا سلمة، فصرح بالتحديث بين موسى وسلمة، فاحتمل أن يكون رواية أبي أويسٍ من المزيد في متصل الأسانيد أو يكون التصريح في رواية عطَّافٍ وهمًا، فهذا وجه النظر في إسناده".

وعطَّاف هذا مظنة للوهم؛ لأنه فيه ضعف، قال فيه الإمام مالك... ماذا قال فيه مالك من الصيغ النادرة في الجرح؟ مَن يخرحه لنا؟

طالب: ............

عطَّاف بن خالد.

ليس من جِمال المحامل، وفي لفظٍ من جُمازات المحامل. 

طالب: ............

ماذا يقول؟

طالب: ............

عطَّاف، ترجمته.

طالب: ............

فقط؟

طالب: ............

ما أتيت بالذي نُريده.

طالب: ............

كل هذا ما يعنينا.

طالب: ............

يهمنا قول الإمام مالك وإلا فالباقي معروف.

طالب: ............

من إبل القباب هذا الأصل، الجُمال المحامل لفظ، من جُمازات المحامل وهي: الإبل، كلها مدارها على...

طالب: قال: وقال أحمد بن صالح المصري عن مطرف بن عبد الله المدني: قال: قال لي مالك بن أنس: عطَّافٌ يُحدِّث؟! قلت: نعم، فأعظم ذلك إعظامًا شديدًا، ثم قال: لقد أدركت أُناسًا ثقات يُحدثون ما يؤخذ عنهم، قلت: كيف وهم ثقات؟ ثم قال:...

أنا لا أريد منزلته في الجرح والتعديل، أنا أريد اللفظ النادر الذي سُقته عن مالك، وأهدي به من عقود.

طالب: ..............

نعم هذه من الألفاظ النادرة في الجرح.

طالب: ..............

وذُكِرت عن مالك.

طالب: ..............

يعني من باب أولى عطَّاف.

كمِّل كمِّل.

"وأما من صححه فاعتمد رواية الدراوردي، وجعل رواية عطَّافٍ شاهدةً لاتصالها، وطريق عطَّاف أخرجها أيضًا أحمد والنسائي.

وأما قول ابن القطان: إن موسى هو ابن محمد بن إبراهيم التيمي المضعَّف عند البخاري، وأبي حاتم، وأبي داود، وأنه نُسِب هنا إلى جده، فليس بمستقيم؛ لأنه نُسِب في رواية البخاري وغيره مخزوميًّا".

طالب: يعني نُسب في رواية البخاري وغيره.

"وهو غير التيمي بلا تردد، نعم وقع عند الطحاوي موسى بن محمد بن إبراهيم، فإن كان محفوظًا، فيحتمل على بُعدٍ أن يكونا جميعًا رويا الحديث، وحمله عنهما الدراوردي، وإلا فذكر محمدٍ فيه شاذٌ، والله أعلم.

قوله: «يَزُرُّهُ» بضم الزاي وتشديد الراء أي: يشد إزاره، ويجمع بين طرفيه؛ لئلا تبدو عورته، ولو لم يمكنه ذلك إلا بأن يغرز في طرفيه شوكةً يستمسك بها".

يجعلها شبيهةً بالزر، والزر يجمع بين أطراف الثوب، ويسد الخلل، يجعل الشوكة مثله.

طالب: ..............

ماذا قال؟

طالب: ..............

"وذكر المؤلف حديث سلمة هذا إشارةً إلى أن المراد بأخذ الزينة في الآية السابقة لبس الثياب لا تحسينها".

الأصل في الزينة القدر الزائد على وجود الأصل، الزينة والتزين التحسين، وأما مجرد وجودها مع قُبحها فلا يُسمى زينة.

طالب: ..............

هذا الذي يظهر.

طالب: ..............

لا، هم يرون أن هناك القدر الواجب والقدر التكميلي، ويرون التحسين تكميليًّا وليس بفرض واجب. 

"قوله: "ومن صلى في الثوب" يُشير إلى ما رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان من طريق معاوية ابن أبي سفيان أنه سأل أخته أم حبيبة، هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم إذا لم يرَ فيه أذى، وهذا من الأحاديث التي تضمنتها تراجم هذا الكتاب بغير صيغة رواية حتى ولا التعليق".

لأن المعلقات إما أن تكون بحذف راوٍ واحد من السند الذي هو شيخ المصنِّف، وإما أن تكون بحذف الراوي وشيخه، أو تكون بحذف ثلاثة ويبقى من يبقى، أو بحذف جميع الإسناد إلا الصحابي، وأحيانًا تكون بحذف الصحابي كما هنا، ما يبقى في الإسناد شيء.   

"قوله: "ما لم يرَ فيه أذى" سقط لفظ (فيه) من رواية المستملي والحموي.

قوله: "وأمر النبي صلى الله عليه وسلم" أشار بذلك إلى حديث أبي هريرة في بعث عليٍّ في حجة أبي بكرٍ بذلك، وقد وصله بعد قليل، لكن ليس فيه التصريح بالأمر، وروى أحمد بإسنادٍ حسن من حديث أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- نفسهِ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثه لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان... الحديث.

ووجه الاستدلال به للباب أن الطواف إذا مُنِع فيه التعري فالصلاة أولى، إذ يُشترط فيها ما يُشترط في الطواف وزيادة، وقد ذهب الجمهور إلى أن ستر العورة من شروط الصلاة، وعن بعض المالكية التفرقة بين الذاكر والناسي، ومنهم من أطلق كونه سُنَّة لا يُبطل تركها الصلاة، واحتُج بأنه لو كان شرطًا في الصلاة لاختص بها ولافتقر إلى النية، ولكان العاجز العريان ينتقل إلى بدلٍ كالعاجز عن القيام ينتقل إلى القعود".

كلها حُجج ضعيفة.

"والجواب عن الأول".

الذي هو "لو كان شرطًا في الصلاة لاختص بها".

"والجواب عن الأول: النقض بالإيمان، فهو شرطٌ في الصلاة ولا يختص بها، وعن الثاني: باستقبال القبلة فإنه لا يفتقر للنية، وعن الثالث: على ما فيه بالعاجز عن القراءة، ثم عن التسبيح فإنه يصلي ساكتًا".

يعني إلى غير بدل.

طالب: الحديث يا شيخ.

قرأته؟

طالب: نعم قرأته.

يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ" وهو التبوذكي.

"قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدٍ" وهو ابن سيرين.

"عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ" نُسيبة بنت الحارث.

"قَالَتْ: أُمِرْنَا" بلفظ مسلم: "أَمرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-"، ولا فرق بين أُمِرنا؛ لأن الصحابي إذا أطلق الأمر في المسائل الشرعية فإنه لا ينصرف إلا لمن له الأمر والنهي وهو الرسول –عليه الصلاة والسلام-، وأما احتمال أن يكون الآمر غير الرسول –عليه الصلاة والسلام- في مثل هذه الأحكام فبعيد.

"قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ".

قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ أَوْ
 

 

نَحْوُ أُمِرْنَا حُكْمُهُ الرَّفْعُ وَلَوْ
 

بَعْدَ النَّبِيِّ قَالَهُ بِأَعْصُرِ
 

 

عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ
 

"أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ" مَن كانت عليهن العادة أي: الحيض، والصلاة عليها حرام، وكذلك الصيام، لكن حضورهن لصلاة العيد؛ لشهود الخير، ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى، فيحصل لهن الانتفاع بدون ضرر، بدون محظور.

"أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ" في روايةٍ "في العيد".

"وَذَوَاتِ الخُدُورِ" النساء البالغات أو المقاربات للبلوغ اللواتي في الغالب يلزمن الخدور، ولا يبرزن للرجال؛ حياءً منهم؛ وبُعدًا عن الشبهات، كما كانوا في السابق، البنت في خدرها لا تبرز إلا لضرورة.

وجاء في وصفه –عليه الصلاة والسلام- أنه كان أشد حياءً من العذراء في خدرها.

ومع الأسف أن هذا الوصف تضاءل في وقتنا، ولايزال الأمر عندنا على خير، لكن في بلدانٍ أخرى المرأة تُزاحم الرجال، فيضطر الرجل على أن يلزم الجدار، يبعد عن المرأة، بعد أن كانت فيما أدركناه المرأة لا تمشي والرجل يمشي، إلا أن تكون في أقصى الشارع، والله المستعان.

"أُمرنا أن نُخرِج الحيض والعواتق وذوات الخدور" والعواتق: التي عتقت من المهنة بالبلوغ وهذه المهنة تنتقل إلى من بعدها.

"وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ" يشهدن الخير، يسمعن الخطبة، ويسمعن ما ينفعهن فيها، وخطبة العيد للنساء فيها نصيب، كما جاء في الصحيحين أن النبي –عليه الصلاة والسلام- أتى النساء فوعظهن وذكَّرهن، وأمرهن بالصدقة إلى غير ذلك، مما يدل على أن النساء لهن نصيبٌ من نصوص الشرع وتوجيهات الشرع، وهذا معروفٌ في شرعنا، ولله الحمد.

"فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ" لا تقرب المصلى؛ لأنها ممنوعة من دخول المسجد، وإذا مُنِعت المصلى الذي أحكامه دون أحكام المسجد، فلها أن تُمنَع من المسجد من باب أولى؛ لأنها حُكمها حُكم الجُنب لا تمكث في المسجد، ولا تدخل المسجد إلا عابرة مثل الجُنُب.

"قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟" ما عندها شيء "لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟" على هذا تلزم بيتها مع هذا الأمر تبحث عمَّن يُعيرها جلبابًا تحضر به الخير ودعوة المسلمين.

"قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟" وهو الذي يُغطى به البدن.

"قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا»" اللام لام الأمر.

«صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» يعني ما تستتر به.

"وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، قال: حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بِهَذَا".

"قوله: "حدثنا يزيد بن إبراهيم" هو: التستري، "ومحمد" هو: ابن سيرين، والإسناد كله بصريون، وكذا المعلق بعده.

قوله: "أُمِرْنَا" بضم الهمزة، ولمسلمٍ من طريق هشام، عن حفصة، عن أم عطية قالت: أَمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد تقدم هذا الحديث في الطهارة بأتم من هذا السياق في باب شهود الحائض العيدين، وتقدم الكلام عليه ثَمَّ".

يعني: هناك.

قوله: "يوم العيدين"، وفي رواية المستملي والكشميهني: "يوم العيد" بالإفراد.

قوله: "ويعتزل الحيض عن مصلاهن" أي: النساء اللاتي لسن بحيَّض، وللمستملي عن مصلاهم على التغليب".

يعني: للرجال.

"وللكشميهني: عن المصلى، والمراد به: موضع الصلاة، ودلالته على الترجمة من جهة تأكيد الأمر باللبس حتى بالعارية للخروج إلى صلاة العيد، فيكون ذلك للفريضة أولى".

الحديث يستدل به من يقول بوجوب صلاة العيد على الأعيان -الأعيان ما هم بالوجهاء- يعني واجب عيني مثل فرض العين إلا أنه أقل من الفرض، يلزم جميع المكلفين أن يصلوا صلاة العيد، ومن تركها فقد أثِم؛ لأنه إذا أُمِر النساء بمن فيهن الحيَّض فأمر غيرهن من باب أولى، وهذا قول الحنفية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ويختلف الباقون؛ منهم من يقول: فرض كفاية، ومنهم من يقول: سُنَّة، ولكن الحديث تأكيده على النساء لاسيما الحيَّض يدل على أن الأمر ليس بالهين.

طالب: ...........

تُلبسها من جلبابها. 

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

إن الشرطية على قول الجمهور.

طالب: ...........

لا، لكنه رافض «لِتُلْبِسْهَا»، يعني إذا ما كان عندها جلباب، وأُمِرت أُختها وجارتها أن تُلبِسها من جلبابها فلأن يجب عليها ويلزمها أن تلبس إذا كان عندها.

طالب: ...........

على كل حال إذا وجبت، عورة النظر بالنسبة للنساء –واجبة- ومثلها عورة الصلاة.

طالب: ...........

قديمًا قبل خمسين أو ستين سنة ألَّف شخص كتابًا أسماه (كشف القناع عن حُكم صلاة الجمعة في المنزل خلف المذياع) فإذا بدأنا بمثل هذه التساهلات، ومثل هذه الاجتهادات فما بقي لنا شيء، الأمر يبقى أمرًا، وامتثاله لا يتم إلا بالحضور للخير نفسه، وإلا فالرجال يجلسون في بيوتهم، ويسمعون، ما يفوتهم شيء.  

"قوله: "وقال عبد الله بن رجاء" هو: الغُداني بضم المعجمة وتخفيف المهملة وبعد الألف نون".

بتخفيف المهملة ماذا يصير؟

طالب: ...........

"قوله: "وقال عبد الله بن رجاء" هو: الغُداني بضم المعجمة وتخفيف المهملة وبعد الألف نون هكذا في أكثر الروايات، ووقع عند الأصيلي في عرضه على أبي زيد بمكة حدَّثنا عبد الله بن رجاء، قال: وفي بعض النسخ عن أبي زيد، وقال عبد الله بن رجاء كما قال الباقون، قلت: وهذا هو الذي اعتمده أصحاب الأطراف والكلام على رجال هذا الكتاب.

وعمران المذكور هو القطان، وفائدة التعليق عنه تصريح محمد بن سيرين بتحديث أم عطية له، فبطل ما تخيله بعضهم من أن محمدًا إنما سمعه من أخته حفصة عن أم عطية، وقد رُويناه موصولًا في الطبراني الكبير حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن رجاءٍ، والله أعلم".

يعني رواه عن أم عطية بغير واسطة، وعلي بن عبد العزيز فيه أحد يعرفه؟ البغوي.

البغوي ماذا له من المصنفات، البغوي هذا علي بن عبد العزيز؟

طالب: ............

لا، ولا شرح السُّنَّة، هذا متأخر، الحسين بن مسعود متوفى سنة خمسمائة وستة عشر، وليس بمنزلة هذا، هذا متقدم.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: " بَابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا فِي الصَّلاَةِ".

يعني من خلال تدريسنا للصحيح وغيره نسأل أسئلة مُكررة وكُرِّرت مرارًا، وتوقعنا أن تُستثار الهِمم لشيءٍ من معرفة شيءٍ من دقائق هذا العلم لكن... يعني معرفة كُنى الرواة وأسماؤهم، وبعض ما قيل فيهم مما يحتاجه طالب العلم، ليس في كل وقت يكون عندك كُتب وتراجع، يُفرِّق أهل العلم بين الفقيه بالقوة والفقيه بالغلبة، بالقوة القريبة من الفعل أو بالفعل نفسه، يعني إذا كنت في أي مكان تُجيب عمَّا تُسأل عنه ما هو مثل لما تقول: اصبر أراجع الكتاب.

وما رأيت أنفع في هذا الباب من قراءة الشروح لاسيما الشروح غير المطوَّلة مثل: ابن حجر والعيني وكذا، فيها فائدة وخير كثير في أمور أخرى، لكن قراءة الكرماني ما يأخذ وقتًا أبدًا، ويضبط لك الرواة أو (إرشاد الساري).

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا فِي الصَّلاَةِ.

وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: صَلَّى جَابِرٌ فِي إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ، وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى المِشْجَبِ، قَالَ لَهُ قَائِلٌ: تُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُكَ، وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي المَوَالِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ –رضي الله عنه- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ".

عنهما.

"قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ –رضي الله عنها- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ".

ثم قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا" يُعقَد الإزار؛ لئلا تنكشف العورة؛ لأنه إذا تُرك غير معقود مع ضيقه أو سِعته أحيانًا فإنه إذا تغيرت الحال قد تنكشف العورة في حال الركوع أو السجود، فإذا عُقِد فإنه يؤمَن ذلك.

"وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ" سلمة بن دينار الزاهد المعروف الراوي عن سهل بن سعد، وأما أبو حازم الراوي عن أبي هريرة فاسمه؟

طالب: ...........

سلمان وليس حبَّان.

طالب: ...........

فيها الألف والنون.

"وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" يعني: الصحابة.

"عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ" يعني مثل المشدات التي يفعلها الناس، يعني يربطون الأسفل بالأعلى على العواتق، وأكثر ما يُستعمل الآن من يلبسون البنطلونات؛ لأنه إذا ركع أو سجد قد تظهر عورته، لكن إذا عقده على عاتقه يؤمَن ذلك، والله المستعان.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ".

 واقد أخو عاصم، وكلاهما من أحفاد عبد الله بن عمر.

طالب: ...........

نعم.

"عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: صَلَّى جَابِرٌ" وهو ابن عبد الله.

"فِي إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ، وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى المِشْجَبِ" يعني هذه الصلاة ليست هي الأكمل، لكنها للتعليم؛ ليُعلِّم من يراه أن الصلاة على هذه الصفة في ثوبٍ واحد مع الاحتياط مُجزئة وكافية، وقد كانوا يصلون خلف النبي –عليه الصلاة والسلام- عاقدي أُزرهم، وإن كان الأمر في أوله فيه شُح، لكن جابرًا ثيابه على المشجب "فِي إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ، وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى المِشْجَبِ" يعني ما هو مِن قِلة ذات يد عنده ثياب؛ لكن ليُعلِّم الجاهل مثل الذي اعترض عليه؛ ليُعلِّم الجاهل "ليراني الأحمق مثلك" يقوله في الحديث.

ثيابه على المشجب، المشجب ماذا هو؟

طالب: ...........

أعودٌ يُعلَّق عليها، ما صفتها؟

طالب: ...........

ماذا يُسميها العوام؟

طالب: ...........

جُنار صدقت التي يُوضع عليها السِّقاء، والقِربة وما أشبه ذلك.

ترى الجنار يا أبا إبراهيم لازم تأخذ دورة.

طالب: ...........

لا، هي من الكلمات التي تكاد تنقرض.

ترى الجنار أنت؟

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

ثلاثة ويُفرِّجون بين رجليها وتضبط تتكئ وعلِّق عليها ما شئت.

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

هذا عندكم سيمباج؟ من أين أتيت بهذا؟ لا بُد أن تأتي بمن يشهد لك من الحضور؛ لأنهم من مُختلف البلدان.

"وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى المِشْجَبِ" والحال أن ثياب جابر موضوعة على المشجب، ماذا يُسمون ما يعلق عليها الثياب الآن؟ شماعة، يُسمونها شماعة.   

"قَالَ لَهُ قَائِلٌ: تُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُكَ، وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟" قِلة، وهذا تكرر على مر العصور يُوجد في كثيرٍ من العصور التي مرت بها الأمة، الرجل لا يُوجد له إلا ثوب واحد.

ومن الطرائف والقصص التي مرت في هذا الصدد أن شخصًا في أيام الضر الذي مس أهل نجد من الجوع والفقر، والحاجة والفاقة، خرج شخص يدور على الجيران ليجد شيئًا يأكله فلم يجد، وكان يعرف واحدًا في آخر السوق أو الشارع يعرف أن عنده فلوسًا، يعني يأخذ منه ريالين، ثلاثة، قال: نطرق عليه، ما بقي إلا هو، قال: ما أنا خارج -لأنه خطر، يموت هو وزوجته- إلا أن تُعطيني شيئًا إما طعامًا أو مالًا أشتري به طعام، قال: خُذ ريالًا، أخذ الريال، ووضعه في جيبه، وكان وقت قُرب إقامة الصلاة، فذهب إلى المسجد، فأراد أن ينتزع من البئر الماء، فوقع الريال في البئر، كان في صلاة الفجر وظلام، ولا يراه الناس، خلع ثوبه فنزل في البئر بحث ما وجده، لما خرج وجد الثوب مسروقًا، وما فيه غيره ولا سراويل ولا شيء.

يعني الصور تتكرر يعني في عهد النبي –عليه الصلاة والسلام- أشرف الخلق وأكرم الخلق على الله «أَوْ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» ما عليهم ثياب.

وهذا النعيم الذي نعيشه، وترف العيش، والأمن والرخاء هذه نِعم تحتاج إلى مزيد من الشكر يجب أن تُقابل بما يُناسبها ويُقابلها من الشكر لتقر، ومع الأسف أن كثيرًا من الناس على العكس يكفر النعمة، فيُخشى من زوالها.

"إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُكَ، وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟" ذُكِر عن شخص قد توفي –رحمه الله- أنه يُفصِّل من الثياب بعدد أيام السَّنة بحيث إذا لبس ثوبًا لا يعود إليه أبدًا، والله المستعان.

نعم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "بَابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا" هو بالقصر.

قوله: "وقال أبو حازم" هو ابن دينار".

سلمة بن دينار- رحمه الله-.

"قوله: "وقال أبو حازم" هو ابن دينار، وقد ذكره بتمامه موصولًا بعد قليل".

سيرة مثل هذا الرجل ومطرِّف بن عبد الله ونظائرهم من العُباد على طالب العلم أن يرجع إليها، وينظر ما قيل عنهم، إضافةً إلى ما جاء في الكتاب والسُّنَّة من المواعظ والرقائق سيرة مثل هؤلاء تُحيي القلوب لاسيما إذا نظر في (الحلية) (وسيرة الصفوة) أو كلام أهل العلم، ترجمة ابن حجر لمثل هؤلاء تختلف عن ترجمة النووي أو الكرماني أو الذين يعتنون بإبراز عبادة الراوي.

"قوله: "صلوا" بلفظ الماضي أي: الصحابة "وعاقدي" جمع عاقدٍ؛ وحذفت النون للإضافة، وهو في موضع الحال".

نُونًا تَلِي الإعْرَابَ أو تَنْوِينَا
 

 

ممّا تُضِيفُ احْذِفْ كَطُورِ سِينَاء
 

"وفي رواية الكشميهني "عاقدو"، وهو خبر مبتدأ محذوف أي: وهم عاقدو، وإنما كانوا يفعلون ذلك؛ لأنهم لم يكن لهم سراويلات، فكان أحدهم يعقد إزاره في قفاه؛ ليكون مستورًا إذا ركع وسجد، وهذه الصفة صفة أهل الصُّفَّة كما سيأتي في باب نوم الرجال في المسجد".

هم الفقراء يعيشون على الصدقات وعلى إحسان المحسنين.

"قوله: "حدثني واقدٌ" هو أخو عاصم بن محمد الراوي عنه، ومحمد أبوهما هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر، وواقدٌ ومحمد بن المنكدر مدنيان تابعيان من طبقةٍ واحدة.

قوله: "مِن قِبل" بكسر القاف وفتح الموحدة أي: من جهة قفاه.

قوله: "المشجب" بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الجيم بعدها موحدة هو: عيدانٌ تُضم رؤوسها ويُفرَّج بين قوائمها توضع عليها الثياب وغيرها، وقال ابن سيده: المشجب والشجاب خشباتٌ ثلاث يعلق عليها الراعي دلوه وسقاءه، ويُقال في المثل: فلان كالمشجب من حيث قصدته وجدته.

قوله: "فقال له قائل" وقع في رواية مسلم أنه عُبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، وسيأتي قريبًا أن سعيد بن الحارث سأله عن هذه المسألة، ولعلهما جميعا سألاه، وسيأتي عند المصنف في باب الصلاة بغير رداءٍ من طريق ابن المنكدر أيضًا، فقلنا: يا أبا عبد الله فلعل السؤال تعدد، وقال في جواب جابرٍ: فأحببت أن يراني".

في جواب ابن المنكدر.

طالب: وقال في جواب جابر، تحرَّفت في (س) إلى وقال في جواب ابن المنكدر.

طالب: ........

نعم؟

طالب: عندي يا شيخ وقال في جواب جابر –تعليق عليها- تحرَّفت في (س) إلى وقال في جواب ابن المنكدر. صحيح يا شيخ هذا جواب جابر.

في جواب جابر لابن المنكدر.

طالب: وقال في جواب جابر ما في... والنسخة المذكورة أنها تحرَّفت وقال في جواب ابن المنكدر.

مَن الذي أجاب؟

طالب: جابر.

نعم، جواب جابر، جابر يُجيب نفسه!

طالب: لا، هو الذي أجاب قال: "فأحببت أن يراني الجهال مثلكم" هذه إجابته.

وقال في جواب جابر، جابر أجاب مَن؟

طالب: ..........

صحيح، أجاب ابن المنكدر، في جواب جابر لابن المنكدر.

طالب: ..........

يا شيخ الإضافة في الجواب إما أن تكون للفاعل وهو جابر، أو المُجاب وهو المفعول، وهو ابن المنكدر، فكلاهما صحيح.

طالب: ..........

الراعي نعم، هو الراعي يُعلِّق عليها الراعي.

طالب: ..........

لا لا، عندك الراوي؟

طالب: ..........

الراعي، هل يُقال: راوٍ؟ ما له خصوصية.

طالب: ..........

محتمل؛ لأنه إما من إضافة جواب إلى فاعله أو إلى مفعوله.

مَن الذي قال في جواب جابر؟ جابر!

طالب: لا، أخبر عن جواب جابر بأنه كذا، هو الذي أخبر عن الإجابة.

لا، وقال جابر في جواب ابن المنكدر.

طالب: ..........

واضحة، ما يصير أصح الذي عندك، ماذا علَّق وقال؟

طالب: وقال في جواب ابن المنكدر، هي نفس العبارة التي عندكم يا شيخ.

هكذا هي، ماذا علق عليها وهَم أو...؟

طالب: تحرَّفت.

تحرَّفت! ما تحرَّفت.

طالب: ..........

يُرويها غيره، لكن الذي عندنا ابن المنكدر.

طالب: ..........

مَن الذي قال، قال جابر في جواب جابر؟ تجيء؟!

طالب: ..........

لا لا، خلنا مع المعنى، قال: الفاعل؟

طالب: ...........

لا لا، أنت عكست، وقال في جواب جابر -خلنا فيما عندك- وقال في جواب جابر، مَن الذي قال في جواب جابر؟ مَن الذي قال: فأحببت أن يراني؟

طالب: جابر.

ما تجيء، قال جابر في جواب جابر؟!

كمِّل كمِّل.

"وقال في جواب جابرٍ: فأحببت أن يراني الجهال مثلكم، وعُرِف به أن المراد بقوله هنا: "أحمق" أي: جاهل، والحُمق: وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه، قاله في (النهاية).

والغرض بيان جواز الصلاة في الثوب الواحد ولو كانت الصلاة في الثوبين أفضل، فكأنه قال: صنعته عمدًا؛ لبيان الجواز، إما ليقتدي بي الجاهل ابتداءً أو يُنكر علي فأُعلِّمه أن ذلك جائزٌ، وإنما أغلظ لهم في خطاب زجرًا عن الإنكار على العلماء؛ وليحثهم على البحث عن الأمور الشرعية.

قوله: "وأينا كان له؟" أي: كان أكثرنا في عهده -صلى الله عليه وسلم- لا يملك إلا الثوب الواحد، ومع ذلك فلم يكلف تحصيل ثوبٍ ثانٍ ليصلي فيه، فدل على الجواز.

وعقَّب المصنف حديثه هذا بالرواية الأخرى المُصرِّحة بأن ذلك وقع من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكون بيان الجواز به أوقع في النفس؛ لكونه أصرح في الرفع من الذي قبله، وخفي ذلك على الكرماني، فقال: دلالته -أي: الحديث الأخير- على الترجمة -وهي عقد الإزار على القفا- إما لأنه مخرومٌ من الحديث السابق أي: هو طرفٌ من الذي قبله، وإما لأنه يدل عليه بحسب الغالب، إذ لولا عقده على القفا لما ستر العورة غالبًا. انتهى.

ولو تأمل لفظه وسياقه بعد ثمانية أبواب لعرف اندفاع احتماليه، فإنه طرفٌ من الحديث المذكور هناك لا من السابق، ولا ضرورة إلى ما ادعاه من الغلبة، فإن لفظه "وهو يصلي في ثوبٍ ملتحفًا به" وهي قصةٌ أخرى فيما يظهر كان الثوب فيها واسعًا فالتحف به، وكان في الأولى ضيقًا فعقده، وسيأتي ما يؤيد هذا التفصيل قريبًا.

فائدة: كان الخلاف في منع جواز الصلاة في الثوب الواحد قديمًا، روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعودٍ قال: لا يُصلين في ثوبٍ واحد وإن كان أوسع ما بين السماء والأرض، ونسب ابن بطالٍ ذلك لابن عمر، ثم قال: لم يُتابع عليه، ثم استقر الأمر على الجواز".

ولعل المنع المنسوب إليهما من باب الاحتياط، الاحتياط لستر العورة، لكن إذا حصل زره أو عقده أُمِنت المفسدة.

"قوله: "حدثنا مطرِّفٌ" هو: ابن عبد الله بن سليمان الأصم صاحب مالك مدنيٌّ هو وباقي رجال إسناده، وقد شارك أبا مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري في صحبة مالك وفي رواية الموطأ عنه، وفي كُنيته".

كلاهما يُكنى بأبي مصعب، لكن أبا مصعب الراوي راوي الموطأ المشهور مشهورٌ بكُنيته، وهذا مشهورٌ باسمه.

"لكن أحمد مشهورٌ بكُنيته أكثر من اسمه، ومطرِّفٌ بالعكس".

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.