شرح مقدمة سنن ابن ماجه (10)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً يا رب العالمين.

قال الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجه -رحمه الله تعالى-:

حدثنا سهل بن أبي سهل ومحمد بن إسماعيل قالا: حدثنا عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الإيمان معرفة بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان)) قال أبو الصلت: "لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لبرأ".

حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه -أو قال-: لجاره ما يحب لنفسه)).

حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)).

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا عفان قال: حدثنا شعبة عن الأعمش ح وحدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)).

حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، مات والله عنه راضٍ)) قال أنس: "وهو دين الله الذي جاءت به الرسل، وبلغوه عن ربهم قبل هرج الأحاديث، واختلاف الأهواء، وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما نزل، يقول الله: {فَإِن تَابُواْ} [(11) سورة التوبة] قال: خلع الأوثان وعبادتها {وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ} [(11) سورة التوبة] وقال في آية أخرى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [(11) سورة التوبة].

حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثله.

حدثنا أحمد بن الأزهر قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا أبو جعفر عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة)).

حدثنا أحمد بن الأزهر قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة)).

حدثنا محمد بن إسماعيل الرازي قال: أنبأنا يونس بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن محمد الليثي قال: حدثنا نزار بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب أهل الإرجاء وأهل القدر)).

حدثنا أبو عثمان البخاري سعيد بن سعد قال: حدثنا الهيثم بن خارجة قال: حدثنا إسماعيل -يعني ابن عياش- عن عبد الوهاب بن مجاهد عن مجاهد عن أبي هريرة وابن عباس قالا: "الإيمان يزيد وينقص".

حدثنا أبو عثمان البخاري قال: حدثنا الهيثم قال: حدثنا إسماعيل عن حريز بن عثمان عن الحارث أظنه عن مجاهد عن أبي الدرداء قال: "الإيمان يزداد وينتقص".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"حدثنا سهل بن أبي سهل ومحمد بن إسماعيل قالا: حدثنا عبد السلام بن صالح" أبو الصلت الهروي، عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، هذا رمي بالكذب، مع أنه غالٍ في التشيع، حتى قالوا في ترجمته: رافضي خبيث، وهو آفة هذا الحديث الذي حكم عليه بعضهم بالوضع، ذكره ابن الجوزي وغيره في الموضوعات.

"قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الإيمان معرفة بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان))" هذا الكلام معرفة يعني اعتقاد، وقول باللسان يعني نطق، وعمل بالأركان، هذا الكلام صحيح، وهذا الذي عليه أهل السنة، في أنه لا بد من توافر الأمور الثلاثة، القلب واللسان والجوارح، إذا تضافرت واتفقت صار الإيمان إيماناً شرعياً، فلا بد من الإقرار باللسان كما سيأتي ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) وأما الاعتقاد بالقلب فهذا هو الأصل، أصل الإيمان، وأما عمل الجوارح والأركان فهذه هي البراهين التي تدل على صدق هذا الإقرار وهذا الاعتراف.

هذا الخبر مرفوع إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- موضوع لا يصح عنه -عليه الصلاة والسلام-، لكنه كلام صحيح، معرفة بالقلب واعتقاد قول باللسان نطق وشهادة، وعمل بالجوارح يعني بالأركان، وهذا تعريف الإيمان عند أهل السنة، قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، لا بد من اجتماع الأمور الثلاثة، أما مجرد الاقتصار على المعرفة بالقلب فهذا إيمان الجهم الذي يزعم أنه على هذا، وأن المعرفة تكفي، ولذا قالوا في إيمان إبليس وإيمان فرعون على ما تقدم شرحه، وأما القول بأن الإيمان هو مجرد الإقرار باللسان فهو الإيمان عند الكرامية فيصدق عليه أنه مؤمن ولو لم يعتقد بجنانه، فيدخل في قولهم المنافقون، ولم يقل أحد أن مجرد العمل هو حقيقة الإيمان، وإن كان الرجل إذا صلى فمسلم حكماً، ولو لم ينطق بالشهادتين، ولو يطلع على ما في قلبه من الإقرار والإذعان والاعتراف والاعتقاد، إذا صلى مع المسلمين فله ما لهم، وعليه ما عليهم، فهو مسلم حكماً، والصلاة متضمنة للشهادة، يؤاخذ بها، يعني إذا صلى مع المسلمين ثم فعل ما يحكم عليه بردته من أجله يؤاخذ على هذه الردة، ما يقول: أنا والله صليت صلاة باطلة، أنا ما اعتقدت ولا..، أو صليت بدون طهارة، لا لا، يؤاخذ بها، ما دام صلى فهو مسلم حكماً، يعني لا يقال: إن هذه الصلاة تنفعه ما دام صلى إلا بتوافر شروطها وأركانها، ومن شروطها النية، قد يقول: أنا والله ما نويت، ولا توضأت من شروطها الوضوء، هذه لا تنفعه في الآخرة، لكنه في الدنيا يؤاخذ بها، يحكم عليه بإسلامه من أجلها، ولذا يقول أهل العلم: فإن صلى فمسلم حكماً، يعني في الظاهر، له ما للمسلمين، وعليه ما على المسلمين ((من صلى صلاتنا))... إلى آخر الحديث ((فله ما لنا، وعليه ما علينا)) فالظاهر أنه مسلم، والباطن يتولاه الله -جل وعلا-، فلا يكفي مجرد العمل إلا في الحكم بالظاهر، على الظاهر الأحكام الظاهرة لا بأس.

اجتماع الأمور الثلاثة الإقرار باللسان مع الاعتقاد بالجنان، مع ما يصدق ذلك من العمل بالأركان، لو قُدر أن الإنسان أقر بلسانه، واعتقد بقلبه ولم يعمل أي عمل عند المرجئة العمل شرط كمال، وليس بشرط صحة، ونسب هذا القول ابن حجر في فتح الباري إلى أهل السنة، مع أن الكمال فيه تنافر مع الاشتراط، يعني بين اللفظتين تنافر إذ مقتضى الشرط أن ينتفي المشروط بانتفائه، ومقتضى الكمال أنه قدر زائد على الواجب، فبين اللفظتين تنافر، والأئمة الثلاثة كلهم على أن العمل من مسمى الإيمان، وداخل في ماهيته، وإن كان الأصل في الإيمان الاعتقاد بالقلب، ولا يعلم هذا الاعتقاد إلا بالنطق، ولا يبرهن على صدق هذا الاعتقاد والنطق إلا بالعمل، فهو من لازم الإيمان العمل للدلالة على صدقه أو كذبه، هذا قول الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، أما الحنفية فرأيهم في الإيمان معروف، وأنهم لا يدخلون العمل في مسماه، وإن كان يختلف قولهم مع قول غيرهم من المرجئة الغلاة أنهم يؤاخذون بالذنوب، ويؤثمون تارك الواجب، وفاعل المحرم بخلاف المرجئة الغلاة، يقولون: أفسق الناس إيمانه مثل إيمان جبريل، لا فرق بين إيمان أفسق الناس وبين إيمان جبريل -عليه السلام-، ولا شك أن هذا ضلال، نعم؟

طالب:.......

في أي طور؟

طالب:.......

مر بإيش؟

طالب:.......

أنه لا يقول بهذا؟

طالب:.......

على كل حال الكلام على آخر ما يذكر.....، كلامه في الفقه الأكبر، وما ينقل عنهم معروف يعني، فالإمام أبو حنيفة في هذه المسألة يمكن أن يوصف بالإرجاء، إرجاء الفقهاء، ويميل إلى هذا القول بعض من يكتب في هذه المسائل مسائل الإيمان ومسائل التكفير من المعاصرين، فيجعلون الإيمان على أصله الذي هو الاعتقاد بالقلب والنطق به، وأما الأعمال فهي شرط كمال، يعني مكملة للإيمان غير داخلة في أصله، على كل حال المسألة دقيقة وعميقة، وعلى الإنسان قبل أن يبحث عن هذه الأمور أن يفرق إذا فرق بين مذهب الثلاثة ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة اتضح له كل شيء، وهي مسألة لا شك أنها عويصة؛ لأن من يشترط العمل في صحة الإيمان ويقول: إنه ينتفي بانتفاء العمل، وهذا أشار إليه ابن حجر في التفريق بين قول أهل السنة وبين قول المعتزلة في الإيمان، وقال: إن المعتزلة يرون أنه شرط صحة، وأهل السنة يرون أنه شرط كمال، فينتفي الإيمان انتفاءً كلياً بانتفاء العمل عند المعتزلة، وأما بالنسبة لأهل السنة فلا ينتفي، وإنما ينتفي كماله الواجب.

على كل حال المسألة طويلة الذيول ودقيقة وعميقة لكن يبقى أن العمل لا بد منه، وأما الدعوى لا تقبل بدون برهان، وأن العمل هو البرهان، وأن أصل العمل أصله شرط في صحة الإيمان، وإن لم يكن كقول المعتزلة الذين يقولون: أن العمل كله شرط في صحة الإيمان، بحيث لو ترك واجب من الواجبات، أو ارتكب محرم من المحرمات معناه أنه يخلد في النار عندهم، ولو واحد، إذا كان من الكبائر، وأما أهل السنة فيقولون: جنسه، ما يسمى عمل يمكن أن يستدل به على صحة ما في القلب من اعتقاد هذا شرط، وأما مجرد الدعوة بأنه مؤمن بقلبه دون أن يعمل أي عمل هذا مقتضى قولهم أنه لا يصدق في هذا الاعتقاد، وعلى كل حال المسألة دقيقة جداً، وعجز عن تحريرها كثير ممن يكتب في هذا الوقت.

"قال أبو الصلت: "لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لبرأ" لأن فيه خيار أهل البيت، لكن هذه مبالغة لا مسوغ لها، ولا مبرر لها، مبالغة من رافضي، يعني هو يعتقد هذا الأمر، لكن غيره لا يعتقد؛ لأن براءته من دائه إنما تكون بالعلاجات المعنوية الشرعية أو الحسية، إما أن تكون بسبب شرعي أو بسبب عادي مطرد، أما هذه الأسباب التي يدعونها مما لا دليل عليها، وجعل ما ليس بسبب شرعي ولا عادي مطرد جعله سبباً نوع من الشرك، يعني لو قال: إن الإنسان إذا وضع ورقة بيضاء في جيبه ردت عنه العين يقول: هذا سبب، نقول: لا، هذا ليس بسبب شرعي ولا عادي، وبعض الجهات يعالجون بعض الأمراض بما لا يفيد ولا ينفع، ولم تثبت شرعيته، ولا نفعه المطرد، بعض الناس وهذا موجود إذا انتفخت عينه وضع عليها عود من التبن من فوق، ويزعم أن في هذا شفاء، هل هذا سبب شرعي؟ لا، هل هذا سبب عادي مطرد يعني يعرفه الأطباء؟ لا، إذاً هذا ضرب من الشرك، واعتقاد بهذا العود أنه سبب وليس بسبب، فمثل هذه الأمور ينتبه لها، بعض الجهات يستعملون سيور إما في أيديهم، أو في أعناقهم، ويقولون: إن هذه تدفع العين، هذا أيضاً ضرب من الشرك، كثير من الكتب التي تأتي من تركيا أو من الشام أو من مصر مكتوب عليها عبارة نداء للفظ لا معنى له في العربية يا كي بكج احفظ الورق، وأكثر هذه الكتب المكتوب عليها هذا النداء قد لعب بها السوس -نسأل الله العافية-، فمثل هذه الأمور الإنسان قد يقع في الشرك وهو يقلد غيره من غير أن يشعر، هذا أمر شائع، كثير جداً في الكتب التي ترد من مصر أو الشام أو تركيا أو غيرها، هذا نداء لغير الله -جل وعلا- حتى لو زعموا أن هذا ترجمة لاسم من أسماء الله، لو زعموا مثلاً هذا، نقول: ما الذي جعلهم يعدلون عن اسمه الذي نطق به ونطق به رسوله إلى هذا الاسم؟ المقصود أن الشرك أمره عظيم.

هذا يقول: "لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لبرأ" ومثل ما يقال في ترجمة مسدد بن مسرهد بن مسربل بن عرندل بن سرندل بن أرندل ابن ما أدري ويش؟... إلى آخره، قالوا: هذا رقية العقرب، قالوا في ترجمته..، هذا لا رقية ولا حاجة، إنما الرقية تكون بكلام الله وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه -أو قال-: لجاره ما يحب لنفسه))" ((لا يؤمن أحدكم)) (لا) نافية تنفي الإيمان عن من لم يتصف بهذا الوصف وصف المحبة لإخوانه نظير ما يحبه لنفسه، وهذا كثير من الناس يجد فيه حرجاً شديداً؛ لأن النفوس جبلت على الأثرة يحب لنفسه ولا يريد أن ينافسه أحد، ولا يحب أن ينافس، الناس فطرت على هذا، لكن على الإنسان أن يتخلق بأخلاق الشرع، وأن يأتمر بأوامره ويجتنب ما ينهى عنه، والمراد بالأخ هنا في قول الأكثر المسلم، ومنهم من يحمله على عمومه، فيدخل فيه المسلم وغير المسلم، بأن يحب لغير المسلم أن يكون مسلماً مثله، فإذا كان مسلماً أحب له من الخير ما يحب لنفسه، وهذا وجه صحيح على المسلم أن يحب أن يدخل الناس جميعهم في دين الله -عز وجل-، وأن يكون سبباً في ذلك إما بدعوة أو دعاء لينال من الأجر من الله -جل وعلا- مثل أجورهم.

المقصود أن هذا أمر يعني يجد الإنسان في نفسه منه أشد الحرج، ومن جبل نفسه وأطرها على أن تدور مع مراد الله -جل وعلا- في أوامره ونواهيه لا شك أنه يجد مثل هذا، والمراد بالمحبة المحبة الشرعية لا المحبة الجبلية كما يقرر ذلك أهل العلم.

((حتى يحب لأخيه -أو قال-: لجاره ما يحب لنفسه)) قد يقول قائل: الله -جل وعلا- يقول: {وَسَارِعُواْ} [(133) سورة آل عمران] {سَابِقُوا} [(21) سورة الحديد] سارعوا وسابقوا معنى ذلك أنه يوجد طرفان يتسارعان ويحرص كل واحد أن يسبق الآخر، وهو أيضاً مقتضى {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [(21) سورة الحديد] يعني أسرع حتى تسبق غيرك، فهل من مقتضى هذه المسابقة وهذه المسارعة يعني هل من لازمها أن تحرص أشد الحرص أن تكون سابقاً لغيرك مسرعاً متقدماً عليه؟ ومن لازم ذلك أن تتمنى ألا يصير معك، ألا تصلا جميعاً أو يصل قبلك، هل هذا مقتضى المسارعة والمسابقة؟ يعني منافسة، منافسة في الخير، وجاء في الحديث الصحيح: ((ولا تنافسوا)) إذاً كيف يقول: سابقوا وسارعوا ويقول أيضاً في الحديث: ((لا تنافسوا))؟ يعني المسابقة والمسارعة إلى ما يرضي الله -جل وعلا-، والمنافسة في أمور الدنيا، هذا محمل حسن، لكن يبقى أن من مقتضى المسارعة والمسابقة أن يحرص الإنسان أن يكون سابقاً لغيره ومتقدماً عليه، فهل يتحقق مثل هذا أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، أن يصلا جميعاً، أو المراد بالمفاعلة هنا الأمر بالسرعة والسبق والاستباق، والمبادرة إلى أفعال الخير فقط من غير نظر إلى غيره، وأما ما يتعلق بغيره ((حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).

إن هذه الأمور مضايق أنظار، ومسائل دقيقة جداً، يعني الإنسان يرضى ويسلم، الحديث متفق عليه، يعني ما لأحد كلام، الحديث في الصحيحين، لا أحد يقول فيه وإلا ما فيه، فهل يجد كل مسلم الآن من نفسه أنه يحب أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له؟ لأن بعض الناس يتمنى موت أخيه المسلم، وأن يحصل له جائحة أو كارثة؛ لأنه يقرب منه أو يدانيه في بعض الأمور، هذا نقيض ما في الحديث، ها يا الإخوان؟

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

طيب.

طالب:.......

طيب يحب لأخيه، يجد في نفسه شيء وإلا؟

طالب:.......

والواقع يجد وإلا ما يجد؟

ويش مقتضى المسارعة والمسابقة؟ مقتضاها أن تسبق غيرك، وأن تحرص على سبق غيرك، وإذا حرصت من لازم حرصك على سبق غيرك أن تكره أن يسبقك غيرك.

طالب:.......

لا، هذه أمور يعني ما تنفك عن النفس، والله -جل وعلا- رفع عنا الحرج {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحـج] ولا شك أن هذا في غاية المشقة، فعلى الإنسان أن يحرص، ويستحضر مثل هذا الدليل، وإذا حرص وعجز عن تحقيقه، ولجأ إلى الله -جل وعلا- أن يحققه له، أعانه الله على ذلك، يعني مثل ما هو واقع كثير من طلاب العلم يقول: عجزنا عن الإخلاص في طلب العلم، جاهدنا وحرصنا وبذلنا لكن عجزنا، ولا شك أن الإخلاص في طلب العلم لا سيما في الدراسات النظامية التي تمنح من خلالها الشهادات والوظائف وبناء الأسر من وراء ذلك، يعني المسألة فيها مشقة على النفس، ومع ذلك من يستطيع أن يتجاوز هذه المشقة أجره لا يقدره إلا الله -جل وعلا-؛ لأن هذه أمور ابتلاء وامتحان من الله -جل وعلا-، وعلى الإنسان أن يحرص أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فضلاً عن كونه يتمنى لأخيه ما يتمنى من مصائب وكوارث؛ لئلا يشاركه في أمر من أموره، ومن نظر في أمور التجارات ينظر يشوف ما بين التجار من منافسات، ومن طرق وحيل لإسقاط بعضهم بعضاً، والإضرار ببعضهم ببعض، قد يجتمع أهل السوق على شخص لطرده من السوق، يعني ما يملكون يغلقون بابه ويطردونه، لا، لكن بوسائلهم وطرقهم يضيق عليه، ولو خسروا بعض الخسائر حتى يطلع من السوق، فمثل هذا لا شك أنه مصادمة للنص، أما من يسأل الله -جل وعلا- أن يرزقه، ويتمنى الرزق لإخوانه المسلمين، ويطهر قلبه من الغش والخداع والغل والحقد والحسد يعان على هذا، وهو في بادئ الأمر وفي النظر إلى حال كثير من الناس في غاية الصعوبة، لكن من أعطاه الله قلباً سليماً رأى أن هذا الأمر من أيسر الأمور، رأى أنه إذا أعطي الإنسان قلب سليم {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(89) سورة الشعراء] والرجل الذي دخل وأنه من أهل الجنة وقصته معروفة، إنما لا يحمل أي حقد ولا غل على المسلمين، قلبه نظيف، فمثل هذا لا يتصور منه أن يتمنى ضرر لمسلم، وإنما يتمنى الخير لجميع المسلمين، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

قوله: ((ما يحب)) ما هذه من صيغ العموم.

طالب:.......

معروف، لكن ((ما يحب لنفسه)) حتى في أمور الدنيا، نعم؟

طالب:.......

لا لا، في كل شيء، عموم، لكن هناك أمور لا تقبل الشركة، والحديث ليس فيه أن يحب الإنسان لأخيه أكثر مما يحب لنفسه، أمور لا تقبل الشركة، كونه يتمنى أن يتزوج بفلانة، هل يتمنى لجميع الناس أن يتزوجوا بها؟ نعم؟ كونه يتمنى أن يكون الأول مثلاً على دفعته هل يمكن أن يكون الجميع كلهم يتمنى لهم أن يكونوا الأول؟ ما لا يقبل الشركة هذا أمره سهل، ومع ذلك يتمنى لإخوانه المسلمين كل خير، وأن يسعى في تحقيق ذلك بقدر استطاعته، والله المستعان، وإذا حرص على ذلك، وعلم الله منه صدق النية أعانه.

طالب:.......

في أمور الدنيا جاء النهي ((ولا تنافسوا)).

طالب:.......

فيه مسابقة وفيها مسارعة، لكن لا يلزم منها السبق، لا يلزم منها أن يكون أسبق من غيره، يلزم منها أن يحرص على الكمال بنفسه ويتمناه لإخوانه.

قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين))" ((لا يؤمن أحدكم)) منهم من يقول في هذه الصيغة أن لا يؤمن المراد به الإيمان الكامل وليس المراد به نفي أصل الإيمان، ولا شك أن هذا قول وجيه، إذ لو لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه لم يخرج عن دائرة الإيمان، ولم يسلب منه الإيمان أصله، وإنما حصلت منه هذه المخالفة كغيرها من المخالفات، وهنا: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) في الصحيح عن عمر أنه قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: لأنت أحب إلي من كل أحد إلا من نفسي، قال: ((بل ومن نفسك يا عمر)) قال: ومن نفسي، قال: ((الآن يا عمر)).

الإنسان قد يدعي دعوى، قد يدعي أنه يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- أكثر من نفسه، لكن ما البرهان على ذلك؟ هل نقول: إن عمر استجاب بلسانه، يعني هذه الأمور أمور قلبية، المحبة مقرها القلب، مجرد الدعوى باللسان ما يفيد، يعني كل إنسان يفدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- بنفسه، وكل إنسان يدعي أنه يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- أفضل من نفسه، لكن المحك إذا جاء أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعارض الرغبة والشهوة ما الذي يقدم؟ لا بد أن يقدم أمره -عليه الصلاة والسلام-، وإلا أنت ما أحببته أكثر من نفسك، وإذا كانت النصوص النبوية تأمر بما يخالف رغبة الوالد والولد، فإن قدمت رغبتهم فأنت ما حققت هذه المحبة، وإن قدمت النص على رغبتهم فقد حققتها؛ لأن المراد بالمحبة المحبة الشرعية وليس المراد الجبلية؛ لأن الإنسان قد تتعارض عنده المحاب الجبلية مع الشرعية؛ لأن محبة الوالد كما يقرر أهل العلم شرعية، ومحبة الولد جبلية، محبة الوالد شرعية ومحبة الولد جبلية، فإذا حصل ضيق بحيث لا يتسع الأمر إما للوالد وإما للولد، يعني كما لو حصل حريق، وعندك والد مقعد وطفل رضيع ما يمشي، ولا تستطيع حمل الاثنين معاً، تحمل الأب أو الابن؟ نعم هذه محبة شرعية هذا قدمت مراد الله على مرادك، الفقهاء ينصون في باب النفقات أن الولد في النفقة أهم من الأب، وحديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار منهم واحد ويش وضعه مع والديه؟ نعم يأتي باللبن فيجد الأب قد نام، فينتظره إلى الصباح، والأولاد يتضاغون من الجوع، ما يعطيهم حتى يشرب الأب، وسيقت القصة مساق المدح، فدل على أن هذا شرعي في تقديم الوالد على الولد، لكن قد يقال: إنه شرع من قبلنا، وما المانع من أن يقسم اللبن قسمين، فيعطى الأولاد باعتبار حاجتهم، والوالد ينتظر بنصيبه، لكن النظر دقيق في مثل هذه المسائل، لما قدم المحبة الشرعية على الجبلية استحق مثل هذه الكرامة، يستحق مثل هذه الكرامة، فالإنسان إذا قدم مراد الله على مراده يستحق مثل هذه وهذا برهان ساطع، ودليل صادق على صدقه في دعواه، أما بعض الناس يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لكن في أحواله كلها أو في جلها مخالفة لأوامره -عليه الصلاة والسلام- ويزعم أنه يحبه، هذا الكلام ليس بصحيح، هذه دعوى يكذبها الواقع.

عمر -رضي الله تعالى عنه- مباشرة قال: أنت أحب إلي من نفسي، يعني هل من مثلنا مثلاً في وضعنا ينقلب مباشرة الفاضل مفضول والمفضول فاضل فوراً في أمر يتعلق بالقلب يحصل لمثلنا؟ ما يحصل إلا بمعالجة، ويحتاج إلى رياضة وتدريب للقلب، وزمن طويل، وبذل أسباب، لكن إيمان عمر ما هو مثل إيماننا، يعني لو وزن إيمان عمر -رضي الله عنه- بإيمان من بعد أبي بكر وزنه، فالمسألة الإيمان ما وقر في القلب، نحن نغفل عنه كثيراً، فنقدم عليه غيره، وتعرفون ما حصل في الأيام السابقة من إساءة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني حصلت ردود أفعال من المسلمين، ودل على أن هناك محبة للرسول -عليه الصلاة والسلام-، لكن ليست على المستوى المطلوب بحيث صار في هذه لفت للأمة بكاملها أن تتجه إلى أوامره ونواهيه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لو المقصود محبة ذاته المكونة من لحم ودم وعظام هي شريفة وفاضلة لكن هل نحن مكلفون بهذا، أو مكلفون بما جاء عنه مما يخصنا من أمر ونهي؟ هذا الذي يخصنا، فهل غيرنا طريقتنا بإتباعه -عليه الصلاة والسلام- بمعرفته والاقتداء به، كثير من المسلمين ما يعرف من نسب النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا أربعة أجداد، بل كثير منهم من لا يعرف إلا اسمه فقط، وبيوت المسلمين في غاية الجهل بسيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- وخصائصه ومعجزاته وشمائله، فليتنا استفدنا من مثل هذه الحوادث، نعم وجدت فائدة، وجدت فوائد -ولله الحمد- ترتب عليها آثار {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم} [(11) سورة النــور] وإذا قيل هذا في الطعن بعرضه -عليه الصلاة والسلام- في حياته {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ} [(11) سورة النــور] ومثل هذا يقال فيما حصل من الإساءة إليه -عليه الصلاة والسلام-، لا يكون شر محض هذا، نعم لا يرضى به المسلم ولا يقره، بل يغضب لغضب نبيه -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك يعتصر الألم قلبه بسبب الإساءة، ومع ذلك الآثار المترتبة على مثل هذا حميدة -إن شاء الله تعالى-، لكن ينبغي أن نتتبع هذه الآثار، ونتابع هذه الآثار، ما تصير ردة فعل تنتهي بانتهاء الحدث، لا، والله المستعان.

((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) لا شك أنه قدم الولد لأن محبته جبلية، ثم ثني بالوالد، وبعض الروايات: ((من والده وولده)) وقال الشراح: إن سبب تقديم الوالد أن كل شخص له والد، وليس كل شخص له ولد ((والناس أجمعين)) لا يقدم عليه أحد حتى لو تزوج زوجة فتن بها، وأعجبته من كل وجه، فإن أوامرها لا تقدم على أوامره -عليه الصلاة والسلام-، ((حتى من نفسك)) في حديث عمر، قال: ((حتى من نفسك)) قال: ((الآن يا عمر)).

قد يقول قائل: أنا ما أحببت الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلا من أجل نفسي فكيف أقدمه على نفسي؟ يعني لماذا الشخص يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ لماذا المسلم يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ لأنه سبب نجاته في الآخرة من النار صح وإلا لا؟ هل يحبه لذاته؟ إنما يحبه لأنه سبب النجاة، نجاه الله -جل وعلا- من عذابه بسبب هذا الرجل الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-، فيقول: أنا ما أحببته إلا من أجل أنجو، فكيف يكون محبتي له أعظم من محبتي لنفسي؟ نقول: يا أخي المحبة شرعية، المراد بها الأثر المرتب عليها، هل هذه المحبة أثرت تقديم ما يحبه الرسول -عليه الصلاة والسلام- ويهواه، ويكون الهوى تبعاً لما جاء به -عليه الصلاة والسلام-، أو يؤثر شهواته وملذاته على أوامر النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هنا المحك.

ثم قال بعد ذلك: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفسي بيده))" قسم، وكثيراً ما يقسم النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا ((والذي نفسي بيده)) وهو الله -جل وعلا-، وفيه إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، فالنفوس كلها بيد الله -جل وعلا-، وبعض الشراح يفسر هذا بقوله: ((والذي نفسي بيده)) يعني روحي في تصرفه، ولا شك أن الكلام من جهة صحيح إلا أنه إن قصد به الفرار من إثبات اليد لله -جل وعلا- فهو كلام باطل؛ لأن اليد ثابتة لله -جل وعلا- في نصوص الكتاب والسنة على ما يليق بجلاله وعظمته، وأرواح الناس كلهم في تصرف الله -جل وعلا-، لكن إن قصد بهذا الفرار من إثبات الصفة فهذا كلام باطل؛ لأن الصفة ثابتة، وإن قصد به اللازم مع الاعتراف بالصفة فالكلام صحيح، يعني فرق بين أن يقول النووي أو غيره من الشراح: والذي نفسي بيده يعني روحي في تصرفه، ويفر بهذا من إثبات اليد؛ لأنهم ينفونها ويؤولونها إذا جاءت في النصوص إما بالنعمة أو بالقدرة أو بالقوة، وبين من يثبت الصفة، يعني لو جاءت في كلام شيخ الإسلام أو ابن القيم أو كلام الإمام أحمد أو غيره ممن هو على مذهب السلف الصالح في إثبات الصفات، نقول: الكلام صحيح، ما في أحد روحه ليست في تصرف الله -جل وعلا-، لكن إن اقتضى ذلك الفرار من الصفة، قلنا: كلام باطل.

((والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا)) لا بد من الإيمان لدخول الجنة ((ولا تؤمنوا حتى تحابوا)) يعني مثل ما قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) فالمحبة محبة الخير ومحبة المسلم في الله -جل وعلا-، وهي من أوثق عرى الإيمان، والسبيل إلى تحقيق هذه المحبة وهذه المودة إفشاء السلام ((أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟)) يعني حصلت المحبة التي بها يحصل الإيمان، وبالإيمان دخول الجنة إفشاء السلام بينكم، يعني إشاعته وكثرته، والسلام على كل أحد، وبذل السلام للعالم، لا يكون السلام للمعرفة، تسلم على من تعرف، وتترك من لا تعرف، ليس هذا من إفشاء السلام، إنما إفشاؤه كثرته، ومنهم من يقول: برفع الصوت فيه، يعني إشهاره، وإظهاره بين الناس، ورفع الصوت بقدر الحاجة، يعني بقدر ما يسمع المسلم عليه، لا يرفع بصوت مزعج، ولا يخفض بحيث لا يترتب عليه أثره من هذه المحبة والمودة بحيث إذا لم يسمع لم تترتب عليه آثاره كأنه لم يسلم.

((إفشاء السلام بينكم)) هذا مطلوب، المسلم يسلم على المسلم، المسلم المتلبس بمعصية، الكافر لا يبدأ بالسلام ((لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام)) المبتدع إذا كان هجره، إذا كانت بدعته يعني ليست بكبرى، ليست كبرى مخرجة عن الإسلام، وهجره بترك السلام عليه يردعه فهو شرعي؛ لأن المبتدع يهجر، إذا كان يرتدع بهذا، طيب المسلم الفاسق إذا كان هجره بترك السلام عليه يردعه وتترتب عليه آثاره هذا نوع من أنواع التعزير، نوع من أنواع التعزير الذي يملكه كل أحد.

المسلم حال تلبسه بالمعصية، يعني مررت على شخص يدخن، تقول: السلام عليكم وإلا تتركه؟ يعني قبل وقت مضى ما كان الناس يترددون في مثل هذا لا يسلمون، ويرون أن لا كرامة حال تلبسه بالمعصية، لكن الآن في وقتنا الذي نعيشه؟ والمسألة مسألة تأليف، ودفع تهم عن النفس؛ لأن الآن الذي لا يسلم وهو من الملتزمين من أهل الاستقامة لا شك أنه يرمى بأبشع الأوصاف، وإذا كان سلامه من أجل هذا إما من باب تأليف هذا العاصي، ولا سيما إذا أراد أن يدعوه؛ لأنه لا يمكن أن يدعوه وهو ما سلم عليه، فيقول: السلام عليكم، فيقول: عليكم السلام، قال له: ترى الدخان العلماء يفتون بتحريمه، وهو مضر ويفعل كذا إلى آخره، وليست فيه أدنى مصلحة، فلا شك أن مثل السلام هذا نافع، لكن إذا كان لا يريد أن يدعوه وهو مار في طريق ورأى شخص يدخن، ورأى أن يهجره لأنه مرتكب معصية أثناء ارتكابه للمعصية وهو مجاهر بها، له أن يهجره بهذا، لكن الظرف الذي نعيشه قد لا يساعد على مثل هذه التصرفات، قد يكون التأليف أولى في مثل هذا الظرف الذي نعيشه، والله المستعان، نعم؟

طالب:.......

كذلك من باب أولى.

طالب:.......

لا لا، أبداً، المشرك ومثله من بدعته مكفرة لا يبدأ بالسلام، قد يقول قائل: إننا نتألفهم ونسلم عليهم من أجل دعوتهم، ونعيش بينهم، ونحن محتاجون إلى مثل هذا، نقول: لا مانع من أن تتبادل الألفاظ التي تؤدي الغرض لا بلفظ السلام، نعم؟

طالب:.......

لا لا، يسلم ويأمرهم وهذا أدعى إلى القبول، لكن قد تقول: إن بعض الأماكن لا يمكن أن تبذل السلام للعالم كما جاء الأمر به، يعني أنت مار بالبطحاء والناس مزدحمون هل تسلم على كل شخص بعينه؟ كيف تسلم على الناس في مثل هذه الأماكن المزدحمة؟ يعني لا صاروا مجموعة بحيث يبلغهم سلام واحد، ولا صاروا متفرقين بحيث إذا انتهيت من السلام على هذا تبدأ بسلام على هذا، مثل هذه الأمور المشقة تجلب التيسير، فأنت سلم بحسب استطاعتك وقدرتك، وأجرك على الله، يعني كما لو كنت في المطاف أو في المسعى في وقت زحام وإلا شيء كيف تسلم على الناس؟ نعم؟

طالب:.......

أما إلقاء السلام فأنت بالخيار إذا شككت فالذي يغلب على ظنك تفعله، أما إذا ألقى عليك السلام فلا مندوحة من الرد، ولو شككت، وإن شككت وغلب على ظنك أنه مسلم تقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإن شككت وغلب على ظنك أنه ليس بمسلم ترد: وعليك، نعم؟

طالب:.......

المسألة غلبة الظن لها مرجحاتها، نعم؟

طالب:.......

يسلم ويقصد بسلامه المسلمين، ولذلك كان الخلفاء في السابق يأمرون غير المسلمين أن يتميزوا، ويشترط عليهم لباس معين، هو الإشكال إذا كان الملزم غير مسلم، بعد هذه مشكلة، وإلا إذا كان مسلم فعليه أن يميزهم على المسلمين؛ لأن مسألة الاختلاط بهم، ومسألة معاشرتهم لا شك لا بد لها من التأثير على المدى الطويل، فإذا تميزوا حذروا واتقوا، نعم؟

طالب:.......

الأصل فيه الوجوب، لكن مع ذلك عامة أهل العلم على الاستحباب في البداءة، أما الرد فهو الوجوب.

ثم قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا عفان قال: حدثنا شعبة عن الأعمش ح وحدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله" يعني ابن مسعود، وأبو وائل شقيق بن سلمة "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))" سبابه وشتمه وقذفه كل هذا فسوق، يأثم به الفاعل ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)) قتاله ومقاتلته وقتله من باب أولى كفر، لكنه كفر دون كفر، كفر لا يخرج عن الملة، وأهل العلم لهم كلام كثير في مثل هذا إلا إن استحل القتل، إن استحله فإنه يكفر، بمعنى أنه يخرج عن الملة، أما إذا قاتله ولم يستحل القتل فإنه كفر دون كفر عند أهل السنة، وإن قال الخوارج بكفره المخرج عن الملة.

يقول ابن حجر في فتح الباري: "إن المبالغة في الرد على المبتدع اقتضت مثل هذه اللفظة، وأن ظاهره غير مراد، ولكن لما كان القتال أشد من السباب؛ لأنه مفضٍ إلى إزهاق الروح عبر عنه بلفظ أشد من لفظ الفسق وهو الكفر، ولم يرد حقيقة الكفر التي هي الخروج عن الملة، بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير، معتمداً على ما تقرر من القواعد أن مثل ذلك لا يخرج عن الملة، مثل حديث الشفاعة، ومثل قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] أو أطلق عليه الكفر لشبهه به؛ لأن قتال المؤمن من شأن الكفر، قال: وقيل: المراد هنا الكفر اللغوي وهو التغطية؛ لأن حق المسلم على المسلم أن يعينه وينصره، ويكف عنه أذاه، فلما قاتله كان كأنه غطى على هذا الحق، والأولان أليق بالمراد، وأولى بالمقصود، والله أعلم".

أولاً: جاء في حق القاتل {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [(93) سورة النساء] نسأل الله العافية، والخلود هنا معناه طول المكث، وليس معناه مثل خلود الكفار، طول المكث وطول البقاء وليس معناه خلود الكفار، بحيث لا يخرج منها، لا، هذا عاصٍ وهو ليس بكافر عند من يعتد به من أهل العلم، وعامة أهل السنة على هذا أنه يخرج منها، يخرج من النار بعد أن يقتص منه، وحصل القتال بين المسلمين من عصر الصحابة -رضوان الله عليهم-، فتقاتلوا ولم يقل أحد بتكفير إحدى الطائفتين، وإن كانت إحداهما راجحة والأخرى مرجوحة، لكن القتال لا سيما مع التأويل ليس بكفر، وأما مع عدمه فليس بكفر إلا بالنسبة لمن استحله، لمن استحل القتل.

جاء في الحديث الصحيح: ((لعن المؤمن كقتله)) في الصحيحين، وهنا: "سبابه فسوق، وقتاله كفر" حديث الباب يدل على أن لعن المؤمن ليس كقتله صح وإلا لا؟ حديث الباب؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

يعني الفسوق أخف من الكفر، فالسباب فسوق، والقتال وهو أعظم حكمه أعظم، وفي الحديث الصحيح: ((لعن المؤمن كقتله)) حديث الباب يقرر أن السباب ومنه اللعن ليس كالقتل، فهل فيه تعارض بين الحديثين؟ يعني مقتضى حديث الباب أن حكم السباب غير حكم القتل صح وإلا لا؟ ومقتضى حديث: ((لعن المؤمن كقتله)) يقتضي أنهما سيان، التشبيه لا يقتضي المشابهة من كل وجه، صحيح، التشبيه لا يقتضي مطابقة المشبه بالمشبه به من كل وجه، بل هو كقتله في حصول الإثم، وإن تفاوت ذلك الإثم.

قال -رحمه الله-: "حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أبو جعفر الرازي فيه كلام لأهل العلم، وهو صدوق سيء الحفظ، ومضعف عند جمع من أهل العلم، لا سيما في روايته عن الربيع بن أنس.

المحقق ينقل عن البوصيري قال: هذا إسناد ضعيف، الربيع بن أنس ضعيف هنا، قال ابن حبان في الثقات: الناس يتقون حديثه ما كان من رواية أبي جعفر الرازي عنه لأن في حديثه اضطراباً كثيراً.

الآن هل العلة الربيع أو العلة أبو جعفر الرازي؟ يعني إذا كان في حديث أبي جعفر الرازي عن الربيع اضطراب فهل يقدح في أبي جعفر أو في الربيع؟ نعم؟

طالب:.......

ما هي مسألة اجتماعهم الآن الآفة ممن؟ يعني الضعف من أين جاء؟ لو افترضنا أن الربيع ما يروي عنه أبو جعفر في هذا الحديث راوٍ آخر يُقدح فيه؟

طالب:.......

إذاً القدح في من؟ في أبي جعفر الرازي، وهنا يقول البوصيري في الزوائد: إسناد ضعيف والربيع بن أنس ضعيف هنا، الضعف ليس من الربيع، إنما من أبي جعفر هو الذي في روايته عن الربيع ضعف واضطراب، وهو في أصله فيه كلام من الأصل، سيء الحفظ هو، لا سيما يعني أشد ذلك إذا كان من روايته عن الربيع بن أنس، وعلى كل حال الإسناد ضعيف.

"قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة مات والله عنه راضٍ))" يعني مات فاعلاً مؤدياً للأركان مخلصاً لله -جل وعلا- في ذلك، الله -جل وعلا- يرضى عنه.

قال أنس: "وهو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء" يعني اختلاط الأحاديث بعضها ببعض، وضرب بعضها ببعض من قبل أهل الأهواء والبدع، واختلاف الآراء والأهواء، قال: "وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما نزل" يعني في سورة التوبة، يقول الله -جل وعلا-: "{فَإِن تَابُواْ} [(5) سورة التوبة] قال: خلع الأوثان" يعني هذه التوبة مقتضاها خلع الأوثان وعبادتها {وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} [(5) سورة التوبة] الآية الثانية وقال في آية أخرى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [(11) سورة التوبة] يعني لا تثبت الأخوة إلا بهذه الأمور مجتمعة، وعلى كل حال الإسناد فيه ضعف.

 قال أبو حاتم..، وهذا من الزيادات زيادات أبي الحسن ابن القطان راوي السنن، وعرفنا أنه يختلف عن أبي الحسن بن القطان الفاسي المتأخر صاحب الوهم والإيهام غير هذا، هذا متقدم.

قال أبو الحسن بن القطان: "حدثنا أبو حاتم" والمراد به الرازي، أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس "قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثله" فهذه متابعة لمن؟ متابعة من عبيد الله بن موسى لأبي أحمد.

قال بعد ذلك: "حدثنا أحمد بن الأزهر قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا أبو جعفر عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة" والحسن لم يسمع من أبي هريرة، ومنهم من أثبت سماعه من أبي هريرة كأبي حاتم؛ لقوله: حدثنا أبو هريرة، وتقدمت الإشارة إلى مثل هذا، وأنه إنما حدث أهل المدينة وهو فيها.

"عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة))" الحسن معروف بالتدليس ولم يصرح بالتحديث، ولم يسمع من أبي هريرة فالخبر فيه انقطاع، فيه إرسال خفي، إرسال خفي؛ لأن المعاصرة موجودة، ففيه إرسال خفي، ومع ذلك هو مخرج في صحيح مسلم.

((أمرت)) والآمر هو الله -جل وعلا-، والمأمور هو النبي -عليه الصلاة والسلام-.

((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله)) وهذا فيه مشروعية جهاد هاه؟

طالب:.......

أي نوع؟

طالب:.......

الطلب.

((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة)) إلى هذه الغاية، فإذا حصلت هذه الغاية فلا يجوز حينئذٍ القتال ويجب الكف.

قال -رحمه الله-: "حدثنا أحمد بن الأزهر قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة))" الحديث لو قيل: إنه متواتر لما بعد، مروي عن جمع غفير من الصحابة، وفي إسناد هذه الرواية أو هذا الحديث حديث معاذ شهر بن حوشب، وكلام العلماء فيه ومر في مقدمة مسلم عن عبد الله بن عون:
"أن شهراً نزكوه" وفي بعض النسخ: تركوه، فشهر مضعف، وبهذا الإسناد فيه ضعف، لكنه متواتر من طرق أخرى عن جمع من الصحابة، ودلالته دلالة ما قبله.

قال: "حدثنا محمد بن إسماعيل الرازي قال: أنبأنا يونس بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن محمد الليثي قال: حدثنا نزار بن حيان عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب أهل الإرجاء وأهل القدر))" وسبق برقم اثنين وستين قال: حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا علي بن نزار عن أبيه يعني نزار بن حيان، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صنفان من هذه الأمة ليس لهما في الإسلام نصيب المرجئة والقدرية)) ومدار الحديث في طريقيه على نزار ابن حيان وهو ضعيف، فالحديث مضعف، وتقدم الكلام فيه، أهل الإرجاء وأهل القدر.

ثم بعد ذلك: "حدثنا أبو عثمان البخاري عن سعيد بن سعد قال: حدثنا الهيثم بن خارجة قال: حدثنا إسماعيل" يعني ابن عياش "عن عبد الوهاب بن مجاهد عن مجاهد عن أبي هريرة وابن عباس قالا: "الإيمان يزيد وينقص".

قال: "حدثنا أبو عثمان البخاري قال: حدثنا الهيثم قال: حدثنا إسماعيل عن حريز بن عثمان عن الحارث، أظنه عن مجاهد عن أبي الدرداء قال: "الإيمان يزداد وينتقص" فهذه الأقوال عن هؤلاء الثلاثة من الصحابة هي قول عامة الصحابة وسلف الأمة، وأن الإيمان يزيد وينقص، أما الزيادة فثبتت في القرآن في آيات ذكرها الإمام البخاري في باب عقده لهذه المسألة، وأن الإيمان يزيد، وذكر آيات ثمان أو تسع آيات كلها تدل على زيادة الإيمان، وفيها التنصيص على الزيادة، وأما النقص فكل ما قبل الزيادة يقبل النقص، وهذه أمور يشهد لها الواقع، ويحس بها كل إنسان في نفسه، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، يزداد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهذا قول أهل السنة والجماعة، ومنهم من يرى أنه يزيد لثبوت ذلك في الآيات، وأما النقص فلا، لكن كل القاعدة عندهم أن كل ما قبل الزيادة قبل النقص، وهذان الخبران رقم (74، 75) هذه أيضاً من الزيادات، من زيادات أبي الحسن بن القطان، وليست من أصل السنن، نعم؟

طالب:.......

حريز، مصحف جرير، حريز بن عثمان.

 

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
هذا سائل يقول من تركيا يقول: أنا أعمل حلاقاً، وليس لي دخل آخر غيره، وأريد الحج فهل يجوز لي الحج بمال الحلاقة أم لا؟ مع العلم أن الحلاقة مختلطة فيها حلاقة محرمة وجائزة والأغلب عليها المحرمة؟

أولاً: يقال لمثل هذا الحلاق: عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن لا يرتكب ما حرم الله عليه، فلا يساهم ويساعد في نشر المنكرات؛ لأن حلق اللحى منكر، فلا يساعد على هذا، القزع أيضاً محرم عند أهل العلم، فلا يصنع هذا، وماله الذي يكتسبه من هذا العمل المحرم سحت، وإذا حج به فالأثر المرتب على الحج والثواب المرتب عليه ليس له شيء.
إذا حججت بمال أصله سحت
فلا حججت ولكن حجت العيرُ
وأما إذا حج وتوافرت الشروط والأركان وأتى بالحج على وجهه فإن حجه صحيح، بمعنى أنه مسقط للطلب، وهو آثم في كسبه، والأجر والثواب المرتب على هذا الحج ليس له منه شيء، إنما إذا حج فإنه لا يؤمر بالإعادة، وعليه أن يقلع فوراً عما حرم الله عليه، ومن تاب تاب الله عليه، والتوبة تهدم ما قبلها.