شرح قصب السكر (09) - مراتب الجرح والتعديل

"أسْوَؤهَا الْوَصْفُ بِلَفْظ أفْعَلُ

 

 

كَأكْذَبِ النَّاسِ وهَذِّا الأَوَّلُ

 

ثَانِيُّهَا دَجّالٌ أو وَضَّاعُ

 

وَمِثْلهُ الْكَذَّابُ قَدْ أضَاعُوا

 

وَالأسْهَلُ الأدْوَنُ فِيْها لَيِّنٌ

 

 

أو سَيِّئُ الْحِفْظِ لِمَن لاَ يُتْقِنُ

 

أو فِيهْ أو فِيْمَا نَقَلُوا مَقَالُ

 

 

وَأرفَعُ التَّعْدِيْلِ فِيْما قَالُوا

 

كَأوْثَق النَّاسِ وْبَعدَهَا مَا

 

كَرَّرَه لَفظًا أوِ الْتِزَامَا".

هذا وأدناها.

"هَذَا وأدْنَاهَا الَّذِي قَدَ أشْعَرَا

 

 

بِالقُربِ مِن تَجْرِيْحِهم فِيْما تَرَى

 

كَقَوْلِهم شَيْخٌ وكلُّ عَارِفٍ

 

 

يَقْبَلُ مَن زَكَّاه ذُو الْمَعَارِفِ".

 

يكفي يكفي يكفي، غيره، سَمِّ. غيره؟

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الناظم -رحمه الله تعالى- ختم مسائل الكتاب بمباحث تتعلق بالرواة، تبع في ذلك المصنف الحافظ -رحمه الله- وذكر مسائل لمن له أُنس بهذا العلم ولمن له ارتياح وشغف في غاية الأهمية. فمنها معرفة ما يُنسب إلى الرواة وما ينسب الرواة إليه من الأوطان أو من الطبقات والتواريخ من المواليد والوفيات، والبلدان، ومراتب الجرح والتعديل، وألفاظها. هذه مباحث مهمة جدًّا لا يستغنى عنها، وإن كان بعضها أهم من بعض، فيقول الناظم -رحمه الله تعالى- خاتمةٌ: عدوا من المهم، خاتمة إعرابها؟ خبر ماذا؟

طالب:...

خبر لمبتدأ محذوف مقدَّر تقديره هذه خاتمة، يعني مثل ما يقال في الكتب: فصلٌ، بابٌ، نعم، كتاب كذا، كله يُعرَب خبر لمبتدأ محذوف، تقديره هذا. ومنهم من يجيز النصب بمعنى اقرأ كتاب كذا، اقرأ باب كذا، لكن الأكثر على أنه خبر لمبتدأ محذوف وتقديره هذا وهنا نقول هذه خاتمةٌ. عدوا يعني أهل هذا الشأن، من المهم لمن له أدنى أُنس وارتياح لهذا بهذا العلم يعني فن علوم الحديث، فمن ذلك عرفان ما يعزى إلى الرواة. أي معرفة ما يضاف إلى الرواة من طبقات، والطبقات جمع طبقة، والمراد بالطبقة في الاصطلاح عبارة عن جماعةٍ من أهل زمانٍ اشتركوا في السِن ولقاء المشايخ والأخذ عنهم، اشتركوا في السِن ولقاء المشايخ والأخذ عنهم. هذه هي الطبقة، يعني قوم متشابهون متقاربون في الأسنان، ومتوافقون في طبقات شيوخهم والآخذين عنهم، وقد يكون الشخص الواحد من طبقتين باعتبارين، فمثلاً أنس بن مالك عند من يجعل الصحابة طبقة واحدة كلهم كبارهم وصغارهم يكون أنس من الطبقة الأولى وهي طبقة الصحابة يشترك في ذلك مع أبي بكر وعمر وغيرهما من كبار الصحابة، لكن الذين يجعلون الصحابة طبقات لا شك أنه من صغارهم، فمن نظر إلى الصحابة باعتبار الصحبة جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبان، ابن حبان رتَّب كتابه الثقات على أربع طبقات أو خمس، جعل الصحابة كلهم طبقة واحدة، وجعل التابعين كلهم طبقة واحدة، وجعل أتباع التابعين طبقة ثالثة، وجعل تبع الأتباع طبقة رابعة. من كان التقسيم والترتيب عنده على هذه الطريقة يجعل الكبار والصغار إن اشتركوا في وصف واحد من طبقة واحدة، ونعلم أن بين كبارهم وصغارهم ما يقرب من المائة سنة في الوفاة مثلاً، ففي الصحابة من مات في أول الإسلام، يشاركه آخر الصحابة موتًا أبو الطفيل مثلاً مات سنة عشرة ومائة، فبين وفاتيهما أكثر من قرن، ومن جعل الصحابة على طبقات كما فعل ابن سعد في طبقاته فاوت بينهم، فمن نظر إليهم باعتبار قدر زائد كالسبق إلى الإسلام مثلاً، أو شهود المشاهد الفاضلة، جعلهم طبقات، وإلى ذلك جنح أبو عبد الله محمد بن سعد صاحب الطبقات المعروف الذي قال عنه ابن حجر: وهو وكتابه أجمع ما جمع في ذلك، ومثل ذلك أو مثل هذا الكلام يقال في طبقات التابعين. من نظر إليهم من حيث القدر المشترك بينهم وهو على ما حُرِّر في تعريف التابعي: من لقي الصحابي، بغض النظر عن كونه كبيرًا أو صغيرًا، وبغض النظر عن الصحابي الذي لقيه هل هو من المتقدمين أو من المتأخرين جعلهم طبقة واحدة، ابن سعد جعل طبقات الصحابة خمسًا، وجعلهم الحاكم اثنتي عشرة طبقة، الصحابة فقط، ومن أهل العلم من يجعل كل طبقة أربعين سنة يحدد بالسنين، وجعل الحافظ ابن حجر طبقات رواة الكتب الستة اثنتي عشرة طبقة، يعني لو قلنا أن رواة الكتب الستة يستوعبون القرون...؟

طالب:...

الثلاثة، في اثنتي عشرة طبقة يكون كل طبقة معدل كم؟ أربع ماذا؟

طالب:...

يعني الطبقة الواحدة بمعدل خمسة وعشرين سنة أو اثنين وعشرين أو ثلاثة وعشرين، فهذه طبقات الرواة عند الحافظ ابن حجر في مقدمة التقريب قال: الأولى الصحابة، على اختلاف مراتبهم، وتمييز من ليس له إلا مجرد الرؤية من غيره، جعلهم طبقة واحدة، لكنه جعل من يليهم على طبقات متعددة، فمثلاً التابعون كبارهم في الطبقة الثانية كسعيد بن المسيب، ومتوسطوهم في الطبقة الثالثة، كالحسن وابن سيرين، والطبقة الرابعة طبقة من التابعين تلي الطبقة الثالثة جُلّ روايتهم عن كبار التابعين كالزهري وقتادة، والخامسة الطبقة الصغرى منهم الذين رأوا الواحد والاثنين ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش، إنما لهم رؤية وليست لهم رواية، الطبقة الساسة: طبقة عاصروا الخامسة لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جُرَيج، السابعة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري، والثامنة الطبقة الوسطى منهم كابن عيينة وابن عُلية، والتاسعة الطبقة الصغرى من أتباع التابعين كيزيد بن هارون، والشافعي وأبي داوود الطيالسي وعبد الرزاق، والعاشرة كبار الآخذين عن تبع الأتباع ممن ممن لم يلق التابعين كأحمد بن حنبل. والطبقة الحادية عشرة الطبقة الوسطى من ذلك كالذهلي والبخاري، والثانية عشرة صغار الآخذين عن تبع الأتباع كالترمذي، يقول: وألحقت بها باقي شيوخ الأئمة الستة، الذين تأخرت وفاتهم قليلاً كبعض شيوخ النسائي، نعرف أن النسائي توفي سنة؟ ثلاث وثلاثمائة سنة ثلاث وثلاثمائة، فبعض شيوخه تأخروا إلى ما يقرب من نهاية المائة الثالثة، فألحقهم بالطبقة الثانية عشرة.

الحافظ الذهبي -رحمه الله- له في تذكرة الحفاظ منهج يختلف عن منهج الحافظ ابن حجر جعل الطبقات أكثر، باعتبار أن كتابه ترجم لمن تأخرت وفاتهم عن هؤلاء، وعلى كلٍ المسألة اصطلاحية، المسألة اصطلاحية، معرفة طبقات الرواة من الأهمية بمكان، بحيث تغني عن معرفة سنة الوفاة إذا لم يمكن التوصل إليها، وهي مؤشر إلى اتصال السند وانقطاعه، وفيها أيضًا سدّ باب الكذب على الدجالين، وكشف خبيئة المدلسين، يقول: وإزاحة الستار عن حقيقة العنعنة، فإن الاطلاع على وصل الحديث أو إرساله والأمن من تداخل الاسمين إذا اتفقا في الاسم، واختلفا في الطبقة وهكذا, يعني لو جاءنا شخص في الستمائة مثلاً، وقال: أنا رأيت رأيت بعض الصحابة، يثبت له أن يقال إنه تابعي؟

طالب:...

عند ماذا؟

طالب:...

قبل المائتين بلا شك، لكن مثل هذا الذي يدعي أنه في الستمائة ورأى بعض الصحابة فيزعم أنه العكس، منهم من يثبت له الصحبة، في الستمائة إي سنة ستمائة.

طالب:...

اسمه رتنا الهندي مترجم في الميزان وغيره أثبت لهم بعضهم الصحبة، هذه فوائد معرفة الطبقات. وبها يُستغنى عن معرفة التواريخ، ومواليد والوفيات إذا لم يحصل عليها بدقة فكون الراوي من الطبقة السادسة يروي عن عن شيخٍ من الطبقة الرابعة نقول: ممكن، لكن لو في الثانية عشرة وشيخه في الرابعة نقول: ما يمكن، فائدة معرفة الطبقات لها وقع كبير في معرفة الاتصال والانقطاع. من المهم أيضًا معرفة وفيات الرواة مع موالديهم لأنه بمعرفتهما يحصل الأمن من دعوى المدعي اللقاء لبعض الشيوخ وهو في الأمر وهو في نفس الأمر ليس كذلك. يقول ابن الصلاح: روينا عن سفيان الثوري أنه قال: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ، روينا عن حفص بن غياث أنه قال: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين، يعني احسبوا سنه وسن من كتب عنه، وهذا نحو ما روي عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث، فقالوا: ها هنا رجل يحدث عن خالد بن معدان فأتيته فقلت له: أي سنةٍ كتبت عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ثلاث عشرة، يعني ومائة، فقلت: أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين. روينا وروينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: لما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكُشِّي وحدث عن عبد بن حميد، سألته عن مولده فذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين، فقلت لأصحابنا: سمع هذا الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة. ومن المهم أيضًا معرفة بلدان الرواة، قال ابن الصلاح: وذلك مما يفتقر حفاظ الحديث إلى معرفته في كثير من تصرفاتهم، لماذا يحتاج إلى البلدان؟ لأن الراوي إذا كان من بلد من روى عنه لا شك أنه يكون أعرف بحديثه من غيره، فإذا عرفنا أن هذا بصري ويروي عن شيخ بصري وعارضه من يروي عن ذلك الشيخ شخص آخر مصري مثلاً، قدَّمنا حديث البصري لأن المحدِّث أعرف بحديث أهل بلده، ومن مظان ذكر البلدان مقرونة بالرواة الطبقات الكبرى لابن سعد كتاب جليل حافل إلا أنه يحتاج إلى عناية وخدمة، ففيه خروم كثيرة، كانت العرب إنما تنتسب إلى القبائل، القرشي، الخزاعي، التميمي، الهذلي، الباهلي، وما أشبه ذلك، لكن لما جاء الإسلام وانتشر وغلب عليهم سكنى القرى والمدائن حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان، كما هي طريقة العجم، العجم ينتسبون إلى أوطانهم لأنهم ليست لهم قبائل، وأضاع كثير منهم أنسابهم فلم يبق لهم غير الانتساب إلى الأوطان، ومن كان من المتنقلة من بلد إلى بلد وأراد الجمع بينهما في الانتساب فليبدأ بالأول ثم الثاني، هذا مصري ثم انتقل إلى العراق، نقول: فلان بن فلان المصري ثم العراقي، المصري ثم الأندلسي، المصري ثم المغربي، المصري ثم النجدي وهكذا. كانت الأمور متيسرة، ينتقل المسلم أينما شاء وحيثما شاء، ومتى ما أراد، ويستوطن البلد الذي يعجبه ويناسبه لكن الأمور وأوضاع الناس عمومًا تغيرت فاحتاج الناس إلى ضبط، في غالب أحوالهم، فاضطروا إلى ما هو معمول به الآن. على هذا من انتقل من بلد إلى بلد ويريد الانتساب إليهما معًا يبدأ بالأول ثم الثاني. وحسُن أن يدخل على الثاني كلمة ثم فيقال مثلاً: فلان المصري ثم الدمشقي، ومن كان من أهل قرية من قرى بلدة فجائزٌ أن ينتسب إلى القرية وإلى البلدة أيضًا وإلى الناحية التي منها تلك البلدة، هذه القرية تتبع بلدة، وهذه البلدة تتبع منطقة وهذه المنطقة تتبع مملكة مثلاً، مثلاً لو قدِّر أن شخصًا من قرى جيزان مثلاً، يحق له أن يقول: فلان بن فلان الفلاني تبعًا لهذه القرية، وأن يقول: الجيزاني، له أن ينتسب إلى ما هو أعم من ذلك نعم، وله أن يقول أيضًا: السعودي تبعًا للبلدة أو للقطر الأعم، وهكذا. من المهم أيضًا بل من أهم المهمات معرفة كل وصف قام بالإنسان من الرواة من الأوصاف المؤثرة، ما هو كل وصف، لأنه يقول عندكم: وكل وصفٍ قام بالإنسان، عدالة جهالة وجرحًا، كل وصف قام بالإنسان تحسن معرفته على هذا الإطلاق وهذا العموم؟ لا، إنما الذي يحسن الأوصاف المؤثرة في الرواية، نعم، يعني كون الراوي طويل أو قصير أبيض أو أسود، نعم، ما يعنينا بشيء، كريم أو بخيل، أيضًا ما يهمنا، إذا لم يبخل بشيء من الواجبات، فيصل إلى حد الفسق. وحينئذٍ يكون مؤثرًا، وكرمه إذا لم يدخله في حيز السرف فإنه يمدح به، لكنه غير مؤثر في الرواية، فلا بد من تقييد قوله: كل وصف، بالوصف المؤثر في الرواية، في قبول الخبر أو رده من العدالة والجهالة والجرح.

والتعديل والتجريح على مراتب وأنحاء متعددة، متقنة محررة، مضبوطة، في الجملة وإن كان فيها شيء من الخلل الذي يمكن معرفته مع الدربة والمران، قال ابن حجر: ومن المهم معرفة أحوال الرواة، تعديلاً وتجريحًا وجهالةً؛ لأن الراوي إما أن تعرف عدالته أو يعرف فسقه، أو لا يعرف فيه شيء من ذلك، هذا كلام من؟ كلام ابن حجر، وكلامه -رحمه الله- هذا يدل على أن الجهالة عدم علمٍ بحال الراوي، وهذا سبقت الإشارة إليه عند بحث المجهول، يقول: ومن المهم معرفة أحوال الرواة، تعديلاً وتجريحًا وجهالةً؛ لأن الراوي إما أن تُعرف عدالته أو يُعرف فسقه أو لا يعرف فيه شيء من ذلك وحينئذٍ يحكم عليه بأنه مجهول، فكلامه يدل على أن الجهالة عدم علم بحال الراوي، وعلى هذا الجهالة ليست بجرح، ليست في قسم من الجرح، بل هي قسيم له، ويدل له أيضًا كلام أبي حاتم الرازي في بعض الرواة، حيث يقول: فلانٌ مجهول، أي لا أعرفه، كثيرًا ما يقول مجهول فقط أو يقول لا أعرفه دون لفظ مجهول، لكن في مواضع كثيرة يقول: مجهول أي لا أعرفه، وحينئذٍ تكون الجهالة عدم علم بحال الراوي، لكن من رتَّب ألفاظ الجرح والتعديل وصنفها على مراتب أدخل لفظ مجهول في مراتب الجرح، في مراتب الجرح، وعلى هذا فهي قسم من الجرح وليست بقسيم له، ما الذي يترتب على هذا أو ذاك؟

سواء قلنا قسم من الجرح أو قسيم له هل يترتب عليه شيء أو لا؟ إذا قلنا الجهالة جرح أو عدم علم بحال الراوي، له فائدة عملية وليست له فائدة علمية؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

نعم يرد الحديث مباشرة إذا قلنا جرح. عدم علم بحال الراوي ما يرد الحديث وإنما يتوقف فيه حتى ترتفع هذه الجهالة، مقتضى كونه جرحًا أن يضعّف الخبر بسبب الراوي المحكوم بجهالته، فإذا قلنا إن الجهالة عدم علم بحال الراوي لزم منه التوقف في الحكم حتى يتبين حال الراوي، قد يقول قائل إن التوقف عدم علم أو عدم عمل بالخبر ورده أيضًا عدم عمل به، لكن لا شك أن التوقف بمنزلة أسهل من الرد مباشرة، فهذا التوقف يمكن أن يزال بأدنى شيء، لكن إذا قلنا يرد خبره يحتاج إلى داعم قوي ليرقيه، لا شك أن عدم العلم بحال الراوي أسهل من العلم بعدم عدالته، بعد هذا مراتب التجريح ومراتب الجرح أسوؤها الوصف بلفظ أفعل كأكذب الناس وهذا الأول.

"أسْوَؤهَا الْوَصْفُ بِلَفْظ أفْعَلُ

 

 

كَأكْذَبِ النَّاسِ وهَذِّا الأَوَّلُ

 

ثَانِيُّهَا دَجّالٌ أو وَضَّاعُ

 

 

وَمِثْلهُ الْكَذَّابُ قَدْ أضَاعُوا

 

وَالأسْهَلُ الأدْوَنُ فِيْها لَيِّنٌ

 

 

أو سَيِّئُ الْحِفْظِ لِمَن لاَ يُتْقِنُ

أو فِيهْ أو فِيْمَا نَقَلُوا مَقَالُ".

 

 

مراتب الجرح والتعديل معرفتها من أهم ما يحتاج إليه في هذا الشأن، ولا يمكن أن يستغني طالب الحديث عن معرفة المراتب وألفاظ الجرح والتعديل؛ لأنه لا يمكن أن يصحح الحديث أو يضعف إلا من خلال النظر في رواته جرحًا أو تعديلاً. وأول من رتب الألفاظ المستعملة عند أهل العلم في الجرح والتعديل الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، في كتابه: الجرح والتعديل، فأجاد وأحسن، ووُفِّق، نعم استُدرِك عليه وزيد عليه لكن يكفيه أنه هو الذي سنَّ هذه السُّنَّة. جعل المراتب في القسمين سواء كان في الجرح أو في التعديل أربعًا، وتبعه على ترتيبه ابن الصلاح والنووي وابن كثير، ثم جاء الذهبي والعراقي فزادا مرتبة في كل من القسمين فصارت المراتب خمسًا خمسًا.

ثم جاء الحافظ ابن حجر والسيوطي والسخاوي فزادوا مرتبة في كل من القسمين فصارت المراتب ستًا ستًا، عند ابن حجر، والسيوطي، وعند السخاوي بلغت إلى سبع، لكن الحافظ في النخبة وتبعه الناظم على ذلك ذكر أسوأ المراتب وأسهلها وترك ما بين ذلك، فقال: وأسوؤها الوصف بما دل على المبالغة فيه وأصرح ذلك التعبير بأفعل كأكذب الناس وكذا قولهم: إليه المنتهى في الوضع، أو هو ركن الكذب أو نحو ذلك، هذه هي المرتبة الأولى، ثم دجالٌ أو وضاعٌ أو كذاب؛ لأنها وإن كان فيها نوع مبالغة لكنها دون التي قبلها، وأسهلها هل نقول هذه ثالثة؟ لا، عرفنا الأولى والثانية التعبير بأفعل كأكذب الناس، ثم دجال وضاع وكذاب، أسهل المراتب ويمكن أن تُجعل خامسة وأسهلها أي الألفاظ الدالة على الجرح قولهم: ليِّن أو سيء الحفظ أو فيه أدنى مقال. وبين أسوأ الجرح وأسهله مراتب لا تخفى، فقولهم متروك، أو ساقط أو فاحش الغلط أو منكر الحديث أشد من قولهم ضعيف أو ليس بالقوي أو فيه مقال.

الآن متروك وساقط وفاحش الغلط ومنكر الحديث وضعيف وليس بالقوي وفيه مقال هاتان مرتبتان، نعم، لتكن الأولى منهما متروك وساقط هي المرتبة الثالثة، وضعيف وليس بالقوي وفيه مقال رابعة، وتكون الخامسة ليِّن وسيء الحفظ وفيه أدنى مقال.

طالب:...

الخامسة.

طالب:...

السادسة في التقريب تأتي إن شاء الله لكن هذا ما ذكره في النخبة، وأما مراتب التجريح في تقريب التهذيب فهي ست نسقها بعد مراتب التعديل، سيأتي ذكرها بعد ذكر مراتب التعديل.

طالب:...

نعم.

طالب:...

نعم.

طالب:...

يجي يجي إن شاء الله، يجي، بنجمل الكلام هنا ثم نأتي إلى المراتب على نسق واحد في التقريب. بعد هذا مراتب التعديل.

وَأرفَعُ التَّعْدِيْلِ فِيْما قَالُوا

 

 

كَأوْثَق النَّاسِ وْبَعدَهَا مَا

 

كَرَّرَه لَفظًا أوِ الْتِزَامَا

 

 

هَذَا وأدْنَاهَا الَّذِي قَدَ أشْعَرَا

بِالقُربِ مِن تَجْرِيْحِهم فِيْما تَرَى

 

 

كَقَوْلِهم شَيْخٌ"

 

ثم بعد ذلك جاء مبحث آخر.

"وكلُّ عَارِفٍ

يَقْبَلُ مَن زَكَّاه ذُو الْمَعَارِفِ".

مراتب التعديل أرفعها الوصف بما دلّ على المبالغة فيه، وأصرح ذلك التعبير بأفعل، يعني كما تقدم في التجريح، قلنا أكذب الناس، هنا أوثق الناس، أو أثبت الناس أو إليه المنتهى في التثبت، ثم ما تأكد بصفة من الصفات الدالة على التعديل، أو صفتين، كثقة ثقة أو ثبت ثبت، أو ثقة حافظ، قال: أو عدل ضابط، عدل ضابط من هذه المرتبة؟ لماذا؟

طالب:...

تساوي ثقة من غير تكرار. فهي من مرتبة تلي هذا، ونحو ذلك وأدناها صنع هنا كما صنع هناك، وأدناها ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح كشيخ، ويُروى حديثه ويعتبر به ونحو ذلك، وبين ذلك مراتب لا تخفى. وما تركه الحافظ من مراتب القسمين يمكن استيعابها من مراتب القسمين في مقدمة تقريب التهذيب. المرتبة الأولى عنده لأنه نسق المراتب مراتب الجرح والتعديل نسقًا واحدًا فجعلها اثنتي عشرة مرتبة، ست للتعديل وست للتجريح. فالأولى عنده: الصحابة، قال: فأصرح بذلك لشرفهم، الثانية: من أُكِّد مدحه إما بأفعل كأوثق الناس أو بتكرير الصفة لفظًا كثقة ثقة أو معنىً كثقة حافظ.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

مرتبة واحدة في التقريب، مرتبة واحدة في التقريب لكنها عند السخاوي وغيره مرتبتين نعم، الثالثة من أُفرد بصفة كثقة، أو متقن أو ثبت أو عدل، عدل، يمكن أن تأتي في هذه المرتبة؟

طالب:...

يحتاج إلى ضبط، فعدل أقل من ثقة، الرابعة: من قصُر عن درجة الثالثة قليلاً وإليه الإشارة بصدوق أو لا بأس به أو ليس به بأس، الخامسة: من قصُر عن الرابعة قليلاً وإليه الإشارة بصدوق وسيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو له أوهام أو يخطئ، أو تغيّر بأخرةً ويلتحق بذلك من رُمي بنوع من البدعة كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء، والتجهم مع بيان الداعية من غيره، هذا من المرتبة الخامسة، تقدَّم لنا في بحث البدعة والمبتدع أن من أن من المبتدعة من خُرِّج له في الصحيح في الأصول لا في الشواهد والمتابعات، وهنا جعلهم من المرتبة الخامسة، وفيه كلام يأتي ذكره إن شاء الله تعالى. السادسة من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وإليه الإشارة بلفظ: مقبول حيث يتابع، وإلا فليِّن الحديث. الآن عندنا الأولى الصحابة ما فيهم كلام، من حيث القبول، نعم، الثانية من أُكِّد مدحه بأفعل كأوثق الناس أو بتكرير الصفة كذلك، والثالث من أُفرد بصفة كثقة أو متقن أو ثبت كذلك، فأهل المراتب الثلاث حديثهم مقبول من غير نظر ومن غير على أحاديث الثقات وغير ذلك، مقبول ابتداءً، الرابعة من قصُر عن درجة الثالثة قليلاً وإليه الإشارة بصدوق أو لا بأس به أو ليس به بأس، هذه محل خلاف بين أهل العلم، فابن أبي حاتم جعل حديث الصدوق لا يُقبَل ابتداءً، بل يُكتب حديثه فيُعتَبَر، يُنظَر هل له متابع أو لا.

طالب:...

لا، إذا إذا وجد له متابع قُبِل.

طالب:...

 نعم.

طالب:...

على كلامهم. تبعه على ذلك تبع ابن أبي حاتم على ذلك ابن الصلاح، والنووي، محتجين بأن هذه الصيغة لا تُشعِر بشريطة الضبط لا تُشعِر بشريطة الضبط، صدوق. لو قُدِّر أنه طرق الباب شخص، وقال أحدكم لولده: افتح الباب شوف، فجاء فقال: زيد، ذهبت إلى الباب فوجده كلام صحيح، الثاني من؟ عمرو، الثالث من؟ بكر، الرابع الخامس العاشر المائة، أخباره كلها مطابقة للواقع، هذا الصبي الذي أخبر بما يطابق الواقع نقول إنه صدوق، لكن من الغد يسأله الأب فيقول من طرق الباب بالأمس؟ عددهم مائة، نعم، يعد واحد اثنين ثلاثة ثم يقف، ضابط ولا ليس بضابط؟ ليس بضابط، حتى لو عدّ عشرة من مائة ليس بضابط، استحق الوصف بصدوق لماذا؟ لأنه لزم الصدق في جميع أقواله لكن هل يلزم من ملازمة الصدق توافر الضبط عنده؟ ما يلزم، على هذا قالوا حديث الصدوق لا يقبل حتى حتى يُعرَض على أحاديث الثقات؛ لأن لفظ صدوق لا تُشعِر بشريطة الضبط. الحافظ ابن حجر ومعه جمع من أهل العلم يرون الاحتجاج بحديث الصدوق ابتداءً وأنه يتوسط في أمره فلا يقال حديثه صحيح ولا ضعيف، وإنما يجعل من باب الحسن لذاته. لماذا؟ عرفنا حجة الأولين، حجة ظاهرة، فيها إشكال حجتهم؟ ليس فيها إشكال لا سيما بالتنظير الذي ذكرناها ظهرت مطابقة، من يحتج بالصدوق ويقبله ابتداءً فيجعل حديثه من قبيل الحسن حجته ماذا؟

طالب:...

صدوق صيغة مبالغة، طيب لو صدق ألف مرة، نقول صدوق، لكن يلزم منه أن يكون ضابط؟ نعم؟

طالب:...

إلا إنه ماذا؟

طالب:...

كان ماذا؟

طالب:...

هو يصدُق يصدُق، أخبرك الولد مائة مرة أن بكلام مطابق للواقع، سألته من الغد ما في إلا ذكر لك اثنين ثلاث ونسي الباقي ضابط؟

طالب:...

المقصود أن من يقبل حديث الصدوق يقول: إن صدوق فعول صيغة مبالغة، والشخص لا يستحق الوصف بهذه المبالغة إلا إذا كان ملازمًا للصدق في جميع أحواله، وعلى هذا فلن يقع الكذب في كلامه بحال من الأحوال، لا كذب متعمد ولا كذب غير متعمد؛ لأن الكذب مرتبة واحدة عند أهل السُّنَّة، الكلام إما صدق وإما كذب، إن طابق الواقع فهو صدق وإن خالف الواقع فهو كذب، فالخطأ كذب، وإن لم يكن مقصودًا، بدليل «من كذب عليّ متعمدًا» مفهومه أن هناك من يكذل لكنه غير عمد فهو كاذب، ولو لم يكن متعمدًا، فإذا استحق الوصف بالمبالغة صدوق عرفنا أنه ملازم للصدق في جميع أحواله، وعليه فلا يقع الكذب في كلامه لا عن عمدٍ ولا عن غير قصد، وإذا كان لا يقع الخطأ في كلامه فإنه حينئذٍ يكون ضابطًا، يكون ضابطًا. إذًا لماذا لا يُجعل صدوق ما دام بهذه المثابة بمنزلة الثقة؟ نعم؟ إذا قلنا إن صدوق لا يقع الخطأ في كلامه ولا الكذب على هذا فهو ضابط، ومن حيث العدالة عدل بلا إشكال عند الطرفين، ومن حيث الضبط على رأي من يقول بالقول الآخر ضابط عنده ضبط ينبغي أن يكون ثقة، لكن الأئمة لم يعدلوا عن الوصف بثقة إلى صدوق إلا لأن منزلة هذا الراوي أقل من منزلة الثقة، وعلى هذا يتوسط في أمره فيكون حديثه من قبيل الحسن. في المرتبة السادسة وفيها كلام طويل نعم.

طالب:...

ما يمكن، إما أن تقبل حديثه وتجعله ضابط أو ترده.

طالب:...

يعني على قول الرأي الأول إنه ما يُقبَل مباشرة. ما ينفع، الآن العمل كله على خلافه، وعلى كلٍ هو خلاف بين أهل العلم، ما رأيك أبو حاتم ما ما سمحت نفسه للبخاري إلا بصدوق البخاري نفسه؟ ما الذي تسويه؟

طالب:...

وعلى هذا الخامسة من قصُر، نعم؟

طالب:...

يحتج به يحتج به، حديثه حسن.

طالب:...

إي.

طالب:...

نعم.

طالب:...

صدوق؟

طالب:...

إضافة وصف آخر ينزل قليلاً ويقال: صدوق وسيء الحفظ، صدوق يهم، صدوق له أوهام، يخطئ، تغير بأخرةً هذا لا بد من متابع.

طالب:...

يمكن إي يمكن. ولذلك صدوق يخطئ، صدوق له أوهام.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

مضبوطة ومتقنة؟ محررة هذه الأحاديث المنكرة؟ يعني مثل ما يفعل ابن عدي في الكامل يذكر مناكير الراوي، فإذا كانت متقنة وما في زيادة عليها يتقى هذا القدر والباقي يستحق الوصف الأول. يقول: ويلتحق بذلك من رمي في الخامسة، بنوع من البدعة كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء والتجهم مع بيان الداعية من غيره. الخامس حديثه مقبول أو مردود؟ مردود، يحتاج إلى متابع، إن وجد له متابع وإلا فهو ضعيف نعم. عرفنا فيما تقدَّم في بحث البدعة وكلام طويل لأهل العلم منهم من ردّه مطلقًا ومنهم من قبِله مطلقًا ومنهم من فصّل، فلا حاجة إلى إعادة الكلام السابق، ثم الطبقة أو المرتبة السادسة: وهي أيضًا مشكلة.

طالب:...

إذا إذا لم يوجد له متابع يبقى ضعيف.

طالب:...

نعم. السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ مقبول حيث يتابع وإلا فليِّن الحديث. الآن الوصف المشترك واحد، بين مقبول وليِّن، القدر المشترك بينهما إن كلاً منهما ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، إن تُوبع فمقبول وإلا فليِّن. على هذا هذا الكلام حكم على الراوي أو على المروي؟

طالب:...

على الراوي؟

طالب:...

الآن أنت ما عندك إلا حديث واحد، وما ثبت عندنا ما يرد حديثك من أجله، أنت بهذا الوصف إن توبعت على هذا الحديث مقبول وإن لم تتابع فليِّن. هاه؟

طالب:...

ما في إشكال؟

طالب:...

ما في إشكال يا الإخوان؟

طالب:...

الآن حكم على حديث ولا على راوي؟

طالب:...

على راوي؟ يعني الراوي يمكن يوصف بوصفين، صح ولا لا؟ لماذا هو قال في ألف راوي مقبول وألف راوي ليِّن؟

طالب:...

ما ندري عنه متابعين ولا ما توبعوا في التقريب، لو تتبعت التقريب وجدت ألف راوي مقبول، وألف راوي ليِّن، ما الذي يميز هذا عن هذا؟ مع أن الضابط الذي يضبط الجميع من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، فإن توبع فمقبول وإلا فليِّن.

طالب:...

صحيح، هذا كلام صحيح، لكن متى ندري إن هذا مقبول وهذا ليِّن؟

طالب:...

يعني ابن حجر أحاط بروايات الدنيا كلها فوجد أن هذا ما توبع بأي وجه من الوجوه فحكم عليه بأنه ليِّن؟

طالب:...

ما معنى ما بلغه؟ هذا حكم هذا حكم يُعمل به الآن يُخطَأ الأئمة من أجله، ينبذ الشاب من الشباب يحقق كتاب يُضعِّف حديث صححه الأئمة؛ لأن ابن حجر قال ليِّن. هاه؟

طالب:...

الآن عندنا الضابط الضابط الذي يضبط الجميع من ليس له من الأحاديث إلا القليل.

طالب:...

 طيب حكم ابن حجر الآن أنا أبي حكم ابن حجر ما الذي بنى عليه؟

طالب:...

ما ينفع أكثر، إذا قلنا أكثر قلنا ليش يحكم على هذا بإنه ليِّن وما تتبع ما استقرأ استقراءً تامًا.

طالب:...

الذي يبلغه ما ينفع يا أخي هذا حكم بأعراض المسلمين هذا، الذي بلغه ما ينفع.

طالب:...

المفروض إن كلهم يقول عنهم ليِّن ما انطبق عليه هذا الوصف يقول ليِّن إذا وجد متابع لأننا نحكم على أشخاص إذا وجد متابع الباحث يقول مقبول. كلهم يشملهم وصف واحد؛ لأن كلهم ينطبق تحت ضابط واحد ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله. الآن لو قيل فلان ضعيف مرتبة تأتي، فلان ضعيف، إن توبع ما الذي يصير؟

طالب:...

إذًا مقبول، يصير مقبول ولا مردود؟ ما الفرق بين هذا والذي ومرتبة تبي تيجي بعد ثلاث مراتب ضعيف؟

طالب:...

ما يلزم، إذا توبع بمثله، ضعيف مثله، هاه؟ أظن ما لها حل هذا. السابعة: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثَّق وإليه الإشارة بلفظ: مستور أو مجهول الحال. الآن ارتفعت عنه جهالة العين برواية أكثر من واحد، لكنه خلا من التعديل وعلى هذا فهو مجهول الحال. وهو المستور عند الحافظ، الثامنة من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد فيه إطلاق الضعف، ولو لم يُفسَّر. وإليه الإشارة بلفظ ضعيف.

طالب:...

نعم.

طالب:...

إي.

طالب:...

وشيء يجيء بعد.

طالب:...

الذي قبلهم سيء صدوق وسيء الحفظ، يحتاج إلى متابِع.

طالب:...

نعم، الألفاظ بعضها أخف من بعض، لكن الإشكال هو لو لو عدد المراتب ما يخالف لكن في مرتبة واحدة يطلق لفظين مختلفين بينهما فرق كبير، هذا محل النقاش، مثل ما قلنا في المبتدع، من المبتدعة من اعتمد عليه البخاري وخرَّج حديثه في الأصول يجعله في الخامسة الذي ما يقبل حديثه إلا بمتابع.

طالب:...

أي مسألة؟ هاه؟

طالب:...

ما الذي فيها؟ نحرر هذا يا أبو عبد الله الأسبوع القادم إن شاء الله. الثامنة من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر ووجد فيه إطلاق الضعف ولو لم يفسَّر وإليه الإشارة بلفظ ضعيف، التاسع من لم يرو عنه غير واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ مجهول. الآن عندنا الثامنة والتاسعة، السابعة والتاسعة كلاهما في حيز المجهول نعم، إلا أن هذا أشد جهالة، هذا مجهول عين وذاك مجهول حال، الثامنة: من لم يوجد فيه توثيق ووجد فيه إطلاق الضعف الآن روى عنه أكثر من واحد ولا لم يرو عنه، الثامنة؟

طالب:...

وإلا صار، صار من التاسعة. من لم يرو عنه غير واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ مجهول أيهما أقوى من نُصَّ على ضعفه؟ أو شخص لم يوجد فيه توثيق لكنه ما روى عنه إلا واحد؟ في الضعف.

طالب:...

لماذا جعل هذا في الثامنة وهذا في التاسعة؟

طالب:...

كيف؟

طالب:...

لا هو يرتب على الأسوأ، لأنه بيجيك من أطلق عليه اسم الكذب هذا آخر شيء.

طالب:...

الآن ما وثِّق هذا الرجل، وهذا منصوص على أنه ضعيف يعني ما وُثِّق ولا ضُعِّف أيضًا إلا أن هذا روى عنه جمعٌ وضعِّف، هذا ما ضعِّف لكنه ما روى عنه إلا واحد أيهما أسوأ؟

طالب:...

من نصّ على ضعفه أسوأ بلا شك. العاشرة من لو يوثق البتة، وضعِّف مع ذلك بقادح، وإليه الإشارة بمتروك أو متروك الحديث أو واهي الحديث أو ساقط. يعني ما اشتد ضعفه، ما إن ضعِّف بقادح جديد ليس بأي قادح، لا ما يستفيد ولا في شيء أبدًا ما يستفيد إلا على رأي السيوطي، الحادية عشرة: من اتُهم بالكذب وهذه من أسوأ المراتب، الاتهام بالكذب وعرفنا سابقًا متى يُتَّهم الراوي بالكذب، متى؟

طالب:...

يعترف بماذا؟

طالب:...

لا في أي شيء؟

طالب:...

لا ما يصير متهَّم ذا، يصير كذاب.

طالب:...

يتَّهم بالكذب متى؟ إذا ماذا؟ نعم؟

طالب:...

إذا كذب في حديثه العادي مع الناس وما عُرف عنه الكذب في حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-، حينئذٍ يكون متهمًا بالكذب، أو جاء بحديث تفرَّد به لا يروى من غير طريقه ومع ذلك يكون مخالف للقواعد المعلومة من الدين بالضرورة حينئذٍ يُتهم بالكذب، الثانية عشرة من أُطلق عليه اسم الكذب والوضع وهذه أسوأ المراتب، وإن كان قولهم كذب أخف من قولهم كذاب، أو دجال أو أو وضاع أو ما أشبه ذلك. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نعم.

طالب:...

رأي السيوطي أن الضعف مهما بلغ يُقبَل الانجبار يعني حديث متهم مع متهم مع متهم عشرة ينجبر بعضهم ببعض. يدل على أن له أصل.

طالب:...

ما هو بصحيح، لا لا.

طالب:...

متابع قوي؟ لا عبرة بهذا القوي، لا لا هو هو العبرة به، ولذلك لو حديث لو وجدت حديث: «إنما الأعمال بالنيات» خبر موضوع بإسناد فيه وضاع تستفيد شيء؟ ما تكتبه أبدًا.

طالب:...

ما ينقطعون قبل النهاية، يسقطون الواجب. بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بعد أن ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- تبعًا للمصنف ألفاظ ومراتب الجرح والتعديل، ذكر من يقبل قوله في الجرح والتعديل، وعدد المزكِّين، فقال:

وكلُّ عَارِفٍ

 

 

يَقْبَلُ مَن زَكَّاه ذُو الْمَعَارِفِ

 

وَلَو مِنَ الْوَاحِدِ فِي الأْصَحِّ

 

 

والَحُكْمُ إنْ يَخْتَلِفَا لِلْجَرْح

فَإنَّه مُقَدّمٌ إذَا صدَر

 

 

مُبَيِّنًا مِنْ عَارِفٍ وَافِي النَّظَرَ

 

فَإنْ خَلاَ الرَّاوِي عَنْ التَّعْدِيْلِ

 

 

فَالْجَرْحُ مَقْبولٌ بِلاَ تَفْصِيْل".

هذا على المختار، هذا على القول الراجح المختار.

ها هنا مسائل متعلِّقة بالجرح والتعديل، ومعرفتها مهمة تبعًا لمعرفة مراتب وألفاظ الجرح والتعديل السابقة، ثم يليها مسائل تتعلق بالرواة من الأسماء والكنى والألقاب والأنساب وغير ذلك. وهي مهمة أيضًا إلا أنها دون هذه المسائل في الأهمية، فمن المسائل المهمة مسائل الجرح والتعديل أن تزكية الرواة ويستوي في ذلك الجرح والتعديل، لأن التزكية إنما تكون في ماذا؟ التعديل ولا التجريح؟

طالب:...

نعم؟ التعديل. لكنها لقبٌ غلب على القسمين معًا، فالمزكُّون هم الأئمة الحفاظ المتصفون بالعلم، والصدق والورع، ومعرفة أسباب الجرح والتعديل. هؤلاء هم المزكُّون لرواة الآثار، ويدخل في هذه التزكية بيان حال الراوي من تعديلٍ كما هو الأصل أو جرح، فالجرح داخل في لفظ التزكية، وهذه التزكية إنما تُقبَل من الإمام العارف بالأسباب لئلا يزكي فيعدِّل أو يجرح بمجرد ما يظهر له ابتداءً من غير ممارسة واختبار، الأمر الثاني: يكفي في التزكية واحد على الأصحّ، خلافًا لمن شرط التعدد، إلحاقًا بالشهادة فلا يقبل في التزكية أقل من اثنين، على هذا القول والأصحّ أنه يُكتفى بواحد، ولذا قال: ولو من الواحد في الأصحّ، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-:

ومن زكاه عدلان

 

فعدلٌ مؤتمن

 

وصحح اكتفاؤهم بالواحد

 

 

جرحًا وتعديلاً خلاف الشاهد

قال الحافظ ابن حجر: والفرق بينهما يعني الفرق بين الرواية والشهادة في هذا الباب أن أن التزكية تنزَّل منزلة الحكم فلا يشترط فيها العدد، والشهادة تقع من الشاهد عند الحاكم فافترقا، وقال: ولو قيل يفصَّل بين إذا ما كان التزكية في الراوي مستندة من المزكِي إلى اجتهاده أو إلى النقل عن غيره لكان متجهًا؛ لأنه إن كان الأول إن كان مرد هذه التزكية لاجتهاد المزكِّي فلا يشترط العدد أصلاً؛ لأنه مسألة اجتهادية فالمفتي إذا استفتاه السائل لا يلزمه أن يسأل غيره، يكفيه، قوله: ولو صدر عن اجتهاده. يقول: لأنه إن كان الأول يعني إن كان مرد التزكية لاجتهاد المزكِّي فلا يشترط العدد أصلاً؛ لأنه حينئذٍ يكون بمنزلة الحاكم وإن كان الثاني: فيجري فيه الخلاف، الثاني ماذا؟ إن كانت مردها إلى النقل عن غيره، يجري فيه الخلاف السابق، الذي تقدَّم في اشتراط العدد في الرواية وعرفنا فيما تقدَّم أن العدد لا يشترط في الرواية على الأصحّ، فيقبَل خبر الراوي الثقة وإن تفرّد به، وهذا تقدَّم، وليس شرطًا للصحيح فاعلم كملوا!

طالب:...

وقد رُمي من قال بالتوهمِ. ليس شرطًا يعني كون الخبر عزيزًا يرويه أكثر من واحد هذا ليس ليس بشرط لصحة الخبر وليس بشرط للبخاري في صحيحه، وإن زعمه بعض أهل العلم، وإليه يميل كلام الحاكم وبه قال البيهقي والكرماني الشارح وعلي الجبائي من المعتزلة وجمع وأبو الحسين البصري منهم، كل هذا كلام لا أصل له. وعرفنا تفنيد هذا القول فيما تقدَّم فلا حاجة ولا داعي لإعادته. ويتبين أنه أيضًا لا يشترط العدد يعني إذا كان مرد التزكية النقل عن الغير، حينئذٍ لا يشترط العدد؛ لأن أصل النقل لا يشترط فيه العدد، فكذا ما تفرع عنه، والله أعلم.

أصل النقل أصل المروي لا يشترط فيه العدد، نقل المروي لا يشترط فيه العدد، فتزكية راويه أيضًا لا يشترط فيها العدد، من المهم أيضًا فيما يتعلّق بالمزكين أنه لا يُقبل الجرح ولا التعديل إلا من عدل متيقظ، فلا يقبل جرح من أفرط فجرح بما لا يقتضي رد الحديث، كما لا تقبل تزكية من أخذ بمجرد الظاهر فأطلق التزكية. الأمر الرابع وهو مما ينبغي أن يتنبه له، أن المزكِّي والمتكلم في الرجال عليه أن يحذر، كل الحذر من التساهل في الجرح والتعديل، لا يتساهل في الجرح، فيجرح بغير جارح، ولا يتساهل في التعديل فيسارع إلى تعديل من ليس بعدل، فإنه عدَّل أحدًا بغير تثبت كان كالمثبت حكمًا ليس بثابت، فيخشى عليه أن يدخل في زمرة من روى حديثًا وهو يُظَن أنه كذب، وقد روى مسلم في مقدمة صحيحه مرفوعًا: «من حدَّث عني بحديث يَرى أو يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبيِن» أو الكاذبيَن على اختلاف ضبط الرواية. وإن جرح بغير بغير تحرز أقدم على الطعن غي مسلم بريء ووسمه بميسم سوء يبقى عليه عاره أبدًا، وليتق الله -سبحانه وتعالى- في أعراض المسلمين، فأعراض المسلمين كما قال ابن دقيق العيد ماذا؟ حفرة من حفر النار.

وقف على شفيرها العلماء والحكام، الأمر الخامس: إذا وجد في الراوي جرح وتعديل، هذه مسألة تعارض الجرح والتعديل فما المقدَّم؟ هل يقدَّم قول الجارح؟ لأن معه زيادة علم خفيت على المعدِّل؟

وبهذا قال أكثر العلماء، ومنهم من قال: يقبل التعديل؛ لأنه الأصل، المقصود أنه إذا تعارض الجرح والتعديل فقد قال ابن الصلاح وغيره: الجرح مقدَّم على التعديل؛ لأن المعدِّل يخبر عما ظهر من حاله والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدِّل. هنا يقول: والحكم أن يختلف أهل الجرح، فإنه مقدَّم إذا صدر مبينًا من عارف وافي النظر. إذا كان عدد المعدليِّن أكثر، جرحه واحد وعدله عشرة من أهل العلم، فقد قيل التعديل أولى، قال ابن الصلاح: والصحيح والذي عليه الجمهور أن الجرح أولى لما ذكرناه؛ لأن الجارح وإن كان واحدًا فقد عرف شيئًا خفي على المعدلين فمعه زيادة علم، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-: وقدَّموا الجرح وقدموا الجرح لكن إن ظهر من عدَّل الأكثر فهو المعتبر. ويقول الحافظ ابن حجر في النخبة أو في شرحها: والجرح مقدَّم على التعديل، وأطلق ذلك جماعةٌ ولكن محله إن صدر مبينًا من عارف بأسبابه؛ لأنه إن كان غير مفسَّر فلم يقدح فيمن ثبتت عدالته. وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم يعتبر به أيضًا، فإن خلا المجروح عن تعديل، مسألة فيما إذا تعارض الجرح والتعديل وُجد جرح ووجد تعديل، لكن الآن ما عندنا إلا جرح، فإن خلا المجروح عن تعديل قُبِل الجرح فيه مجملاً غير مبيَّن السبب إذا صدر من عارفٍ على المختار، ومعروف أن العارف لا بد أيضًا أن يوصف بالاعتدال فلا يكون أيضًا متشددًا متعنتًا ولا يكون أيضًا متساهلاً.

يقول ابن حجر تتمة لكلامه: لأنه إذا لم يكن فيه تعديل فهو في حيز المجهول، وإعمال قول المُجرِّح أولى من إهماله، وإعمال قول المجرِّح أولى من إهماله. يقول أيضًا ابن حجر: ومال ابن الصلاح في مثل هذا إلى التوقف، وعلى كل حال إذا خلا الراوي عن التعديل ولم يوجد فيه إلا قول هذا الجارح فإنه لا شك أن إعمال هذا الجارح أولى من الإهمال؛ لأنه لو لم يوجد هذا الجارح مع أن هذا الراوي خلا عن التعديل، حكم هذا الراوي ماذا؟ مجهول العدالة مجهول الحال إذا روى عنه أكثر من واحد، فإن زاد على على ذلك في الجهالة بأن لم يرو عنه سوى واحد صار مجهول العين أشد وأشد.

فإذا وجدنا قول لأحد من أهل العلم وفيه إطلاق الضعف على هذا الراوي الذي لم نقف فيه على تعديل فهو ضعيف؛ لأن أقل أحواله أن يكون مجهولاً.

طالب:...

مثل ماذا؟

طالب:...

هذا إذا لم يعرف بجرح، هذا إذا صار من المجهولين صار مجهول الحال ما عُرف بجرح ولا تعديل ووجدت هذه القرائن صار ممن تقادم العهد بهم هذا رأي ابن الصلاح إنه يستأنس بروايته ويستروح إليه ويمال إليه ولو قبلت لكان له وجه.

طالب:...

هذا الآن ما فيه جرح، إذا وجد جرح فهو معتبر، معتبر.

طالب:...

ما يعارض بمثل هذه القرائن. لكن من القرائن مثلاً أن يُولى عمل وتحمد فيه سيرته مثلاً، لو قيل في راوي من الرواة ما فيه توثيق هذا الراوي، ولاه عمر بن عبد العزيز القضاء، نعم، لو ولاه عمر بن عبد العزيز القضاء مثلاً أو إمارة، تولية عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- قرينة على أن هذا الرجل ثقة عنده، ولو لم يكن ثقة لما عُرف من تحري عمر بن عبد العزيز، وانتقائه لعُماله وقضاته، مثل هذا لا بد أن يكون الجرح مفسَّرًا في مثله لأن هذه قرينة قوية تقرب من تقرب من التوثيق الصريح.

طالب:...

من ممن عرف بالتحري عمومًا، ممن عُرِف بالتحري مثل لو ولاه عمر عمر بن الخطاب كذلك، بل أولى. ثم قال الناظم رحمه الله تعالى:

"هَذا عَلَى المُختَارِ ثُم ههُنَا

 

مُهِمَّةٌ فَلتَسْمَعَنْهَا مُتْقِنًا

مَعْرِفَةُ الأْسْمَاء وَأسْماءِ الْكُنَى

 

وَمَنْ سُمِّيْ بِهِ الذّي اكْتَنَى".

المقصود هذه مسائل تتعلق بالرواة، الرواة الذين اشتهروا بأسمائهم، من المهم معرفة كناهم، لئلا يرد في سند من الأسانيد مكنى وأنت لا تعرفه إلا بالاسم أو العكس شخص عُرف بالكنية عرف بالاسم ثم ورد ورد في في السند مُكنَّى أو العكس، عُرف باسمه فكُنِّي إلى آخره. المقصود أن هذه مسائل مهمة في هذا الباب، نأتي عليها مع شيء من العجلة.

طالب:...

ومن سُمِّي، ومن سُمِّي به الذي اكتنى.

طالب:...

أعد أعد، معرفة الأسماء.

طالب:...

ومن سُمِّي به الذي اكتنى، ما، فيه خلل هذا. عندك أنت.

طالب:...

ومن سُمِّي. يعني مثل الذي عندي أنا.

طالب:...

إي رجع للأصل المخطوط إي.

طالب:...

كأنه أقرب إلى الوزن، ومن يُسمَّى بالذي به اكتنى، نقدِّم نؤخر به؟

طالب:...

ومن يُسمَّى بالذي به اكتنى. يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في النخبة وشرحها: فصلٌ: ومن المهم في هذا الفن معرفة كنى المسمين ممن اشتهر باسمه، وله كنية لا يُؤمن أن يأتي بها في بعض في بعض الرواية مكنيًا لئلا يُظن أنه آخر. انتهى كلامه. لو جاءك في سند حدثنا أبو الخطاب عن أنس مثلاً، من؟

طالب:...

هذا في، باسمه علَم لكن بكنيته؟

طالب:...

تريد تحوس ما لقيت وهو قتادة نعم، يعني قتادة بن دعامة البصري الثقة الثبت المشهور كنيته أبو الخطاب.

طالب:...

أبو بسطام من؟ شعبة بن الحجاج، نعم. قتيبة بن سعيد كنيته أبو رجاء، وهكذا، من المهم أيضًا معرفة عكس هذا، معرفة أسماء الكُنى أي معرفة اسم من اشتهر بكنيته، وهو عكس الذي قبله؛ لأنه لا يُؤمن أن يرد مسمًا في بعض الطرق مع أن الجادة ذكره في الكنية، والغالب فيمن فيمن كان كذلك الغالب أن من اشتهر بكنيته إنه يضيع اسمه، ويختلف فيه اختلاف كبير، اشتهر أبو هريرة بهذه الكنية، ولذا اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال كثيرة جدًّا زادت على الثلاثين، من ذلك أبو عاصم النبيل اسمه الضحاك بن مخلد، أبو جمرة اسمه ناصر بن عمران الضبعي، من المهم أيضًا معرفة من اسمه كنيته، اسمه هو الكنية ليس له اسم غير هذه الكنية وهم قليل كأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، اسمه وكنيته واحد، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود مشهور بكنيته، قال ابن حجر في التقريب: والأشهر أنه لا اسم له غيرها، ليس له اسم غير هذه الكنية. من المهم أيضًا معرفة من اختلف في كنيته، وهم كثير، عيسى بن موسى القرشي، أبو محمد أبو موسى، غالب بن سليمان العتكي، أبو صالح أو أبو سلمة، من المهم أيضًا معرفة من كثرت كناه كابن جريج، مالك بن عبد العزيز له كنيتان أبو الوليد وأبو خالد، فضالة بن إبراهيم التيمي أبو إبراهيم أو أبو أحمد، أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة أبو الوليد أو أبو محمد. ومن ذلك معرفة من كثرت نعوته وألقابه، ومعرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، كأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق المدني أحد أتباع التابعين، وفائدة معرفة ذلك نفي الغلط عمن نسبه إلى أبيه فقال: أخبرنا ابن إسحاق، فنُسب إلى التصحيف وأن الصواب أخبرنا أبو إسحاق. إذا قال أخبرنا ابن إسحاق، وهو إبراهيم بن إسحاق صحيح، أو أخبرنا ابن أسامة وهو حماد بن أسامة وكنيته أبو أسامة، وعكس ذلك كإسحاق بن أبي إسحاق السبيعي، ومن المهم أيضًا معرفة من وافقت كنيته كنية زوجته كأبي أيوب الأنصاري، وأم أيوب صحابيان مشهوران، وأبو الدرداء وأم الدرداء وغير ذلك، لكن أبو بكر في أم بكر؟ نعم؟ أبو هريرة في أم هريرة؟ لا، نعم، لكن الغالب أن الكنية كنية الزوج توافق كنية الزوجة، لا سيما إذا لم يعرف بالتعدد، وإلا قد تكون الكنية لإحدى الزوجات موافقة وفيما عداها مخالفة، اللهم إلا أبو الدرداء، فأم الدرداء الكبرى وأم الدرداء الصغرى. نعم. إذا عُرف بكنيةٍ الأولى غيرها، فمثلاً الإمام أحمد كنيته أبو عبد الله مع أن الأولى صالح؛ لأنه أكبر، فعلى هذا معرفة مثل هذه الأمور مهمة، وإن كان الكشف عنها في الغالب يسير من خلال كتب الرجال ومن خلال شروح كتب السُّنَّة. وأما ضبطها وإتقانها من غير مراجعة فهذا يصعب جدًّا لأنها كثيرة والأسماء كثيرة والألقاب كثيرة إلا من رُزق حافظة أو تيسر له أن قرأ في الشروح وأدام النظر فيها. ومن المهم أيضًا معرفة من وافق اسمه اسم شيخه اسم أبيه كالربيع بن أنس عن أنس. هكذا يأتي في الروايات فيُظَن أنه يروي عن أبيه كما وقع في الصحيح عن عامر بن سعد عن سعد، وهو أبوه، وليس أنس المذكور شيخ الربيع والده، بل أبوه بكري وشيخه أنصاري وهو أنس بن مالك الصحابي المشهور. ومن المهم أيضًا معرفة من نُسب إلى غير أبيه، كالمقداد بن الأسود نُسب إلى الأسود الزهري لكونه تبناه، وإنما هو المقداد بن عمرو، أو إلى أمه كابن عُليّة وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم أحد الأعلام وعُليّة أمه اشتهر بها، وكان لا يحب أن يقال له ابن عُليّة. ولهذا كان يقول الشافعي -رحمه الله-: أنبأنا إسماعيل الذي يقال له ابن عُليّة، تحرى في اللفظ فلم ينسبه إلى أمه من تلقاء نفسه وإنما نسب ذلك إلى غيره لأنه لا يُعرف إلا بها. عبد الله بن بُحينة، صحابي، راوي حديث سجود السهو بُحينة أمه، اسمه عبد الله بن مالك بن القِشب، بُحينة أمه نعم، بعض الناس يبحث عن بُحينة في الرجال يظنها أبوه.

طالب:...

ابن القِشب.