شرح اختصار علوم الحديث (09)
سم.
مسألة: من أخذ على التحديث أجرةً:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى-: مسألة: ومن أخذ على التحديث أجرةً، هل تقبل روايته أم لا؟ روي عن أحمد وإسحاق وأبي حاتم أنه لا يكتب عنه لما فيه من خرم المروءة، وترخص أبو نعيم الفضل بن دكين، وعلي بن عبد العزيز وآخرون كما تؤخذ الأجرة على تعليم القرآن، وقد ثبت في صحيح البخاري ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله))، وقد أفتى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي فقيه العراق ببغداد لأبي الحسين بن النقور بأخذ الأجرة لشغل المحدثين له عن التكسب لعياله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخذ الأجرة على تعليم العلم الشرعي كالتفسير والحديث والفقه والعقائد وغيرها مختلفٌ فيه بين أهل العلم، فممن منعه الإمام أحمد -رحمه الله- وإسحاق وجمعٌ من أهل العلم، منعوه احتياطاً، وقالوا: ينبغي ألا يروى عمن اشترط الأجرة، وكأنهم قاسوا ذلك على من اشترط الأجرة في إمامة الناس مثلاً، فالإمام أحمد يقول: من يصلي خلف هذا؟ الذي يصلي بهم؟ يقول: لا أصلي بكم رمضان إلا بكذا، بمبلغ كذا، يقول الإمام أحمد: من يصلي خلف هذا؟ لكن في المسألة حديثٌ صحيح صريح، مخرجٌ في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد: ((إن أحق من أخذتم عليه أجراً كتاب الله))، وإذا جازت الأجرة على تعليم القرآن وتعلمه وتعليمه عبادةٌ محضة فأخذ الأجرة على الحديث والفقه والتوحيد وغيره من علوم الشرع من باب أولى.
وعلى كل حال من تورع وتبرع وعلم الناس مجاناً، كما عُلم مجاناً فأجره موفورٌ عند الله -سبحانه وتعالى-، لكن المنع من ذلك يحتاج إلى دليل، بل الدليل على خلافه، نعم من كان همه وقصده الدنيا بحيث لا يفعل أو لا يعمل عملاً شرعياً إلا بأجرة هذا لا شك أنه عنده خلل، أما العلم غير العلم الشرعي من علوم الدنيا فلا بأس بأخذ الأجرة عليه قولاً واحداً، كالطب والهندسة وغيرها؛ لأنها كغيرها من المهن والحرف، كما يشتغل المزارع بأجرة يعلم الزراعة بأجرة، كما يشتغل المهندس بأجرة يعلم الناس الهندسة بأجرة لا بأس.
الوسائل إلى العلوم الشرعية من أهل العلم من يلحقها بالمقاصد، فتعليم اللغة ينبغي أن يكون مجاناً، وإن كان تعليمها أخف، وأخذ الأجرة عليها أخف من العلوم الشرعية المحضة عند من يمنع ذلك، ومن أهل الحديث من يفرض في تعليم العربية لكل بيتٍ من أبيات الألفية أجر معين، كل بيت بدرهم، ولا إشكال في ذلك -إن شاء الله تعالى-، لكن ينبغي أن يكون هذا العلم الذي يبتغى به وجه الله -سبحانه وتعالى- مما يبذل مجاناً؛ ليكون الأجر موفوراً يوم القيامة.
أما من يعلم الناس وقصده الدنيا من غير نظرٍ ولا التفات إلى الآخرة فهذا على خطرٍ عظيم {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [(15) سورة هود] إلى آخره، لكن الشأن فيمن يعلم الناس يبتغي بذلك وجه الله، ويؤخذ أجرةً يستعين بها على أمور دنياه هذا الذي أجازه جمهور العلماء، لا سيما إذا عاقه تعليم الناس عن التكسب لعياله، فأخذ الأجرة خيرٌ من أخذ الزكاة، وتكفف الناس، والحاجة إليهم، نعم.
أعلى العبارات في التعديل والتجريح:
مسألة: قال الخطيب البغدادي: أعلى العبارات في التعديل والتجريح أن يقال: حجة أو ثقة، وأدناها أن يقال كذاب، قلتُ: وبين ذلك أمورٌ كثيرة يعسر ضبطها، وقد تكلم الشيخ أبو عمروٍ على مراتب منها، وثم اصطلاحات لأشخاص ينبغي التوقيف عليها.
يكفي، مراتب وألفاظ الجرح والتعديل نوعٌ مهم من أنواع علوم الحديث، كان ينبغي على الحافظ -رحمه الله- ابن كثير أن يبسط القول فيها؛ لأنها من أهم المهمات لمن يدرس الأسانيد، ولا يكتفي بأعلى المراتب وأدنى المراتب، ألفاظ الجرح والتعديل هي ألفاظ وجمل يستعملها أهل العلم يعبرون بها عما يستحقه الراوي من منزلة جرحاً وتعديلاً، والمراتب هي ترتيب لتلك الألفاظ من حيث القوة والضعف، وجمع جميع الألفاظ التي نطق بها أهل العلم في بيان ما يستحقه الرواة لا شك أنه أمرٌ في غاية الأهمية، وتمناه الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، ومن بعده السخاوي، تمنى كل منهما لو اعتنى بارعٌ بتتبعها من كتب الرجال والتواريخ وغيرها، اعتنى بارع، ما يكفى أدنى واحد، فيتتبعها ويجمعها ويصنفها، يجعل ما يتعلق بالتعديل على حدة، وما يتعلق بالجرح على حدة، ولا شك أنه سوف يواجه ألفاظ قد يصعب عليه تصنيفها، ثم بعد ذلكم يتكلم على هذه الألفاظ في اللغة وفي الاصطلاح، ثم يرتبها حسب القوة والضعف، هناك ألفاظ قد يصعب مراد المتكلمِ بها، يصعب فهم مراده، لكن مع المران ومع إدامة النظر وبمقارنة قوله مع أقوال أهل العلم في الراوي يتبين المراد.
الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- يظن أن قول أبي حاتم في جبارة بن مغلس: "بين يدي عدل" يظنها تعديل، ومضى الحافظ ابن حجر على ذلك مدة إلى أن قارن بين أقوال العلماء مع قول أبي حاتم فوجد أنهم مطبقون على تضعيفه، فكيف يعدله أبو حاتم وقد عرف بالتشدد؟! هذا أوجد عنده وقفة، ثم وقف على قصص من كتب الأدب تدل على أن هذه الجملة من أسوأ ألفاظ الجرح، فوقف على قصة في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني لأبي عيسى بن هارون الرشيد مع طاهر القائد كانوا على مائدة يأكلون، فجاء أبو عيسى فأخذ هندبات إما كوسا وإلا قرعة وإلا..، فرمى بها عين طاهر وهو أعور، رمى بها العين السليمة، فشكاه على أبيه فقال: انظر ماذا صنع بي؟ ضرب عينه السليمة، والأخرى بين يدي عدل، وهو أعور، والأخرى تالفة، يقول: فهمت أن المراد أنها تجريح وليست تعديل، ثم وقف على كلامٍ لابن قتيبة في أدب الكاتب، وهو أن العدل الذي يشار إليه في مثل هذا الكلام العدل بن جزم بن سعد العشيرة، كان على شرطة تبع، وكان موكولاً إليه القتل، فإذا أمر تبع بشخص أن يستلمه العدل هذا ليقتله قال الناس: هذا بين يدي عدل، ومرادهم بذلك أنه مآله إلى الهلاك، فهو تالفٌ حكماً، لهذا لا نستهين من الاستفادة من أي كتاب يمكن أن يستفاد منه، نعم كتب الأدب فيها من الفضول الشيء الكثير، لكن ما المانع أن يطلع عليها بقدرٍ تستجم به النفس، ويفتح به بعض المغاليق من مثل هذه الأشياء؟ على أن لا يسترسل في ذلك؛ لأن الغاية الكتاب والسنة.
المقصود أن هناك من الألفاظ النادرة التي لا يستطيع الطالب المبتدئ أو المتوسط فهم مراد قائلها منها، لكن مع إدامة النظر، ومع المقارنة بين أقوال أهل العلم يتبين له المراد، وبقرائن ترشد إلى ذلك، فما على طالب العلم إلا أن يجمع كتب الرجال، ويجرد هذه الكتب، ويجمع هذه الألفاظ وهذه الجمل ويصنفها، ثم تقسيمها وترتيبها إلى مراتب هذه مرحلة ثانية، تحتاج إلى جهد وإلى عناء.
أول من هذب مراتب الجرح والتعديل وصنفها ورتبها ابن أبي حاتم في تقدمة كتابه العظيم (الجرح والتعديل) وجعلها أربع مراتب للتعديل وأربع للجرح، تبعه على ذلك ابن الصلاح ومن دار في فلكه، ثم جاء الحافظ العراقي والذهبي فجعلاها خمس مراتب في القسمين، ثم جاء الحافظ ابن حجر والسخاوي والسيوطي فجعلوها ستاً ستاً، فأعلى هذه المراتب في التعديل..، ابن حجر يجعل أعلى مراتب التعديل الصحبة، فجعل الصحابة في المرتبة الأولى، وغيره أخرج الصحابة، من باب أنه ينبغي ألا يضم الصحابة إلى غيرهم من الرواة فشأنهم آخر، فجعلوا أعلى المراتب ما جاء بأفعل التفضيل كأوثق الناس، أو فلان لا يسأل عنه، أو إليه المنتهى بالتثبت، وهذه جعلها الحافظ في المرتبة الثانية في التقريب، وإن جعلها في المرتبة الأولى في النخبة، من المراتب العليا في التعديل تكرار لفظ التعديل، إما بلفظه أو بمرادفه، ثقة ثقة، ثقةٌ ثبت، وإذا كرر أكثر من ذلك فقيل: ثقة ثقة ثقة ثلاث، أربع، خمس، وأكثر ما وجد من ذلك تسع مرات في كتب الجرح والتعديل، وكأنهم بعد يرون أنه انقطع نفسه وإلا ما كان يريد أن يقف على هذا الحد، المقصود أن الرواة متفاوتون في منازلهم.
وهذه المراتب وهذه الألفاظ تقريبية في وصف أحوال الرواة، وإلا ليس معنى أن من وصف باللفظ (ثقة) لو وقفنا على كتاب التقريب وجردنا من قال فيه الحافظ: ثقة فوجدناهم ألف مثلاً، وجدنا أن هؤلاء الألف في مرتبة واحدة كلهم ثقات، لا، هؤلاء الثقات متفاوتون.
يلي ذلك ما قيل فيه: ثقةٌ فقط، لكن لو قال -وهذا موجود في كتب الإتباع وهي من كتب اللغة ولم أقف عليه في كلام أهل العلم في الجرح والتعديل- لو قال: ثقةٌ ثقة بالتاء، أو ثقةٌ نقة بالنون هذا من باب الإتباع، ويلحق بتكرار الثقة، ومثله ضعيفٌ نعيف، على ما سيأتي.
إفراد الثقة مرتبةٌ رابعة، الخامسة: من وصف بصدوق، والسادسة: من أضيف إلى لفظ الصدوق فقيل: صدوقٌ يهم، أو وصف بوصفٍ آخر مع صدوق.
طالب:.......
ابن حجر جعلها الصحابة، هنا جعل المرتبة الأولى الصحابة، هذا في التقريب، وله رأيٌ آخر في النخبة وشرحها.
"أولها: الصحابة فأصرح بذلك لشرفهم، الثانية: من أؤكد مدحه إما بأفعل كـ(أوثق الناس) أو بتكرير الصفة لفظاً كـ(ثقة ثقة) أو معنىً كـ(ثقة حافظ) المقصود أن مثل هذه الأشياء يعني لا شك أنها تعطي قوة للراوي، لكن ليس معنى هذا أن هذا أمرٌ متفق عليه بين أهل العلم، بدليل أن من يجعل الصحابة في المرتبة الأولى وأخرجهم عن هذه المراتب جعل الثانية عند ابن حجر أولى، وأضاف إليها "إليه المنتهى في التثبت" وفصل ما فيه تكرار عن ما جاء بأفعل التفضيل، الحافظ ابن حجر جعل التكرار في الثانية مع ما جاء بأفعل التفضيل؛ لأنه جعل الأولى للصحابة، لكن لو أخرج الصحابة كغيرها فجاء بأفعل التفضيل، أو فلان لا يسأل عن مثله أو إليه المنتهى في التثبت في الأولى، وجعل التكرار في الثانية، وجعل إفراد الثقة في المرتبة الثالثة، والرابع من قصر عن درجة الثالثة قليلاً، وإليه الإشارة بصدوق، أو لا بأس به، أو ليس به بأس، والخامسة: من قصر عن درجة الرابعة قليلاً وإليه الإشارة بالصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بأخرةٍ، ويلتحق بذلك من رمي بنوعٍ من البدعة كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء والتجهم مع بيان الداعية من غيره، السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، هذه آخر مراتب التعديل، من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ مقبول حيث يتابع وإلا فلين الحديث.
حقيقة العناية بمراتب التعديل عند الحافظ ينبغي أن تفوق غيره، نعم عند السخاوي ألفاظ أكثر من الحافظ وعند السيوطي في التدريب كذلك، وأكثر من جمع من هذه الألفاظ السخاوي في (فتح المغيث) لكن التقريب كتاب عملي بأيدي الناس كلهم، ولا يمكن التعامل مع محتوى الكتاب إلا بالرجوع إلى مقدمته، والكتاب كتابٌ محرر ومتقن ومضبوط، والحافظ حافظ، وليس بالمعصوم، ولنا عليه استدراكات وملاحظات، فمن ذلكم ما قاله في السادسة، انتبهوا يا الإخوان، السادسة: "من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ (مقبول) حيث يتابع، وإلا فلين الحديث" الآن الكتاب الذي هو التقريب للرواة أو للمرويات؟ وصف للرواة أو للمرويات؟ إيش معنى قوله: "حيث يتابع مقبول وإلا فلين"؟ وصف لروايته، وليست وصفاً للراوي، معنى هذا أنه لو وصف زيد من الناس بلفظ (مقبول)، وورد ذكره في حديثٍ، ورد في سند حديث لم يتابع عليه يستحق مقبول وإلا يرجع للين؟ يرجع للين، فيحتاج إلى متابع ليكون مقبولاً، شخص آخر ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، لكنه ما توبع ويش يستحق؟ يصفه ابن حجر بإيش؟ بلين؛ لأنه ما توبع، لكن لو توبع هذا صار مقبولاً، إذاً هذه الأوصاف للروايات وليست للرواة.
وعلى سبيل المثال الضحاك هنا ثلاثة: الضحاك بن حمرة، والضحاك المعافري، نعم ما أراد الله أن ننبه تحضرون الكتاب، لكن عاد...، الضحاك هاه؟ الضحاك بن حمرة هنا إيش؟ بضم المهملة وبالراء، يقول: "ضعيفٌ من السادسة" ضعيف، هذا الضعيف إذا توبع ويش يصير؟ يصير حديثه حسن، مقبول، الضحاك المعافري هنا...، الضحاك بن فيروز الديلمي الفلسطيني مقبول، هذا إن توبع صار مقبول، إذا لم يتابع صار لين، وهذا الضحاك بن المنذر مقبول أيضاً، الضحاك بن نبراس الأسدي لين الحديث من السابعة، هذا لو توبع صار مقبول، والآن الذين يتعاملون مع التقريب ما ينظرون إلى مثل هذه القواعد، مجرد ما يرد الضحاك الذي وصف بأنه مقبول يحكم على الحديث بأنه مقبول، ومجرد ما يرد هذا الضحاك بن نبراس الذي وصف بأنه لين يحكمون على الحديث بأنه ضعيف يحتاج إلى متابع، أنا أقول: ما الفرق بين الضحاك بن حمرة الضعيف هذا والضحاك بن نبراس اللين والضحاك بن قيس المقبول؟ أو الضحاك بن فيروز المقبول؟ إيش الفرق في الحقيقة؟ في فرق وإلا ما في فرق؟ هذا واحد في مراتب التعديل، وواحد في مراتب التضعيف اتفاقاً ضعيف هذا، وواحد في المراتب التي يحتمل إذا توبع؛ لأن الحافظ جعله في مرتبة التعديل إذا توبع، الضحاك بن حمرة إذا توبع خلاص صار مثل ذاك، إذاً لا فرق، وهذا لا شك أنه ينبغي أن يلاحظ، فلا تؤخذ هذه القاعدة مسلمة، قد يقول قائل: الحافظ ما حكم على شخصٍ بأنه مقبول إلا وقد توبع في جميع مروياته، وما حكم على الآخر بأنه لين إلا وقد سبر جميع مروياته وأنه لم يتابع عليها، هذا الكلام صحيح؟ الإحاطة ما يمكن، ما تمكن الإحاطة، الإحاطة بجميع مرويات الرواة وإن كانوا مقلين مثل هؤلاء لا يمكن، لا ندعي أن الحافظ اطلع على جميع طرق الأحاديث؛ ليحكم على راوٍ بأنه لين لأنه لم يتابع مطلقاً، وقاعدته تومئ إلى ذلك، يقول: "مقبول حيث يتابع وإلا فلين" إذاً هذا حكم على المرويات وليس حكماً على الرواة، فينبغي أن يلاحظ، هذه مراتب التعديل عنده، ثم أتبعها بمراتب الجرح على سبيل التدلي.
السابعة التي هي الأولى من مراتب الجرح: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ (مستور أو مجهول الحال)، السابع: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ (مستور أو مجهول الحال) بحثنا أمس المجهول، وأوردنا سؤال وهو: هل الجهالة عدم علم بحال الراوي أو جرح يضعف به الحديث؟ وذكرنا من قال بهذا وذاك، وصنيع الحافظ هنا يدل على أنه جرح، وصنيع غيره أيضاً في جعلهم المجهول من ألفاظ التجريح، لكن قول أبي حاتم مجهول أي لا أعرفه يدل على أنه عدم علم بحال الراوي، وكذلك قول الحافظ بالنخبة مما أشرنا إليه سابقاً: "ومن المهم معرفة أحوال الرواة تعديلاً أو تجريحاً أو جهالة" فجعل الجهالة قسيم للتجريح والتعديل وليست قسم.
الثامنة: من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد فيه إطلاق الضعف ولو لم يفسر، وإليه الإشارة بلفظ (ضعيف)،
التاسعة: من لم يروِ عنه غير واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ (مجهول) هذا مجهول العين على ما تقدم بالأمس مجهول العين، والأول مجهول الحال، اللي هو في السابعة، وجعل بين مجهول العين ومجهول الحال مرتبة وهي من وصف بلفظ ضعيف، وعلى كل حال مجهول الحال الذي هو المستور والضعيف غير شديد الضعف من المتربة الثامنة والتاسعة مجهول العين كلهم ضعفهم غير شديد، بمعنى أنه ينجبر.
العاشرة: من لم يوثق البتة، وضعف مع ذلك بقادح، وإليه الإشارة بـ(متروك، أو متروك الحديث، أو واهي الحديث، أو ساقط) ضعف بقادح، الآن من قيل فيه: ضعيف هل ضعف بقادح أو بغير قادح؟ نعم؟ بقادح، إذاً ما الفرق بين الثامنة والعاشرة؟ نعم إن كان المراد بالقادح القدح الشديد لا بأس؛ لأنه يستحق الوصف بمتروك، متروك الحديث، واهي الحديث، ساقط، ضعفه شديد مثل هذا لا ينجبر خبره ولا يرتقي.
الحادية عشرة: من اتهم بالكذب، والاتهام بالكذب يوصف به من يُعرف بالكذب في حديثه العادي، ولو لم يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لو كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- لصار من الثانية عشرة: من أطلق عليه الكذب والوضع.
وعلى كل حال الحافظ -رحمه الله- غالب أحكامه دقيقة، وليس هو بمعصوم، وهو إمام من أئمة هذا الشأن ينبغي أن يعتنى بأقواله، لكن عليه ما عليه من الملاحظات، وهي يسيرة بالنسبة إلى حجم الرواة الذين تكلم فيهم.
أيضاً ينبغي أن نعرف أن الحافظ حكم على رواة في التقريب بأحكام، وحكم عليهم في غيره من كتبه بأحكام أخرى كالفتح والتلخيص وغيرهما، وعلى سبيل المثال عبيد الله بن الأخنس، وعندي مجموعة من هؤلاء، وأشرنا به على بعض الأخوة، وسجلوا رسائل في جامعة أم القرى، وانتهى منهم ثلاثة الآن.
طالب:.......
وين؟ من اختلف حكم الحافظ عليه، في نسخة من التقريب فيها أشياء كثيرة، لكن عبيد الله بن الأخنس هنا، عبيد الله بن الأخنس، نعم عبيد الله بن الأخنس النخعي أبو مالك الخزاز صدوق، قال ابن حبان: كان يخطئ، صدوق، قال ابن حبان: كان يخطئ.
يقول الحافظ في الفتح في الجزء العاشر صفحة (199): "وثقه الأئمة، وشذ ابن حبان فقال: يخطئ" فرق كبير بين الحكمين، وحينما نورد مثل هذه الأشياء، وهي يسيرة بالنسبة لحجم الكتاب لا يعني هذا أننا نقلل من قيمة الكتاب، أو من شأن الحافظ كلا، أو نتطاول عليه، أو نفتح باب لمن يتطاول عليه، لا، لكن نريد من الإخوة الذي يعتمدونه اعتماداً كلياً، ويصححون ما ضعفه الأئمة، أو يضعفون ما صححه الأئمة اعتماداً على التقريب أن يحتاطوا لهذا الأمر، وأن المسألة تحتاج إلى إعادة نظر، وأنه ليس لكل أحد أن يتصدى لمثل هذه الأمور.
الحكم في أهل هذه المراتب الأولى والثانية والثالثة هاذولاء ما فيهم إشكال، يعني من وثق سواءٌ كرر لفظ التوثيق أو جيء بأفعل التفضيل، أو وصف بأنه ثقة، هؤلاء لا إشكال ولا خلاف في الاحتجاج بهم، لكن الرابعة، "الرابعة من قصر من درجة الثالثة قليلاً، وإليه الإشارة بصدوق"، مثل هذا يحتج به أو لا يحتج به؟ وهي مسألة مهمة، عند ابن أبي حاتم وابن الصلاح أيضاً والسخاوي لا يحتج بهم ابتداءً، الصدوق ما يحتج به ابتداءً، وإنما يكتب حديثه، ويعتبر به، وينظر ويختبر، لماذا؟ لأن لفظ صدوق لا يشعر بشريطة الضبط، نعم هي مبالغة في الصدق، ومن باب التمثيل لو افترضنا أن شخصاً في يوم عيد يكثر الوارد عليه، وعنده ولد، طرق الباب بعد صلاة العيد، افتح يا ولد، فتح، من؟ فلان، وهذا صحيح طابق الواقع، صدق في خبره، طرق ثاني، وثالث، ورابع، وعاشر، ومائة، ومائتين في يوم العيد، ألا يستحق الوصف بصدوق؟ ما خالف الواقع ولا مرة، كلهم يقول: فلان وصحيح كلامه، لكن سأله أبوه من الغد: من جاءنا بالأمس؟ قال: فلان وفلان وفلان ذكر اثنين ثلاثة، ثم عجز أن يستحضر الباقي، ضابط وإلا ما هو بضابط؟ هذا ليس بضابط، يستحق الوصف..، وصف المبالغة بصدوق؛ لأنه لزم الصدق، ولا مرة واحدة قال: فلان وهو يكذب، لكن الوصف بصدوق لا يشرع بشريطة الضبط عند هؤلاء، ولذا لا يحتج بالصدوق.
الذين يحتجون بالصدوق وهو الذي جرى عليه عمل المتأخرين يحتجون به، حجتهم..، إحنا عرفنا حجة من قال بعدم الاحتجاج به ابتداءً؛ لأن اللفظ لا يشعر بشريطة الضبط، يشعر بملازمة الصدق صحيح، لكن من أين نأتي بالضبط لنحتج بالصدوق؟ قالوا: إن هذا الراوي الذي وصف بصدوق ما استحق المبالغة إلا لملازمته الصدق، ويعني ذلك أنه لا يكذب، والكذب يطلقه أهل العلم بإزاء من يتعمد الكذب والخطأ، ومن يخطئ من غير تعمد؛ لأنه لا واسطة عند أهل السنة بين الصدق والكذب، فالذي لا يخطئ صادق، لكن هل يقال: صادق من يخطئ؟ لا يستحق الوصف بصدوق، فعلى هذا لا يستحق المبالغة إلا إذا كان ملازماً لوصف الصدق، فلا يقع الكذب في خبره لا عمداً ولا خطأ، فما استحق الوصف بصيغة المبالغة إلا أنه ملازم للصدق، وجاء في النصوص إطلاق الكذب على الخطأ، ((صدق الله وكذب بطن أخيك)) المقصود أنهم يطلقونه على الخطأ، وجاء في الصحيح: ((كذب نوف)) وكذب فلان، وكذب فلان، وكلها أخطأ، هذه حجة من يرى الاحتجاج بصدوق، وهي حجة لا شك أنها لها حظٌ من النظر، ولذا اعتمد أهل العلم من المتأخرين الاحتجاج بمن وصف بصدوق.
المسألة تحتاج إلى مزيد من البسط والتفصيل، وهذا الموضوع في غاية الأهمية، لكن ما أدري ويش نأخذ؟ ويش نخلي من علوم الحديث بهذه الطريقة؟
طالب: ما الفرق بين صدوق......
الصدوق له أوهام، صدوقٌ يهم، وصدوقٌ له أوهام، وصدوقٌ يخطئ، وصدوق دون وصف آخر، لا شك أن مرتبة صدوق دون أي وصف آخر أعلى، أعلى مما لو وصف بوصفٍ مضعِف، لكن قد يقول قائل: لولا وجود هذه الأخطاء ووجود هذه الأوهام لما قيل: صدوق أصلاً، لاستحق الوصف بأنه ثقة، ما الذي أنزله عن مرتبة الثقة إلى صدوق إلا وجود مثل هذه الأخطاء وهذه الأوهام، لكن لنعلم أن هذا اصطلاح، اصطلاح طبقوه على الرواة، وميزوا ووازنوا بينهم، والحافظ -رحمه الله- حينما يصف بوصفٍ آخر مع الصدوق إنما ينتقيه من قول بعض الأئمة، وكثيراً ما يعتمد في هذا على ابن حبان.
يقول: "وثم اصطلاحات لأشخاص ينبغي التوقيف عليها"
..... تقرأ يا شيخ، طيب شويه خليه يعدل الشريط......
خلاص؟ اقرأ.
قال: "وثم اصطلاحات لأشخاصٍ ينبغي التوقيف عليها، من ذلك أن البخاري إذا قال في الرجل: سكتوا عنه، أو فيه نظر فإنه يكون في أدنى المنازل وأردأها عنده، ولكنه لطيف العبارة في التجريح فليعلم ذلك، وقال ابن معين: إذا قلتُ: ليس به بأس فهو ثقة، قال ابن أبي حاتم: إذا قيل: صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه، وروى ابن الصلاح عن أحمد بن صالح المصري أنه قال: لا يُترك الرجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه، وقد بسط ابن الصلاح الكلام على ذلك، والواقف على عبارة القوم يفهم مقاصدهم بما عرف من عباراتهم في غالب الأحوال، وبقرائن ترشد إلى ذلك، والله الموفق.
قال ابن الصلاح: وقد فقدت شروط الأهلية في غالب أهل زماننا، ولم يبقَ إلا مراعاة اتصال السلسلة في الإسناد، فينبغي أن لا يكون الشيخ مشهوراً بفسقٍ ونحوه، وأن يكون ذلك مأخوذاً عن ضبط سماعه من مشايخه من أهل الخبرة بهذا الشأن، والله أعلم.
يقول -رحمه الله-: "وثمَ اصطلاحات" هناك اصطلاحات لأشخاص ينبغي التوقيف عليها، إيش الفرق بين ثمَ وثمة؟ ثَمَ وثمةَ في فرق؟ لو قال: ثمةَ اصطلاحات؟
طالب:.......
هي بمنزلة هنا وهناك، نعم، هناك اصطلاحات أو هنا اصطلاحات، فكأنهم يريدون أن ثمةَ للقريب، وثَم للبعيد، "ينبغي التوقيف عليها من ذلك أن البخاري إذا قال في الرجل: سكتوا عنه، أو فيه نظر فإنه يكون في أدنى المنازل وأردأها" الإمام -رحمه الله تعالى- عنده من الورع، وعفة اللسان، ما يحمله على مثل هذا، فقد يكون الراوي عنده شديد الضعيف لا يقبل حديثه الانجبار، ويقول: سكتوا عنه، هو من أهل التحري يحتاط لنفسه، أو يقول: فيه نظر، وهو شديد الضعف، قال: فإنه يكون في أدنى المنازل وأردأها عنده، ولكنه لطيف العبارة في التجريح فليعلم ذلك، لا شك أن العقول تتفاوت، والناس يتفاوتون تفاوتاً كبيراً في التحري والتثبت والاحتياط للنفس، فأين من يقول: فيه نظر؟ أو سكتوا عنه مع من يقول: فلان لا يساوي رجيع الكلب؟ نعم، أين هذا من ذاك؟ أين الثرى من الثريا؟ أو قال: فلان بكذا وهو قول من لا يؤمن بيوم الحساب، يصف بذلك كبار الأئمة مالك وأبا حنيفة وغيرهم، على كل حال هذه تنبئ عن عقليات؛ لأن الإنسان أهم ما عليه نفسه، فينبغي أن يحتاط لنفسه، وتجد من آحاد الطلبة وصغارهم يسأل عن فلان وعلان يخطئ، أما مسألة أخطأ فلان، وضل فلان من أسهل ما يقول، وهم شباب نصبوا أنفسهم حكام بين العباد، فعلينا أن يكون اللسان عفيفاً، والذمة بريئة من تعلق المخلوقين بها، وأعراض المسلمين حفرةٌ من حفر النار، كما يقول ابن دقيق العيد -رحمه الله-، يقول: "وقف على شفيرها العلماء والحكام".
على كل حال هذا الباب يحتاج إلى شيءٍ من البسط، لكن الوصية الجامعة أن على الإنسان أن يحتاط لنفسه أكثر من غيره، وأن لا يرد يوم القيامة مفلساً يجمع من الأعمال أمثال الجبال ثم يوزعها، كم من شخص حطت رحاله في الجنان والناس يتكلمون في عرضه، وما ذلكم إلا لخيرٍ أراده الله له، والله المستعان.
ابن معين يقول: "إذا قلتُ: ليس به بأس فهو ثقة" ينبغي أن يلاحظ، فلا يجعل قول ابن معين: "ليس به بأس" في المرتبة الرابعة مع "صدوق" مثل "لا بأس به" إنما يجعل مع الثقة، قال ابن أبي حاتم: "إذا قيل: صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه"، ابن أبي حاتم ينقل عن أبيه أن الصدوق لا يحتج به، سئل عن فلان فقال: صدوق، أتحتج به؟ قال: لا، وسئل عن شخص فقال: حسن الحديث، أتحتج به؟ قال: لا، ولأبي حاتم من هذا الشيء الكثير، مسألة الاحتجاج عنده يحتاط لها احتياطاً كبيراً، وهو متشدد في هذه الباب بلا شك، لكن هو إمام معتبر، بل جبل، فهو ممن كتب حديثه، وينظر فيه، وعرفنا مسألة الصدوق والاحتجاج به، وعدم الاحتجاج به.
"وروى ابن الصلاح عن أحمد بن صالح المصري أنه قال: "لا يترك الرجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه" لا يترك الرجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه، هذا تساهل وسعة في الخطو، لا يلزم أن يجمع الجميع على تركه، نعم إن كان لا يستحق الوصف بمتروك حتى يجتمع الجميع على تركه، فله وجه، لكن نعلم أن متروك، أو متروك الحديث جرحٌ شديد، فإذا اجتمعوا على ترك راوي فهو متروك بلا شك، لكن قد لا يحتج بحديثه، يترك حديثه، معناه أنه لا يحتج به لكلامِ واحد من أئمة الحديث معتبر، ولو لم يجمعوا على تركه، أو وثقه بعضهم، وضعفه آخرون، والتضعيف في حقه أرجح.
يقول: "وقد بسط ابن الصلاح الكلام في ذلك، والواقف على عبارة القوم يفهم مقاصدهم بما عرف من عباراتهم في غالب الأحوال" لا شك أن إدامة النظر في كتب الجرح والتعديل كتواريخ البخاري، وسؤالات الإمام أحمد، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، والثقات والمجروحين، وتهذيب الكمال وفروعه وغيرها من كتب الرجال تجعل عند الطالب ملكة يميز بها بين الأقوال التي يظن أنها متماثلة، ويفهم بها، أو بواسطة هذه الملكة ما استغلق على غيره، وهناك قرائن ترشد إلى المطلوب.
"قال ابن الصلاح: "وقد فقدت شروط الأهلية في غالب أهل زماننا" يعني من الرواة، فقدت شروط الأهلية والناس في سفال، إذا كانت الأهلية قد فقدت في المائة السادسة والسابعة فكيف بزماننا وما تقدمه من الأزمان مع وجود الشواغل والصوارف؟ لا شك أن الأهلية لا سيما ما يتعلق بالضبط ضعفت كثيراً، اعتماداً من الناس على كتبهم، وعدم تعاهدهم إياها، وتساهلهم في حفظها وصيانتها، ثم بعد ذلكم جاءت المطابع فبعد الناس بعداً شديداً عن مزاولة العلم، يكتفي طالب العلم أن يجمع الكتب، ويسمي نفسه طالب علم، والطباعة مع أنها نعمة من نعم الله إلا أنها صدت كثيراً من المتعلمين، والكلام في هذا له مجالٌ آخر.
يقول: "فقدت شروط الأهلية في غالب أهل زماننا" لماذا؟ أهل العلم لا يطبقون الشروط التي تطبق على الرواة في المائة الأولى والثانية والثالثة، لماذا؟ لأن السنة ثبتت ودونت في الكتب، ولسنا بحاجة إلى تسلسل الإسناد في الأزمان المتأخرة بعد التدوين مثل حاجتنا إلى نظافة الأسانيد قبل التدوين، يعني لو أتيح للإنسان إسناد منه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وبواسطة بعض الضعفاء أو بعض المبتدعة لا يمنع؛ لأنه ليس المعول على هؤلاء بعد تدوين الكتب، ولذا يقول: "ولم يبقَ إلا مراعاة اتصال السلسلة في الإسناد" أما الاعتماد عليهم فلا، هذا شأن آخر "فينبغي أن لا يكون مشهوراً بفسقٍ ونحوه" لأن العلم دين، فانظر عمن تأخذ دينك، لكن كون عندك سند بواسطة بعض الضعفاء، أو بعض المبتدعة، يعني تقول: إن عندي إسناد، والسلسلة باقية، وخصيصة هذه الأمة، لكن ما قيمة هذا الإسناد في التصحيح والتضعيف، ولو كان الإسناد كله أئمة منك إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لا قيمة له بعد التدوين، "فينبغي أن لا يكون مشهوراً بفسقٍٍ ونحوه، وأن يكون ذلك مأخوذاً عن ضبط سماعه من مشايخه" لأنه في القرون بعد التدوين في المائة السادسة والسابعة والثامنة صارت الرواية مقصورة على بعض المسندين، وهم عوام، أو أشباه عوام، عندهم إجازات وعمروا، وتفردوا بالرواية، ووصفوا بعلو الأسانيد، وإن لم يكونوا من أهل العلم، لكن ينبغي "أن لا يكون مشهوراً بفسقٍ ونحوه، وأن يكون ذلك مأخوذاً عن ضبط سماعه من مشايخه من أهل الخبرة بهذا الشأن، والله أعلم" نعم.
طالب:.......
وين؟ لا، هذاك في التخريج، يخرج حديث من لم يجمعوا على تركه، نعم.
شرح: النوع الرابع والعشرون: كيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه:
النوع الرابع والعشرون: كيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه، يصح تحمل الصغار الشهادة والأخبار, وكذلك الكفار إذا أدوا ما حملوه في حال كمالهم، وهو الاحتلام والإسلام، وينبغي المباراة إلى إسماع الولدان الحديث النبوي، والعادة المطردة في أهل هذه الأعصار، وما قبلها بمدد متطاولة أن الصغير يكتب له حضور إلى تمام خمس سنين من عمره, ثم بعد ذلك يسمى سماعاً, واستأنسوا في ذلك بحديث محمود بن الربيع أنه عقل مجة مجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجهه من دلو في دارهم وهو ابن خمس سنين، رواه البخاري، فجعلوه فرقاً بين السماع والحضور, وفي رواية وهو ابن أربع سنين، وضبطه بعض الحفاظ بسن التمييز, وقال بعضهم: أن يفرق بين الدابة والحمار, وقال بعض الناس: لا ينبغي السماع إلا بعد العشرين سنة، وقال بعض: عشر, وقال آخرون: ثلاثون، والمدار في ذلك كله على التمييز, فمتى كان الصبي يعقل كتب له سماع.
قال الشيخ أبو عمرو: وبلغنا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري أنه قال: رأيت صبياً ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن، ونظر في الرأي, غير أنه كان إذا جاع يبكي.
النوع الرابع والعشرون: كيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه، عرفنا أن الرواة يشترط لهم شروط، وذلك في مبحث من تقبل روايته ومن ترد، وأنه لا بد من البلوغ، وعرفنا أن هذا الشرط إنما هو للأداء دون التحمل، أما التحمل فيصح تحمل الصغير، فيتحمل في صغره بمعنى أنه يسمع الحديث ويحفظه، لكن لا يقبل منه أداءً إلا إذا بلغ، وعرفنا السبب في ذلك، كما أن الكافر إذا سمع وحفظ حال كفره خبراً عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأداه بعد إسلامه فإنه يقبل منه اتفاقاً، وأوردنا حديث جبير بن مطعم حينما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور، وذلك قبل أن يسلم، ثم أداها بعد إسلامه فقبلت منه، وخرجت في الصحيحين وغيرهما، وكذلك الكفار إذا أدوا ما حملوه في حال كمالهم، وهو الاحتلام والإسلام.
يقول: "وينبغي المبادرة إلى إسماع الولدان الحديث النبوي، والعادة المطردة في أهل هذه الأعصار، وما قبلها بمدد متطاولة.." إلى آخره، ينبغي المبادرة إلى إسماع الولدان الحديث، وأقول: ينبغي المبادرة إلى تحفيظ الولدان القرآن قبل الحديث على طريقة المغاربة، وما وجد الخلل في حفظ القرآن عند المسلمين إلا بعد أن خلطوا القرآن بغيره، واهتموا بغيره، وقدموه على القرآن، لكن إذا ضبط القرآن، وحفظ وأتقن وضمن يأخذ من العلوم ما شاء، فليقدم بعد ذلك سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما يخدم الوحيين، وما يعين على فهمهما، وهنا يقول: "ينبغي المبادرة إلى إسماع الولدان الحديث النبوي، والعادة المطردة في أهل هذه الأعصار وما قبلها بمدد متطاولة أن الصغير يكتب له حضور إلى تمام خمس سنين" يعني في مجالس السماع يحضر الفئام من الناس، منهم الكبير ومنهم الصغير، منهم الطفل الذي له سنة أو سنتين وثلاث وأربع وخمس وست، وما فوق ذلك، لكن جرت عادتهم أن يكتبوا لمن بلغ خمساً فأكثر سَمِع، ومن لم يبلغ حضر أو أُحضر، قد يقول قائل: هذا الطفل أبو ثلاث سنين إيش يجابه؟ ليش يجاب في مجالس السماع؟ نقول: هذا اعتمده الناس حينما ذهبت قيمة الأسانيد، وانتهت، ودونت الأحاديث في الكتب، وما بقي إلا تسلسل الإسناد، وأبو ثلاث سنين إذا حضر يقال: حضر قراءة الكتاب الفلاني على الشيخ الفلاني، ويثبت اسمه في الطباق، ويروي بهذا الحضور، وإن تيسر له مع ذلك إجازة تجبر هذا الخلل عد نفسه من أكابر الرواة.
"ثم بعد ذلك يسمى سماعاً، واستأنسوا في ذلك بحديث محمود بن الربيع -وهو في الصحيح في البخاري- أنه عقل مجة مجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجه من دلوٍ في دارهم، وهو ابن خمسِ سنين" في كتاب العلم من صحيح البخاري، "فجعلوه فرقاً بين السماع والحضور، وفي رواية: وهو ابن أربع سنين" وهذه الرواية ذكرها القاضي عياض في الإلماع، لكن ابن حجر في الفتح قال: لم أقف على هذا صريحاً في شيء من الروايات بعد التتبع التام.
يقول: "وضبطه بعض الحفاظ بسن التمييز" الجمهور على أن من بلغ خمس سنين من أكمل خمس سنين يصح سماعه، يجعلون الحد الفاصل تمام خمس سنين، والصواب أن مرد ذلك إلى التمييز، فإذا ميز فهم السؤال، ورد الجواب المطابق يصح سماعه، وأما قبل ذلك فلا ولو كان ابن خمس أو ابن خمسين، الذي لا يفهم ما يصح سماعه، وعلى كل حال هذا اصطلاح عندهم، مشوا عليه.
"وقال بعضهم" يعني بعض من يقول باشتراط التمييز: "أن يفرق بين الدابة والحمار" والمسألة عرفية، يعني لو يؤتى بدابة أو حمار لمن عمره عشر سنوات أو اثنا عشر سنة من أهل هذا الوقت يمكن ما يفرق، لكن هات سيارات، هات شبح، وهات لكزز، وهات جراندي، وهات مدري إيش؟ يفرق بدقة، وهو أمهر من الكبار في هذا؛ لأن اهتمامات الناس اتجهت إلى ذلك، أو لاعبين أو فنانين، وتمييز بينهم، وهذا فلان، وهذا النجم، النجم مالك بن أنس، نجم السنن، لكن الأمة يعني هبطت هبوط في غالب مجالاتها، وفي غالب أحوالها، نجم! نجم ويش يصير النجم ذا؟ الله المستعان، ناس يعني لو وزنوا بميزان العقل هم أشبه بالمجانين، والله المستعان، يسمون نجوم، ويفتن بهم النساء، والجهال من الأطفال، وكم من امرأة طلقت بسبب ذلك؟ الزوج يشجع نادي والزوجة تشجع نادٍ آخر، تحصل المشاكل والكوارث، وتتشتت الأسر بهذا، والله المستعان.
"وقال بعض الناس: لا ينبغي السماع إلا بعد عشرين سنة" هذه طريقة أهل الكوفة، لا يسمعون أولادهم الحديث إلا بعد عشرين سنة؛ لأنه الآن في مكتمل القوى العقلية، ينبغي أن يشتغل قبل ذلك بحفظ القرآن، وفهم السنن والأحكام، يعني وحفظ المتون وغير ذلك، وعادة البصريين عشر، بعد عشر سنين، وأهل الشام يقولون: ثلاثون سنة، يا أخي ماذا بقي من العمر إذا انتظر إلى ثلاثين؟ تنبغي المبادرة، إذا تأهل الإنسان للسماع والحفظ ينبغي المبادرة في ذلك.
والمسألة توفيق من الله -سبحانه وتعالى-، وكم من أهل العلم ومن طلبة العلم في العصور المتأخرة من يظن أن الحفظ مستحيل، يقتصرون على المتون الصغيرة، وأما الكبار ليس لهم يدان بحفظها، ثم لما جربت وجد الأمر سهل، بس المسألة تحتاج إلى توفيق من الله -سبحانه وتعالى-، وفتح لهذا الطريق، ومن سنها له أجرها وأجر من عمل بها -إن شاء الله تعالى-، والناس كثر فيهم الحفظ الآن، ووجد في الناشئة من يحفظ الكتب الكبار، ويوجد الآن من يحفظ الستة، واتجه الآن إلى البيهقي والمستدرك، ما كان الناس يحلمون ولا بالمنتقى فضلاً عن الكتب الأصلية المسندة، والسبب أنهم تعودوا على شيء وفهموا، أو أُفهموا ولو بغير تصريح أن الحفظ ذهب وقته وانتهى، وكثرة الشواغل، والإنسان لا يستطيع أن يحفظ، يستطيع أن يحفظ، والماوردي يقرر أنه لا فرق بين حفظ الكبير والصغير، لا فرق بين حفظ أبو عشر سنين وخمسين سنة، ما في فرق، نعم الشواغل والصوارف مؤثرات، لكن الملكة موجودة، نقول: خلاص ماذا بعد هذا العمر من الحفظ؟ إلا احفظ يا أخي، ويكفيك أن يأتيك أجلك وأنت تطلب العلم، تعالج النصوص بالحفظ والمدارسة والفهم، والله المستعان.
يقول: "والمدار في ذلك كله على التمييز، فمتى كان الصبي يعقل كتب له سماع قال الشيخ أبو عمرو: وبلغنا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري أنه قال: رأيتُ صبياً ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن، ونظر في الرأي، غير أنه إذا جاع يبكي" هذه القصة فيها انقطاع، فيها إعضال، فهي ضعيفة.
الحافظ أبو بكر الإسماعيلي له حفيد عمره سبع سنين جيء به يحفظ القرآن، ويعرف الفرائض، وأفتى في مسألة أخطأ فيها بعض القضاة، قد يوجد، لكن هذا نادر، ويوجد الآن من عمره سبع، ثمان، تسع ويحفظ الصحيحين، يوجد هذا، هذا ليس بمستحيل، لكنه نادر، فينبغي أن نعتني بأولادنا بعد أن نقدم أنفسنا، ونعتني بما يليق بنا، وما نستطيعه، أما الإنسان الذي لا يستطيع، ومع الوقت كل شيء بإذن الله يستطاع، مع الوقت والنية الصالحة، يعني شخص ينظر إلى البيهقي هذا لا يمكن قراءته ولا نظر، بعض الناس يقول هذا الكلام، من يبي يقرأ هذا، أولاً: الورقة مثل الصك أكثر من ذراع طولها، وعشرة مجلدات كبار، مثل ما يقولون العوام:............، نعم يقولون هذا، لكن يا أخي ما الذي يمنعك من أن تحفظ كل يوم حديث واحد، يعني عشر سنوات حافظ كثير من متون السنن، عشر سنوات تمضي بسرعة، أحداث الكويت لها إحدى عشر سنة كأنها أمس، فمع الوقت بإمكانه، شخص يقول: لا أستطيع حفظ القرآن، حاولت جاهدت عجزت، نقول: ما هو بصحيح، تجلس تبي تحفظ جزء بيوم، أو ورقة بيوم، انزل خليها آية، آية واحدة وعشرين سنة وأنت حافظ، نعم، من يعجز عن حفظ آية، لكن يأتي الإنسان بحماس شديد ويبي يلتهم العلم كله، ثم يتركه كله، ما يستطيع.
أنواع التحمل:
أنواع التحمل: تحمل الحديث الذي هو تلقيه وأخذه عن الشيوخ ثمانية أنواع، ويسمونها أقسام، والقسم والنوع والصنف والضرب، الضرب والقسم والنوع والصنف ألفاظ متقاربة، بعضهم يجعلها أنواع، وبعضهم يجعلها أقسام، ولا مشاحة في الاصطلاح.
سم.
وأنواع تحمل الحديث ثمانية: الأول السماع، بأن يكون من لفظ المسمِع حفظاً أو من كتاب، قال القاضي عياض: فلا خلاف حينئذٍ أن يقول السامع: حدثنا وأخبرنا وأنبانا وسمعت، وقال لنا، وذكر لنا فلان، وقال الخطيب: أرفع العبارات سمعتُ، ثم حدثنا، وحدثني، قال: وقد كان جماعة من أهل العلم لا يكادون يخبرون عما سمعوه من الشيخ إلا بقولهم: أخبرنا، منهم حماد بن سلمة وابن المبارك وهشيم، ويزيد بن هارون وعبد الرزاق، ويحيى بن يحيى التميمي، وإسحاق بن راهويه، وآخرون كثيرون.
قال ابن الصلاح: وينبغي أن يكون حدثنا وأخبرنا أعلى من سمعت؛ لأنه قد لا يقصده بالإسماع بخلاف ذلك، والله أعلم.
قلتُ: بل الذي ينبغي أن يكون أعلى العبارات على هذا أن يقول: حدثني، فإنه إذا قال: حدثنا أو أخبرنا قد لا يكون قصده الشيخ بذلك أيضاً؛ لاحتمال أن يكون في جمعٍ كثير، والله أعلم.
نعم، أعلى أقسام التحمل السماع من لفظ الشيخ، وهو الأصل في الرواية، الأصل أن الشيخ يقرأ الأحاديث سواءٌ كان من حفظه أو من كتابه كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتكلم ابتداءً بالسنة، والصحابة يتلقون عنه، والتلاميذ يسمعون من شيوخهم، هذا هو الأصل في الرواية، وهو أعلى أنواع التحمل، وتارةً يكون من لفظ المسمع حفظاً أو من كتابٍ، وتارةً يكون إلقاء، وحيناً يكون إملاء، والإملاء أعلى أنواع -أو أقسام- السماع لما يترتب عليه من تحرز الشيخ المملي، وتحرز الطالب الذي يكتب.
"قال القاضي عياض: فلا خلاف حينئذٍ أن يقول السامع: حدثنا، أو أخبرنا، أو أنبأنا، وسمعت، وقال لنا، وذكر لنا" هذا كله مطابق للواقع؛ لأنه إذا قال: حدثنا نعم الشيخ حدثه، إذا قال: أخبرنا الشيخ أخبره إلى آخره.
"وقال الخطيب: أرفع العبارات سمعتُ، ثم حدثنا، وحدثني، قال: وقد كان جماعة من أهل العلم لا يكادون يخبرون عما سمعوا من الشيخ إلا بقولهم: أخبرنا" لا فرق بين أن يقول: سمعت وحدثنا وأخبرنا، يعني من حيث اللغة والأصل، فمن سمعتَ منه فقد حدثك، ومن حدثك فقد أخبرك، وهي ألفاظ مترادفة في الجملة {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة] {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر] المقصود أن هذه ألفاظ متقاربة في الأصل، لكن من حيث الاصطلاح أهل العلم اختلفوا في ذلك، فمنهم من لا يفرق، ويرى أن هذه العبارات تصلح لكل طريقٍ من طرق التحمل، سواءً كان من لفظ الشيخ أو عرض قراءة على الشيخ، وبعضهم يطلقها في الإجازة والمناولة وغيرها من طرق التحمل، فيتسامحوا في ذلك ويتجوزوا، والإمام البخاري ممن لا يفرق بين صيغ الأداء، فلا يمنع أن يروي بصيغة: حدثنا أو أخبرنا ولو كان طريق التحمل السماع أو العرض، بينما مسلم يتحرى الدقة في ذلك، وتجده يعيد الراوي لمجرد اختلاف صيغة الأداء، حدثنا فلان وفلان وفلان قال فلان: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا، أو العكس، فهو يهتم بهذا اهتماماً بالغاً، كما أنه يعتني بصاحب اللفظ فيقول: واللفظ لفلان، والإمام البخاري يتوسع في ذلك، ويتجوز فلا يهتم بمثل ذلك بقدر ما يهتم بالفائدة العظمى من إيراد مثل هذه الأحاديث، وهو الاستنباط.
"قال الخطيب: أرفع العبارات سمعتُ، ثم حدثنا أو حدثني" (سمعتُ) لا شك أنها تنبئ عن أن طريقة التحمل السماع، ولا يحتمل غيره، سمعتُ لا تحتمل أن تكون طريقة التحمل العرض؛ لأنه في حال العرض ما سمع الشيخ يقول شيء، وإن تجوز بعضهم وأطلق السماع في التحمل في حال العرض، لكن سمعتُ ما تحتمل إلا السماع هذا الأصل فيها، ثم حدثنا وحدثني، حدثنا إذا كان معه غيره، وحدثني إذا قصده بالتحديث وحده، فحدثني أقوى من حدثنا، لكن إذا روى بطريق السماع، ثم نسي فيما بعد هل كان معه غيره أو لا؟ أو كان منفرداً في حال التحديث هل يقول: حدثني أو حدثنا؟ بعضهم، يقول: يقول: حدثني، لماذا؟ لأنه متقين، وجوده متيقن، ووجود غيره مشكوك فيه، وبعضهم يقول: لا، يقول: حدثنا؛ لأن حدثني أقوى، فلا يأتي بالصيغة القوية مع احتمال أن طريقة تحمله أدنى من ذلك، والأمر يسير، والخطب سهل.
قال: "وقد كان جماعة من أهل العلم لا يكادون يخبرون عما سمعوه من الشيخ إلا بقولهم: أخبرنا، ومنهم حماد بن سلمة وابن المبارك وهشيم ويزيد بن هارون وعبد الرزاق ويحيى بن يحيى التميمي وإسحاق بن راهويه وآخرون كثيرون" لا يكادون يخبرون عما سمعوه إلا بلفظ الإخبار، ولا يروون بلفظ التحديث, وعلى وجه الخصوص إسحاق بن راهويه، فيميز به عن غيره إذا جاء مهملاً، إذا قال مسلم: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا فلان، إسحاق ابن من؟ إذا قال: أخبرنا فالذي يغلب على الظن أنه إسحاق؛ لأنه لا يروي إلا بصيغة الإخبار، أما غيره وجد منهم بعض التصريح بالتحديث، لكن الغالب عليهم الرواية بالإخبار.
"قال ابن الصلاح: "وينبغي أن يكون حدثنا وأخبرنا أعلى من سمعتُ" لأن سمعتُ قد لا يكون مقصوداً بالسماع، يسمع مع غيره والشيخ لا يقصده بخلاف ذلك، بخلاف حدثنا، حدثنا يعني قصده بالإخبار، وأخبرنا كذلك، لكن هل القصد بالإخبار مقصود في الرواية؟ له أثر في الرواية؟ يعني كون الشيخ يقصدك بالتحديث أو تكون موجود مع مئات تسمع الشيخ وتروي عنه هل له أثر؟ يعني كون الشيخ قصدك بالسماع، قال: تعال عندي لك حديث، اروِ عني هذا الحديث، فيحدثه به، أو تسمع هذا الحديث منه مع جملة من الناس، هناك فرق؟ نعم ما يظهر فرق، نعم الشيخ له بك عناية، لكن ما دام سمعت من لفظه تؤدي عنه.
الإمام النسائي -رحمه الله تعالى-، وهو من أهل الورع التام في هذا الباب، يروي عن شيخه الحارث بن مسكين بدون صيغة، لا يقول: حدثنا ولا أخبرنا، لماذا؟ يروي عن الحارث بن مسكين يقول: الحارث بن مسكين بدون أخبرنا ولا حدثنا، فيما قرئ عليه وأنا أسمع، الحارث بن مسكين منعه من السماع، وطرده من الحلقة، النسائي يسمع، جلس خلف اسطوانة وصار يسمع، والحارث بن مسكين ثقة إمام عنده، فلكونه ثقة روى عنه، ولكونه لم يقصده بالسماع أو بالتسميع ما نسب إليه الرواية، ما قال: حدثنا ولا أخبرنا، بل أورد الإسناد من غير صيغة، فقال: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع.
القسم الثاني، سم.
نعم؟
طالب:.......
سماع الأشرطة والهاتف أو الإذاعة مثلاً، هل يروي عن الشيخ؟ نعم يروي عن الشيخ بهذا إذا كان لا يشك في صوته، إذا كان لا يساوره أدنى شك، لكن الأحوط أن يبين ويميز؛ لئلا يقع في التشبع بما لم يعطَ، قد يكون المتحدث في بلدٍ آخر، فيظن السامع أنه سمع منه في بلده، وأنه رحل لطلب العلم، يبين يقول: سمعته في الإذاعة، سمعته في شريط، يعني كما تصح الرواية في الوجادة، أن يجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه، فيقول: وجدتُ بخط شيخي فلان، كما يقول عبد الله بن أحمد كثيراً: "وجدتُ بخط أبي" عليه أن يبين، يقول: سمعت من الشيخ الفلاني في الإذاعة مثلاً، أو في شرط، أو في الهاتف، أو ما أشبه ذلك، إذا كان لا يشك فيه؛ لأن الاحتمال وإن كان ضعيف، وإن كان الاحتمال ضعيفاً أن يلتبس عليه الصوت، فيظنه فلان وهو في الحقيقة ليس بفلان، فإذا قيل: إنه سمعه من شريط أو في الإذاعة السامع لهذا الخبر يجد في نفسه ريبة، ما هو مثل ما لو قال: سمعته بنفسي، ورأيته بعيني، وسمعته..، والسماع من وراء حجاب له حكم ذلك، نعم؟
طالب:.......
الوجادة إذا كان...، بالنسبة للأشرطة؟ الأشرطة ما دام ما حضر، وقد يكون ما لقيه في بلدٍ بعيد، وقد يكون ما أدركه، ما أدرك عصره فهي أشبه ما تكون بالوجادة، نعم.
قال: الثاني: القراءة على الشيخ حفظاً أو من كتاب، وهو العرض عند الجمهور، والرواية بها سائغة عند العلماء إلا عند شذاذ لا يعتد بخلافهم، ومستند العلماء حديث ضمام بن ثعلبة، وهو في الصحيح، وهي دون السماع من لفظ الشيخ، وعن مالكٍ وأبي حنيفة وابن أبي ذئب أنها أقوى، وقيل: هما سواء، ويعزى ذلك إلى أهل الحجاز والكوفة وإلى مالكٍ أيضاً وأشياخه من أهل المدينة وإلى اختيار البخاري، والصحيح الأول وعليه علماء المشرق، فإذا حدث بها يقول: قرأتُ، أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به، أو أخبرنا، أو حدثنا قراءة عليه، وهذا واضح، فإن أطلق ذلك جاز عند مالكٍ والبخاري ويحيى بن سعيد القطان والزهري وسفيان بن عيينة ومعظم الحجازيين والكوفيين، حتى إن منهم من سوغ سمعتُ أيضاً، ومنع من ذلك أحمد والنسائي وابن المبارك ويحيى بن يحيى التميمي، والثالث: أنه يجوز أخبرنا، ولا يجوز حدثنا، وبه قال الشافعي ومسلم والنسائي أيضاً وجمهور المشارقة، بل نقل ذلك عن أكثر المحدثين، وقد قيل: إن أول من فرق بينهما ابن وهب، قال الشيخ أبو عمرو: وقد سبقه إلى ذلك ابن جريج والأوزاعي، قال: وهو الشائع الغالب على أهل الحديث.
القسم الثاني من أقسام التحمل: القراءة على الشيخ، تعرف عند المشارقة بالعرض، العرض على الشيخ، السماع: الشيخ يتكلم والطالب يستمع، وهنا العكس: الطالب يقرأ والشيخ يستمع، فإذا عرض الطالب الكتاب أو ما حفظه من مرويات الشيخ على الشيخ جازت الرواية عند جماهير العلماء، بل نقل أكثر من واحد الاتفاق على جواز الرواية بالعرض، وشذ من قال بمنعها.
مستند من أجاز الرواية بالعرض حديث ضمام بن ثعلبة، الذي سمع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بواسطة، سمع من النبي بواسطة، ثم جاء يعرض ما سمعه على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو في الصحيح، في صحيح البخاري في كتاب العلم، "وهي دون السماع من لفظ الشيخ" عند الأكثر، والجمهور السماع من لفظ الشيخ هو بالدرجة العليا، وهو أعلى درجات التحمل، يليه العرض، ويروى عن مالك وأبي حنيفة أن العرض على الشيخ أقوى، وقيل: هما سواء، عرفنا أن قول الأكثر السماع من لفظ الشيخ أقوى من العرض، وهو الأصل في الرواية، لكن ما حجةُ من يرى أن العرض أقوى من السماع؟ حجته يقول: الشيخ إذا أخطأ في حال السماع من يرد عليه؟ ما في أحد يرد عليه، إذا كان الشيخ يلقي فأخطأ من يرد عليه؟ يرد عليه الطلاب؟ لا، لكن إذا أخطأ الطالب في القراءة، في العرض على الشيخ فإن الشيخ لن يتردد في الرد عليه، من هذه الحيثية رجح العرض على القراءة، وقال جمعٌ من أهل العلم: هما سواء، سواءٌ قرأت على الشيخ أو قرأ عليك لا فرق.
والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يغضب حينما يقال له: اقرأ علينا الموطأ، يقول: لا، اقرأ أنت، منهم من صحب الإمام مالك سبعة عشر سنة يقول: ما سمعته يقرأ على أحد، الناس يقرؤون عليه، وغضب على شخصٍ قال: أريد أن أسمع منك، فقال: اقرأ أنت، اعرض أنت، تقنع بالعرض في القرآن ولا تقنع بالعرض في الحديث والقرآن أعظم؟! فرأي الإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنهما سواء على أقل تقدير، وإلا له قولٌ آخر بترجيح العرض على السماع.
فإذا روى بطريق العرض وحدث يقول: قرأت، أو قُرئ على فلان، إذا كان تولى القراءة بنفسه يقول: قرأت على فلان، يبين الواقع، أو قرئ على فلان وأنا أسمع، وهل يشترط في العرض أن يقر الشيخ فيقول: إذا قيل له: حدثك فلان عن فلان عن فلان ثم يذكر السند، فيقول: نعم أو لا يشترط؟ منهم من اشترط ذلك، ومنهم من قال: يكفي سكوته.
"أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به، أو أخبرنا أو حدثنا قراءةً عليه" يعني إذا جاء بما يبين الواقع لا بأس أن يؤدي بأي صيغة، ولو قال: سمعتُ فلاناً قراءةً عليه، أو فيما قرئ عليه لا بأس، حدثني فلان أو حدثنا فلان فيما قرئ عليه، أخبرنا فلان قراءةً عليه، أو فيما قرئ عليه، كل هذا بيان للواقع، وهذا لا بأس به، لكن هل يقول: سمعتُ أو حدثنا من غير بيانٍ للواقع؟ الأكثر على منع ذلك، بل يقول: أخبرنا، هذا الذي استقر عليه الاصطلاح، وإن كان الإمام البخاري ومعه جمعٌ من أهل العلم لا يرون التفريق بين حدثنا وأخبرنا، ويجيزون الرواية بأي صيغة ولو كان الطريق العرض على الشيخ، فيجيزون حدثنا وأخبرنا على حدٍ سواء.
يقول: "فإذا أطلق ذلك جاز عند مالك" حدثنا وأخبرنا من دون قراءة عليه أو فيما قرئ عليه، "جاز ذلك عند مالك والبخاري ويحيى بن سعيد القطان والزهري وسفيان بن عيينة، ومعظم الحجازيين والكوفيين، حتى إن منهم من سوغ سمعتُ أيضاً، ومنع من ذلك أحمد والنسائي -نعم الإمام أحمد يفرق بين صيغ الأداء، وهو على الاصطلاح الجاري عند مسلم وغيره- وابن المبارك، ويحيى بن يحيى التميمي" نعرف يحيى بن يحيى التميمي يلتبس كثيراً بيحيى بن يحيى الليثي راوي الموطأ، وهو غيره، هذا ثقة من رجال الصحاح، ويكثر عنه مسلم، وذاك ورد في كتب الرجال للتمييز، لم يروِ عنه أحدٌ من الكتب الستة، من أصحاب الكتب الستة.
طالب:.......
الليثي.
طالب: الليثي لم يروِ.....
ما روى عنه أحدٌ من أصحاب الكتب الستة، أورده ابن حجر للتمييز، ويلتبس بيحيى بن يحيى التميمي.
طالب:.......
اللي يروي عنه مسلم وغيره، نعم.
القول الثالث: يجوز أن يقول: "أخبرنا، ولا يجوز حدثنا" وهذا الذي جرى عليه الاصطلاح عند المتأخرين، "وبه قال الشافعي ومسلم والنسائي أيضاً وجمهور المشارقة، بل نقل ذلك عن أكثر المحدثين، وقيل: إن أول من فرق بينهما ابن وهب" قيل، لكن الحافظ ابن حجر في فتح الباري صرح أن أول من فرق بينهما بمصر ابن وهب، بهذا القيد بمصر، وإلا سبقه ذلك ابن جريج والأوزاعي وغيرهم، نعم.
قال: فرعٌ: إذا قرئ على الشيخ من نسخة وهو يحفظ ذلك فجيدٌ قوي، وإن لم يحفظ والنسخة بيد موثوقٍ به فكذلك على الصحيح المختار الراجح، ومنع من ذلك مانعون، وهو عسر، فإن لم تكن نسخة إلا التي بيد القارئ وهو موثوق به فصحيح أيضاً.
نعم، "إذا قرأ الشيخ من نسخة" أو قرئ على الشيخ من نسخة "وهو يحفظ" ما في هذه النسخة "فجيدٌ قوي" يعني الأصل الحفظ، لكن إذا كان الشيخ لا يحفظ، "والنسخة بيد موثوقٍ به" يعني بجانب الشيخ، "فكذلك على الصحيح المختار...، ومنع من ذلك مانعون" من الأصوليين وغيرهم، "وهو عسر" افترض أن الشيخ كف بصره، فجعل النسخة بيد شخصٍ بجانبه، أو ضعف بصره، ما يستطيع أن ينظر في هذه النسخة، معناه تعطل الرواية عنه، إذا لم يحفظ، لا شك أن في ذلك عسر، "فإن لم تكن نسخة إلا التي بيد القارئ" الشيخ ما عنده شيء، احتاج وباع النسخة، ولا يوجد نسخة إلا التي بيد القارئ، فإن كان القارئ ثقة، والنسخة مقابلة على نسخة الشيخ، فالرواية بهذه القراءة صحيحة أيضاً، نعم.
فرعٌ: ولا يشترط أن يقر الشيخ بما قرئ عليه نطقاً، بل يكفي سكوته وإقراره عليه عند الجمهور، وقال آخرون من الظاهرية وغيرهم: لا بد من استنطاقه بذلك، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، وسليم الرازي، قال ابن الصباغ: إن لم يتلفظ لم تجز الرواية، ويجوز العمل بما سُمع عليه.
يقول الحافظ -رحمه الله-: "فرعٌ: ولا يشترط أن يقر الشيخ بما قرئ عليه نطقاً" لا يلزم أن يقول: نعم إذا قيل له: حدثك فلان عن فلان عن فلان لا يلزم أن يقول: نعم، بل إذا سكت يكفي، "بل يكفي سكوته وإقراره عند الجمهور" من المحدثين والفقهاء وغيرهم، "وقال آخرون من الظاهرية وغيرهم لا بد من استنطاقه بذلك" لا بد أن يقول: نعم، بناءً على أنه لا ينسب لساكت قول، لكن سماعه للخبر، ونسبة الخبر إليه، والمسألة مفترضةٌ في محدث ثقة، هذه مسألة مفترضة في مثل هذا، نعم، المسألة مفترضة في ثقة، فلا يسكت مجاملة، ولا يسكت تكثر ولا تزيد، هذا الحديث من مروياته، وليس من مروياته؛ لأن المسألة مفترضة في شيخٍ ثقة، أما إذا كان غير ثقة فالشيخ من الأصل لا تقبل الرواية عنه من الأصل، إن كان غير ثقة وبعد عصر التدوين سواءٌ قال: نعم أو لم يقل سيان، على ما قدمنا، "وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وابن الصباغ وسليم الرازي" سليم بن أيوب من أئمة الشافعية، "قال ابن الصباغ: إن لم يتلفظ لم تجز الرواية، ويجوز العمل بما سمع عليه" وهل هناك تلازم بين العمل والرواية؟ يعني هل يعمل الشخص بما لم تكن له به رواية؟ نعم لا تلازم بين العمل والرواية، افترض أنك ما تروي الكتب، ووجد حديث في صحيح البخاري روايتك منقطعة، لكن العمل يلزم، وهذه المسألة تقدمت، ونقل فيها إجماعان متضادان، فابن خير الإشبيلي نقل الإجماع على أنه لا يجوز لك أن تعمل، ولا تستدل، ولا تحتج بحديث ليست لك به رواية، وابن برهان نقل الإجماع على خلاف ذلك، ما يجوز ولا تنقل الحديث من أي كتاب كان وأنت ما لك رواية.
قلتُ: ولابن خيرٍ امتناعُ |
|
نقل سوى مرويه إجماعُ |
لكن هذا الإجماع لا يلتفت إليه، بل العمل ما دام الخبر ثابت في الدواوين المعتبرة عند أهل الإسلام، يجب العمل به، وينقل، ويستدل به، ويقرع به الخصم، وغير ذلك.
فرعٌ، نعم.
صيغ أداء الحديث:
فرعٌ: قال ابن وهبٍ والحاكم: يقول فيما قرأ عليه الشيخ وهو وحده: حدثني، فإن كان معه غيره: حدثنا، وفيما قرأه على الشيخ وحده: أخبرني، فإن قرأه غيره: أخبرنا، قال ابن الصلاح: وهذا حسنٌ فائق، فإن شك أتى بالمحقق وهو الوحدة: حدثني أو أخبرني عند ابن الصلاح والبيهقي، وعن يحيى بن سعيد القطان يأتي بالأدنى، وهو حدثنا أو أخبرنا، قال الخطيب البغدادي: وهذا الذي قاله ابن وهبٍ مستحب لا مستحق عند أهل العلم كافة.
هذا الفرع ينقله الحافظ -رحمه الله- يقول: "قال ابن وهبٍ والحاكم: يقول فيما قرئ على الشيخ وهو وحده: حدثني" بالإفراد؛ لأنه يحكي الواقع، "فإن كان معه غيره حدثنا، وفيما قرأه على الشيخ وحده: أخبرني، فإن قرأه غيره: أخبرنا" على أنه يجوز أن يقول: حدثنا وأخبرنا وإن كان منفرداً بذلك؛ لأن العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع، العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع، كما نقله الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، في تفسير سورة {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} [(1) سورة القدر] قال: "والعرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع".
"قال ابن الصلاح: وهذا حسنٌ فائق، فإن شك أتى بالمحقق وهو الوحدة" الأصل أنه منفرد واحد، وهل معه غيره أو لا؟ مشكوك فيه، "وعن يحيى بن سعيد القطان يأتي بالأدنى، وهو حدثنا وأخبرنا"، حدثنا مع الجمع لا شك أنه أقل من حدثني؛ لأنه غير مقصود بالتحديث، إذا كان مع جمع، "قال الخطيب البغدادي: وهذا الذي قاله ابن وهب مستحب لا مستحق" يعني غير لازم، وإنما هو لمزيدٍ في بيان الواقع، "لا مستحقٌ" يعني أنه لا مندوحة عنه، بل يلزم الإتيان به، "عند أهل العلم كافة".
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.