التعليق على تفسير سورة البقرة من تفسير الجلالين (09)

 

بسم الله الرحمن الرحيم،

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

قال المؤلف رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: "{وَإذَا قِيلَ لَهُمْ} أي هؤلاء {لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} بالكفر والتعويق عن الإيمان {قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} وليس ما نحنُ فيه بفساد، قال الله تعالى ردًا عليهم: {أَلَا} للتنبيه {إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} بذلك".

ما زال الحديث عن الصنف الثالث وهم المنافقون، الذين وافقوا الصنف الأول في الظاهر ووافقوا الصنف الثاني بالباطن "{وَإذَا قِيلَ لَهُمْ} أي لهؤلاء" يعني المنافقين "{لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}" يعني "بالكفر" الباطن "والتعويق عن الإيمان" والصد عنه، فلا شك أن مثل هذه الأشياء من الكفر والصد عن الإيمان والتعويق عنه والمعاصي عمومًا فساد في الأرض، لأنها تكون سببًا في محق البركة من الأرض وظهور الفتن والشقاق والنزاع الذي يكون سببًا في هلاك من على الأرض.

"{قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}" يعني لسنا بمفسدين وإنما نحن مصلحون و"إنما" أداة حصر زعموا أنهم هم المصلحون في الحقيقة لأنهم بزعمهم يريدون التوفيق بين المسلمين وبين اليهود {إِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِنِهِمْ} إلخ كما سيأتي إذا انصرفوا إلى رؤسائهم زعموا أنهم يوفقون بين كلام هؤلاء وهؤلاء كما في سورة النساء {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّآ إِحْسَانًا وَتَوفِيقًا} [سورة النساء:62] يزعمون هذا وهذا هو الإصلاح من وجهة نظرهم ولذا قصروا الإصلاح على أنفسهم "{قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} وليس ما نحن فيه بفساد" فرد الله -سبحانه وتعالى- عليهم قولهم: "{أَلَا} هذا للتنبيه {إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُون}" يعني هم المفسدون في الحقيقة وإنَّ حرف توكيد فأكد بإنَّ وضمير الفصل أيضًا جيء به للتوكيد أيضًا هم المفسدون في الحقيقة ولكنهم أو {وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} بأنهم هم المفسدون يزعمون أنهم يسعون في محاولة التوفيق والتسديد بين المسلمين وبين اليهود "{وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} بذلك". لماذا؟ لماذا لا يشعرون بأنهم مفسدون في الحقيقة؟ نعم؟

طالب: ....................

نعم هم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا للمرض الذي في قلوبهم، لا يشعرون بالفساد الذي هم فيه والفساد الحقيقي للمرض الذي في قلوبهم.

طالب: "{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوْا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} أي الجهال أي لا نفعل كفعلهم، قال تعالى ردًا عليهم: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} أي ذلك"

"{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} أي لهؤلاء المنافقين "{آمِنُوْا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} والمراد بالناس هنا الصحابة –رضوان الله عليهم- فهوم من العام الذي أريد به الخصوص، لأنه هناك من العام ما هو باقٍ على عمومه، "{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [سورة الحجرات:13] باقي على عمومه ومن العام ما هو عام مخصوص أريد به العموم عند الكلام أو عند إنزاله ثم دخله الخصوص بنص آخر، ومن العام ما يراد به الخصوص يعني لا يراد به العموم إبتداءً كما هنا: "{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوْا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} المراد بالناس هنا الصحابة لا عموم الناس، وكما في قوله تعالى: "{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [سورة آل عمران:173] هل المراد الذين قال لهم جميع الناس؟ لا هو شخص واحد {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} هل المراد جميع الناس؟ لا المراد فئة من الناس معينة مخصوصة.

"{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوْا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} المراد بهؤلاء الصحابة –رضوان الله عليهم- "{قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} أي الجهال أي لا نفعل" كفعل هؤلاء السفهاء الجهال، رموا الصحابة بالسفه والجهل كعادة أمثالهم والسفه الخفة في الأحلام والإضطراب في القول والفعل يقولون "لا نفعل مثل قول هؤلاء وكفعلهم قال الله -سبحانه وتعالى- ردًا عليهم: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ}" هم الذين خفت أحلامهم واضطربت أقوالهم وأفعالهم "{وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} لا يعلمون ذلك" السفه عندهم، وفي الغالب أن خفيف العقل لا يشعر بالنقص الذي هو فيه، حتى المجنون لا يشعر بأنه مغبون، وهؤلاء الذين خفت أحلامهم لا يشعرون بما لديهم من النقص، "{وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} لماذا؟ لما تقدم من أن في قلوبهم مرض وإذا وجد المرض تراءى للإنسان الشيء على غير حقيقته وعلى غير صورته هنا هم السفهاء في الحقيقة ولكن لا يعلمون أنهم سفهاء لما في قلوبهم من المرض والمرض سواء كان معنوي كما هنا أو كان حسي يغطي بعض الحقائق ولذا تجد المريض يجد طعم العسل في فمه ماذا؟ مرًا لأن المرض والخروج عن حد الإعتدال والصحة سواء كان معنويًا أو حسيًا يقلب الحقائق.

طالب: "{وَإِذَا لَقُوا} أصله لَقُيو حذفت الضمة للاستثقال ثم الياء لالتقائها ساكنة مع ساكن الواو {الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإذَا خَلَوا } منهم ورجعوا {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} رؤاسائهم {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} في الدين {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} بهم بإظهار الإيمان".

"{وَإِذَا لَقُوا} الأصل لقو لقيو يقول حذفت الضمة لاستثقالها" وذا حذفت الضمة ما ذا يحل محلها السكون، "ثم حذفت الياء لالتقائها ساكنة" بعد حذف الضمة معه الواو فصارت لقوا {الَّذِينَ آمَنُوا} أي إذا لقي هؤلاء المنافقون "{الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإذَا خَلَوا } منهم" وانصرفو عنهم ورجعوا {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ}" رؤسائهم "{قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} في الدين" يعني في الباطن وإن قلنا بألسنتنا أننا مؤمنون {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} يقولون نحن نضحك على الرسول وعلى المؤمنين وإنما نحن في الحقيقة معكم في الباطن وإن كنا معهم في الظاهر لحقن دمائنا ولنقل أخبارهم وأسرارهم إليكم، "{إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} بهم بإظهار الإيمان"، هم يظهرون الإيمان للمؤمنين وللرسول من أجل حقن دمائهم، لأن الرسول –عليه الصلاة والسلام- إنما يعاملهم على الظاهر، فمن أسلم فمن صلى فهم مسلم حكمًا، فمن استقبل قبلتنا فله ما لنا وعليه ما علينا، لكنهم هم في الظاهر موافقون للكفار من زعمائهم ورؤسائهم وشياطينهم.

شياطين جمع شيطان والشيطان أصله إما من شاط أي احترق أو شطن أي بعد على كل النون هذه إما أصلية إن كان من شطن أو زائدة من شاط بمعنى احترق وفي كتاب سيبويه في موضعين، مرة ذكر أنها من شطن ومرة من شاط، نعم؟ نعم؟

طالب: أحسن الله إليك.........

نعم حذفت الضمة.

طالب: ....................

إيه لقيَ الواحد والجمع.

طالب: ....................

إيه.

طالب: ضمة فقط من دون واو جماعة؟

إلا.

طالب: لقيُوا..........

فوق الياء ضمة ثم واو جماعة لقيوا.

طالب: ....................

اقرأ كما هي.

طالب: "{اللهُ يَسْتَهْزِءُ بِهِمْ} يجازيهم باستهزائهم {وَيُمِدُّهُمْ} يمهلهم"

ماذا؟

طالب: "{وَيَمُدُّهُم} يمهلهم {فِي طُغْيَانِهِمْ} بتجاوزهم الحد في الكفر {يَعْمَهُونَ} يترددون تحيرًا حال".

نعم {اللهُ يَسْتَهْزِءُ بِهِمْ} هم يقولون {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} لكن في الحقيقة "{اللهُ يَسْتَهْزِءُ بِهِمْ} "يجازيهم باستهزائهم" {اللهُ يَسْتَهْزِءُ بِهِمْ}" بمعنى أنه إما أن نقول هذا من باب المشاكلة والمراد أن عاقبة استهزائهم عليهم فيجازيهم الله -سبحانه وتعالى- باستهزائهم، ونسب الاستهزاء لله -سبحانه وتعالى- من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير وهذا منهج لبعض أهل العلم، ومنهم من يثبت صفة الاستهزاء على ما يليق بجلال الله وعظمته من مثل هذا النص كالمكر والكيد وغيرهما {اللهُ يَسْتَهْزِءُ بِهِمْ} يقول: "يجازيهم باستهزائهم {وَيُمِدُّهُمْ} يمهلهم" يمد من الفعل الـ ماذا؟ الثلاثي مدّ مدّ يمد، ولو كان من الرباعي أمدّ نعم؟ لصار المضارع يُمد وفي الغالب أن الثلاثي هو المدد بالشر، والرباعي الإمداد بالخير {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًا} [سورة مريم:79] {وَأَمْدَادْنَاهُمْ} بـ ماذا؟ نعم، المقصود أن المد من الثلاثي غالبًا ما يكون في الشر ومن الرباعي الإمداد يكون في الخير ولذا قال "{وَيُمِدُّهُمْ} أي يمهلهم" فلا نعاجلهم "{فِي طُغْيَانِهِمْ} بتجاوزهم الحد في الكفر" لأن الطغيان ماذا؟ هو تجاوز الحد، يعني هناك كفر وهناك ما هو فوق الكفر من التجاوز، لا شك أن كفر الكفار ليس على مرتبة واحدة بل الكفر مراتب وهؤلاء نظرًا لتجاوزهم الحد في الكفر صاروا أو صار جزاءهم الدرك الأسفل من النار نسأل الله العافية.

"{يَعْمَهُونَ} يترددون تحيرًا حال" حال من ماذا؟ صاحب الحال؟ في ماذا؟

طالب: ....................

عندنا ضميرين.

طالب: ....................

الضمير في طغيانهم أو في يمدهم؟ أيهم؟

طالب: ....................

طغيانهم؟ إيه أين أصحاب النحو؟ وين أصحاب النحو؟ الآن الضمير في طغيانهم موقعه من الإعراب؟ مضاف إليه

وَلَا تُـجِـزْ حَـــــــــالًا مِـنَ المُضَـافِ لَه   إِلَّا إِذَا اقْــتَـــــضَـــى المُضَــافُ عَمَـــــلَـــه

أَوْ كَـــانَ جُــــزْء مَـــــــالَهُ أُضِـــــيـــفَ     أَوْ مِثْــلَ جُــــزْءِهِ فَـــلَا تُـَـــــحِـــــــيــــفَ

في ثلاث صور يجوز الإتيان بالحال من المضاف إليه، إذا اقتضى المضاف عمله هل الطغيان يقتضي العمل في المضاف إليه؟

طالب: ....................

هاه؟ الطغيان ماذا؟ نوعه في الاشتقاق ماذا؟ طغى نعم؟

طالب: مصدر.

مصدر طغيان مصدر، والمصدر يعمل وإلا ما يعمل؟

طالب: يعمل.

يعمل فعلى هذا يجوز الاتيان بالحال من المضاف إليه في مثل هذه الصورة لأن المضاف يعمل يصح أن يعمل في المضاف إليه.

..........................................   إِلَّا إِذَا اقْـــــتَــــــضَــــــــى المُضَــافُ عَمَــــلَـــه

أَوْ كَـــانَ جُـــــــزْء مَــــــالَهُ أُضِــــيــــــفَ     .............................................

قطعت يد زيدٍ قائمًا اليد جزء من المضاف إليه

..........................................     أَوْ مِثْـــــلَ جُـــــــزْءِهِ فَــــــلَا تُـَـحِــــيــــــفَ

مثل ماذا؟ يعني اتبع ملة إبراهيم حنيفًا إبراهيم مضاف إليه، والملة مثل الجزء من الإنسان هاه؟

طالب: ....................

يجوز مجيء الحال من المضيف إليه لماذا؟ لأن المضاف يعمل يصح أن يعمل في المضاف إليه، {يَعْمَهُونَ} العمه والعمى الفرق بينهما؟ قالوا: العمى في البصر والعمهُ في الرأي، فالعمى في الرؤية والعمه في الرأي.

طالب: "{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} أي استبدلوها به {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} أي ما ربحوا فيها بل خسروا لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} فيما فعلوا

{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} الآن عندنا بدل ومبدل، يعني البيع والشراء إبدال شيء بشيء فهؤلاء أبدلوا المبدل ماذا؟

طالب: ....................

والبدل؟

طالب: ....................

فالباء تدخل على ماذا؟ على المتروك الباء تدخل على المتروك "{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى}" هل كان عندهم شيء من الهدى قبل ذلك؟

طالب: ....................

هل نقول أن هؤلاء استبدلوا الضلالة بالهدى؟ إذا قلنا هذا فمعناه أنه عندهم شيء من الهدى ثم بعد ذلك استبدلوا هذا الهدى بشيء من الضلال أو بالضلال.

طالب: ....................

نعم.

طالب: ....................

كيف؟ نعم.

طالب: ....................

الإشارة بـ أولئك إلى المنافقين لأن الحديث ما زال عنهم، أولئك المنافقون اشتروا الضلالة بالهدى، فتركوا الهدى وأعرضوا عنه واكتفوا بالضلالة ولا يمنع أن يكون عندهم شيء من الهدى الناتج عن اعترافهم وإقرارهم بالشهادة ظاهرًا لأنهم لما اعترفوا الاعتراف لا شك أنه هدى لكنهم أعرضوا عن هذا الاعتراف وما يقتضيه ويتطلبه هذا الاعتراف إلى الضلال، وإن كان الإيمان حقيقة لم يقر في قلبوهم لأن الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب لا يرتد صاحبه غالبًا، ولذا جاء في الحديث: «وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذَرَاع فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَاب فَيَعْمَلُ بَعَمَلِ أَهْلِ النَّار فَيَدْخُلَهَا» نسأل الله العافية هذا الحديث على هذه الرواية مطلق جاء في الحديث الآخر حديث موسى وغيره: «وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو للِنَّاسِ» فـ مثل هذا ما وقر الإيمان في قلبه، مثل هذا الذي يعمل في الظاهر يخونه عمله هذا لأنه لم يوافق الباطن، وعلى كل السلف يحملون الحديث على إطلاقه لأنه أبلغ في التخويف وادعى على الحرص على مجاهدة النفس والإخلاص، "{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} أي استبدلوها به" أي بالهدى والباء عرفنا أنها تدخل على المتروك "{فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} أي ما ربحوا فيها بل خسروا لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم" ما ربحت تجارتهم الآن تجارتهم نوعها ماذا؟ متجارة ومرابحة مع من؟

طالب: ....................

مع الله -سبحانه وتعالى-، المتاجرة والمرابحة هنا مع رب العالمين، وبصنيعهم هذا واعترافهم بألسنتهم عند المؤمنين وإنكارهم إذا خلو إلى شياطينهم وزعمهم أنهم يستهزءون لا شك أن هذا هو عين الخسران، من الخاسر في الحقيقة؟ إن الخاسرين؟ {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَومَ الْقِيَامَة} هذا هو الخسران الحقيقي، كون الإنسان يربح أو يخسر في أمور الدنيا الأمر سهل، يخسر اليوم ويربح غدًا أو العكس، الدنيا منقضية وفانية، لكن الخسران الحقيقي الذي يخسر نفسه وأهله يوم القيامة نسأل الله العافية، كما أن الإفلاس الحقيقي كما جاء في الحديث الصحيح الرسول –عليه الصلاة والسلام- سأل عن المفلس فبم أجاب الصحابة؟ المفلس الذي عليه العرف أجابوا بما تعارفوا عليه: من لا درهم له ولا متاع فأجابهم النبي –عليه الصلاة والسلام- بالمفلس الحقيقي الذي يأتي بأعمال أمثال الجبال من صلاة وزكاة وصوم وغيرها لكن يأتي وقد ظلم هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا إلى آخره فيؤخذ من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته إن انتهوا وإلا أخذ من سيئاتهم فألقي عليه هذا هو المفلس الحقيقي كما أن الذي يخسر الآخرة هو الخاسر الخسارة الحقيقية،  "{وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} فيما فعلوا" كيف نقول أنهم أبدلوا الضلالة بالهدى؟ اشتروا الضلالة وباعوا الهدى؟ والله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} نعم؟

طالب: ....................

نعم؟

طالب: ....................

يعني قبل استبدالهم الضلالة بالهدى كانوا مهتدين وإلا كانوا غير مهتدين؟

طالب: ....................

الله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} هل المراد أنهم ما كانوا مهتدين فيما فعلوه من استبدلالهم الضلالة بالهدى؟ أو أنهم ما كانوا مهتدين أصلاً لكنهم في الظاهر عوملوا معاملة المهتدين ثم نكسوا نسأل الله العافية؟ بكل احتمال قال جمع من المفسرين، والله -سبحانه وتعالى- يقول {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} ولذا المثل الثاني يدل على أنهم عندهم شيء من الهداية وإن كان المثل الأولى يدل على أنه لا هداية لهم على ما سيأتي نعم؟

طالب: ....................

لكن آمنوا بقلوبهم أو بألسنتهم؟

طالب: ....................

كيف؟

طالب: ....................

على كل النص {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} هل ما كانوا مهتدين أصلاً يعني ما دخلت الهداية قلوبهم أصلاً وإنما كانوا يعاملون معاملة المهتدين لما يظهرونه بألسنتهم؟ أو انهم كانوا مهتدين عندهم شيء من الهداية ثم انقلبوا ونكسوا فاستبدلوا الضلالة بالهدى تركوا الهدى واستبدلوه بالضلالة فبفعلهم هذا ما كانوا مهتدين فبفعلهم هذا باستبدالهم هذا واشترائهم الضلالة بالهدى ماكانوا مهتدين ولذلك يقول: "{وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} فيما فعلوا يعني في هذا الاستبدال {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} نعم؟

طالب: ....................

مثلهم نعم؟

طالب: ....................

الهداية ما الذي فيها؟

طالب: ....................

{وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} اللفظ محتمل أنهم ما كانوا مهتدين أصلاً أو أنهم ما كانوا مهتدين في استبدالهم هنا فعلى كلٍ الألفاظ محتملة والخلاف بين المفسرين قائم.

"{مَثَلُهُمْ} صفتهم في نفاقهم {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ} أوقد {نَارًا} في ظلمة {فَلَمَّا أَضَاءَتْ} أنارت {مَا حَوْلَهُ} فأبصر واستدفأ وأمن مما يخافه {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} أطفأه وجمع الضمير مراعاة لمعنى الذي {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرونَ} ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين، فكذلك هؤلاء أمنوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا ماتوا جاءهم الخوف والعذاب"

"{مَثَلُهُمْ} صفتهم في نفاقهم" والأمثال تضرب للتوضيح، لتوضيح المقال كما أن الأمثلة على المسائل العلمية هذه فائدتها كما قالوا بالمثال يتضح المقال، وهنا يضرب الله -سبحانه وتعالى- الأمثال في كتابه كثيرًا والنبي –عليه الصلاة والسلام- استعمل الأمثال من أجل التوضيح، والأمثال في القرآن مما ينبغي لطالب العلم أن يعتني به كثيرًا وقد كان بعضهم إذا قرأ المثل ولم يفهمه بكى لماذا؟ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [سورة العنكبوت:43] فدل على أنه ليس بعالم ولا علم عنده، "{مَثَلُهُمْ} أي مثل هؤلاء المنافقين صفتهم في نفاقهم {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ} السين والتاء لماذا؟

طالب: ....................

للطلب؟ الأصل أن السين والتاء للطلب، لكن هل هي هنا للطلب؟ نعم؟

طالب: ....................

كيف؟

طالب: ....................

هنا يقول "{اسْتَوْقَدَ} أوقد" فعلى رأيه أن السين والتاء زائدة وليست للطلب، يعني ليست معناها الأصلي استشفى طلب الشفاء استسقاء طلب السقيا، لا هل هنا استوقد طلب النار أو هو أوقد النار بنفسه؟ استوقد نعم؟

طالب: هو الذي أوقد.

هو الذي أوقدها بنفسه، إذًا السين والتاء ليست على أصلها وليست على بابها "{نَارًا} في ظلمة" كمثل الذي أوقد نارًا في ظلمة {فَلَمَّ أَضَاءَتْ} نعم؟

طالب: ....................

يعني ليست لمعناها الأصلي، لا نقول أنها زائدة، وإذا قال العلماء أن هذا الحرف زائد فمعناه من حيث المحل الإعرابي أما قد يكون اللفظ زائد لتأكيد المعنى نعم.

"{نَارًا} في ظلمة {فَلَمَّا أَضَاءَتْ} أنارت" هذه النار "{مَا حَوْلَهُ}" يعني ما قربه "فأبصر للنور الذي في هذه النار "واستدفأ" بسبب الحرارة التي تنبعث منه هذه النار "وأمن مما يخافه"، الآن هؤلاء المنافقين شبهوا بمن أوقد نارًا أبصر من خلال هذه النار استدفأ وحصل له الدفء بسبب الحرارة المنبعثة من هذه النار وأمن مما يخافه لأن الأمن يناسب الدفء كما أن الخوف يناسب البرد لأن هناك وجهًا من الشبه بين الخوف والبرد، ما وجه الشبه بينهما؟ ماذا؟ نعم الرعدة التي تحصل من الخوف والرعدة التي تحصل من البرد هنا أمن فذهب عنه ما يخافه بسبب هذه النار التي أوقدها لما حصل له كل ذلك بل في بدايته "{ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} أطفأ.." أطفأ النور الذي أبصورا به "وجمع الضمير بنورهم مراعاة لمعنى الذي" فالذي تأتي ويراد بها الذين لأن أسماء الموصول من صيغ العموم فتشمل الواحد والأكثر من واحد {وخضتم كالذي خاضوا} ما قال خاض فدل على أن الذي تأتي للجمع كما تأتي للواحد "{وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرونَ} ما حولهم" لماذا؟ لأن الله ذهب بنورهم لا يبصرون "ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين، فكذلك هؤلاء أمنوا بإظهار كلمة الإيمان" بالشهادة أمنوا "فإذا ما توا جاءهم الخوف والعذاب" نعم الشهادة تحقن الدم فلا خوف عليهم من هذه الحيثية في الدنيا وقد يبدر من بعضهم ما يوجب قتله إلا أنهم بتكرر الشهادة وبحضورهم مجامع المسلمين يعاملون معاملة المسلمين ولذا جاء في الحديث في بيان سبب إعراض النبي –عليه الصلاة والسلام- عن قتلهم مع ارتكابهم ما يوجب القتل من قوله –عليه الصلاة والسلام- «لألا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه» -عليه الصلاة والسلام- نعم؟

طالب: ....................

الجواب هذه حجة المشركين.

طالب: ....................

لو شاء الله.

طالب: ....................

هذه إرادة الله -سبحانه وتعالى- الكونية وإن كانت إرادته الشرعية طلب الهدى من جميع الناس أراد منهم قدرًا أن لا يهتدوا.

طالب: ....................

ما الذي فيه؟

طالب: ....................

{ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} لماذا؟ لأنهم صاروا سبب في ذلك هم السبب في ذلك، ظاهر وإلا ليس بظاهر؟ نعم؟

طالب: ....................

الأصل السبب الذي في قلوبهم الشك والريب الذي في قلوبهم وهذه التصرفات التي ذكرها الله -سبحانه وتعالى- عنهم نعم؟

طالب: ....................

نعم نعم؟

طالب: "هم {صُمٌّ} عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول {بُكْمٌ} خرس عن الخير فلا يقولونه {عُمْيٌ} عن طريق الهدى فلا يرونه {فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} عن الضلالة"

{صُمٌّ} خبر لمبتدأ محذوف قدره المؤلف بـ هم، والمراد من؟

طالب: ....................

الذين تقد ذكرهم، "{صُمٌّ} عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول" وإن كانوا يسمعون، يسمعون السمع موجود لكن السمع الذي لا تترتب آثاره عليه من الإفادة التي يسمع وجوده مثل عدمه فهم في الحقيقة {صُمٌّ} عن سماع الحق لأنهم لا يقبلونه "{بُكْمٌ} خرس عن الخير فلا يقولونه" لأن الخير إنما يصدر عن معدنه وهؤلاء ليسو من معادنه لأنهم استبولوا واشتروا الضلالة بالهدى فلا يمكن أن  ينطقوا بخير وهذا هو الأصل وإلا فقد جاء عن الشيطان أنه نعم قال عنه الرسول –عليه الصلاة والسلام-: «صدقك وهو كذوب» فهذا هو الأصل فيهم أنهم صم لا يسمعون سماع قبول، ولذا جاء في قوله تعالى: {وَذَكِّر فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:55] لأن مثل هؤلاء في حكم الصم الذين لا يسمعون والسبب في ذلكم أن سماعهم وإن كان موجودًا إلا أنه مثل عدمه وهم ايضًا بكم وإن كانوا ينطقون خرسٌ عن الحق وعن الخير فلا يقولونه، عميٌ عن طريق الهدى فلا يرونه وإن كانوا في الحقيقة لهم أبصار ولهم أسماع ولهم آذان إلى غير ذلك فهم في الحقيقة يبصرون لكن بصر لا ينفع لأن البصر الذي لا يدل على طريق الحق والخير والهدى وجوده مثل عدمه كما تقدم فهم لا يرجعون عن الضلالة يعني لو استعملوا هذه النعم التي ركبها الله -سبحانه وتعالى- فيهم من السمع والنطق والبصر لو استعملوها فيما خلقت له وشكروا الله -سبحانه وتعالى- على هذه النعم لرجعوا عن ضلالتهم إلى الهدى.