شرح الموطأ - كتاب الأشربة (2)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما ينهى أن ينبذ فيه

حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس في بعض مغازيه، قال عبد الله بن عمر: فأقبلت نحوه فانصرف قبل أن أبلغه، فسألت: ماذا قال؟ فقيل لي: نهى أن ينبذ في الدباء والمزفّت.

وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال -رحمه الله تعالى-:

باب: ما ينهى أن ينبذ فيه

يعني ما ينهى أن يبنذ فيه من الأوعية، جاء النهي عن النبيذ في الدباء والمزفت والمقير والحنتم، وغير ذلك من الأواني الصلبة التي لا تدل على تغير ما فيها، بخلاف الأسقية فإنه إذا تغير ما فيها فإنها تنتفخ، أما الأوعية الصلبة لا تتأثر إذا تغير ما في جوفها، فنهي عن الانتباذ فيها، ثم بعد ذلك نسخ النهي، وجاز الانتباذ في كل وعاء، وصار المرد في ذلك إلى الاشتداد إذا اشتد وغلى، وقذف بالزبد، ولو لم يصل إلى حد الإسكار هذا يسمى نبيذ، لكنه ليس فيه الحد الذي في الخمر ومحرم عند الجمهور؛ لأنه يغلب على الظن أنه يسكر، لغلبة الظن أنه يسكر، ويجيزه الحنفية ما لم يصل إلى حد الإسكار.

يقول: حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس في بعض مغازيه، قال عبد الله بن عمر: فأقبلت نحوه" يعني دنوت منه، ووجهت وجهي صوبه، "فانصرف قبل أن أبلغه" انصرف قبل أن يصل إليه "فسألت ماذا قال؟" يسأل ماذا قال؟ لأنه لم يسمع، كان بعيداً عنه، فلما اقبل إليه ووصل إليه انصرف النبي -عليه الصلاة والسلام- وانتهى من خطبته "فسالت ماذا قال؟" والسبب في ذلك البعد؛ لأنه لا يسمع ما قال، وهذا أمر طبيعي أن البعيد لا يسمع الكلام، وإلا لو كان قريباً ويسمع ثم يسأل ماذا قال؟ هذه صفة المنافقين {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [(16) سورة محمد] ومن نعم الله -جل وعلا- أنهم لا يحفظون ما يسمعون؛ لأن الله طبع على قلوبهم، ولهذا بعض المغرضين، وبعض من في قلوبهم مرض، يقولون: كيف نفرق بين المنافق وغيره؟ كلهم هؤلاء الذين يروون الأحاديث كلهم سمعوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، فما الذي يدرينا أن هذا منافق وهذا غير منافق؟ لا سيما في الصحابة المقلين، الذين لا يعرفون، في الأعراب منهم، نعم المنافقون لا يثبت في أذهانهم شيء مما يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويسمعون ويحضرون ثم يقولون: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [(16) سورة محمد] لأن الله طبع على قلوبهم، وعلى هذا فلا..، لا يوجد أدنى شك في النصوص التي تنقل لنا ممن سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صحابي، وأنه على الجادة، وأنه عدل؛ لأن بعض الناس مثلما ذكرنا يقول: ما الفرق بين أن يروي هذا ويروي هذا؟ وفي الصحابة من يجالسهم حضراً وسفراً، ويحضر مجامعهم وهو منافق، فلماذا لا يكون بعض هذه النصوص نقلت عن طريق بعض المنافقين؟ نقول: أبداً، المنافق لا يمكن أن يستقر في قلبه شيء من الحديث، أو مما يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"فأقبلت نحوه، فانصرف قبل أن أبلغه، فسألت ماذا قال؟ فقيل لي: نهى أن ينبذ في الدباء والمزفّت" الدباء القرع كما هو معروف، والمزفت المطلي بالزفت، في بعض الألفاظ المقير، يعني المطلي بالقار، وذكرنا في البداية أنها إنما نهي عنها؛ لأنها أوانٍ صلبة، لا يتغير وضعها إذا تغير ما في جوفها، بخلاف الأسقية من الأدم فإنها تنتفخ إذا تغير ما فيها، وذكرنا سابقاً أيضاً أن النهي عن الانتباذ بهذه الأوعية نسخ، نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

عندهم، عندهم، الزفت والقار موجود.

طالب:........

الله أعلم عاد يمكن عندهم شيء من البترول يمكن أنه يطفح على الأرض، يمكن ما هو بعيد.

طالب:........

ما في فرق الدباء هو القرع، ويقال له أيضاً: اليقطين، إلا أنه أنواع، يعني بعضهم يطلق الدباء على..، القرعة مثلاً يسميها المصري...

طالب:........

لا، اليقطين هذا اللي نسميه النجد، تعرف النجد الطويل هذا، في شيء طويل، وفي شيء عريض، في شيء قشره رخو، وفي شيء قشره صلب، معروفة أنواعه.

طالب: اليقطين هو الدباء اللي يكون مجوف ما يبقى فيه شيء...

هذا إذا جوف صار كذا.

طالب: لكن القرع ما يجوف.

لا، ممكن يجوف، ويش المانع؟

طالب:........

لا، لا إذا أخذ ما في جوفه صار مجوف.

طالب:........

على كل حال إذا فرقتم وإلا الشراح كلهم يقولون: الدباء هو القرع، وقد يقال له: اليقطين في بعض الأقطار.

طالب:........

أعرف أن القرع هذا الذي عندنا ينقسم إلى قسمين: قرع نسميه مصري، وقرع نجدي، المصري جوفه وشحمه أصفر، وذاك شحمه أبيض، معروف هذا، فرق بينها، كله قرع، كله نسميه قرع، في أيضاً قرع يأتي من الشرق، من المشرق، من الفلبين، ومن تلك الجهات، هذا كله قرع، يعني فصيلة واحد، وإن اختلفت الأنواع، نعم؟

طالب:........

إيش لون؟

طالب:........

قلنا: إنها أوعية صلبة ما يدرى هل تغير اللي فيها وإلا ما تغير؟ ما هو بالقرع إذا أخذ ما في جوفه صار مثل الخشب، أو أصلب من الخشب؟ ما يتغير اللي بوسطه وأنت ما تدري، يمكن يسكر وأنت ما تدري، لكن الوعاء من الأدم الأسقية إذا تغيرت في جوفه انتفخت؛ لأنها لينة.

قال: "وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت" على ما تقدم، والسبب في ذلك مثلما قلنا: إنها أواني صلبة، لا يستدل بها على تغير ما في جوفها، نعم؟

طالب:........

إلى التغير قبل الإسكار، التغير هذا يمنع عند الجمهور خلافاً للحنفية، أما الإسكار فهو مجمع عليه، والسبب في النهي عن المتغير قبل مرحلة الإسكار، نعم إذا غلا وقذف بالزبد وتغير هذا لا شك أنه مظنة للإسكار، فالجمهور يمنعونه لأنه مظنة، وضعوا المظنة موضع المئنة، كما يقول أهل العلم، نعم؟

طالب:......

هذا بالنسبة للجائز، هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- ينتبذ له، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ينتبذ له، فإذا كان يوم واحد ما يتغير، لكن إذا جلس يومين ثلاث يتغير بلا شك.

طالب:........

يعني ما غلا ولا قذف؟ لأن هذا يختلف باختلاف الظروف، الشتاء يختلف عن الصيف، الشمس تختلف عن الظل وهكذا، فإذا تغير هذا لا إشكال فيه أنه لا يجوز عند الجمهور خلافاً للحنفية، لكن الثلاثة الأيام، وما زاد على اليوم أكثر من يوم ثاني، يومين أو ثلاثة لا شك أنه مظنة للتغير، فالإنسان لا يجرب، يقول: والله با أذوقه هو يسكر وإلا ما يسكر؟ ما يصلح هذا؛ لأنك بين أمرين، بين محرم وبين الذي أقل أحواله الشبهة، الشبهة القوية، نعم؟

طالب:........

ويش فيه؟

طالب:........

ويش هي السوبيا؟ هذا على طريقة اللي يصنعونها الآن بالحوافظ والأواني المحكمة وإلا على طريقة..؟ نعم؟

طالب:........

يتغير؟

طالب:........

لأكثر من يوم؟

طالب: يتغير يا شيخ.

هذا العنب، أما ما يعتصر من العنب فهذا مجمع عليه بين الحنفية وغيرهم، ويفارقون الجمهور فيما عدا العنب، وإذا كان أمره قريب أقل من يوم هذا ما يتغير إلا إذا وضع عليه مواد ثانية فتغيره، فهو في الغالب ما ما يتغير، ولذلك ينبذ للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن أكثر من ذلك مظنة للتغير فيمنع؛ لأنه مظنة للإسكار، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما يكره أن ينبذ جميعاً

وحدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن ينبذ البسر والرطب جميعاً، والتمر والزبيب جميعاً.

وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يشرب التمر والزبيب جميعاً، والزهو والرطب جميعاً.

قال مالك -رحمه الله-: وهو الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا أنه يكره ذلك لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما يكره أن ينبذ جميعاً

يعني الخليط، يعني يخلط بين مادتين، تمر وعنب، بسر وزبيب، نعم، أو مثل ما قال: التمر والزبيب والزهو والرطب جميعاً، هذه يتفاعل بعضها مع بعض، فيسرع إليها التغير، هذه إذا خلطت من أكثر من نوع تتفاعل بعضها مع بعض، ثم بعد ذلك يسرع إليها التغير.

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن ينبذ البسر والرطب جميعاً" البسر: معروف، قبل أن يصير تمراً، البسر والرطب، الرطب: اللين من التمر، جميعاً.

والتمر الجاف، مع الزبيب، وهو العنب إذا جف، ينبذ البسر والرطب، بمعنى أنه يخلطا جميعاً فينبذان، ينقعان بالماء، فلا شك أن التغير يسرع أكثر إلى النوعين منه إلى النوع الواحد، والتمر والزبيب جميعاً؛ لما يخشى من تفاعل النوعين مع بعض، فيتغير ثم يسكر وهو لا يشعر.

"وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج" بعض الناس لا يهتم بهذا الأمر، إما رقة في دينه، أو شحاً بماله، بعض الناس يتغير عنده المأكولات، وقد تصل إلى حد الإسكار فيأكل منها لرقة في دينه، أو شح بماله ما يلقيها ويرميها خشية أن يضطر لشراء غيرها، ولا شك أن الدين هو رأس المال، إذا اشتبهت بشيء فارمه، لا تعرض دينك للخلل لتوفير مالك، وبعض الناس تجد عنده التمر الذي يصل، قد يصل إلى حد الإسكار تجده منذ أيام جالس، وأحياناً بعض الناس ما يحسن صنع التمر، كنز التمر، يكثر عليه الماء، ثم بعد ذلك يكون ليناً، ليناً زائداً، ثم يعرضه لأمر يجعله يتغير بسرعة، حتى التمر الرطب إذا جاءه شيء من الماء، وطال به الوقت يتغير ولا يستساغ، ما أدري كيف يستسيغون هذه الأنبذة وهذه الأشربة المتغيرة؟ إذا تغير طعم التمر عن حد الاعتدال لا يستساغ، فكيف يعمد الإنسان إلى هذه الأشياء، وينتبذها ويطيل بقاءها حتى تتغير وتزبد؟! يعني من يقدم على شرب شيء مزبد من التغير، والله المستعان، لكن {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [(8) سورة فاطر] نعم الانتباذ ليوم أو ليلة وما أشبة ذلك، وضع التمر في الماء أو الزبيب في الماء ليكون الماء حلواً، والتمر إذا كانت فيه شيء من القساوة يلين، أو الزبيب أو شيء من هذا لا بأس، وقد كان يصنع للنبي -عليه الصلاة والسلام- مثل هذا، لكن الإشكال فيما إذا تغير، أنا ما أدري كيف يستسيغ الإنسان يأكل شيء متغير؟ يعني هو فاسد في الحقيقة، إذا خرج عن حد الاعتدال فسد، يعني إذا كان هذا النوع من الناس اللحم إذا أنتن يأكل وإلا ما يأكل؟ ما يأكله، فكيف يقدم على مثل هذا فيشربه ويأكله؟ مع أن اللحم إذا أنتن جاء فيه، نعم؟ ((كله ما لم ينتن)) وأضيف النبي -عليه الصلاة والسلام- على خبز شعير، وإهالة سنخة، يعني متغيرة، منتنة قليلاً، فالمنهي عنه من المنتن الذي يضر بالصحة، فإذا كان النتن شيئاً يسيراً لا يضر بالصحة فإن هذا لا يمنع منه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أكل من الإهالة السنخة.

طالب:........

ويش هو؟

طالب:........

علشان؟

طالب:........

الدمياطي وإلا...

طالب:........

.... له ذوق عندهم، له طعم عندهم، الناس يتفاوتون، نعم؟

طالب:........

ويش ميزته هذا؟

طالب:........

التعتيق معروف من القدم، أبو نصر الفارابي جاور وطلق الدنيا، وجاور في الحرم، في المسجد الحرام، وهو يقوم الليل، ويصوم النهار، ويفطر على أفئدة الحملان، والخمر المعتق، نسأل الله العافية، نسأل الله السلامة والعافية.

"وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج" من المراد بالثقة؟ نعم؟

طالب:........

لا، ابن الأعجم متقدم، متقدم عن هذا.

طالب:........

على كل حال يختلفون فيه، لكن إذا قال: عن بكير فالغالب على الظن أنه ابن لهيعة "عن الثقة عنده" مالك من أهل التحري في...، والتشديد في نقد الرواة، فهل يكفي التوثيق مع الإبهام أو لا يكفي؟ هو ما سماه، نعم؟ ما يكفي.

ومبهم التعديل ليس يكتفي
ج

 

به الخطيب والفقيه الصيرفي
ج

التعديل على الإبهام لا يكفي، بل لا بد أن يذكر اسمه، لا بد أن يسميه؛ لأنه قد يكون عنده ثقة، لكنه عند غيره ضعيف، فلا يقبل الإبهام ولو صرح بأنه ثقة، ولو قال: إن جميع أشياخه ثقات، ما يكفي؛ لأنهم قد يكونون ثقات عنده، وعند غيره ضعفاء، لكن من يقلد الإمام مالك في الأحكام؟ المالكية الذين يتبعون الإمام مالك، ويقلدونه في الأحكام، إذا قال: حدثني الثقة يقبلون هذا التوثيق وإلا ما يقبلونه؟ يقبلونه؛ لأنهم يقلدون الإمام في الأحكام التي هي الغاية، فكيف لا يقلدونه في التوثيق؟! وأما عند غيرهم فلا، لا بد أن يسمى.

طالب:........

وين؟

طالب:........

لا، لا، موصول، متصل، لكن في إسناده مجهول.

طالب:........

إذا جزمنا بذلك، لكن المسألة غلبة ظن؛ لأنهم يقولون: إذا قال الثقة: عن فلان، الثقة عن فلان، الثقة عن فلان فهو فلان أو فلان أو فلان، يختلف عندهم، هذه موجودة في كتب المصطلح.

طالب:........

لا ما تجزم، ما تجزم.

"عن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يشرب التمر والزبيب جميعاً، والزهو والرطب جميعاً" التمر الجاف والزبيب أيضاً الجاف من العنب، والزهو الذي بان لونه من البسر والرطب اللين منه، والحديثان الأول والثاني مخرجان في الصحيحين، يعني سواءً كان ثقة أو ليس بثقة، فالمعول على ما في الصحيحين.

"قال مالك: وهو الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا، أنه يكره ذلك لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم عنه" يعني مجرد الخلط يعني مجرد الخلط يكره، الآن عندهم اللي يسمونه الكوكتيل، يجمعون فيه أنواع من الفواكه ويخلطونها ويشربونها، هل تدخل في هذا أو لا تدخل؟ لكن الفساد يسرع إليها أكثر، لو تركت تخمرت، نعم؟

طالب:........

جميع، لكنه يشرب فوراً.

طالب:........

إيه ما يترك حتى يتخمر.

طالب:........

لا ما يترك هذا لا بأس.

"قال مالك: وهو الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا أنه يكره ذلك لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم عنه-".

سم.

أحسن الله إليك.

باب: تحريم الخمر

وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: سئل رسول -صلى الله عليه وسلم- عن البتع، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)).

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الغبيراء، فقال: ((لا خير فيها)) ونهى عنها، قال مالك –رحمه الله-: فسألت زيد بن أسلم: ما الغبيراء؟ فقال: هي الأسكركة.

الأسْكَر، الأسْكَر.

أحسن الله إليك.

فقال: هي الأسكركة.

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة)).

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: تحريم الخمر

الخمر سبق تعريفه، وأنه ما خامر العقل وغطاه من أي مادة كان.

"وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: سئل رسول -صلى الله عليه وسلم- عن البتع" البتع هو شراب العسل، سئل عنه، فأجاب بالقاعدة العامة التي تشمله وتشمل غيره، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)) شراب (كل) هذه من صيغ العموم، وشراب له مفهوم أو لا مفهوم له؟ بمعنى أنه لو أسكر الطعام؟ نعم؟

طالب:......

الآن البتع شراب العسل، هذا السؤال، فقال: ((كل شراب)) لأن السؤال عن الشراب، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)) وأهل العلم يقولون: إن السؤال معاد في الجواب حكماً، السؤال معاد في الجواب، فكأنه سئل عن الأشربة، عن نوع من أنواع الأشربة وهو البتع، فأجاب عن الأشربة، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)) وعلى هذا لا يخرج الطعام إذا أسكر؛ لأن السؤال عن الشراب، فهو جواب مطابق من جهة، غير مطابق من جهة، من جهة الجواب بالشراب هنا مطابقة، ومن جهة التعميم في الجواب والسؤال خاص عن نوع من الأشربة جاء عدم المطابقة، ومن أهل العلم يقولون: لا بد من أن يكون الجواب مطابق للسؤال، ومرادهم بذلك أن لا ينقص الجواب عن السؤال، لا ألا يزيد عليه، وقد جاء في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة الجواب بما هو أعم وأشمل من السؤال، فكل شراب أسكر فهو حرام.

قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الغبيراء" سئل عن الغبيراء، الغبيراء كما قالوا: نبيذ الذرة "فقال: ((لا خير فيها)) ونهى عنها" نبيذ الذرة، ونبيذ الشعير يسمى إيش؟ يعني الاسم المتعارف عليه الآن البيرة، يسمونها بيرة، البيرة الشعير.

الغبيراء نبيذ الذرة، فقال: ((لا خير فيها)) ونهى عنها؛ لأنها تتغير، وأيضاً هل لها طعم وإلا لا طعم لها؟ يعني إذا كان نبيذ التمر له طعم، نبيذ العنب، نبيذ الزبيب، نبيذ البسر، نبيذ الزهو، الأنبذة المتخذة من الأطعمة الحلوة، يعني فيها فائدة، وفيها لذة، لكن الغبيراء هذه قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا خير فيها)) يعني لا طعم لها، ويسرع إليها التغير، وقد تسكر وشاربها لا يشعر، ونهى عنها.

"قال مالك: فسألت زيد بن أسلم" الراوي "ما الغبيراء؟" فقال: هي الإيش؟

طالب:........

لا، الأُسْكركة، الأسكركة، ويقال لها: السكركة أيضاً بدون همزة.

"قال أبو عبيد: هي ضرب من الشراب يتخذه الحبش من الذرة يسكر" يسكر، فإذا كان يسكر فهو خمر، سواءً سمي بهذا الاسم أو بغيره، وجاء أن الناس في آخر الزمان يشربون الخمرة، ويسمونها بغير اسمها، الآن يسمونها مشروبات روحية، ويتداولونها في بعض بلاد المسلمين من غير نكير، نسأل الله السلامة والعافية، ولهذا جاء التحذير والوعيد الشديد، ولعن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الخمر عشرة.

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة))" نعم؟

طالب:........

يعني فيها طعم، أقل شيء أن فيها لذة، أقل الأحوال أن فيها لذة كما هي، أن الخمر فيها منافع، نعم فيه منافع دنيوية، لكن شرها وضررها أعظم.

طالب:........

إيش معنى التوبة؟ إذا تركها نادماً على ذلك، عازماً على عدم العود إليها، وأقلع عن ذلك هذه هي التوبة، نعم؟

طالب:........

الأطياب، كل ما يسكر حكمه حكم الخمر، الذي يسكر حكمه حكم الخمر.

يقول: ((من شرب الخمر في الدنيا)) نعم؟

طالب:........

لا، هذه الذرة، الغبيراء الذرة، وأما الشعير فهو شراب الشعير، أو نبيذ الشعير، يسمونه في العرف أو في الاستعمال الحالي البيرة.

طالب:........

وين؟

طالب:........

إذا كان ما فيها أدنى نسبة من المسكر ما فيها إشكال -إن شاء الله-.

طالب:........

وين؟

طالب:........

لا، هذه اللي ما نص عليه، لا سيما وأنه عرف بالعادة المطردة أنه لا يغير ولا يسكر، ما في إشكال -إن شاء الله-.

يقول: ((من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة)) الجزاء من جنس العمل، كما أن من سمع الغناء في الدنيا حرم سماع غناء الحور العين يوم القيامة، فالجزاء من جنس العمل، فعلى الإنسان أن يتوب، من تلبس بمخالفة عليه أن يتوب.

طالب:........

نعم؟

طالب:........

أيهم؟

طالب:........

ما هو في مسلم، في الصحيحين، في الصحيحين.

طالب:........

لا، لا، مالك عن نافع عن ابن عمر، في الصحيحين الحديث ما في إشكال، نعم، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: جامع تحريم الخمر

حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة المصري أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب، فقال ابن عباس: أهدى رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- راوية خمر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما علمت أن الله حرمها؟)) قال: لا، فساره رجل إلى جنبه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بم ساررته؟)) فقال: أمرته أن يبيعها، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما.

وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب شراباً من فضيخ وتمر، قال: فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها، قال: فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت.

وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أنه أخبره عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها، وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: اشربوا هذا العسل، قالوا: لا يصلحنا العسل، فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئاً لا يسكر؟ قال: نعم، فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان، وبقي الثلث، فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر إصبعه، ثم رفع يده فتبعها يتمطط، فقال: هذا الطلاء، هذا مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله، فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئاً أحللته لهم.

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رجالاً من أهل العراق قالوا له: يا أبا عبد الرحمن إنا نبتاع من ثمر النخل والعنب فنعصره خمراً فنبيعها، فقال عبد الله بن عمر: إني أشهد الله عليكم وملائكته ومن سمع من الجن والإنس أني لا آمركم أن تبيعوها ولا تبتاعوها ولا تعصروها، ولا تشربوها ولا تسقوها، فإنها رجس من عمل الشيطان.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع تحريم الخمر

"حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة المصري أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب" عما يعصر من العنب، وعصير العنب إذا أسكر هذا هو المجمع عليه، وإذا تخمر، يعني النبيذ المتخذ من العنب إذا اشتد هذا مجمع عليه، إنما الذي يبيحه الحنفية ما كان من غير العنب، وينازعون في إطلاق الخمر على ما يسكر من غير العنب، نعم يقولون: حرام، ومسكر، لكن ليس بخمر، فحقيقة الخمر ما يتخذ من عصير العنب عند الحنفية، وعند الجمهور كل ما أسكر فهو خمر، من أي مادة كان، وكما جاء في الحديث أن الخمرة حرمت وسميت خمراً، وليس في المدينة عنب، إنما فيها التمر.

"فقال ابن عباس: أهدى رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- راوية خمر" الراوية: هي المزادة الكبيرة، القربة الكبيرة "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لأنه يتروى بها الماء، ينقل بها الماء "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما علمت أن الله حرمها؟)) قال: لا" يعني الرجل ما بلغه تحريم الخمر، ولذلك أهداه للنبي -صلى الله عليه وسلم- "قال: لا، فساره رجل إلى جنبه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بم ساررته؟)) فقال: أمرته أن يبيعها" وهذا لا يدري أن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الذي حرم شربها حرم بيعها))" فالذي لا يجوز استعماله لا يجوز بيعه، فإذا عرف الصائغ أن هذا الرجل الذي يريد شراء خاتم إنما يشتريه للاستعمال يجوز أن يبيعه وإلا ما يجوز؟ لا يجوز؛ لأنه حرام.

طالب: ولو كان غير مسلم؟

ولو كان غير مسلم، ولو قال: إنها لهم في الدنيا؛ لأنهم مخاطبون في الفروع، لكنهم يستحلونها، إذا عرف أن هذا الرجل يريد أن يشتري هذا المحرم للاستعمال لا يجوز أن يتعاون معه بحال، إذا أراد أن يستأجر المحل ليبيع فيه، أو يستعمل فيه ما حرم الله -جل وعلا- لا يجوز أن يؤجر عليه؛ لأن هذا هو التعاون على الإثم والعدوان، نعم؟

طالب:........

المسألة مسألة غلبة ظن، يعني إذا غلب على ظنه أنه يستعمله إذا سأله وقال: لا، يريد أن يفعل به كذا أو يلبسه نساءه أو ما أشبه ذلك لا بأس، أما إذا غلب على ظنه أنه لا يستعمله لا يحتاج سؤال.

"فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما" ولما حرمت الخمر كسرت الدنان، وشقت الأسقية، وسال الخمر في سكك المدينة، ويستدل بهذا من يقول بطهارة الخمر؛ لأن إلقاء النجاسات في طرق الناس محرم، ((اتقوا الملاعن)) فهذا منه، ولو كانت نجسة ما أراقوها في الشوارع، في سكك المدينة، يستدل بهذا من يقول بطهارتها، لكن القول بالتنجيس هو قول عامة أهل العلم، حتى أنه نقل عليه الإجماع، وإن كان الدليل لا ينهض، لكن مع ذلك لا شك أن مثل هذا الإطباق والاتفاق من أهل العلم يورث عند طالب العلم وقفة، ويهاب مثل هذا الكلام، لا نقول مثلما يقول الشوكاني -رحمه الله-: إن دعاوى الإجماع التي يذكرها أهل العلم تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، لا، على طالب العلم أن يهاب الإجماع، يعني ولو تخلف، لو خرق، لو وجد مخالف من نزر يسير، لا بد أن يهاب الإجماع، يعني وعلى الإنسان أن يتهم نفسه، يعني فرق بين دليل وجودي ودليل عدمي، يعني طالب العلم ينبغي أن يكون مع الدليل يدور حيثما دار، فإذا وجد الدليل يتمسك به حتى يجد ما يخالفه ويعارضه مما هو أقوى منه، لكن إذا عدم الدليل ووجد قول لأهل العلم قوي في المسألة وتواطئوا عليه، يتهم نفسه.

طالب:........

إيه في حالة، على حد علمنا، لكن أين الأئمة الأربعة وأتباعهم؟ ما عندهم دليل؟ لا، الإنسان في الدليل العدمي يتهم نفسه، لكن في دليل وجودي، وجدنا عند أبي حنيفة القول بكذا، ووجدنا عند الثلاثة قول يخالف عند أبي حنيفة دليل نقول بالدليل يا أخي؛ لأنه دليل وجودي بين أيدينا، أما الدليل العدمي لا يمنع أن نتهم أنفسنا بعدم الوقوف عليه.

طالب:........

على كلامه عينية نعم، يعني لا يمكن تطهيره إلا بالاستحالة والتغير، إذا تخلل، نعم؟

طالب:........

ويش هو؟

طالب:........

كذلك الدم أيضاً نقل عليه الإجماع.

طالب:........

مثل؟

طالب:........

نعم، ويش فيه؟ هم أقوى ما يستدلون به أن عمر -رضي الله عنه- صلى وجرحه يثعب، هذا مثل من حدثه دائم...، بيقف؟ مثل المستحاضة، يبي يصلي على حسب حاله.

قال: "وحدثني عن مالك" نعم؟

طالب: أحسن الله إليك: ألا يقال قوله...... من إراقة الخمر امتثالاً وليس.....

هو ما في شك أن هذه مبادرة، مبادرة إلى الامتثال، لكن أيضاً الامتثال لا يكون بارتكاب محظور، إلا أنه قد يغلب الإنسان ومن مبادرته وشدة امتثاله أنه يخفى عليه الأمر الأخر، لكن ينبه عليه، على كل حال المسألة معروفة عند أهل العلم، ومن أرادها موجودة في مظانها.

قال: "وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح" يعني هل يلام من شرب قبل التحريم؟ ما يلام، ما يلام من شرب قبل التحريم، وإن كان العقل يأبى هذا، يعني كون الإنسان يخرج مما شرفه الله به، وميزه على سائر المخلوقات وهو العقل إلى ضده، لا شك أنه بالنسبة للعقل ملوم، لكن الناس يتعاطون أشياء توارثوها من غير نظر ولا روية، وقد يكون فيها شيء مما يدعو إليها من لذة وشبهها، الله أعلم، المقصود أن مثل هذا لا يلام عليه ما دام قبل التحريم.

"كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب" خيار الأمة بعد نبيها، وبعد الخلفاء، "وأبي بن كعب شراباً من فضيخ وتمر، فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها" مبادرة في الامتثال، يعني فرق بين امتثال وامتثال، يعني لو غيرهم وبين أيديهم الشراب قالوا: هذا لا بد نتأكد، وهذا مال، ونهى عن إضاعة المال، ونكمل ونسأل بعد -إن شاء الله- ما يكون، لا، لا ما يمكن، الامتثال لا بد أن يؤخذ الكتاب بقوة، يؤخذ بقوة، وإبراهيم -عليه السلام- لما أمر بذبح ابنه تله للجبين، ما في خيرة، والله المستعان.

"يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها، قال: فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت" المهراس هو الذي يهرس به الحب، يدق فيه الحب ويكسر ليكون جريشاً وإلا طحيناً؟ دقيق وإلا جريش؟ جريش نعم؛ لأن الطحين لما يكون بالرحاء، والجريش يكون بالمهراس.

قال: "وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أنه أخبره عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها" وباء الأرض، الوباء: هو المرض الذي ينتشر في الجو، ويتأثر به الناس، وثقلها، الوباء يورث الثقل بلا شك، ثقل البدن "وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: اشربوا هذا العسل" الذي فيه شفاء للناس "اشربوا هذا العسل، قالوا: لا يصلحنا العسل، فقال رجل من أهل الأرض" يعني من أهل الشام "هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئاً لا يسكر؟" الشراب المشار إليه هو الذي يأتي ذكره "لا يسكر، قال: نعم، فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث" معلوم أن الطبيخ إذا وضع على النار نعم يتبخر ماؤه، ثم يغلظ "حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث، فأتوا به عمر، فأدخل فيه عمر إصبعه، ثم رفع يده فتبعها يتمطط" يتمطط يعني يتمدد، تبعه وصار متصلاً من إصبعه إلى الإناء "يتمطط، فقال: هذا الطلاء، هذا مثل طلاء الإبل" يعني الذي تطلى به الإبل من القطران إذا أصابها الجرب "هذا مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله" ما دام أمرهم أن يشربوه مفاده أنها حلال، ولو كانت حراماً ما أمرهم أن يشربوها، "فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئاً أحللته لهم" يعني كلام عبادة أوجد في نفس عمر -رضي الله عنه- توقف، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم لا سيما طالب العلم إذا أفتى بشيء، ثم قيل له أو أورد عليه ما يجعله يتوقف يتوقف، وإن أورد عليه ما يقتضي الرجوع يرجع.

"فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئاً أحللته لهم" يعني شأنكم به، افعلوا به ما شئتم، اصنعوا ما كنتم تصنعون، ما دام لا يسكر، لكنه لم يصرح بإباحته لهم.

طالب:........

قال: أحللتها والله، فأمرهم عمر أن يشربوها، مقتضى أمره أن يشربوها أنها حلال، فقال له عبادة ابن الصامت: أحللتها والله.

طالب:........

فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئاً أحللته لهم.

مثلما قيل للنبي -عليه الصلاة والسلام- لما نهى عن الثوم والبصل، فقال: رجل: أحرام هي يا رسول الله؟ قال: أنا لا أحرم ما أحل الله، لكن قد يقتضي أو لأمر من الأمور يمنع الإنسان من شرب شيء، أو من أكله وإن كان حلالاً في الأصل، والعكس تبعاً للمصالح والمفاسد المترتبة عليه، فقد يمنع بعض الناس من شرب اللبن؛ لأنه يضر بمعدته موجود عند بعض الناس، بعض الناس يمنع من التمر، وهو حلال ما أحد يستطيع يقول: إن التمر حرام، يمنع من الرز، يمنع من الخبز، يمنع من شيء يضره، هو بعينه هو، ويبقى هو حلال، ومثل هذا إذا ما دام لا يسكر، فالأصل أنه حلال.

طالب:........

إيه.

طالب:........

ما رد عليه عمر، ما رد عليهم؛ لأنهم جربوه وما استفادوا منه؛ لأن العسل، العسل فيه شفاء بلا شك، فيه شفاء، وفيه شفاء من وجع البطن على وجه الخصوص الذي ورد فيه النص، لكن هل يلزم أن يكون فيه شفاء من كل شيء؟ ما يلزم.

طالب:........

هو الطلاء.

طالب:........

لا، لا هو الطلاء، إلا هذا الشراب يعنون الطلاء.

طالب:........

ألا نجعل لك من هذا الشراب شيئاً لا يسكر؟ قال: نعم، ما هو الشراب الذي لا يسكر؟

طالب:........

بعد الطبخ، فهذا هو الذي عليه الإشارة، نعم؟

طالب:........

نعم، يعني مركز؟ جاف وإلا؟

طالب:........

إيه علشان، من أجل أن يقل حجمه.

طالب:........

إيه من أجل أن يقل حجمه، يعني لو عند الاستعمال يضاف إليه أضعافه من الماء، لو أضيف في بلده بدل البرميل يصير عشرة براميل.

طالب:........

إيه هذا الكلام، المقصود أنه ليقل حجمه، ولا يتأثر بنقص الماء وزيادته، هو ما يتأثر، مثل الطلاء، هذا لما ذهب ثلثا الماء ما تأثر.

طالب:........

وين؟

طالب:........

لا، هم قالوا: إنه ما يسكر، شيئاً لا يسكر، خبرهم، خبر ثقات، فيهم عبادة بن الصامت خيار الناس.

طالب:........

لا، قبل خبرهم، إيه بس يبي يختبر هل هو غليظ وإلا خفيف وإلا شيء؟ من باب الاختبار.

طالب:........

لا، لا، المهم ثم ليقرنه بطلاء الإبل.

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رجالاً من أهل العراق قالوا له: يا أبا عبد الرحمن إنا نبتاع من ثمر النخل والعنب فنعصره خمراً فنبيعها" فيه شخص كبير السن في سوق التمر أثنى على شخص ثناءً زائداً في مجلس، وقال: إن ذاك الشخص وهو ما عليه آثار الصلاح سمح في بيعه وشرائه، يأتي إلي ويشتري ما يتبقى عندي من التمر بما أطلبه من دراهم، هو يبقى عنده التمر الذي ما عاد يجي له إلا...

طالب:........

لا، ما هو بحشف، ليته حشف، اللي ما بقي عليه إلا ربع درجة ويصير خمراً، فقيل له: يا ابن الحلال ذاك يستعمله خمر، كبير سن ما يدري عن شيء هذا، وهو بالفعل لما تتبع وجد هكذا.

يقول: "يا أبا عبد الرحمن إنا نبتاع من ثمر النخل والعنب فنعصره خمراً فنبيعها، فقال عبد الله بن عمر: إني أشهد الله عليكم وملائكته ومن سمع من الجن والإنس أني لا آمركم أن تبيعوها ولا تبتاعوها، ولا تعصروها ولا تشربوها ولا تسقوها، فإنها رجس من عمل الشيطان" هل يكفي أن يقول: لا آمركم؟ بل لا بد أن ينهاهم، نعم؟

طالب:........

ويش هو؟

طالب:........

لا بد منه، لا يكفي عدم الأمر، يعني هذا الأسلوب ضعيف بالنسبة لهذا الأمر، لكن قوله: "فإنها رجس من عمل الشيطان" يبين المراد، وأنها محرمة، وأن بيعها وشراءها وعصرها وشربها كله محرم، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"