اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون (01)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا يخفى على من حضر فضل العلم الشرعي، وما أعده الله -جل وعلا- من ثوابٍ عظيم لحملته، بل لمن سعى في طلبه ولو لم يدركه، فجاء في الحديث: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) مجرد أن يسلك الإنسان الطريق يثبت له إن كان مخلصاً لله -عز وجل- هذا الموعود الصادق، فإذا كان العلم يؤثر في الحيوانات، بل في أخسها، فماذا عن مسلم مؤمن يبتغي بهذا العلم وجه الله والدار الآخرة؟! الأمر في غاية الأهمية، ومقابله في غاية الخطورة؛ لأن العلم الشرعي ويراد به ما يعتمد على الوحيين من أمور الآخرة المحضة التي لا تقبل التشريك، فمن تعلم ليقال: عالم هذا مصيره أن يكون أحد الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، ولو قيل: إنه عالم، ولو تبوأ منزلة بين الناس، ولو تبوأ المنازل والمناصب بين الناس؛ ليستوفي حقه في الدنيا، ويدخر له العذاب يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، والعلم الذي جاءت النصوص بمدحه ومدح حامليه هو العلم الشرعي، والعلم الشرعي المعتمد على الوحيين، أما ما سواه من العلوم فهو كغيره مما يعانيه الناس من أمور دنياهم، إن احتسب به نفع المسلمين أُجر عليه كما يؤجر الصانع والمزارع وغيرهما، وإن خلى عن النية فلا له ولا عليه، وهذا بخلاف هذا العلم الذي هو في الحقيقة عبادة، بل من أجل العبادات، ولذا يقرر أهل العلم في أبواب صلاة التطوع يرتبون ما يتطوع به العبد بعد الفرائض، ويجعلون العلم وطلب العلم ومدارسة العلم في رأس القائمة، والمراد به علم الوحيين الكتاب والسنة.
وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يتلقون العلم من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة ودون وسائط، فلا يحتاجون إلى وسائل تعينهم على فهم الكتاب والسنة، فلما وجدت الوسائط بين من ينشد العلم ويطلبه وبين مبلغه عن ربه -عليه الصلاة والسلام- احتيج إلى مثل هذه الوسائل.
في القرن الأول والثاني العهد قريب، والقرائح باقية، والفطر على ما كانت عليه، ثم لما وجدت الحاجة إلى أن يؤلف في علوم الوسائل إلى المقصد الأصلي وهو علم الوحيين هذه الحاجة أوجدت هذه العلوم، فألف الناس في العقائد وبيان العقيدة الصحيحة المتلقاة من كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وما يبين ذلك من أقوال الصحابة والتابعين لما وجد المخالف في هذا الباب فبينت هذه العقائد ودونت فيها الكتب حمايةً للمسلمين، ورداً على المخالفين.
بَعُد العهد، واختلط العرب بغيرهم، فاحتاجوا إلى ما يعينهم على فهم كلام الله -عز وجل-، فألفت التفاسير، كثرت الوسائط بين الناس وبين النبي -عليه الصلاة والسلام-، فاحتيج إلى أن تبحث أحوال هذه الوسائط جرحاً وتعديلاً، واحتيج أن ينصف في قواعد من قبل أهل العلم تضبط ما يقال في هؤلاء الرواة من جرح وتعديل، فالحاجة أوجدت هذه العلوم، والعلماء أدوا ما عليهم في خدمة الكتاب والسنة، وما يعين على فهم الكتاب والسنة، واحتيج أيضاً إلى تدوين أقوال سلف هذه الأمة في القضايا والنوازل ليفاد منها في كيفية التعامل مع نصوص الكتاب والسنة، فألفت كتب الفروع، ووجدت القواعد والضوابط والأصول التي يستعين بها طالب العلم في كيفية التعامل مع النصوص، فألفت بقية العلوم لتخدم الكتاب والسنة.
وهذا العلم أعني علم مصطلح الحديث من هذا النوع، وألف للتوصل به وبواسطته إلى معرفة المقبول والمردود مما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فكان موضوعه الأسانيد والمتون الذي نظم فيهما هذا النظم الذي بين أيدينا.
هذا الكتاب الذي معنا كتابٌ جامع متوسط لم يكن اختصاره مخلاً كالبيقونية وغرامي صحيح وغيرهما، ولم يكن مطولاً كالألفيات وغيرها مما زاد عليها.
قد يقول قائل: هذا نظم وجاءت النصوص بذم الشعر فكيف نتقرب إلى الله -عز وجل- بما جاء ذمه في النصوص؟ {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [(224) سورة الشعراء]؟ وجاء في الصحيحين: ((لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خيرٌ له من أن يمتلئ شعراً)) هذا ذم للشعر، لكنه محمولٌ عند أهل العلم على من امتلأ جوفه وذهنه وحافظته من هذا النوع من الكلام، وإذا امتلأ إذا امتلأ هذا الظرف وهذا الوعاء فإنه لن يكون لما أمر به من حفظٍ للكتاب والسنة من كلام الله -عز وجل- وكلام نبيه -عليه الصلاة والسلام- لن يكون له مكان، فمن كان ديدنه الشعر حتى يمتلئ بحيث لا يستطيع أن يستوعب غيره معه يرد فيه مثل هذا الحديث.
وبعض أهل العلم حمل هذا الحديث، وما جاء في معناه على الشعر المذموم، ولا شك أن الشعر كلام، حسنه حسن، وقبيحه قبيح، وسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- الشعر، أنشد العشر بين يديه -عليه الصلاة والسلام-، استمع للشعراء، وأمر حساناً بأن يهجو الكفار، فدل على أن الشعر إذا خلى مما ذكر فإنه يكون من قبيل المباح، ثم إذا اشتمل على هذا الشعر على ما ينفع من دفاعٍ عن الإسلام وأهله يرد فيه نحو: ((اهجهم وروح القدس)) أيش؟ ((تؤيدك)) يكون مأموراً به، إذا كان فيه بيانٌ للدين، ودفاعٌ عنه، وردٌ على المخالفين يكون مما أمر به.
كانت البدايات في نظم العلوم ضعيفة، ومقتصرة على التواريخ والأدب، وأنا دونت بعض من نظم في التواريخ من الأوائل:
أبان بن عبد الحميد اللاحقي المتوفى سنة مائتين نظم في الأدب والأخلاق كتاب: (كليلة ودمنة)، ونظم في التاريخ: (سيرة أنو شروان) و(سيرة أردشيه) جاء بعده بشر بن المعتمر الهلالي المعتزلي المتوفى سنة عشرٍ ومائتين فنظم قصيدة يقال: إنها في أربعين ألف بيت، رد فيها على جميع المخالفين لاعتقاده، جاء بعده علي بن الجهم القرشي المتوفى سنة تسعٍ وأربعين ومائتين فنظم أرجوزة تاريخية ذكر فيها تاريخ الخلق منذ آدم -عليه السلام- حتى الخليفة المستعين بالله.
جاء بعد ذلك أبو العباس عبد الله بن المعتز المتوفى سنة ستٍ وتسعين ومائتين فنظم أرجوزته في تاريخ الخليقة، بل في تاريخ الخليفة المعتضد وغيره، وتقع في عشرين وأربعمائة بيت، ثم جاء ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد المتوفى سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة فنظم أرجوزة تاريخية في مغازي عبد الرحمن الناصر، ورتبها على السنين، وتقع في خمسةٍ وأربعين وأربعمائة بيت، وأرجوزة أخرى في العروض تقع في ثلاثةٍ وتسعين وثلاثمائة بيت.
استمر الحال على ذلك الضعف إلى أن جاء العصر العباسي الرابع الذي يبدأ من سنة سبع وأربعين وأربعمائة وينتهي بسقوط بغداد بالكارثة الأولى سنة ستٍ وخمسين وستمائة، فتغيرت حال الشعراء عما كانوا عليه، وانصرفت القرائح إلى نظم العلوم الشرعية، فأودعوا علومهم في قصائد طويلة تارةً، وقصيرة تارة أخرى ليسهل حفظها وتذكرها، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ جداً.
من أطول هذه القصائد مما وجد قصيدة ابن عبد القوي نظم ابن عبد القوي -رحمه الله- للمقنع المسمى: (عقد الفرائد) وهذه طويلة جداً (عقد الفرائد وكنز الفوائد) مطبوع في مجلدين، تزيد أبياتهما على اثني عشر ألف بيت، وهذه المنظومة لا شك أن فيها ضبط لفقه الحنابلة على طولها، ولا مانع أن يعتني بها طالب العلم كما يعتني بغيرها من كتب الفقه، يقرأها قراءة، فإذا وجد بيتاً يشتمل على فائدة نادرة أو ضابط يمكن أن يحفظه فهو أحسن من النثر.
نونية ابن القيم تذكر في هذا المجال، وهي نونية منظومة نافعة، عظم نفعها، بلغت في عدِّ خمسة آلاف وثمانمائة وعشرين بيت، والألفيات في كل علم أشهر من أن تذكر، هناك ألفية ابن مالك، وهناك ألفية العراقي، وألفية السيوطي، ألفيات كثيرة، ألفية في الفرائض، وألفية في الفقه.
هناك المختصرات، المنظومات المختصرة التي عم نفعها كالرحبية في الفرائض، البيقونية على اختصارها في المصطلح، ونظم الآجرومية، ونظم الورقات وغير ذلك من المنظومات التي لا ينكر نفعها، فهذه منظومات مهمة.
والنظم كما عرفنا يقابل النثر، ومنه نظم العقد، وجمعُ مفرداته في خيطٍ واحد، كما أن النظم نظم الكلام جمعُ كلمات البيت الواحد في عقدٍ واحد وهو البيت، بل في عقود وهي الأبيات.
"اللؤلؤ المكنون" إحنا عندنا العنوان (نظم اللؤلؤ المكنون) جاء في تفسير القرطبي على قوله -جل وعلا-: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} [(24) سورة الطور] من سورة الطور، يقول: كأنهم في الحسن والبياض لؤلؤ مكنون في الصدف، والمكنون المصون، يقول الكسائي: كننت الشيء سترته، وصنته من الشمس، وأكننته في نفسي أسررته.
وقال أبو زيد: كننته وأكننته بمعنىً في الكنِّ وفي النفس جميعاً تقول: كننت العلم وأكننته فهو مكنون ومكنْ، وكننت الجارية وأكننتها فهي مكنونة ومكنة.
واللؤلؤ: هو الدر، عبارة عن أجسام مستديرة بيضاء لماعة، تتكون في الأصداف من رواسب بعض الحيوانات المائية، واحدتها لؤلؤة، والجمع لؤلؤ ولآليء.
(في أحوال الأسانيد والمتون) يعني في توضيح وبيان أحوال الأسانيد وذكر السند والمتن، سيأتي في النظم لكن وروده هنا في أول مكان يغنينا عن إعادته فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.
الأسانيد: جمع سند، وهو لغةً: ما ارتفع من الأرض، وما يليك من الجبل، وما قابلك من الجبل، ما قابلك مما يليك من الجبل، وعلا عن السفح، وكل شيء أسندته إلى شيء فهو مسند وسند، ويقال: أسند في الجبل إذا صعده، كما يقال: فلانٌ سند أي معتمد، فالسند: ما يستند إليه، ويعتمد عليه من متكأٍ ونحوه.
اصطلاحاً: عرفوه بأنه الإخبار عن طريق المتن، قال ابن حجر: حكاية طريق المتن، حكاية طريق المتن يعني الطريق الموصل إلى المتن، والإسناد يأتي بمعنى السند، حديثٌ إسناده حسن، أو سنده حسن لا فرق، وإن كان الأصل الإسناد، وهو المصدر رفع الخبر إلى قائله، أو رفع الحديث إلى قائله.
والسند كما تقدم بعبارةٍ يمكن نصوغها تكون أوضح مما تقدم: هو سلسلة الرواة الذين يذكرهم المحدث ابتداءً بشيخه وانتهاءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.
والمتون: جمع متن، وهو ألفاظ الحديث، ألفاظ الحديث التي هي الغاية من دراسة هذا العلم، وأما دراسة الأسانيد فهي وسيلة، ألفاظ الحديث التي تقوم بها المعاني، مأخوذٌ من المماتنة، وهي المباعدة في الغاية؛ لأن المتن هو غاية السند، أو من المتن وهو ما صلب وارتفع من الأرض؛ لأن المسنِد يقوي المتن بالسند، ويرفعه إلى قائله، أو من تمتين القوس أي شدها بالعصب؛ لأن المسنِد يقوي الحديث ويسنده، أو يقوي الحديث بسنده.
والأسانيد والمتون هي موضوع علوم الحديث، الأسانيد والمتون موضوع علوم الحديث، يعني علوم الحديث موضوعه في الأسانيد والمتون، يقول السيوطي:
علم الحديث ذو قوانين تحد |
| يدرى بها أحوال متنٍ وسند |
"فذلك الموضوع" يعني موضوع هذا العلم "فذلك الموضوع" وقدم الموضوع على الحد للحاجة إلى شرح عنوان الكتب، وإلا فالأصل تقديم الحد، والمبادئ العشرة معروفة.
إن مبادئ كل علمٍ عشرة |
| الحد والموضوع ثم الثمرة |
وفضله ونسبة والواضع *** وحكمه ثم إيش؟ وفضله الاستمداد ثم حكم الشارع
وفضله ونسبة والواضع |
| والاسم الاستمداد حكم الشارع |
على كل حال الذي يعنينا من هذا تعريف علوم الحديث وموضوعه وفضله، بقية المبادئ العشرة بحثها موجود، فعلوم الحديث ويسمونه أصول الحديث، ويسمونه مصطلح الحديث، وهو بمنزلة علوم القرآن وأصول الفقه: القوانين المعرفة بحال الراوي والمروي، يعني بحال السند والمتن، بحال......، هذا أخصر ما قيل فيه، وإن كان له تعريفات باعتبار أسمائه، وشهرته في مصطلح الحديث في هذه الكلمة، وهي عبارة عن جزأين ركب أحدهما على الآخر، جزأين متضايفين مصطلح وحديث، وله تعريف باعتبار جزئي المركب، وتعريفه الذي مضى باعتباره علم على هذا العلم.
المصطلح هو العرف الخاص، يعني ما يتعارف عليه أهل علمٍ من العلوم، فإذا كان هذا المصطلح لا يتضمن مخالفةً لما تقرر في أي علمٍ من العلوم فإنه لا مشاحة فيه، وأهل العلم يطلقون لا مشاحة في الاصطلاح مع أنه ينبغي أن تقيد بما لا يخالف نصاً شرعياً، أو ما تقرر في أي علمٍ من العلوم.
يعني لو قال شخص: أنا أصطلح لنفسي أن تكون السماء وهي في مكانها أقول: تحت، والناس يقولون: فوق، والأرض فوق وإن كانت تحت ويش اللي يضر؟ لا مشاحاة في الاصطلاح وأبين، نقول: لا، هذا يخالف ما تقرر عند جميع العقلاء، فليس لك أن تصطلح لنفسك ما يخالف ما تقرر، لو قال: أنا أجعل الشمال جنوب والجنوب شمال، أجعل في اصطلاحي أن اليمن في جهة الشمال، والشام في جهة الجنوب، نقول: لا، هذا يخالف ما اصطلح عليه، لكن لك أن تصطلح لنفسك ولا مشاحاة في الاصطلاح أن تقلب الخارطة، فبدلاً من أن يكون الشام في رأس الخارطة، واليمن في أسفلها اقلب لا بأس، ما في مانع؛ لأن هذا لا يغير من الواقع شيء.
أقول: هذه المسألة التي تطلق على ألسنة أهل العلم هي بحاجة إلى مثل هذا التقييد، ولا نريد أن نسترسل أكثر من هذا، فنأتي إلى التعريف بالمؤلف.
المؤلف -رحمة الله عليه- أشهر من نار على علم، فهو بالنسبة لاسمه:
الشيخ العالم العلامة، وإن صغر سنه، فالعبرة بما حواه من علمٍ وعمل، اسمه: حافظ بن أحمد بن علي الحكمي، نسبةً إلى الحكم بن سعد العشيرة، ولد -رحمة الله عليه-.. نريد أن نختصر اختصار شديد جداً؛ لأن سيرة الرجل -رحمة الله عليه- العطرة كتب فيها رسائل علمية، ودونت في بطون الكتب ضمن التراجم بإفاضة، استوفيت حياته -رحمة الله عليه-، وشيوخه، تلاميذه، مؤلفاته، شيء من أخباره، المقصود أن هذا مستوفى، لا نستطرد بذكره.
ولد -رحمة الله عليه- سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة وألف، في شهر رمضان بقرية يقال لها: السلام، تابعة لمدينة المظايا، حاضرة قبيلة الحكَّامية أوالحكَامية،...... أعرف بضبطها، التي ينتسب إليها، ثم انتقل إلى قرية الجاضع التابعة لمدينة سامطة، تعلم مبادئ القراءة والكتابة في الكتاب، حيث ألحقه أبوه بكتاب القرية، حفظ القرآن وبعض المتون العلمية في وقتٍ مبكر جداً، لزم الشيخ عبد الله القرعاوي، الذي انتقل إلى المنطقة هناك في جيزان سنة تسعٍ وخمسين وثلاثمائة وألف في شعبان.
رزقه الله حافظةً قوية، وفهماً ثاقباً، فحصل في مدةٍ يسيرة جداً من العلوم ما لا يدرك في عقود، ومؤلفاته شاهدةٌ على ذلك التي من أشهرها: (سلم الوصول) شرحه (معارج القبول)، (أعلام السنة المنشورة) (دليل أرباب الفلاح) في المصطلح، (المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية) أقول: مثل هذه المنظومة لا يستغني عنها طالب علم، أودعها -رحمة الله عليه- وصايا يحتاج إليها كل طالب علم، (النور الفائض في علم الفرائض) وغير ذلك من المؤلفات الشيء الكثير.
توفي -رحمة الله عليه- بعد أن أدى الحج سنة سبعٍ وسبعين وثلاثمائة وألف، وكان عمره خمساً وثلاثين سنة وأشهر، يعني إذا كان النووي -رحمة الله عليه- يضرب به المثل في وجود البركة في عمره ومدته على قصرها، فالشيخ حافظ -رحمة الله عليه- أصغر منه بعشر سنوات مع ما قدمه للأمة من علمٍ محرر محقق، والله المستعان.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، واعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد:
قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله تعالى- المتوفى سنة سبعٍ وسبعين وثلاثمائة وألف، قال -رحمه الله تعالى- في كتابه: (نظم اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون):
اَلْحَمْدُ كُلُّ اَلْحَمْدِ لِلرَّحْمَنِ |
| ذِي اَلْفَضْلِ وَالنِّعْمَةِ وَالإِحْسَانِ |
الناظم -رحمه الله تعالى- ابتدأ نظمه بالبسملة والحمدلة اقتداءً بالقرآن الكريم الذي افتتح بهما على ما بين أهل العلم من خلافٍ في البسملة، وهل هي آية من الفاتحة فقط أو من كل سورة أو ليست بآية مطلقاً؟ والإجماع قائم على أنها بعض آية من سورة النمل، وأنها ليست بآية في أول سورة براءة.
على كل حال أجمع الصحابة على كتابة البسملة، والحمدلة من أصل القرآن، فينبغي لمن أراد أن يكتب أن يؤلف كتاباً أن يقتدي بهذا الكتاب العظيم.
النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما عرف من عادته المطردة في خطبه يفتتحها بالحمد، وفي مكاتباته يفتتحها بالبسملة، فهل الكتب والرسائل مشبهة للخطب أو للرسائل؟ القرآن كتاب الله فالكتب تشبهه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في مكاتباته ومراسلاته يبتدئ بالبسملة لا يبتدئ بالحمدلة، وفي خطبه يبتدئ بالحمدلة، وعلى كل حال الجمع بينهما اقتداءً بالقرآن؛ لأن الكاتب إنما يؤلف كتاباً، لكن لو بعث رسالة أو خطاب اقتصر على البسملة، وإذا خطب اقتصر على الحمدلة تنزيلاً للنصوص في منازلها، وإيقاعاً لها في مواضعها.
ورد في حديث أبي هريرة وغيره وله طرق: ((كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ بحمد الله فهو أبتر)) وفي رواية: ((ببسم الله)) له ألفاظ وطرق كثيرة محكومٌ عليها عند جمعٍ من أهل العلم بالضعف، فلا تقوم بها حجة، وحكم النووي على لفظ: الحمد على وجه الخصوص بالحسن، وقبله ابن الصلاح.
فمن بلغ عنده مرتبة الحسن عمل به، ومن جرى وسار على مذهب جمهور أهل العلم من الاحتجاج بالضعيف في مثل هذا المقام يفتتح به بالبسملة والحمدلة، على كل حال عمدتنا في ذلك القرآن الكريم، وما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-.
"الحمدُ" يعرفه كثيرٌ من أهل العلم بل الأكثر بأنه: هو الثناء على الله -عز وجل-، ابن القيم -رحمه الله تعالى- عرفه في الوابل الصيب بأنه هو الإخبار عن الله -عز وجل- بصفات كماله مع محبته والرضا به، والثناء عنده هو تكرير المحامد شيئاً بعد شيء، تكرير المحامد هل هو من الثني أو من التثنية؟ فرقٌ بين ثنّى وثنَى، ثنَى لا يقف العدد عند اثنين، ولذا في حديث ماعز لما اعترف ردده حتى ثنَى عليه الأمر، أو حتى اعترف مراراً، اعترف أكثر من مرتين، أما إذا ثنَّى فهو اثنين فقط.
الثناء: هو تكرير المحامد شيئاً بعد شيء، والتفريق بين الحمد والثناء هو الراجح، وإن فسر أكثر أهل العلم الحمد بأنه الثناء؛ لما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال العبد: الرحمن الرحيم قال الله تعالى: أثنى علي عبدي)) فغاير بينهما في هذا النص الصحيح، والحديث مخرجٌ في صحيح مسلم و(أل) في الحمد للجنس، جنس الحمد مختصٌ بالله -عز وجل-، أو للاستغراق جميع أنواع المحامد لله -عز وجل-، واللام في "للرحمن" للاختصاص كما هي في قوله -جل وعلا-: {الْحَمْدُ للّهِ} [(2) سورة الفاتحة] للاختصاص سواءً بسواء.
و"كل الحمد" تأكيد، تأكيدٌ لاستغراق جميع أنواع المحامد لله -جل وعلا-، واختصاصها بالله -عز وجل-.
"ذي الفضل" صاحب الفضل على جميع مخلوقاته حيث أوجدهم من العدم، وأسبغ عليهم النعم.
"والنعمة" يقول الراغب: النعمة الحال الحسنة، وبناءُ النعمة بناءُ الحالة التي يكون عليها الإنسان، يعني بناء هيئة كالجلسة والركبة والذبحة، وما أشبه ذلك، والنَعمة التنعم، وبناؤها بناء المرة كالضربة والشتمة، وما أشبه ذلك، والنعمة للجنس؛ لأنه قال: ذي الفضل والنعمة، هل المراد النعمة الواحدة أو النعم التي لا تعد ولا تحصى؟ فالنعمة (أل) فيها هنا للجنس، فيقال: النعمة للقليل والكثير، كما في قوله -جل وعلا-: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(18) سورة النحل] هل المراد أن نعد نعمة واحدة؟ نعد نعم، لكننا لا نحصي هذه النعم {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(18) سورة النحل] {اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [(47) سورة البقرة] {أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [(3) سورة المائدة] {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ} [(174) سورة آل عمران] إلى غير ذلك من الآيات، المقصود أن النعمة تطلق ويراد بها جنس النعم، فتطلق وإن كان لفظها لفظ المفرد إلا أنها تطلق على القليل والكثير.
"والإحسان" الإحسان كما في البصائر للفيروز أبادي: إفعال من الحسن، وهو كلُّ مبهجٍ مرغوب في عقلاً أو حساً، وقد حسُن يحسن ككرُم يكرم، وحسَن يحسن كنَصر ينصر، فهو حاسنٌ وحسَنٌ وحسِينٌ وحُسانٌ وحُسَّان.
والحسنة يعبر بها عن كل ما يسر من نعمةٍ تنال الإنسان في نفسه وبدنه وأحواله، والسيئة تضادها، والإحسان يقع على وجهين: أحدهما الإنعام على الخير، يعني الإحسان المتعدي، أحسن إلى فلان، والثاني: إحسانٌ في فعله، يعني إحسانٌ من الإنسان على نفسه، وذلك إذا علم علماً حسناً وعلَّم علماً حسناً أو عمل عملاً حسناً، والإحسان أعم من الإنعام، وقد ورد الإحسان في التنزيل على ثلاثة عشر وجهاً لا نطيل بذكرها، من أرادها يراجعها في (بصائر ذوي التمييز) للفيروز أبادي.
وعطف الإحسان لأنه قال: والإحسان أعم من الإنعام إذاً يكون عطف الإحسان على النعمة من باب عطف العام على الخاص {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} وإيش؟ {وَالنَّبِيِّينَ} [(163) سورة النساء] من عطف العام على الخاص، وعطف العام على الخاص وعكسه موجود في النصوص كثيراً وفي كلام العرب، وفي كلام أهل العلم كثير للعناية بشأن الخاص والاهتمام به، وإلا لو لم يذكر لدخل في العام.
"ثم على رسوله" -صلى الله عليه وسلم-، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشي الهاشمي المبعوث رحمةً للعالمين.
"خير الأنام" أكرم الخلق وأشرفهم على الله -عز وجل-، سيد ولد آدم، والأنام: الناس كما يذكر عن ابن عباس، وقال الحسن: هم الجن والإنس، وقال الضحاك: كل ما دب على وجه الأرض.
"والآل" اختلف في أصله فقيل أصله: الأهل، ثم قلبت الهاء همزةً فقيل أأل، ثم سهلت الهمزة الثانية فقيل: آل، ولهذا يرجع إلى أصله في التصغير فيقال: أهيل، وضعف ابن القيم هذا القول من ستة أوجه، يراجعها من أرادها في (جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام) وهو كتابٌ بديع فذٌ في بابه.
لو ذهبنا نستطرد ونذكر كل ما قاله أهل العلم، والأيام قليلة، والإخوان كأن بعضهم يمل من زيادة التفصيل، وإن كان بعضهم يريد استطرادات ويريد فوائد تزيد على ما يمكن أن يقال في شرح هذا المتن، في مثل هذا الظرف في دورة علمية، ومن المجزوم به أن المتن لن يكمل في هذه الدورة، ولا في التي تليها، ولا في التي تليها، يمكن يحتاج إلى ثلاث أو أربع دورات، هذا مع الاختصار الشديد، وإلا لو شرحنا الكتاب على طريقتنا في الاستطرادات ولم العلوم كلها بعضها على بعض يحتاج إلى أزمان متطاولة، ولعل هذا يتيسر مثله في مصنف؛ لأن الكتاب اقترحناه على الإخوة باعتباره بكر لم يشرح.
لكن اليوم بعد صلاة العصر بعث إليَّ شرحٌ قام به بعض طلاب العلم من أسرة الشيخ نفسه، اسمه على اسمه حافظ بن محمد بن عبد الله الحكمي، أستاذ مساعد في الجامعة الإسلامية، ولم يتيسر لي الاطلاع على هذا الكتاب؛ لأنه وصلني متأخراً، على كل حال نأتي بالمهمات من المسائل -إن شاء الله تعالى-، ونترك الباقي إما لفطنة القاري لوضوحها، أو لتوفرها في المصادر.
وقيل أصله: أَوْل، وذكره الجوهري في باب الهمزة والواو واللام، قال: وآل الرجل أهله وعياله وأتباعه، وهو عند هؤلاء مشتق من الأول وهو الرجوع، واختلف في المراد بالآل على أربعة أقوال:
الأول: أنهم الذين حرمت عليهم الصدقة ((الصدقة أوساخ الناس لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) وهم معروفون عند أهل العلم، منهم من يخصهم ببني هاشم، ومنهم من يلحق بهم بني المطلب.
الثاني: أنهم أزواجه وذريته خاصة، اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وأزواجه وذريته، المقصود أن هذان القولان كما يقول ابن القيم الأول هو الأصح، ويليه الثاني.
أما الثالث: وهو أنهم أتباعه إلى يوم القيامة، هم يدخلون في الآل دخولاً لغوياً كما نص على ذلك الجوهري في كلامه، قال: وآل الرجل أهله وعياله وأتباعه، لكنهم في النصوص الشرعية هذا القول أتباعه إلى يوم القيامة.
والقول الرابع: أنهم الأتقياء من أمته -عليه الصلاة والسلام-، يقول ابن القيم: وأما الثالث والرابع فضعيفان، يعني إذا دخل الأتباع في الآل لغةً فدخولهم في النصوص يكون من باب الدخول اللغوي بالمعنى الأعم.
"والصحب" جمع صاحب كركب وراكب، والمرجح في تعريف الصحابي ما ذكره البخاري في صحيحه: وهو من صحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو رآه من المسلمين فهو صاحب، الصحبة شرف ومنزلة تبوأها صدر هذه الأمة، ممن رأى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويحتاج إلى زيادة قيد، ولذا يقول المتأخرون: الصحابي من رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمناً به ومات على ذلك، ولو تخلل ذلك ردة، فالذي رآه قبل أن يؤمن، قبل أن يسلم ثم أسلم بعد ذلك ليس بصحابي على هذا، ومن رآه مؤمناً به ثم مات على ردته ليس بصحابي ولا كرامة، المقصود أن من رآه مؤمناً به ومات على ذلك ولو تخلل ذلك ردة ثم عودة إلى الدين فإنه يسمى صحابي على المختار عند كثيرٍ من أهل العلم.
"الصلاة" روى البخاري في صحيحه تعليقاً مجزوماً به عن أبي العالية قال: "صلاة الله -يعني على رسوله عليه الصلاة والسلام- ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء، وروي عن ابن عباس أنه قال: يصلون يبركون، البخاري يأتي بمثل هذه التفسيرات لكلمات جاءت في القرآن ليستفيد القارئ ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وعن غيره مما يعين على فهم كتاب الله -عز وجل-، فهو يعنى بالغريب، فهو يعنى ببيان الغريب، وأحياناً يلتفت الإنسان لمناسبةٍ عن لفظٍ أو للفظٍ ذكره البخاري عرضاً في باب فيصعب عليه إدراك الرابط، فتجد هذه الكلمة التي شرحها البخاري في نصٍ من الكتاب أو من السنة له علاقة بالموضوع، وإن لم تكن العلاقة الكلمة نفسها، لكنها كلمة غريبة وردت في هذا النص فهو يستفيد أكثر من فائدة، أو يفيد أكثر من فائدة، يفيد بيان معنى هذه الكلمة الغريبة، ويفيد لفت نظر القارئ إلى النص التي وردت فيه هذه الكلمة مما يفيد بالباب، فيصلون: يبركون، وهو يشير إلى قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} يعني يبركون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب].
وفي سنن الترمذي يقول: روي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، والسلام هو التحية، ولم يقتصر الناظم -رحمه الله تعالى- على ذكر الصلاة امتثالاً للأمر في قوله -جل وعلا- في الآية آنفة الذكر {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} فجمع بينهما ليتم الامتثال، وإن وقع في كلام بعض أهل العلم الاقتصار على الصلاة، أو الاقتصار على السلام، كما فعل مسلم في مقدمة صحيحه، وهذه إنما تقع من مثل هؤلاء إذا طال الفصل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ثم ينسى وسلم تسليماً كثيراً، لكن لو قرن بينهما وقال: وصلى الله وسلم وبارك ما نسي السلام.
على كل حال النووي -رحمه الله تعالى- في شرحه لكلام مسلم أطلق الكراهة بالنسبة لمن يقتصر على الصلاة دون السلام أو العكس، وخص الحافظ ابن حجر الكراهة فيمن كان ديدنه ذلك، باستمرار يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يسلم عليه أو العكس، ومثل هذا لا يتم امتثاله للأمر المذكور في الآية.
على كل حال هو وقع من بعض العلماء ولم يكن ديدناً لهم، ولم يقتصر الناظم -رحمة الله تعالى عليه- على ذكر الآل فأفردهم عن الصحب، وإن دخل الصحب في الآل بالمعنى الأعم؛ لأن بعض طوائف المبتدعة تقتصر على ذكر الآل، ولم يقتصر على ذكر الصحب مخالفةً لمبتدعةٍ آخرين فجمع بينهما، ولا شك أن كل من الآل والصحب لهم حق على الأمة، فالآل وصيته -عليه الصلاة والسلام-، الآل وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن امتثال هذه الوصية ومن البر به -عليه الصلاة والسلام-.
ومما يطلبه من أمته المودة في القربى، فمن تمام الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- الصلاة على آله، والصحب بواسطتهم نصر الدين في حياته -عليه الصلاة والسلام-، ونقل الدين، وبلغ الدين لمن جاء بعده، فلهم أيضاً حق في الصلاة والسلام عليهم تبعاً له -عليه الصلاة والسلام-، ولا يعني هذا أن الإنسان إذا لم يصلِّ على الصحب لا يصلِّي على الآل أو العكس، لا، لكن أقول: من تمام الامتثال أن يصلى على الآل والصحب، وليس من باب الأولى أن يقتصر على الآل فقط، أو يقتصر على الصحب فقط؛ لما عرفنا أن الاقتصار على الآل صار شعاراً لطائفة من المبتدعة، كما أن الاقتصار على الصحب صار شعاراً لطائفة آخرين، نعم.
وَبَعْدُ إِنَّ أَشْرَفَ اَلْعُلُومِ |
| بَعْدَ كِتَابِ اَلصَّمَدِ اَلْقَيُّومِ |
إن قلتَ: ليُعلم فقل: مردودُ نائب فاعل.
طالب: نعم يا شيخ.
إن قلت: ليُعلم وبنيته للمجهول فارفع المردود ليُعلم المردودُ يكون نائب فاعل، وإن بنيته للمعلوم فقلت ليَعلمَ، والراوي الذي افتقر إلى الدراية ليعلمَ المردودَ من مقبول.
بصِحَّةِ اَلْمَرْوِيْ عَنْ الرَّسُولِ |
| لِيُعْلَمَ اَلْمَرْدُودُ مِنْ مَقْبُولِ |
يقول الناظم -رحمه الله تعالى- بعد أن حمد لله -جل وعلا- على نعمه وإفضاله وإحسانه، وصلى على نبيه -عليه الصلاة والسلام- وعلى آله وصحبه يقول:
"وبعد إن أشرف العلوم" (أما بعد) يؤتى بها للانتقال من غرضٍ إلى آخر، ومن أسلوبٍ إلى آخر، ومن الوسائل إلى غايتها، المقصود أنها يؤتى بها للانتقال، وقد ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في أحاديث تزيد عن الثلاثين في خطبه وفي رسائله، فالإتيان بها سنة، بهذا اللفظ: أما بعد، ولم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: وبعد، لكن يقول بعض العلماء أن الواو هذه تقوم مقام (أما) كأنها من باب التسهيل، لكن الامتثال والاقتداء إنما يتم باللفظ المأثور عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو (أما بعد) و(أما) حرف شرط، و(بعد) ظرف مبني على الضم قائم مقام الشرط، وجواب الشرط ما بعدها مما يقترن بالفاء؛ لأن (أما) لا بد أن يقترن جوابها بالفاء، وهنا ومما يعتذر به للناظم أن النظم قد لا يطاوع، وارتكب في النظم من الضرورات ما لم يرتكب في النثر.
المقصود أن الاقتداء إنما يتم بقولنا: (أما بعد) و(أما بعد) اختلف أهل العلم في أول من قالها على ثمانية أقوال يجمعها قول الناظم:
الخلفُ في أما بعد من كان بادئاً |
| بها عدَّ أقوالٌ وداود أقربُ |
والأكثر على أن أول من قالها داود -عليه السلام-، وهي فصل الخطاب الذي أوتيه، المقصود أنها سنة يسن الإتيان بها في المراسلات وفي الخطب، ولا يقوم غيرها مقامها، ولا تحتاج إلى (ثمَّ) قبلها وإن استفاض على ألسنة بعض من ينتسب إلى طلب العلم حينما يقدم يأتي بالحمدلة والصلاة وكذا (ثم أما بعد) لست بحاجة إلى (ثم) لا يوجد في النصوص هذا العطف، إن احتجتها ثانية للانتقال من أسلوب بدأت بـ(أما بعد) بعد المقدمة إن احتجت إلى الانتقال إلى أسلوب آخر تأتي بـ(ثم) تعطف عليها.
ولا أعرفها في مصنفات المتقدمين إلا في نسخةٍ من تفسير الطبري، نسخة خطية من تفسير الطبري، وإن اعتمدها شاكر الذي..، محمود شاكر الذي حقق الكتاب، وهو من كبار المحققين، على كل حال العبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"وبعد إن أشرف العلوم" لا شك أن العلم إنما يشرف بشرف المعلوم، "بعد كتاب الصمد القيوم" يعني بعد كتاب الله -عز وجل- الذي هو أشرف الكتب، وفضله على سائر الكلام كفضل الله -عز وجل- على خلقه، ولسنا بصدد بيان فضل القرآن والعناية بكتاب الله -عز وجل-، ذاك له مناسبات أخرى، ولا يخال أحداً من الحاضرين يخفى عليه ذلك، لكن الكلام فيما بعد كتاب الصمد القيوم، وهو علم الحديث، علم الحديث علم شريف.
علم الحديث إذ هو البيانُ |
| .................................... |
المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد كتاب الله -عز وجل-، علم الحديث الذي هو ما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو وصف، لماذا؟ لأنه هو البيان لكتاب الله -عز وجل-.
علم الحديث إذ هو البيانُ |
| لما به قد أنزل القرآنُ |
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} لإيش؟ {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} [(44) سورة النحل] هذه وظيفة النبي -عليه الصلاة والسلام- بيان ما نزل إليه من ربه -عز وجل-، واستقلت السنة بأحكام لا توجد في القرآن؛ لأنها وحيٌ من الله -عز وجل-، {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3-4) سورة النجم] فما يأتي به النبي -عليه الصلاة والسلام- هو بيانٌ لما أجمل من قوله -جل وعلا-: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [(38) سورة الأنعام].
علم الحديث إذ هو البيانُ |
| لما به قد أنزل القرآنُ |
القرآن يشتمل على مجمل بينته السنة، والبيان يأخذ حكم المبين.
فسنة الرسول وحيٌ ثاني |
| ..................................... |
كما جاء في قوله -جل وعلا-: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3-4) سورة النجم] والخلاف بين أهل العلم في النبي -عليه الصلاة والسلام- هل له أن يجتهد ويصدر حكماً من تلقاء نفسه لم يتلقَ فيه عن الله -عز وجل- خبر أو ليس له ذلك؟ والجمهور على أن له أن يجتهد إلا أنه لا يقر على خلاف الأولى، وقصة فداء الأسرى مثالٌ على ذلك.
فسنة الرسول وحيٌ ثاني |
| عليهما قد أطلق الوحيانِ |
فالكتاب والسنة هما الوحيان، وإذا قيل: نصوص الوحيين فالمراد بذلك نصوص الكتاب والسنة، وأُلف كتاب اسمه: (تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين) فكرة هذا الكتاب أننا لسنا بحاجة إلى أي كتابٍ على وجه الأرض إلا القرآن والبخاري ومسلم، هذا من باب التيسير على المتعلمين، هذا هدف المؤلف، وهذا قصده، وقد عرف بالعلم والعمل إلا أنه في هذه المسألة أخطأ، أخطأ فإنه يصفو من كتب السنة من الصحيح الزائد على الصحيحين الشيء الكثير، وفي صنيعه هذا إهدار لجلّ السنة، وإن كان ابن الأخرم يقول:
..........................لكن قلّما |
| عند ابن الأخرم منه قد فاتهما |
يعني قليل الذي فات الصحيحين مما لم يذكرها، نقول: لا، ولذا قال الحافظ العراقي:
ورُد -يعني كلام ابن الأخرم-
ورد لكن قال يحيى البرُّ |
| لم يفت الخمسة إلا النذرُ |
وفيه ما فيه -يعني كلام يحيى الذي هو النووي-
وفيه ما فيه لقول الجعفي |
| أحفظُ منه عشر ألف ألفِ |
يعني يحفظ مائة ألف، والكتب الخمسة ليس فيها من غير تكرار، ولا ربع هذا المقدار، بل ولا نصف ولا الثمن، المقصود أنه يصفو من صحيح السنة الزائد على الصحيحين الشيء الكثيرة، فهذه الدعوى التي وجهها وألف فيها على أنه مجتهد لكنه أخطأ في اجتهاده، وكل دعوةٍ تظهر على هذه البسيطة لا تخلو من مؤيد، ولذا وجد فرقة طائفة تدعو إلى الاقتصار على القرآن وعلى الصحيحين، لكن مثل ما ذكرنا هذا يهدر أكثر السنة، نعم العناية بكتاب الله -عز وجل- لا يناقش فيها أحد، العناية بكتب السنة لا سيما صحيح البخاري ثم صحيح مسلم لا يماري في ذلك أحد، لكن ليس معنى هذا أنك تقف، كمن حديث صحيح في مسند الإمام أحمد لا يوجد في الستة فضلاً عن الصحيحين وغيرها من دواوين الإسلام المعتبرة عند أهل العلم، وأوردنا هذا الكلام لأن هذه الفكرة لها رواج، نعم هي فيها تيسير وفيها حصر للعلم وإدراك للعلم في أقصر مدة، لكن يبقى أن فيها تضييع وإهدار، يعني لو إنسان قال: أنا باقتصر على الصحيحين قراءة ودراسة وإقراءً وفهماً ما يلام، لكن لا يتضمن كلامه هذا إهدار لبقية الكتب.
بالطرف المقابل وهذا أيضاً مما يعاب على بعض المتعلمين شغفهم بالإغراب، فتجد بعض مبتدئ الطلبة يُعنى بأجزاء غير معروفة، معاجم غير مشهورة، مشيخات مسلسلات، نعم فيها طرق لأحاديث أصولها معروفة، ولا يلام من بدأ بالأهم فالمهم كما يقول الشيخ حافظ -رحمه الله تعالى- في قصيدته الميمية:
بالمهم المهم ابدأ لتدركه |
| وقدم النص والآراء فاتهمِ |
اتهم الآراء، نعم لا تذهب إلى الإغراب تذهب إلى جزء كذا جزء كذا مشيخة كذا، معجم كذا وأنت لا تعرف الصحيحين، هذا خلل في منهجية التحصيل، وقلَّ أن يفلح من يتخبط مثل هذه التخطبات، ويترك الأهم ويذهب إلى ما دونه.
فطالب العلم يوصى بأن يعنى بكتاب الله -عز وجل- الذي مجرد تلاوته عبادة، ثم بعد ذلك يثني بأصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل-، وهو صحيح البخاري، ثم يثلث بصحيح مسلم، ثم السنن، ثم المسانيد إلى آخره.
هذا الترتيب الطبيعي للطلب، نعم أما إذا كان مبتدئاً له كتب تناسبُ مستواه العلمي إذا ترقى بعد ذلك إلى الطبقة الثانية له كتب، إلى الثالثة إلى الرابعة هذه جواد مطروقة عند أهل العلم، ليس معنى هذا أننا نقول لأول من بدأ: عليك بكتاب الله واعتنِ به وتفاسيره واقرأ كل شيء يدور حوله، إذا انتهيت من جميع التفاسير انصرف إلى السنة، أو نقول: في بداية الطلب ابدأ في البخاري ثم مسلم قبل المتون التي هي مثل الجواد عند أهل العلم؛ تسهل ما بعدها من متون أكبر منها إلى أن يرتقي طالب العلم على الطريقة المرسومة عند أهل العلم في كل علمٍ من العلوم.
الدهلوي له كلام في ترتيب كتب السنة، والبداءة بها، يقول: ينبغي أن يبدأ طالب العلم بسنن أبي داود والترمذي قبل الصحيحين؛ لأن الفائدة قريبة جداً سهلة منهما، أما صحيح البخاري لا شك أن فيه صعوبة، لكن من اعتاده وتمرن عليه يجد فيه متعة لا يدانيها أي كتاب، حاشا كلام الله -عز وجل-، كلام الله -عز وجل- يردده العالم والمتعلم والعامي باستمرار ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وكلما ازداد المسلم فضلاً عن طالب العلم أو العالم قراءةً وتدبراً لكتاب الله -عز وجل- ازداد نهماً به وشغفاً، لكن صحيح البخاري بعد كتاب الله -عز وجل- كما هو معروف، والمقارنة ليست واردة بين كلام الله -عز وجل- وكلام المخلوقين، لكن يبقى أن كتاب البخاري من يعنى به يجد فيه بغيته، ومن يجعله ديدناً له بعد كتاب الله -عز وجل- يجد فيه من العجائب ما لا يخطر على باله، ثم بعد ذلك ينصرف بعده إلى صحيح مسلم، ثم الترتيب المعروف السنن، والسنن مرتبتها تلي الصحيحين، والمقصود بذلك السنن الأربعة، ثم بعد ذلكم المسانيد بعد السنن.
ودونها في رتبةٍ ما جعلا |
| على المسانيد فيدعى جفلا |
المقصود أن الكلام في هذا الباب يطول، وله أوقاته -إن شاء الله تعالى-.
فسنة الرسول وحيٌ ثاني |
| ..................................... |
وين فهد؟ فهد موجود؟ انتهى؟..... يعني كم حد الدرس؟ مدري والله.
طالب:.......
حد الدرس في قدر محدد وإلا لا؟ الوقت الزمني؟
طالب:.......
بس أنا لا أريد أن أمل الإخوان؛ لأن هذا آخر درس في اليوم بعد دروس متعددة أخشى أن يملوا، وإلا الأمر الله المستعان..، لكن إذا تمت عشر ونصف فالظاهر أنه ساعة ونصف كافية -إن شاء الله-.
فسنة الرسول وحيٌ ثاني |
| عليهما قد أطلق الوحيانِ |
طريقها طريق العلم والاطلاع والسنة الرواية؛ لأنها لا تدرك بالرأي، ولو كان الإنسان من أذكى الناس وأقواهم حافظة لا يروي السنة بأي طريقٍ معتبر من طرق التحمل المعروفة عند أهل العلم ماذا يدرك من السنة؟ لا بد من..، لأن هذا العلم علم رواية وليس علم رأي.
قد يقول قائل: إننا نسمع من يتصدى لإقراء الناس، وتعليم الناس، وإفتاء الناس، والقضاء بين الناس من بضاعته في هذا الباب قليلة أو مزجاة، ومع ذلكم مشت أموره، نقول: هذا اعتمد على الرأي، نعم قد يوجد عند بعض الناس من الذكاء ما يجعله يفهم، وقد تكون حافظته أقل، فهذا في الغالب ينصرف إلى الرأي؛ لأنه يعجزه حفظ المروي، لكن لا شك أن هذا ينقصه نور الوحي، ولذا تجدون البون الشاسع في كلام من يفتي بـ(قال الله وقال رسوله) ومن يفتي بـ(قال فلان وعلان) وذكر فلان في الكتاب الفلاني أو في الجزء الفلاني، هناك بونٌ شاسع.
وإنما طريقها الرواية |
| فافتقر الراوي إلى الدراية |
راوي لا يفهم، الراوي بأمس الحاجة أن يعرف ما يروي، وأن يعرف كيف يروي؟ وأن يعرف عمن يروي؟ كل هذا بحاجة إلى بيان، وسيأتي هذا مفصلاً في الأنواع والأبواب اللاحقة -إن شاء الله تعالى-.
فافتقر الراوي إلى الدراية |
| ................................... |
الدراية تقابل الرواية، ولذا يقولون: علم رواية الحديث وعلم دراية الحديث، وكأنهم يجعلون الرواية هي النقل بالوسائط عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والدراية الفهم، الفهم لهذا المنقول كيف ينقل؟ وما يستنبط منه، وغير ذلك مما يتعلق بدرايته.
بصحة المروي عن الرسولِ |
| ................................... |
كيف يحتج؟ وكيف يستدل من لا يعرف الصحيح من الضعيف؟ كيف يفتي؟ وكيف يعلم من يختلط عليه أمر الصحيح والضعيف؟ لكن نحن في زمنٍ يرعى فيه الهشيم.
ولكن البلاد إذا اقشعرت |
| وصوح نبتها رعيا الهشيم |
ولولا ذلك ما جلسنا في هذا المكان، لكن زكاة المال منه، إذا كان المال كله رديء فالزكاة تقبل، والله المستعان.
فافتقر الراوي إلى الدراية |
| جبصحة المروي عن الرسولِ |
وجد بعد عصورِ الرواية من همه بعد عصور الأئمة من همه الرواية؛ ليكون أعلى إسناد في الدنيا، أو أكثر مروي، ولا يحسن ولا يتقن ولا يفهم ماذا يروي؟ بمثل هذا حفظ الله خصيصة هذه الأمة التي هي بقاء سلسلة الإسناد، فسلسلة الإسناد بقاؤها من خصائص هذه الأمة، لكن مثل هذا لا يعول عليه في ما عدا ذلك، فوجد، وجد من لا يفرق بين الصحيح والموضوع المكذوب عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- سئل عن حديث فقال: هذا لا أصل له، مكذوب عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقام شخص ممن ينتسب إلى العلم مع الأسف الشديد من الأعاجم فقال: يا شيخ كيف تقول: موضوع مكذوب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مروي في كتب السنة بالإسناد؟ فقال: جزاك الله خيراً أحضره لنا لننظر في إسناده، فأحضره من كتاب الموضوعات لابن الجوزي، ابن الجوزي يروي هذه الموضوعات بأسانيدها ويبين، فتعجبوا من كونه لا يعرف موضوع الموضوع، والناس يعجبون في أن يوجد من يدرس ومن يقضي ومن يفتي ومن يعلّم وهو ليس لديه بضاعة من هذا العلم العظيم الشريف، لا شك أن أمره معجب، لأن هذا العلم مع كلام الله -جل وعلا- الأصل، فكيف يبنى على غير أصل؟ فعلينا أن نعنى بالكتاب والسنة، وأن نليهما ما يستحقانه من صرفٍ لجهدٍ، ووقتٍ، وحفظٍ، وفهم.
والتكملة غداً وبعده -إن شاء الله تعالى-، ولا أريد أن أطيل عليكم وأشق عليكم، فأنتم حضرتم دروس متتابعة ولا شك أنكم بحاجة إلى الراحة، والليل قصير، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"