شرح مقدمة سنن ابن ماجه (23)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجه -رحمه الله تعالى-: باب فضل العلماء والحث على طلب العلم حدثنا والحثِّ على طلب العلم، حدثنا بكر بن خلف أبو بشر قال حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلْبس أنه حدثه قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «الخير عادة والشر لجاجة ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا روح بن جناح أبو سعد عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد» حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا عبد الله بن داود عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال كنت جالسًا عند أبي الدرداء في مسجد دمشق فأتاه رجل فقال يا أبا الدرداء أتيتك من المدينة مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فما جاء قال فما جاء بك تجارة قال لا قال ولا جاء بك غيره قال لا قال فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله طريقًا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء هم ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر» حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا حفص بن سليمان قال حدثنا كثير بن..، قال حدثنا كثير بن شنظير عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «طلب العلم فريضة على كل مسلم وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجواهر واللؤلؤ والذهب» حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله سهل الله له به طريقًا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه» حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسال المرادي قال: ما جاء بك قلت أنبط العلم فقال فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضى بما يصنع» حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر عن المقبري عن أبي هريرة قال قال قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره، حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا عثمان بن أبي عاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عليكم بهذا العلم قبل أن يقبض وقبضه أن يرفع وجمع بين وجمع بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام هكذا ثم قال العالم والمتعلم شريكان في الأجر ولا خير في سائر الناس» حدثنا بشر بن هلال الصواف قال حدثنا داود بن الزبرقان عن بكر بن خنيس عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من من بعض حُجَره فدخل المسجد فإذا هو بحلْقتين إحداهما يقرؤون القرآن ويدعون الله، والآخرى يتعلمون ويعلمون فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- كل على خير هؤلاء يقرؤون القرآن ويدعون الله فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم وهؤلاء يتعلمون ويعلمون وإنما بعثت معلمًا فجلس معهم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: في الحديث قبل الأخير من الباب السابق "عن عامر بن واثلة أبي الطفيل أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب"، عبد الحارث معلوم أن التسمية بهذا الاسم لا تجوز ونافع الولد صحابي ولم يغيَّر اسم والده؛ لأنه مات في الجاهلية ومن مات لا فائدة من تغيير اسمه؛ إنما التغيير لمن كان حيًا وأسلم فغيره النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يغير اسم جده عبد المطلب وقال أنا ابن عبد المطلب لأنه انتهى انتهى مات ما فيه فائدة في تغييره، أما لو كان موجودًا وينادى به في الناس فإنه يغير وغير النبي -عليه الصلاة والسلام- أسماء كثيرة واستدلال ابن حزم على جواز التسمية بعبد المطلب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- انتسب إلى جده وقد عبد لغير الله قال لا يجوز التعبيد لغير الله -جلَّ وعلا- حاشا عبد المطلب استدلالاً بأن عبد المطلب جد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو كان ممنوعًا لغيره نقول التغيير إنما يختص بالحي؛ لأنه هو المكلف هو المكلف وأما من مات فقد انقطع عنه التكليف مات بشركه فضلاً عن اسمه مات بشركه فضلاً عن اسمه، في الباب الذي معنا اليوم يقول "باب فضل العلماء والحث على طلب العلم" فضل العلماء جاءت به نصوص الكتاب والسنة نصوص قطعية متظافرة مشهورة مستفيضة متباينة المخارج لا يمكن حصرها قال -رحمه الله تعالى- "حدثنا بكر بن خلف" ابن القيم جعل من أعظم الأدلة على فضل العلم والعلماء قول الله -جلَّ وعلا-:       آل عمران: ١٨  عطف شهادة أولو العلم على شهادته، وجعل شهادتهم على أعظم مشهود على أعظم مشهود والأمر العظيم لا يطلب للشهادة عليه إلا العظيم فجعل شهادتهم على التوحيد الذي هو أعظم مشهود به يعني لا يليق ولا يحسن أن تأتي برجل كبير القدر لتشهده على تافه من المال، يعني في أمور الناس وإن كان المال كثيرًا يستحق أن يستشهد عليه هؤلاء الكبراء يستشهد، أما الأموال الحقيرة فإنها لا يستشهد عليها أعاظم الرجال وكبرائهم وهنا أعظم مشهود مشهود به وعليه شهد الله عليه وشهدت به ملائكته وعطف عليهم أولو العلم فدل على عظيم منزلتهم إذ استشهدوا على أعظم مشهود   ﰐﰑ المجادلة: ١١  ويأتي في الباب ما يبين منزلة العلم وأهل العلم قال "حدثنا بكر بن خلف أبو بشر قال حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»" من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين الحديث لفظه في الصحيحين من غير حديث معاوية وغيره لكنه بهذا الإسناد مضطرب والاختلاف فيه على الزهري اختلافًا كبيرًا فهو مروي عنه من وجوه مختلفة متساوية لا يمكن الترجيح بينها فهو مضطرب الإسناد ومتنه صحيح ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين عرفنا أن المراد بالدين في جميع أبوابه والفقه في الدين هو الفهم فيه بجميع أبوابه في العقائد والعبادات والمعاملات وغيرها من الأبواب ولا يختص هذا بالأحكام العملية لا يختص هذا بالأحكام العملية كما خصصه العرف به وإلا فعند المتقدمين العقائد هي الفقه الأكبر هي الفقه الأكبر وجبريل ليعلم الناس الدين سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإسلام وعن الإيمان وعن الإحسان فسأله عن الأعمال القلبية والأعمال..، وأعمال الجوارح فدل على أن الدين يشمل جميع أبواب الدين، والذي يريد الله به خيرًا يفقهه في الدين والذي لا يرد الله به خيرًا لا يرفع بعلم الدين رأسًا، وليس معنى ذلك أن الله أراد به شرا كأن الله -جلَّ وعلا- لم يرد به خيرًا في هذا الباب وإلا فقد يوجد من عوام المسلمين من الأميين الذين لا يقرؤون ولا يكتبون ممن أراد الله بهم الدين في أبواب أخرى، ممن أراد الله بهم الخير في أبواب أخرى، فمثلاً تجد هذا العامي الذي لا يقرأ ولا يكتب تجده محافظ على الصلوات مع الجماعة ويحظر إلى المسجد مع الأذان قبل كثير من طلاب العلم وتجده له معاملات خاصة له نوافل وله أيضًا فضل من صيام وإنفاق في سبيل الله لأن من هذا الصنف من فتحت له الدنيا وصرفها فيما يرضي الله -جلَّ وعلا- فقد أراد الله به خيرًا في أبواب كثيرة، لكن في باب الفقه في الدين لم يرد الله به خيرًا، ولا يعني هذا أن الله -جلَّ وعلا- أراد به شرًا من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين قال "حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس أنه حدثه قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الخير عادة والشر لجاجة ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" الجملة الأخيرة محفوظة من حديث معاوية -رضي الله عنه- وقوله الخير عادة معناه أن الخير يؤلف تألفه النفوس إذا مرّنت عليه فيكون عادة والشر الشر لجاجة أحيانًا تألفه النفس وأحيانًا تنفر منه أحيانًا تألفه النفس وأحيانًا تنفر منه والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس تجدك خائف وجل صدرك متلجلج به لا تستطيع أن تبوح به في الناس لا تحب أن يطلع عليه الناس فأنت متلجلج به صدرك لا يستطيع البوح به، ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين كسابقه قال حدثنا..

طالب: ................

ليس معنى هذا أنه أراد الله به شرًا إنما لم يرد الله به خيرًا في هذا الباب وإن أراد به خيرًا في أبواب أخرى، وقد..، إذا كان من أهل الشر أن الله -جلَّ وعلا- أراد به شرًا يعني هل الخير والشر نقيضان أو ضدان؟ الخير والشر نقيضان والا ضدان؟ إذا قلنا نقيضان فإذا ارتفع الخير حل محله الشر ولا محالة وإذا قلنا ضدان يرتفع الخير والشر ويحل محلهما شيء آخر يعني أنت تشوف الناس واحد خيّر من كل وجه والثاني شرير من كل وجه والثالث ساذج لا خير ولا شر إذًا هما ضدان وليسا بنقيضين قال "حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا روح بن جناح" يقول أهل العلم متروك ولذا الحديث ضعيف جدًا "أبو سعد عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد»" فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد يعني قد يكون المعنى له وجه وأما ثبوته فليس بثابت معنى هذا أن العابد العابد فرد واحد لا يحقق ما يطلبه الشيطان منه إلا أن أُتي من قبل جهله، وأما الفقيه فلا يُؤتى من قبل جهله ويسعى في خلاص غيره من شر الشيطان وشركه فهو من هذه الحيثية تجده أشد على على الشيطان.

طالب: ................

لا هو عنده إزاغته أحب إليه، المقصود أن أن فقيه واحد وضعه بالنسبة للشيطان يعني معاناة الشيطان من من فقيه واحد أشد من معاناته من معاناة ألف عابد ألف عابد سهل، يعني ويؤول الأمر إلى شيء واحد، المقصود أن العابد سهل أن يفتن إذا لم يكن عنده علم، وأما الفقيه فيصعب على الشيطان أن يفتنه يصعب على الشيطان أن يفتنه فهو محصن نفسه بالفقه ومحصن غيره بدعوته إليه، وعلى كل حال الحديث ضعيف جدًا، قال "حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا عبد الله بن داود عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل" هذا مجهول عند أهل العلم "عن كثير بن قيس" هذا ضعيف ولذا الخبر ضعيف مخرج في المسند وعند أبي داود والترمذي "قال كنت جالسًا عند أبي الدرداء في مسجد دمشق فأتاه رجل فقال يا أبا الدرداء أتيتك من المدينة مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فما جاء بك تجارة؟ قال لا قال ولا جاء بك غيره»" يعني غير التجارة وغير الحديث "قال لا قال فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من سلك من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقًا إلى الجنة»" وهذا الحديث على ضعفه عند الجمهور يحتج به في مثل هذا الباب في باب الفضائل؛ لأن هذا في فضل العلم وفيه بشارة لطالب العلم ولو لم يحصل شيئًا من العلم يعني لا يستحسر ولا يضيق صدره ولا يترك الطلب بمجرد أنه إذا راجع نفسه ما وجد شيئًا يستحق أن يصرف له مثل هذا الجهد فقد يكثر من حضور الدروس يكثر من المحفوظات يكثر من معناة طلب العلم ومع ذلك النتيجة ضعيفة، الأجر هنا رتب على مجرد سلوك الطريق ولا يلزم أن يكون عالمًا ما قال من كان عالمًا سهل الله لا، "«من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا»" يعني ولو لم يكن عالمًا "«سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم»"، يعني تتواضع لطالب العلم لارتفاع منزلته وعلوها "«من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة»"

طالب: .........

 أهم من حسي ولا معنوي حتى الطرق الموصلة لتحصيل العلم ولو كانت معنوية ما فيها إشكال، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم يعني تواضعا له وإبداء الغبطة بفعله والسرور بذلك وبعض من خالف السنة وعاند السنة وواجه السنة برأيه وسخر منها وهزأ بها ذكر عنه الحفاظ ابن كثير وغيره أنه وضع في نعليه المسامير وحضر لحلقة العلم ليطأ أجنحة الملائكة فخُسف به ساخ في الأرض -نسأل الله العافية والسلامة- "«وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء»" يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء وحتى حرف جر كما يقول ابن مالك:

هاك حروف الجر وهي من إلى

 

حتى خلا حاشا في عن عدا

إلى آخره..، حتى في الماء "«وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب»" كفضل القمر على سائر الكواكب لا شك أن القمر متميز وظهوره في السماء قد يعدل أعداد كبيرة جدًا من الكواكب في حجمه في نوره في ضوئه في إشراقه "«إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر»" يعني إرثه ما حصله من علم إرثه بقدر ما حصله من علم وعمل به، فتجد الإنسان عنده من الإرث النبوي من بعض الخصائص النبوية تكون لبعض الناس بقدر ما ورثه من العلم والعمل المبني على الإخلاص والمتابعة، فالهيبة مثلاً الهيبة والرعب في قلوب الأعداء وفي قلوب المخالفين في قلوب أرباب الدنيا الذين لا علاقة لهم بالعلم تجد بعض العلماء إذا نظرت إليه عطفت عليه من ضعف جسمه وضعف قواه تجده صغير الجسم ناحل الجسم كثير الأمراض ومع ذلك إذا قابله العظماء والوجهاء والكبراء والملأ من القوم تجدهم يرتعدون وهذا بقدر إرثه من نبيه -عليه الصلاة والسلام- الذي يقول: «نصرت بالرعب» نصرت بالرعب بلا شك الورث الخشية المورث للخشية إنما يخشى الله من عباده العلماء الذي جاءت به النصوص كلها هو العلم الشرعي علم الوحيين.

طالب: ................

هذا يأتي يأتي مسألة التفكر التفكر يشترك فيها العالم ويشترك فيها العامي يعني الأعرابي حينما يستلقي في فراشه وينظر في نجوم السماء ويعتبر وينظر في عظمتها وعظمة خالقها وهو لا يقرأ ولا يكتب مثل الطبيب الذي أوصله طبه إلى مثل هذا لا فرق، لكن الأصل أن الذي يورث الخشية مباشرة علم الوحيين هو الذي جاءت النصوص بمدحه الإرث النبوي هذا العلماء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، زكريا لما دعا بالولد فهب لي من لدنك وليا يرثني يرث مال؟ لا إنما يرث عنه هذا العلم وورث سليمان داود ورث ماله؟ لا إنما ورث النبوة عنه فمن أخذه أخذ بحظ وافر فعلى هذا فعلى طالب العلم أن يستكثر من هذا الأثر فليستكثر من هذا الإرث وأي إرث إرث المال ينتهي ويزول ويضمحل، يعني مهما كانت كثرته مآله إلى الفناء والزوال أما الإرث إرث العلم النبوي هذا لا يسطو عليه سارق ولا لص ولا صائل ولا  غاصب ولا يغيظ بنفقة بل يزيد مع الإنفاق فليحرص عليه طالب العلم، قال "حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا حفص بن سليمان قال حدثنا كثير بن شنظير" حفص بن سليمان متروك فالخبر بسببه ضعيف جدًا، "قال حدثنا كثير بن شنظير عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلب العلم فريضة على كل مسلم"، هذا له شواهد تدل على أن له أصلاً "وواضع العلم عند عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ" وهذا ضعيف جدًا؛ لأنه يروى بهذا الإسناد طلب العلم فريضة على كل مسلم أهل العلم يقولون العلم فرض كفاية وهنا يقول على كل مسلم والمراد بالعلم الذي تصح به العبادات تصح به الواجبات تصح به الأركان الذي لا تؤدى هذه العبادات إلا به هذا المقصود أنه فريضة ويأثم الإنسان بالإعراض عنه، "وواضع العلم عند غيره أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب" يعني لو أن إنسانًا في جلسة عادية عند عامة من الناس أو عند مثقفين ليست لديهم الأهلية لأخذ دقائق العلم ثم أخذ يفصل في مسألة علمية ويذكر أقوال العلماء فيها وأدلتها ومآخذهم وفصل هذا لا يصلح لا يصلح أن تبسط هذه عند عوام وأشباه عوام، كما أن إمام المسجد لا ينبغي أن يذكر أن يحدث على الجماعة وغالبهم من العامة بكتب الخلاف التي تبسط الخلاف وتبسط الأدلة والعلل ما يصلح هذا أو عويص العلم يقرأ عليهم بكتاب نحو أو بكتاب من أصول الفقه أو ما أشبه ذلك هذه لا تصلح لعامة الناس، ومن الطرائف واحد من المشايخ حج فخلف شخصًا محب وحافظ للقرآن لكنه إلى العامية أقرب خلفه ليصلي بالناس واستشار بعض الشيوخ فيما يقرأ على الجماعة بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء فأشار عليه بالقاموس المحيط هذه نكتة هذه نكتة أخذ القاموس المحيط وبدأ يراجع عجز عن قراءته هو فضلاً أن يقرأه على غيره؛ لأن القاموس دقيق ومعتصر يعني من كتب اللغة ما يمشي يعني الكتب المبسوطة مثل تهذيب اللغة يمشي مع القارئ الصحاح يمشي لكن القاموس معتصَر ما يمشي مع مع القارئ كل يعني ينكت الشيخ ما هو ما هو بجاد كأن الشيخ أيضًا لحظ أن قراءة مثل هذا على العامة قد يقرأ شيئًا لا يستبين وقد يقرأ شيء يقع فيه تحريف أو تصحيف أو شيئًا مثل هذا فأراد أن يصرفه عن القراءة بالكلية يكفيه أن يصلي بالناس حتى يأتي الإمام من حجه،

طالب: ........

 هذا في باطنه ما ندري عنه لكن الذي يظهر هكذا، قال "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة" الحديث في مسلم والسنن "عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة»" تأمل من نفّس هناك فرّج من نفس عن مسلم كربة الأمر الشديد الذي يبلغ من الشدة مبلغه من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ما قال من كرب الدنيا والآخرة بينما قال "من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة" الستر يحتاجه المسلم في الدنيا والآخرة، أما تنفيس الكرب فمن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ما قال من كرب الدنيا والآخرة؛ لأن كرب الدنيا كلا شيء بالنسبة لكرب يوم القيامة فيوفر له نصيبه كامل من كرب يوم القيامة.

طالب: ................

على كل حال هذا ما ذكره أهل العلم يقولون إن كرب الدنيا كلا شيء بالنسبة إلى كرب يوم القيامة، كل إنسان يتمنى أن أجره يوفر له يوم القيامة "ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة"، ستر عورته ستر زلته وهفوته يستر عليه إذا كانت زلة أو هفوة، أما إذا كانت عادة وديدن له مكثر من المعاصي له سوابق وله جرائم مفسد في الأرض مثل هذا لا يستر عليه كما قال الإمام مالك -رحمه الله- من يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، الجزاء من جنس العمل "من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" ومن هو ليس بحاجة إلى عون الله -جلَّ وعلا-؟

إذا لم يكن عون من الله للفتى

فأول ما يقضي عليه اجتهاده

فالإنسان بأمس الحاجة إلى عون الله تعالى فليبذل السبب فليبذل السبب، فليبذل عونه لإخوانه "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة" الحديث، الضعيف السابق حديث أبي الدرداء هذه الجملة لها شاهد في الصحيح في مسلم "ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم" وفي ذلك أيضًا يدخل في ضمنه ما يعين على فهمه فهم كتاب الله من سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وما يوضح ذلك، "«وما اجتمع قوم في بيت من بيوت يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده»" يعني كون الإنسان يذكره الله -جلَّ وعلا- شأن عظيم بالنسبة له، والإنسان إذا ذكره شخص له جاه وله منزلة ذكره وزير أو ذكره أمير يعني لو جاءك من يقول لك أن البارحة ذُكرت في مجلس الأمير فلان أو الوزير فلان يمكن تكاد لا تطأ رجلاك الأرض تكاد تطير من الفرح، ومع ذلك إذا جلست في المسجد تذكر الله تتلو كتاب الله تدرس كتاب الله أو ما يعين على فهم كتاب ذكرك الله فيمن عنده وإذا ذكرت الله في نفسك ذكرك الله في نفسه وإذا ذكرته في ملأ ذكرك الله في ملأ خير منهم هذا الذي ينبغي أن يحرص عليه هذا الذي يحرص عليه ولا يلتفت إلى مدح فلان أو ذكر فلان أو علان لا سيما وفي هذا من القدح في الإخلاص ما فيه، يقول ابن القيم -رحمه الله- إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب المدح والثناء فاذبحه بسكين علمك أنه لا أحد ينفع مدحه ولا يضر ذمه إلا الله -جلَّ وعلا-، لما جاء الأعرابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال أعطني يا محمد إن مدحي زين وذمي شين قال ذاك الله ما هو بأنت ذاك الله، "«وذكرهم الله فيمن عنده ومن أبطأ به عمله" وفي رواية من بطأ "من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه»" مفهومه أن من أسرع به عمله لم يبطئ به نسبه فالذي تأخر عمله الذي قل عمله وتأخر عن أعمال غيره فإن نسبه لا ينفعه ولا يسرع به نسبه وبالعكس من أسرع به عمله لا يضره نسبه، نعم إذا كان على الإيمان وقصر في العمل لا شك أنه يلحق بوالديه ﮒﮓ الطور: ٢١  يعني ما نقصناهم من عملهم من شيء لكن الكلام في الذي يقصر به عمله بحيث لا ينجو لا يكفيه للنجاة فإن نسبه لا ينفعه ومن عمله يسرع به فينجيه لا يضره نسبه ولو كان من كان.

طالب: ................

العبد الأب ألحقنا بهم ذريتهم يعني هل الأب يلحق بالذرية إذا كان أقل، يعني الأولاد طلاب علم وحفاظ وأخيار والأب أقل يلحق بهم؟

طالب: ................

يعني من باب أولى كأن هذا من باب أولى؛ لأنه هو السبب في وجودهم فهم حسنة من حسناته ما يبعد فضل الله واسع ومجيء الآية على الغالب الغالب أن الآباء أفضل من الأبناء لأنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه.

طالب: ................

لا لا لا لا أنت لو قلت هل يرتقي أبو قحافة إلى منزلة أبي بكر دعنا من عائشة يمكن تقصد هذا، هل يرتقي أبو قحافة يلحق بولده أبي بكر أو لا يلحق؟ هذا محل البحث على كل حال النص ورد في إلحاق الذرية بالآباء وأما بالنسبة للعكس هذا محل نظر وفضل الله واسع، لا شك أنه إن كان السبب في استقامتهم أنه أولى منهم في الحديث الذي يليه قال "حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسّال المرادي فقال ما جاء بك قال أنبط العلم" يعني أستنبط العلم وأستخرج العلم كما يستخرج الماء، "أنبط العلم فقال فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من خارج خرج من بيته لطلب علم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضى بما يصنع»" وشاهده فيما تقدم فالحديث صحيح وإن كان من رواية عاصم بن أبي النجود وقد تكلم في حفظه قال "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر عن المقبري عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" حميد بن صخر قالوا عنه أنه لا بأس به لا بأس به "عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أن يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره" ينظر إلى متاع غيره يعني الذي يأتي إلى المسجد ليطلب العلم بمنزلة المجاهد والذي جاء إلى المسجد لغير ذلك جاء إما لينام أو ليتفرج على الفن المعماري لا سيما مع كثرة التشييد والزخرفة في المساجد المهم جاء لأي غرض من الأغراض التي ليس من طلب العلم في شيء هذا بمنزلة الرجل ينظر في متاع غيره كمن يذهب إلى الأسواق لينظر في السلع وهي ليست له لا يستفيد منها شيء، قال "حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا عثمان بن أبي عاتكة عن علي بن يزيد" الألهاني وهو ضعيف عند أهل العلم "عن القاسم عن أبي أمامة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عليكم بهذا العلم قبل أن يقبض وقبضه قبل أن يرفع»" وقبضه قبل أن يرفع "وجمع بين أصبعيه الوسطى والتي" تليها التي "تلي الإبهام" يعني السبابة جمع بينهما "ثم قال «العالم والمتعلم شريكان في الأجر ولا خير في الناس" يعني في سائر الناس» يعني غير عالم ومتعلم كما جاء في الحديث عند الترمذي وغيره الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم ومتعلم، على كل حال الخبر ضعيف وفيه الحث على العلم والتعليم قال "حدثنا بشر بن هلال الصواف قال حدثنا داود بن الزبرقان" هذا متروك شديد الضعف فالحديث ضعيف جدًا، "عن بكر بن خنيس" أيضًا ضعيف "عن عبد الرحمن بن زياد" الأفريقي من أنعم هذا أيضًا مضعف عند جمهور أهل العلم وإن وثقه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي "عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من بعض حجره فدخل المسجد فإذا هو بحلقتين" أولاً الحديث ضعيف جدًا ولفظه منكر "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من بعض حجره فدخل المسجد فإذا هو بحلقتين إحداهما يقرؤون القرآن ويدعون الله والأخرى يتعلمون ويعلمون فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: كل على خير هؤلاء يقرؤون القرآن ويدعون الله فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم وهؤلاء يتعلمون ويعلمون وإنما بعثت معلما فجلس معهم»" لفظه فيه لا شك نكارة لفظه فيه نكارة وإسناده ضعيف جدًا. سم.

باب من بلغ علما حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد قالا حدثنا محمد بن فضيل قال حدثنا ليث بن أبي سليم عن يحيى بن عباد أبي هبيرة الأنصاري عن أبيه عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نضّر الله امرءًا سمع مقالتي فبلغها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» زاد فيه علي بن محمد ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله والنصح لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم حدثنا محمد بن عبد الله نمير قال حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن عبد السلام عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخَيف من منى فقال: «نضر الله امرئا سمع مقالتي فبلغها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» حدثنا علي بن محمد قال حدثني خالي يعلى ح وحدثنا هشام بن عمار قال حدثنا سعيد بن يحيى قال حدثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بنحوه، حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن الوليد قالا حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «نضر الله امرئا سمع منا حديثًا فبلغه فرب مبلغ أحفظ من سامع» حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا يحيى بن سعيد القطان أملاه علينا قال حدثنا قرة بن خالد قال حدثنا محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه وعن رجل آخر هو أفضل هو أفضل في نفسي من عبد الرحمن عن أبي بكرة قال خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر فقال: «ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلَّغ يبلَّغه أوعى له من سامع» حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا إسحاق بن منصور قال أنبأنا النضر بن شميل عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية القشيري قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا ليبلغ الشاهد الغائب» حدثنا أحمد بن عبدة قال أنبأنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال حدثني قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين التميمي قال عن أبي علقمة مولى ابن عباس عن يسار مولى ابن عمر عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليبلغ شاهدكم غائبكم» حدثنا محمد بن إبراهيم الدمشقي قال حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن معان بن رفاعة عن عبد الوهاب بن بخت المكي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نضر الله عبدًا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».

 

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في "باب من بلغ علمًا قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد قالا حدثنا محمد بن فضيل قال حدثنا ليث بن أبي سليم" هذا بن زنيم ضعيف عند أهل العلم لكن الحديث له شواهد يأتي شيء منها مما يجعله صحيح المتن "قال حدثنا ليث بن أبي سليم عن يحيى بن عبّاد أبي هبيرة الأنصاري عن أبيه عن زيد بن ثابت قال قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «نضّر الله امرءا»" وفي رواية بالتخفيف "نضر الله امرءًا" من النضرة والنضارة وهي البهاء والنور والحسن سمع مقالتي هذه هذا دعاء أو خبر أو خبر عمن لا ينطق عن الهوى وتجدون أهل الحديث في وجوههم نور المقصود بأهل الحديث العاملون به ولا يلزم من النور أن يكون الوجه أبيض فالنور يرى من حامل هذا العلم ولو كان وجهه ليس أو بشرته ليست بيضاء وهذا واضح كثير من طلاب العلم ولو كانوا من الجهات التي يكثر فيها السواد تجد نور الطاعة ونور العبادة ونور حمل العلم ونور العمل به تجده واضح من وجهه، وتجد بعض الناس ولو كانت بشرته بيضاء تجد على وجهه ظلمة وهذا ملاحظ قال: "«نضر الله امرءا سمع مقالتي فبلغها فرب حامل فقه غير فقيه رب حامل فقه غير فقيه»" ولا شك أن الناس أنواع منهم من يحفظ لكن لا يفهم هذا يستفاد منهم في التبليغ يحفظ ويبلغ غيره، والذي يفهم يسمع من هذا الذي يحفظ ويفهم ويعلم الناس ما فهم وفي كل خير الحافظ فيه خير والفاهم الذي يفهم ما يسمع فيه خير ولو كانت حافظته أقل وهما متكاملان وعلى كل حال "فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" يعني قد يكون الراوي المباشر السامع مباشرة يحفظ لكنه يبلغ هذا الحديث إلى فقيه يستنبط منه قد لا يكون في قدرته أن يستنبط من من الأحاديث فإذا بلغه غيره استنبط منه كثير وقع من الحوادث أن أن أفتى بعضهم بحكم شرعي فناقشه أحد فقال ما دليلك على ذلك قال دليلي ما حدثتني به عن فلان عن فلان عن فلان يعني دل على أن الثاني أفقه من الأول ذاك حمل حمل الفقه لكنه ليس بفقيه، الثاني مبلَّغ وصار أوعى من السامع فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وأنتم من خلال ما قرأتم عن أهل العلم تجدون من أهل العلم من في شيوخه من هو دونه يعني يبرز الطالب أكثر من شيخه ويحصل من العلم أكثر من شيخه وأصول علمه بواسطة شيخه بواسطة شيخه لكن الله فتح عليه بعلوم ومعارف لم تفتح لشيخه وهذا كثير، "وزاد فيه علي بن محمد ثلاث لا يغل" أو لا يُغل من الإغلال أو من من الغِل والإغلال الخيانة يعني لا ينطوي قلبه على هذه الخيانة "قلب امرء مسلم إخلاص العمل لله" فترك الإخلاص العمل لله -جلَّ وعلا- خيانة خيانة للنفس "والنصح لأئمة المسلمين" ترك النصح لأئمة المسلمين هذه أيضًا خيانة بل الواجب النصيحة فالدين النصيحة "ولزوم جماعتهم" الشذوذ عن جماعة المسلمين والانفراد عنهم وما أشبه ذلك وما في معناه كل هذا خيانة من المرء لنفسه ولقومه قال "حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن عبد السلام" بن أبي الجنود وهو ضعيف لكنه توبع كما في الرواية اللاحقة "عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخَيف من منى قال «نضر الله امرءًا سمع مقالتي فبلغها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»" يشهد له ما تقدم، وأيضًا يتابعه ما سيأتي، قال "حدثنا علي بن محمد قال حدثني خالي يعلى ح وحدثنا هشام بن عمار قال حدثنا سعيد بن يحيى قال حدثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-" وهذا إسناد جيد فيه محمد بن إسحاق صدوق وقد روى بالعنعنة وهو مدلس لكن له ما يشهد له مما يؤمن معه تدليسه، فالخبر صحيح متنه صحيح، قال "حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن الوليد قالا حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن سماك" بن حرب صدوق فالخبر بهذا الإسناد حسن إلا أن متنه صحيح بما تقدم وما سيأتي، "عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه" عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عبد الله بن مسعود "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «نضر الله امرءا سمع منا حديثا فبلغه فرب مبلغ أوعى من سامع»" الحديث بطرقه جمعه جمع طرقه الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد له رسالة في جمع طرق حديث نضر الله امرءًا والمؤلف جمع كثير من طرقه، قال نضر الله امرءا سمع منا حديثا فبلغه فرب مبلغ أحفظ من سامع قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا يحيى بن سعيد القطان أملاه علينا الإملاء أعلى درجات السماع من لفظ الشيخ لما يتطلبه من تحرز الشيخ والطالب عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أبو بكرة اسمه نفيع بن الحارث صحابي وعن رجل آخر هو أفضل في نفسي من عبد الرحمن هو حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي بكرة قال خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر فقال ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلَّغ يبلغه والذي يبلغه هو المبلِّغ والمبلَّغ يبلغ، يبلغه أوعى له من سامع وهذا تقدم، قال "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا إسحاق بن منصور قال أنبأنا النضر بن شمير عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية القشيري قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا ليبلغ الشاهد الغائب»" المتن صحيح والإسناد حسن: لأن رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده من قبيل الحسن عند أهل العلم قال "حدثنا أحمد بن عبدة قال أنبأنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال حدثني قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين التميمي عن أبي علقمة مولى ابن عباس محمد بن الحصين مجهول "عن أبي علقمة مولى ابن عباس عن يسار مولى ابن عمر عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليبلغ شاهدكم غائبكم»" ويشهد له ما تقدم فمتنه صحيح قال "حدثنا محمد بن إبراهيم الدمشقي" وشيخ ابن ماجه هذا منكر الحديث ضعيف جدًا عند أهل العلم حتى اتهمه بعضهم "قال حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن معان بن رفاعة عن عبد الوهاب بن بخت المكي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نضر الله عبدًا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"، فالإسناد ضعيف جدًا والمتن صحيح يشهد له ما تقدم، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"