هدي النبي في رمضان (21)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أيها الإخوة المستمعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم إلى هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله، فحيى الله فضيلته وأهلاً وسهلاً به معنا في هذا اللقاء.
حياكم الله وبارك فيكم.
أيها الإخوة المستمعون الكرام: ولا يزال الحديث حول هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان ومن هديه قيام الليل، فضيلة الشيخ لو تحدثتم عن المراد بقيام الليل وفضل هذا القيام وفقكم الله.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد روى الإمام البخاري وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» المراد بالقيام قيام لياليه مصليًا تاليًا ذاكرًا، وذكر النووي أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح يريد أنه يحصل بها المطلوب من القيام لا أن قيام رمضان لا يكون إلا بها، سميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح؛ لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين يعني لطولها يعني لطولها وقد جاء في صفة صلاته -عليه الصلاة والسلام- أنه يصلي أربعًا كما في حديث عائشة فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يوتر بثلاث، وهذا هو الأصل في كونهم يستريحون بين كل تسليمتين؛ لأنه يصلي أربع من الحسن والطول بمكان يحتاج معها إلى إلى راحة، روى البخاري أيضًا عن عروة عن عائشة أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد فتشهد ثم قال «أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها» فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأمر على ذلك.
أنها غير مفروضة.
أنها غير مفروضة ولا تؤدى جماعة الأمر على ذلك أنها لا تؤدى جماعة وهي أيضًا غير مفروضة قال ابن شهاب فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- وصدرًا من خلافة من خلافة عمر -رضي الله عنه- يعني يصلون أوزاع كل يصلي لنفسه، وعن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم يعني جماعة وراء أبي -رضي الله عنه-، قال عمر -رضي الله عنه- نعم البدعة هذه نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل كأن الناس يقومون أوله يعني التراويح بعد صلاة العشاء مباشرة على ما هو معمول على مر العصور إلى يومنا هذا، هذه التي يقومون إليها لا شك أن فيها من الفضل ما يحقق قيام رمضان، لكن يقول عمر -رضي الله عنه-: والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد آخر الليل، بلا شك أن صلاة آخر الليل أفضل من الصلاة في أوله، ومعنى قوله -عليه الصلاة والسلام- «إيمانًا» أي تصديقًا بوعد الله بالثواب «واحتسابًا» أي طلبا للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه، «غفر له» ظاهر ذلك يتناول الصغائر والكبائر وبه جزم ابن المنذر، قال النووي المعروف أنه يختص بالصغائر يعني قول جمهور أهل العلم أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة أو رحمة أرحم الراحمين لكن من أهل العلم من يرى أن عموم مثل هذا الحديث يتناول الكبائر مع الصغائر؛ لأن مثل هذا الوعد الذي جاء بخصوصه في هذه العبادة في قيام رمضان في قيام ليلة القدر في صيام رمضان يعني هذا قدر زائد على مثل قوله تعالى: { إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ } النساء: ٣١ يقول الكبائر..، الصغائر مكفرة باجتناب الكبائر.
أما هذا فوعد خاص.
نعم قدر زائد على ذلك لكن الجمهور اعتمدوا على مثل قوله -عليه الصلاة والسلام- «رمضان إلى رمضان والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» وفي رواية «ما لم تغش كبيرة» فدل على أن الكبائر لا تكفر بمثل هذه الأعمال لكن إن جاء على الصغائر كلها يجوز أن يخفف من الكبائر وإلا فالكبائر لا بد من التوبة منها عند جمهور أهل العلم، النبي -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم صلى بالناس جماعة في ثلاث ليال ثم ترك التجميع بهم لماذا؟ خشية أن تفرض على الأمة، وهذا من شفقته -صلى الله عليه وسلم- ورأفته بأمته، ثم استمر الأمر على الترغيب في قيام رمضان من غير جماعة بقية عمره -عليه الصلاة والسلام- وفي خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وفي صدر خلافة عمر رضي الله عنه، ثم إن عمر -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشد الذي أمرنا بالاقتداء به «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» «اقتدوا باللذين من بعدي» أمرنا بالاقتداء به اجتهد بعد أن زالت العلة زالت خشية أن تفرض فيعجز الناس عنها، بم زالت هذه الخشية؟ بموت النبي -عليه الصلاة والسلام-، بموت النبي -عليه الصلاة والسلام- فلما زالت هذه العلة خشية أن تفرض اجتهد عمر -رضي الله عنه- فجمع الناس على أبي بن كعب أي جعله لهم إمامًا وكأنه اختاره عملاً بحديث يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وأبي -رضي الله عنه- أقرأ أقرؤهم كما ثبت في الخبر، ثم إن عمر -رضي الله عنه- خرج ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم فأعجبه ذلك فأعجبه ذلك، وخشي أن يقال له ابتدعت يا عمر، فقال -رضي الله عنه- نعم البدعة وفي لفظ نعمت البدعة هذه، هل في البدع ما يمدح؟ الجواب لا، كيف يقول -رضي الله عنه-: وهو الخليفة الراشد المحدث الملهم، يقول نعمت البدعة، يمدح البدع؛ لأن نعم مدح بلا شك، نأتي أولاً على معنى البدعة في اللغة وفي الاصطلاح لننظر، هل صنيع عمر وجمع الصحابة على إمام واحد هل هو بدعة أو ليس ببدعة؟ البدعة في الأصل ما عمل على غير مثال سابق وفي الشرع ما تعبد به مما لا دليل عليه يعني من لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة فقول عمر نعمت البدعة هل يمكن أن يطبق عليها التعريف اللغوي ما عمل على غير مثال سابق.
هذا مثال سابق وهو فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
يمكن أن يطبق عليها البدعة الشرعية لا أصل لها في الشرع أو لها أصل؟ بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها؟ زعم بعضهم أن المراد بالبدعة هنا هي البدعة اللغوية هي البدعة اللغوية وهذا يقرره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ويقلده كثير من أهل العلم، وقال بعضهم إنه من قبيل المجاز، وهي في الحقيقة ليست ببدعة لا لغوية لماذا؟ لأنها عملت على مثال سابق فقد صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاث ليال ثم ترك، لا نسخًا لها وإنما خشية أن تفرض وهي أيضًا ليست ببدعة شرعية؛ لأن لها أصلاً شرعيًا صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- كما سبق والقول بأنها مجاز ليس بصحيح إذ لا مجاز في لغة العرب أصلاً فضلاً عن النصوص كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من المحققين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم، والصواب أن ذلك من باب المشاكلة من باب المشاكلة في اللفظ كأن قائلاً قال ابتدعت يا عمر فقال نعمت البدعة.
نعم أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، الحقيقة أن الوقت يدركنا في هذه اللحظة، وربما نعود لتفصيل ما يلزم من حول هذه المسألة، نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بما سمعنا وبما قلنا إنه سميع مجيب، أيها الإخوة المستمعون الكرام بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة، أتقدم في ختامها بالشكر الجزيل، لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله، شكر الله له ولكم أنتم مستمعينا الكرام نلقاكم بإذن الله تعالى في الحلقة المقبلة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
"