شرح أبواب الطهارة من سنن الترمذي (14)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين.
قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:
باب: الوضوء لكل صلاة:
حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن حميد عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ لكل صلاة طاهراً أو غير طاهر، قال: قلت لأنس: فكيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءاً واحداً.
حديث أنس غريب من هذا الوجه، والمشهور عند أهل الحديث حديث عمرو بن عامر عن أنس، وقد كان بعض أهل العلم يرى الوضوء لكل صلاة استحباباً لا على الوجوب.
وقد روي في حديث عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات» وروى هذا الحديث الأفريقي عن أبي غطيف عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حدثنا بذلك الحسين بن حريث المروزي قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن الأفريقي وهو إسناد ضعيف، قال علي: قال يحيى بن سعيد القطان: ذُكر لهشام بن عروة هذا الحديث فقال: هذا إسناد مشرقي.
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا: حدثنا سفيان عن عمرو بن عامر الأنصاري قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ عند كل صلاة، قلت: فأنتم ما كنتم تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم نحدث، هذا حديث حسن صحيح.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الوضوء لكل صلاة" الوضوء لكل صلاة، يعني ولو لم يحدث، أما إذا أحدث فمثل هذا لا يحتاج إلى تنبيه؛ لأن الله -جل وعلا- لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ، فالمراد بالباب ما لم يحدث يتوضأ وهو على طهارة، وأمره لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى: أن يكون قد فعل بالوضوء الأول عبادة لا تفعل إلا بالطهارة، وفي هذا ما يسمى تجديد الوضوء، وهو مستحب عند عامة أهل العلم.
والحال الثانية: أن يكون في وضوئه الأول لم يستعمل في عبادة لا تؤدى إلا بالطهارة، فمثل هذا عامة أهل العلم على عدم استحبابه؛ لأنه زيادة على القدر المشروع في الوضوء من غير حاجة، يفرقون بين هذا وهذا، وإلا فما الذي يمنع من أن الإنسان إذا فرغ من وضوئه أعاده ثانية ثم أعاده ثالثة بزعم تجديد الوضوء؟ فالفارق بين هذا وهذا أن يستعمل الوضوء الأول في عبادة لا تؤدى إلا بطهارة، يعني لو قلنا: إن تجديد الوضوء مستحب ولو لم يستعمل في طهارة لقال من قال: إنه إذا فرغ من الوضوء أعاده ثانية، الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، ثم يعيده ثلاثاً ثلاثاً ثانية وهكذا، ويزعم أنه يفعل تجديد الوضوء المستحب، وهذا لا يمكن أن يقال به، بل هذا أمر مبتدع، لا سيما مع قرب الفاصل بين الوضوئين، أما إذا فعل به عبادة انتفى المحظور، يكون الوضوء الأول للعبادة الأولى والتجديد للثانية وهكذا.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن حميد" بن حيان "الرازي" حافظ، ضُعف من قبل أهل العلم، ضعفوه، توفي سنة ثمان وأربعين، يعني ومائتين "قال: حدثنا سلمة بن الفضل" الأبرش، مولى الأنصار، قاضي الري، صدوق كثير الخطأ، من التاسعة "عن محمد بن إسحاق" إمام أهل المغازي، كلام أهل العلم فيه طويل جداً، كذَّبه مالك، وقال: دجال من الدجاجلة، ووثقه غيره، والتوسط في أمره أن يقال: صدوق، صدوق، أما إذا حدث في المغازي فلا يقدم عليه غيره، اللهم إلا إن كان من ثقات الأئمة كموسى بن عقبة وغيره، أما ابن إسحاق فهو إمام أهل المغازي، والكلام في روايته عند أهل العلم معروف، الكلام فيه يستوعب مصنف، والتوسط في أمره أن يقال: صدوق، لكنه أيضاً مدلس، فيحتاج في روايته إلى التصريح بالتحديث أو السماع "عن حميد" بن أبي حميد الطويل، ثقة عند أهل العلم "عن -الصحابي الجليل- أنس -بن مالك- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ لكل صلاة" يعني مفروضة "طاهراً أو غير طاهر" طاهراً أو غير طاهر، "قال: قلت لأنس" يعني حميد يقول: "قلت لأنس: فكيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءاً واحداً" يعني لجميع الصلوات ما لم نحدث، على ما سيأتي في الحديث الذي يليه، يصلون الصلاة بوضوء واحد، قال: كيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءاً واحداً، فيصلون به الصلوات ما لم يحدثوا، يتصور أن الإنسان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد، هذا متصور لتقارب ما بين هذه الصلوات، لكن هل يصلي الظهر بوضوء الفجر أو الفجر بوضوء العشاء؟ هذا بعيد، لكن ذُكر عن بعض أهل العلم أنه مكث سنين يصلي الفجر بوضوء العشاء، لكن مثل هذا يلزم عليه إحياء الليل كله، وما عرف عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أحيا ليلة كاملة كما تقول عائشة وغيرها، لكنه في العشر الأواخر على وجه الخصوص يشد المئزر، يشد المئزر فالظاهر أنه كان يُحيي الليل كله في العشر الأواخر، وأما ما عداها فلم يعرف عنه أنه أحيا ليلة كاملة، فالسنة أن ينام الإنسان ليتقوى بهذا النوم على عباداته من نافلة في قيام الليل أو صلاة الصبح يتقوى بها والجلوس بعدها إلى انتشار الشمس، فلا شك أن النوم إذا قصد به التقوي على العبادة فهو عبادة، يكون عبادة يؤجر عليه الإنسان.
"قال أبو عيسى: حديث حميد عن أنس حديث حسن غريب" قالوا: تفرد به محمد بن إسحاق، قاله الشارح وغيره، قالوا: غريب؛ لأنه تفرد به محمد بن إسحاق، لكن الحديث الذي يليه برقم ستين، قال: "حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن هو ابن مهدي قالا: حدثنا سفيان بن سعيد عن عمرو بن عامر الأنصاري قال: سمعت أنس" فعمرو بن عامر متابع لحميد عن أنس، متابع لحميد عن أنس، وأيضاً: سفيان الثوري متابع لابن إسحاق فارتفعت الغرابة، اللهم إلا إذا كان يريد غرابة نسبية يعني من طريق حميد فقط فقد تفرد بالرواية عنه محمد بن إسحاق، فالغرابة هنا يمكن أن توجه بأنها نسبية.
"حسن غريب من هذا الوجه" يعني من طريق حميد فقط "والمشهور عند أهل الحديث حديث عمرو بن عامر الأنصاري عن أنس" الذي سيأتي ذكره في آخر الباب "وقد كان بعض أهل العلم يرى الوضوء لكل صلاة استحباباً لا على الوجوب" يرى الوضوء لكل صلاة استحباباً لا على الوجوب، بل أكثر العلماء على ذلك، يعني استحباب تجديد الوضوء إذا فعل بالأول عبادة أكثر العلماء على استحباب التجديد، وذهب بعضهم إلى وجوب فعل ذلك لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، أنه يتوضأ لكل صلاة، فيجب على المكلف أن يتوضأ لكل صلاة، لكن دلت الأدلة الأخرى أن مثل هذا العمل كان في أول الأمر ثم نُسخ.
يقول ابن حجر في فتح الباري: اختلف السلف في معنى قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] الآية فقال الأكثرون: التقدير إذا قمتم محدثين، إذا قمتم محدثين، يعني منهم من قال: إذا قمتم من النوم، وهو داخل في كلام ابن حجر؛ لأن النوم مظنة للحدث، فقال الأكثرون: التقدير إذا قمتم محدثين ومن العلماء من حمله على ظاهره، وقال: الوضوء لكل صلاة، الوضوء لكل صلاة كان واجباً ثم اختلفوا هل نُسخ أو استمر حكمه؟ هل نسخ أو استمر حكمه؟ ومما يدل على نسخه حديث عمرو بن عامر الذي يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-.
وذهب إلى استمرار الوجوب قوم كما جزم به الطحاوي، ثم استقر الإجماع بعد ذلك على عدم الوجوب، يعني ارتفع الوجوب وبقي الاستحباب هذا في التجريد.
"وقد روي في حديث عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات»"
"قال: وروى هذا الحديث الأفريقي عن أبي غطيف عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حدثنا بذلك الحسين بن حريث المروزي قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن الأفريقي وهو إسناد ضعيف" الآن المؤلف -رحمه الله تعالى- قدّم المتن مع الصحابي على الإسناد، الأصل أن يقول: حدثنا الحسين بن حريث المروزي قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن الأفريقي عن أبي غطيف عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذه هي الجادة أن يقدم الإسناد ثم يذكر المتن، وهنا قدم المتن وأخَّر الإسناد، وأهل العلم يقولون: سواء قدم المتن أو أُخر الإسناد لا فرق، لا فرق، المقصود أن الصورة واضحة، الإسناد متكامل سواءً قدم أو أخر، والمتن ما فيه إشكال، يعني سواءً قُدم أو أخر، إلا عند ابن خزيمة في صحيحه، ابن خزيمة يرى بل نص على أنه إذا قُدم المتن فإنه لا يقدمه إلا لعلة في الإسناد، إلا لعلة في الإسناد، والجادة عنده تقديم الإسناد على المتن فإذا أخره كان ذلك لعلة، وأما غيره من أهل العلم فلا يعرف عندهم تفريق.
قال" وقد روي في حديث عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من توضأ على طهر -يعني مع كونه طاهراً- كتب الله له به عشر حسنات» يحتمل أن يكون المراد كتب الله به عشر وضوءات، يعني كأنه توضأ عشر مرات، ويحتمل أن يكون أجره على هذا الوضوء عشر حسنات، وهل يكفي في الوضوء الحسنة الواحدة؟ حسنة واحدة ثم يكتب له بالتجديد عشر حسنات، أي حسنة يفعلها المسلم حسنة مقبولة فإنها تضاعف إلى عشر، فله عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، يعني فضل الله واسع؛ لأنه جاء في حديث عند أحمد في المسند وفيه كلام لأهل العلم قالوا: إن الله يضاعف لبعض عباده الحسنة إلى ألفي ألف حسنة، إلى مليونين حسنة، فضل الله واسع، لكن الحديث فيه كلام لأهل العلم، يبقى أن أقل مضاعفة عشر حسنات، فما ميزة هذا الوضوء الذي يضاعف إلى عشر حسنات؟ أو نقول: إن هذا من باب الترغيب؟ الترغيب في تجديد الوضوء، وأنه يضعف إلى عشر حسنات كغيره، وأنه عمل صالح بدليل المضاعفة؟
يقول البغوي في شرح السنة: تجديد الوضوء مستحب إذا كان قد صلى في الوضوء الأول، وكرهه قوم إذا لم يصلي بالأول، ذكرنا سابقاً أنه إذا لم يصل بالأول سواءً تأخر عن الوضوء الأول أو صار قريباً منه، أكثر أهل العلم على أنه...
طالب:........
نعم، لا سيما إذا قرب، يعني توضأ وانتهى، ثلاث وثلاث، ثم توضأ ثانية مباشرة لا شك أن هذه بدعة، لا يقول أحد لمجرد الكراهة، بل المتجه تحريم مثل هذا الفعل؛ لأنه زاد على ما شرع الله -جل وعلا-، متعبداً بذلك.
قال: «من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات» قال: وروى هذا الحديث الأفريقي" تقدم اسمه: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، والجمهور على تضعيفه، وإن قوَّاه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه، لكن الجمهور على أنه ضعيف "عن أبي غطيف الهذلي" وهو مجهول، لا يدرى من هو؟ "عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حدثنا بذلك الحسين بن حريث المروزي" وهو إمام ثقة من الطبقة العاشرة، "قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي" وهو أيضاً ثقة عابد "عن الأفريقي وهو إسناد ضعيف".
قلنا: إنه لضعف الإفريقي وجهالة أبي غطيف، لضعف الإفريقي وجهالة أبي غطيف "قال الإمام "علي" بن عبد الله السعدي المعروف بابن المديني، إمام من أئمة المسلمين، كأن الله -جل وعلا- خلقه لهذا الشأن، والأئمة الكبار يستصغرون أنفسهم عنده كأحمد وغيره "قال يحيى بن سعيد القطان: ذكر لهشام بن عروة هذا الحديث فقال: هذا إسناد مشرقي" ما معنى مشرقي؟ استشكل كلمة مشرقي، يعني مقتضاها أن الرواة كلهم من المشرق، والإفريقي من إفريقية من المغرب، قال: هذا إسناد مشرقي، واستشكل كون في إسناده الإفريقي وهو مغربي، من إفريقية في المغرب، فالإشكال قائم، لكن بعض أهل العلم يطلق الكلام لأدنى مناسبة، فلعل سياق الحديث أو سياق الإسناد أو ما أشبه ذلك فيه شبه من سياق المشارقة، فيه شبه من سياق المشارقة، لا سيما من قبل الإفريقي نفسه؛ لأنه مغربي، والمغاربة لهم طريقتهم في سوق الأسانيد والمتون وتتبعهم لها، والمشارقة لهم ذلك فلعل هذا هو المراد وإلا فالأمر مشكل؛ لأن الإفريقي مغربي.
قال الترمذي -رحمه الله-: "سمعت أحمد بن الحسين يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان" يعني يحيى بن سعيد القطان هو الذي ذكر لنا الخبر السابق عن هشام بن عروة، وأمر آخر لعل هشام بن عروة يقصد من بعد الأفريقي، يعني من بعد الإفريقي في صياغة الإسناد؛ لأن الإفريقي بعد هشام بن عروة فوفاته بعده بخمسة عشر سنة، يقول أحمد بن حنبل: ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان، أحياناً يقول العالم: ما رأيت مثل فلان، بل ولا رأى مثل نفسه إيش معنى هذا الكلام؟ يقول: ما رأيت مثل فلان، بل ولا رأى مثل نفسه هل معنى هذا أنه معجب بنفسه ما رأى أن غيره مثله؟ أو أن المراد أنا ما رأيت في شيوخي مثل فلان وهو أيضاً ما رأى في شيوخه مثله؟ ولو لم يصرح بذلك، يعني إذا نظرنا في الطبقات شيخ الشيخ أو شيوخ الشيخ مثلاً إذا جئنا إلى شيخ الإسلام ابن تيمية قد يقول ابن القيم: إني ما رأيت مثل شيخ الإسلام كلام حق، وقد يقول ابن القيم: "ولا رأى مثل نفسه" يعني شيخ الإسلام كلام حق؛ لأنه رأى شيوخه وعاصرهم وليسوا مثله، فشيخ الإسلام لا يقول: بأني ما رأيت مثل نفسي ما يمكن، لكن ابن القيم يقولها لجزمه بأن شيوخ شيخ الإسلام دونه في المنزلة، دونه في المرتبة في العلم والعمل، فيقال مثل هذا الكلام، ولا يظن به أن الشيخ صرح بذلك أنه ما رأى مثل نفسه؛ لأنه توجد مثل هذه العبارة كثير في التراجم فقد يظن طلاب العلم أن الشيخ نفسه قال هذا الكلام.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد -وهو القطان- وعبد الرحمن -وهو ابن مهدي وكلهم أئمة، محمد بن بشار شيخ الأئمة المعروف ببندار، ويحيى بن سعيد القطان إمام مثلما قال الإمام أحمد، وعبد الرحمن بن مهدي أشهر من نار على علم "قالا: حدثنا سفيان بن سعيد" بن مسروق الثوري وهو أيضاً ليس دونهم "عن عمرو بن عامر الأنصاري" وهو ثقة، كوفي ثقة "قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ عند كل صلاة" كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ عند كل صلاة، وكان تدل على الاستمرار، وظاهره أن تلك عادته، أن تلك عادة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم عدل عنها عام الفتح وقبل ذلك في خيبر، صلى الصلاتين بوضوء واحد، وسيأتي في الباب الذي يليه، عدل عن ذلك عام الفتح وقبله في خيبر "يتوضأ لكل صلاة، قلت" القائل عمرو بن عامر التابعي: "فأنتم" يعني الصحابة -رضوان الله عليهم- ما كنتم تصنعون؟ يعني يسأل أنس ومن بحضرته إن وجد من الصحابة فأنتم؛ لأنه جمع "فأنتم ما كنتم تصنعون؟" أو يسأل أنس عن حال الصحابة -رضوان الله عليهم-، "ما كنتم تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم نحدث" يعني بهذا القيد، أما إذا وجد الحدث فلا كلام؛ لأن الله لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ، "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج في البخاري وغيره، مخرج في البخاري وغيره "وحديث حميد عن أنس حديث جيد غريب حسن" حديث جيد غريب حسن، يعني جيد من الألفاظ النادرة عند الترمذي، يعني ما أطلقها إلا في مواضع يسيرة، حديث جيد غريب حسن، فإذا قال: جيد حسن فكأنه قال: حسن صحيح، عند أهل العلم جيد، مثل صحيح، إلا أن ابن حجر -رحمه الله- أبدى نكتة لطيفة وهو أن الترمذي لا يعدل عن صحيح إلى جيد إلا لنكتة، خدش يسير إما في الإسناد أو في المتن، ولولا ذلك لقال: حسن صحيح كعادته.
وفي إسناده –يعني حديث حميد عن أنس الذي تقدم- في إسناده ابن إسحاق وأيضاً الفضل بن محمد وعرفنا أنه صدوق وهو يخطئ، فلا شك أنه أنزل من حديث عمرو بن عامر عن أنس، ولذا قال: "هذا حديث حسن صحيح، وحديث حميد عن أنس حديث جيد غريب حسن".
طالب:........
إيش فيه؟
طالب:........
لا، لا موجود في كثير من النسخ، في بعض النسخ موجودة.
يقول: الزيادة من عين، وهي زيادة لا بأس بها.
طالب:........
نعم، كلام الشيخ أحمد شاكر، طالب العلم ترى لا يمكن أن يستغني عن طبعة الشيخ أحمد شاكر، طبعة أحمد شاكر حقق جزأين فقط الأول والثاني، وأما الثالث فكمله محمد فؤاد عبد الباقي، وضعيف يعني إخراجه ضعيف، وهو أفضل من الرابع والخامس الذي وجودهما مثل عدمهما، إبراهيم عطوة عوض، وجودهما مثل عدمهما، فيعنى طالب العلم بالمجلدين أعني تحقيق الشيخ أحمد شاكر، وإذا ضم إلى ذلك نسخة بشار عواد معروف فيجتمع له الأمران.
يقول: الزيادة من عين وهي زيادة لا بأس بها، وحديث حميد عن أنس متابعة جيدة لرواية عمرو بن عامر، واستغراب الترمذي له لا أوفقه عليه، فإن الحديث الغريب من ينفرد به أحد الرواة، والذي ينفرد..، وهذا لم يتفرد به حميد إلا إن كان يريد غرابته عن حميد نفسه، ولذا قيد قوله: غريب في بعض النسخ بأنه من هذا الوجه، وفي بعضها: من حديث حميد، ولا عبرة بقول الشارح... إلى آخره.
يعني الذي ذكرناه أولاً.
سم.
عفا الله عنك
باب: ما جاء أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد:
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ لكل صلاة، فلما كان عام الفتح صلى الصلوات كلها بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال عمر: "إنك فعلت شيئاً لم تكن فعلته؟ قال: «عمداً صنعته»
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح، وروى هذا الحديث علي بن قادم عن سفيان الثوري وزاد فيه: توضأ مرة مرة، قال: وروى سفيان الثوري هذا الحديث أيضاً عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ لكل صلاة، ورواه وكيع عن سفيان عن محارب عن سليمان بن بريدة عن أبيه، ورواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسل، وهذا أصح من حديث وكيع، والعمل على هذا عند أهل العلم أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم يحدث، وكان بعضهم يتوضأ لكل صلاة استحباباً، وإرادة الفضل، ويروى عن الأفريقي عن أبي غطيف عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات» وهذا إسناد ضعيف، وفي الباب عن جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر والعصر بوضوء واحد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد" على خلاف عادته -عليه الصلاة والسلام- السابقة لخيبر أو الفتح، كان يصلي والصلوات بوضوء واحد، جاء أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد، خلافاً لعادته لما اعتاده، ولذلك قال له عمر: إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله؟ قال: «عمداً فعلته، أو صنعته» ليبين الجواز، وأن ما كان يفعله سابقاً إنما هو على طريق الاستحباب أو لنسخ ما كان يصنعه سابقاً إن قلنا: إنه كان يفعله على جهة الوجوب.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن بشار" مر ذكره مراراً "قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن علقمة بن مرثد" وثقه أحمد والنسائي "عن سليمان بن بريدة عن أبيه" هذا الإسناد صحيح لا مطعن فيه من وجه البتة "قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ لكل صلاة، فلما كان عام الفتح" فلما كان عامَ أو عامُ؟ إذا قلنا: عامُ قلنا: كان تامة، يعني وجد في عام الفتح، وإذا قلنا أيضاً: عامَ فهو منصوب على الظرفية أو بحرف محذوف خافض، وإذا نزع الخافض انتصب ما بعده، عامَ يعني في عام الفتح.
"صلى الصلوات كلها بوضوء واحد" صلى الصلوات كلها، كلها مقتضاه أنه صلى الصلوات الخمس، لكن هو صلى ما اجتمع له مما أمكن اجتماعه من هذه الصلوات بوضوء واحد "ومسح على خفيه، فقال عمر: "إنك فعلت شيئاً لم تكن فعلته؟" كذا في نسخة الشيخ، في بعض النسخ: تفعله "قال: «عمداً» وهذا تمييز «فعلته» أو: «صنعته» كما في بعض الروايات والنسخ، «عمداً فعلته» لبيان الجواز، والضمير في فعلته راجع لما ذكر في الحديث، راجع لما ذكر بالحديث.
"إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله؟" هل المراد بقول عمر في هذا الاستفهام جمع الصلوات بوضوء واحد أو المراد به المسح على الخفين أو الجميع؟ لأن الضمير يعود الأصل إلى الجميع، لكن إذا لم يمكن عوده إلى الجميع فيعود إلى ما يمكن أن يعود إليه، ويخرج بالأدلة والقرائن ما لا يمكن عوده إليه "فلما كان عام الفتح صلى الصلوات كلها بوضوء واحد ومسح على خفيه، ثم قال: «عمداً فعلته»" يعني ليس بسهو أو غفلة، لا، إنما فعله عمداً ليبين الجواز، لبيان الجواز؛ لأنه لو استمر على الصلوات كل صلاة بوضوء مستقل واستمراره من عدم إخلال على ذلك يدل على الوجوب مع الأدلة الأخرى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] ونحوها.
والضمير في فعلته راجع للمذكور، وهو جمع الصلوات الخمس بوضوء واحد، وبعضهم يقول: والمسح على الخفين أيضاً، والوجه أن يكون راجعاً إلى الصلوات فقط، إلى الصلوات فقط، وأما المسح على الخفين فكان قبل ذلك.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" ولا إشكال في صحته؛ لأن إسناده متصل، ورجاله ثقات، ومخرج في صحيح مسلم، يعني لا كلام في الحديث، أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه، قال: "وروى هذا الحديث علي بن قادم" الخزاعي الكوفي، صدوق "عن سفيان الثوري وزاد فيه: توضأ مرة مرة" توضأ مرة مرة،، علي بن قادم صدوق تقبل زيادته، تقبل زيادته عند من يقبل الزيادات مطلقاً، وأما من ينظر إلى الإثبات والنفي بالقرائن فإنه يقول: السند الذي كالشمس ما ذكر فيه مرة مرة، والذي دونه ذكر فيه مرة مرة، ولو كانت هذه محفوظة لذكرها الأئمة: عبد الرحمن بن مهدي وسفيان، ومن سواهم من رجال الإسناد، فقد تعل هذه الرواية بأنها لم تذكر في رواية الثقات، ومن يقبل الزيادات مطلقاً يلزمه قبول هذه الزيادة.
"قال: وروى سفيان الثوري هذا الحديث" وعلى كل حال هذه الزيادة لها ما يشهد لها من أدلة أخرى، المقصود أنه توضأ وضوءاً مجملاً بينته هذه الزيادة، ولو لم توجد هذه الزيادة فقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ مرة مرة "قال: وروى سفيان الثوري هذا الحديث أيضاً عن محارب بن دثار" محارب بن دثار السدوسي الكوفي القاضي، ثقة إمام زاهد "قال: وروى سفيان الثوري هذا الحديث أيضاً عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ لكل صلاة" هذه الرواية هذا الطريق مرسل بلا شك؛ لأن سليمان بن بريدة لم يدرك النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإنما يروي هذا الخبر عن أبيه "ورواه وكيع عن سفيان عن محارب عن سليمان بن بريدة عن أبيه" نعم يروى عن محارب من طريقين، عن سفيان عن محارب من طريقين، الأول يرويه سفيان الثوري عن محارب عن سليمان بن بريدة مرسلاً "ورواه وكيع عن سفيان عن محارب عن سليمان بن بريدة عن أبيه، قال: ورواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً، وهذا أصح من حديث وكيع" يعني حديث وكيع المتصل، حديث وكيع المتصل، الذي أشار إليه بقوله: "ورواه وكيع عن سفيان عمن محارب عن سليمان بن بريدة عن أبيه، رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً" فرجح رواية عبد الرحمن بن مهدي لموافقة غيره له على رواية وكيع لتفرده بها وإن كان إماماً، وإن كان إماماً، ومعلوماً أن الوصل والإرسال إنما هو في رواية محارب، أما رواية علقمة بن مرثد الذي تقدمت فإنه موصول على كل حال.
قال: "رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً، وهذا أصح من حديث وكيع" فالمرسل عند الترمذي هنا أصح؛ لأن رواته أكثر، والاختلاف إنما هو في رواية محارب فقط، أما الرواية الأولى فهي سالمة من هذا الاختلاف، وإذا اختلف في الوصل والإرسال بالنسبة للخبر، في الوصل والإرسال، يرويه بعضهم مرسلاً ويرويه بعضهم موصولاً، فالخلاف بين أهل العلم في الترجيح بين هذه الروايات المختلفة معروف، وفيها أقوال، منهم من يقول: الحكم لمن وصل؛ لأن الوصل زيادة ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة، ووكيع إمام، هذا الوصل زيادة من إمام الذي هو وكيع فلا مناص ولا مفر من قبولها، وأطلق الاتفاق على ذلك، "بعضهم حكى بذا إجماعاً" كما قال الحافظ العراقي، ومنهم من يقول: الحكم لمن أرسل؛ لأن الإرسال هو المتيقن، وذكر بريدة في الخبر مشكوك فيه، مرة يذكر ومرة ما يذكر، فهو مشكوك فيه فالحكم لمن أرسل.
ومنهم من يقول: الحكم للأحفظ، ولا شك أن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد كما قال الإمام الشافعي، ومنهم من قال: الحكم للأكثر، وهذان القولان يؤيدان قول الترمذي كالقول الذي قبله، يعني ثلاثة أقوال تتظافر في ترجيح كلام الترمذي، الحكم لمن أرسل هذا يؤيد كلام الترمذي، الحكم للأكثر هذا أيضاً يؤيد كلام الترمذي، الحكم للأحفظ ولا شك أن الأكثر أحفظ، فالجماعة أولى بالحفظ من الواحد كما قال الإمام الشافعي، فالمرسل أصح؛ لأن الرواة أكثر، والكلام كله في رواية محارب بن دثار، أما الرواية الأولى فلا كلام فيها، مخرجة في صحيح مسلم ومتصلة ما فيها إشكال.
والعمل على هذا عند أهل العلم أن يصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم يحدث، ما لم يحدث، واستقر الإجماع على ذلك على ما تقدم ذكره، وكان بعضهم يتوضأ لكل صلاة استحباباً، لا على سبيل الوجوب وإرادة الفضل، واستمر ابن عمر على ذلك، استمر ابن عمر على ذلك، الذي هو التجديد، استمر على التجديد وأنه لا يصلي الصلاة إلا بوضوء جديد؛ لأنه يحمل نفسه دائماً على العزيمة، ويروى عن الأفريقي عن أبي غطيف عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات» وهذا إسناد ضعيف، وتقدم الكلام فيه لضعف الأفريقي وأبي غطيف، تقدم الكلام فيه، وأورده المصنف -رحمه الله- في الباب السابق، وحديث أبي غطيف أخرجه أبو داود وابن ماجه وضعفه الألباني أيضاً.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر والعصر بوضوء واحد، أخرجه ابن ماجه، وهو موافق لما تقدم ذكره من حديث أنس، إلا أنه مفسر للصلوات، الصلوات صلى الصلوات يحتمل أنها الخمس، لكنه هنا قال: صلى الظهر والعصر بوضوء واحد، فهذا مفسر لما أجمل سابقاً، نعم.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد:
حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال: حدثتني ميمونة قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد من الجنابة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول عامة الفقهاء: أن لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، وفي الباب عن علي وعائشة وأنس وأم هانئ وأم صبية الجهنية وأم سلمة وابن عمر، قال أبو عيسى: وأبو الشعثاء اسمه: جابر بن زيد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد" من إناء واحد الوضُوء هنا بالضم لا غير؛ لأن المراد به الفعل، فالرجل والمرأة يتوضئان من إناء واحد كما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
قال -رحمه الله-: "حدثنا ابن أبي عمر" وهو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني تقدم ذكره "قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار" المكي الجمحي مولاهم، ثقة ثبت من الرابعة، وكثرة مولاهم أنها مرت بنا أكثر مما يأتي من الرواة من العرب صلبية يعني من صلب العرب، مرت بنا كثيراً مولاهم، وأئمة الحفاظ، وعلى رأسهم الإمام البخاري -رحمه الله-، كلهم من الموالي، والقصة التي حصلت بين يدي الرشيد من يسود أهل مكة؟ قال: عطاء، من يسود أهل كذا؟ من يسود أهل كذا؟ إلى أن عدد البلدان كلها إلا واحد، ثم يقول له هارون الرشيد: أمن العرب أم من الموالي؟ يقول: من الموالي، من الموالي، من الموالي إلى أن جاء إلى آخر واحد قال: من العرب، فهذا يدل على أن الإنسان إنما يشرف بهذا العلم، يشرف بهذا العلم، ويرفعه الله به الدرجات، وإن لم يكن له أصل ولا نسب، فعلى الإنسان أن يهتم به ويعنى به ليرتفع، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، والتنابز بالأنساب والتفاخر بها من قبل بعض الناس لا شك أنه حي إلى الآن، وأنه لا يترك في هذه الأمة، كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه من صنيع الجاهلية، ومر بنا في الدرس الواحد يمكن مرتين أو ثلاث أو أكثر من ذلك ولا يقول: مولاهم، وهنا عمرو بن دينار من الأئمة الثقات الأثبات جمحي مولاهم "عن أبي الشعثاء" واسمه كما قال المؤلف -رحمه الله تعالى- جابر بن زيد في آخر الباب، الأزدي ثم الخزاعي، البصري مشهور بكنيته فقيه من الثالثة كذا في التقريب "عن ابن عباس" الإسناد يلاحظ أنهم كلهم ثقات "قال: حدثتني خالتي ميمونة بن الحارث قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد من الجنابة"، "كنت أغتسل أنا" أنا هذا ضمير فصل مؤكد لضمير الرفع المتصل، ويجوز ذكره في هذه الصورة وحذفه؛ لأن الفصل بين ضمير الرفع المتصل وما عطف عليه قد حصل بقوله: كنت أغتسل، لو قالت: ورسول الله صح، لو قالت: كنت أغتسل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- صح العطف، ولا يلزم الإتيان بضمير الفصل، أما ضمير الفصل فلا بد من الإتيان به إذا لم يوجد فاصل، إذا لم يوجد فاصل، لو قالت: كنت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- نغتسل قلنا: لا يصح، لا بد من الإتيان بضمير الفصل.
وإن على ضمير رفع متصل |
| عطفت فافصل بالضمير المنفصل |
يعني مثل ما عندنا.
.....................وبلا فصل يرد |
| في النظم فاشياً وضعفه اعتقد |
فضمير الفصل هنا لا شك أن فيه تأكيد وتقوية، لكنه ليس بلازم لحصول الفصل بقولها: "أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد من الجنابة"، يقولون: الواو هذه الأرجح أن تكون عاطفة، ويجوز أن تكون للمعية، والمعنى ظاهر يعني تغتسل مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكونها عاطفة هو الأصل، وهو الأرجح من حيث العربية، لكن كونها للمعية أنسب للسياق، لماذا؟ كونها تغتسل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يؤثر تقديمها على ذكره -عليه الصلاة والسلام-، لكن كونها تغتسل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمعية تشعر بالتبعية فيرجح من حيث المعنى، أما من حيث العربية فالعطف أقوى هنا، النصب يختار لدى ضعف النسق، والنسق قوي هنا، اللي هو عطف النسق قوي، لكن المعنى يقتضي ترجيح المعية؛ لأن المعية تقتضي التبعية، يعني حينما تقول: فلان معي يعني يتبعك، لكن لما تقول: أنا مع فلان، فأنت تابع له، وحينما نقول: أنها تغتسل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني تابعة له.
يقول ابن الجوزي: يستدل على ذكاء الصبي من الصغر، فإذا قال: من يلعب معي؟ دل على أنه ذكي، وإذا قال: من ألعب معه، دل على أنه دون؛ لأنه تابع من الآن تابع، أما ذاك من الصغر وهو رأس.
"أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد من الجنابة"، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه البخاري، يعني غسل واجب، لا تعني أنه غسل مستحب يتوسع فيها ما لا يتوسع في الواجب، وإنما هو غسل واجب من الجنابة، والحديث مخرج في الصحيحين.
وهو قول عامة الفقهاء أن لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، قال النووي: بالإجماع، يعني يجوز أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد بالإجماع، وحكى الإجماع أيضاً قبله الطحاوي ثم القرطبي، يغتسلان من إناء واحد، وهذا الإجماع الذي حكاه الطحاوي ثم القرطبي ثم النووي قال الحافظ: فيه نظر، قال الحافظ ابن حجر: فيه نظر، لما حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة أنه كان ينهى عن ذلك، أنه كان ينهى عن ذلك أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، وكذلك حكاه ابن عبد البر عن قوم، والحديث حجة عليهم، والحديث حجة على هؤلاء على أبي هريرة وعلى هؤلاء القوم الذين ذكر ابن عبد البر ما مالوا إليه.
العيني تعقب ابن حجر، ابن حجر يقول: وفيه نظر، يعني الإجماع الذي ذكره الثلاثة فيه نظر؛ لأن أبا هريرة كان ينهى، وابن عبد البر نقل عن هؤلاء القوم أنهم ينهون ولا يرونه.
العيني تعقب ابن حجر في تنظيره للإجماع الذي ذكره الثلاثة قال: في نظره نظر، في نظره نظر، لماذا؟ قال: لأنهم قالوا: بالاتفاق، ما قالوا: بالإجماع؛ لأنهم قالوا: بالاتفاق ولم يقولوا: بالإجماع، ولا شك أن بين اللفظين اختلاف من حيث القوة فنقل الإجماع وحكاية الإجماع أقوى من قولهم اتفقوا؛ لأن الاتفاق قد يذكر في اتفاق الأئمة الأربعة مثلاً كما هو صنيع الوزير بن هبيرة في الإفصاح ينقل الاتفاق ويريد به اتفاق الأئمة الأربعة، وقد يكون اصطلاح لغيره، لكن في القوة الإجماع أقوى من نقل الاتفاق؛ لأن الإجماع قول الكل، قول الكل بحيث لا يشذ عنهم أحد، والاتفاق قد يذكر اتفاق طائفة من الطوائف يشملهم وصف واحد، اتفق أهل الحديث، اتفق أهل الفقه، وإن خالفهم غيرهم، اتفق الأئمة الأربعة وإن خالفهم غيرهم.
المقصود أن العيني ينتقد كلام أو تنظير ابن حجر في كلام العلماء الثلاثة الذين نقلوا الإجماع؛ لأنهم قالوا: بالاتفاق دون الإجماع، فهذا القائل لم يعرف الفرق بين الاتفاق والإجماع، انتهى كلام العيني، لكن النووي نص بالحرف قال: بالإجماع، فتنظير ابن حجر صحيح، تنظير ابن حجر صحيح، لكن يبقى أن النووي قد يتساهل في نقل الإجماع، ولعله نظر إلى اتفاق الأئمة وإجماع الأئمة على الحكم بعد أبي هريرة، وبعد هؤلاء الأقوام الذين نقل عنهم ابن عبد البر.
"قال: وفي الباب عن علي" وهو عند أحمد في المسند، "وعائشة" عند البخاري، "وأنس" كذلك عند البخاري، "وأم هانئ" عند النسائي، "وأم صبية الجهنية" عند أبي داود، "وأم سلمة" عند ابن ماجه، "وابن عمر" عند النسائي وابن ماجه.
"قال أبو عيسى: وأبو الشعثاء اسمه جابر بن زيد" وذكرنا نقلاً عن التقريب أنه أزدي ثم خزاعي البصري، مشهور بكنيته، فقيه من الثالثة، فالحديث السابق يدل دلالة واضحة صريحة على أنه لا مانع من أن يغتسل الرجل مع زوجته من إناء واحد.
وجاء في الخبر ويثار الآن مثله ولعلنا ذكرناه فيما سبق أن الرجال والنساء كانوا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضئون جميعاً، يتوضئون جميعاً، فيثار مثل هذا لتعزيز الاختلاط، يعني مع أن الوضوء يلزم عليه تكشف، والقائل من أجهل الناس بأساليب العربية، لماذا؟ الرجال والنساء مقابلة جمع بجمع، ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، ومعنى ذلك أن الرجال والنساء كل رجل مع زوجته يتوضئون جميعاً، إذا قلنا: إن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد أن كل فرد مع فرد، يعني كل رجل مع زوجته، يعني لو قلنا: ركب القوم دوابهم إيش معنى هذا الكلام؟ يعني كل واحد من هؤلاء القوم ركب دابته، هل يختلف في مثل هذا؟ هذا مقتضى العربية، وبعض الناس يتشبث يتمسك بأدنى شبهة، والهوى يحمل صاحبه على مثل هذا، والله المستعان، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"عمدة الأحكام شرحت كاملة وموجودة في الأسواق، لكن هذا الكتاب محل نظر بلا شك، يعني كوننا نقدم بعض الأبواب، أو بعض الكتب لأجل مناسبة داعية إلى ذلك، هذا له حظ من النظر.
يقول: وكذلك نود دورة في شهر صفر بداية الدراسة في الفصل الثاني ولو لمدة أسبوع؟
على كل حال أنا وعدت الإخوان أن يكون الموعد ثابت لمدة أسبوعين في الإجازة مثل هذه الأيام -إن شاء الله تعالى-، ويومان في الفصل الأول فيهما أربعة دروس، ويومان أيضاً في الفصل الثاني فيهما أربعة دروس.
المأمورات في حديث المسيء ليست كلها واجبات، ليست كلها واجبات، فبينت الأحاديث الأخرى ما يصرف هذه الأوامر إلى الاستحباب أحياناً، فما أمر به المسيء ولم يفعله أو تركه أحياناً -عليه الصلاة والسلام- لا يدل على الوجوب.
تقدم الجنازة لأنها تفوت، ثم تصلى الفريضة.
إن احتيج إليه ولم يتعبد بذلك بهذا المكان على وجه الخصوص، واحتيج إليه في وقت حار، والحاجة داعية إليه فلا أرى ما يمنع -إن شاء الله تعالى-، وإن كان بعض العلماء يفتي بمنعه سداً للذريعة، على أن لا يكون من أهل الميت.
أما بالنسبة للقيام على الرجل وهو جالس فهذا صنيع الأعاجم، وهو ممنوع محرم، القيام على رأس الرجل وهو جالس، أما القيام له..، القيام عليه هذا لا يجوز، أما القيام له فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «قوموا إلى سيدكم» هذا بالنسبة للطرف المأمور بالقيام، لكن الداخل الذي طلب القيام له لا يجوز له أن يحب أن يتمثل الناس له قياماً.
لا، هذا إن توضأ بعده فله ذلك وإن كان لا يريد الوضوء فليفعل ذلك بدون وضوء.
ومن فصل بين المضمضة والاستنشاق هل يعتبر مخالفاً للسنة؟
النبي -عليه الصلاة والسلام- تمضمض واستنشق ثلاثاً من كف واحدة، من كف واحدة، يعني مضمض واستنشق من كف واحدة، ثم يكرر ذلك ثلاثاً، وأهل العلم يقولون: إن الصور الجائزة في مثل هذا أن يفعل هذا وهو أولى، بثلاثة أكف يتمضمض ويستنشق، أو بكفين مما يتمضمض من كف ثالث مرات، ويستنشق من كف واحدة ثلاث مرات، أو يجمع الست ثلاث وثلاث من كف واحدة، لكن مثل هذا يحتاج إلى كف كبيرة، على كل حال الصور الجائزة في مثل هذا، لكن أولى هذه الصور أن يتمضمض ويستنشق من كف واحدة ويكرر ذلك ثلاثاً.
لا شك أن استعمال صرافاتهم مما ينفعهم ويدعمهم، ولا شك أن في هذا شيء من التعاون على الإثم والعدوان، فالأصل هو المنع، لكن يبقى أن مثل هذا مثل الإيداع عندهم، إذا لم يوجد غيرهم فالحاجة قائمة لذلك، ولعله يعفى عنه -إن شاء الله-.
تقبل بهما وتدبر، تقبل بهما وتدبر كالرجل والمراد مسح الشعر، لا وصول الماء إلى أصول الشعر؛ لأنه إذا وصل إليه صار غسلاً.
يقول: وإذا لم تقم بإرجاع المسح من الخلف إلى الأمام هل تكون خالفت السنة؟
نعم خالفت السنة.
أما أحكام القرآن التي ذكرها القرطبي في تفسيره وهو مؤلف لبيان الأحكام، وإن كان التفسير شاملاً لجميع ما يطلبه من يحتاج إلى التفسير، لكن الغالب فيه بيان الأحكام وبيان المذاهب، نعم يؤخذ منه المذهب المالكي؛ لأنه مالكي المذهب، يؤخذ منه مذهب مالك، أما غيرها من المذاهب فتؤخذ من كتب أصحابها؛ لأن المفسرين وهم يذكرون مذاهب الأئمة، وكذلك شراح الحديث قد يذكرون بعض الروايات غير المشهورة في المذاهب، يذكرون بعض الروايات غير المشتهرة في المذاهب، فالإمام أحمد له في بعض المسائل أربع روايات خمس روايات ثلاث روايات، فينتقي منها قد ينتقي منها غير المعمول به في المذهب، فالمذاهب تؤخذ من كتب أصحابها وأربابها.
التفتازاني معروف أنه بالنسبة للعقيدة ماتريدي، فيتقى من هذه الحيثية وإلا فالشرح فيه فوائد.
طبع منه منذ ثلاثين أو أكثر من ثلاثين سنة طبع منه مجلدان، وأما البقية فلم تطبع، وهو كتاب كبير، يقول ابن الجوزي: وقفت على الجزء الثامن بعد الخمسمائة، كتاب كبير.
لا أعرف شيئاً من ذلك إلا أنه من باب الستر، وكل ما كان من باب الستر فهو أفضل.
التصوير لا شك أن النصوص صحيحة وثابتة وصريحة في تحريمه، بل التشديد في أمره، وأما كون هذه النصوص تنطبق على التصوير الآلي فينازع بعض العلماء ممن يرى حل مثل هذا النوع، وعلى كل حال بالنسبة لي أنا الذي أراه أنها داخلة دخولاً أولياً، والمضاهاة والمشابهة أكثر من تصوير اليد، وهم يقولون: كيف تكون هذه النصوص القوية لم يرح رائحة الجنة يُكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ لمجرد ضغطة زر، لمجردة ضغطة زر تطلع الصورة ولا يرح رائحة الجنة، هذا أمر يحتجون به ويستدلون به، وما علموا أن القاتل الذي..، القاتل عمداً الذي حكم بخلوده في النار كما في آية النساء، وقرن بالشرك كما في آية الفرقان، يكون بمجرد ضغطة زر، فسهولة الأمر لا تعني أن هذا حلال وهذا حرام، لا، لا ينظر إلى هذا، كلمة واحدة يهوي بها في النار سبعين خريفاً، قد لا يلقي لها بالاً، فليس مرد ذلك إلى سهولة الأمر أو شدته، إنما ينظر ما ورد فيه من نصوص، وهي التي تحدد وتقرر الحكم الشرعي.
عنده أيضاً يقول: السفر إلى الخارج، الزواج بنية الطلاق، جوال الكاميرا، النقاب للزوجة والبنات، غشيان مكان الترفيه، فهل من كلمة حول الورع؟
مسألة التصوير ذكرناها، وأما السفر إلى الخارج فإن كانت بلاد كفر فلا يجوز السفر بحال، بعض العلماء يفتيه من أجل الدعوة، والدعوة لا شك أنها وظيفة الأنبياء، فإذا قام بها ولم يخف على نفسه من التأثر بما في هذه البلدان فيرجى -إن شاء الله تعالى- أن يكون هذا يقاوم هذا، وأما السفر للنزهة والمتعة إلى بلاد الكفار فلا.
وقد برئ المعصوم من كل مسلمٍ
يقيم بدار الكفر غير مصارمِ
وأما السفر إلى البلاد التي تكثر فيها البدع والمنكرات ولا يستطاع إنكارها فكذلك، فإذا كانت إجابة الإجابة إلى وليمة العرس وهي واجبة كما دل على ذلك النصوص أنها لا تجوز الإجابة إذا كان ثم منكر، فكيف بالمنكرات الظاهرة شبهات وشهوات وشرك ظاهر؟!
يقول: الزواج بنية الطلاق؟
الزواج بنية الطلاق لا شك أن كثير من الممارسات التي يفعلها بعض من يعقد مثل هذا العقد لا شك أنها غير شرعية، وتساهلوا في هذا الأمر بما يجعله يقرب من السفاح، حتى أن بعضهم لا يصرح باسمه الصحيح، بل يذكر في العقد اسم مستعار، أما إذا توافرت الشروط والأركان، وانتفت الموانع فلا مانع منه -إن شاء الله تعالى-، ولو كان في نية الزوجة أنه يطلق لكن على ألا يعلم الطرف الثاني من قريب ولا من بعيد، لا بلفظ ولا بقرينة تدل على أنه يريد أن يطلق، فإذا عرف الطرف الثاني أن الزوج يريد أن يطلق وأنه لا ينوي الاستمرار بأي دلالة سواءً كان صريح اللفظ وحينئذٍ يكون من المتعة المجمع على تحريمها، وأنها من الزنا، وأنها موجبة للحد، أو بالقرائن القوية التي تدل على أنه يريد الطلاق، فمثل هذا يحرم بلا شك.
نعم.
طالب:....... الزوج يعقدون على.......
يعني يعقد على امرأة ما يدرى عن عفتها أو غيره؟ المقصود أن مثل هذا دخله ما دخله، والإنسان عليه أن يحتاط لنفسه ولعرضه ولدينه.
جوال الكاميرا؟ يقولون: إنه آلة إن استعمل في المباح صار مباحاً، وإن استعمل في الحرام صار محرماً كالسكين تذبح به بهيمة الأنعام فتكون مباحة، وتذبح به مسلماً معصوم الدم فتكون من أعظم المنكرات، والسلاح لا يجوز بيعه في وقت الفتنة، لكن جوال الكاميرا يختلف، يختلف اختلاف كبير؛ لأنه يسهل عملية التصوير، ورأينا بعض الإخوان من الشباب أصحاب التحري والتثبت في كثير من الأمور تساهلوا في اقتنائه فتساهلوا في التصوير، وهناك مواقف قد لا يملك الإنسان نفسه دون تصويرها، يعني الشباب والإخوان اللي في الخمس والعشرين والست والعشرين والثلاثين إذا ولد له مولود أول ما يجلس المولود تدفعه نفسه دفعاً ليصوره، وإذا بدأ يحبو كذلك، ويقول: المسألة فيها سعة والخلاف موجود، ونستغفر الله ونتوب إليه، ثم في خطواته الأولى يصوره، لا شك أن النفس لا يملكها الإنسان، فإذا كان ملك هذا الجوال يسهل المعصية فلا إشكال في منعه.
النقاب للزوجة والبنات؟
النقاب جاء في حديث المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين، فمنع المحرمة يدل على جوازه لغيرها، وهذا أمر معروف عند أهل العلم، وعند العرب في السابق واللاحق، لكن ما النقاب المباح؟ وما معنى النقاب؟ النقاب هو النقب فيما يستر الوجه بقدر سواد العين بقدر سواد العين، فإن ظهر من البشرة ولو مليم واحد صار سفور، ما صار نقاب؛ لأن بعض الناس يلبس على الناس، يجعل ربع الوجه ظاهر ويقول: هذا نقاب، لا هذا سفور، حتى ولو ظهر من البشرة أدنى شيء يدل على لونها فإن هذا سفور وليس بنقاب، والنقاب الشرعي لا شك أن تغطية الوجه أسهل منه بالنسبة للناظر، فالإنسان لا شك أنه عليه أن يتحرى، وبعض العلماء يمنع النقاب بالكلية منعاً باتاً لما يرى من ممارسات النساء في تسميته نقاب وهو في الحقيقة سفور، فيقول: نقفل الباب، لكن لا يمنع أن يبين الحكم الشرعي، ومسألة إقفال الباب في كل مسألة هذا لا شك أن فيه تضييق على الناس، امرأة نظرها ضعيف ماذا تفعل؟ لو غطت وجهها سقطت، لكن يبقى أنه لو وضعت في غطائها وفي خمارها نقباً يسيراً لا يظهر إلا سواد العين صارت موحشة، ليست بفتنة هنا.
غشيان أماكن الترفيه؟
الترفيه الذي لا يخالطه محرم هذا لا إشكال فيه، ومزاولة المباح لا إشكال فيه، لكن الإكثار من المباحات يجر بلا ريب إلى المكروهات، والمكروهات تدعو إلى المحرمات؛ لأن الإنسان إذا عود نفسه على الإكثار من المباحات قد تدعوه نفسه إلى شيء فلا يجده من وجه مباح فيتعدى ويتجاوز إلى الوجه المكروه ثم بعد ذلك يتساهل في المحرم، ولا بد من وضع سياج أمني، احتياطات للإنسان، ولذا كان السلف يتركون تسعة أعشار الحلال مخافة أن يقعوا في الحرام، ولذا منعنا من ارتكاب الشبهات، الأمور المشتبهة التي لا يتبين حلها ولا حرمتها؛ لأنها تدعو إلى المحرمات.
هذه من البدع التي لا يختلف فيها أهل العلم.
على كل حال ما في النوايا لا يطلع عليه إلا الله -جل وعلا-، فنوايا الرجال لا يمكن أن يتدخل فيها، والجواز هو قول عامة أهل العلم.
لا، هو في هذه المرحلة حكمه حكم العامي فرضه التقليد وسؤال أهل العلم حتى يتأهل.
هذه سنة بلا إشكال، ثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام- في الصحيح من حديث مالك بن الحويرث، وفي بعض طرق حديث أبي حميد، وجاءت من أمره -عليه الصلاة والسلام- للمسيء في صلاته في صحيح البخاري، أمره بها، في كتاب الاستئذان من صحيح البخاري.
يطلق على هذا ويطلق على هذا، لكن سكوته لا يكفي، أما إذا صرح بموافقة الحاكم فهذا لا يختلف في أنه هذا رأيه.
المقصود بها الجماعة المتشابهون في السن، المتقاربون فيه، المشتركون في الأخذ عن الشيوخ، يعني الزملاء، أقرب ما يكون في اصطلاحنا وعرفنا إلى الزملاء، يعني إذا قيل: فلان من دفعة فلان، أو زميل لفلان، أو معه في الدراسة هذا المراد بالطبقة، وطبقات رواة الكتب الستة قسمها الحافظ ابن حجر إلى اثنتي عشرة طبقة، معدل كل طبقة عشرين سنة، عشرين سنة، وبعد ذلك تتابع أهل العلم على ذكر تصنيف وترتيب المحدثين على طبقات، إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه في تذكرة الحفاظ وغيرها إلى طبقات عديدة.
النهي جاء أن لا يفضي الرجل إلى الرجل في كساء واحد في ثوب واحد، أما إذا كانا في ثوبين، وكل واحد له غطاؤه الخاص فهذا لا يدخل في النهي، على أنه ينبغي أن يفرق بينهم في المضاجع؛ لأنه إذا أمر بالتفريق بين من بلغ العشر فأمر هذين من باب أولى، يفرق بينهم في المضاجع، وقد يتصرف الإنسان وهو نائم تصرفات لا يملكها.
نعم لأنه أب، لأنه أب.
وهل يجوز لها كشف وجهها أمامه؟
نعم؛ لأنه أب.
يعني الترك لا الفعل، الترك لا يعني عدم الفعل، لكن يدعم ذلك قول ابن عمر: "لو كنت مسبحاً لأتممت" فلما خفف عن المسافر في الفريضة بإعفائه من نصفها، في صلاة الظهر والعصر والعشاء فهذه رخصة من الله -جل وعلا- فلتقبل رخصته، وإذا أراد الإنسان أن يتنفل ويتطوع بقدر زائد على ذلك ما في ما يمنع، لكنه يكتب له ما كان يعمله مقيماً، فإذا كان محافظ على السنن الرواتب في إقامته فتكتب له.
والسؤال: ما هو الأفضل لي عندما أكون مسافراً المحافظة أم الترك لهذه السنن؟
تترك السنن الرواتب؛ لأنك إن كنت محافظاً عليها في إقامتك فأجرك جارٍ لك في حال سفرك، وأكثر من التطوع المطلق، ومن مدارسة العلم، وقراءة القرآن، وكثرة الذكر، هذه أبواب مشرعة -ولله الحمد- للمسلم.
هل الترخص بترك هذه السنن له وقت ينتهي كوقت القصر مثلاً؟ أو المسح أو جميع وقت السفر؟
مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام- أنه يكتب له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً أنه مادام الوصف قائماً، ما دام الوصف قائماً وهو وصف السفر ولم يرتفع هذه الوصف ويحل محله الإقامة والحضر فإنه يترك، وإذا ارتفع الوصف ارتفع الترك.
نعم الأمر كما قال السائل، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة من فرائض الدين، وبها فضّل الله هذا الأمة على غيرها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [(110) سورة آل عمران] وقدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان للاهتمام بشأنه والعناية به، وإلا فلا يصح من غير إيمان، فقدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان لا شك أنه لأهميته، للاهتمام بشأنه، وإلا لو قدم الإيمان فالأمم السابقة كلها تؤمن بالله، يعني من صدّق الرسل واتبعهم ما يكون لنا ميزة عليهم ولا خصيصة، ما دمنا نؤمن بالله ولا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر فلا ميزة لنا ولا خصيصة، ولا شك أن التقصير حاصل، حاصل من كافة طبقات الناس، من أهل العلم، ومن طلاب العلم، ومن عامة الناس، ومن الأخيار ومن غيرهم، على حد سواء التقصير حاصل، وهناك من يقوم به من الرسميين ومن غيرهم ممن احتسب الأجر من الله -جل وعلا-، ولعل الله -جل وعلا- أن يدفع عنا بسببهم، وإلا فالبلد لا شك أنه يعج بمنكرات، يعج بمنكرات طرأت عليه لم تكن، وسنة الله -جل وعلا- ماضية، ومثل هذه الأمور يخشى أن يحل بالبلد قارعة ترد الناس إلى حظيرة الالتزام والتمسك، فإذا تضافرت الجهود على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دفع الله -جل وعلا- عنا هذه القوارع وهذه المحن التي حلت بمن حولنا، المثلات قريبة من ديارنا، فما الذي يؤمننا؟ ما استثني أبداً على مر التاريخ إلا قوم يونس، فنحن مثل غيرنا، وإذا عرفنا أن لعن بني إسرائيل إنما هو بسبب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [(79) سورة المائدة] نسأل الله السلامة والعافية، فننتبه لهذا الأمر، فعلى الإخوان والشباب لاسيما من يشاهد المنكر إذا مر بمجموعة والصلاة تقام لا بد من حثهم على الصلاة وأمرهم بها، مر على شباب يدخنون أو بينهم أمور مريبة أو غريبة ينهاهم ويزجرهم عن ذلك بالوسائل والطرق التي تحقق المصلحة، ولا يترتب عليها مفسدة.
هو التلفلف بالثوب الواحد بحيث لا يستطيع إخراج يديه عند الحاجة إلى ذلك، فقد يعرض له ما يؤذيه فلا يستطيع أن يخرجهما بسهوله.