تنقيح الأنظار في معرفة علوم الآثار (10)

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المؤلف-رحمه الله تعالى- وغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال:

وأما ما وقع فيهما غير مسند وهو المعبَّر عنه بالتعليق عندهم.

وقفنا عند القسم الثاني الحسن.

قال رحمه الله تعالى:

القسم الثاني الحسن وفيه ذكر شروط أهل السنن الأربعة وفيه ذكْر.

وفيه ذكْر شروط أهل السنن الأربعة وأهل المسانيد وغيرهم اختلفت أقوال الأئمة في حد الحديث الحسن فقال أبو سليمان الخطابي الحسن ما عُرف مخرجه واشتُهر رجاله وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء انتهى. قال زين الدين ورأيت في كلام بعض المتأخرين أن قوله ما عرف مخرجه احتراز عن المنقطع وعن حديث المدلَّس قبل أن يبين تدليسه قال تقي الدين ليس في عبارة الخطابي كثير تلخيص وأيضا فالصحيح قد عُرف مخرجه واشتهر رجاله فيدخل الصحيح في حد الحسن وكأنه يريد ما لم يبلغ درجة الصحيح قال الشيخ تاج الدين التبريزي في كلام الشيخ تقي الدين نظر لأنه ذكر لأنه ذكر من بعد.

مِن مِن بعد.

لأنه ذكر مِن بعد أن الصحيح أخص من الحسن ودخول الخاص في حد العام أمر ضروري والتقييد بما يخرجه عنه مخل للحد قال زين الدين وهو اعتراض متجه قلت بل هو اعتراض غير متجه لأن العموم والخصوص إنما يقع على الحقيقة في الحدود الحقيقية المعرفة للذوات المركبة المشتملة على الأجناس والفصول وليس في الحديث الصحيح والحسن شيء من ذلك لأن لكل واحد منهما أمارة يجب العمل عندها وبعضها أقوى في الظن من الأخرى لا أن القوية متركبة من الضعيفة ومن أمر آخر فإن الحديث الصحيح المروي عن ابن سيرين لم يتركب من الحديث الحسن المروي عن ابن إسحاق ومن الحديث الصحيح المروي عن ابن سيرين وأمثال ذلك وبالجملة فالحد الحقيقي متعذر هنا وإنما هذه رسوم تفيد تمييز العبارات المصطلح عليها بعضها من بعض وذكر الحدود المحققة أمر أجنبي عن هذا الفن فلا حاجة إلى التطويل فيه وقال أبو عيسى الترمذي في العلل التي في أواخر الجامع وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده حسن إسناده عندنا وهو كل حديث يروى لا يكون لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذلك فهو عندنا حديث حسن قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الموّاق لم يخص الترمذي الحسن بصفة تميزه عن الصحيح فلا يكون صحيحا إلا وهو غير شاذ ويكون رواته غير متهمين بل ثقات.

غيرَ غيرَ.

عفا الله عنك.

ويكون رواته غيرَ متهمين بل ثقات فظهر من هذا أن الحسن عند أبي عيسى صفة لا تخص هذا القسم بل قد يشترك فيها الصحيح قال فكل الصحيح عنده حسن وليس كل حسن صحيحا قلت هذا مثل كلام تاج الدين المقدم وليس بلازم للترمذي لأنه يشترط في رجال الصحيح من قوة العدالة وقوة الحفظ والإتقان ما لا يشترط في رجال الحسن ولكن يعترض عليه كونه لم يورد ذلك ويمكن أن يجاب عنه بأنه مفهوم من عبارته حيث شرط في رجال الحسن أن يكونوا غير متهمين بالكذب لأن الثقة الحافظ لا يوصف في عرف المحدثين بأنه غير متهم بالكذب فقط فإن عدم التهمة بذلك قد يتصف بها الضعفاء وقد بين مراده بقوله بعد ذلك ويُروى من غير وجه نحو ذلك يعني حتى ينجبر ما فيه من الضعف وغرض الترمذي إفهام مراده لا التحديد المنطقي فلا اعتراض عليه بمناقشات أهل الحدود وأورد الشيخ زين الدين على كلام الترمذي هذا سؤالا متجها وهو أنه قد حسن أحاديث لا تروى إلا من وجه واحد كحديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا خرج من الخلاء قال «غفرانك» قال فيه حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة قال ولا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة وأجاب الشيخ أبو الفتح اليعمري عن هذا الحديث بأن الذي يحتاج إلى مجيئه من غير وجه ما كان راويه في درجة المستور ومن لم تثبت عدالته وأكثر ما في ما في الباب أن الترمذي عرف الحسن بنوع منه لا بكل أنواعه قلت وأظن أبا الفتح يريد أن الغرابة في الحديث إنما هي في رواية في رواية يوسف له عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ولم يتابَع يوسف ولم يتابِع يوسف على هذا ولم يتابِع يوسفَ على هذا أحد ويوسفُ ثقة بغير خلاف وأما إسرائيل فمختلف فيه لكنه لم ينفرد بالحديث عن يوسف فالحديث حسن بالنظر إلى رواية إسرائيل وغيره من الضعفاء عن يوسف وغريب بالنظر إلى تفرد يوسف بروايته عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية وفي الموضوعات الحديث الذي فيه ضعف غريب محتمِل هو الحديث الحسن.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه  أجمعين، أما بعد:

فلما أنهى المؤلف- رحمه الله تعالى- الكلام على القسم الأول الصحيح بجميع متعلقاته ثنى بالقسم الثاني وهو الحديث الحسن؛ لأن الحديث ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف، فالدرجة الأولى الصحيح الذي يحتج به بالاتفاق بقول جميع من يعتد بقوله من أهل العلم، ثم ثنى بالحسن وهذا في الاحتجاج به خلاف ضعيف والجمهور على أنه يعمل به في جميع أبواب الدين؛ لأنه في دائرة القبول وإن كان أبو حاتم وأبو زرعة ينصان على أنهما لا يحتج بالحسن وابن العربي أيضا صرح بأنه لا يحتج بالحسن، قالوا وهو ظاهر صنيع البخاري ومسلم، على كل حال عامة أهل العلم يحتجون بالحديث الحسن وهو في دائرة القبول كالصحيح، وإنما التفاوت بينهما قوة وضعفا إنما تظهر الفائدة فيه عند التعارض فإذا تعارض حديث صحيح مع حديث حسن قدمنا الصحيح، وإذا كان في الباب حديث حسن وجب علينا أن نعمل به كالصحيح قال: "القسم الثاني الحسن وفيه ذكر شروط أهل السنن الأربعة"؛ لأن جل ما فيها من هذا القبيل من قبيل الحسن، يعني إذا كان الحديث عن البخاري ومسلم وغيرهما ممن اشترط الصحة بحث الصحيح فمظنة الحسن السنن الأربعة والمسانيد فتبحث في بحث الحسن، قال:

 ومن مظنة للحسن جمع أبي داود في السنن إلى آخره، ثم تكلم عن بقية السنن وهنا يقول: "وفيه ذكر شروط  أهل السنن الأربعة وأهل المسانيد وغيرهم"؛ ولذا مثل ما تقدم البغوي في شرح السنة إذا قال من الصحاح يقصد من الصحيحين، من الحسان يقصد ما جاء في السنن الأربعة ولو كان صحيحا أو ضعيفا، "وأهل المسانيد وغيرهم واختلفت أقوال الأئمة في حد الحديث الحسن" الحديث الحسن لما كان متأرجحا بين القسمين، في الطرفين الصحيح والضعيف وبينهما الحسن متأرجح، قد يقول بعض أهل العلم ويستروح إلى ثبوته فيجعله من قبيل الصحيح، وقد يغلب على ظنه عدم ثبوته فيجعله من قبيل الضعيف، فالفصل بأن هذا الحديث مقبول بين الصحيح والحسن هذا كما قال جمع من أهل العلم أنه لا مطمع في تمييزه، يعني عندك ثلاثة ألوان: لون أزرق ولون أصفر، هذا الأزرق مثلا جعلته في الجهة اليمنى، الإناء الذي فيه أزرق جعلته في الجهة اليمنى والأصفر في الجهة اليسرى، ثم خلطت فركبت ثالثا من هذين النوعين أزرق وضعت معه أصفر فصار أخضر، لكن قد تزيد الأزرق فيقرب من الأزرق، وقد يزداد الأصفر فينفتح لونه فيقرب من الأصفر هذا هو يعني المسألة ماذا؟ والأمر في هذا أشد يعني مسألة رواة يعني تقدير ضبط هذا مع ضبط هذا، عدالة هذا مع عدالة هذا، يعني فيها شيء من الصعوبة جدا، الثقات المجمع  على توثيقهم هؤلاء ليس فيهم إشكال، المجمع على ضبطهم ليس في حديثهم إشكال كلها صحيحة، المتفق على ضعفهم هؤلاء أيضا ليس فيهم إشكال، يعني تمييز الصحيح من الضعيف مثل الليل والنهار ما فيه إشكال إطلاقا، لكن الإشكال حينما يكون الأمر مترددا بين هذا وهذا؛ ولذا تجد بعض أهل العلم قد يتساهل فيحكم عليه بالصحة، وقد يتشدد فيحكم عليه بالضعف، والمطلوب التوسط كيف نضع هذا القسم بين المنزلتين، قال جمع من أهل العلم وللذهبي عبارة قريبة من هذه أنه لا مطمع في تمييزه؛ ولذلك اختلف أهل العلم في حده، كلام طويل جدا ومناقشات وردود ولذلك يقول الحافظ العراقي:

الحسن المعروف مخرجا وقد

 

 

 

 

اشتهرت رجاله بذاك حد

 

 

حمد وقال الترمذي ما سلم

 

 

 

من الشذوذ ...............

 

 

ماذا؟

..........................

 

 

 

 

من الشذوذ مع راو ما اتهم

 

 

بكذب ولم يكن فردا ورد

 

 

 

قلت وقد حسن بعض ما انفرد

 

 

وقيل ما ضعف قريب محتمل

 

 

 

فيه وما بكل ذا حد حصل

 

 

يعني مع هذه الأقوال كلها ما حصل حد، وما حصل تعريف للحسن، والسبب في هذا أنه متأرجح بين الصحيح وبين الضعيف، حتى قال جمع من أهل العلم أن هذا النوع لا يعرف عند المتقدمين وبهذا جزم شيخ الإسلام وغيره، قال هذا النوع لا يعرف عند المتقدمين، لكن في الواقع معروف وموجود يعني القسمة لا بد من الثلاثة فيها لماذا؟ لأن عندك أحاديث تجزم بصحتها ويجزم أهل العلم كلهم بصحتها، وأحاديث يجزمون بضعفها لكن ما بين القسمين لا بد أن يكون مستقلا بنفسه، لا يلحق بالأول ولا بالثاني إلا إذا قرب جدا من الأول أو قرب جدا من الثاني، فقد يتجاوز عن الشيء اليسير لكن إذا بعد عن القسم الأول وبعد عن القسم الثاني لا بد أن يستقل؛ ولذلك الاصطلاح استقر على أن الأقسام ثلاثة.

وأهل هذا الشأن قسموا السنن

 

 

 

 

إلى صحيح وضعيف وحسن

 

 

قال: "اختلفت أقوال الأئمة في حد الحديث الحسن فقال أبو سليمان الخطابي" وهو أول من حصر القسمة في الثلاثة قاله في مقدمة المعالم معالم السنن "الحسن ما عرف مخرجه واشتهر رجاله وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء" انتهى طيب التعريف للحديث الحسن عند الخطابي ينتهي عند ماذا؟ ما عرف مخرجه واشتهر رجاله هل ينتهي تعريفه عند هذا؟

الحسن المعروف مخرجا وقد

 

 

 

 

اشتهرت رجاله بذاك حد

 

 

حمد.........................

 

 

 

.........................

 

 

انتهى التعريف على رأي الحافظ العراقي، مع أنه يقول "عليه مدار أكثر الحديث"، هل هذا من التعريف "والذي يقبله أكثر العلماء" هل هذا من التعريف؟ هذا حكمه "ويستعمله عامة الفقهاء" هذا حكمه إن كان هذا ليس بداخل في التعريف فالتعريف منتقَد، التعريف لا يفي بالغرض ليس بجامع ولا مانع لماذا؟ لأن الصحيح عرف مخرجه واشتهر رجاله، فلا يكون هناك تمييز بين الصحيح والحسن فالتعريف ناقص فنحتاج إلى قيد يخرج الصحيح، فإذا قلنا عليه مدار أكثر الحديث يقبله أكثر العلماء قلنا هذا قيد يخرج الصحيح لماذا؟ لأن الصحيح يقبله كل العلماء وليس أكثر العلماء، يستعمله عامة الفقهاء، يعني بالنسبة للحسن في تعريف الخطابي أردفه بحكمه يقبله أكثر العلماء يخرج الصحيح؛ لأنه يقبله جميع العلماء وكذلك جميع الفقهاء يقبلونه، إذا قلنا أنه تابع للتعريف مع أن العادة لم تجرِ عند أهل العلم في إدخال الأحكام في التعاريف؛ لأن هذا حكمه يقبله أكثر العلماء حكمه وهذا ليس من التعريف وليس بجار على قواعدهم في التعاريف التي من شأنها أن تكون جامعة مانعة، فمن قال إن بقية الكلام تابع للحد قال إنه يخرج الصحيح ويخرج الضعيف أيضا؛ لأن الضعيف قد يدخل في الحد يعرف مخرجه يعرف أصله هل هو بغدادي أو مدني أو مكي أو مصري، يعرف مخرجه ويعرف أيضا مخرجه الأصلي من قبل الصحابي هل هو من حديث عائشة، من حديث ابن عباس، من حديث أبي هريرة، يعرف هذا ويشتهر رجاله لكن لا بالعدالة يشتهر بالضعف؛ لأن الشهرة كما تكون بالقوة تكون بالضعف فيدخل فيه الأقسام الثلاثة، لكن إذا قلنا أن بقية الكلام: عليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء قلنا يخرج الصحيح والضعيف ويبقى الحسن، "قال زين الدين ورأيت في كلام بعض المتأخرين أن قوله ما عرف مخرجه احتراز عن المنقطع وعن حديث المدلس قبل أن يبين تدليسه" يعني عرف مخرجه في جميع الطبقات لا يعنى به مصدره الأصلي، إنما في جميع طبقاته يعرف مخرجه فيعرف راويه في جميع طبقاته، لكن يعرفون بأي شيء؟ نعم يعرف بأن يكون متصلا؛ لأنه إذا انقطع قلنا فيه جهالة فما عرف مخرجه، لكن يعرفون بأي شيء يعرفون بعدالة أو بضعف؟ قد يقول قائل أنه لما عرف الصحيح وسوف يعرف الضعيف بعد الحسن أنه أخرج الصحيح بتعريفه والحسن بتعريفه ويبقى الحسن، لكن الأصل في التعاريف ألا يحتاج فيها إلى أقسام أخرى جامعة مانعة، أما إذا قسمت فأنت ما جريت على طريقتهم في التعاريف التي يتصور منها المعرَّف من غير نظر إلى غيره؛ لأن الذي يقرأ في هذا الباب مثلا إذا قلنا يلزمك أن ترجع إلى تعريف الصحيح ما استفاد وما صار هذا حدا يُبنى عليه حكم؛ لأن الأحكام مبناها على التصور، الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فإذا لم يتم تصوره تصورا دقيقا فإنه لن يصدر في شأنه حكما دقيقا، "قال تقي الدين" ابن دقيق العيد "ليس في عبارة الخطابي كبير تلخيص وأيضا فالصحيح" لأنا إذا قلنا البقية من التعريف صار التعريف سطرين والأصل في التعاريف أن تكون جامعة مانعة واضحة مختصرة، أما إذا أردنا أن نشرح التعريف بأسطر هذا ما صار على طريقة أهل العلم في التعريف، "قال تقي الدين ليس في عبارة الخطابي كثير تلخيص وأيضا فالصحيح قد عرف مخرجه واشتهر رجاله فيدخل الصحيح في حد الحسن وكأنه يريد ما لم يبلغ درجة الصحيح" وهذا واضح من ترتيبه لما وضع الصحيح وعرّفه ثم جاء بالحسن يريد أنه دونه لكن القارئ لتعريف الحسن لا يستصحب في نفسه تعريف الحديث الصحيح قد لا يستصحب ذلك، والأصل أن يكون كل تعريف مستقلا، وكل باب مستقلا بنفسه، "وكأنه يريد ما لم يبلغ درجة الصحيح قال الشيخ تاج الدين التبريزي في كلام الشيخ تقي الدين نظر؛ لأنه ذكر من بعد أن الصحيح أخص من الحسن ودخول الخاص في حد العام أمر ضروري والتقييد بما يخرجه مخل للحد" هذا مبني على أن الصحيح خاص والحسن عام، فكل صحيح حسن ولا عكس، يعني نظير الإسلام والإيمان، كل مؤمن مسلم ولا عكس، يعني إذا نظرنا إلى العموم عموم المسلمين يصح أن تطلق عليهم كلهم مسلمون، لكن إذا هل يصح أن تطلق عليهم كلهم مؤمنون؟ لا، يعني فرق بين إطلاق الاسم ومطلق الاسم، الاسم المطلق ومطلق الاسم على ما عرف في التفريق بين الإسلام والإيمان، يقول دخول الخاص في حد العام أمر ضروري، يعني ندخل الصحيح في تعريف الحسن، والتقييد بما يخرجه عنه مخل للحد، لكن لو نظرنا إلى النسبة بين الحديث الحسن والحديث الصحيح النسبة بينهما هل هي تداخل أو تباين؟

طالب: ...............

يعني هل هي تداخل أو تباين؟ يعني هل النسبة بين الصحيح والحسن والضعيف مثل النسبة بين الاسم والفعل والحرف؟ وإلا قد نقول أن الحديث ضعيف إذا جاء ما يشهد له ارتقى إلى الحسن لغيره، إذا جاءت شواهد كثيرة يمكن يرتقي إلى الصحيح، فبينها تداخل من وجه، الفعل لا علاقة له بالاسم والحرف لا علاقة له بالقسمين؛ ولذا يقولون الحرف ما لا يقبل علامات الاسم ولا علامات الفعل، لو كان هناك تداخل بينهما لقلنا ما لا يقبل علامات الأدنى منهما؛ لأنه إذا لم يقبل علامات الأدنى منهما فإنه لن يقبل علامات الأعلى منهما من باب أولى، يعني مثل ما قلنا الشاب الذي لم يبلغ سن الكهولة هل نحتاج أن نقول ولا الشيخوخة ما نحتاج؛ لأنه إذا لم يبلغ سن الكهولة فمن باب أولى ألا يبلغ سن الشيخوخة، هذا إذا قلنا النسبة بينهما التداخل، لكن إذا قلنا التباين فلا بد من الترديد على ما سيأتي في تعريف الضعيف، فإذا قلنا بينهم تباين يعني هل هناك تداخل بين الصحيح لذاته والحسن لغيره؟ ما بينهما نسبة، لكن إذا نظرنا إلى الصحيح لغيره مع الحسن لذاته بينهما تداخل، بمعنى أنه لو ورد من طريق ثاني صار هو هو لو ورد الحسن لذاته من طريق آخر قلنا هو الصحيح لغيره، فصار بينهما تداخل من وجه وتباين من وجه، وكل الخلاف مبني على هذا، فإذا قلنا مثل هذا انفك كثير من الخلاف، "قال زين الدين وهو اعتراض متجه قلت بل هو اعتراض غير متجه" المؤلف يقول: "قلت بل هو اعتراض غير متجه؛ لأن العموم والخصوص إنما يقع على الحقيقة في الحدود الحقيقية المعرفة للذوات المركبة المشتملة على الأجناس والفصول وليس في الحديث الصحيح والحسن شيء من ذلك لأن لكل واحد منهما أمارة يجب العمل عندها وبعضها أقوى في الظن من الأخرى لا أن القوية متركبة من الضعيفة ومن أمر آخر أن القوية متركبة من الضعيفة ومن أمر آخر" نقول هذا الكلام من وجه صحيح ومن وجه آخر ليس بصحيح؛ لأنه يقول لا أن القوية متركبة من الضعيفة، القوية هنا الصحيح والضعيفة هنا الحسن، هل نستطيع أن نقول أن الصحيح متركب من الحسن؟ في الصحيح لغيره صحيح متركب من الحسن، لكن في الصحيح لذاته لا، ليس متركبا من الحسن فهو صحيح من وجه منتقد من وجه، وهو انتقد التبريزي من وجه صحيح ومن وجه ليس بصحيح؛ لأنه لو لحظ قسمي الصحيح وهو أن قسمه الأعلى الصحيح لذاته لا علاقة له بالحسن، والصحيح لغيره له ارتباط بالحسن؛ لأنه هو الحسن لذاته إذا تعددت طرقه؛ لأنه قال: لا أن القوي متركب من الضعيف نقول لا، الصحيح لغيره القوي متركب من الضعيف إذا تعدد وهو الحسن، "ومن أمر آخر فإن الحديث الصحيح المروي عن ابن سيرين لم يتركب من الحديث الحسن المروي عن ابن إسحاق ومن الحديث الصحيح المروي عن ابن سيرين وأمثال ذلك" هذا الكلام صحيح أو ليس بصحيح؟ "الحديث الصحيح المروي عن ابن سيرين لم يتركب من الحديث الحسن المروي عن ابن إسحاق ومن الحديث الصحيح المروي عن ابن سيرين" يعني حديث ابن سيرين لا علاقة له بالحسن، نعم إن كان الحديث الصحيح المروي عن ابن سيرين صحيح لذاته لم يتركب من الحديث الحسن عند ابن إسحاق، لكن إن كان المروي عن ابن سيرين حسن لا يصل إلى درجة الصحيح وحديث ابن إسحاق حديث حسن أيضا يتركب منه الحديث الصحيح لماذا؟ حديث ابن إسحاق شاهد لحديث ابن سيرين أو العكس أو متابع له وحينئذ يرتقي به فيتركب منهما حديث صحيح فهو من هذه الحيثية الكلام صحيح وأمثال ذلك إلى أن قال "وبالجملة فالحد الحقيقي متعذر هنا" "وإنما هذه" يعني ما ذكره أهل العلم في تعريف الحسن "هذه رسوم" لأنه قد يعرّف الشيء برسمه لا بحقيقته، وقد يعرف الشيء بأقسامه، وقد يعرف الشيء بجميع أركانه كما جاء في تعريف الإسلام والإيمان، يقول: "وبالجملة فالحد الحقيقي هنا متعذر" يعني الحديث الحسن متعذر "وإنما هذه رسوم تفيد تمييز العبارات المصطلح عليها بعضها من بعض وذكر الحدود المحققة أمر أجنبي عن هذا الفن" يعني التعاريف في علوم الحديث دخيلة، يعني لو جئت إلى الأوائل هل يمكن أن تحفظ تعريف الصحيح عن مالك أو عن شعبة أو عن سفيان؟ لا يمكن، إنما يقول لك هذا حديث صحيح ويسكت ولا يقول لك.. هل تحفظ أنت تعريف الحسن عن مالك أو عن أو عمن تقدم ما يمكن، فالحدود في العلوم الشرعية كلها دخيلة، كلها اصطلاحات حادثة يعني لما تأتي إلى باب المياه من أو كتاب الطهارات من الموطأ هل يعرف لك مالك الطهارة؟ ما يعرف حتى الكتب الفقهية التي ألفت عند المتقدمين ليس فيها تعاريف لماذا؟ لأنهم لا يمكن أن يعرفوا أشياء معروفة عند الناس، الناس مازالوا عربا ما اختلطوا بغيرهم فتلوثت لغاتهم ما يحاجون إلى مثل لكن لما دعت الحاجة إلى ذلك اضطروا إلى أن يعرفوا فلا يمكن أن يعرفوا أحكاما حتى يعرفوا الحقائق والحقائق بهذه التعاريف ولذلك قال "وذكر الحدود المحققة أمر أجنبي عن هذا الفن فلا حاجة إلى التطويل فيه" ونقف على تعريف الترمذي رحمه الله تعالى.

 

اليوم تأخرنا في البداية غدا- إن شاء الله- نبدأ في الرابعة والربع بإذن الله تعالى نبدأ مبكرين.