شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (13)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
ثم ينهض مكبراً كنهوضه من السجود، فإذا جلس للتشهد الأخير تورك، فنصب رجله اليمنى، ويجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى، ويجعل إليتيه على الأرض، ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما، ويتشهد بالأول، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
ويستحب أن يتعوذ من أربع فيقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، وأعوذ بالله من عذاب القبر، وأعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بالله من فتنة المحيا والممات، وإن دعا في تشهده بما ذكر في الأخبار فلا بأس، ثم يسلم عن يمينه، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
ثم ينهض" يعني بعد التشهد الأول "مكبراً" ينهض مكبراً، يعني حال كونه مكبراً، بعد تشهده الأول، ولا يرفع يديه في هذا الموضع عندهم، عند الحنابلة في المذهب، وإن ثبت ذلك في صحيح البخاري من حديث ابن عمر إلا أن البخاري يصححه مرفوعاً والإمام أحمد يرى أنه موقوف على ابن عمر، وحينئذٍ لا يلزمه ولا يلزم من يقلد الإمام أحمد أن يرفع يديه؛ لأنه لم يثبت عند إمامه مرفوعاً، ولذلك لا تجدون هذا الموضع -رفع اليدين بعد الركعتين بعد التشهد الأول- في كتب الحنابلة، وإنما الرفع في ثلاثة مواضع: منها تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وأما بعد الركعتين فلا، والسبب في ذلك أن حديث ابن عمر المرجح عند الإمام أحمد أنه موقوف، والإمام البخاري -رحمه الله- يثبته مرفوعاً، فالذي يُقلد الإمام لا يلزمه لا يرفع؛ لأنه عامي، أو في حكم العامي من المقلدين، وليس لديهم أهلية النظر في الأدلة.
قد يقول قائل: وغير المقلد للإمام أحمد، ماذا يصنع؟ خلاف بين إمامين كبيرين، بين جبلين شامخين، أحدهما يراه مرفوعاً، والثاني يراه موقوفاً، هذا الخلاف بين هذين الإمامين، لو كان مما نقل عنهما، يعني نقل عن الإمام أحمد هذا، ولو نقل عن الإمام البخاري في غير صحيحه أنه يصحح الرفع لنظرنا في القولين، ولطلبنا مرجحاً، يعني لو أن الترمذي سأل الإمام البخاري عن حديث ابن عمر فقال: المرفوع أصح، ولم يرد ذلك في صحيحه، لقلنا: خلاف بين إمامين نطلب المرجح، لكن ما دام الرفع ثبت في صحيح البخاري الذي تلقته الأمة بالقبول فإنه حينئذٍ لا ينظر لقول أحد ما دام ثبت مرفوعاً في صحيح البخاري لا ينظر لقول أحد كائناً من كان، يعني متى ننظر في الخلاف بين البخاري وأحمد؟ إذا نُقل عنهما، إذا ثبت عنهما أنهما قال ذلك، ولا نقول: إن الإمام أحمد أرجح من البخاري أو البخاري أرجح، لا بد من طلب مرجح، كلاهما إمام معتبر من أهل هذا الشأن المقلد له شأنه، وأما بالنسبة لمن لديه أهلية النظر بين الأقوال والموازنة بينها فإنه حينئذٍ يعمل بما يؤديه إليه اجتهاده، ونصب الخلاف بين الإمامين فيما كان في خارج الصحيحين، أما ما كان في الصحيحين أو في أحدهما فقد تلقتهما الأمة بالقبول، فلا ننظر لقول أحد كائناً من كان، ولذا المرجح أن اليدين ترفعان بعد التشهد الأول.
ورفع اليدين بعد التشهد الأول للقيام إلى الركعة الثالثة منهم من يرى أنه قبل القيام، والمحقق أنه مع الذكر، مع التكبير، مع تكبيرة الانتقال، كرفع اليدين مع تكبيرة الإحرام، ومع الركوع والرفع منه، يكون الرفع مقارناً للذكر، فحال النهوض حال القيام يرفع يديه، كما يرفعهما إذا رفع من الركوع، أو إذا شرع في الركوع، أو إذا كبر لتكبيرة الإحرام، يعني هذه مسألة مهمة بعض الناس ينصب الخلاف، ويضعف أحاديث في الصحيحين؛ لأن الإمام أحمد أو لأن أبا حاتم أو لأن الدارقطني أو لأن أبا داود أو الترمذي أو لأن النسائي رجح أن هذا كذا في ترجمة من تراجم كتابه، فتنسف الأحاديث الصحيحة بهذه الطريقة، لا، نعم في الصحيحين كما قال ابن الصلاح وغيره: أحرف يسيرة تكلم عليها بعض الحفاظ، فتخرج من المقطوع به كما قال، ويبقى أن القول الراجح هو قول الإمامين في كثير من المواضع، وأمكن الإجابة عن هذه الانتقادات في جل هذه المواضع، وبعضها لم يظهر وجه ترجيح اختيار الإمامين، لكن مع ذلك يبقى أن الكتابين تلقيا بالقبول، والجرأة عليهما بالتضعيف بقول من عارضهما من الأئمة لا شك أنه جرأة على السنة، وإذا تجرأنا على الصحيحين لم يبق لنا شيء نتمسك به، لم يبق لنا شيء ندافع عنه ونتمسك به، وليست هذه عصبية لفلان أو لعلان، إنما هي عصبية دينية شرعية لسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ليست والله عصبية لا للبخاري ولا لمسلم ولا لغيرهما، ولو نظرنا في الآثار المترتبة على فتح المجال وفتح الباب على مصراعيه للنقد وتقبل هذا النقد من أي متكلم، ومن أي ناعق سواءً كان له حظ من النظر أو ليس له أدنى صلة بهذا العلم، يتحكمون ويحكمون العقول في هذه النصوص.
على كل حال الذي يقلد الإمام أحمد وليست لديه أهلية النظر يقلد الإمام؛ لأنه إمامه وفرضه التقليد، لكن من كان من طلاب العلم ولديه أهلية النظر وبلغه الخبر وهو في صحيح البخاري لا يقدم عليه شيء.
"ثم ينهض مكبراً" بعد الفراغ من التشهد الأول الذي مضى الكلام في حكمه، وفي حكم ذكره من التشهد، وسيأتي حكم من تركه في باب سجود السهو، نعم؟
طالب:.......
ينظر فيه، نظر فيه أهل العلم، وأجابوا عنه، كتاب التتبع للدارقطني، ينظر فيه، ونظر فيه أهل العلم، وأجابوا عنه، أجابوا، فتح الباري خصص فصلا كاملا من مقدمة الفتح لابن حجر، والنووي أجاب عن هذه الأحاديث في شرح صحيح مسلم.
طالب: لكن -أحسن الله إليك- ينظر فيه كل أحد أو طالب العلم الذي لديه الأهلية؟
ما ينظر فيه إلا من لديه أهلية النظر، هذه أمور دقيقة، يعني أدق ما يبحث في علوم الحديث، لا يدركها إلا أمثال الأئمة الدارقطني وغيره، هذه أمور لا تدرك، لكن قد يعل الدارقطني سند هذا الحديث المسطر في البخاري أو في مسلم، وهو ثابت عندهما بغير هذا الطريق، قد يكون الطريق الذي ذكراه فيه مغمز، وفيه نوع كلام أو جرح آثر البخاري إيراده أو مسلم لعلوه مثلاً، مع أن عنده من الأسانيد ما يجبره، أو ما لا كلام فيه أصلاً، كثير منها من هذا النوع.
طالب:.......
معروف نعم، وهذا من أحد الوجوه التي يرجح بها البخاري على مسلم، هذه ذكرناها في مناسبات كثيرة، لكن يبقى أن الصواب في الغالب مع الإمامين، ولا يتساهل في الأمر أو يترك الموضوع، أو يترك الكلام لأي أحد، لا أبداً، نعم؟
طالب:.......
لا، لا هذا اجتهاد لكن المعول على الأحاديث الأصول المرفوعة، يعني حينما يجتهد الإمام البخاري ويرى أن من أخر القضاء إلى رمضان آخر أنه يقضيه فقط ولا كفارة عليه، وإنما قال الله: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة] هل يلزمنا القول بهذا؟ ما يلزم، هذا اجتهاده.
"ثم ينهض مكبراً كنهوضه من السجود" كنهوضه من السجود إلى الركعة الثانية أو الثالثة، كما ينهض من السجود، والمرجح عنده وهو المذهب أنه ينهض على صدور قدميه، هذا بناءً على أنه يقدم حال السجود ركبتيه قبل يديه، فإذا أراد أن يقوم عكس، ومن يرى تقديم اليدين على الركبتين يقول: ينهض على يديه لا على صدور قدميه، عنده يضع يديه على ركبتيه، وينهض على صدور قدميه، وعلى القول الثاني: يضع يديه على الأرض، ويرفع ركبتيه قبل يديه.
يشيرون إلى شيء كأنه موجود في وقتهم، وكأنه قيل به من قبل بعض أهل العلم، وينصون على أنه لا ينبغي بل بعضهم يبطل الصلاة به، وهو أن يقدم إحدى رجليه، ويقوم بعد ذلك، أشاروا إلى هذا، ومنعوا من هذا الصنيع، والقول بإبطال الصلاة بسببه فيه بعد؛ لأنه عمل يسير، نعم هو خلاف الأولى، لكن إبطال الصلاة به غير متجه.
"كنهوضه من السجود، فإذا جلس للتشهد الأخير" الأخير وصف التشهد، فهل هو وصف لوقوع تشهد أول قبله أو لوقوعه في آخر الصلاة؟ الأخير، يعني لوجود تشهد أول، تشهد أول وتشهد أخير أو آخر؟ أو لوقوعه في آخر الصلاة؟
في حديث أبي حميد في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بمحضر عشرة من أصحابه، وكلهم وافقوه، فصل بين التشهدين، جعل التشهد الأول افتراشا، والتشهد الأخير توركا، صفة التورك قال: فنصب رجله اليمنى ويجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى، مقتضى قوله: "تحت فخذه" أنه يجعلها بين الساق والفخذ، وقد جاءت بذلك رواية صحيحة، لكن هذه الصورة وهذه الصفة لا تتسنى لكثير من الناس، لا سيما من ابتلي بالبدانة لا يستطيعها، نعم الرجل الذي لا يحمل اللحم يستطيعها، لكن البدين لا يستطيعها، وأكثر من وصف هذا التورك قال: إنه يجعل رجله اليسرى تحت ساقه، تحت رجله اليمنى.
الصورة السابقة التي صحت وثبتت، والصورة الثانية التي يمكن فعلها لعادي الناس، وكلاهما ثابت، لكن الصفة الثانية أكثر، وعلى هذا تفعل في الغالب، وإن فعل الإنسان الصورة الأولى أحياناً أحسن، ومن تركها لصعوبتها عليه كأن لا يستطيعها أو تشق عليه فلا شيء في ذلك ولا بأس -إن شاء الله تعالى-.
التشهد الأخير عرفنا أنه إما أن يكون قبله تشهد ويصح وصف الثاني بالأخير، متى يصح وصف الثاني بالأخير ومتى لا يصح؟ قبله واحد، لكن إذا كان بعد ثالث يصح وصفه بالأخير؟ لا يصح، عندنا ربيع الثاني وجمادى الآخرة في فرق بينهما؟ هم يفضلون أن يقال: الثاني إذا وجد ثالث، ولا يقال: الآخر، وإذا لم يكن هناك ثالث يفضلون الآخر، يعني المتأخر، وهو آخر شيء يعني لا يوجد بعده شيء، توجد علة لقولهم: ربيع الثاني وجماد الآخرة، ما قالوا: ربيع الثاني ولا جمادى الثانية؟ أحد يذكر شيئا؟
أشرنا إلى المذاهب في صفة الجلوس، نعم؟
طالب:.......
ما هي؟
طالب:.......
يرجون ثالث.
طالب:.......
وثالث لن يأتي ثالث، لا يوجد ربيع ثالث.
طالب:.......
في التورك؟
طالب:.......
ما صفتها؟
طالب:.......
طيب، كيف؟ يعني كيف تمد؟ يعني هي الصفة الثانية إلا أن القدم بدلاً من أن تنصب تُمد، أشرنا سابقاً إلى خلاف العلماء في الافتراش والتورك، وقلنا: إن المالكية يتوركون في كل تشهد، وفيه حديث ابن مسعود والحنفية يفترشون في كل تشهد فلا افتراش عند المالكية، ولا تورك عند الحنفية، الشافعية والحنابلة يفرقون التشهد الأول افتراش عند الشافعية والحنابلة، والحنفية أيضاً افتراش، التشهد الثاني أو الذي يعقبه السلام، يعني إذا كان هناك تشهدين، ففيه التورك مطلقاً عند الحنابلة، وعند الشافعية إذا كان يعقبه السلام، يعني إذا لم يكن بعده سجود سهو، فإنه حينئذٍ يتورك، التشهد الذي ليس في الصلاة إلا واحد منه كصلاة الركعتين، فالصبح مثلاً أو النوافل إذا كان يعقبه سلام فالشافعية يرون فيه التورك، والحنابلة يقولون: افتراش، ولا تورك إلا في صلاة فيها تشهدان، ويكون في الثاني منهما كالثلاثية والرباعية، أما الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد فإنه لا تورك مطلقاً عند الحنابلة، ويتورك الشافعية إذا كان هذا التشهد يعقبه سلام، لماذا فرق بين تشهدين؟ لأن التشهد الأول قصير، والثاني طويل هذا من جهة، إذا قلنا بهذه العلة بمفردها قلنا: إن قول الشافعية متجه،
وإذا أضفنا إلى هذه العلة التفريق بين التشهدين ليعرف المسبوق قدر ما سبقه، وفي أي جزء من أجزاء الصلاة هذا الإمام؟ فحينئذٍ تكون العلة مركبة، ولا يتسنى حينئذٍ إلا إذا اجتمعت العلتان، إذا اجتمع جزءا العلة، تكون علة مركبة من جزأين، ولا يترتب عليه حكم إلا إذا اجتمع الجزءان، توافر الجزءان، فلا يرد قول الشافعية، لذا لو اقتصرنا على أن التورك في التشهد الثاني لأنه يطال، فيه صلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه تعوذ من أربع، وفيه اختيار من الدعاء ما يشاء، طويل، يرد علينا قول الشافعية أن التشهد الذي يعقبه السلام طويل سواءً كان في ثنائية أو ثلاثية أو رباعية، وإذا قلنا: إنه مع هذا الطول يلحظ أيضاً جزء من العلة، وهو الفرق بين التشهدين ليعرف المسبوق، لا سيما الذي يرى أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة من أجل إذا رآه مفترشاً في ثلاثية أو رباعية لحق به، وصنع مباشرة مثل ما يصنع الإمام بدلاً من أن ينتظر، هل يقوم أو يسلم؟ لأنه مأمور بأن يصنع ((إذا دخل أحدكم والإمام في صلاته فليصنع كما يصنع الإمام)) فإذا كانت العلة مركبة من جزأين لا بد من توافر الجزأين، ولا يكفي أحدهما دون الآخر.
يقول: "فنصب رجله اليمنى، ويجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى، ويجعل إليتيه على الأرض، ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما".
هذا يقول: بعض العلماء ذكر أن صفة التورك وهي التي بين الفخذ والساق تكون اليسرى.
كيف تكون اليسرى؟ ما معنى اليسرى؟ نعم؟
طالب:.......
لا، يقول: "ذكر أن صفة التورك وهي التي بين الفخذ والساق تكون اليسرى" هذا انتهى "وذكر بعضهم أن في الحديث احتمالية تصحيف، ومما يؤيد ذلك أن هذه الصفة يصعب على كثير عملها، وقد يقال: إنها لا توحي بالطمأنينة ما قولكم...؟
بعضهم قال: إن "بين" تأتي بمعنى "تحت" وحينئذٍ توافق الصفة الأولى، لكن "بين" لها معنى و"تحت" لها معنى، والذي يتيسر له فعلها لو فعلها أحياناً لكان أحسن.
طالب:.......
لا لا، لو فرشها صعب، عليك أنت ممكن وسهل، لكن غيرك فيها صعوبة، نعم؟
طالب:.......
يمكن، ليس هناك ما يمنع، إذا كانت اللفظة محفوظة ما لأحد كلام، إذا كان سندها صحيح مخرجة في..، هاه؟
طالب:.......
هم قالوا: إن "بين" تأتي بمعنى "تحت" لكن في بعد.
طالب:.......
هذا عند العجز.
طالب:.......
لا لا، التلازم هذا الصفة الطبيعية لمن نزل على ركبتيه أن يعتمد على ركبتيه، وينهض على صدور قدميه، ومن قال: ينزل يديه يرفع ركبتيه قبل يديه، معروف من قال بهذا.
"ويجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى، ويجعل إليتيه على الأرض، ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما، ويتشهد بالأول" يتشهد بالأول يعني في التشهد الأخير يأتي بألفاظ التشهد الأول الذي تقدم الكلام فيه، من تشهد ابن مسعود، وهو الأكثر، أو تشهد عمر، أو تشهد ابن عباس، يعني بالتشهد الأول الذي ذكره، الذكر الذي ذكره في التشهد الأول يأتي به هنا، ويتشهد بالأول، ثم بعد التشهد الأول يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم... إلى آخره.
التشهد الأول من واجبات الصلاة، وذكره كذلك، التشهد الأخير ركن عند الحنابلة، وذكره لا سيما الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- ركن من أركان الصلاة، وغير الحنابلة يقولون: إنه ليس بركن؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما علمه المسيء، وعند جمع من أهل العلم أن حديث المسيء في مقام البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فجعلوا صفة الصلاة تنطبق على حديث المسيء، فما ذكر فيه فهو واجب؛ لأنه جاء بصيغة الأمر، وما لم يذكر فيه فليس بواجب، لكن النصوص الأخرى دلت على أجزاء من الصلاة واجبة أوجبها من يقول بهذا الكلام، وهي لم ترد في حديث المسيء.
الأمر الثاني: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((قولوا)) أمر ((اللهم صل على محمد)) ((قولوا)) نعم الوجوب ظاهر، لكن الكلام في الركنية، هل يرقى مثل هذا اللفظ إلى الركنية أو لا يرقى؟ هذا محل النظر، أما كونه واجبا فلا أقل من أن يكون واجباً، وإذا عرفنا هذا وأن الحنابلة يرون ركنية الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-من بين سائر المذاهب، فكيف يقال: إنهم جفاة بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وليس من أهل العلم من يرى ركنية الصلاة عليه في الصلاة عليه وعلى آله سواهم، والله المستعان.
"ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد" جاء في بعض الروايات الصحيحة: "وعلى أزواجه وذريته" فدل على أن الآل في هذا الموضع هم الأزواج والذرية؛ لأن ما جاء في رواية مجملاً فُصل في رواية أخرى وحُمل على المفصل، وبُين في الرواية المفسرة.
منهم من يقول: إن المراد بالآل أتباعه على دينه، وهذا قول معروف عند أهل العلم، ومنهم من يقول: آله من تحرم عليهم الصدقة بنو هاشم وبنو المطلب.
ابن القيم -رحمه الله تعالى-ذكر الأقوال، واستدل لها، وأطال في تقرير ذلك، وأما بالنسبة لموضعنا هذا فالمتجه أنهم أزواجه وذريته، كما جاء مبيناً في رواية أخرى، نعم؟
طالب:.......
نعم يقول: إذا قلنا: إن الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- ركن وسلم الإمام قبل أن يصل المأموم إلى هذا الركن؛ لأن الإمام يسرع في قراءته، والمأموم بطيء، قلنا في قراءة الفاتحة: إنه لو ركع الإمام قبل إكمال الفاتحة، قلنا: إن حكمه حكم المسبوق، يركع مع الإمام، والمسبوق تسقط عنه الفاتحة، كما لو جاء والإمام راكع، لكن بالنسبة لركن في آخر الصلاة، الفاتحة جاء ما يدل على أنها تسقط عن المسبوق، لكن إذا قلنا: بركنية الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- لا بد أن يأتي به، ولو نوى الانفراد بعد إمامه، كما لو سبق بركعة كاملة يأتي به ثم يسلم، نعم؟
طالب:.......
لا لا، هذا ما سبق بشيء، يسلم مع الإمام، هل يسلم أو يكمل ويصلي على النبي؟
طالب:.......
لا لا، لا، هذا جاء مع الإمام من أول الصلاة، لكن الإمام يسرع فسلم قبل أن يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، يسلم معه، يتابع الإمام أو يصلي على النبي يأتي بهذا الركن؟ هذه الصورة المفترضة.
طالب:.......
لا لا المسبوق ما عليه مشكلة، إنما يأتي بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر صلاته.
طالب: أحسن الله إليك ألا يعتبر التأخر يسيرا لا يضر...
حتى لو كان كثيرا، يعني شخص في لسانه ثقل، وتأخر في الإتيان بهذا الركن، ونوى الانفراد ليس هناك ما يمنع -إن شاء الله-.
طالب:.......
لا، السنن لا، يتابع الإمام، لكن مثل هذا الركن الذي يبطل الصلاة عند من يقول بركنيته لا بد أن يأتي به.
طالب:.......
كيف صلى؟ يعني لا بد من التزام الصيغة أو لا؟ يعني لا بد أن تقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد... إلى آخره، الصلاة الإبراهيمية المعروفة، لا بد من هذه الصفة، يعني هل هذه الأذكار توقيفية، أو ينوب عنها ما يقوم مقامها في المعنى؟ نعم؟
طالب:.......
هذا المقصود؟ لو قال: صلى الله عليه وسلم، صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما صلى على إبراهيم وآله وسلم، يعني بدلاً من أن يكون بصيغة الطلب يكون بصيغة الخبر، ولا يختلف الأمر سواءً كان بصيغة الطلب أو بصيغة الخبر كله دعاء.
طالب: لفظ متعبد به أحسن الله إليك.
لو رجعنا إلى القواعد، قواعد ابن رجب في الألفاظ والأذكار المتعبد بها، هل يجوز أن تقال بالمعنى؟ وهل يجوز أن تذكر بغير العربية؟ نعم؟ هذه الأمور المتعبد بها بلفظها لا بد من الإتيان بها إلا من عجز عنها.
"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم" الجمع بين إبراهيم وآل إبراهيم، جاء في روايات صحيحة، وجاء إفراد إبراهيم، وجاء إفراد آل إبراهيم، وبعض المحققين ينفي ورود الجمع بين إبراهيم وآل إبراهيم، ينفي ذلك، لكنه ثبت بالأسانيد الصحيحة.
طالب:.......
ويش فيه؟
طالب:.......
في هذا الموضع أزواجه وذريته كما جاء مفسراً في رواية أخرى صحيح.
طالب:.......
البقية كلهم ماتوا بدون أسر، لا وفي أمامة بنت زينب، نعم؟
طالب:.......
الله أعلم، ما ندري.
طالب:.......
لا، هي تزوجها علي، نعم تزوجها علي بعد فاطمة، وما أدري هل أنجبت أو لا؟ الله أعلم، ما أدري.
طالب:.......
في هذا الموضع، يعني في باب تحريم الصدقة يدخل.
طالب: التنصيص -أحسن الله إليك-على بعض أفراد العام...
هذه مسألة أخرى، وهي التنصيص على الأزواج والذرية من بين الآل، هل يقتضي تخصيصا بحكم موافق لحكم العام؟ يعني الأصل أن الآل أشمل وأعم من الأزواج والذرية، فالتنصيص على بعض أفراد العام للعناية بهم، والاهتمام بشأنهم، فيكون الآل أتباعه على دينه، على القول الآخر، وهو مرجح عند كثير من أهل العلم لا سيما وهو أنه النظر الشرعي متجه إليه، ما معنى هذا الكلام؟ أنه لو كان من ذرية المصطفى -عليه الصلاة والسلام- وليس بمتابع له فإنه لا يدخل، وإذا كان تابعاً له ولو لم يكن من ذريته فالنظر الشرعي عموماً؛ لأن الأخوة إنما هي بالدين لا في النسب، هذا المقرر في الشرع، وعلى كل حال أقوال أهل العلم في هذا معروفة، نعم؟
طالب: أحسن الله إليك ما يشكل على هذا حديث الأضحية أنه ضحى بواحدة عنه وعن آل محمد وعن من لم يضح من أمته.
إذا وجد ما يخرج، وما يدل على خروج بعض الأفراد هذا ليس فيه إشكال.
طالب:.......
هذا موجود.
طالب:.......
والآل أيضاً، الجمهور يوجبون الصلاة على النبي، من يقول بوجوب الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يوجب الصلاة على الآل مع أن الأمر واحد.
طالب: يا شيخ السؤال في الصلاة وإلا خارج الصلاة؟
لا لا في الصلاة، لا يوجبون الصلاة على الآل مع أن الأمر واحد، ومنهم من يقول: إن إيجاب الصلاة على الآل كإيجاب الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-بمجرد اقترانهم معه استدلال بدلالة الاقتران وهي ضعيفة، يعني كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [(90) سورة النحل] العدل واجب، والإحسان ليس بواجب، وهذا مما يستدل به على ضعف هذه الدلالة، الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-واجبة، وعلى غيره من الآل ليست بواجبة.
على كل حال الامتثال في هذا الموضع لا يتأدى إلا بهذه الصيغة، نعم؟
طالب:.......
هم معولهم في ذلك على أن التشهد الأول مبناه على التخفيف، وأنه بعده أفعال، والتشهد الأخير ليس بعده شيء.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
منهم من يشدد في أمر الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأول حتى وهو قول في المذهب أنه لو أطال الإمام التشهد الأول هل يصلي المأموم على النبي -عليه الصلاة والسلام- أو يكرر التشهد الأول؟ بعضهم يرجح أنه يكرر التشهد الأول ولا يصلي على النبي، نعم؟
طالب:.......
الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
طالب:.......
كيف نيته؟
طالب:.......
ركنيته؟
طالب:.......
والله هو الظاهر، ركنيته هو الظاهر؛ لأن الأمر يشمل، قابل للتشهدين، وأيضاً لا يتم الامتثال إلا بتمام الصيغة، وبارك على محمد وعلى آل محمد، لا بد منها، ولا يتم الامتثال إلا بهما.
طالب: لو جمعهما؟
اللهم صل وبارك؟
طالب:.......
لو جمعهما، ما قلنا: ألفاظ متعبد بها، لا بد من الإتيان بلفظها.
"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم" إبراهيم وعلى، هذه زيادة في بعض النسخ دون بعض، إنما الذي يقال: وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وهذا الذي في الشرح.
طالب: وهذا في النسخة الأخرى التي عندي.
المغنى كذا، أظن ليس فيه وعلى آل..، اللهم صل على آل إبراهيم، ما في على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
طالب: كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
نعم كما صليت على آل إبراهيم.
طالب: وفي التبريك كذلك كما باركت على آل إبراهيم.
مثله أيضاً، كلاهما زيادة من بعض النسخ دون بعض، ولا شك في ثبوت الجمع بين إبراهيم وآل إبراهيم من حيث الإسناد، ونفي بعض الأئمة لثبوت الجمع بينهما مردود بأنه ثبت، والمثبت مقدم على النافي، يعني مثل ما نفى ابن القيم الجمع بين اللهم والواو، مع أنه ثابت في الصحيح، الإشكال الذي يذكره أهل العلم أن محمدا -عليه الصلاة والسلام-سيد ولد آدم، وهو أفضل الخلق، فكيف تطلب صلاة له ولآله مشبهة بالصلاة على إبراهيم وآله؟ كيف تطلب صلاة للأكمل مشبهة بالصلاة على الأقل؟ هذا إشكال يذكره أهل العلم، ويجيبون عنه بأن الآل وهم الأتباع يدخل فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، ففي قوله: وعلى آل إبراهيم أتباعه ممن تبعه على ملته، ومن جاء بعدهم إلى قيام الساعة، كلهم من آل إبراهيم، بما فيهم محمد -عليه الصلاة والسلام-، فالمجموع إذا نظرنا إليه أكمل من المجموع بالنسبة لآل محمد؛ لأنهم أقل من آل إبراهيم، إذا دخل في آل إبراهيم محمد -عليه الصلاة والسلام- وأتباعه صار من تبع إبراهيم قبل محمد -عليه الصلاة والسلام- قدر زائد، يعني إيراد الإشكال والجواب عنه هذا لا شك أنه مما يبحثه أهل العلم، وهو إشكال وارد، لكن الأصل في ذلك كله الاتباع، أمرنا بهذا فعلينا أن نفعل ونطبق، سواء ظهرت لنا الحكمة والعلة أو لم تظهر، لكن إن ظهرت بها ونعمت، وإن لم تظهر فالتعبد هو الأصل.
طالب: يا شيخ إنه يحصل للنبي -صلى الله عليه وسلم-صلاتان إي نعم؛ لأنه صلي عليه مفرداً، ثم صلي عليه مع آل إبراهيم فحصلت له صلاتان، فكان أشرف وأكمل.
كلن التشبيه في الغالب أن يكون المشبه دون المشبه به.
طالب: لكن -أحسن الله إليك-له الصلاة مشبهة، وهو داخل في المشبه به.
مثل ما قلنا: إنه داخل في آل إبراهيم، نعم مثل ما ذكرنا.
طالب:.......
طيب، ما يلزم التشبيه من كل وجه، يعني شبه رؤية الباري برؤية القمر، وشبه أول زمرة تدخل الجنة بالبدر، فلا يلزم التشبيه من كل وجه، وجه الشبه المطابقة من كل وجه ليس بلازم.
"وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" والصلاة على الآل في هذا الموضع متعبد بها، لكنها ليست بلازمة لامتثال الأمر في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] الامتثال يتم بقولنا: -صلى الله عليه وسلم-، ولا شك أن الآل لهم علينا حق، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا ألحقناهم ألحقنا الصحابة أيضاً؛ لأن لهم من الحق في إيصال الدين إلينا فلولاهم ما وصلنا دين، ولاانقطع حبلنا بنبينا -عليه الصلاة والسلام-، فلهم علينا من الحق ما هو مثل حق الآل، فنجمع بينهما، ولا يقول قائل: إن الصلاة الإبراهيمية خصصت الآل دون الصحب، نقول: لا، هذه في موضعها لا بد منها، ولا يجوز أن نضيف الصحب في الصلاة الإبراهيمية، حتى ولو قلنا: إن المراد بالآل أزواجه وذريته، لا يجوز أن نضيفه؛ لأن هذه ألفاظ متعبد بها، لكنه لا يلزمنا في كل صلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] أن نصلي على آله معه، اللهم إذا أضفنا من باب الاعتراف بفضل أهل الفضل أن نضيف الآل والأصحاب أيضاً، ولكل منهما فضل، وهذا فرد من أفراد العام الذي جاء الأمر به في سورة الأحزاب، والتنصيص على بعض الأفراد كما هو مقرر عند أهل العلم لا يقتضي التخصيص.
طالب: ألا يرجح ما أشرت إليه يا شيخ كون تخصيص الآل صار سمة...
نحن في مواضع قلنا: إنه صارا شعار لبعض المبتدعة، وإذا خصصنا الصحب دون الآل صار شعاراً لمبتدعة آخرين، للنواصب، والجمع بينهما هو مذهب أهل السنة، وقول أهل السنة، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
الأخ يقول: إن إبراهيم -عليه السلام- خص بمزيد في الصلاة والبركة، فطلبت هذا المنزلة للنبي -عليه الصلاة والسلام- وآله، وكون إبراهيم -عليه السلام- يكون أفضل من غيره من وجه أو في صفة، لا يعني أنه أفضل مطلقاً، التفضيل الجزئي لا يعني التفضيل الكلي، ولا ينافي تفضيل النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجملة، فقد ثبت في الصحيح أن أول من يكسى إبراهيم -عليه السلام- قبل محمد -عليه الصلاة والسلام-، ولا يعني أنه أفضل من محمد عليهما -الصلاة والسلام-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة)) يقول: ((فإذا موسى آخذ)) نعم؟
طالب: يصعق الناس.
((فإذا موسى آخذ بقائمة العرش -أو باطش بقائمة العرش- فلا أدري أبعث قبلي أم جوزي بصعقة الطور)) ولا يعني هذا أن موسى أفضل من محمد -عليه الصلاة والسلام-، فالتفضيل الجزئي لا يعني ولا يقضي على التفضيل الكلي الإجمالي.
قال: "ويستحب أن يتعوذ من أربع" نعم؟
طالب:.......
ماذا يقول؟
طالب:.......
لكن هو مأمور بهذا شرعاً {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ} [(32) سورة النساء] هذا نزل في النساء حينما تمنت أم سلمة ومعها من معها أن لو كانوا رجالاً يجاهدون في سبيل الله، تمني المرأة أن تكون رجلاً هذا اعتداء، تمني الرجل أن لو كان امرأة أيضاً اعتداء، لكن لو فضل إنسان بمزيد عمل اختياري يمكن أن ينال بالاختيار، ويستعان عليه بالدعاء هذا مطلوب ليس فيه إشكال.
طالب: حديث: ((لا حسد إلا في اثنتين))
نعم ومنهم من يتمنى أن لو كان لديه مال مثل فلان لعمل فيه مثل فلان، وجاء مدحه، فهما في الأجر سواء، وهكذا.
"ويستحب أن يتعوذ"...
دعونا نكمل يا إخوان لأجل ألاَّ نتأخر.
"ويستحب أن يتعوذ من أربع، فيقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، وأعوذ بالله من عذاب القبر" عذاب جهنم الذي لا تقوم له صم الجبال، يعذب به الكفار عذاباً أبدياً سرمدياً {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [(56) سورة النساء] وكذلك العصاة يدخلون النار، وينقون فيها، فيستعاذ بالله من هذا العذاب الذي لا يطاق، "وأعوذ بالله من عذاب القبر" وعذاب القبر جاء فيه ما جاء من كونه يضرب ويضيق عليه حتى تختلف أضلاعه، ويشتعل عليه قبره ناراً، وغير ذلك من أنواع العذاب التي جاءت بها النصوص، يستعيذ بها المرء؛ لأنه لا يستطيع تحمل هذا العذاب.
"وأعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال" التي خافها النبي -عليه الصلاة والسلام-على أمته، وهي من أعظم الفتن التي تمر بهذه الأمة في آخر الزمان، ويتبعه فئام من الناس، ويصدقونه؛ لِما جعل الله على يديه من خوارق يفتن بها بعض الناس ممن يستجيب له، وأي فتنة أعظم من شخص يأتي ومعه ما يشبه النار، ويأتي معه بما يأمر به السماء فينزل المطر، ويأمر ويفعل ويترك، كل هذه أمور تعرض الإنسان للفتنة، مما لا يستطيع الثبات معه أكثر الناس، لا يثبت مع هذه الفتنة أكثر الناس، فأمرنا أن نستعيذ بالله من فتنته في كل صلاة.
"وأعوذ بالله من فتنة المحيا والممات" الإنسان يتعرض في حياته إلى فتن تموج به، منها ما تكفره الصلاة والصيام، ومنها ما يحتاج إلى توبة، ومنها ما قد يخرجه من دينه {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ} [(126) سورة التوبة] فكيف بمن يُفتن في كل يوم مرة أو مرتين في آخر الزمان؟ الظرف الذي نعيشه لا شك أنه زمان فتن، فنعوذ بالله من فتنة المحيا والممات، فتنة المحيا هي ما يعرض له في حياته، وفتنة الممات ما يعرض له عند وفاته من عرض الأديان عليه، وتعرض الشيطان له بما يفتنه مما يكون سبباً لسوء الخاتمة، نسأل الله حسن الخاتمة.
التعوذ بالله من هذه الأربع سنة عند جماهير أهل العلم، وأوجبها بعضهم للأمر بها، وطاووس بن كيسان الإمام المعروف كما في صحيح مسلم أمر ولده عبد الله بإعادة الصلاة لما تركها، فليحرص عليها الإنسان؛ لأنها دعوات علها أن تصادف ساعة إجابة تقي المسلم هذه الأهوال وهذه العظائم.
وإن دعا في تشهده بما ذكر في الأخبار، جاء في الحديث: ((ثم ليتخير من المسألة ما شاء)) ما شاء عموم سواءً كان بما ورد أو لم يرد، وهنا خصه بما ذكر في الأخبار، يعني بما ورد، وليس له أن يدعو بدعوة غير واردة هذا قول، والثاني: أن له أن يدعو بما أحب وبما شاء بما ينفعه في دينه، وأما أمور الدنيا فلا يدعو بها، وهذا ينص عليه كثير من الفقهاء، فلا يقول: اللهم ارزقني زوجة صالحة، أو داراً واسعة، أو دابة هملاجة على ما قالوا، إنما يدعو بما ينفعه في دينه، وعموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((بما شاء)) أو ((بما أحب)) يشمل ما ينفعه في دينه وفي دنياه، وكلام المؤلف -رحمه الله- يخصه ويقصره على ما ورد.
"وإن دعا في تشهده بما ذكر في الأخبار فلا بأس، ويسلم عن يمينه فيقول: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك".
والسلام ركن من أركان الصلاة؛ لأنه تحليلها، وهو طرفها المشبه بطرفها الأول الذي هو تحريمها، تكبيرة الإحرام ركن، وأيضاً تحليلها التسليم يكون ركناً كتحريمها، ومنهم من يقول: إنه ليس بركن بل واجب، وهل الركن والواجب التسليمتان أو الأولى فقط والثانية سنة؟ قولان معروفان عند أهل العلم، والحنفية لا يرون السلام مطلقاً، لا يرونه لا واجبا ولا ركنا، بل إذا أتى بما يخالف الصلاة، أو ينقضها فلو تكلم أو أحدث تمت صلاته، ويعتمدون في ذلك على حديث ابن مسعود: ((فإذا قلت ذلك فقد تمت صلاتك)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- سلم بهذه الصيغة السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وداوم على ذلك، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ولا شك أن امتثال الأمر بالصلاة كما كان يصلي لا يتم إلا بهذا، وأما حديث ابن مسعود فآخره لا يثبت، بل جزم بعضهم أنه من قول ابن مسعود، لا يثبت مرفوعاً.
زيادة وبركاته...
طالب: الظاهر في التسليمة الثانية الوجوب؟
معروف أن الواجب بل الركن عند الحنابلة التسليمتان، والجمهور على أن الثانية سنة.
زيادة وبركاته جاءت في أحاديث بمجموعها تدل على أن لها أصلاً، فلو قيلت أحياناً كان أفضل، والغالب هو ما نقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في غالب أحواله الاقتصار على قوله: السلام عليكم ورحمة الله مرة عن يمينه ومرة عن يساره.
"ويبتدئ السلام وهو متجه إلى القبلة، ثم ينحرف عن يمينه، ثم الثانية وهو متجه إلى القبلة، ثم يلتفت إلى يساره، ويكون التفاته إلى يساره أكثر من التفاته إلى جهة اليمين" نعم؟
طالب:.......
والنية لا بد منها، النية -نية الخروج- لا بد منها، ولذا لو قال: السلام عليكم وهو غافل ما نوى شيئاً هذا سهو، ولو تعمَّد أن يسلم من غير نية للخروج بطلت صلاته؛ لأنه تكلم في الصلاة بما يبطلها، فلا بد من نية الخروج الذي يستدل عليه بهذا اللفظ كتكبيرة الإحرام نية الدخول مع اقترانها بهذا اللفظ، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: التعوذ من أربع هل يلزم فيها الترتيب يا شيخ التعوذ من الأربع المذكورات؟
لا ما يلزم الترتيب، ما يلزم؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب.
طالب:.......
إي نعم اتقاء وجهه....
"