كتاب بدء الوحي (006)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا من كلامه شيخ الإسلام في النبوات، يفرق فيه بين النبي والرسول يقول -رحمه الله-: فالنبي هو: الذي ينبئه الله، وهو ينبأ بما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله فهو رسول، وأما إذا كان يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد ليبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [(52) سورة الحـج] إلى أخر كلامه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:ـ

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، قال أخبرني: محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي، يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المنبر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات))، إنما هذه أداة حصر، أداة حصر، وإفادتها للحصر بالمنطوق؛ لأن منهم من يقول: إنها تفيد الحصر بالمفهوم، والصواب أنها تفيده بالمنطوق وضعاً حقيقياً لا مجازياً كما يقوله بعضهم، خلافا لمن زعم أنها تفيده بالمفهوم عرفا لا وضعاً مجازاً، لا حقيقة، ويرجع في هذا إلى مجموع فتاوى شيخ الإسلام في الجزء الثامن عشر في شرحه لحديث ((الأعمال بالنيات)).

في شرح الشيخ زكريا الأنصاري "منحة الباري" أو" تحفة الباري" نعم يقول: إنما مركبة من إن المشددة وما الكافة، يقال: إنما الأعمال، والأصل إنّ تنصب المبتدأ لكن ما هذه كفتها عن العمل، ويقال لها كافة، إنما مركبة من إن المشددة وما الكافة، والحصر بإنما بالمنطوق لا بالمفهوم، والحصر بإنما بالمنطوق لا بالمفهوم؛ لأنه لو قال ما له علي إلا دينار، لأنه لو قال: ما له علي إلا دينار مثل ما قال : إنما له علي دينار هذا حصر بالمنطوق، يقول: كان إقراراً بالدينار، ولو كان بالمفهوم لم يكن مقراً؛ لعدم اعتبار المفهوم في الأقارير، لماذا؟ لأنهم يتفقون على أن الإنسان لا يؤاخذ بلازم قوله الذي هو المفهوم، ويقررون أن لازم المذهب ليس بمذهب، واللازم هو المفهوم، لو قال: ما له علي إلا دينار، أو إنما له علي دينار هذا حصر بالمنطوق، وكان مقراً بالدينار، ولو كان إفادتها للحصر بالمفهوم ما صار إقرارا؛ لأن المفاهيم لا تفيد في باب الأقارير .

يقول: لم يكن مقرا لعدم اعتبار المفهوم في الأقارير، وذلك مثل ما ذكرنا من قول أهل العلم أن لازم القول لا يلزم، ولازم المذهب ليس بمذهب، وهي بمثابة الاستثناء بعد النفي كما في قوله -جل وعلا-: {إنّما تُجْزوْن ما كُنتُمْ تعْملُون} [(7) سورة التحريم] مع قوله: {وما تُجْزوْن إِلّا ما كُنتُمْ تعْملُون} [(39) سورة الصافات] فالحصر حصل بإنما وما وإلا {وما تُجْزوْن إِلّا ما كُنتُمْ تعْملُون} وكقوله: {إِنّما على رسُولِنا الْبلاغُ الْمُبِينُ} [ (12) سورة التغابن] مع قوله:{مّا على الرّسُولِ إِلاّ الْبلاغُ} [(99) سورة المائدة] فصار التعبير بإنما مساوياً للتعبير بما وإلا سواء بسواء، ويستفاد الحصر أيضا من جهة ثانية، وهي تعريف جزئي الجملة، تعريف جزئي الجملة، فالأعمال معرفة، والنيات معرفة، تعريف جزئي الجملة يفيد الحصر إذا قلت: الشاعر حسان، جزء الجملة المبتدأ والخبر كلاهما معرفة، ويستفاد الحصر من هذا التعريف لجزئي الجملة.

و" أل " في الأعمال للاستغراق، أي جميع الأعمال بالنيات، جميع الأعمال بالنيات، فلا يخرج أي عمل يمكن أن يسمى عملاً عن عموم هذا الحديث، على خلاف بينهم في المراد بالأعمال على ما سيأتي تفصيله.

قالوا: هو من مقابلة الجمع بالجمع، مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحاد، فيكون المراد كل عمل بنيته، كل عمل بنيته، وعلى هذا فلا يمكن أن يحصل أكثر من عمل بنية واحدة، أكثر من عمل بنية واحدة، ولا تحصل أكثر من نية لعمل واحد، هذا مقتضى مقابلة الجمع بالجمع، ما معنى التداخل في العبادات مثلاً؟ التداخل في العبادات هذه مسألة سئل عنها في الدرس الماضي ضمن الأسئلة التي وردت.

 يقول: إذا صليت المغرب في مسجدي وتركت الراتبة، حتى إذا جئت إلى مقر الدرس صليت ركعتين بنية الراتبة مع تحية المسجد؟

 تتداخل مثل هذه العبادات؛ لأن القاعدة تنطبق عليها، وتحية المسجد تدخل في أي صلاة، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، أي ركعتين كانت، سواء كانت فريضة، أو نافلة راتبة، أو مطلقة تدخل فيها تحية المسجد، لكن لا تدخل في ركعة واحدة، لو دخل المسجد وقال: أريد أن أوتر ثم أنام، أوتر بركعة قلنا: لا، وإن كان بعضهم يقول: إن المقصود يتأتى بأي صلاة، حتى توسع بعضهم فقال: إذا لم تكن متهيئا لصلاة، أو كسلة عنها فتذكر الله -جل وعلا-، فتسبح وتحمد تكبر يكفي، لكن هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن الصلاة المراد بها الصلاة الشرعية، حقيقتها الشرعية بالركوع والسجود إلى أخره، إذا صلى ركعة واحدة لم يكن ممتثلاً لقوله: ((فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))، يعني -حتى يصلي ركعتين- ما تكفي واحدة، وإن قال بعضهم: إن اسم الصلاة يكفي.

طالب .........

لا مسألة التداخل، يعني -لو جاء ودخل المسجد صلى ركعتين بنية الراتبة، وتحية المسجد، والاستخارة مثلا- تداخل، وإلا ما تداخل.

طالب .........

يعني ما تجزأ.

طالب .........

معروف مسألة تحية المسجد تدخل في كل صلاة، سواء كانت فريضة، أو نافلة، راتبة مطلقة أي صلاة.

طالب .........

ما في إشكال، ما في إشكال.

طالب .........

لو جاء وكبر تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع للنيتين، ويش المانع؟.

طالب .........

قاعدة التداخل عند أهل العلم كما قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في قواعده: إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية، والأخرى مؤدات، دخلت الصغرى في الكبرى، هذا معروف عندهم إيه.

طالب .........

لكن لو نوى، هل يثبت له أجرها، ولم يخطر ذكرها على باله؟.

طالب .........

هو لا يؤاخذ بتركها، لكن هل له أجرها؟ وإنما لكل امرئ ما نوى، إذا لا بد أن ينويها.

طالب .........

لكن لا بد أن ينويها يستحضرها أقل الأحوال، على كل حال تأتي في الجملة الثانية من الحديث.

يقول ابن القيم في " بدائع الفوائد ":" إذا قلت: "إنما يأكل زيدٌ الخبز"، إنما يأكل زيدٌ الخبز فحققت ما يتصل، ومحقت ما ينفصل، حقت ما يتصل، ومحقت ما ينفصل معناه -أن أكله الخبز محقق وعدم أكله لغيره، أو أكله لغيره ممحوق-، يعني -غير محقق- إذا قلت: " إنما يأكل زيد الخبز " فحققت ما يتصل، ومحقت ما ينفصل، هذه عبارة بعض النحاة، وهي عبارة أهل سمرقند يقولون: في إنما، إنما وضعت لتحقيق المتصل وتمحيق المنفصل، وتلخيص هذا الكلام كما يقول ابن القيم: "إنها لنفي وإثبات، فأثبتت لزيد أكل الخبز المتصل به في الذكر، ونفت ما عداه"، فمعناه -ما يأكل زيدٌ إلا الخبز-، فإن قدمت المفعول فقلت: " إنما يأكل الخبز زيد " انعكس المعنى، والقصد "إنما يأكل الخبز زيدٌ " انعكس المعنى والقصد.

الآن إذا قدمت وأخرت، هل معنى هذا أنك تجعل المفعول فاعل والعكس؟ نعم، يعني مثل ما يقول بعضهم:

" أكل طعامُكم الأبرار"، طعامُكم الأبرارَ" كيف أكل طعامهم الأبرار؟ نعم، إن كان حاراً نعم، كان حاراً، وإلا شيء من هذا ممكن يصير، هذه تزكية.

المقصود ابن القيم يقول: تلخيص هذا الكلام إنها لنفي وإثبات، فأثبتت لزيدٍ أكل الخبز المتصل به في الذكر، ونفت ما عداه، فمعناه ما يأكل زيدٌ إلا الخبز، يعني فقط ما يأكل غيره، فإن قدمت المفعول فقلت: " إنما يأكل الخبز زيدٌ " انعكس المعنى والقصد، إنما يأكل الخبز زيدٌ يعني -لا يأكله غير زيد-، ولكن زيد يأكل الخبز وغير الخبز، لكن لا يوجد من يأكل الخبز إلا زيد فانعكس المقصود والمعنى، وفيه يعني من بدائع الفوائد أشياء كثيرة من هذه الدقائق الذي لا ينتبه لها كثير من الناس، لا ينتبه لها كثير من الناس، وإن كان بعضهم يتهم ابن القيم بأنه يستفيد من السُهيلي وغيره ولا ينسب، لكن مقام ابن القيم فوق، يرتفع عن هذا الإتهام -رحمه الله- فهو إمام في جميع العلوم التي يحتاج إليها في فهم الكتاب والسنة.

الأعمال "إنما الأعمال" أي: جميع الأعمال البدنية، جميع الأعمال البدنية قليليها وكثيرها، فرضها ونفلها، الصادرة من المكلفين صحيحة، أو مجزئة إذا كانت مصاحبة للنيات، متعلق الجار والمجرور بالنيات، سيأتي بسطه -إن شاء الله تعالى-.

يقول الحافظ ابن رجب في شرح البخاري: الفعل من الناس، الفعل، الفعل، من الناس من يقول: هو مرادف للعمل يعني ما في فرق بين أن تقول ها عند ابن رجب نعم.

يقول: الفعل، من الناس من يقول: هو مرادف للعمل، ومنهم من يقول: هو أعم من العمل، هو أعم من العمل، فمن هؤلاء من قال: الفعل يدخل فيه القول وعمل الجوارح، يدخل فيه القول وعمل الجوارح، والعمل لا يدخل فيه القول عند الإطلاق، الكلام هذا له فوائد مترتبة عليه في أبواب كثيرة.

يقول: فمن هؤلاء من قال الفعل، يدخل فيه القول وعمل الجوارح، والعمل لا يدخل فيه القول عند الإطلاق، ويشهد لهذا قول عبيد بن عمير: " ليس الإيمان بالتمني، ولكن الإيمان قول يفعل، وعمل يعمل " قول يفعل وعمل يعمل، فجعل القول من الفعل لا من العمل، وخص العمل بعمل الجوارح وهذا خرجه الخلال عنه، ومنهم من قال: العمل ما يُحتاج إلى علاج ومشقة، والفعل أعم من ذلك، والفعل أعم من ذلك، ومنهم من قال: العمل ما يحصل منه تأثير في المعمول، كعمل الطين آجُرّا، والفعل أعم من ذلك.

ومنهم من قال: العمل أشرف من الفعل، العمل أشرف من الفعل، فلا يطلق العمل إلا على ما فيه شرف ورفعة، بخلاف الفعل فإنه مقلوبُ فإن مقلوب عمل لمع، ومعناه ظهر وأشرف، الآن الكلام عن العمل لماذا نحتاج إلى مقلوب عمل؟ نعم.

طالب.........

إيه تبين شرفه، أنت ما بينت شرف عمل، أنت بينت معنى لمع ظهر وأشرف، أو، نعم، نعم.

طالب.........

يعني أصل المادة باشتقاقها الكبير والصغير، بمقلوبها، بجميع تصاريفها، ولذلك تجدون الكتب كتب اللغة القديمة، يجمعون مثل هذا في موضع واحد، يجمعون لمع مع عمل.

قال ابن رجب: وهذا فيه نظر لماذا؟  يقول: فإن عمل السيئات تسمى أعمالا كما قال تعالى: {من يعْملْ سُوءا يُجْز بِهِ} [(123) سورة النساء] السيئات ليس فيها شرف وقال: {منْ عمِل سيِّئة فلا يُجْزى إِلّا مِثْلها} [(40) سورة غافر] ولو قيل عكس هذا لكان متوجها، ولو قيل مثل هذا لكان متوجها فإن الله تعالى إنما يضيف إلى نفسه الفعل، يضيف إلى نفسه الفعل كقوله تعالى: {وتبيّن لكُمْ كيْف فعلْنا بِهِمْ} [(45) سورة إبراهيم] {ألمْ تر كيْف فعل ربُّك بِعادٍ} [(6) سورة الفجر] {ألمْ تر كيْف فعل ربُّك بِأصْحابِ الْفِيلِ} [(1) سورة الفيل] {إِنّ اللّه يفْعلُ ما يشاء} [(18) سورة الحـج] وإنما أضاف العمل إلى يديه {أولمْ يروْا أنّا خلقْنا لهُمْ مِمّا عمِلتْ أيْدِينا أنْعاما} [(71) سورة يــس] يقول: وليس المراد هنا الصفة الذاتية بغير إشكال، وإلا استوى خلق الأنعام، وخلق آدم -عليه السلام-.

يتبين الفرق بين عمل وفعل، الكلام الأول كله يدل على أن عمل أشرف من فعل، والذي قرره الحافظ ابن رجب بالأدلة العكس، قال: ولو قيل عكس هذا لكان متوجها، فإن الله تعالى إنما يضيف إلى نفسه الفعل كقوله:{وتبيّن لكُمْ كيْف فعلْنا بِهِمْ} إلى أخره أضاف العمل إلى الأيدي، أضاف العمل إلى الأيدي{أولمْ يروْا أنّا خلقْنا لهُمْ مِمّا عمِلتْ أيْدِينا} والأيدي هنا ليست بصفة ليست من آيات الصفات، ليست هذه الآية من آيات الصفات، ولو كان يراد بها اليد المضاف إلي الله -جل وعلا- الحقيقية على ما يليق بجلاله وعظمته؛ لاستوى خلق الأنعام مع خلق آدم، ما صار لآدم مزية على الأنعام.

قال -رحمه الله-: واشتق -سبحانه- لنفسه اسما من الفعل دون العمل،  واشتق -سبحانه- لنفسه اسما من الفعل دون العمل، كما قال -جل وعلا-: {إِنّ ربّك فعّالٌ لِّما يُرِيدُ} [(107) سورة هود] فعال لما يريد، والعمل يتناول القول ويعتبر له النية، يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: وقد صرح أبو عبيد القاسم بن سلام العمل يتناول القول ويعتبر له النية؛ لأنه عمل اللسان، وإن كان مطلق العمل يطلق على عمل الجوارح واللسان منها، من هذه الجوارح، قال: وقد صرح أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الطلاق له بدخول القول في العمل، وأن الأقوال تدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((الأعمال بالنيات)).

وأبو عبيدٍ محله من معرفة لغة العرب المحل الذي لا يجهله عالم، ومع ذلك هو من ثقات أئمة اللغة؛ لأن أئمة اللغة فيهم الثقات، وفيهم من ليس بثقة ممن دخله شيء من الابتداع، لكن أبو عبيد إمام من أئمة أهل السنة ومع ذلك هو إمام من أئمة اللغة.

يقول: وقد اختلف الناس لو حلف لا يعمل عملاً، أو لا يفعل فعلاً، فقال قولاً هل يحنث أو لا؟ اختلف الناس لو حلف لا يعملُ عملاً، أو لا يفعلُ فعلاً، فقال قولاً هل يحنث أو لا؟ وكذا لو حلف ليفعلن، أو ليعملن هل يبر بالقول أم لا؟ هذا يرجع إلى الأيمان والنذور، ومردها عند أهل العلم إلى الأعراف عند الأكثر، وإلى النيات عند الإمام مالك إن كان نوى دخول القول يحنث، أما جمهور أهل العلم فيردونها إلى العرف، هل يسمون القول عمل وإلا لا؟.

يقول: وقد حكى القاضي أبو يعلى في ذلك اختلافا بين الفقهاء، وذكر في كتاب الأيمان له أنه لا يبر، ولا يحنث، أنه لا يبر ولا يحنث، وأخذه من رواية أبي طالب عن أحمد في رجل طلق امرأته واحدة ونوى ثلاثا، طلق امرأته واحدة ونوى ثلاثا، قال بعضهم: له نيته ويحتج بقوله: ((الأعمال بالنيات)) يعني هنا قدم النية على اللفظ، قدم النية على اللفظ.

 يرحمك الله.

قال أحمد: ما يشبه هذا بالعمل، ما يشبه هذا بالعمل، إنما هو لفظ المرجئة يقولون: القول: هو عمل لا يُحكم عليه بالنية، ولا هو من العمل، هو عمل لا يحكم عليه بالنية، ولا هو من العمل.

كيف؟ الإمام أحمد يقول: إن إطلاق العمل على القول، قول المرجئة لماذا؟ لأن الإمام أحمد -رحمه الله- كغيره من أئمة السنة، كغيره من الأعمال، يرون أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، داخلة في مسمى الإيمان، وبعض المرجئة قد يلبس على الناس فيقول: الإيمان عمل، الإيمان عمل، ويريد بذلك عمل اللسان، حتى قال الإمام أحمد -رحمه الله- قال: هذا أخبث قول، هو لا يريد أن يدخل عمل الجوارح في مسمى الإيمان، لكنه يريد أن يلبس على السامع، وأنه ممن يرى العمل، وهو يريد بذلك أن العمل عمل اللسان.

يقول -رحمه الله-: وإنما هذا لفظ المرجئة يقولون: القول: هو عمل، عمل لا يحكم عليه بالنية، ولا هو من العمل يعني -لا يحكم عليه بالنية-، ولا هو من العمل، هل هذا من كلامه؟ أو من كلام الإمام أحمد، يعني من نقله عنهم، أو هو من تقريره -رحمه الله-؟.

يقول: وأخذه من رواية أبي طالب عن أحمد في رجل طلق امرأته في واحدة ونوى ثلاثا، ونوى ثلاثا، قال بعضهم: له نيته، له نيته، ويحتج بقوله: ((الأعمال بالنيات))، ((الأعمال بالنيات))، قال أحمد: ما يشبه هذا بالعمل، إنما هو لفظ المرجئة؛ لأن الطلاق لفظ، قول، وإدخاله في الأعمال بالنيات هذا لفظ المرجئة؛ لأنهم يريدون أن يكتفوا بالقول عن عمل الجوارح، عن عمل الجوارح؛ لأن العمل لا مندوحة عن إثباته في الإيمان، والنصوص المتكاثرة المتظافرة على إثباته، لكن يريدون أن يحملوا هذا العمل على القول دون عمل الجوارح.

قال ابن رجب: وهذا ظاهر في إنكار تسميته القول عملا لكل حال، وأنه لا يدخل تحت قوله: ((الأعمال بالنيات))، وكذا ذكر ابوبكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب السنة.

قال ابن رجب: وهذا على إطلاقه لا يصح -يعني هذا الكلام على إطلاقه لا يصح-، فإن كنايات الطلاق، فإن كنايات الطلاق كلها أقوال، ويعتبر لها النية، لو قال: الحقي بأهلك، هذه كناية، لكن وهو، وهي قول، ويعتبر لها النية، وتدخل في حديث ((الأعمال بالنيات)) لكن الإمام أحمد إنما أنكر هذا القول نعم؛ ليسد الباب على من يتذرع بالألفاظ الشرعية، ويتوسل بها إلى اعتقادات بدعية.

وهو في هذا الباب -رحمه الله- يريد أن يسد الذرائع كلها الموصلة إلى هذه الأقوال البدعية، ولذا قال ابن رجب: وهذا على إطلاقه لا يصح، فإن كنايات الطلاق كلها أقوال، ويعتبر لها النية، وكذلك ألفاظ الأيمان والنذور أقوال، ويعتبر لها النية، وألفاظ عقود البيع والنكاح وغيرهما أقوال، وتأثر فيها النية عند أحمد، كما تأثر النية بطلان نكاح التحليل، النية تأثر بطلان نكاح التحليل، وعقود التحيل على الربا.

وقد نص أحمد على أن من أعتق أمته، وجعل عتقها صداقها أنه يعتبر له النية، فإن أرد نكاحها بذلك، فإن أرد نكاحها بذلك وعتقها انعقد بهذا القول، لو أن شخص عنده أمة فأعتقها، وليس في نيته أن يجعل عتقها صداقها، ثم قيل له: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها، لما أنفذ العتق ونطق به، لم يكن في نيته أن يجعل عتقها صداقها، ثم قيل له: لو فعلت لكن أفضل، إحسان من الجهتين، فقال: عتقها صداقها ينفع، وإلا ما ينفع؟ ما ينفع؛ لأنه ما نوى.

قال: وقد نص أحمد على أن من أعتق أمته، وجعل عتقها صداقها أنه يعتبر له النية، لا بد أن ينوي نية لجعل العتق صداقا مصاحبا لألفاظ العتق، فإن أراد نكاحها في ذلك وعتقها انعقدا بهذا القول نعم.

طالب ..........

كيف، لا، لا هو أنكر دخول مثل هذا الكلام في حديث ((الأعمال بالنيات)) لا لأنه لا يرى أن النية لها مدخل في أبواب الطلاق، وفي أبواب العتق، وفي أبواب، لا، كأنه عرف من ظرف السائل، أو من حال السائل، نعم أنه من هؤلاء القوم يريد أن يطبق حديث الأعمال على الأقوال، فيجعل الأقوال مغنية عن أعمال الجوارح. يقال: ما دام أهل السنة، سلف هذه الأمة يجمعون على إدخال الأعمال في مسمى الإيمان، أنا أدخلت الأعمال في مسمى الإيمان الذي هو القول، قال في موضع أخر: إن هذا أخبث قول، سئل عمن يقول: الإيمان عمل نعم.

قال: وكذلك ألفاظ الكفر المحتملة تصير بالنية كفرا، ألفاظ الكفر المحتملة تصير بالنية كفرا، واستدل القاضي أبو يعلى على عدم الحنث بذلك، بأن الأيمان يرجع فيها إلى العرف، والقول لا يسمى عملا بالعرف، ولهذا يعطف القول على العمل كثيرا، فيدل على تغايرهما عرفا واستعمالا.

الأيمان والنذور، قالوا: مردها إلى العرف -يعني لو حلف ألا يمس شاة مثلاً، أو بعيراً، فوضع يده على ظهرها، يحنث، وإلا ما يحنث-؟ يعني القول المرجح أن الشعر والظفر في حكم المنفصل، في حكم المنفصل نعم.

طالب ...........

كيف، هذه القاعدة عند أهل العلم أنه في حكم المنفصل؟ لأنه لو كان في حكم المتصل لما جاز جزه، ما أبين من حيي فهو كميتته، لكنه في حكم المنفصل، لو وضع يده على ظهر البعير، أو على ظهر الشاة، وقد حلف ألا يمس بعيرا ولا شاة -يعني على مقتضى القاعدة لا يحنث-؛ لأن الشعر والظفر في حكم المنفصل، لكنه باعتبار العرف، العرف الحقيقة العرفية، والاستعمال العرفي يدلان على أنه بالفعل مس البعير، ومس الشاة وحينئذ يحنث.

يقول: واستدل القاضي أبو يعلى على عدم الحنث بذلك، بأن الأيمان يرجع فيها إلى العرف والقول لا يسمى عملاً بالعرف، ولهذا يعطف القول على العمل كثيراً فيدل على تغايرهما عرفاً واستعمالاً.

قال الحافظ ابن رجب: ومن الناس من قال: القول يدخل في مسمى الفعل، ولا يدخل في مسمى العمل، وهذا الذي ذكره ابن الخشاب النحوي وغيره.

من الناس من قال: القول يدخل في مسمى الفعل ولا يدخل في مسمى العمل، وهو الذي ذكره ابن الخشاب النحوي وغيره، -يعني عمل الجوارح الذي هو جزء من الإيمان-، لا شك أن اللسان من الجوارح وهو داخل فيه، لكن الإشكال فيمن يقتصر على عمل اللسان دون عمل بقية الجوارح، وإلا ما الذي يدخل في الإسلام نطق ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا، يقولوا: لا إله إلا الله ، حتى يشهدوا ألا إله إلا الله))  وقد ورد تسمية القول فعلاً في القرآن بقوله تعالى: {وكذلِك جعلْنا لِكُلِّ نِبِيٍّ عدُوّا شياطِين الإِنسِ والْجِنِّ يُوحِي بعْضُهُمْ إِلى بعْضٍ زُخْرُف الْقوْلِ غُرُورا ولوْ شاء ربُّك ما فعلُوهُ فذرْهُمْ وما يفْترُون} [(112) سورة الأنعام] {ولوْ شاء ربُّك ما فعلُوهُ} فأطلق الفعل على القول، وأما التروك فهي وإن كانت فعل كف، وإن كانت فعل كف لا يطلق عليها لفظ العمل عرفاً وإن جاء لغة، فقد قال بعض الصحابة لما تركوا العمل مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في بناء المسجد قال:

لإن قعدنا والنبي يعمل

 

فذاك منا العمل المظلل
ج

 تركوا العمل فسموه عملاً، تركوا العمل فسموه عملاً، وهذا ماشي،  جاري على مقتضى اللغة، فسمى قعودهم وتركهم العمل في مشركة النبي -عليه الصلاة والسلام- عملاً مضللاً، وأقول ينظر في الصيام هل هو ترك أو عمل؟ نعم ترك بنية، لكن هو عمل نعم.

طالب .........

إذا سمى الترك عملاً

لإن قعدنا والنبي يعمل

 

فذاك منا العمل....................

نعم، ومثل هذ العمل وتركه لا يحتاج إلى نية ليطلق عليه عمل، فلا شك أن الصيام عمل؛ لأنه ترك‘ الصيام عمل؛ لأنه ترك للمفطرات فتشترط له النية.

أقول: وينظر أيضا في إجزاء الزكاة المأخوذة قهر دون نية، يعني دفع الزكاة عمل، وإذا أخذت من الممتنع قهراً يقول العلماء: أجزأت -بمعنى أنها مسقطة للطلب فلا يطالب بها مرة ثانية-، لكن هل تترتب عليها آثارها من الثواب المرتب عليها، وهو سقوط الإثم المرتب على عدمها، أو على تركها ؟ لا، فهي وإن أجزأت في الظاهر فإنها غير مقبولة في الباطن، والإجزاء هو الذي تكلم عليه الفقهاء، وعدم القبول هو الذي يتكلم عليه من.

طالب: الباقين.

نعم علماء القلوب وما يتصل بها الذي يسميها ابن القيم وابن رجب يسمونهم العارفين نعم، يعني شخص حج من بغداد ثلاث مرات ماشياً، حج من بغداد ثلاث مرات ماشياً، فلما رجع من الحجة الثالثة دخل البيت فوجد الأم نائمة فلم يوقظها، انتبهت فإذا هو بجانبها فقالت: يا فلان، اسقني ماء يسمعها فما قام يسقيها، ثم قالت المرة الثانية: يا فلان، اسقني ماء، ما قام يسقيها، فقالت في الثالثة: يا فلان، اسقني ماء، فراجع نفسه وقال: تحج نفلاً راجلاً ألوفاً مؤلفة من الأميال ذهاباً وإياباً، والأم تطلب الماء من أمتار يسيرة -يعني من داخل البيت من القربة- تطلب الماء وتتردد وهو واجب، لا بد أن تتأكد من صحة حجك، فسأل من سأل فقال: أعد حجة الإسلام.

يعني لو سأل فقيه قال: الأركان والشروط كلها متواترة ما تخلف شيء، حجة صحيحة مجزئة مسقطة للطلب، لكنه سأل من النوع الثاني، وليس الكلام هذا محل تقرير لهذه الفتوى أو تبني لها، وإنما أنا أسوق الواقع ليبين الفرق بين فقهاء، الفقهاء الذين يسمون بالفقهاء في الظاهر الذين يبنون الأحكام على مقدماتها، على أسبابها، على شروطها، على واجباتها، على انتفاء المبطلات، ويصححون ولا علاقة لهم بأجر ولا ثواب، ولا شيء، بمعنى أنه لا يؤمر بها مرة ثانية، ومن يلاحظ المقاصد والإرادات، ويأتي إشارة إلى مثل هذا في كلام ابن رجب فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.

النية هل هي عمل وإلا ليست بعمل؟ النية لا شك أنها عمل القلب، النية عمل القلب، وأعمال القلب كثيرة منها: الإخلاص، ومنها: الإرادات بأنواعها، ومنها: القصد، ومنها: الأمور التي يذم عليها الحقد والحسد والكبر والإعجاب كلها أعمال قلبية.

فالمطلوب منها هل يحتاج إلى نية، أو لا يحتاج؟ والمرفوض منها هل يترتب عليه أثره دون كلام، أو عمل أو لا؟ ها.

طالب: .........

المطلوب منه الإخلاص هل يحتاج إلى نية؟ النية تحتاج إلى نية، قالوا: لا، لا تحتاج إلى نية؛ لأنه يلزم عليه التسلسل، لأنك لو طلبت نية لهذا العمل، ثم نية لهذه النية، ثم نية لهذه النية ما انتهت المسألة، وهذا تسلسل في المستقبل، لكن ماذا عن التسلسل في الماضي؟

طيب الشكر أليس بنعمة، التوفيق للشكر أليس بنعمة، قالوا: هذه النعمة تحتاج إلى شكر، والشكر الثاني يحتاج إلى شكر، والشكر الثالث يحتاج إلى شكر وهكذا، ما قالوا يلزم عليه التسلسل؛ لأن الإنسان يبقى طول عمره شاكراً هذا هو المطلوب، يكون شكوراً.

-يرحمك الله-.

لكن ينوي، ثم ينوي، ثم ينوي على أي حال، على أي أساس نعم.

طالب: .........

نعم يمكن أن يستغرق العمل الأول له جميع عمره، إذا قلنا كل نية تحتاج إلى نية ما تنتهي، لكن كون الإنسان يكون حامداً لربه، شاكراً له، لهج بالثناء عليه طول عمره هذا المطلوب، أما النية وهي عمل القلب فلا يتناولها الحديث؛ لئلا يلزم التسلسل، لأن النية إذا احتاجت إلى نية فالنية الأولى تحتاج إلى نية قبلها وهكذا، وهكذا، بخلاف الشكر فهو مطلوب، بالنسبة لأعمال القلب المحمودة المطلوبة ما في شك أنها تحتاج إلى نية، لكن يبقى أن الأعمال التي جاء ذمها في النصوص مثل: "حسد"، هل يحتاج ترتب الإثم عليه، أن يتكلم، أو يعمل؟ هو عمل قلبي، وحديث النفس معفوٌ عنه ما لم يتكلم الإنسان، أو يعمل.

نقول: إذا كان مجرد حديث نفس يطرأ ويزول، هذا ما في إشكال أنه لا يحتاج إلى ما يترتب عليه حتى يعمل، لكن إن كان وصل إلى حد يكون ثابتاً في القلب، راسخاً فيه، هذه الصفة الذميمة فقد جاءت النصوص بذمه، والتحذير منه، والتشديد فيه فيأثم صاحبه، ولو لم يتكلم، أو يعمل؛ لأن المراتب الأصل نعم، الخمس يعني في منتصفها حديث النفس، قبله الهاجس والخاطر، وبعده الهم والعزم، فهذا الحاسد الذي يتمنى زوال النعمة عن غيره، هذا لو تيسرت له فرصة، فرصة يكون سبباً في زوال هذه النعمة ما تأخر، فهو يذم من هذه الحيثية، وإن قال ابن الجوزي: أنه لا يتوجه إليه الذم حتى يتكلم أو يعمل.

"بالنيات"، "إنما الأعمال بالنيات" قالوا: الباء للمصاحبة، الباء للمصاحبة يعني الباء يعني الأعمال تكون مصاحبة للنيات، يقول ابن حجر: ويحتمل أن يكون للسببية، ويحتمل أن تكون للسببية، -بمعنى أنها مقدمة للعمل- فكأنها سبب في إيجاده.

طالب: .........

وين.

طالب: .........

الإيجاد نعم.

طالب: .........

نعم، نعم يشمل إيه، استغفر الله ، استغفر الله ، استغفر الله  ، تفضل.

يأتي قوله: "بالنيات" الباء كما قلنا للمصاحبة، يحتمل أن تكون للسببية كما قال ابن حجر -بمعنى أنها مقدمة للعمل، فكأنها سبب في إيجاده-، وعلى الأول فهي من نفس العمل فيشترط ألا تتخلف عن أوله، واستبعد العيني كونها للسببية، كونها للسببية، يعني هل هي الباعث على العمل، أو سبب له؟ النية سبب ؟ نعم، لا ليست بسبب، لا بعيد كونها للسببية، نعم إنما الأعمال مصاحبة، وسيأتي الخلاف في متعلق الجار والمجرور بعد قليل إن -شاء الله تعالى-، و"النيات" بالجمع كذا هنا من مقابلة الجمع بالجمع على ما ذكرنا، وفي معظمها، في معظم الروايات "إنما الأعمال بالنية" بالإفراد؛ لأن محل النية القلب وهو متحد، والأفعال والأعمال متعلقة بالجوارح بالظواهر وهي متعددة، يعني باعتبار المتعلق الأعمال متعددة؛ لأن الجوارح متعددة.

 والنية محلها القلب وهو واحد في الإنسان إذاً تفرد كذا قالوا، ولأن النية ترجع للإخلاص، للإخلاص، وهو واحد للواحد الذي لا شريك له، يعني الكلام في مسألة ترجيح الإفراد على الجمع أو العكس.

والنية بتشديد التحتانية على المشهور، وفي بعضها بالتخفيف نِيَة، وهي إرادة تتعلق بإمالة الفعل إلى بعض ما يقابله قاله القرافي في " الأمنية "، له رسالة اسمها: " الأمنية في إدارك النية "، إرادة تتعلق بإمالة الفعل إلى بعض ما يقابله، بعض التعريفات قد تزيد المعرف تعقيداً، وفي حدود ابن عرفة الذي أثنى عليه كثيراً لو رجعنا إلى تعريف الإجارة في حدود ابن عرفة، عرفنا أن كثيراً من الحدود التي يعتمدها أهل العلم فيها من التعقيد ما يعوق عن تحصيل العلم، يعني يكفي أن نسمع تعريف الإجارة عند ابن عرفة، ونعرف أن هذه التعاريف حادثة.

نعم قد يحتاج إليها مع تأخر الزمان، ومع طول العهد؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره فلا بد أن يتصور، لكن ما يتصور بهذه الحدود المعقدة، ما يمكن أن يتصور بهذا الحدود المعقدة، ولذا سلف هذا الأمة ما يوجد عندهم تعاريف، ما تجد تعريفاً لا لغوي ولا اصطلاحي، يعني حينما يؤلفون في العلوم ما تجد واحد منهم يقول: تعريف هذا لغة واصطلاحاً على ما جرى عليه المتأخرون، لكن الحاجة دعت إلى ذلك بسبب اختلاط العرب بغيرهم، وصعب عليهم فهم الحقائق اللغوية، والشريعة، والتمييز بينها فاعتنى العلماء ثنوا بهذا، لكن مع ذلك يجتنب التعقيد بقدر الإمكان، نعم يجب أن تكون الحدود جامعة مانعة، سهلة واضحة لا تعقيد فيها.

وهنا يقول: هي إرادة تتعلق بإمالة الفعل إلى بعض ما يقابله، إمالة الفعل! كيف إمالة الفعل؟ ها، أو أن الفاعل يميل إلى هذا الفعل ويقصده هذا اظهر.

يقول البيضاوي: هي عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقاً للغرض من جلب نفع، أو دفع ضر، حالاً، أو مالاً، انبعاث القلب نحو ما يراه موافقاً للغرض من جلب نفع، أو دفع ضر، حالاً، أو مالاً.

والشرع خصصه بالإرادة المتوجة نحو الفعل؛ لابتغاء رضا الله تعالى، وامتثال أمره، والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي، المعنى اللغوي الذي هو القصد على ما سيأتي، والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي؛ ليحسن تطبيقه على ما بعده، الآن لما ترد الألفاظ على لسان الشارع هل يراد بها الحقائق اللغوية؟ أو العرفية؟ أو الشرعية ؟ الشرعية بلا شك، لكن قد تكون الحقيقة الشرعية مطابقة للحقيقة اللغوية، وإن كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن الحقائق الشرعية هي الحقائق اللغوية، إلا أنه زيد فيها ما جاء به الشرع من شروط وقيود وما أشبه ذلك.

يقول زكريا: المراد به النووي، النية لغة: القصد.

وشرعاً: قصد الشيء مقترناً بفعله، فإن تراخى عنه كان عزماً، قصد الشيء مقترناً بفعله، فإن تراخى عنه كان عزماً يعني تقدم، يعني إذا اقترن بفعله صار نية، أنت الآن واقف في الصف تريد أن تكبر قاصداً لهذه الصلاة هذه هي النية؛ لأنها هي مصاحبة مقارنة، لكن العزم على الصلاة إذا حان وقتها وأقيم لها هذا عزم ليس بنية، ما يكفي هذا غير النية، يعني الإنسان عازماً على أن يصلي طول عمره، المسلم عنده هذا العزم، لكن هل تكفي هذه العزيمة المطلقة؟ تكفي عن الصلوات القادمة كلها؟ ما تكفي، لا بد أن يقصد للصلاة، ولا يعني هذا أنه يجهر بنيته كما يفعله متأخروا بعض أتباع الأئمة، أو بعض متأخري أتباع الأئمة نعم.

طالب: ..........

إيه لكن لو عزبت عن ذهنه ........ إلى الصلاة ثم نسيها وصف، أو لا ........ إلا الصلاة ثم دخل مع الإمام وفي نيته أنه يصلي المغرب ناسياً أنه صلى المغرب -وهذا وجد ما هو بافتراض-، شخص دخل مع الإمام وهو يصلي العشاء، الإمام يصلي العشاء، فلما قام إلى الرابعة جلس ظناً منه أن هذه زائدة تكفي هذه إنه  طالع من بيته....... للصلاة تكفي؟ ما تكفي، إذن هناك فروق لا بد من ملاحظتها نعم.

طالب: .........

سيأتي هذا كله -إن شاء الله- يأتي، يأتي.

يقول: النية لغة: القصد، هم كلهم يطبقون في كتب اللغة على أنها القصد، أنت حتى أنهم يقولون: نواك الله بكذا، أي: قصدك، ومعلوم أن إضافة النية إلى الله -جل وعلا- لم يرد بها نص، لكن هذا على سبيل الإخبار، ودائرة الإخبار أوسع من الوصف، أو التسمية.

النية.

لغة: القصد.

ًوشرعا: قصد الشيء مقترناً بفعله فإن تراخى عنه كان عزماً، وفي القاموس: "نوى الشيء ينويه نية" وتخفف قصده "كنتواه، وتنواه"، والله فلاناً "يعني نوى الله فلاناً: حفظه، والنية الوجه الذي يذهب فيه، الوجه الذي يذهب فيه، يعني إذا رأيت شخصاً متأهباً للسفر يصح أن تقول: أين النية؟ يعني أين القصد الذي تريده؟ أين الوجه التي تريدها؟ وهذه ما زالت دارجة، والنية الوجه الذي يذهب فيه، والبعد كالنوى فيهما،  يرجع إلى أيضا شرح شيخ الإسلام على حديث الأعمال بالنيات في الثامن عشر صفحة ( 251).

يقول النووي: النية القصد، وهي عزيمة القلب، القصد وهي عزيمة القلب، وتعقبه الكرماني: بأن عزيمة القلب قدر زائد على أصل القصد، العزم مرتبة من مراتب القصد ليس هو القصد؛ لأنه هو يقول: النية القصد وهي عزيمة القلب، العزيمة غير القصد ليست هي القصد، وإنما العزم مرتبة من مراتب القصد الخمس.

تعقبه الكرماني بأن عزيمة القلب قدر زايد على أصل القصد، وفي الإقناع الحجاوي من كتب الحنابلة: النية عزم القلب على فعل العبادة تقرباً إلى الله تعالى، عزم القلب على فعل العبادة تقرباً إلى الله تعالى، وفي هذا ما فيه؛ لأنه لا يفرق بين العزم وبين النية، لأن النية تكون مصاحبة، والعزم يكون متقدماً.

وفي شرحه للبهوتي: بأن يقصد بعمله الله تعالى دون شيء أخر، من تصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة مدح منهم، أو نحو ذلك وهذا هو الإخلاص.

في شرح الكرماني يقول: فإن قلت: النيات جمع قلة كالأعمال، النيات جمع قلة كالأعمال وهي للعشرة فما دونها، وهي للعشرة فما دونها، لكن المعنى أن كل عمل إنما هو بنية سواء كان قليلاً أو كثيراً، النية: جمع قلة وهي من العشرة فما دون، لكن الأعمال التي تحتاج إلى نية عشرة أو أكثر لا حصر لها، ولو قيل أن جميع الأعمال تحتاج إلى نية على ما سيأتي تقريره لما بعُد، فإن قلت: النيات جمع قلة كالأعمال، وهي للعشرة فما دونها، لكن المعنى أن كل عمل إنما هو بنية سوى كان قليلاً أو كثيراً، أجاب عن ذلك وهذه طريقة عندهم.

يورد إشكالات ثم يجيب عنها هذه طريقة الكرماني، قلت الفرق بالقلة والكثرة إنما هو في النكرات، لا في المعارف، الفرق بالقلة والكثرة إنما هو في النكرات، لا في المعارف.

اختلف في تقدير متعلق الجار والمجرور فمنهم من قدره بالصحة، ومنهم من قدره بالكمال، إنما الأعمال صحتها بالنيات، أو إنما الأعمال كمالها بالنيات.

قال ابن دقيق العيد: الذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال، والذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال، ورجح الأول بأن الصحة أكثر لزوماً للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى.

يقول ابن حجر في هذا الكلام: إيهام يعني في كلام ابن دقيق العيد فيه إيهام، أن بعض العلماء لا يرى باشتراط النية، قال: الذين اشترطوا النية، والذين لم يشترطوها يدل على أن من العلماء من يجعل النية شرطاً مطلقاً، ومنهم من لا يجعله شرطاً مطلقا، فيفهم من هذا.

يقول ابن حجر: وفي هذا الكلام إيهام أن بعض العلماء لا يرى باشتراط النية، وليس الخلاف في ذلك بينهم إلا في الوسائل، إلا في الوسائل، وأما المقاصد فلا اختلاف بينهم في اشتراط النية لها، مَن مِن العلماء لا يشترط النية للصلاة، التي هي من المقاصد أول للصيام، أو للحج، أو لغيرها من العبادات، التي لا تصح إلا بنية؟ ما في أحد من أهل العلم يرون ذلك بالمقاصد، وأما الوسائل خالف من خالف، أما المقاصد فالاختلاف بينهم في اشتراط النية لها، ومن ثم خالف الحنفية في اشتراطها للوضوء؛ لأنه مقصد وإلا وسيلة، وسيلة يتوصل بها إلى الصلاة، لكنه وسيلة من جهة ومقصد من جهة، باعتبار أنه رتب عليه أجور، رتب عليه أجور فهو مقصد وغاية من هذه الحيثية، ولذا يطلب تجديده ولو من غير حدث، ومن ثم خالف الحنفية في اشتراطها للوضوء، وخالف الأوزاعي في اشتراطها في التيمم أيضا.

الحنفية يشترطون النية للتيمم، ولا يشترطونها للوضوء، وكلاهما عندهم من الوسائل لكن يختلف الوضوء عن التيمم بأن الوضوء فيه من القوة ما يميزه فلا يحتاج إلى نية، والتيمم فيه من الضعف ما يحتاج معه إلى ما يقويه بالنية، وأما بالنسبة للأوزاعي فجعل البابين باباً واحداً.

نعم، بين العلماء اختلاف في اقتران النية لأول العمل كما هو معروف في مبسوطات الفقه، من الترك لا ما تحتاج إلى هذا، سيأتي تفصيل هذا كله بلا شك، الأمر أعم من ذلك على ما سيأتي تقدير حذف المتعلق لعمومه؟ على ما سيأتي.

في كلام نفيس للحافظ ابن رجب في تقدير المتعلق لعلنا نرجئه إلى الدرس القادم، كأن الأخوان بيصبرون علي شوي كملناه نعم.

في شرح الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- على الأربعين المسمى: "جامع العلوم والحكم" ويوصى به كل طالب علم، ولا يستغني عنه أحد، لا يمكن أن يستغني طالب علم عن شرح الأربعين للحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-؛ لأنه شرح بنفس السلف، يعني عكس تماماً التعيين في شرح الأربعين "للطوفي"، هذا بالمنقول والآثار، وهذاك بالرأي والمعقول -يعني عكس نقيضه تماماً-، ولذا لا يستغني طالب علم، طالب سنة، طالب عمل، طالب عقيدة عن شروح الحافظ ابن رجب التي تولها بنفس السلف الصالح -رضوان الله عليهم-، وله كتاب اسماه: "فضل علم السلف على الخلف"، ومن قرأ هذا الكتاب بعناية عرف الفرق الشاسع بين علوم السلف وعلوم الخلف، فتجد علوم السلف مختصرة بألفاظ وجيزة لكنها مباركة، وعلوم الخلف مبسوطة لكن حصيلتها قليلة، حصيلتها قليلة.

قد يقول قائل: ما دام تقولون هذا الكلام، وابن رجب يقرر هذا، لماذا تطولون؟ لماذا تطال الدروس والشروح؟ ننتهي من حديث الأعمال بالنيات، وخمسة أحاديث معه في جلسة واحدة، وننتهي بنفس السلف، لا ليس المراد هذا، يعني كأن نقول شيخ الإسلام ما صنع شيئاً، ويكتب عقيدة يسأل عنها في مائتين وثلاثين صفحة. -وصاحبها مستوفز يريدها- يكتب الحموية بين الظهر والعصر عجب! الناس احتاجوا للبسط، احتاجوا للتوضيح، احتاجوا لتفريع المسائل، يعني في عهد السلف ما احتاجوا هذا، يقول ابن رجب -رحمه الله- في هذا الكتاب النفيس الماتع " فضل علم السلف على الخلف " يقول: من فضل عالم على أخر بمجرد كثرة كلامه فقد أزرا بالسلف، يعني ننظر بمجرد كثرة الكلام لا بمجرد كثرة علم؛ لأن كثرة الكلام قد يكون ناشئاً من علم، والعلم إذا تزاحم وكثر يحتاج إلى كثرة كلام؛ لأن الألفاظ  قوالب للمعاني، ما يمكن أن تؤدي هذه المعاني الكثيرة بألفاظ يسيرة إلا على لسان من أوتي جوامع الكلم، أما غيره فيحتاج إلى شيء من البسط، لئلا يقول قائل: أنتم تشرحون الحديث بعشرة دروس وين كلام ابن رجب، ونسمع بعض شيوخنا يجمل عشرة أحاديث تلكم عليها بخمس دقائق وينتهي وهذا علم السلف.

نقول: ما يلزم يا أخي، ما يلزم وإلا معناه أن شيخ الإسلام -رحمه الله- ما سووا شيئا بل صد الناس عن، بكثرة كلامه، تكلم عن المسألة الواحدة بعشرات بل مئات الصفحات؛ لأن الناس احتاجوا لمثل هذا البسط فلا يلتبس علينا مثل هذا.

أقول في شرح الأربعين للإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله-، وقد اختلف في تقدير قوله: "الأعمال بالنيات" فكثير من المتأخرين يزعم أن تقديره الأعمال صحيحة، أو معتبرة، أو مقبولة بالنيات، وعلى هذا فالأعمال إنما أريد بها الأعمال الشرعية المفتقرة إلى النية، فأما ما لا يفتقر إلى النية كالعادات من الأكل والشرب واللبس وغيرها، أو مثل رد الأمانات، والمضمونات كالودائع، والغصوب فلا يحتاج شيء من ذلك إلى نية، فيختص هذا كله، أو يخص هذا كله من عموم الأعمال المذكورة ها هنا، إذا قلنا التقدير صحيحة، أو معتبرة، أو مقبولة بالنيات، فلا بد أن نحمل الأعمال على الأعمال الشرعية، وقال آخرون: الأعمال هنا على عمومها لا يخص منها شيء حكاه بعضهم عن الجمهور، وكأنه يريد جمهور المتقدمين، وقد وقع ذلك في كلام ابن جرير الطبري، وأبي طالب المكي، وغيرهما من المتقدمين، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد.

قال في رواية حنبل: أحب لكل من عمل عملاً من صلاة، أو صيام، أو صدقة، أو نوع من أنواع البر أن تكون النية متقدمة في ذلك قبل الفعل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "الأعمال بالنيات" فهذا يأتي على كل أمر من الأمور، يعني لو أن الإنسان إذا ذهب إلى محل الأغذية، أو ذهب اثنان إلى محل واحد وكلاهما يريد أن يشتري حوائج البيت، له ولزوجه وولده مما يحتاجونه من حوائجهم الأصلية في الأكل والشرب، واحد استحضر قول النبي -عليه الصلاة والسلام- ((حتى ما تضعه في  فيء امرأتك)) و استحضر هذا ورجا الثواب المرتب على هذا.

والثاني: ما في ذهنه شيء إلا أنهم قالوا هات فيأت به، أعطوه ورقة هات المطالب هذه، وذهب إلى المحل ما يستحضر شيئاً، هذا يتقرب، وهذا لا أجر له، قدر زائد على إبراء الذمة، إبراء الذمة، لكن يستحضر ما هو أعظم من ذلك فله أجره.

أن تكون النية متقدمة في ذلك قبل الفعل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الأعمال بالنيات" فهذا يأتي على كل أمر من الأمور، وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله -يعني أحمد- عن النية في العمل، قلت: كيف النية؟ قال: يعالج نفسه، قال: يعالج نفسه إذا أراد عملاً لا يريد به الناس، لا يريد به الناس، طيب أما بالنسبة للعبادات المحضة هذا ما في إشكال، لكن أمور الدنيا يؤثر إرادة الناس به، أو حب المحمدة، أو يعني لو اشترى سيارة فارهة ليقال مثلاً: كذا، أو سكن قصراً ليقال مثلاً، هذا يؤثر، ولا ما يؤثر؟

نعم.

هل يؤثر، أو لا يؤثر؟ يقول كيف النية قال: يعالج نفسه إذا أراد عملاً لا يريد به الناس، يعني هناك مضايق مثلاً، الطالب الذي يريد أن يلتحق بكلية شرعية، يعني أمور فرضت نفسها عليه، ولا يستطيع التخلص منها، يعني هناك مضايق، عموم الناس، جملة الناس لا يستطيعون التخلص منها، ولا يستطيع التخلص إلا الخلص، يعني هو لما دخل هذه أمور فرضت، ووجدت، وأقرت، وتتابع الناس عليها قبل أن ينوي الالتحاق بهذه الكلية، كلية شرعية، والعلم الشرعي من أمور الآخرة المحضة، لا يجوز التشريك فيه، فدخل في هذه الكلية يريد أن يحصل على شهادة؛ لأنه لو قال: أريد علم، قيل له: العلم في المساجد متيسر، ومع ذلك عدل عن المساجد إلى الدراسات النظامية من أجل لا بد أن يستحضر النية لطلب العلم؛ لأنه لولا هذه النية للتحق بكليات هي أكثر له نفعاً في أمور الدنيا، لكن عدوله إلى كلية شرعية هذا أيضا قصد حسن، ويبقى أنه يزاحمه مقاصد أخرى من شهادة، ووظيفة، وعلى ما يقولون بناء مستقبل، هذا لا شك أنها أمور مزاحمة، فإن أثرة على القصد الأصلي أبطلته، تبطله لكن إن لحظها من بعد، مع أن الباعث الحقيقي، وقد يلحظ أمراً أخراً أنه يقول: أريد أن أحصل على شهادة من أجل أن أمكن من التعليم، أمكن من العمل في الوظائف، وأزاحم، ولو تركت مثل هذه الوظائف لتكالب عليها أناس قد يضرون ولا ينفعون، إذا اجتمعت هذه النيات لا شك أنه يؤجر عليها.

وعلى هذا القول فقيل تقدير الكلام: الأعمال واقعة، أو حاصلة بالنيات، فيكون إخباراً عن الأعمال الاختيارية أنها لا تقع إلا عن قصد، لا تقع إلا عن قصد، وأما الأعمال الإجبارية فقد تقع لا عن قصد، ما لا تقع إلا عن قصد من العامل هو سبب عملها، ووجودها، ويكون قوله بعد ذلك: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) إخباراً عن حكم الشرع، وهو أن حظ العامل من عمله نيته، فإن كانت صالحة فعمله صالح فله أجره، وإن كانت فاسدة فعمله فاسد فعليه وزره، ويحتمل أن يكون التقدير في قوله: "بالنيات" الأعمال، الأعمال عموماً صالحة، أو فاسدة، الأعمال بالنيات، الآن منهم من يقول: الأعمال يخصصها بالشرعية، ومنهم من يطلق الشرعية وغير الشرعية، هذا بالنسبة للأعمال، "بالنيات" متعلق الجار والمجرور، منهم من يقول: يقدر الصحة، ومنهم من يقدر الكمال، ومنهم من يقدر ما هو أعم من ذلك نعم، ومنهم من يقدر ما هو أعم من ذلك، يعني لا يكفي أن تكون صحيحة، أو مجزئة، أو كاملة، أو مباحة على أقل الأحوال، يعني ولو كانت فاسدة، ففسادها مقترن بنيتها قال: ويحتمل أن يكون التقدير في قوله: "الأعمال بالنيات" الأعمال عموماً، يعني صالحة، أو فاسدة مقبولة، أو مردودة، أو مثاب عليها، أو غير مثاب عليها.

"بالنيات" فيكون خبراً عن حكم شرعي، وهو أن صلاح الأعمال وفسادها، بحسب صلاح النيات وفسادها، كقوله -صلى الله عليه وسلم- ((إنما الأعمال بالخواتيم)) أي صلاحها وفسادها، وقبولها وعدمه بحسب الخاتمة.

في كتاب طبع أخيراً فيه تعليقات للشيخ شيخنا الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه-، اسمه: " الحلل الإبريزية" سأله السائل الجامع لهذه الفوائد الشيخ عبد الله بن مانع، قال: سألت شيخنا عن التقدير في هذا الحديث، فقال: قيل: صحتها، وقيل: قبولها، والأمر أعم من ذلك، والأمر أعم من ذلك، فيشمل جميع ما تقدم مما قاله أهل العلم.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

"