كتاب الصلاة من سبل السلام (16)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فقد قال المصنِّف –رحمنا الله تعالى وإياه-: "تتمةً لباب صلاة الكسوف: وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: فَبَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً".

الجهر في قراءة صلاة الكسوف سواءً كانت ليلة أو نهارية مسألةٌ خلافيةٌ بين أهل العلم، فحديث عائشة نص في الموضوع أنه جهر؛ لهذا أخذ جمعٌ من أهل العلم أن صلاة الكسوف جهرية، ولو كانت في النهار، منهم من يرى أنها سرية؛ لقول ابن عباس: فقرأ قراءةً نحوًا من سورة البقرة، فقالوا: لو كانت جهرية لما قال ابن عباس نحوًا من سورة البقرة، لقال: قرأ سورة البقرة.

ومنهم من يُفرِّق بين ما إذا كانت بالليل فيجهر، أو في النهار فلا يجهر، بل يُسِر، لكن حديث عائشة نصٌّ قاطع، والصلاة في عهده –عليه الصلاة والسلام- نهارية صلاة كسوف الشمس، فلا مجال للاحتمال هنا، وأما قول ابن عباس –رضي الله عنه-: قرأ قراءةً طويلة نحوًا من سورة البقرة؛ فإما لبُعده عن النبي –عليه الصلاة والسلام- أو لأمرٍ عارض لم يتبين قراءته- عليه الصلاة والسلام-.   

قال الشارح –رحمه الله-: "وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. أَيْ: رُكُوعَاتٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهَا: "فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ".

صفة صلاة الكسوف تُصلى كما في المتفق عليه ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان، وجاء في صفتها كل ركعة فيها ثلاثة ركوعات وسجدتان، وجاء أكثر من ذلك أربعة، وجاء خمسة في كل ركعة، لكن الثابت في الصحيحين المتفق عليه أنها في كل ركعةٍ ركوعان فقط، وما زاد على ذلك جاء في الصحيح صحيح مسلم ثلاث ركوعات، لكن إن قلنا بالترجيح فلا شك أن ما في الصحيحين أرجح، وإن قلنا: إنها تجوز بأكثر من ركوعين بناءً على ما جاء في الصحيح، إما على القول بتعدد القصة مع أن المعروف عند أهل السير قاطبة أنها قصة واحدة لم تتعدد، أو يُقال: إنه موقوف على علي –رضي الله عنه-، وهذه عبادة لها حُكم الرفع، فيجوز هذا وذاك، لكن لا شك أن أولى صفاتها ما ثبت في الصحيحين، وإن حَكم بعضهم على ما في صحيح مسلم بالشذوذ؛ لمخالفته ما هو أرجح منه.

أما أكثر من ثلاثة ركوعات فهي في السُّنن، ولا تخلو من مقال.

وعلى كلٍّ أرجح الأقوال في صفتها أنها ركعتان في كل ركعةٍ ركوعان وسجدتان، وقال بعضهم كالحنفية: إنها ركعتان لا صفة لهما زائدة كصلاة الصبح والرواتب وغيرها، ركعتان في كل ركعة ركوع واحد وسجدتان؛ لحديثٍ ورد في ذلك: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا كَأَقرب صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنْ الْمَكْتُوبَةِ»، والذي حصل في عهده –عليه الصلاة والسلام- الكسوف متى؟

طالب: ............

في موت إبراهيم، لكن الوقت؟

طالب: ............

نعم في الضحى.

وأقرب صلاةٍ صلاها من المكتوبة هي صلاة الصبح، هذا حُجة الحنفية، لكن مثل هذا الحديث لا يُعارض به ما في الصحيح.

فأرجح الأقوال في صفتها أنها ركعتان في كل ركعةٍ ركوعان.

طالب: ............

ورود ذلك في الصحيح في صحيح مسلم لا شك أنه يُعطيه هيبة لدى المسلم لاسيما طالب العلم، فمن أهل العلم من يرى أنه إذا وردت الأحاديث المتعارضة في الصحيح قال بتعدد القصة، ولو اشتهر واستفاض عند أهل العلم أن القصة لم تتعدد؛ صيانةً لجانب الصحيح، ومنهم من يجزم فيحكم على الراجح بأنه هو المحفوظ، ويحكم على المرجوح بأنه شاذ، ولو كان في الصحيح، وفي الصحيح بعض الأحرف اليسيرة التي انتقدها بعض الحُفاظ، ولا ضير في أن تُنتقد أسوةً بأولئك، وإن كان الغالب حتى في هذه الأحاديث المنتقدة الغالب أن الصواب مع الشيخين.

الإمام أحمد، والحُميدي، والنووي لا شك أنهم يحتاطون في مثل هذا الباب، والنووي أش، أكثر احتياطًا، فكثيرًا ما يقول في الاختلاف الذي مرده إلى اختلاف الرواة لا إلى أصل الخبر أحيانًا يختلف راوٍ مع آخر في سياق حديث، فيقول: تعددت القصة، هذا لا شك أنه مسلك لبعض أهل العلم، والباعث عليه هيبة الصحيح، لكن لا شك أيضًا أن أهل الحفظ والضبط والاتقان لهم مسلكٌ آخر يحكمون بالقرائن، ويُرجحون الراجح، ويحكمون على المرجوح بأنه... يحكمون عليه بالشذوذ، وإن لم يُضعِّفوه، فيقولون: من الصحيح ما هو صحيحٌ محفوظ، ومنهم ما هو صحيحٌ شاذ، غاية ما هنالك أنه يكون في المسألة راجح وأرجح، كما في قصة جمل جابر أخرجه البخاري على وجوه متعددة، في بعضها اشتراط الحُملان، وفي بعضها لا يوجد الاشتراط، وفي بعضها اختلافٌ كبير في الثمن، أخرج البخاري جميع الوجوه، ورجَّح ثبوت اشتراط الحُملان في الرواية، وإن أخرج ما عداها، ورجَّح أيضًا كون الثمن كم؟

طالب: .......

كم الثمن؟

طالب: .......

أوقية.

طالب: ............

يجزم، لا، وجزمه بعد- رحمه الله- فيها قوة؛ لأن مما قاله شيخ الإسلام في هذه المسألة –رحمه الله- يقول: الكسوف حصل في يوم موت إبراهيم، وهذا ثابت في الصحيح، لكن مما يؤيد به قوله أن إبراهيم -من قوة كلامه رحمه الله- أن إبراهيم ثبت أنه لم يمت إلا مرة واحدة، لكن ما يمنع وإن لم يكن عاد النظر في الوقائع في ثبوتها وعدم ثبوتها لا يمنع أن يحدث الكسوف أكثر من مرة، ليس فيه ما يمنع إلا أنه لم يُنقَل.     

"الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَالْمُرَادُ هُنَا كُسُوفُ الشَّمْسِ".

طالب: ............

أهل السير قاطبة، حتى في عهده –عليه الصلاة والسلام-، أهل السير المتقدمون كلهم يجزمون ابن إسحاق وغيره أنه لم يحصل إلا مرة واحدة، لكن الذين يقولون بتعدد القصة، أبدًا من أجل حماية جناب الصحيح؛ حتى ما يتطاول عليه أحد، فيقول: في الصحيح خبر مرجوح، خبر غير ثابت.

طالب: نقول بتعدد القصة حتى نحمي جناب الصحيحين؟

على كلٍّ الصحيحان البخاري ومسلم، صحيح البخاري وصحيح مسلم تلقتهما الأمة بالقبول، وأفتى جمعٌ من أهل العلم بأنه لو حلف شخصٌ بالطلاق أن جميع ما في الصحيحين صحيح لما حنث، ولا ما طلقت امرأته، ولا شك أن هذا من باب حماية جناب الصحيح، وهو أيضًا مسلكٌ مشكور؛ لأنه إذا تطاول الناس على الصحيحين، فمن باب أولى أن يتطاولوا على غيرهما، فمن هذا الباب ينبغي ألا يُمس جناب الصحيح بما يُوهنه، لاسيما عند عامة الناس، وعند من له غرض أو هدف يُريد أن ينال من السُّنَّة.

 عامة الناس الذين يُدركون مثل هذه الأشياء لكن لا شك أن الدارقطني تكلم في بعض الأحاديث، أبو مسعود الدمشقي كذلك، أبو ذر وجمع من أهل العلم تكلموا في بعض الأحاديث، حديث التُّربة لا يجد أحد عنه جوابًا، حديث أبي سفيان في زواج أم حبيبة، جمع من الحُفاظ حكموا بضعفه، وإن كان في الصحيح، لكن مع ذلك يبقى جناب الصحيح له هيبته، وله الاحتياط البالغ الذي ينبغي أن يتخذه المسلم تجاهه، لاسيما طالب العلم وطالب الحق؛ لأن هذا لا شك أن فيه حماية جناب السُّنَّة، يعني مثل ما نحمي جناب التوحيد هذا أمر متفق عليه بين أهل العلم، نحمي أيضًا جناب سُنَّة المصطفى –عليه الصلاة والسلام-، لكن ليس معنى هذا أنهم معصومون لا يقع منهم الخطأ، ابن عباس –رضي الله عنهما- يقول: تزوج النبي –عليه الصلاة والسلام- ميمونة –وهي خالته- وهو مُحرِم، مع أن الراجح خلافه، فالخطأ يقع من الصحابة، ويُنقَل بالأسانيد الصحيحة عنهم، ولا يمنع أن يكون هذا في الصحيح إذا صح السند إلى الصحابي ولو أخطأ الصحابي يُنقَل كما هو.  

طالب: ............

لا لا، خلق الله التربة يوم السبت.

طالب: ............

نعم.  

"لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ، وَقَالَ: ثُمَّ قَرَأَ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْجَهْرَ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ –رضي الله عنه- مَرْفُوعًا: «الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ» وَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ.

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ؛ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ وَارِدًا فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فَالْقَمَرُ مِثْلُهُ".

بل من باب أولى، إذا جُهِر في صلاة النهار، ففي صلاة الليل من باب أولى.

"لِجَمْعِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ حَيْثُ قَالَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا -أَيْ: كَاسِفَتَيْنِ- فَصَلُّوا وَادْعُوا»، وَالْأَصْلُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَآخَرِينَ.

الثَّانِي: يُسِرُّ مُطْلَقًا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. فَلَوْ جَهَرَ لَمْ يُقَدِّرْهُ بِمَا ذَكَرَهُ".

يَقدُره معناه أيش؟

طالب: ............

يُعظِم.

طالب: يُعظِم؟

نعم، هذا ثلاثي أم رباعي؟

طالب: ............

الثلاثي يَقدُره، لكن اقدروا له يعني: ضيقوا عليه ثلاثي أو رباعي؟

طالب: ............

رباعي، يكون الأول مضارعًا مضمومًا.

"وَقَدْ عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَامَ بِجَنْبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْكُسُوفِ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ حَرْفًا.

وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ أَسَانِيدُهَا وَاهِيَةٌ".

لا تقوى على معارضة الحديث في الصحيح.

"فَيَضْعُفُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ بَعِيدًا مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَسْمَعْ جَهْرَهُ بِالْقِرَاءَةِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِمَا بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ؛ لِثُبُوتِ الْأَمْرَيْنِ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا عَرَفْت مِنْ أَدِلَّةِ الْقَوْلَيْنِ".

"لِثُبُوتِ الْأَمْرَيْنِ" يعني ثبت عنه أنه جهر، وثبت عنه أنه أسر، هذا الكلام صحيح أو ليس بصحيح؟

هذا ليس بصحيح، لماذا؟

لأن القصة واحدة.

طالب: تعليق البخاري؟

في ماذا؟

طالب: على كلام ابن عباس.

نحوًا.

طالب: أنه قام بجنب النبي -صلى الله عليه وسلم-.

لا، هذا ضعيف، ما فيه الذي في القصة أنه صلى مع النبي- عليه الصلاة والسلام-.

طالب: يقول: وقد علق البخاري عن ابن عباس ذكر أنه صلى بجانبه ولا سمع حرف.

لا لا.

طالب: إن كان كما قال المصنِّف: أنه موصول بأسانيد واهية ضعيفة.

هو معروف.

طالب: ............

لا لا، معروف ضعفه، لا، ضعيف ضعيف، ما يُعارض بحديث عائشة؟

طالب: أقصد البخاري ذكره ولم يتعقبه.

ما يلزم، هو الضعيف الذي لا عاضد له في الصحيح إذا علقه البخاري يُعلقه بصيغة التمريض ويتعقبه.

طالب: وهذا منه يا شيخ.

ماذا فيه؟

طالب: واهٍ وضعيف.

ضعيف ما تعقبه، لكن الغالب أنه يتعقبه "لا يتطوع الإمام في مكانه ولم يصح" يقول مثل هذا.

طالب: تعقله ما هو مطَّرد في كل...؟

ما يلزم، لا ما يلزم.

"الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُسِرُّ فِي الشَّمْسِ وَيَجْهَرُ فِي الْقَمَرِ، وَهُوَ لِمَنْ عَدَا الْحَنَفِيَّةِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ؛ عَمَلًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقِيَاسًا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ دَلِيلِ أَهْلِ الْجَهْرِ مُطْلَقًا أَنْهَضُ مِمَّا قَالُوه".

بلا شك.

"وَقَدْ أَفَادَ حَدِيثُ الْبَابِ أَنَّ صِفَةَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ، وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَانِ، وَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الرَّابِعِ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ.

وَفِي رِوَايَةٍ أَيْ: لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ "فَبَعَثَ" أَيْ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مُنَادِيًا يُنَادِي الصَّلَاةَ جَامِعَةً" بِنَصْبِ الصَّلَاةِ وَجَامِعَةٍ، فَالْأَوَّلُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ فِعْلُ مَحْذُوفٍ أَيْ: اُحْضُرُوا، وَالثَّانِي عَلَى الْحَالِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَفِيهِ تَقَادِيرُ أُخَرُ.

وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِعْلَامِ بِهَذَا اللَّفْظِ".

لكن ما يمكن النصب على غير التقدير؟

طالب: ............

على الإغراء نعم.

"وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِعْلَامِ بِهَذَا اللَّفْظِ لِلِاجْتِمَاعِ لَهَا، وَلَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِهَذَا اللَّفْظِ إلَّا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

يعني ما يُنادى لصلاة العيد: الصلاة جامعة -كما يقول بعضهم- قياسًا على صلاة الكسوف، ولا يُنادى لصلاة الاستسقاء: الصلاة جامعة، لا، يُقتصَر النص على مورده في الكسوف فقط.

طالب: كيف يُنادي لصلاة العيد وصلاة الاستسقاء؟

لا يُنادى لها.

طالب: لا يُنادى؟

أبدًا.

طالب: ولا بالصلاة جامعة؟

ولا شيء أبدًا، ما ورد فيها شيء.

طالب: لماذا لم يصح القياس -أحسن الله إليك- على صلاة الكسوف؟

الرسول –عليه الصلاة والسلام- كم صلى من عيد؟

طالب: ............

نعم عدة أعياد، واستسقى مرارًا، ومع ذلك ما حُفِظ عنه أنه نادى لهما، بينما صلاة الكسوف مرة واحدة ونُقِل.

طالب: ما يكون ما نُقِل لنا يا شيخ؟

لو وقع لنُقِل ولو مرة واحدة ما يلزم أن يُنقل في كل عيد، لكن لو يُنقَل مرة واحدة.

طالب: ما حجة من يقول بالقياس؟

يقول بالقياس يقول: هذه صلاة يُشرَع لها الاجتماع، وتؤدى جماعة فيؤذَّن لها من أجل أن يجتمع الناس، لكن لا قياس في مثل هذا.

طالب: ............

أبدًا أبدًا ما يُنادى لها أبدًا.

طالب: تُعتبر بدعة يا شيخ؟

ماذا يقول؟

طالب: ............

لا أصل له.

طالب: موضع النداء عندما يصلون في الرحال، يقول: الصلاة في الرحال؟

في وقتها عن ابن عباس ثابتة في الصحيح.

طالب: على وجه الإفراد أم في موضع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟

لا لا، في موضعها، في موضع النداء إلى الصلاة يقول: صلوا في رحالكم.

طالب: ما يُنادي يقول: حي على الصلاة؟

لا لا.

طالب: ولا حي على الفلاح؟

ولا حي على الفلاح؛ لأنه إذا نادى فمعناه تعالوا.

طالب: يعني يقولها أربع مرات؟

في مكان حي على الصلاة، حي على الفلاح أربع مرات.

طالب: ............

حتى يظن أنه أبلغ؛ لأنه ما نُقِل عدد، فإذا غلب على ظنه أن الناس سمعوه يكفي.

طالب: ............

خطبة أيش؟

طالب: ............

الخطبة ثابتة، لكن ما ورد أنه واحدة أو أكثر، ما فيه أنه جلس بينهما.

طالب: ............

بلا شك؛ ولذا لو صارت خطبة العيد واحدة كان أفضل.

"وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قَالَ: انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ".

القيام الأول متميز، والركوع الأول متميز بالطول، ثم ما يليهما ما يلي القيام الأول القيام الثاني والثالث والرابع، قيل في واحدٍ منه: وهو دون القيام الأول، ومثله الركوع الثاني، والثالث، والرابع، قيل: وهو دون الركوع الأول.

الأول هنا يحتمل أن يكون المراد به الأول الأولية المطلقة، ويحتمل أن يكون المراد به الأولية النسبية، فإذا قلنا: الأول أولية مطلقة، قلنا بأن القيام الثاني، والثالث، والرابع سواء؛ لأن كلًّا منها دون القيام الأول فتستوي.

إذا قلنا بأن الأول أولية مطلقة يعني أول قيام في الصلاة وما عداه دونه، إذًا هي مستوية.

وإذا قلنا: أولية نسبية، قلنا: إن الأول متميز الذي يليه دونه، والثالث دون الثاني، والرابع دون الثالث؛ لأن الثاني بالنسبة للثالث أول، والثالث بالنسبة للرابع أول، فتكون الأولية حينئذٍ نسبية، ولعل هذا هو المتجه.

طالب: شيخ –أحسن الله إليك- الآن القيام الثاني الذي في الركعة الأولى، والقيام الثاني والركوع الثاني ما فيهما إشكال؛ لأنه دون القيام الأول، القيام الأول متميز؟

بقي الثالث والرابع.

طالب: الإشكال يَرد في الثالث والرابع؟

صحيح نعم.

طالب: هذه مرت معنا.

نعم مرت.

طالب: ............

ماذا فيه؟

طالب: ............

هو فيه طول، الصلاة كلها متميزة في الطول اللهم إلا محل الخلاف الجلسة بين السجدتين على ما سيأتي، وإلا فالصلاة كلها طويلة.

"قَوْلُهُ: فَصَلَّى، ظَاهِرُ الْفَاءِ التَّعْقِيبُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رُوِيَتْ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَهَا الشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ، وَهِيَ سُنَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَفِي دَعْوَى الِاتِّفَاقِ نَظَر".

لأن أبا عوانة في صحيحه ترجم باب وجوب صلاة الكسوف، وإن نقل النووي الإجماع على أن صلاة الكسوف سُنَّة، لكن هذا من تساهله في نقل الإجماع.

"لِأَنَّهُ صَرَّحَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِوُجُوبِهَا، وَحَكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجْرَاهَا مَجْرَى الْجُمُعَةِ".

ومقتضى الأمر في قوله –عليه الصلاة والسلام-: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا» هذا مقتضى الأمر الوجوب، لكن جماهير العلماء على أن الأمر للاستحباب.

"وَتَقَدَّمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إيجَابُهَا، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهَا تُسَنُّ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: فُرَادَى وَحُجَّةُ الْأَوَّلِينَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْ فِعْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا جَمَاعَةٌ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا.

فَالْجُمْهُورُ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وَقِرَاءَتَانِ وَرُكُوعَانِ، وَالسُّجُودُ سَجْدَتَانِ كَغَيْرِهِمَا، وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ ذَهَبَ إلَيْهَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَآخَرُونَ.

وَفِي قَوْلِهِ: "نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ أَوَّلِ رَكْعَةِ الْفَاتِحَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيَامِ الثَّانِي، وَمَذْهَبُنَا وَمَالِكٌ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِقِرَاءَتِهَا".

ومذهب الأكثر عند الحنابلة وغيرهم.

طالب: ............

تُقرأ أربع مرات نعم.

"وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ طُولِ الرُّكُوعِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ بَيَانَ مَا قَالَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ فِيهِ".

القراءة منهيٌ عنها في الركوع والسجود، الركوع محل التعظيم.

"وَإِنَّمَا الْمَشْرُوعُ فِيهِ الذِّكْرُ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَغَيْرِهِمَا.

وَفِي قَوْلِهِ: "وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ" دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ الَّذِي يَعْقُبُهُ السُّجُودُ لَا تَطْوِيلَ فِيهِ، وَأَنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ، وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ "أَنَّهُ أَطَالَ ذَلِكَ" لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهَا شَاذَّةٌ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا.

وَنَقَلَ الْقَاضِي إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ الِاعْتِدَالَ الَّذِي يَلِي السُّجُودَ، وَتَأَوَّلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِطَالَةِ زِيَادَةَ الطُّمَأْنِينَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ طُولَ السُّجُودِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إطَالَتُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ".

وهو الأقيس، وأن هذه الصلاة متميزة في الطول بجميع أجزائها.

"إنَّهُ يُطَوِّلُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِذَلِكَ، فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ: كَانَ أَطْوَلُ مَا يَسْجُدُ فِي صَلَاةٍ قَطُّ. وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: وَسُجُودُهُ نَحْوُ مِنْ رُكُوعِهِ.

وَبِهِ جَزَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَيَقُولُ عَقِيبَ كُلِّ رُكُوعٍ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَقُولُ عَقِيبَهُ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَى آخِرِهِ، وَيُطَوِّلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِحَدِيثِ جَابِرٍ: إطَالَةُ الِاعْتِدَالِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ إلَّا فِي هَذَا".

يكفي فيه هذا إذا ثبت في صحيح مسلم خلاص يكفي.

"وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ إطَالَتِهِ مَرْدُودٌ".

بلا شك؛ لهذه الرواية.

"وَفِي قَوْلِهِ: "ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ" دَلِيلٌ عَلَى إطَالَةِ الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَكِنَّهُ دُونَ الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا خِلَافَ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا تَكُونُ أَطْوَلَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِقِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا وَاخْتُلِفَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَرُكُوعِهِ".

طالب: ............

جيدة في الجملة، لكن الثانية أجود منه، نسخة الحلاق أفضل منها.

طالب: ............

الركوع الثاني، القيام الثاني قصدك؟

طالب: ............

على قول الجمهور ما تصح صلاته، ابن حبيب من المالكية يقول: يكفي أن تُقرأ مرة واحدة وتكفي.

طالب: ............

كسهو أو جهل.

طالب: ............

يعني عن اجتهادٍ منه وإصرار أم غفلة؟

طالب: ............

ما يخالف بعد الصلاة...

طالب: ............

الكلام على القصد منهم بعد من صلى في كل ركعة أربع سجدات ما دام ركع مرتين يسجد أربع مرات، وُجِد هذا.

طالب: التسميع والتحميد في الركوع الثاني من كل ركعة.

ماذا فيه؟

طالب: ............

مثله مثل...

طالب: كبَّر مثلًا جهلًا منه؟

على كل حال يقولون: الركوع الثاني من كل ركعة زائد، لا تُدرَك به الصلاة، فمن جاء والإمام راكع في الركوع الثاني من الركعة الأولى فاتته الركعة الأولى ولو أدرك الركوع؛ لأنه زائد، لكن إذا ركع يلزمه ما يلزم الركوع الأصلي، فإذا أراد أن يركع كبَّر، وإذا رفع قال: سمع الله لمن حمده.

طالب: ثم يقرأ الفاتحة؟

ثم يقرأ الفاتحة.

طالب: ............

نفسها، القضاء يحكي الأداء.

طالب: ............

لا بُد أن يُصلي من جديد، فاتته الصلاة كلها.

طالب: ............

ما أدرك شيئًا يقضي ركعتين، في كل ركعة ركوعين، لكن ما يلزم أن يُطيلها مثل الإمام، ما يلزم.

طالب: ............

على حسب ما يراه أنفع للمأمومين، إن كان أنفع للمأمومين أن يطول القيام وهو القنوت فليفعل، وإن كان الأنفع للمأمومين السجود؛ لأنه تحضر قلوبهم في السجود أكثر من غيره فعل، يفعل الأرفق بالمأمومين.

"وَاخْتُلِفَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَرُكُوعِهِ هَلْ هُمَا أَقْصَرُ مِنْ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ وَرُكُوعِهِ أَوْ يَكُونَانِ سَوَاءً؟ قِيلَ: وَسَبَبُ هَذَا الْخِلَافِ فَهْمُ مَعْنَى قَوْلِهِ –رضي الله عنه-: "وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ" هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ فَيَكُونُ كُلُّ قِيَامٍ دُونَ الَّذِي قَبْلَهُ؟

وَفِي قَوْلِهِ: "فَخَطَبَ النَّاسَ" دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَإِلَى اسْتِحْبَابِهَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَكْثَرُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ".

بناءً على أنها خطبة، وخطب الناس، لكن الذين لا يرون الخطبة يقولون: هذه موعظة مربوطة بحادثة، الداعي إلى التذكير في هذ الموضع هو قولهم: كسفت الشمس لموت إبراهيم. فهذا يحتاج إلى بيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فعلى هذا ذكَّرهم النبي –عليه الصلاة والسلام- بأن «الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ»، فإذا وُجِد مثل هذا الكلام الذي يقتضي التنبيه أو غيره من الكلام في هذه المناسبة يُنبَّه عليه وإلا فالأصل ألا خطبة.

طالب: ............

ليست خطبة تأخذ مراسم الخطبة، يعني يصعد المنبر، ويحمد، مراسم خطبة كاملة، لكن لو وعظ الناس وذكَّرهم في هذه المناسبة، وأن المعاصي سبب لتغير الأحوال والظروف، واحتمال أن ترجع هذه الآية إلى مسيرها الطبيعي، واحتمال ما ترجع، وهذا تخويف من الله –سبحانه وتعالى-، يستغل الظرف.

طالب: من خطب وصعد المنبر؟

هذا على مذهب الشافعية وغيرهم.

طالب: ............

على المنبر؟

طالب: ............

ما فيه إشكال، هذه موعظة.

"وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ لَا خُطْبَةَ فِي الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُنْقَلْ.

وَتَعَقَّبَ بِالْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْخُطْبَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْخُطْبَةَ، بَلْ قَصَدَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكُسُوفَ بِسَبَبِ مَوْتِ أَحَدٍ مُتَعَقِّبٌ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ "فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ" وَفِي رِوَايَةٍ "وَشَهِدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ "أَنَّهُ ذَكَرَ أَحْوَالَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَغَيْرَ ذَلِكَ"، وَهَذِهِ مَقَاصِدُ الْخُطْبَةِ.

وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ رَأَيْته إلَّا قَدْ رَأَيْته فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا أَوْ مِثْلَ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: «فَيُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ: مَا عِلْمُك بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوْ الْمُوقِنُ» لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ".

طالب: ............

نعم.

طالب: ............

غلط غلط، ما يُجمَع بين الأمرين، الذي بين القوسين ما هو... قالت أسماء.

بعض المحققين يأتي بالألفاظ المحتملة كلها أو الموجود في النسخ بينها ويلزمه، لا بُد من الترجيح بين الألفاظ.

"«فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا، وَأَطَعْنَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُقَالُ: نَمْ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّك تُؤْمِنُ بِهِ فَنَمْ صَالِحًا»، وَفِي مُسْلِمٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي الْخُطْبَةِ بِأَلْفَاظٍ فِيهَا زِيَادَةٌ.

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَيْ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ صَلَّى أَيْ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ كَسَفَتْ الشَّمْسُ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ -أَيْ رُكُوعَاتٍ- "فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ" فِي رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ لَهَا سَجْدَتَانِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَ رُكُوعَاتٍ فَيَحْصُلُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ ثَمَانِ رُكُوعَاتٍ، وَإِلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ.

وَعَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أَيْ: وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْهُ "مِثْلَ ذَلِكَ" أَيْ: مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

"وَلَهُ" أَيْ: لِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: صَلَّى أَيْ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. أَيْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَسَجْدَتَانِ.

وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- "صَلَّى" أَيْ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "فَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ" أَيْ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ "وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَفَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ" رَكَعَ خَمْسَ رُكُوعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ إذَا عَرَفْت هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، فَقَدْ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهَا أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ اتِّفَاقًا إنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي كَمِّيَّةِ الرُّكُوعَاتِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي سَاقَهَا الْمُصَنِّفُ أَرْبَعُ صُوَرٍ.

الْأُولَى: رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ، وَبِهَذَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ، وَعَلَيْهَا دَلَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ".

لأنه من المتفق عليه.

"وَبَاقِي الرِّوَايَاتِ مُعَلَّلَةٌ ضَعِيفَةٌ.

الثَّانِيَةُ: رَكْعَتَانِ أَيْضًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ، وَهِيَ الَّتِي أَفَادَتْهَا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما.

الثَّالِثَةُ: رَكْعَتَانِ أَيْضًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَعَلَيْهَا دَلَّ حَدِيثُ جَابِرٍ.

الرَّابِعَةُ: رَكْعَتَانِ أَيْضًا يَرْكَعُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسَ رُكُوعَاتٍ.

وَلَمَّا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ، فَالْجُمْهُورُ أَخَذُوا بِالْأُولَى؛ لِمَا عَرَفْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهُ أَخَذَ بِكُلِّ نَوْعٍ بَعْضُ الصَّحَابَةِ.

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: إنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ فَأَيُّهَا فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ تَعَدَّدَ الْكُسُوفُ، وَأَنَّهُ فَعَلَ هَذِهِ تَارَةً، وَهَذَا أُخْرَى، وَلَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ كُلَّ الرِّوَايَاتِ حِكَايَةٌ عَنْ وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ صَلَاتُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ وَفَاةِ إبْرَاهِيمَ، وَلِهَذَا عَوَّلَ الْآخَرُونَ عَلَى إعْلَالِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي حَكَتْ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: كِبَارُ الْأَئِمَّةِ لَا يُصَحِّحُونَ التَّعَدُّدَ لِذَلِكَ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَيَرَوْنَهُ غَلَطًا.

وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهَا تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ".

يعني صلوها بعد وفاته –عليه الصلاة والسلام- في قضايا في الآيات في الكسوف في غيرها، في الخسف، في الزلزلة صلوا صلاة الكسوف على صور متعددة.

طالب: ............

أيضًا ما أحفظ شيئًا بالنسبة لكسوف الشمس على وجه الخصوص، لكنهم صلوا على صور متعددة.

طالب: ............

نعم في الخسف أيضًا.

طالب: يعني يُصلى للزلزلة؟

ستأتي الصلاة عند الآيات.

طالب: ............

ما ذكرنا دليلهم؟

طالب: ............

نعم «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا كَأَقرب صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنْ الْمَكْتُوبَةِ»، وأقرب صلاةٍ صُليت من المكتوبة في عهده –عليه الصلاة والسلام- صلاة الصبح.

"وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "مَا هَبَّتْ رِيحٌ قَطُّ إلَّا جَثَا" بِالْجِيمِ وَالْمُثَلَّثَةِ "النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رُكْبَتَيْهِ" أَيْ: بَرَكَ عَلَيْهِمَا، وَهِيَ قَعْدَةُ الْمَخَافَةِ لَا يَفْعَلُهَا فِي الْأَغْلَبِ إلَّا الْخَائِفُ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ".

الرسول –عليه الصلاة والسلام- يخاف من الآيات، يخشى من الآيات؛ وذلكم لتمام معرفته بربه، فمن كان بالله أعرف كان منه أخوف؛ ولذا لما وقع الكسوف خرج –عليه الصلاة والسلام- يجر رداءه، ظن أنها الساعة.

والناس اليوم تسمعهم على لهوهم وغفلتهم، ولعل السبب في ذلك علمهم بالكسوف قبل وقوعه، وعلى هذا فالأولى والأحرى والأجدر ألا يُخبَر الناس بوقوع الكسوف قبل وقته؛ لأن الفائدة المرجوة والحكمة من تشريع هذه الصلاة تنتفي، إذا كان الإنسان يحضر إلى الصلاة وقلبه غافل غير وجِل ولا خائف فحاله تختلف تمامًا عن حال الرسول –عليه الصلاة والسلام-، في الغالب أنه يصلي صلاة جوفاء لا تنفع في مثل هذا الموطن، فالرسول –عليه الصلاة والسلام- خشي أنها الساعة.

وإذا هبَّت الريح، وإذا رأى السحاب أيضًا يحصل منه ما يحصل –عليه الصلاة والسلام-؛ لأن كل أمةٍ حصل لها عذاب بسبب هذه الآيات، منهم من عُذِّب بالريح، ومنهم من عُذِّب بالعارض  الذي يرونه ممطرًا، وهو في الحقيقة عذاب، فمثل هذه الأشياء لا تؤمن عواقبها، وما يُدريك أن هذا السحاب يحمل الغرق، وما يُدريك أن هذه الريح فيها الأعاصير المدمرة، لكن ربط الناس بالله– سبحانه وتعالى- وتعليمهم طريقته –عليه الصلاة والسلام-، وتربيتهم على هذا الخوف من الله –سبحانه وتعالى- الباعث على العمل، أما مجرد خوف لا يبعث على العمل فهذا ليس بخوف، هذا لا ينفع، إنما المقصود الخوف الذي يبعث على العمل الصالح، وكذلك الرجاء لا ينفع إلا إذا أطمع الإنسان في رحمة الله بحيث يعمل لنيلها، والله المستعان. 

طالب: ............

لكن تكفي رؤية بعض الناس.

طالب: ............

لكن كل جماعة الناس ما رأوه؟

طالب: ............

لكن ما رؤي في البلد، يعني من تقوم به الحُجة رؤي أم ما رؤي؟ 

طالب: ............

يكفي.

طالب: ............

هذا مرده إلى الأطباء إذا عُرِف عندهم هذا وتقرر، فالمسألة طبية، لكن الواقع يشهد بخلاف ذلك رآها الناس، الناس رأيناهم في ذلك اليوم في سياراتهم وضعوا ستائر على الزجاج الأمامي، وناس سهَّروا عيالهم كل الليل حتى يناموا في النهار ما يرون الشمس، والله المستعان.

طالب: ............

أنا رأيتهم في الطريق وضعوا ستائر على الزجاج الأمامي.

طالب: ............

لا يمنع من بذل الأسباب، لكن إلى هذا الحد؟

قد يكون في الأسباب الحتف، الحتف من التعلق بهذه الأسباب، وكم من شخص مات فر من الموت فوقع فيه، لما قيل لهم: ألصقوا على الزجاج وعلى الأبواب؛ خشية المواد السامة والكيماويات، ولما ألصقوا انتهى الأكسجين وماتوا، عوائل ماتت في أماكنها كله فرارًا من الموت، فوقعوا فيه.

لا رادَّ لما قضى الله، لكن فعل الأسباب مطلوب، وارتباط القلب ينبغي أن يكون بالله –سبحانه وتعالى- هو المُسبِّب.

طالب: ............

في الجرائد ذُكِر عن واحد شخص مُسن قال: أنا رأيت الكسوف الذي قبل خمسين سنة وهو على حمار رآه بعينه المجردة، ورأيت الثاني يقول: ولا عندي أدنى إشكال، رجل مُسن كبير.

طالب: في بلاد أوروبا يا شيخ كانوا مخصصين نظارات حتى للكلاب –أكرمكم الله- لهذا.

هذا يحتاج... الأن الضجة التي صارت في البلدان كلها قاطبة سواءً في المسلمين أو غير المسلمين من أثر هذا الكسوف، وفي أوروبا تمنوا أن يكون دوريًّا في كل سنة.

طالب: ............

في بريطانيا يقولون: أنعش السياحة، انتقل أُناس بالآلاف إلى الأماكن التي قيل: إن الكسوف فيها كلي، والله المستعان.

طالب: ............

كل شر، والله المستعان.

"الرِّيحُ اسْمُ جِنْسٍ صَادِقٌ عَلَى مَا يَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَيَأْتِي بِالْعَذَابِ".

لأنه في الغالب أن الرياح المجموعة للرحمة، والريح المفردة للعذاب.

طالب: ............

نعم يا شيخ عبد الله.

طالب: ............

يُنزَّل على أنه مثل القمر إذا كانت المطالع متحدة وكذا، لكن هذه لها بدل، لها الدعاء، ولها التوبة والاستغفار، ليس مثل الصيام.

طالب: ............

ماذا فيه؟

طالب: ............

مُطِر ما فيه شك يستسقي لإخوانه المسلمين في البلدان الأخرى.

"وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «الرِّيحُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَبِالْعَذَابِ، فَلَا تَسُبُّوهَا»، وَقَدْ وَرَدَ فِي تَمَامِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا، وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا»، وَهُوَ يَدُلُّ أَنَّ الْمُفْرَدَ يَخْتَصُّ بِالْعَذَابِ، وَالْجَمْعَ بِالرَّحْمَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي كِتَابِ اللَّهِ {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} [القمر:19]، {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات:41]، {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر:22]، {أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم:46]، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ بَيَانُ أَنَّهَا جَاءَتْ مَجْمُوعَةً فِي الرَّحْمَةِ، وَمُفْرَدَةً فِي الْعَذَابِ".

في بعض المواضع العكس {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} [الشورى:33] فالريح هذه محمودة أم مذمومة؟

{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} [الشورى:33]؟

طالب: ............

نعم.

طالب: ............

الآن السُّفن أحسن لها الريح أم الرياح؟

طالب: ............

الرياح التي تتقاذفها من كل جهة؟

طالب: ............

واحدة التي تُسيِّرها {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} [الشورى:33].

طالب: ............

لا، ما هو بجنس، المقصود واحد التسيير على جهةٍ واحدة بخلاف الرياح التي تتقاذفها فتُحدث الغرق.

ابن جبير في رحلته لما صدر من مصر قاصدًا الإسكندرية، يقول: مشينا ستة أشهر في رياح، ثم تجيء واحدة من الأمام، فتردنا إلى سواحل الشام أكثر من ستة أشهر.

المقصود أنها الرياح بالنسبة للسفن ما تنفع إذا كانت تتقاذفها من كل جهة تضرها.   

{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} [الشورى:33] هذا امتنان يُسكن الريح الواحدة {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى:33].

طالب: ............

كيف؟

طالب: ............

لا هو في الجملة في النصوص قاطبة إلا في مثل هذا الموضع بالنسبة للسفن، الرياح ما فيه شك أنها أفضل من الريح الواحدة؛ لأن في النصوص جاءت مجموعة لما ينفع، ومفرده لما يضر.

طالب: ............

 نعم.

 طالب: ............

{وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس:22] بريح واحدة، معروفة السفن ما فيه إشكال، يعني تأتي أربع رياح من كل جهة واحدة ما مصير السفينة؟

طالب: ............

يبقى قضية السفن {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ} [الشورى:33].

طالب: ............

هيا كمِّل، اسرِد مقاصد الباب انتهت، اسرد الكلام كله.

"فَاسْتُشْكِلَ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ طَلَبِ أَنْ تَكُونَ رَحْمَةً، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا تُهْلِكْنَا بِهَذِهِ الرِّيحِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ هَلَكُوا بِهَذِهِ الرِّيحِ لَمْ تَهُبَّ عَلَيْهِمْ رِيحٌ أُخْرَى فَتَكُونُ رِيحًا لَا رِيَاحًا.

وَعَنْه أَيْ: ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- "صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ سِتَّ رَكَعَاتٍ" أَيْ رُكُوعَاتٍ "وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ" أَيْ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاث رُكُوعَاتٍ، "وَقَالَ: هَكَذَا صَلَاةُ الْآيَاتِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ دُونَ آخِرِهِ" وَهُوَ قَوْلُهُ: "هَكَذَا صَلَاةُ الْآيَاتِ"، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ فِي زَلْزَلَةٍ فِي الْبَصْرَةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَصَرًا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى بِهِمْ فِي زَلْزَلَةٍ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ رَكَعَ فِيهَا سِتًّا. وَظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً.

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْقَاسِمُ مِنْ الْآلِ، وَقَالَ: يُصَلِّي لِلْأَفْزَاعِ مِثْلَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَلَكِنْ قَالَ: كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ.

 قُلْت: لَكِنْ فِي كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي الْكُسُوفَ رَكْعَتَيْنِ إذَا شَاءَ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ لَا يُسَنُّ التَّجْمِيعُ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فَحَسَنٌ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِالتَّجْمِيعِ إلَّا فِي الْكُسُوفَيْنِ".

صلوات الآيات لم يثبت عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه صلى إلا صلاة الكسوف، وأما ما جاء عن الصحابة صلوا، صلوا للزلزلة، وصلوا للظلمة، وصلوا لتساقط النجوم، وصلوا للخسف، لكن الرسول –عليه الصلاة والسلام- لم يثبت عنه شيءٌ مرفوع إلا في الكسوف.

يبقى النظر في عمل الصحابي وقول الصحابي هل هو حُجة أو ليس بحجة؟ المسألة مختلفٌ فيها بين أهل العلم، لكن في مثل هذه الأشياء ينبغي أن لا يُعمَل إلا بما ثبت عنه –عليه الصلاة والسلام-؛ لأن العبادات توقيفية، فهذا اجتهاد من ابن عباس وغيره، لكن الدعاء والرجوع إلى الله– سبحانه وتعالى- بالتوبة والاستغفار، والصدقة والتذلل كل هذا مطلوب.

طالب: ............

نعم.

طالب: ............

لأنه ما حُفِظ أنه حصل زلزلة في عصره –عليه الصلاة والسلام- أو شيء من هذا.

طالب: ............

لكن القياس ما يدخل في العبادات.

طالب: ............

 

اللهم صلِّ على نبينا محمد.