كتاب الجنائز من سبل السلام (4)

...إلى آخره، فجاء بالتنكير، ولذا يقول الفقهاء: ويخيَّر بين تعريفه وتنكيره في السلام على الحي، أما بالنسبة للسلام على الميت فما جاء إلا معرَّفًا، السلام عليكم أهل الديار.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

ما فيه إلا النصوص، أما الملحظ اللغوي سلامًا قالوا: سلامًا قال: سلامٌ فهذا ظاهر؛ ولذا يقولون: سلام إبراهيم أبلغ من سلام الملائكة، كما هو معروف.

"قال الخطابي: إن اسم الدار يقع على المقابر، وهو صحيح".

دارهم نعم.

"فإن الدار في اللغة تقع على الموضع المسكون، وعلى الخراب غير المأهول، والتقييد بالمشيئة للتبرك، وامتثالاً لقوله تعالى".

المشيئة يعني إنا شاء الله بكم لاحقون. التقييد بهذا ليس للشك، إن شاء الله نلحقكم، وإن شاء الله ما نلحق، لا، هو لاحق لا محالة، الموت مصير كل حي، الموت بابٌ كل الناس داخله، المقصود أن الموت لا بد منه، ولم ينكره أحد، إلا من يقول بالتناسخ، لكن يقرّ به الكفار، فإنهم يرونه رأي العين، مثل هذا ما ينكَر، فإثبات المشيئة هنا ليست للشك، وإنما للتبرك، ومن باب امتثال قوله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا. إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف23 :24]، أو لاحقون بكم في هذا المكان، إن شاء الله بكم لاحقون في هذا المكان لا في غيره.

طالب:...

نعم في هذه المقابر.

"والتقييد بالمشيئة للتبرك وامتثالاً لقوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا. إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف23 :24]، وقيل: المشيئة إلى تلك التربة بعينها، وسؤاله العافية دليل على أنها من أهم ما يطلَب وأشرف ما يُسأَل، والعافية للميت بسلامته من العذاب ومناقشة الحساب، ومقصود زيارة القبور الدعاء لهم، والإحسان إليهم، وتذكر الآخرة، والزهد في الدنيا، وأما ما أحدثه العامة في هذا كدعائهم الميت، والاستصراخ به، والاستغاثة به، وسؤال الله بحقه، وطلب الحاجات إليه تعالى به، فهذا من البدع والجهالات، وتقدم شيء من هذا".

نعم، لا شك أن طلب الحاجات من الميت مما لا يقدر عليه إلا الله مثل هذا شرك، نسأل الله العافية، أما سؤال الحاجة من الله -سبحانه وتعالى- بالميت فهذا بدعة، أما أن يسأل الميت نفسه فهذا شرك، يسأل الله -سبحانه وتعالى- عند الميت؛ لأن قبره يضم رجلاً مباركًا هذا بدعة أيضًا، سؤال الله -سبحانه وتعالى- سؤال الحاجة من الله -سبحانه وتعالى- بحق هذا الميت أيضًا بدعة، نفرّق بين الشرك والبدعة.

طالب:...

نعم، بجاهه، هذا بدعة.

طالب:...

طلب الحاجات، يستصرخون به، يستغيثون به على أعدائهم.

طالب:...

بمشيئة الله بذكر الله -سبحانه وتعالى-، بذكر الله.

"وعن ابن عَبّاسٍ -رضي الله عَنْهُ- قالَ: مرَّ رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- بقبُور المدينة فأَقْبلَ عليهمْ بوجْهِهِ فقال: «السّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَهْلَ الْقُبور، يَغْفِرُ اللَّهُ لنا ولكم، أَنْتُم سَلَفُنا، ونْحنُ بالأثَر» رواهُ التِّرمذيُّ وقالَ: حسنٌ. فيه أنه يسلم عليهم إذا مرّ بالمقبرة، وإن لم يقصد الزيارة لهم".

يعني مجرد المرور بالمقابر يسلم عليهم ولو لم يقصد الزيارة، ولو لم يدخل المقبرة، كل هذا لا يلزم.

طالب:...

ولا يلزم، ما دام هذه مقبرة تسلم عليهم.

"وفيه أنهم يعلمون بالمارّ بهم وسلامه عليهم".

وإلا ما صار للسلام عليهم فائدة لولا أنهم يعلمون.

طالب:...

هو يسلم على الجميع، ويخصه، لا بأس، يسلم على الجميع، ثم يخصه بالسلام، ويدعو له لا بأس.

طالب:...

نعم، ولو كان في السيارة، ولو كان في السيارة، لا، ما يلزم، ما يلزم، هم لن يشاهدوه.

"وإلا كان إضاعة. وظاهره في جمعة وغيرها وفي الحديثين الأول".

نعم جاء في الجمعة ما يخصها، لكن الخبر لا يثبت أن من زار أبويه كل جمعة كُتب بارًا، لا يلزم أن يكون في الجمعة.

"وفي الحديثين الأول، وهذا دليل أن الإنسان إذا دعا لأحد أو استغفر له يبدأ بالدعاء لنفسه والاستغفار لها".

جاء الأمر به «إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه».

"وعليه وردت الأدعية القرآنية: ربنا اغفر لنا ولإخواننا".

اغفر لي ولوالدي، نعم.

"واستغفر لذنبك وللمؤمنين، وغير ذلك. وفيه أن هذه الأدعية ونحوها نافعة للميت بلا خلاف، وأما غيرها من قراءة القرآن له فالشافعي يقول: لا يصل ذلك إليه".

لا يصل إلا الدعاء والصدقة، هذان مجمع عليهما، الدعاء والصدقة يصلان بالاتفاق، العبادات البدنية محل خلاف بين أهل العلم، الجمهور على العدم، العبادات المالية البدنية محل خلاف أيضًا، كالحج، لكن الأكثر على أنه يصل، فللإنسان أن يحج عن أبيه، ويحج عن أمه، ويعتمر عن أبيه، ويعتمر عن أمه، لكن لا يصوم عن أبيه، ولا يصوم عن أمه، ولا يصلِّي عن أبيه ولا يصلِّي عن أمه، قراءة القرآن من يقول: إنها ذكر تدخل في حكم الدعاء، يقول يصِلُ، والحنابلة يعممون، والحنفية يجعلون الأمر عامًّا؛ أي قربة فعلها فأهدى ثوابها لحي أو ميت وصلت، نعم. أما الصلاة فقد جاء النصّ بالخصوص: «لا يصلِّي أحد عن أحد»، وما عداها لو أهدى ثوابه فلا بأس به، يصل إن شاء الله. نعم يصل إن شاء الله.

طالب: ................

 لا لا لا، الصلاة جاء النهي بخصوصها في الخبر.

طالب:...

صام عنه وليه، قال هذا في النذر الخاص، لكن لو أهدى ثوابه فلا بأس إن شاء الله. أما الصلاة فقد جاء استنثاؤها: «لا يصلِّ أحد عن أحد».

طالب: ................

إن شاء الله إن شاء الله.

طالب:...

إن شاء الله.

"وذهب أحمد وجماعة من العلماء إلى وصول ذلك إليه. وذهب جماعة من أهل السنة والحنفية إلى أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة كان أو صومًا أو حجًا أو صدقة أو قراءة قرآن أو ذِكرًا أو أي أنواع القُرَب، وهذا هو القول الأرجح دليلاً".

ما إعراب الأرجح؟

طالب:...

القول الأرجحُ، يجوز القول الأرجحِ؟

طالب:...

من باب إضافة الموصوف إلى صفته، والإضافة لفظية فيجوز أن يقترن المضاف، نعم بال إذا اقترن المضاف إليه، يجوز هذا، لكن الوصف أظهر.

"وقد أخرج الدارقطني: أن رجلاً سأل النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- أنه كيف يبرّ أبويه بعد موتهما فأجابه: بأنه يصلي لهما مع صلاته، ويصوم لهما مع صيامه".

يصلي يعني يدعو لهما مع صلاته، أما ذات الركوع والسجود فلا يصلي لأحد.

طالب: ................

 الباقي؟

نعم.

"وأخرج أبو داود من حديث معقل بن يسار عنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «اقرءُوا على موتاكم سورة يس» وهو شامل للميت، بل هو الحقيقة فيه".

الحقيقة أن الميت، الموتى جمع ميت، والميت من فارقت روحه جسده، هذا الحقيقة، يطلق على من سيموت، ويطلق على المحتضر، لكن ليس من إطلاق الحقيقي، لكن موتاكم جمع ميْت، أم ميِّت؟

طالب:...

موتى جمع ميْت أم ميِّت؟

جمع ميْت؟

طالب: ................

 ميْت كبيت يقال: أموات وأبيات، وميِّت فيعل، يعني ميِّت بالتشديد من سيموت، وميْت من مات حقيقة، {إِنَّكَ مَيِّتٌ} [الزمر:30] يعني ستموت، {وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} يعني سيموتون، والميْت بالتخفيف من مات، يعني قلنا: موتى جمع ميِّت، من سيموت، فيكون حقيقة ليس بمجاز، وعلى كلٍّ الخبر فيه ما فيه، الخبر ضعيف، ومن يقول بأنه يعمَل بمثل هذا الخبر في مثل هذا الحكم في فضائل الأعمال قال: المراد بالميت من سيموت، من حضرته الوفاة، جاءته علاماته، أما من مات فعلًا فقد انتهى.

طالب: ................

هذا الحديث.

طالب:...

جمع ميِّت الظاهر نعم. بالتشديد ميِّت ميِّت من سيموت.

"وأخرج أبو داود من حديث معقل بن يسار عنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «اقرءُوا على موتاكم سورة يس»، وهو شامل للميت، بل هو الحقيقة فيه".

قالوا: لأنها تسهل خروج الروح، تسهل خروج الروح.

"وأخرج الشيخان أنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- كان يضحي عن نفسه بكبش، وعن أمه بكبش".

عن ماذا؟

طالب: ................

أمته أمته.

طالب: ................

 هذا عن محمد، وهذا عمن يضحي من أمة محمد.

"أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي عن نفسه بكبش، وعن أمته بكبش، وفيه إشارة إلى أن الإنسان ينفعه عمل غيره، وقد بسطنا الكلام في حواشي ضوء النهار بما يتضح منه قوة هذا المذهب".

منحة الغفار من حواشي ضوء النهار مطبوع في أربعة مجلدات للصنعاني، مطبوع باليمن.

طالب:...

ماذا؟

طالب: ................

 أما الصلاة فالمقصود بها الدعاء؛ لورود ما يخصها من النهي، وأما الصيام فلو صام وأهدى ثوابه فلا بأس إن شاء الله.

"وعن عائشة قالت: قال رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا» أي وصلوا «إلى ما قدَّموا» من الأعمال. رواه البخاري. الحديث دليل على تحريم سب الأموات. وظاهره العموم للمسلم والكافر. وفي الشرح: الظاهر أن مخصص بجواز سب الكافر لما حكاه الله من ذم الكفار في كتابه العزيز كعاد وثمود وأشباههم".

لكن المقصود من سب الأموات الوارد في النصوص الاعتبار والاتعاظ والتنفير والتحذير من صنيعهم، وسلوك سبيلهم، الذي أودى بهم إلى الهلاك والبوار، أما التفكه في أعراضهم فلا.

"قلت: لكن قوله: «قد أفضوا إلى ما قدَّموا» علة عامة للفريقين معناها أنه لا فائدة تحت سبّهم والتفكُّه بأعراضهم، وأما ذكره تعالى للأمم الخالية بما كانوا فيه من الضلال فليس المقصود ذمُّهم".

ذمَّهم.

"فليس المقصود ذمَّهم، بل تحذيرًا للأمة من تلك الأفعال التي أفضت بفاعلها إلى الوبال، وبيان محرماتٍ ارتكبوها. وذكْر الفاجر بخصال فجوره؛ لغرض جائز، وليس من السبّ المنهي عنه".

مثله الراوي والشاهد ذكره بما يخرم عدالته ومروءته وحفظه وضبطه هذا ليس من باب السبّ، ولا من باب الغيبة، وإنما هو من باب النصيحة وباب إظهار الحق.

"فلا تخصيص بالكفار، نعم الحديث مخصَّص ببعض المؤمنين كما في الحديث: أنه مَرَّ عليه- صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- بجنازة فأثنوا عليها".

مُرَّ مُرَّ.

"أنه مُرَّ -عليه الصلاة والسلام- عليه بجنازة فأثنوا عليها شرًا. الحديث وأقرهم -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- على ذلك".

بل قال: «وجبت وجبت».

"بل قال: «وجبت» أي النار ثم قال: «أنتم شهداء الله». ولا يقال: إن الذي أثنوا عليه شرًا ليس بمؤمن؛ لأنه قد أخرج الحاكم في ذمه: "بئس المرء لقد كان فظاً غليظاً".

يعني لو كان كافرًا ما ذموه بكونه فظًّا غليظًا يذمونه بكفره، وإن كان هذا غير مطرد، قد يذَم الكافر ببعض صنيعه.

طالب:...

أصل الثناء ذكر الوصف سواء كان محمودًا أو مذمومًا، مثل الثواب، الثواب يكون في الثواب وفي العقاب، لكن العرف خصص الثناء بالخير، بالمدح.

"والظاهر أنه مسلم؛ إذ لو كان كافرًا لما تعرضوا لذمه بغير كفره. وقد أجاب القرطبي عن سبهم له وإقراره- صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- لهم بأنه يحتمل أنه كان مستظهرًا بالشر؛ ليكون من باب لا غيبة لفاسق، أو بأنه يحمل النهي عن سبّ الأموات على ما بعد الدفن.

 قلت: وهو الذي يناسب التعليل بإفضائهم إلى ما قدموا، فإن الإفضاء الحقيقي بعد الدفن".

منهم من يفرِّق بين الكافر إذا كان له أحياء يتأذون بسبّه مُنِع وإلا فلا، قد جاء «لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء»، هذا العلة ظاهرة بكون المنع بسبب إيذاء الأحياء، وأما الميت الكافر فلا حرمة له، لا سيما إذا كان ممن يؤذي المسلمين.

طالب:...

يذكر بفسقه، يذكر ولا يزاد عليه؛ للتحذير من صنيعه، أقول: للمصلحة، للتحذير من صنيعه لا بأس.

"وروي الترمذي عن المغيرة".

المغيرةِ.

"عن المغيرةِ نحوه، أي نحو حديث عائشة في النهي عن سب الأموات لكن قال عوض قوله: «فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا فتؤذوا الأحياء» قال ابن رشيد: إن سب الكافر يحرم إذا تأذى به الحي المسلم".

رشيد؟

ابن رشد معروف.

"قال ابن رشد: إن سب الكافر يحرم إذا تأذى به الحي المسلم، ويحل إذا لم يحصل به الأذية، وأما المسلم فيحرم إلا إذا دعت إليه الضرورة كأن يكون فيه مصلحة للميت إذا أريد تخليصه من مظلمة وقعت منه، فإنه يحسن، بل يجب إذا اقتضى ذلك سبَّه".

بذكرها، يعني بذكرها، ليس المقصود التشفي والتفكُّه بهذا، وإنما تذكر هذه، يذكَر هذا العيب فيه؛ لكي يبرأ من تبعته، إن وقع منه هفوة في حق إنسان يقال: إن فلانًا ظلمك، بكذا وكذا وكذا، ليُستحَل منه.

"وهو نظير ما استثني من جواز الغيبة لجماعة من الأحياء لأمور.

(تنبيه) من الأذية للميت القعود على قبره؛ لما أخرجه أحمد قال الحافظ ابن حجر: بإسناد صحيح من حديث عمرو بن حزم الأنصاري قال: رآني رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- وأنا متكيء على قبر فقال: «لا تؤذِ صاحب القبر»، وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه»".

فتخلص إلى جلده.

"«فتخلص إلى جلده خير له من الجلوس عليه»، وأخرج مسلم عن أبي مِرثد".

مَرثد.

"وأخرج مسلم عن أبي مَرثد مرفوعًا: «لا تجلسوا على القبور، ولا تُصلّوا إليها». والنهي ظاهر في التحريم".

والمراد بالجلوس القعود، القعود على القبر وطؤها أيضًا بالقدم مثل القعود، فلا يجوز ذلك كله؛ لأن فيه إهانة للميت، وحرمة المسلم الميت كحرمة الحي، صحّ عن ابن عمر أنه كان يقعد على القبر ويضطجع عليه، لكن ما بلغه النهي، والإمام مالك -رحمه الله- حمل القعود المراد به القعود لقضاء الحاجة، ولا تجلسوا عليها لقضاء الحاجة، هذا تأويل بعيد، فالقعود هو الجلوس المعروف.

"وقال المصنف في فتح الباري نقلاً عن النووي: إن الجمهور يقولون بكراهة القعود عليه، وقال مالك: المراد بالقعود الحدث، وهو تأويل ضعيف أو باطل، انتهى".

بلا شك، نعم.

"وبمثل قول مالك قال أبو حنيفة كما في الفتح. قلت: والدليل يقتضي تحريم القعود عليه والمرور فوقه؛ لأن قوله: «لا تؤذ صاحب القبر» نهى عن أذية المقبور من المؤمنين، وأذية المؤمن محرمة بنص القرآن {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب:58]".

خلاص؟

انتهى؟

الزكاة؟

طالب: نعم.

 اللهم صل وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين وسلم تسليمًا كثيرًا،

 قال الإمام الصنعاني -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لعن زائرات القبور، أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان".

قال القائل المصنف ابن حجر -رحمه الله-، القائل للمتن، والشرح للصنعاني، أما المتن فهو لابن حجر.

"وقال الترمذي بعد إخراجه هذا حديث: حسن، وفي الباب عن ابن عباس وحسنه، وقد قال بعض أهل العلم: إن كان قبل أن يُرخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في زيارة القبور، فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء، وقال بعضهم: إنما كره زيارة القبور للنساء؛ لقلة صبرهن وكثرة جزعهن، ثم ساق بسنده أن عبد الرحمن بن أبي بكر توفي ودُفن في مكة، وأتت عائشة قبره ثم قالت:

وكنا كندمي جذيمة برهة            من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

وعشنا بخير في الحياة وقبلنا       أصاب المنايا رهط كسرى وتبعًا

 ولما تفرقنا كأنني ومالك           لطول اجتماعًا لم نبت ليلة معًا

 انتهى.

 ويدل لما قاله بعض أهل العلم: ما أخرجه مسلم عن عائشة قالت: ماذا أقول يا رسول الله إذا زرت القبور؟ فقال: «قولي: السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين يرحم الله المتقدمين منا والمتأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون»، وما أخرج الحاكم من حديث علي بن الحسين أن فاطمة -عليها السلام- كانت تزور قبر عمها مرة كل جمعة فتصلي".

قبر عمها حمزة، قبر عمها حمزة.

"أن فاطمة -عليها السلام- كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده. قلت: وهو حديث مرسل، فإن علي بن الحسين لم يدرك فاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعموم ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان مرسلاً: «من زار قبر الوالدين أو أحدهما في كل جمعة غُفِر له، وكُتب بارًا»، وعن..".

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

 زيارة القبور سُنَّة على ما مرّ؛ لأنها تذكر الآخرة، وتزهد في الدنيا، نُهي عنها في أول الأمر، ثم أُمر بها، «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»، وهل يدخل في الأمر الرجال والنساء، أو هو خاصٌ بالرجال فقط؟ تخصيصه بالرجال قول أكثر العلماء، وإخراج النساء من هذا الأمر بمثل حديث الباب، «لعن الله زائرات القبور» بلفظ: «زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج»، فالنساء لا يجوز لهن زيارة القبور، ولا اتباع الجنائز، لما عُرِف من قلة صبرهن، وشدة تأثرهن، فهن باكيات وهن النائحات، ولذا يقول العرب بالنسبة للنساء: وإن كان الكلام ليس بصحيح، لكن بعضه له حظ من الواقع يقول: والله ما هي بنعم الولد، يعني البنت، نصرها بكاء، وبِرُّها سرقة، نصرها بكاء، وبِرّها سرقة، مسكينة ماذا تقدِّم لوالديها إذا ظُلما؟ ما عندها إلا البكاء، والبِرّ برّها سرقة تأخذ من بيت زوجها وتعطي والديها من باب البِرّ لهما والإحسان إليهما، هذا معنى قولهم، أما قولهم: ما هي بنعم الولد فنعم الولد، وقد حث الشارع على إكرام البنات، وأوصى بهن، ورتب الثواب العظيم على إحسان تربيتهن، المقصود أن النساء من طبعهن التأثر الشديد، فلذا مُنعن من زيارة القبور، وما جاء عن عائشة أنها كانت تزور يحتمل أن يكون قبل المنع إن صحّ، وأما قولها: ما نقول؟ أو ماذا نقول إذا زرنا؟ فالمقصود به المرور، لا يمنع الرجال من النساء من المرور بالشوارع التي فيها المقابر أو عليها المقابر، فالمرور غير الزيارة والإقامة عندها، وما ذكره عن فاطمة -رضي الله عنها- لا يثبت؛ لأنه مرسل، وما يُظَن بها أنها تذهب لتصلي عند قبر حمزة، مع ثبوت النهي عنه -عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة عند القبور، «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها»، وهو صحيح، والبكاء أيضًا؛ إن الميت ليعذب ببكاء أهله، وهذه أيضًا مخالفة ثانية، ولذا هذا الخبر لا يثبت عنها -رضي الله عنها-. والصواب منع النساء من زيارة القبور واتباع الجنائز.

"وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- النائحة والمستمعة. رواه أبو داود، والنوح هو رفع الصوت بتعديد شمائل الميت وأفعاله، والحديث دليل على تحريم ذلك، وهو مجمع عليه، وعن أم عطية قالت: أخذ علينا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن لا ننوح. متفق عليه".

عند البيعة نعم.

طالب:...

عن عائشة ماذا تصنع؟

طالب:...

إما أن يقال: إن هذا قبل النهي، حديث اللعن صحيح، حديث اللعن صحيح ما فيه إشكال، فإما أن يقال: إن هذا قبل النهي، نعم، قبل النهي.

طالب:...

ما المانع؟

"كان أخذه عليهن ذلك وقت المبايعة على الإسلام، والحديثان دالان على تحريم النياحة وتحريم استماعها؛ إذ لا يكون اللعن إلا على محرم. وفي الباب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «ليس منّا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية». متفق عليه. وأخرجا من حديث أبي موسى: أن رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- قال: «أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق». وفي الباب غير ذلك. ولا يعارض ذلك ما أخرج أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم عن ابن عمر: أنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- مرّ بنساء ابن عبد الأشهل يبكين".

نساء؟ أو بني؟

"مرّ بنساء ابن عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أُحد فقال: «لكن حمزة لا بواكي»".

بواكي له.

"«لكن حمزة لا بواكي له» فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة الحديث. فإنه منسوخ بما في آخره بلفظ «فلا تبكين على هالك بعد اليوم»، وهو يدل على أنه عبر عن النياحة بالبكاء. فإن البكاء غير منهي عنه كما يدل له ما أخرجه النسائي عن أبي هريرة قال: "مات ميت من آل رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينهاهن ويطردهن فقال له -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «دعهن يا عمر، فإن العين تدمع، والقلب مصاب، والعهد قريب»، والميت هي زينب بنته -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- كما صرّح به في حديث ابن عباس أخرجه أحمد، وفيه أنه قال لهن: «إياكن ونعيق الشيطان، فإنه مهما كان من العين ومن القلب فمن الله ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان»، فإنه يدل على جواز البكاء، وإنه إنما نهي عن الصوت. ومنه قوله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «العين تدمع، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب»، قاله في وفاة ولده إبراهيم، وأخرج البخاري من حديث ابن عمر: «إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا، وأشار إلى لسانه أو يرحم»، وأما ما في حديث عائشة عند الشيخين في قوله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- لمن أمره أن ينهى النساء المجتمعات للبكاء على جعفر بن أبي طالب: «أحث في وجههن التراب» فيحمل على أنه كان بكاءً بتصويت النياحة، فأمر بالنهي عنه، ولو بحثو التراب في أفواههنّ".

النياحة والبكاء جاءت النصوص المتضافرة على تحريم النياحة، وأنها من كبائر الذنوب، وثبت اللعن للنائحة، وغيرها من الأفعال من النياحة وغيرها من الأفعال التي تدل على الجزع من ضرب الخدود، واللطم، ضرب الصدور، لطم الخدود والوجوه، وشق الجيوب، والثياب، وغير ذلك من الأعمال التي تدل على الجزع، وكذلك رفع الصوت بالبكاء، فالنياحة رفع الصوت مع تعداد المحاسن للميت، كل هذا حرام، البكاء إذا قارنه صوت مُنِع، وعلى هذا تتنزل أحاديث النهي عنه، وأن الميت يعذب ببكاء أهله، يعني مع رفع الصوت، أما البكاء بمجرده من غير رفع صوت فثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه بكى، دمعت عينه؛ رحمة للميت، «إن العين لتدمع، والقلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضى الرب» -سبحانه وتعالى-، فالبكاء من غير رفع للصوت لا بأس به، هذا من الرحمة التي أودعها الله -سبحانه وتعالى- عباده يتراحمون بها، يرحم بعضهم بعضًا، فالبكاء من غير صوت لا بأس به، أما مع الصوت فهو ممنوع، والنصوص في هذا ظاهرة ومتكاثرة، يزيد على ذلك النياحة، إن كان معها صراخ وعويل، وأفعال تنافي الصبر والاحتساب يدل على الجزع، وإظهار التسخط، كل هذا حرام، لا شك فيه.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

المقصود الصوت الذي يُسمَع كشهيق لا يجوز، فالميت لا يعذب ببكاء أهله.

طالب:...

الأمور بمقاصدها إذا كان تعديد محاسنه كما يحصل في المراثي لأهل العلم من أجل أن يقتدى به من غير إظهار لجزع ولا غيره فلا بأس به؛ لأن من أهل العلم من هو مدرسة إذا عُدِّد المحاسن اقتفي أثره، واتُّبعت طريقته وسنته فهذا لا بأس به، هذا أمر يعمله المسلمون من غير نكير، في الرثاء وغيره، لكن إذا كان تعديد محاسن وبيان الجزع، وأن فقده له أثر عظيم في نفسه، نفس المتكلم ونفس غيره لذاته، لا لما يشتمل عليه من سبب يكون قدوة فيه لمن خلفه، أما إذا كان من أجل الاقتداء به فالأمور بمقاصدها.

طالب:...

المداحين من؟

طالب: ................

 المداحين للأحياء الذين يخشى عليهم أن يتأثروا بهذا المدح، لكن إذا مُدِح ميت، قيل: مثلاً: كان يقوم الليل، كان يصوم النهار، كان كذا فما فيه إشكال؛ من أجل أن يقتدى به.

طالب:...

على كلٍّ الأمور بمقاصدها، والآثار والنتائج ينبغي أن تلاحظ، إذا خشي أن يتأثر به فيغلى فيه، ويزاد ويرفع فوق قدره فهذا كله من باب المحظور، إذا كان من أجل أن يهتدى به ويقتفى أثره في العمل بمثل عمله من الأعمال الصالحة فلا بأس به.

طالب:...

الرسول -عليه الصلاة والسلام- ثبت أنه بكى ودمعت عينه من غير رفع صوت، لكن لا يظَن به -عليه الصلاة والسلام- أنه سخط القدر أو اعترض عليه أو لم يرض به على أقل الأحوال، بينما غيره يظَن به ذلك، ولذا الذي لم يستطع التوفيق بين حزن القلب مع معارضة القدر وضحك لما مات ولده، هذا ما استطاع أن يوفق بين الشفقة على الميت والحزن عليه مع الرضاء التام بقضاء الله -سبحانه وتعالى- وقدره، ما استطاع التوفيق فضحك؛ لأنه يرى أنه إن بكى فقد اعترض، وسخط القدر، لكن الذي يستطيع أن يوفق فيرحم الميت، ويرضى بقضاء الله -سبحانه وتعالى-، ويسلم فهذا أكمل بلا شك.

"وعن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الميتُ يعذب في قبره بما نيح عليه» متفق عليه. أولهما أي الشيخين كما دل له متفق عليه فإنهما المراد به (نحوه) أي نحو حديث ابن عمر".

هما أي متفق عليه عند المصنف وعند جماهير العلماء إذا قيل: متفق عليه فالمراد أنه مُخرَّج في الصحيحين من طريق صحابي واحد، لكن لو تعدد الصحابي، ورواه مسلم عن أبي هريرة، والبخاري عن ابن عمر فما نقول: متفق عليه، هذا حديث آخر، ولو كان باللفظ، ولا يشترط أن يوافق الشيخين أحد، لا أحمد، ولا غيره، عند جمهور العلماء، واصطلاح المجد ابن تيمية في المنتقى في المتفق عليه أنه ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم، إضافة إلى الإمام أحمد، نعم.

"وهو عن المغيرة بن شعبة، الأحاديث في الباب كثيرة. وفيها دلالة على تعذيب الميت بسبب النياحة عليه. وقد استشكل ذلك؛ لأنه تعذيبه بفعل غيره. واختلفت الجوابات. فأنكرت عائشة ذلك على عمر وابنه عبد الله، واحتجت بقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر:7] وكذلك أنكره أبو هريرة. واستبعد القرطبي إنكار عائشة، وذكر أنه رواه عدة من الصحابة، فلا وجه لإنكارها مع إمكان تأويله، ثم جمع القرطبي بين حديث التعذيب والآية بأن قال: حال البرزخ يلحق بأحوال الدنيا، وقد جرى التعذيب فيها بسبب ذنب الغير، كما يشير إليه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال:25]، فلا يعارض حديث التعذيب، آية {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر:7]؛ لأن المراد بها الإخبار من حال الآخرة واستقواه الشارح. وذهب الأكثرون إلى تأويله بوجوه:

الأوّل: للبخاري أنه يعذب بذلك إذا كان سنَّته وطريقته".

سنَّته سنَّته.

"إذا كان سنَّته وطريقته، وقد أقرّ عليه أهله في حياته، فيعذب لذلك، وإن لم يكن طريقته فإنه لا يعذب. فالمراد على هذا أنه يعذب ببعض بكاء أهله، وحاصله أنه قد يعذب العبد بفعل غيره إذا كان له فيه سبب.

الثاني: المراد أنه يعذب إذا أوصى أن يبكي عليه، وهو تأويل الجمهور، قالوا: وقد كان معروفًا عند القدماء كما قال طرفة بن العبد:

 إذا متُّ فابكيني بما أنا أهله       وشقي عليّ الجيب يا أم معبد"

أو يا ابنة مالك؟ يا ابنة إيش؟

طالب:...

ماذا عندك يا محمد؟

طالب:...

أنت؟ ما يفرق، تصير أم مالك وبنت مالك ما الذي يمنع؟

طالب: ................

 نعم. أم معبد.

"ولا يلزم من وقوع النياحة من أهل الميت امتثالاً له أن لا يعذب لو لم يمتثلوا، بل يعذب بمجرّد الإيصاء، فإن امتثلوه وناحوا عذب على الأمرين: الإيصاء".

فِعله فِعله.

"لأنه فعله، والنياحة لأنها بسببه.

الثالث: أنه خاص بالكافر، وأن المؤمن لا يعذب بذنب غيره أصلاً، وفيه بُعْد لا يخفى، فإن الكافر لا يحمل عليه ذنب غيره أيضًا؛ لقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر:7]".

وازرة نكرة في سياق النفي تعم المسلم والكافر.

"الرابع: أن معنى التعذيب توبيخ الملائكة للميت بما يندبه به أهله، كما روى أحمد من حديث أبي موسى مرفوعًا: «الميت يعذب ببكاء الحي، إذا قالت النائحة: واعضداه واناصراه واكاسياه جُلِد الميت، وقال: أنت عضدها؟ أنت ناصرها؟ أنت كاسيها؟» وأخرج معناه ابن ماجه والترمذي.

الخامس: أن معنى التعذيب تألُّم الميت بما يقع من أهله من النياحة وغيرها، فإنه يرق لهم، وإلى هذا التأويل ذهب محمد بن جرير وغيره، وقال القاضي عياض: هو أولى الأقوال، واحتجوا بحديث فيه: "أنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- زجر امرأة عن البكاء على ابنها وقال: «إن أحدكم إذا بكى استعبر له صويحبه، يا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم». واستدل له أيضًا أن أعمال العباد تعرض على موتاهم وهو صحيح. وثمة تأويلات أخر، وما ذكرناه أشفى ما في الباب".

حديث: «إن الميت ليعذب بما نيح عليه أو ببكاء أهله» المراد بالبكاء مع رفع الصوت، ويوافق النياحة حينئذٍ، وهذا الحديث مما استشكلته عائشة -رضي الله عنها-، وهو ثابت في الصحيحين وغيرهما، استشكلته لقوله -عز وجل-: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر:7]، كون الإنسان يعذب ببكاء أهله يعني بعمل غيره، ولا إشكال، فإما أن يُحمَل على عمله هو فيقال: إنه هو الذي أوصى بذلك، كما كانت عادة الجاهلية يوصون أن يناح عليهم، ويبكى عليهم، ومن يبكي حولاً كاملاً فقد، من يبكي حولاً كاملاً يعني يوصيهم بالبكاء لمدة حول، لمدة سنة، وحينئذٍ يكون هو المتسبب في هذا البكاء، نعم غيره مباشر له، لكن هو متسبب، والمتسبب شريك للمباشر، فإذا أوصى أهله أن ينوحوا عليه، وأن يبكوا عليه عذب بوصيته، أو تكون عادتهم النياحة، عادتهم البكاء على الميت، تواطئوا على هذه العادة، وتوارثوها من غير نكير، فإنه يعذب؛ لعدم إنكاره على أهله، ويكون هذا من عمله، والترك عمل، والذي يقر المنكر في أهله يعذب على ذلك، أخبث الناس الديوث الذي يقر أهله على الخبث، هو ما فعل شيئًا، لكنه أقر، وهذا نظيره، هو ما فعل شيئًا، هو ما بكى، لكنه يعرف من حال أهله أنهم يبكون، وينوحون، ولا ينهاهم عن ذلك، أما أنه يعذب بعمل غيره من غير تسبب ولا مباشرة فلا، والآية صريحة في ذلك، ولا يقال: إن هذا خاص بالكفار، أنهم يعذبون ببكاء أهلهم، لا، الكفار مثل المسلمين، بالنسبة لهذه الآية لا يعذبون إلا بأعمالهم {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر:7]، فالمسلم والكافر في هذا على حدٍّ سواء، لا يعذب إنسان إلا على عمله، فيكون من تكون وصيته بالبكاء من عمله أو يكون سكوته وتركه للإنكار عليهم من عمله..

طالب:...

يتألم؟ والتحسر ما فيه شك أنه عذاب التحسر عذاب، فإذا كان عند بكاء أهله عليه يتألم ويتحسر فهو نوع من العذاب، لكن نصّ الحديث يعذَّب ما قال يتعذب.

طالب:...

نعم؟ لكن ما قال: يتعذب، قالوا: يعذب، يعذبه غيره، ولا قال: يعذبه أهله بصنيعهم، لا، فدل على أن المعذب طرف ثالث، غيره وغير أهله نعم، فالأوجه إما أن يكون يعرف من حالتهم ولا ينهاهم، أو يكون أوصاهم بذلك من باب أولى.

طالب:...

نعم؟

طالب: ................

من ماذا؟

طالب: ................

نعم، مثل هذا الكلام إنما يرتكب لدفع التعارض، الآية صريحة في كونه لا يعذب أحد بذنب أحد {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر:7]، أما قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال:25]، من يصيبه العذاب بسبب الفتنة، القتل، أو الحوادث، والكوارث العامة إما بسبب ذنبه الذي باشره، أو بسبب سكوته على ذنب ارتكب ولم ينكره، فينجو من أنكر، وقد يهلك الجميع، وتكون هذه آجالهم ومددهم، ثم يبعثون على أعمالهم ونياتهم، في آخر الأعراف {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [الأعراف:165]، نعم هم ثلاث طوائف.

طالب:...

نعم، هم ثلاث طوائف، طوائف فعلت المعاصي، وطائفة سكتت، وطائفة نهوا، فالآية نصت على الذين ظلموا فعلوا، أنهم جاءهم العذاب البئيس، أخذوا بالعذاب البئيس، وأما الذين نهوا عن السوء فنجوا، الطائفة الثالثة الذين سكتوا عند جمع من أهل العلم أنهم سُكِت عنهم، فلا يدرى مصيرهم نعم، والظاهر- والله أعلم- من حالهم أنهم مع الذين ظلموا؛ لأنهم ظلموا بسكوتهم، ظلموا بسكوتهم فأخذوا معهم بظنهم، والترك عمل، الترك عمل، يؤاخذ بتركه للواجبات، وحينئذٍ يكون ظالمًا لنفسه بترك هذا الواجب الذي هو النهي عن المنكر.

طالب:...

مخرّج عندكم؟ الحديث مخرّج؟

طالب:...

نعم، ما يصير عندك، عندهم هم.

طالب:...

التاريخ نعم.

طالب:...

على كلٍّ تكون سببًا في تعذيبهم، تكون سببًا في تعذيبهم ببكائكم، وعلى كل حال لا يؤاخذ الإنسان إلا على فعله.

طالب:...

المعذب؟ قد يتعذَّب.

طالب:...

يتحسر عليهم؛ لأنهم هم الذين سوف يعذبون؟

طالب:...

ما أدري والله، سنرى بعد.

"وَعَنْ أَنَسٍ قالَ: "شهِدْتُ بِنْتاً لرسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلّم- تدفن ورسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- جالسٌ على الْقَبْر، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعانِ" رَوَاهُ البخاريُّ. قد بين الواقدي وغيره في روايته أن البنت أم كلثوم، وقد رد البخاري قول من قال: إنها رقية بأنها ماتت ورسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- في بدر، فلم يشهد -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- دفنها".

طالب:...

خلونا ننتهي.

"والحديث دليل على جواز البكاء على الميت بعد موته، وتقدم ما يدل له أيضًا، إلا أنه عورض بحديث: «فإذا وجبت فلا تبكين باكية». وجمع بينهما بأنه محمول على رفع الصوت، أو أنه مخصوص بالنساء؛ لأنه قد يفضي بكاؤهن إلى النياحة، فيكون من باب سد الذريعة".

الجمع بينهما ظاهر، بكاء منهي عنه مع الصوت، والذي فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وأذِن به من غير رفع صوت.

"وعن جابر أن النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- قال: «لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا»، أخرجه ابن ماجه، وأصله في مسلم، لكن".

زجر زجر.

"قال: زَجَرَ بالزي والجيم والراء عوض "نهى أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه". دلّ على النهي عن الدفن للميت ليلاً إلا لضرورة، وقد ذهب إلى هذا الحسن، وورد تعليل النهي عن ذلك بأن ملائكة النهار أرأف من ملائكة الليل في حديث قال الشارح: والله أعلم بصحته".

لا لا، ما يثبت هذا، ما يثبت، ما يثبت.

"وقوله: "وأصله في مسلم" لفظ الحديث الذي فيه: "أنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- خطب يومًا فذكر رجلاً من أصحابه قبض وكفن في كفن غير طائل".

من غير طائل نعم.

"وقُبِر ليلاً، وزجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه إلا أن يضطر الإنسان إلى ذلك". وهو ظاهر أن النهي إنما هو حيث كان مظنة حصول التقصير في حق الميت بترك الصلاة أو عدم إحسان الكفن، فإذا كان يحصل بتأخر الميت إلى النهار كثرة المصلين أو حضور من يُرجى دعاؤه، حسن تأخُّره، وعلى هذا فيؤخر عن المسارعة فيه لذلك ولو في النهار؛ ودل لذلك دفن علي -عليه السلام- لفاطمة -عليها السلام- ليلاً، ودفن الصحابة لأبي بكر ليلاً، وأخرج الترمذي من حديث ابن عباس: "أن النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- دخل قبراً ليلاً فأسرج له سراج، فأخذ من قبل القبلة فقال: «رحمك الله، إن كنت لأوّاهًا تلاءً للقرآن». الحديث، قال: هو حديث حسن، قال: وقد رخص أكثر أهل العلم في الدفن ليلاً. وقال ابن حزم: لا يدفن ليلاً إلا أن يضطر إلى ذلك. قال: ومن دفن ليلاً من أصحابه- صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- وأزواجه فإنه لضرورة أوجبت ذلك؛ من خوف زحام، أو خوف الحر على من حضر، أو خوف تغيّر، أو غير ذلك مما يبيح الدفن ليلاً. ولا يحل لأحد أن يظن بهم -رضي الله عنهم- خلاف ذلك، انتهى".

لحظة لحظة، بالنسبة للدفن ليلاً زجر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، والظاهر أن السبب في ذلك ما جاء في الخبر، أنهم قصروا في حق الميت، وكفنوه بكفن غير طائل، من أجل المسارعة في دفنه، امتثالاً لأمره بالمسارعة بدفنه، لكن التقصير في حقه إما برداءة الكفن، أو ترك الصلاة عليه، أو يصلي عليه عدد يسير، لا ينبغي أن يصلى عليه بالليل، لكن إذا اجتمع العدد الكافي، اجتمع العدد الذي يصلي عليه، ولا يرجى حصول زيادة في النهار في عدد المصلين، وغُسِّل الميت على الوجه الشرعي، وكُفِّن، ولم يشق على الناس، فلا بأس بالدفن ليلاً، وقد دفن جمع غفير من الصحابة بالليل، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، دُفن ليلة الأربعاء، دُفن أبو بكر أيضًا بالليل، وعائشة أيضًا أوصت بأن تدفن -رضي الله عنها- ليلاً، فلا مانع من الدفن بالليل، إلا إذا خُشي التقصير، أو مع رجاء أن يحضر للصلاة عليه أكثر ممن يحضر بالليل؛ لوجود المشقة على الناس، أما إذا توافر العدد المطلوب، أو خُشي تغيّر الميت؛ لكون الجو حارًّا مثلاً، ولو أخرناه للنهار تغيّر، فالمسارعة حينئذٍ تعيّن عليه أن يدفَن بالليل؛ لئلا يتغير، يحسن هنا إيراد حديث عقبة بن عامر، أظن أشار له الشارح، ثلاث ساعات كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، كذا؟

طالب: ................

اقرأها، نعم.

"(تنبيه) تقدم في الأوقات حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تضَيّف الشمس للغروب حتى تغرب"، انتهى. وكان يحسن ذكر المصنف له هنا".

نعم، حديث عقبة فيه الأوقات الثلاثة المغلظة، بخلاف حديث عمر وابنه وجمع من الصحابة في الوقتين الموسعين بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وهنا ثلاثة الأوقات المضيقة تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب، فالمجموع خمسة، جعلها الصنعاني ستة، فجعل ما قبل صلاة الصبح من طلوع الصبح إلى صلاة الصبح واحدًا، ومن طلوعها حتى ترتفع ثالثًا، وحين يقوم قائم الظهيرة، ومن صلاة العصر حتى تتضيف الشمس للغروب، ومن حين تضيف للغروب حتى تغرب ستة، لكن الأكثر على أن الأوقات خمسة، من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس هذا واحد، ومن طلوعها حتى ترتفع هذا الثاني، وحين يقوم قائم الظهيرة، والعصر اثنان، قد يقول قائل: لماذا لا نختصر ونقول: ثلاثة، ثلاثة فقط.

 طالب: ................

ماذا نقول؟

طالب: ................

 خمسة؟

من طلوع الشمس حتى ترتفع الشمس هذا واحد، وحين يقوم قائم الظهيرة هذا ما يمكن أن يضمنه شيء، ومن صلاة العصر حتى تغرب الشمس ثلاثة، نقول: لا، ما يمكن؛ لأن الأحكام المتعلقة بالأوقات المضيقة غير الأحكام المتعلقة بالأوقات الموسعة، فلا يمكن حينئذٍ مزجها، وإجمالها في ثلاثة، الأوقات المضيقة قلنا فيها إنه فيه نهي عن أمرين: الصلاة وعن الدفن، وإن كان بعضهم يرى أن المراد بالدفن هو صلاة الجنازة، بعضهم نقل الاتفاق على أن المراد بالدفن صلاة الجنازة، ولكن لا يصحّ نقل الاتفاق؛ لأن جمعًا من أهل العلم يرى أن المراد بالدفن هو قبر الميت، وإدخاله في قبره في هذه الأوقات.

طالب:...

نعم؟

طالب: ................

زيادة دفن نعم، ولذا لا يحسن ولا ينبغي إدراجها في الوقتين الموسعين.

"وَعَنْ عبد الله بن جَعْفَر -رضي اللَّهُ عَنْهُ- قال: لمّا جاءَ نَعْيُ جَعْفَر حين قُتِل قال رسول الله- صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَر طَعَاماً؛ فَقَدْ أَتَاهُمْ ما يُشْغِلُهُمْ»، أخْرجهُ الْخمسَةُ إلا النّسائيَّ.

فيه دليل على شرعية إيناس أهل الميت بصنع الطعام لهم؛ لما هم فيه من الشغل بالموت، ولكنه أخرج أحمد من حديث جرير بن عبد الله البجلي: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة". فيُحمَل حديث جرير على أن المراد صنعة أهل الميت الطعام لمن يدفن منهم ويحضر لديهم، كما هو عُرف بعض أهل الجهات، وأما الإحسان إليهم بحمل الطعام لهم فلا بأس به، وهو الذي أفاده حديث جعفر. ومما يحرم بعد الدفن العقر عند القبر؛ لورود النهي".

صنع الطعام لأهل الميت سنَّة أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن من غير مبالغة ولا مباهاة إنما يصنع لهم ما يكفيهم؛ لأنهم جاءهم ما يشغلهم، ولا تكون أوقات العزاء مثل أوقات الأفراح، من مدّ الأطعمة وتنويعها، لا، إنما يصنع لهم ما يكفيهم بحيث لا يكون فيه سرف، وليس فيه قدر زائد على الحاجة، أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنهم جاءهم ما يشغلهم.

 قد يقول قائل: هم ما يشتغلون، عندهم الخدم يشتغلون لهم في أوقات الأعياد، وفي الأوقات العادية، وفي أوقات العزاء ما عليهم نقص.

 نقول: انتشار السُّنَّة ولو كان عندهم من يكفيهم هذه المؤونة لا شك أنهم مشغولون بميتهم، من إحضار ما يحتاجه الطباخ، وأيضًا الطباخ معهم منشغل بموت سيده، أو قريب سيده، فلا يزاد في ذلك على القدر المحتاج إليه، فيدخل في باب الإسراف، وأما ما جاء عن جرير بن عبد الله أن صناعة الطعام يعد من النياحة، فالمراد به صنع الطعام من قِبَل أهل الميت للناس، فإذا صنعوا أهل الميت صنعوا لضيوفهم أو للمعزين طعام هذا نعم يدخل في النياحة، وإن كان من التركة تركة الميت، وفي الورثة من هو قاصر مُنع من ذلك، بل حَرُم؛ لأنهم تصرفوا فيما لا يملكون، فالتركة انتقلت إلى الوارث بما فيه من يملك التصرف، ومن لا يتصرف، المقصود أن صنع أهل الميت للطعام وهو موجود في كثير من الأقطار هذا هو من النياحة التي أشار إليها جرير بن عبد الله.

طالب:...

ما فيه مدة محددة، لكن الغالب أنهم ينشغلون مدة ثلاثة أيام غالبًا.

طالب: ................

لا لا، ما يزاد أحسن ما يزاد.

طالب:...

كيف؟ ما واقع هذا؟

طالب:...

نوع معين من الطعام؟

طالب: ................

لا، ما له داعٍ، كل ما يبعد عن الحزن يجدد مصيبة ولا يرتبط به، لا.

طالب:...

خرجه عندكم؟

طالب: ................

لا ثابت، ثابت، لكن انظر من رواه.

طالب: ................

 معروف معروف، لكن انظر من رواه.

طالب:...

جرير بن عبد الله: كنا نعد.

طالب:...

نعم، معروف. ما فيه إشكال.

طالب:...

كنا نفعل، كنا نقول مرفوع.

طالب: ................

صحيح.

" بعد الموت العقر عند القبر؛ لورود النهي عنه".

كان من عمل الجاهلية يأتون إلى قبر الميت فيعرقون عنده بهيمة الأنعام من إبل وبقر، ويعقرون جواده عنده.

طالب: ................

أين؟ المقصود أنه لهذا القبر سواء دُفِن أو دفع للفقراء أو تُرك.

طالب: ................

 لا، يبين لهم أنه كان يجود على الناس في حياته وبعد مماته، وهذا كله من عمل الجاهلية. نعم.

طالب:...

إظهار المصيبة أنهم مصابون، إن كان شيء عادي يعني مما يقدّم لأي إنسان يدخل من غير ترتيب فلا بأس. عادة الناس جرت بأنه الذي يدخل البيت يقدم له تمرًا وقهوة وشايًا عاديًّا، ما يدخل، لكن الولائم التي تعد من قِبلهم بلا شك أنها من هذا الباب.

طالب:...

كيف؟

طالب: ................

لا، ما يلزم، الاجتماع الحضور للعزاء ما هو باجتماع، لكن كونهم يجتمعون تيسيرًا على المعزي فلا بأس به، يعني لو قدِّر أن توفي شخص بالرياض، وله سبعة أولاد مثلاً، كل واحد بحي من أحياء الرياض، يشق على الناس، وتسهيل المستحب مستحب، كونهم يجتمعون في بيت واحد منهم كبيرهم مثلاً؛ من أجل ألا يشق على الناس، ويبعد عنهم، جاء من عزى مصابًا له مثل أجره.

طالب:...

نعم.

طالب: ................

هذا حرام حرام، أقول: هذا حرام، إن كان له عمل يرده من الجلوس يمنعه من الجلوس.

طالب: ................

 كيف؟

طالب:...

لا لا، يعينهم على الطاعة، التعزية، أجر من عزى مصابًا فله مثل أجره، مثل هذا إعانتهم على هذا العمل أمر مطلوب، كما أنه بنفسه مطلوب، هذا ما لا يتم المستحب إلا به، لكن لو قدّر أنه عنده عمل يعطل عمله من أجل هذا نقول: لا.

"فإنه أخرج أحمد وأبو داود من حديث أنس: أن النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- قال: «لا عقر في الإسلام».

قال عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة، قال الخطابي: كان أهل الجاهلية يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد يقولون: نجازيه على فعله؛ لأنه كان يعقرها في حياته فيطعمها الأضياف، ونحن نعقرها عند قبره حتى تأكلها السباع والطير، فيكون مطعمًا بعد وفاته كما كان يطعم في حياته. ومنهم من كان يذهب إلى أنه إذا عقرت راحلته عند قبره حشر في القيامة راكبًا، ومن لم يعقر عنده حشر راجلاً، وكان هذا على مذهب من يقول منهم بالبع، فهذا فعل جاهلي محرم".

لا شك، لا شك.

"وعن سلمان بن بريدة".

سليمان، سليمان.

"وعن سليمان بن بريدة هو الأسلمي روى عن أبيه وعمران بن حصين وجماعة، مات سنة خمس عشرة ومائة، عن أبيه أبي بريدة، قال: قال: كان رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- يعلمهم أي الصحابة إذا خرجوا إلى المقابر أي أن يقولوا: «السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية». رواه مسلم، وأخرجه أيضًا من حديث عائشة، وفيه زيادة: «ويرحم الله المتقدمين منا والمتأخرين». والحديث دليل على شرعية زيارة القبور، والسلام على من فيها من الأموات، وأنه بلفظ: السلام على الأحياء".

إلا أنه بالنسبة للأحياء جاء معرفًا، وجاء منكرًا، جاء السلام عليكم، وجاء سلام عليكم، سلام الملائكة على إبراهيم إلى آخره.