بلوغ المرام - كتاب الصلاة (20)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
"وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: ((وما ذاك؟)) قالوا: صليت كذا وكذا، قال: فثنى رجليه ثم استقبل القبلة، فسجد سجدتين ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ((إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين)) متفق عليه. وفي رواية للبخاري: ((فليتم ثم يسلم ثم يسجد)) ولمسلم: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام" ولأحمد وأبي داود والنسائي من حديث عبد الله بن جعفر مرفوعاً: ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) وصححه ابن خزيمة".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب سجود السهو: "وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟" لأنه صلى مع شيء من الزيادة أو النقص، فسئل عن ذلك ولم ينبهوه أثناء الصلاة إلا بعد أن سلم "فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: ((وما ذاك؟)) قالوا: صليت كذا وكذا" لم يبين الخلل الذي وقع في الصلاة بسبب النسيان والسهو "قال: فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم" يعني بعد أن سلم السلام الأول سجد سجدتين "ثم سلم، ثم أقبل" على الناس "بوجهه -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به)) وهذا من البيان اللازم الذي أداه النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أمر، بلغ البلاغ المبين، ولا يؤخر البيان -عليه الصلاة والسلام- عن وقت حاجته، لو حدث في الصلاة تغيير زيادة أو نقص بكمية أو كيفية نبأهم به -عليه الصلاة والسلام-، ((إنه لو حدث في الصلاة شيء نبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر)) هو بشر -عليه الصلاة والسلام- ينتابه ما ينتاب البشر، مع أنه معصوم -عليه الصلاة والسلام-، ثم بين وجه المثلية بينه -عليه الصلاة والسلام- وبينهم فقال: ((إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى مثلكم أنسى كما تنسون))، جاء في الحديث الصحيح: ((لا تقولوا: نَسِيت آية كذا وكذا ولكن نُسِّيت)) وهنا يقول: ((أنسى كما تنسون)) يعني هل هذا من ذاك أنسَّى كما تنسَّون؟ أو ذاك خاص بالقرآن؟ يعني لا تقول: نسِيت آية كذا وكذا قل: نسِّيت أو أنسيت، لا تنسب النسيان إلى نفسك بالنسبة للقرآن، أما في غير القرآن فانسبه لنفسك، لماذا؟ النهي صريح بالنسبة للقرآن؛ ولئلا يدخل الإنسان إذا نسب النسيان لنفسه في القرآن في قوله -جل وعلا-: و{كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طـه] لكن فيما عدا القرآن قل: نسيت، وأنت محل للنسيان.
ولذا قال: ((إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون)) ونسيانه -عليه الصلاة والسلام- من أجل التشريع، وهذا من رحمة الله -جل وعلا- بالأمة, ((فإذا نسيتُ فذكروني)) ليترتب على هذا النسيان التعليم والبيان بالفعل إضافةً إلى البيان بالقول، فإذا تضافر القول مع الفعل ثبت العلم ورسخ، وإلا بالإمكان أن يشرح النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه الأمور بقوله -عليه الصلاة والسلام- دون أن يقع له شيء من النسيان، لكن ليتضافر التعليم بالقول والفعل تسلية للأمة، وبعض أهل العلم -وإن كان الجمهور على خلافه- يقرر أن الذي ينسى ويسهو في صلاته أكمل ممن لا ينسى ولا يسهو {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [(5) سورة الماعون] ولم يقل: الذين هم في صلاتهم ساهون، لماذا صار الذي يسهو في صلاته أكمل من الذي لا يسهو عند هؤلاء؟ وإلا لا شك أن السهو نقص يعتري الإنسان وليس بكمال، لكن بما يبرر ويعلل من يقول: إن الذي يسهو أكمل من الذي لا يسهو؟ يعني كونه حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- قضايا أربع أو خمس قضايا سها فيها في صلاته هل يعني هذا أن هذه هي القاعدة المطردة أو أن هذا خلاف الأصل؟ هذا خلاف الأصل؛ لما أشرنا إليه، لكن يبقى أن الذي يسهو في صلاته والذي لا يسهو الأكثر على أن الذي لا يسهو في صلاته هذا دليلٌ على أنه أقبل على صلاته، وأحضر قلبه في صلاته، لكن حجة من يفضل الذي يسهو على الذي لا يسهو أنه قد أقبل على لب الصلاة وترك ظاهر الصلاة، يعني الذي لا يسهو ضبط الأركان، ضبط الركوع والقيام والقعود وعدد الركعات وكذا، لكن هل يعني هذا أنه ضبط ما يقرأه وما يجري على لسانه من ذكر؟ واستشعر استشعاراً تاماً أنه بين يدي الله -عز وجل- فغفل عن ظاهر الصلاة؟ ترى المسألة فيها شيء من الدقة يا الإخوان.
الجمهور على أن الذي يضبط صلاته ولا يسهو بصلاته، ويقبل على صلاته بقلبه وقالبه، ويتقن ظاهرها وباطنها أكمل بلا شك، لكن من يقول: إن الذي لا يسهو في صلاته أكمل وأفضل يقول: إن الذي لا يسهو في صلاته اهتم لظاهر الصلاة، اهتم للأعداد؛ لأنه لو اهتم للبها، وأقبل على ما يقرأه، وما يجري على لسانه من ذكر بقلبه لا بد وأن يغفل عن ظاهر الصلاة، لكن لا يمنع أن الإنسان يكون أكمل هذا كله، أن يضبط ظاهر الصلاة وباطن الصلاة لا يمنع، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وليس في مثل هذا القول تسلية لمن يدخل بجسمه في الصلاة دون أن يحضر قلبه في شيء منها؛ لأنه ليس له من صلاته إلا ما عقل، ليس له من صلاته إلا ما عقل، قد يخرج من الصلاة وليس له من صلاته شيء، ومع ذلكم لا يؤمر بإعادتها؛ لأنه جاء بها بشروطها وأركانها، لكنه ما عقل منها شيء ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) فالذي لا يسهو في صلاته ويضبط صلاته ظاهراً وباطناً أكمل وأشمل بلا شك، والذي يعتني بظاهر الصلاة ويضبط عدد الركعات ويغفل عن محتوى الصلاة ولب الصلاة هذا نقص بلا شك، بل هو نقص أشد ممن يقبل على صلاته بقلبه وينسى ظاهرها، وليس هذا من علم من يفرق بين الظاهر والباطن، لا، هما متلازمان في الأصل، لكن لا شك أن ما يتعلق بالقلب أولى مما يتعلق بالجوارح، لا سيما إذا لم يكن المتعلق بالجوراح من الأركان.
ظهرت المسألة وإلا ما ظهرت؟ لأن فيها شيء من الخفاء، فيها شيء من الدقة، كيف يقول قائل: إن الذي يسهو في صلاته أكمل؟ يقول: ما سها في صلاته وزاد ونقص إلا لانشغاله بلب الصلاة، والذي ينشغل بشيء لا بد أن يكون على حساب شيء، فإذا انشغل بظاهر الصلاة وفي الغالب أن الذي ينشغل بظاهر الصلاة بحيث لا يزيد فيها ولا ينقص مع انصرافه عن باطنها أن في إخلاصه شيء، قد يكون إمام ويلاحظ المأمومين أكثر من ملاحظته لمن وقف بين يديه، ألا يمكن أن يوجد مثل هذا؟ يوجد.
وعلى كل حال على الإنسان أن يقبل ويتمثل أنه بين يدي الله -عز وجل-، فيقبل على صلاته مخبتاً منيباً إلى الله -عز وجل-، يستحضر ما يفعل وما يقول.
((فإذا نسيت فذكروني)) يدل على أن المأموم عليه أن ينبه الإمام إذا حصل في صلاته خلل، ويفتح عليه إذا أخطأ، إذا أخطأ في القراءة يفتح عليه، خلافاً لابن حزم الذي يقول: يتركه، وإذا أخطأ في شيء من الصلاة يسبح، والمرأة تصفق كما جاء التوجيه النبوي بذلك.
((فإذا نسيت فذكروني)) يذكر بالتسبيح بالنسبة للرجل، والتصفيق بالنسبة للمرأة، وماذا عن الخنثى يسبح وإلا يصفق؟ المقصود المشكل الذي لم يتبين أمره لا رجل ولا أثنى، يصفق هل هو امرأة يصفق؟ أو يسبح وليس برجل؟... نشوف شكله الظاهر، هو ما يدري، أمره مشكل له ذكر وآلته أنثى، أو يترك الإمام بدون....؟
طالب:......
بينهم بينهم الخناثى، بين الرجال والنساء.
طالب:......
نعم، إذا كان صوته فيه فتنة يصفق وإلا..؟ على كل حال الحديث المفصل: ((يسبح الرجال، ويصفق النساء)) لعل الخنثى يدخل في عموم ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) هذا نابه شيء في صلاته، ما الذي أخرج المرأة أخرجها النص، ما الذي يخرج الخنثى من هذا؟ من عموم ((من نابه))؟ ما فيه ما يخرج، فهو داخل في عموم ((من نابه)).
((فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب)) إذا شك يعني على حد سواء يتحرى الصواب، فيبني على غالب ظنه، يبني على غالب ظنه إن وجد غالب الظن، وإلا فليبنِ على الأقل؛ لأنه متيقن، لكن قد يقول قائل: هل أقتدي بمن بجواري إذا كنت مسبوق؟ مسبوق لا أدري كم فاتني ركعتين، لكن ما أدري أنا صليت ركعة وإلا ركعتين؟ أقتدي بمن بجواري الذي دخل معي المسجد وفاته مثل ما فاتني؟ نعم هذا مرجح لفعله تحصل غلبة ظن، وحينئذٍ إذا فعلت ذلك فعليك أن تسجد بعد السلام.
((وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين)) متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: ((فليتم ثم يسلم ثم يسجد)) يعني ليكون سجوده بعد السلام "ولمسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام" في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين ما يشهد لذلك، أنه سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام.
وسبقت الإشارة إلى الخلاف في موضع سجود السهو، وأن من أهل العلم من يقول: إن جميع السجود للسهو بعد السلام، ومنهم من يقول: إن جميعه قبل السلام، وأن ما جاء من السجود بعد السلام كله منسوخ، كما يومئ إليه كلام الشافعي -رحمه الله-، ومنهم من يقول: هو بالخيار لأن النصوص جاءت بهذا وهذا، ولا يمكن ضبطها واندراجها وتقليدها، فالمصلي مخير إن شاء قبل السلام وإن شاء بعده، ومنهم من يقول: هو قبل السلام وما جاء من الصور بعده يقتصر عليها، وعلى كل حال الأمر فيه سعة.
ثم قال -رحمه الله-: "ولأحمد وأبي داود والنسائي من حديث عبد الله بن جعفر مرفوعاً: ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) هذا حديث خرجه الإمام أحمد وأبو داود ومن ذكر بسند ضعيف، سنده ضعيف ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) شك في صلاته، كيف شك في صلاته؟ إذا شك في صلاته هل صلى ثلاث أو اثنتين فيبني على الأقل ويسجد حينئذٍ، إذا شك في صلاته شك هذا الشك يشمل جميع أجزاء الصلاة ما يسجد له وما لا يسجد له، إذا شك في شيء لا سجود له، شك في الإتيان بسنة مثلاً هل يسجد أو لا يسجد؟ لا يسجد، عوم الحديث هنا: ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم)) هذا فيه ما فيه؛ لأنه ليس كل أجزاء الصلاة يسجد لها، ولذا ضعف الحديث عند أهل العلم.
أحسن الله إليك:
"وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شك أحدكم فقام في الركعتين فاستتم قائماً فليمض وليسجد سجدتين، فإن لم يستتم قائماً فليجلس ولا سهو عليه)) رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني، واللفظ له بسند ضعيف".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن المغيرة بن شعبة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شك أحدكم فقام في الركعتين)) هل هذا شك؟ ((إذا شك أحدكم فقام في الركعتين)) يعني إذا ترك التشهد الأول ((فقام في الركعتين)) بعد أن صلى ركعتين ترك التشهد الأول فقام فهذا شك، هل هذا شك أو ترك؟ ما هو بشك، سجد السجدة الثانية من الركعة الثانية فقام ((فقام في الركعتين فاستتم قائماً)) ولذلك يقولون: سجود السهو إنما يشرع لزيادة ونقصٍ وشك، هذا نقص وليس بشك ((إذا شك أحدكم فقام في الركعتين فاستتم قائماً فليمضِ)) أو نقول: إنه في أثناء سجوده شك هل هي الأولى أو الثانية؟ ثم قام تاركاً التشهد الأول بناءً على شكه السابق يحتمل ((فقام في الركعتين فستتم قائماً فليمضِ)) ولا يعود ((وليسجد سجدتين، فإن لم يستتم قائماً فليجلس ولا سهو عليه)) رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني، واللفظ له بسند ضعيف" بل ضعيف جداً؛ لأن مداره على جابر الجعفي، على جابر الجعفي وهو ضعيفٌ جداً.
الألباني -رحمه الله تعالى- صححه للشواهد، لكنه لا يصل إلى درجة القبول، أبو داود -رحمه الله- يقول في سننه: إنه لم يخرج لجابر الجعفي في غير هذا الموضع، وجابر الجعفي معروف وضعه، ضعيف جداً، فالحديث ضعيف.
على كل حال، لكن مقتضاه أن من ترك التشهد الأول ترك التشهد الأول استتم قائماً إن شرع في القراءة له حكم، إن لم يشرع في القراءة له حكم، إن لم يستتم قائماً له حكم، إن شرع في القراءة حرم الرجوع، إذا استتم قائماً ولم يشرع في القراءة يكره الرجوع، إذا لم يستتم قائماً يلزمه الرجوع.
((فليمضِ)) ولا يعود ((وليسجد سجدتين، فإذا لم يستتم قائماً فليجلس ولا سهو عليه)) يعني مجرد الحركة اليسيرة، حركة يسيرة في الصلاة مجرد انتقال يسير ثم يعود إلى الجلوس، يقول: مقتضى الحديث أنه لا سهو عليه ولا يسجد، وإنما السجود لترك التشهد لا للانتقال فقط، هذا مقتضى الحديث وعرفنا ضعفه، ومن أهل العلم من يقول: إذا كان الحديث ضعيف بهذه المثابة لا يتكلف اعتباره، ولا يبين معناه، وجوده مثل عدمه، لكن لا يمنع أنه يبين معناه ويبين ما يدل عليه، ومع ذلك ينبه على ضعفه، وأنه لا يستنبط منه حكم، لكن على فرض ثبوته وعلى فرض فيما لو ثبت فيما يوجد له من شواهد.
أحسن الله إليك:
"وعن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه)) رواه البزار والبيهقي بسند ضعيف".
يقول: "رواه الترمذي والبيهقي بسندٍ ضعيف" هو لا يوجد في الترمذي، عزوه للترمذي وهم، وهل هذا العزو من الحافظ أو من النساخ؟ احتمال؛ لأن شمس الحق في تعليقه على الدارقطني قال: رواه البزار والبيهقي كما في بلوغ المرام، فدل على أن الخطأ في العزو من دون الحافظ، يعني من النساخ.
وعلى كل حال إغفال ما يوجد في أكثر النسخ خلل في التحقيق، وكون الحديث لا يوجد عند الترمذي لا يعني أن المؤلف لا يهم، وقد مر بنا من أوهامه شيء، وسيأتي كذلك أشياء، وعلى هذا ينبغي أن ينبه المحقق إلى الخطأ، ويذكر الصواب في الحاشية، ويترك الكتاب على ما هو عليه.
نعم له وجه هنا أنه في بعض النسخ دون بعض، ويعتمد على ما شاء من النسخ له وجه، لكن كونه لا ينبه على أن بعض النسخ فيها الترمذي، والشارح مضى على هذا وهو خطأ، الحديث لا يوجد في الترمذي، وليس عدم وجود الحديث في المصدر الذي أحيل إليه مبرر لأن يحكم بالخطأ، قد يوجد في بعض الروايات عند الترمذي دون بعض، وهل المحقق اطلع على جميع الروايات؟ لا أعني أنه يوجد في باب دون باب عند الترمذي، الكتب تروى بروايات متعددة، كم من حديث ينسب إلى البخاري وهو في رواية كذا دون رواية كذا، ثم يجزم المحقق أنه وهم، لا ليس بوهم، مثله مسلم وأبو داود توجد في رواية ابن داسا ولا توجد عند ابن العبد، توجد عند اللؤلؤي ولا توجد عند غيره.
المقصود على من يتصدى لتحقيق الكتب أن يتلزم الأمانة، وأن يترك الكتاب كما هو ويعلق عليه؛ لأنه قد يتبادر إلى ذهنه شيء يراه صواباً وهو في الحقيقة ليس بصواب، يزداد الأمر سوءً إذا لم يشر إلى اللفظ المخالف، وكم من موضع صُحح الموضع الذي في الحاشية، وصار أصوب وأرجح مما أثبته المحقق، لكن الأمر سهل إذا أثبت في الحاشية فرق، لكن إذا حذف الفروق وأهملها، وألزم الناس بفهمه هذه مشكلة، هذه يترتب عليها مسخ للكتب، تصرف في كتب الناس، هذا خلاف الأمانة، هذه خيانة، ولو رآه وهماً خطأً لا يجزم به.
يقول: "وعن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه)) إذا سها الإمام يسجد ويسجد من خلفه، سها الإمام فترك واجب والمأموم ما ترك هذا الواجب يلزمه أن يتابع الإمام، المأموم ترك واجب والإمام ما ترك الواجب يتابع الإمام، هذا أمر مقرر عند أهل العلم، وليس على المأموم سهو فيما تركه إن لم يكن مما يبطل الصلاة، إن ترك ركن فلا بد أن يأتي به، إن شك في ترك ركن فكتركه، لكن إذا ترك واجب يتحمله الإمام وليس عليه سهو، وإن قالت الهادوية أنه يسجد ما له علاقة بالإمام، إذا سها المأموم يسجد ولو لم يسهُ إمامه، ولكن جماهير أهل العلم على خلافه.
والحديث ضعيف، الحديث ضعيف؛ لأن مداره على خارجة بن مصعب وهو ضعيف عند أهل العلم.
نعم الحديث الذي يليه:
"وعن ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لكل سهو سجدتان بعدما يسلم)) رواه أبو داود وابن ماجه بسند ضعيف".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ثوبان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لكل سهو سجدتان بعدما يسلم)) لكل سهو سجدتان "رواه أبو داود وابن ماجه بسند ضعيف" في إسناده إسماعيل بن عياش، فيه مقال لأهل العلم، لكن روايته عن أهل بلده صحيحة، وهذا من روايته عن أهل بلده، فتضعيف الحديث بسببه فيه نظر، لكن الحديث ضعف بسبب غيره، في إسناده أيضاً: زهير بن سالم العنسي وهو منكر الحديث، ومع ذلكم لم يسمع من ثوبان، فالحديث على كل حال ضعيف.
ومقتضى الحديث لو ثبت أن لكل سهو سجدتان، الظاهر منه أن سجود السهو يتكرر بتكرر السهو، سها مرة يسجد سجدتين، سها مرتين يسجد أربع، سها ثلاث يسجد ست، هذا مقتضى الحديث، لكن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة.
أحسن الله إليك:
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سجدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الإنشقاق] و{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [(1) سورة العلق] رواه مسلم".
هذا من أحاديث سجود التلاوة، وأحاديث سجود التلاوة تشملها الترجمة؛ لأن المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: "باب: سجود السهو وغيره" يدخل في ذلك سجود التلاوة وسجود الشكر على ما سيأتي، ومقتضى إدخال سجود التلاوة وسجود الشكر في أبواب الصلاة أنه يسجد للتلاوة داخل الصلاة، وأنه يسجد للشكر عند تجدد النعم داخل الصلاة، وسجدة (ص) سجدة شكر على ما سيأتي، فتسجد داخل الصلاة، هذا مقتضى صنيع المؤلف وكثير من أهل العلم، وإن قال بعضهم: إن سجود الشكر لا يسجد في الصلاة؛ لأن وقته واسع، عند تجدد النعم يسجد لكن خارج الصلاة، أمره أوسع من سجود التلاوة؛ لأن التلاوة قد تكون في الصلاة، وهي سنة تفوت، وسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة وخارج الصلاة.
يقول -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سجدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الإنشقاق] و{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [(1) سورة العلق] رواه مسلم" سجود التلاوة سنة عند الجمهور، وأوجبه أبو حنيفة، وإليه ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، الوجوب، والقرآن فيه سجدات اختلف في عددها أهل العلم، مجموعها خمس عشرة سجدة: في الأعراف في أول موضع، ثم الرعد، ثم النحل، ثم الإسراء، ثم مريم، ثم الحج اثنتان، ثم الفرقان، ثم النمل، ثم {ألم} السجدة، ثم بعد ذلك ص، ثم {حم} السجدة، ثم النجم، ثم الانشقاق، ثم اقرأ، خمس عشرة سجدة، في الحج منها سجدتان على ما سيأتي.
هذه الخمس عشرة قال جمعٌ من أهل العلم بأنها كلها عزائم تسجد، أخرج بعضهم سجدة (ص) فقال: سجدة شكر وليست من عزائم السجود كما سيأتي، فيبقى سجود التلاوة في أربعة عشر موضعاً، وأخرج بعضهم السجدة الأولى من سورة الحج، وأخرج مالك سجدات المفصل الثلاث، وحديث الباب يرد على من يخرج سجدات المفصل؛ لأن هاتين السجدتين في الفصل، المفصل كما هو معلوم يبدأ بالسُبع الأخير من القرآن، المفصل من (ق) يبدأ، تقسيم السلف للقرآن إلى أسباع: ثلاث، ثم خمس، ثم سبع، ثم تسع، ثم إحدى عشرة، ثم ثلاثة عشرة، ثم المفصل، هذا تسبيع القرآن عند أهل العلم، وهذا يعتني به من يقرأ القرآن في سبع، كيف ثلاث؟ البقرة، آل عمران، النساء، خمسة أجزاء، ثم خمس: المائدة، الأنعام، الأعراف، الأنفال، التوبة، السبع الثاني، ثم سبع: تنتهي بالنحل، ثم تسع: تنتهي بالفرقان، ثم إحدى عشرة، ثم ثلاث عشرة، إلى يس، ثم إلى (ق) ثم إلى آخر القرآن، هذا التسبيع عند أهل العلم.
حزب المفصل الذي هو نصيب آخر يوم في الأسبوع فيه ثلاث سجدات، يبدأ من (ق)، وبعضهم يقول من الحجرات، لكن الأكثر على أنه من (ق) هذا الحزب فيه ثلاث سجدات، سجدة النجم، {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}.
الحديث هذا الذي معنا وهو مخرجٌ في مسلم يرد على من يخرج سجدات المفصل كالمالكية، فالسجود في المفصل مشروع كغيره من سجدات القرآن، وعرفنا أن سجود التلاوة سنة عند الجمهور، وأوجبه أبو حنيفة، وهل هو صلاة يطلب له ويشترط له ما يشترط للصلوات أو لا؟ فيدخل في حديث: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ؟)) يشترط له سترة؟ يشترط له استقبال؟ يفتتح بالتكبير يختتم بالتسليم؟ هذا قول معتبر عند أهل العلم.
لكن من أهل العلم يقول: إن السجدة المفردة ليست بصلاة، فلا يشترط لها ما يشترط للصلاة، وقد نقل الإمام البخاري عن ابن عمر أنه ينزل من راحلته فيقضي حاجته ثم يركب، فيقرأ القرآن ويسجد على غير طهارة، فدل على أن شروط الصلاة لا تشترط بالسجدة المفردة، وهل يسجد للتلاوة في أوقات النهي؟ الذي يقول: ليس بصلاة يقول: يسجد، يسجد في أوقات النهي؛ لأنه ليس بصلاة، فلا يشترط له ما يشترط للصلاة، ولا يمنع في أوقات النهي كما تمنع الصلاة؛ لأنه ليس بصلاة، لكن هاهنا دقيقة وهي أن الصلاة إنما منعت في أوقات النهي لماذا؟ لأن الكفار عند طلوع الشمس وعند غروبها يسجدون، فمنعنا من الصلاة؛ لئلا نسجد في هذا الوقت، فلماذا لا يمنع السجود في وقت النهي؟ يعني أجزاء الصلاة ليست بصلاة، أجزاء الصلاة ركعة مفردة ليست بصلاة، سجدة مفردة ليست بصلاة، قيام مفرد ليس..، تلاوة مفردة ليست..، تسبيح ليس بصلاة، تكبير مفرد ليس بصلاة، هذا قول الأكثر الذين يقولون: ليس بصلاة، بل قول كثير من أهل العلم.
أما الذين يقولون: إن السجود صلاة فمنعنا من الصلاة من أجل السجود لأنه مشابهة للكفار، فلا يسجد في وقت النهي، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الآن نسجد وإلا ما نسجد؟ الذين قرروا أن سجود التلاوة ليس بصلاة ما في مشكلة عندهم يسجدون، كما يقرؤون القرآن في وقت النهي وهو جزء من الصلاة، كما يقف الإنسان وهو جزء من الصلاة، هو لا يقصد صلاة بهذا، فليس بصلاة.
يعني هذه من الدقائق نظير منع المرأة من السعي الشديد بين العلمين في المسعى، نظيره، والسعي إنما شرع بسبب سعي امرأة، يعني بالنسبة لنا اقتداؤنا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- أنه سعى سعياً شديداً، هذا ما فيه إشكال، لكن إذا نظرنا إلى السبب والعلة كون امرأة سعت في هذا الموضع وتمنع المرأة من السعي، وهنا منعنا من الصلاة في أوقات النهي لئلا نسترسل فنصلي إلى أن نصادف الوقت الذي يسجد فيه المشركون للشمس أو للشيطان الذي.....، للشمس، ويتمثل الشيطان مع طلوع الشمس ليصور أنهم يسجدون له، إذاً نسجد وقت النهي وإلا ما نسجد؟ هل نسجد باعتبار أننا منعنا من الصلاة لأن السجود لئلا نشابه المشركين الذين يسجدون للشمس أو لا نسجد لأن السجود بمفرده ليس بصلاة؟ وثابت عن ابن عمر أنه يسجد من غير طهارة، لا تقل: إلى غير جهة الشمس، أنت لا تنظر إلى الشمس لا من قريب ولا بعيد، ولم تدر بخلدك الشمس، يعني ما دار في بالك أنك تسجد للشمس.
الكفار المجوس يعبدون النار، ولذا كره جمع من أهل العلم الصلاة إلى النار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاة الكسوف مثلت له النار في قبلته، نعم الذي بيستشعر أنه بيسجد للنار أو يسجد إلى العصا المنصوب أو يسجد إلى السارية، ولذا جاء النهي عن الصمود للسارية لئلا يتصور أنه يسجد لها، الذي بيدور في نفسه هذا الإشكال لو صارت خلفه، أو في أي وقت لا يلزم أن يكون في وقت معين، لكن المسلم يسجد لله بلا شك، هو منع من الصلاة فنقف على هذا الحد، هو ممنوع من الصلاة في أوقات النهي كما تقرر، وبيناه مراراً.
على كل حال الذي يقول: هو صلاة نحن ممنوعون من الصلاة، الذي يقول: سجود التلاوة صلاة نحن ممنوعون من الصلاة، الذي يقول: ليس بصلاة يسجد كيفما شاء، حتى لو سجد إلى غير القبلة، سجد بغير طهارة، سجد من غير سترة المهم يسجد، يعني مثل القراءة، القراءة جزء من الصلاة لكنه ليس بصلاة، القيام جزء من الصلاة لكنه ليس بصلاة، فيقرأ في وقت النهي، يقف في وقت النهي، ويش المانع؟ يعني في الوقتين المضيقين اللي هو وقت الطلوع ووقت...، نعم لو أمسك الإنسان في الأوقات المضيقة عن جميع ما يشمله مسمى الصلاة هذا الأصل، والله المستعان.
أحسن الله إليك:
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "(ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها" رواه البخاري".
حديث "ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (ص) ليست من عزائم السجود" يعني سجدة (ص) {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص:24] خر راكعاً: المراد بالركوع هنا السجود، يأتي الركوع ويراد به السجود كما هنا، ويأتي السجود ويراد به الركوع ((من أدرك سجدةً من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) يقول الراوي: والسجدة إنما هي الركعة، فيطلق الركوع كما هنا يراد به السجود والعكس، فالسجدة التي في سورة (ص) ليست من عزائم السجود، وإنما هي سجدة شكر.
جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بسندٍ لا بأس به أنه قال: ((سجدها داود توبة، وسجدناها شكراً)) "وقد رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها" يسجد فيها شكراً لله -عز وجل-: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [(90) سورة الأنعام] نعم نحن مأمورون بالاقتداء بالأنبياء فيما لم يرد شرعنا بخلافه، وقد سجدها النبي -عليه الصلاة والسلام-، هي سجدة شكر، لكن هل تسجد في الصلاة أو لا تسجد؟ الحنابلة يبطلون الصلاة بها، إذا سجد سجدة (ص) داخل الصلاة تبطل الصلاة؛ لأن أمر الشكر واسع، لكنه في مثل هذه الصورة، يعني أمر الشكر عند تجدد نعمة واسع غير مرتبط بصلاة، بقراءة، بشيء، لكن هذه مرتبطة بقراءة أشبهت سجود التلاوة، ولهذا يرى جمع من أهل العلم أنها تسجد حتى في الصلاة سجدة (ص) وإن لم تكن من عزائم السجود
نعم ترك السجود فيها أسهل من ترك السجود في غيرها، وإن كان الجميع سنة، فعزائم السجود آكد من مثل هذه السجدة التي هي سجدة شكر وليست من العزائم، عزائم السجود يعني المؤكدة السجدات المؤكدة التي هي للتلاوة.
أحسن الله إليك:
"وعنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد بالنجم" رواه البخاري.
وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: قرأت على النبي -صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد فيها" متفق عليه".
يقول: "وعنه" أي عن ابن عباس صحابي الحديث السابق "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد بالنجم" يعني السجدة التي في آخر سورة النجم، وهي من سجدات المفصل، وهي من العزائم عند الجمهور خلافاً للمالكية "سجد بالنجم" وسجد معه من حضر حتى من المشركين، فهذه السجدة من العزائم.
لكن السجود فيها ليس بواجب بدليل الحديث الذي يليه، حديث: "زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد فيها" متفقٌ عليه" المستمع حكمه حكم القارئ عند أهل العلم، فيسجد المستمع لقراءة القارئ، إذا سجد القارئ يسجد المستمع، ومنهم من يشترط: أن تصح إمامة القارئ للمستمع؛ لأنه حينئذٍ إذا سجد لقراءته كأنه إمام، فيشترط له ما يشترط في الإمام.
النبي -عليه الصلاة والسلام- سجد بسورة النجم، وسجدوا معه، استمعوا لقراءته فسجدوا، هنا زيد بن ثابت قال: "قرأتُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد فيها" لأن من يقرئ الناس القرآن -يلقن الناس القرآن- إذا كان يلقنهم سورة أو مقطع فيه سجدة، واحتاج إلى تكرار هذا المقطع، أحياناً يحتاج إلى تكراره عشر مرات من أجل أن يحفظه الطالب، هذه يحتاجها أهل الحلق، حلق التحفيظ، عنده طفل صغير يقرئه سورة، اقرأ مثلاً، إذا انتهت السورة يسجد وإلا ما يسجد؟ إذا كررها ثانية وثالثة وعاشرة يسجد وإلا ما يسجد؟ أو نقول: السجود إذا قصدت التلاوة مع قصد التعليم؟ يعني هل السجود للتلاوة لقصد التلاوة أو يشمل ذلك التعليم أيضاً؟ شخص يكرر مقطع ليحفظه، وبطيء الحفظ كرر المقطع مائة مرة، وفيه سجدة يسجد مائة مرة؟ أو لا يسجد أصلاً لأنه لم يقصد التلاوة وإنما قصد الحفظ؟ أو يسجد مرة واحدة وتكفيه؟ يسجد مرة واحدة، يعني المسبب لا يتكرر الدور بسببه، يعني لو تردد على المسجد عشر مرات في وقت واحد لا يصلي ركعتين؟
طالب:.......
هو الآن الكلام كله في السنية، لو لم يسجد ما أثم، لو لم يسجد لم يأثم عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة، عند أبي حنيفة يأثم، لكن الآن التلاوة غير مقصودة، هو أراد أن يقرئ هذا الطفل سورة {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الإنشقاق] أو {اقْرَأْ} [(1) سورة العلق] هذا الطفل من النوع البليد الذي لا يحفظ حتى يكرر مائة مرة، يقرأها عليه مائة مرة، أو يريد هو يحفظها بنفسه مقطع فيه سجدة فكرره مائة مرة يسجد مائة مرة أو يسجد مرة أو لا يسجد أصلاً؟
هنا يقول: "قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النجم فلم يسجد فيها" هل نقول: إن مسألة الإقراء والقراءة والتعليم يختلف عن قصد التلاوة؟
طالب:......
لا، المسألة افترضناها في شخص يقرأ بنية الحفظ بيحفظ أو التعليم يلقن يلقن تلقين، يعني لو سجد مرة واحدة تكفيه؟ نقول له: يسجد مرة واحدة وتكفيه، ويحصل ثواب سجدة التلاوة وتكفيه، في صحيح مسلم يقول: "كنت أقرأ على أبي في السدة، فإذا مررنا بآية سجدة سجد وسجدتُ معه"، أو ما يذكر هذا في برامج الذين يحفظون؛ لأنهم لا يذكرون إلا المرفوعات، وهنا نقول لطلاب العلم الذين يعتمدون على المختصرات، على طالب العلم أن يتولى الاختصار بنفسه؛ ليكون علمه بما حُذف كعلمه بما ذُكر، يتولى الاختصار بنفسه؛ لأن المختصر قد يحذف شيئاً أنت بأمس الحاجة إليه.
على كل حال القراءة بنية التعليم تختلف عن القراءة بنية التلاوة، لكن لو سجد مرة واحدة، وحصل الأجر المرتب على هذه السجدة، وخروجاً من خلاف من أوجب السجود كان أولى، لكنه لا يلزم بأن يسجد عدد القراءات، عدد التلاوات، لا؛ لأن بعض الناس يشق عليه أن يسجد مائة مرة، يمكن بعض الإخوان ما يتصور أن بعض الناس ما يحفظ إلا من مائة مرة {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} [(4) سورة الجمعة] بعض الناس يحفظ من مرة، وبعض الناس لا يحفظ إلا من..، وبعض الناس لا يحفظ البتة، لكن المشقة تجلب التيسير.
أحسن الله إليك:
"وعن خالد بن معدان قال: فضلت سورة الحج بسجدتين" رواه أبو داود في المراسيل.
ورواه أحمد والترمذي موصولاً من حديث عقبة بن عامر، وزاد: "فمن لم يسجدهما فلا يقرأها" وسنده ضعيف".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن خالد بن معدان -رضي الله عنه- قال: فضلت سورة الحج بسجدتين" رواه أبو داود في المراسيل" وهو موجود في سننه سنن أبي داود أيضاً، فالعدول عن السنن إلى المراسيل لا شك أنه نقص، يعني خلل في المنهجية في التخريج.
وهو أيضاً موجود وموصولاً عند أحمد والترمذي من حديث عقبة بن عامر "وزاد: فمن لم يسجدهما فلا يقرأها" وسنده ضعيف" مداره على ابن لهيعة، أعني حديث عقبة بن عامر، وأما ما جاء في المراسيل فهو مرسل، والمرسل من قسم الضعيف، المرسل ضعيف.
ورده جماهر النقادِ
|
|
للجهل بالساقط في الإسنادِ
|
فالمرسل ضعيف، والموصول أيضاً ضعيف؛ لأن مداره على ابن لهيعة، لكن هل نقول: موصول الذي فيه ابن لهيعة وضعفه ليس بشديد ابن لهيعة ليس بشديد الضعف هل يتقوى بالمرسل؟ هل يتقوى بالمرسل لأن ضعفه غير شديد؟
طالب:......
لا، المرسل يتقوى، المرسل يتقوى، ينجبر الإرسال؛ لأن احتمال الساقط الذي يغلب على الظن أنه صحابي، وإن كان تابعياً فمن الكبار، وخالد بن معدان لقي سبعين رجلاً من الصحابة، فالإرسال في مثل هذه الصورة ضعفه أيضاً ليس بشديد.
احتج مالكٌ كذا النعمانُ
|
|
به وتابعهما ودانوا
|
فإذا كان التابعي من كبار التابعين، ووجد ما يسنده من مرفوع متصل، أو مرسل آخر يرويه غير رجال المرسل الأول، أو يفتي به عوام أهل العلم، أو يشهد له قول صحابي، وكان المرسِل ثقة ولا يرسل إلا عن الثقات يقبله الشافعي وغيره، الذي هو أول من رد المراسيل، المقصود أن هذا بهذا يتقوى فيصل إلى درجة القبول، وعلى كل حال سورة الحج عند جمع من أهل العلم فضلت بالسجدتين.
أحسن الله إليك:
"وعن عمر -رضي الله عنه- قال: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه" رواه البخاري.
وفيه: "أن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء" وهو في الموطأ".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه" رواه البخاري" هذا فيه دليل على أن عمر -رضي الله عنه- لا يرى وجوب سجود التلاوة، من سجد فقد أصاب، يعني أحرز الأجر، واقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، وهذا حد المندوب، ما يثاب على فعله ولا يأثم ولا يعاقب تاركه.
"رواه البخاري، وفيه: "أن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء" يعني رده إلى المشيئة فدل على عدم وجوبه، يقول: "وهو في الموطأ" فما دام موكول إلى مشيئة الشخص إن شاء سجد وإن شاء لم يسجد فليس بواجب، نعم رتب عليه الثواب والإصابة.
وعلى كل حال على المسلم أن يحرص على تحصيل الأجر والثواب، وأن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يفرط في مثل هذه الأمور بناءً على أنها سنن لا عقاب عليها، ونرى بعض الناس يصلي الفريضة ثم تقام الصلاة على الجنازة ولا يصلي، لماذا؟ يقول: فرض كفاية قام به من يكفي، فرض كفاية قام بها..، لكن الحرمان، كم فرط مثل هذا، وصلاة الجنازة على كل جنازة قيراط، فعلينا أن نحرص على اكتساب الحسنات، ولا نفرط في مثل هذه الأمور.
"فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه" نعم إذا عورض مثل هذا العلم الذي فيه الثواب بما هو أهم منه، أو انشغل عنه الإنسان لا بأس، معذور حينئذٍ يفاضل، لكن إذا كان لا معارض له عليه أن يحرص، فالدنيا مزرعة، مزرعة للآخرة، ألا يسرك أن يوجد في ميزانك زيادة حسنات، وكثرة ثواب من جراء فعلك لهذه المستحبات، وهذه الموازين التي يستعملها بعض الناس في أمور الدين، يقول: الفرائض وكفى، بركة {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [(17) سورة الحجرات] هذه منة، المنة لله -جل وعلا- أنه وفقك على أنك أسلمت، فالمنة لله -جل وعلا-، وأن وفقك لفعل الطاعات واكتساب الحسنات.
في أمور الدنيا تجد الإنسان يلهث وراء الحطام ليل نهار، هل هو يسعى لاكتساب القدر الواجب مما يلزمه ويلزم من يمونه، أو تجده يسعى جاداً ليل نهار في اكتساب ما يشغله عن دينه، ولو لم يكن بحاجته، بعض الناس يسعى لكسب الدنيا وعنده من الأموال ما يكفي لعشرة أجيال من ولده، ما يقول: خلاص يكفي الواجد، الموازين انتكست، يعني في أمور الدنيا ينظر إلى من هو دونه، يقول: الحمد لله نحن نصلي الفرائض ويكفي، في ناس ما يصلون بعد، يمن بعمله، لكن في أمور الدنيا لا، ينظر إلى من أعلى منه، الناس ملكوا وفعلوا وتركوا، قصور واستراحات ومزراع ونحن مساكين ما عندنا إلا..، مع أنه مأمور بأن ينظر إلى من هو دونه؛ لئلا يزدري نعمة الله عليه، والدنيا مهما طالت ليست بشيء بالنسبة للآخرة ((ركعتا الصبح خير من الدنيا وما فيها))...... من الدنيا وما فيها.
فعلى الإنسان في أمور دنياه أن ينظر إلى من هو دونه، أحرى أن يشكر ربه، وأن لا يزدري نعمة الله عليه، وأما في أمور الدين العكس، ما يقول: والله إحنا -الحمد لله- نصلي ونصوم والناس كلها ضالة، كلها ما تصلي، الكفار خمسة مليارات، يقول: كثير من المسلمين ما يصلوا إحنا -الحمد لله- نصلي، ما يكفي يا أخي، وما يدريك لعلك بتفريطك بهذه السنن واستخفافك بها يمكن تفتن في آخر عمرك، وتكون ممن عمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فلتكن لطالب العلم على وجه الخصوص معاملة مع ربه وصدق ليثبت، وليتعرف على الله -جل وعلا- في الرخاء ليُعرف في الشدة، وما يدريك أنك في يوم من الأيام تتمنى أن تتفتح المصحف ولا يتيسر لك، في يوم من الأيام وأن تتقلب الآن بنعم الله تتمنى أن تجد رصيف تنام عليه ما تجد، يعني هذا موجود في أقطار الدنيا كلها، لننعم بنعم الله لا نظير لها لا عند السابقين ولا عند المعاصرين، فعلينا أن نعنى بهذا الباب، نعم.
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه" رواه أبو داود بسند فيه لين".
حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر" للسجود، ويكبر أيضاً مقتضى ذلك للرفع، التكبيرة الأولى للإحرام، والثانية للرفع، كان يكبر مع كل خفضٍ ورفع، "وسجد وسجدنا معه" لكن التكبير روايته مدارها على عبد الله بن عمر العمري المكبر وهو ضعيف عند أهل العلم، ولذا لفظ التكبير مضعف، وأما الحديث بدون تكبير فهو مرويٌ في الصحيحين من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، صحيح لا إشكال فيه، لكن المضعف لفظ: "كبر" قد تمسك بهذا جمع من أهل العلم، الحنابلة مثلاً يقولون: يكبر، يكبر للسجود ويكبر للرفع منه، ويسلم لأنه صلاة، يشترط لها ما يشترط للصلاة، تفتح بالتكبير، تختم بالتسليم، وهذا حد الصلاة.
"كبر وسجد وسجدنا معه" رواه أبو داود بسند فيه لين" متى يكون السند فيه لين؟ يعني فيه ضعف يسير، وهو من رواية عبد الله بن عمر العمري المكبر، وهو ضعيف عند أهل العلم، واللين ضعفٌ منجبر، لكنه يوجد ما يشهد للفظة: "كبر"... يوجد ما يشهد للفظة: "كبر".
طالب:......
نعم بدون هذا اللفظ مروي من طريق عبيد الله المصغر، وهو ثقة عند أهل العلم عن نافع عن ابن عمر.
"يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه" دل على أن المستمع حكمه حكم القارئ بخلاف السامع الذي يسمع من غير قصد، فالمستمع الذي يقصد الاستماع والانتفاع، والسامع الذي يسمع يصل الكلام إلى سمعه من غير قصد، نعم.
أحسن الله إليك:
"وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا جاءه أمر يسره خر ساجداً لله" رواه الخمسة إلا النسائي".
سجود التلاوة ماذا يقال فيه؟ يقال فيه ما يقال في سجود الصلاة؛ لعموم: ((اجعلوها في سجودكم)) وهذا سجود، يقال: سبحان ربي الأعلى، ويقول أيضاً ما ورد في السنن: ((سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اكتب لي بها أجراً، وضع عني بها وزرها، واجعلها لي عندك ذخراً)) هذا في السنن موجود، فيقول مثل هذا في السجود، في سجود التلاوة.
لما أنهى المؤلف -رحمه الله تعالى- أحاديث سجود التلاوة أردف ذلك بسجود الشكر، وهو أيضاً تشمله الترجمة؛ لأنه قال: "باب سجود السهو وغيره" يعني من سجود التلاوة والشكر.
يقول: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا جاءه خبر يسره خر ساجداً لله" والحديث صحيحٌ لغيره، مخرج عند "الخمسة إلا النسائي" أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد، فدل على مشروعية السجود عند تجدد النعم، ودليله هذا الحديث وما يليه من أحاديث "كان إذا جاءه خبرٌ يسره خر ساجداً لله" يخر من قيام إن كان وقفاً، ويسجد إن كان جالساً، وسجود الشكر مثل سجود التلاوة، الخلاف فيه هل هو صلاة أو ليس بصلاة الخلاف واحد؟ نعم.
أحسن الله إليك:
"وعن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطال السجود، ثم رفع رأسه وقال: ((إن جبريل آتاني فبشرني فسجدت لله شكراً)) رواه أحمد وصححه الحاكم".
الحديث هذا حديث عبد الرحمن بن عوف هو صحيح أيضاً هو شاهد لما قبله قال: "سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطال السجود، ثم رفع رأسه فقال.." مبيناً السبب في سجوده، وهكذا ينبغي لمن فعل فعلاً يظن أنه عبادة يبين السبب، يعني يأتي شخص ويسجد من غير مبرر، والناس يرون يبين لهم السبب؛ لئلا يظن بعض الحاضرين أن هناك عبادة، سجود مستقل لا لشكر ولا لتلاوة ولا لصلاة، الإنسان يسجد متى أراد متى شاء؟ السجود له سبب "فقال: ((إن جبريل آتاني فبشرني فسجدت لله شكراً)) جاء تفسير البشرى بأنه تعالى قال: ((من صلى عليك صلاةً صلى الله عليه بها عشراً)) اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد،
وأحاديث الحث على الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيرة، فيها مصنفات، من أعظمها وأنفسها: (جلاء الأفهام -لابن القيم- في الصلاة والسلام على خير الأنام)، (الصلات والبُشَر في الصلاة على خير البشر) للفيروز أبادي، (القول البديع في الصلاة والسلام على الحبيب الشفيع) للسخاوي، مصنفات كثيرة في هذا الباب، والنصوص كثيرة، والأمر بالصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- في القرآن، وسبقت الإشارة إليه، والأحاديث في الباب كثيرة، وجاء في الحديث: ((قل: آمين)) فقال: ((آمين)) ثلاثاً منها: ((من ذكرتَ عنده فلم يصلِ عليك فأبعده الله، قل: آمين)) قال: ((آمين)) ولا شك أن من يسمع ذكره -عليه الصلاة والسلام- ولا يصلي عليه -صلى الله عليه وسلم- لا شك أنه محروم، إذا صلى مرةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً، هذا حرمان، والحرمان لا نهاية له، بعض الناس يقرأ ويتجاوز، موجودة الصلاة على النبي مكتوبة ويتجاوزها، وبعض الناس يكتب ويمر عليه اسم النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يصلي عليه، هذا حرمان؛ لأنك لو كتبت وصليت وصلى من قرأ كتابتك أجرك عظيم، فلا يفرط في مثل هذا إلا محروم.
((فبشرني فسجدت لله شكراً)) هذه نعمة بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام-، فسجد شكراً لهذه النعمة، "رواه أحمد والحاكم وصححه" نعم.
أحسن الله إليك:
"وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث علياً إلى اليمن.. فذكر الحديث، قال: فكتب علي -رضي الله عنه- بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكتاب خر ساجداً" رواه البيهقي، وأصله في البخاري".
"عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث علياً إلى اليمن.. فذكر الحديث" في قصة طويلة "قال: فكتب علي بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكتاب خر ساجداً" النعم تشمل نعم الدين ونعم الدنيا، والنعم المتعلقة بالدين أعظم من نعم الدنيا بلا شك، فإذا بلغ الإنسان ما يسره في دينه من انتصار للمسلمين، أو هزيمة للكفار، أو دخول أقوامٍ في الإسلام، أو التزام بعض الأشرار، أو صدور قرار ينفع الإسلام والمسلمين مثل هذه يسجد لله شكراً، هذه نعمة.
فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما كتب له علي بإسلام أهل اليمن قرأه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خر ساجداً شكراً لله تعالى على ذلك، والحديث أصله في البخاري، واللفظ عند البيهقي.
وقد سجد كعب بن مالك لما أنزل الله توبته، وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، والأحاديث في الباب كثيرةٌ جداً، فعلى المسلم أن يشكر الله -جل وعلا- عند تجدد النعم، ونعم الله لا تعد ولا تحصى، يتقلب المسلم في النعم ولا يلقي لها بالاً {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [(7) سورة إبراهيم] لكن كما قال الله -جل وعلا-: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [(13) سورة سبأ] فليحرص الإنسان أن يكون من هذا القليل، فإذا تجددت عليه نعمة في أمر دينه أو في أمر دنياه يسجد لله -عز وجل-؛ لكي تتابع عليه النعم، ولا يكون من الذين بدلوا نعمة الله كفراً، ولا يلزم من الكفر الخروج من الإسلام لا، الكفر كفر النعمة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
على كل حال إن كانت هذه الزيادة وهذه المخالفة مما يخل بالمعنى وبالفاتحة على وجه الخصوص يترتب عليه إبطال الصلاة عليه أن ينفصل ويترك هذا الإمام.
فكيف يصنع؟ وهل لو كان الانفراد يسبب نوعاً من الصخب في المسجد؟
نعم عليه أن يتركه ولو سبب ما سبب، ما دام الخلل يحيل المعنى في الفاتحة التي هي ركن من أركان الصلاة، عليه أن ينسحب ويصلي منفرداً.
يقول: هل له أن يتركه أو يستمر في الصلاة ثم يعيدها؟
كيف يستمر في صلاةٍ يرى بطلانها، لا عليه أن ينسحب، ثم بعد ذلك ينبه الإمام، لكن لو نبه الإمام أثناء الصلاة، فأخطأ رد عليه في الصلاة، إذا كان الخطأ يحيل المعنى.