بلوغ المرام - كتاب الصلاة (29)

باب: صلاة المسافر والمريض:

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول شيخ الإسلام ابن حجر -رحمه الله-: "باب: صلاة المسافر والمريض:

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين, فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر" متفق عليه.

وللبخاري: "ثم هاجر ففرضت أربعاً, وأقرت صلاة السفر على الأول".

زاد أحمد: "إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة".

وعن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر في السفر ويتم, ويصوم ويفطر" رواه الدارقطني, ورواته ثقات، إلا أنه معلول، والمحفوظ عن عائشة -رضي الله عنها- من فعلها, وقالت: "إنه لا يشق علي" أخرجه البيهقي.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته)) رواه أحمد, وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفي رواية: ((كما يحب أن تؤتى عزائمه)).

وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين" رواه مسلم.

وعنه قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة" متفق عليه, واللفظ للبخاري.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- تسعة عشر يقصر" وفي لفظ: "بمكة تسعة عشر يوماً" رواه البخاري، وفي رواية لأبي داود: "سبع عشرة"، وفي أخرى: "خمس عشرة".

وله عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-: "ثماني عشرة".

وله عن جابر: "أقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة" ورواته ثقات إلا أنه اختلف في وصله".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة المسافر والمريض" يعني كيف يصلي المسافر والمريض؟ صلاة المقيم الصحيح معروفة فكيف يصلي المسافر؟ هل يطالب بما يطالب به المقيم ومثله المريض؟ وهل يطالب بما يطالب به الصحيح السليم؟ أو لكل ظرفه والشرع يراعي الظروف والأحوال في التكاليف؟

يقول -رحمه الله تعالى-: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين" أول ما فرضت، فرضت الفرض يأتي بمعنى التقدير، ومنه الفرائض المقدرة في كتاب الله -عز وجل-، ويراد به الإيجاب والإلزام، فهل معنى: "أول ما فرضت" يعني أول ما قدرت الصلاة ركعتين؟ أو أول ما فرضت يعني أوجبت الصلاة ركعتين؟ الأول قول الجمهور، وهو أن أول ما فرضت يعني قدرت الصلاة، وليس هذا على سبيل الإيجاب، قدرت، والحنفية يرون أن معنى فرضت: أوجبت، ليستمر هذا الإيجاب أو هذا الوجوب بعد أن أقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر، وبناءً على هذا فالجمهور على أن القصر -قصر الرباعية ركعتين- في السفر عند الجمهور رخصة، ويقول بعضهم: إنه عزيمة لكن لا على سبيل الوجوب، وعند الحنفية القصر في السفر واجب، فرضت أوجبت، واستمر هذا الإيجاب بعد ذلك واستمر ولم ينسخ ولم يغير إنما الذي غير صلاة الحضر، الحنفية يرون وجوب القصر في السفر استدلالاً بهذا الحديث، والجمهور أدلتهم كثيرة {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ورفع الجناح يقتضي رفع الإثم، ومجرد رفع الجناح لا يقتضي الوجوب، هل يلتزم الجمهور بمثل هذا الكلام في رفع الجناح بالنسبة للسعي؟ وهل يقول الحنفية في آية السعي مثل ما يقولون في آية القصر؟ عندنا دلالة الحديث محتملة؛ لأن الفرض يحتمل معنيين، الفرض الذي هو بمعنى التقدير، والفرض بمعنى الإيجاب، قد يقول قائل: إن القصر في الآية مع كونه رفع فيه الجناح وهو الإثم مشروط بالخوف {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] وهذا شرط وعلى هذا السفر وحده لا يستقل بالقصر، بل لا بد معه خوف، والذي استقر عليه عمل الأمة جواز القصر في السفر ولو من دون خوف، وهي صدقة تصدق الله بها، فلتقبل صدقته، وهذا من الأحكام التي شرعت لسبب، وارتفع السبب وبقي الحكم، فعل سبب ارتفع السبب وبقي الحكم كالرمل في الطواف، استمر الحكم وإن كان السبب ارتفع.

انتهينا من اشتراط الخوف، وأن القصر صدقة تصدق الله بها كما قال عمر -رضي الله عنه-، وقصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقصر أصحابه من بعده من غير خوف، فدل على أن السبب ارتفع وبقي الحكم.

نأتي إلى ما تفيده الآية: الجمهور يقولون: إن الآية مفادها رفع الجناح، ورفع الجناح وهو الإثم لا يقتضي لزوم القصر، والحنفية يقولون بوجوب القصر مع أن الآية تنص على أنه لا جناح، إذا جئنا إلى آية السعي {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة] الجمهور على أن السعي ركن، السعي ركن خلافاً للحنفية والحنفية يقولون: إن رفع الجناح لا يقتضي الوجوب في آية السعي.

إذن المعول في الحكمين على النصوص المفسرة للآيتين، فالجمهور عندهم ما يدل على ركنية السعي مما يجعل الآية تفيد وجوبه بل ركنيته، والمناظرة بين عائشة وعروة في آية السعي معروف، وأن سبب نزول الآية أنهم كانوا يتحرجون من السعي بين الصفاء والمروة؛ لأن العرب قبل الإسلام يسعون بينهما بين صنمين فتحرجوا من شرعية السعي، فرفع هذا الحرج وهذا الجناح بالآية، قل مثل هذا في قوله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] الذي يتعجل لا إثم عليه، والذي يتأخر لا إثم عليه، هل الحاج جاء لمجرد رفع الإثم لبقائه أو استعجاله أو جاء طلباً للمغفرة؟ ((من حج فلم يرفع ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) والمعنى المعتمد في الآية أنها مطابقة للحديث، يستوي في ذلك من تأخر ومن تعجل شريطة أن يتقي الله -جل وعلا- في حجه، فإذا اتقى الله في حجه لا إثم عليه، يرتفع الإثم عنه، فيرجع مغفوراً له سواءً تعجل أو تأخر، شريطة أن يتقي الله -جل وعلا- في حجه، ولا نقول: إن التقوى شرط للتأخر دون التعجل، لا، لأن بعض الناس قد يفهم هذا، فلا إثم عليه، {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [(203) سورة البقرة] يعني يرتفع عنه الإثم الذي ارتكبه قبل حجه، شريطة أن يتقي الله -جل وعلا- في حجه سواءً تعجل أو تأخر، ويكون مفاد الآية هو مفاد من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه؛ لأن رفع الجناح الأصل فيه ورفع الإثم الأصل فيه أن يرجع كفاف لا له ولا عليه، يعني لم يستفد من هذه العبادة إذا قلنا: إنه مجرد رفع إثم، والمراد تقريره سواءً كان في الآية أو في الحديث بيان فضل الحج.

الحنفية يستدلون بهذا الحديث على وجوب القصر، والجمهور يستدلون بهذا الحديث على عدم وجوب القصر، معنى الحديث محتمل، والحديث محتمل للمعنيين، والحنفية مشوا على أصل الفرض وهو الإيجاب، والجمهور أيدوا ما ذهبوا إليه بالأدلة اللاحقة -إن شاء الله تعالى-.

نأتي إلى الحنفية نقول: القصر عندكم واجب وإلا فرض؟ ويش يقولون؟ واجب، ليش ما يصير فرض؟ فرضت الصلاة خلاص، تستدلون بفرضت ولا تقولون: فرض؟ نقول: لهم اصطلاح خاص في التفريق بين الفرض والواجب.

الآية المقررة لمشروعية القصر قطعية الثبوت لكن دلالتها على الإلزام ظنية عندهم، والحديث من الأصل، ظني الدلالة والثبوت، إذن قصر الصلاة في السفر واجب وليس بفرض عندهم، والحديث كما تقول عائشة: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين" لمخالفة الاصطلاح للفظ الشرعي.

سبق أن ذكرنا أن زكاة الفطر عندهم واجبة وليست بفرض مع قول الصحابي: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر" وبينا أن أهل العلم لهم اصطلاحات، وينبغي أن تكون هذه الاصطلاحات موافقة للألفاظ الشرعية، حينما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) ويقول: جماهير العلماء أنه ليس بواجب، هل نقول: هذه محادة للنص، خيار الأمة الأئمة كلهم نقول: هذه محادة للنص، مصادمة، الرسول يقول: واجب تقولون: ما هو بواجب، نقول: هذه اختلاف في الحقائق، حقيقة شرعية وحقيقة عرفية، عرف خاص عند أهل العلم، لو يقول شخص هذا مر مراراً تعرضنا لها، لو يقول شخص: أنا ما رأيت في عمري جمل أصفر، والله -جل وعلا- يقول: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] نقول: هذه معاندة مصادمة؟ هو نظر إليهم من ناحية الحقيقة العرفية الأصفر بهذا اللون اللي هو الأصفر هذا في جمل بهذا اللون؟ نعم، في جمل؟ لو تأتي إلى أعرابي تقول له: جمل كالبيج هذا؟ يعني يسفهك، يضحك عليك، الحقيقة العرفية عنده تختلف عن الحقيقة العرفية عندك، فنظراً لاختلاف هذه الحقائق يسهل الأمر، ولا يكون هناك مصادمة ومعاندة؛ لأنه مع انفكاك الجهة يهون الأمر ينظر كل شخص إلى الشيء من زاوية معينة، بخلاف ما إذا اتحدت الجهة، فإذا اتحدت الجهة لا مندوحة من لزوم الألفاظ الشرعية، مع أنه كلما قربت الاصطلاحات العلمية الشرعية مع ألفاظ الشرع هو المطلوب، يعني العزيز عند أهل العلم تعريفه؟ ما يتفرد بروايته اثنان ولو في طبقة من طبقات الإسناد، والله -جل وعلا- يقول: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [(14) سورة يــس] إيش......؟ العزيز مروي الثلاثة، نعم كلما قربت الاصطلاحات العلمية للألفاظ الشرعية هو الأولى، لكن إذا نظرنا في اصطلاحات أهل العلم وجدنا شيء من هذه الفوارق، ومردها اختلاف الحقائق العرفية، العرف الخاص عند أهل العلم مع الحقائق الشرعية، وبينا أنه قد يأتي في الشرع للفظ الواحد أكثر من حقيقة شرعية.

على كل حال رأي جمهور أهل العلم أن القصر في السفر رخصة، والله -جل وعلا- كما سيأتي في الحديث يحب أن تؤتى رخصه، فهل الراجح القصر أو الإتمام؟ هذا ما سيأتي ذكره في الحديث اللاحق -إن شاء الله تعالى-.

أقرت صلاة السفر على أنها ركعتين، والمراد بذلك ما عدا المغرب، وأتمت صلاة الحضر، يعني أقرت صلاة السفر على الفرض الأول ما عدا المغرب، وأتمت صلاة الحضر أربع ركعات ما عدا الصبح.

"وللبخاري: "ثم هاجر ففرضت أربعاً -ففرضت أربعاً- وأقرت صلاة السفر على -الفرض- الأول" ركعتين.

"زاد أحمد" يعني من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة"، "إلا المغرب فإنها وتر النهار" كيف وتر النهار؟ المغرب قبل غروب الشمس وإلا بعده؟ بعد الغروب إذن هي وين تقع في النهار وإلا في الليل؟ المغرب ليلية وإلا نهارية؟ ليلية، إذاً كيف تكون وتر النهار؟ كيف تكون وتر النهار وهي بعد غروب الشمس؟ ووتر صلاة الليل هل يقع في الليل وإلا في النهار؟ نعم، في الليل، وتر صلاة النهار يقع في الليل وإلا في النهار؟ هنا: "إلا المغرب فإنها وتر النهار" نعم؟ هي ليلية بلا شك، لوقوعها بعد صلوات النهار كأنها ختمت بها صلاة النهار، وهي وتر، يعني نظير ما يقال: رمي جمرة العقبة تحية منى، طيب جمرة العقبة داخل منى وإلا خارج منى؟ على الخلاف هل هي داخل وإلا خارج؟ الذي يقول: هي خارج منى كيف نقول: إن رمي جمرة العقبة تحية منى؟ يقول: نعم تحية ولو كانت خارج، الطواف تحية البيت وهو خارج البيت، نعم.

على كل حال: "إلا المغرب فإنها وتر النهار" لأنها تعقبت صلوات النهار وجاءت بعدها فكأنها ختمت بها كالوتر.

"وإلا الصبح, فإنها تطول فيها القراءة"، "وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة" ولذا عبر عنها بالقرآن، كما في قوله -جل وعلا-: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [(78) سورة الإسراء] ويكون المقصود بذلك صلاة الصبح؛ لأنه أطول أجزائها، القراءة أطول الأجزاء، فعبر بالجزء عن الكل، بالجزء الأعظم عن الكل، وشأن صلاة الصبح وكونها مشهودة أمر لا يخفى، جاءت به النصوص، وجاء التشديد فيها، وأن من صلاها في جماعة كان في ذمة الله حتى يمسي، وأنها أثقل الصلوات على المنافقين، ومن أراد بيان هذا الأمر فليرجع إلى طريق الهجرتين لابن القيم، لما شرح ابن القيم حال المقربين وأنهم يتقدمون إلى صلاة الصبح، ويحرصون أن يكونوا قرب الإمام، ليقبلوا على صلاتهم، ويسمعوا قراءة إمامهم، وبين أن لها شأناً عظيماً على طالب العلم أن يرجع إليه في طريق الهجرتين لابن القيم.

"إلا المغرب" يعني فإنه لا يزاد على ثلاث ركعات لأنها وتر النهار، والوتر ينبغي أن يكون مقطوعاً على وتر، واحدة أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، فهذه لا يزاد فيها بل تبقى على ثلاث فتكون وتراً.

وإلا الصبح فإنها لا تزاد ولم تزد عن ركعتين؛ لأنها تطول فيها القراءة، فطول القراءة هي عوض عن جعلها أربع ركعات كالظهر والعصر والعشاء.

الحديث الذي يليه: حديث عائشة -رضي الله عنها-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر في السفر ويتم, ويصوم ويفطر" رواه الدارقطني, ورواته ثقات إلا أنه معلول" إلا أنه معلول، إذا كان الحديث رواته ثقات هل يلزم من ذلك أن يكون متنه صحيحاً؟ وإذا كان الرواة غير ثقات هل يلزم من ذلك أن يكون المتن ضعيفاً؟ وعلى هذا يقال: هل هناك تلازم بين السند والمتن؟ هنا يقول: "رواته ثقات إلا أنه معلول"..

طالب:......

من هو أوثق منه؟ طيب فإذا خالف؟ يعل بالمخالفة، يحكم عليه حينئذٍ بالشذوذ.

الأسانيد للمتون لا شك أنها كالقوائم لا تمشي المتون إلا بالأسانيد، حديث لا إسناد له لا قيمة له، لكن قد يوجد للحديث إسناد، والإسناد صحيح والرواة ثقات، لكن المتن غير صحيح، قد يهم الراوي الثقة قد يخطئ فيخالف من هو أوثق منه، كما أنه قد يروى الخبر بسند فيه كلام ويصح المتن فلا تلازم، قد يصح المتن لوروده من طرق أخرى، فلا تلازم حينئذٍ بين صحة المتن وصحة السند.

"إلا أنه معلول" يقول: "والمحفوظ" المحفوظ يقابله؟ نعم؟ الشاذ؛ لأن عندنا محفوظ يقابله إيش؟ الشاذ، وعندنا معروف يقابله المنكر، فالذي يقابل المحفوظ هو الشاذ، إذن الطريق الأول رواته ثقات إلا أنه شاذ، والمحفوظ الذي يقابل الشاذ "عن عائشة من فعلها" يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الرواية الأولى: "هو كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، ويقرر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يتم في السفر، ولم يصم في السفر، فيقول كما..، فيما نقله ابن القيم في زاد المعاد: "هو كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، "والمحفوظ عن عائشة -رضي الله عنها- من فعلها، وقالت: "إنه لا يشق علي" أخرجه البيهقي"، لا يشق علي، وهل عدم المشقة مبرر لفعل المخالفة أو أنها تقول في القصر رخصة والإتمام لا يشق عليها؟ والأصل الإتمام فتتم، ابن عمر لما أشار عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقرأ القرآن في شهر، وقال: إنه يطيق أكثر من ذلك، ثم اقرأ القرآن في الشهر متين، ثلاثاً، اقرأ القرآن في سبع ولا تزد، وزاد على ذلك، ابن عمر فهم أن نهيه عن قراءة القرآن في أقل من سبع أنه للإشفاق عليه، من أجل الإشفاق عليه، ما دام ما يشق عليه والمسألة تحصيل ثواب؛ لأن من قرأ القرآن كان له بكل حرف عشر حسنات، كان له بكل حرف عشر حسنات، ومعلوم أن الذي يقرأ القرآن في ثلاث يحصل من الحسنات أكثر ممن يقرأ القرآن في سبع، ومادام النهي عن الزيادة إرفاقاً به يطلب الزيادة من الأجر، وهنا قالت: "إنه لا يشق علي" فالأصل الأربع ركعات، خفف عن المسافر للمشقة ولا مشقة علي، وأتمت، ثبت عن عائشة أنها أتمت، وثبت عن عثمان أنه أتم، وعائشة تأولت كما تأول عثمان -رضي الله عن الجميع- لكن يبقى أن الأفضل هو القصر؛ لأنه لم يحفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أتم في السفر، أنه أتم في السفر.

ابن القيم يقول في الرواية الأولى: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقصر في السفر وتتم" يعني عائشة ويصوم وتفطر، ويصوم وتفطر، وبعضهم يربأ بأم المؤمنين -رضي الله عنها وأرضاها- أن تخالف النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي معه، وهذه الرواية يؤتى بها نعم لتتفق مع ما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يتم البتة.

على كل حال بالنسبة للصيام ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صام في السفر، ثبت عنه أنه صام وأفطر، صام وأفطر، لما بلغ كراغ الغميم أفطر، ثبت عنه الصيام في السفر، لكن المسألة مسألة إتمام الصلاة هي التي معنا الآن.

بعد هذا حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله يحب))" وفي هذا إثبات المحبة لله -جل وعلا-، وفي الشق الثاني إثبات الكراهية، وأن الله -جل وعلا- يكره، يحب ويكره على ما يليق بجلاله وعظمته من غير مشابهة للمخلوق، ((يحب أن تؤتى رخصه)) يعني إذا كان المخلوق يسره أن تقبل هبته وهديته فكيف بالخالق الكريم المتفضل؟! ((يحب أن تؤتى رخصه)) الرخصة عند أهل العلم: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، فعندنا القصر رخصة، الفطر في السفر رخصة، المسح ثلاثة أيام رخصة، أكل الميتة للمضطر رخصة، كل هذا ثبت على خلاف الأصل، خلاف الدليل الشرعي، الأصل الإتمام، الأصل مسح يوم وليلة؛ لأن الغالب حال الإقامة فتكون هي الأصل، الأصل هي الإقامة، والسفر أمر طارئ على خلاف الأصل، وهذه الرخصة جاءت على خلاف الأصل المقرر لمعارض راجح للأدلة الثابتة في حقها.

ومنهم من يقول: إن الرخصة مادام ثبتت بدليل مستقل لا يقال: إنها على خلاف الدليل الشرعي، بل هي على وفق الدليل الشرعي، إذن كيف نفرق بين الرخصة والعزيمة؟ الرخصة على ما ذكرنا: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، والعزيمة: ما ثبت على وفق الدليل الشرعي مع عدم المعارض، مع عدم المعارض، الذي ينكر أن تكون الرخصة على خلاف الدليل الشرعي، هي وإن خالفت دليل إلا أنها وافقت دليل، كيف نقول: هذه على خلاف وهذه على وفق؟ الكل موافق، إذا قلنا بهذا كيف نفرق بين الرخصة والعزيمة؟ الرخصة ما فيه سهولة، تسهيل وتيسير بخلاف العزيمة، العزيمة جاءت على الأصل في التكاليف وأنها إلزام ما فيه كلفة، والرخصة تقليل لهذه التكاليف وتسهيل وتيسير على المكلف.

((إن الله يحب أن تؤتى رخصة كما يكره أن تؤتى معصيته)) هل في الحديث ما يدل على تفضيل الرخصة على العزيمة؟ في الحديث: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصة... يكره أن تؤتى معصيته)) ((... يحب أن تؤتى عزائمه)) هل في هذا تفضيل على العزائم على الرخص أو على العكس؟ يعني كما يحب أن تؤتى عزائمه، يعني كونها جاءت قبل، يعني محبة العزيمة هو الأصل المشبه به، ومحبة الرخصة فرع مقيس عليه مشبه، والأصل أن المشبه أقل من المشبه به، فهو مشبه، شبهت الرخص في محبة الله -جل وعلا- لها وإتيانها بالعزائم في محبة الله -جل وعلا- لها وإتيانها، الأصل أن يكون تشبيه الرخصة بالعزيمة أن تكون العزيمة أفضل من الرخصة؛ لأن المشبه به أقوى من المشبه في باب التشبيه، زيد كالأسد تريد أن يكون الأسد أقل مرتبة من زيد؟ نعم؟ هذا الأصل أن يكون المشبه أقل من المشبه به، لكن تشبيه رؤية الباري -جل وعلا- برؤية القمر ليلة البدر هو المراد تقرير رؤية الباري، وما دام القمر لا يماري أحد في رؤيته، نعم إذن لا يماري أحد يسمع هذا التشبيه في رؤية الباري، والمراد تشبيه الرؤية بالرؤية، وليس المراد تشبيه المرئي بالمرئي، على كل حال هل في الحديث ما يدل على ترجيح الرخص على العزائم أو العكس؟ يعني تصلي ركعتين أو تصلي أربع ما في فرق؟ نعم؟ ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه))..

طالب:......

نعم الأصل العزائم، الأصل العزائم، والعزائم إذا لم يوجد مبيح لتركها نعم ليس المسألة مسألة محبة فقط، بل المسألة مسألة ترتيب عقاب عليها، بعضهم يفهم من مثل هذا السياق ترجيح الرخص على العزائم عند قيام سببها، فيرجحون القصر على الإتمام، يرجحون الفطر على الصيام، لكن هل الرخص إذا نظرنا إليها مجردة هل هي على مستوى واحد؟ يعني افترضنا أن شخص في آخر رمق ما بقي إلا الموت من الجوع ووجد ميتة؟ هل نقول: الأفضل أن يأكل أو الأفضل أن يترك؟ نعم جمع من أهل العلم يقولون: يجب عليه أن يأكل حفظاً للنفس.

إذا قرر الأطباء أن زيد من الناس إن لم يعالج مات يجب عليه يعالج وإلا ما يعالج؟ بالنسبة للأكل من الميتة حفظ النفس متحقق، وأما بالنسبة للعلاج مظنون، ولذا يقول شيخ الإسلام: "لا أعلم سالفاً أوجب العلاج"، "لا أعلم سالفاً أوجب العلاج" يعني لا أعلم أحداً من السلف أوجب العلاج.

على كل حال مسألة الأفضل في القصر والإتمام والصيام والفطر مسألة خلافية بين أهل العلم، والذي يميل إليه جمع من المحققين تقديم إتيان الرخص على العزائم، وأن العزائم تبقى في موضعها، والرخص تبقى في موضعها، وأن الإنسان يتصرف مع النصوص كيفما دارت، أفطر بالنص وصام بالنص، أتم بالنص، قصر بالنص، فهو يدور مع النصوص حيثما دارت، ومادام النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يحفظ عنه أنه أتم في السفر فالقصر أفضل، القصر أفضل، وأما بالنسبة للصيام فالنصوص مجتمعة تدل على أنه إذا كان الصيام لا يشق فإنه من أفضل الأعمال، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صام، وإذا كان يشق فثبت عنه أنه قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أولئك العصاة)) وقال: ((ليس من البر الصيام في السفر)) وقال: ((ذهب المفطرون بالأجر)) مع المشقة.

"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ -شعبة الشاك- صلى ركعتين" رواه مسلم".

"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ -الشك من شعبة- صلى ركعتين" ثلاثة أميال، الميل كيلو أو كيلوين إلا ثلث، إذن ثلاثة أميال خمسة كيلو، والفرسخ الواحد ثلاثة أميال، ثلاثة أميال، إذا قلنا: ثلاثة فراسخ في خمسة كيلو خمسة عشر كيلو، أو خمسة كيلو على الوجه الأول من وجهي التردد، و(أو) هنا للشك، التصريح في الصحيح أن الشك من شعبة، الحديث يبين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال قصر الصلاة، وقد صلى الظهر بالمدينة أربع ركعات، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، وذي الحليفة قريبة جداً من المدينة، تعادل فرسخ وإلا ما تعادل؟ خمسة عشر كيلو فرسخ واحد وإلا ما تعادل؟ نعم؟

طالب:.......

أقل، إيه هو أقل من خمسة عشر كيلو، فهي أقل من فرسخ، وعلى هذا يحمل الحديث على مفهوم الحديث الثاني، وأنه في بداية سفر، ومجرد ما يخرج من عامر البلد ويتلبس بالوصف الذي علق به الترخص، الوصف الذي علق به الترخص السفر، فلا بد من التلبس بهذا الوصف ليتم الترخص، وعلى هذا إذا أراد الإنسان أن يسافر ولم يخرج من البلد، عازم على السفر يقصر قبل أن يخرج؟ قبل أن يتلبس بالسبب المبيح؟ نعم لا يقصر، إذن حديث أنس لما أراد أن يسافر قبل أن يخرج أفطر، ورفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا تنزيل للهم منزلة الفعل، تنزيل للعزم منزلة الفعل، لكن هل للإنسان أن يترخص قبل أن يفارق البلد، ويباشر السبب الذي علق عليه الترخص؟ نعم لو ثبت حديث أنس وصححه بعض المتأخرين لكان حجة، لكن الحديث فيه مقال، فيبقى أن السبب المبيح للقصر والمبيح للفطر هو السفر، ولا يجوز أن يترخص الإنسان حتى يباشر السبب الذي علق عليه الترخص، افترضنا أن البلد له مطار، وهناك فاصل بين المطار وبين البلد، فارق البنيان لكنه مازال في المطار، يترخص وإلا ما يترخص؟ نعم؟

طالب:.......

لماذا؟

طالب:.......

نعم، ما دام في مطار البلد فهو لم يفارق البلد، والمساحة التي بين المطار وبين البلد مثل الفجوات التي توجد داخل المدن، ولذلك إذا وصل إلى هذا المطار قيل: وصلنا إلى كذا، وصلنا إلى الدمام، وصلنا إلى الرياض، بمجرد وصول المطار، إذن المطار من البلد، والذي في المطار لم يباشر السبب إلى الآن لم يسافر إلى الآن، هل يصح أن يقول: سافرت الآن؟ هو لم يسافر حتى يفارق هذا العامر، نعم قد يوجد من يفتي بأنه خرج من البلد وترك البلد وراء ظهره، وينظرون في هذا أيضاً مصلحة تحصل الوقت أو تحصيل الإتيان بالصلاة على وجهها؛ لأنه قد توجد في المطار مثلاً في وقت صلاة الظهر إن لم تجمع إليها العصر، أمامك سفر طويل يستغرق المدة كلها، إن أخرت إلى أن تصل المطار الثاني ذهب الوقت، وإن صليت على حسب حالك في الطائرة أتيت بالصلاة على شيء أو على وجه فيه شيء من الخلل تقتضيه الحال، ويقتضيه الظرف، ظرف السفر، ظرف الركوب، ظرف المكان، فهم تحصلاً للفائدة وهي مصلحة كبرى وهو الإتيان بالصلاة على وجهها يقولون: اجمع جمع تقديم، وأنت ما دام وصلت إلى المطار وفارقت البلد الحمد لله، لكن يبقى المسألة شرعية معلقة بوصف أمر عظيم، يعني لو إنسان صلى في بلده في مسجده ركعتين الظهر هل يقال: اجتهد وحصل الصلاة ولو على وجه؟ نقول: لا يا أخي صلاته باطلة، فالمسألة شرع، ما دام موجود في البلد خرجنا من الرياض وأنت في المطار، خرجنا طارت الطائرة، فارقنا الرياض، إذن أنت ما دمت في المطار لم تفارق البلد.

هل في الحديث ما يدل على تحديد المسافة، مسافة السفر، يعني ثلاثة أميال، منهم من قال: إن مسافة السفر ثلاثة أميال، ومنهم من قال: ميل، خلاص من سافر ميل يقصر ويفطر، أو ثلاثة أميال كما هنا، أو ثلاثة فراسخ، إذا كانت منتهى السفر الثلاثة هل له أن يقصر أو ليس له أن يقصر؟ عرفنا أن أقل من فرسخ قصر النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذي الحليفة، لكن هل هذا منتهى السفر؟ ليس هذا منتهى السفر، وليس فيه دليل على أن من سافر هذه المدة أنه مسافر وأنه يترخص، بل فيه دليل أنه مجرد ما يفارق البلد ولم تكن غاية السفر إلى هذه المسافة فإنه يباشر الرخص.

إذن مسافة القصر مسألة خلافية بين أهل العلم، المسافة التي تقصر فيها الصلاة، والجمهور على التحديد، تحديد المسافة، والأكثر على مسيرة يومين أربعة برد ثمانين كيلو، فإذا وجدت هذه المسافة أجازوا الترخص إذا كان الباعث على السفر مباح نزهة مثلاً أو مستحب أو واجب، أما إذا كان الباعث على السفر محرم، الباعث على السفر محرم، سفر المعصية يترخص من سافر سفر معصية؟ الجمهور على أنه لا يترخص؛ لأنه لا يعان على تحصيل معصيته، والرخص لا شك أنها إعانة للمسافر، وعند الحنفية يجوز له أن يترخص، الحكم علق بسبب وجد السبب بغض النظر عن الأهداف والمقاصد، لكن إذا قلنا للي يسافر سفر معصية بدل أن تصلي أربع ركعات صلي ركعتين كأننا نقول له: اغتنم الوقت لتحصيل هذه المعصية، ولذا جاء في الأكل من الميتة للمضطر التقييد بكونه غير باغ ولا عاد، فدل على أنه لو كان باغياً أو عادياً لا يجوز له أن يأكل من الميتة، ويقاس عليها بقية الرخص، فلا يجوز له أن يجمع، ولا يجوز له أن يقصر، ولا يجوز له أن يمسح أكثر من يوم وليلة، ولا يجوز له أن يأكل من لحم الميتة، فليس له أن يترخص مادام عاصياً في سفره، أما إذا كان السفر مباحاً كسفر النزهة يجوز له، إذا تحققت المسافة المقررة عند الأكثر، منهم من يقول: السفر يكفي مسيرة يوم للنهي عن سفر المرأة بغير محرم مسيرة يوم، ومسيرة اليوم كأن هذا هو المرجح عند الأمام البخاري تقدر بأربعين كيلو، الآن حينما تضبط المسافة بالوقت بيوم بيومين، وتقدر هذه المسافة هذه المدة المقررة بالكيلوات يصير المرجع الوقت وإلا المرجع المسافة؟ الجمهور قدروا المسافة حتى، قالوا: ولو قطعها في ساعة، أنتم استدللتم بأن المسافر لا يسافر مسيرة يوم مسافة هذا اليوم سواءً كانت أربعين كيلو على الإبل المحملة، أو كان فيها عشرة آلاف كيلو، أو حتى عشرين ألف كيلو، تستدلون لا تسافر المرأة مسيرة يوم، فكيف يقال: اليوم أربعين كيلو؟ على هذا يكون الأصل المسافة أو الأصل المدة؟ مدة السير، دعونا من مدة الإقامة، هذه مسألة أخرى ستأتي، إذا قلنا: مسيرة يومين، أو مسيرة يوم ويستدل لذلك بحديث النهي عن سفر المرأة بغير محرم، نهى أن تسافر المرأة بغير محرم مسيرة يوم، جاء أيضاً تسافر ثلاثة أيام، ونهى أن تسافر المرأة من غير تقييد، فدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر، لا يجوز لها أن تباشر السفر، لا يجوز لها أن تخرج من البلد إلا بمحرم، والمدة غير مرادة، بدليل تفاوت هذه الأزمنة، فلا يجوز للمرأة بحال أن تخرج من البلد بغير محرم ولو ميل واحد، فالمفهوم -مفهوم المدة- غير مراد؛ لأنها جاءت متفاوتة، هؤلاء الذين استدلوا بهذه الأحاديث على تقدير مسافة القصر اعتمدوا المسافة، والأكثر على اعتماد مسيرة يومين يعني مرحلتين ثمانين كيلو من مكة إلى الطائف من مكة إلى جدة، من مكة إلى عسفان كما يقول الصحابة، وما دون ذلك فليس بمسافة قصر، هذا قول الأكثر في مسافة القصر.

من أهل العلم من يرى أنه لا تحدد المسافة بمقدار معين؛ لأنها جاءت مطلقة في النصوص، وكيف نحدد ونقيد ما أطلقه الله -جل وعلا- في كتابه؟ وهذا ما يراه شيخ الإسلام ابن يتيمة، يقول: جاء السفر غير مقيد لا بمدة ولا مسافة فكيف نقيد ما أطلقه الله -جل وعلا-؟ أولاً: التقدير بأربعة برد اللي هي ثمانين كيلو ثابت عن الصحابة، ورأي شيخ الإسلام من حيث الوجاهة وجيه، والأدلة التي يعتمد عليها الجمهور قد لا تكون في صراحتها في الدلالة على المطلوب بقوة ما يقوله شيخ الإسلام، لكن إذا نظرنا إلى الآثار المترتبة على إطلاق السفر في مسافته وفي مدة الإقامة الآثار المترتبة على ذلك وجدنا أن التحديد وسلوك مذهب الجمهور وجدناه أضبط وأحوط للعبادة، ومطلوب من الإنسان أن يحتاط لدينه، وكان الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- يفتي بقول شيخ الإسلام ثم رجع عنه إلى قول الجمهور؛ لأنه أضبط للعبادة، وإذا قلنا بعدم التحديد بمسافة هل نقول: للذي يسافر يطلع عن البلد خمسة كيلو يقصر ويجمع يقصر ويجمع وإلا لا؟ يفطر؟ تحديد ما يسمى سفر هل هناك ما يضبطه؟

المشقة غير منظور إليها؛ لأنه لو قلنا بالمشقة نعم الأصل في السفر أنه شاق، نعم، والرخص إنما جاءت لإزالة هذه المشقة، لكن يبقى أنه لو سافر شخص بدون مشقة إطلاقاً، نقول: لا يترخص لعدم وجود المشقة، وهل عرف الناس منضبط في هذه الأمور؟ يعني لما اعتمد عند بعض أهل العلم قول شيخ الإسلام، وأفتي للطلاب الذين يدرسون في بلد ما أربع سنين، خمس سنين، ثمان سنين أنهم يترخصون لأنهم مسافرون، لو شاع هذا في بلاد المسلمين كيف تنضبط الأمور؟ ناس جايين للمنطقة يدرسون خمس سنوات ويرجعون بالجامعة مثلاً، أو جايين للرياض وبيرجعوا بيجمعون الصلوات، ويفطرون رمضان، ويمر عليهم رمضانات من غير قضاء ويش الناس الآن في مثل هذه الظروف؟ الناس منهم المتساهل المنفلت،، ومنهم الموسوس هو ما في شك أن المرد إلى لغة العرب، المرد في هذا إلى لغة العرب، لكن لغة العرب قالت: السفر من البروز إذا قيل سافر فلان يعني برز عن بلده، خرج عن بلده، أي خروج، ومنه قيل: سمي السفر لأنه يسفر ويبرز الخلال والخصال التي تنطوي عليها الأنفس، الإنسان في السفر يظهر على حقيقته، المجاملات وما المجاملات تنتهي في السفر، ومنه قيل للمرأة التي تبرز محاسنها: سافرة، فمجرد البروز والخروج سفر، فهل يمكن أن نقول بمثل هذا أو نقول: إن السلف فهموا -بما في ذلك بعض الصحابة- فهموا أن السفر لا بد من ضبطه؟ ومثل ما ذكرنا الشيخ ابن باز كان يفتي بالإطلاق بقول شيخ الإسلام، ثم رأى أن المصلحة في ضبط الأمر، ولا ينضبط الناس إلا بتقدير معين، لا في المسافة والمعتمد عليه عند الأكثر أنها ثمانين كيلو، أربعة برد، والمدة التي هي أربعة أيام، وسيأتي الكلام فيها -إن شاء الله تعالى-.

((لا يرى عليه أثر السفر)) إذا قلنا: هذا ضابط في هذه الأعصار أن الأثر هو الضابط طيب قد يسافر الإنسان ألوف الأميال ولا ينثني شماغه، ولا ينثني ثوبه، نقول: ما في رخص أجل؟ نقول: ما في رخص؟ لا يرى عليه أثر السفر أبداً، الشماغ كأنك مطلعه من الغسالة الآن، والثوب مثل، وقد يحصل للمقيم من الأثر أكثر مما يحصل للمسافر الآن، المسافر جالس على كرسي مريح وثير، ورجل على رجل، ويقرأ جريدة ونقول له: لا تترخص، أقول: إن ما يستدل به الجمهور قد لا يقوى على الدعوى، لكن الإطلاق الذي يميل إليه شيخ الإسلام ومن يقول بقوله لا يمكن ضبطه، ونقول: اتباعنا لفهم من سلف بما في ذلك الصحابة الذين هم سادة الأمة هم أولى بالتقليد من غيرهم، ولذا رجع الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عما كان يفتي به من الإطلاق إلى التحديد، وهو قول الأكثر، قول الجمهور.

"وعنه -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة" حتى رجعنا إلى المدينة، ومعلوم أن مدة السفر في الذهاب عشرة أيام، خرجوا من المدينة لخمس بقين من القعدة، ودخلوا مكة لخمس مضين من ذي الحجة عشرة أيام، ومكثوا اليوم الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر تسعة أيام، ثم عادوا إلى المدينة، وقل: إن الإياب مثل الذهاب عشرة أيام، فمنذ خرج من المدينة إلى أن رجع إليها وهو يصلي ركعتين، عشرة وعشرة وتسعة شهر كامل، وإن كان الاحتمال قائم في خروجهم هذا هل هو عام الفتح أو عام حجة الوداع؟ على كل حال المسألة محتملة، فهنا المدة شهر، تسعة وعشرين يوم، فهل نقول: إن هذه المدة هي الحد في الترخص أو أن للمسافر أن يترخص ولو زادت المدة على الشهر؟

والحديث الذي يليه: "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- تسعة عشر -يعني يوماً- يقصر الصلاة"، "أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- تسعة عشر -يعني يوماً- يقصر الصلاة"، "وفي لفظ: "بمكة تسعة عشر يوماً" رواه البخاري، وفي رواية لأبي داود: "سبع عشرة"، ويمكن التوفيق بين الروايتين الرواية الأولى: تسعة عشرة، يعني إذا عددنا يوم الدخول ويوم الخروج بسبعة عشرة بدون يوم الدخول ولا يوم الخروج، "وفي أخرى: "خمس عشرة" كيف نوفق؟

طالب:......

منكرة صحيح.

"وله عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما-: "ثماني عشرة" وهذه الرواية ضعيفة؛ لأنها من رواية علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف عند الجمهور، وعلى كل حال المعتمد رواية البخاري: "تسعة عشر" ويقصر الصلاة، بل يقصر أكثر من ذلك ما دام مسافراً، ما دام مسافر يقصر.

"وله" يعني لأبي داود "عن جابر -رضي الله عنه-: " أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة" وهذا الحديث وإن كان ورواته ثقات إلا أنه اختلف في وصله وإرساله.

جاء عن بعض الصحابة أنه أقام ستة أشهر يقصر، ستة أشهر يقصر الصلاة، والجمهور..، الحنفية عندهم المدة خمسة عشر يوماً، وعند الشافعية والحنابلة: أربعة أيام إذا أقام وعزم على الإقامة في مكان ما أكثر من أربعة أيام فإنه لا يجوز له أن يقصر، من أين جاء التحديد بالأربعة؟ يعني رأي الأكثر رأي المالكية والشافعية والحنابلة التحديد بأربعة أيام، وعند الحنفية خمسة عشر يوماً، الحنفية استدلوا على بعض الروايات السابقة، لكن بما استدل الجمهور على تحديد المدة بأربعة أيام، الخامس والسادس والسابع وفي الثامن خرج إلى منى، نعم، يعني هو أقام بمكة أربعة أيام فقط صح وإلا لا؟ وأيضاً أذن للمهاجر أن يقيم ثلاثة أيام، يمكث ثلاثة أيام، وهو منهي عن الإقامة في البلد الذي هاجر منه، فدل على أن الثلاثة أيام ليست بإقامة، الثلاثة الأيام المأذون بها ليست بإقامة، إذن ما زاد عليها وهو اليوم الرابع فعلى هذا تكون الأيام الأربعة إقامة؛ لأنه لم يؤذن للمهاجر أن يقيم في البلد الذي هاجر منه أكثر من ثلاثة أيام، فدل على أن ما فوق الثلاثة وهي الأربعة إقامة، ونقول: مثل ما قلنا سابقاً أن مثل هذه الأدلة لا تنهض على تقرير مثل هذه المسألة الكبرى، لكن يبقى أن عدم التحديد فيه تضييع، فيه تضييع لهذه العبادة التي هي أعظم شعائر الإسلام، ولذا المعتمد عند الجمهور التحديد وهو المفتى به عند شيوخنا، هو المفتى به، وهو المعتمد حفاظاً على هذه العبادة العظيمة، محافظة على هذه العبادة العظيمة، ولكي يخرج الإنسان من عهدة هذه العبادة بيقين؛ لأنه إذا قصر الصلاة أو جمع مع وجود هذا الخلاف الكبير عرض صلاته للبطلان عند قوم، لكن إذا أتم صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ على جميع الأقوال حتى عند من يقول بوجوب القصر صلاته صحيحة، ما يقول أحد ببطلان الصلاة إذا أتمها المسافر، ولا يقول أحد ببطلان الصلاة إذا لم يجمع بين الصلاتين، فعلى هذا الاحتياط، الاحتياط لهذه العبادة العظيمة، الاحتياط لهذه العبادة العظيمة لا شك أنه أولى، ولذا رجع إليه الشيخ -رحمه الله-، وصلت مكة، وصلت جدة، وصلت الرياض، في هذه..، تصلي عشرين فرض إذا زادت خلاص، إذا نويت الإقامة أكثر من عشرين، إذا نويت الإقامة أكثر من عشرين فرض فأنت مقيم، أما أربعة أيام فأقل لست بمقيم مسافر.

طالب:.....

لا ما تقصر أربعة أيام أنت مقيم، ما تقصر، ما دام عازم على الإقامة، لكن ما دمت متردداً هل تجلس أربعة أيام؟ هل تجلس ثلاثة؟ هل تجلس عشرة؟ ما تدري فلو مكثت سنة تقصر وتجمع، الكلام فيمن أزمع أو عزم على الإقامة هذه المدة، وعلى كل حال لا حجر على الاجتهاد، لأن مو معنى هذا أننا إذا احتطنا للعبادة أننا نلغي الأقوال الأخرى، لا، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إمام من أئمة المسلمين، يعني لو ضبط لنا المسألة بضابط يمكن أن يحمل عليه الجميع مثل ما ذكرت الأدلة على تحديد المدة والمسافة قد لا تنهض لمثل هذا القول الكبير.

يقول: أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، معلوم أن هذا محمول على أنه لا يدري متى يسافر؟ هو عازم على عدم الإقامة لكن الإقامة الجبرية هل هي إقامة؟ إقامة جبرية، شخص أراد سافر بنية أن يجلس يوم، جاء من الرياض إلى الدمام أو العكس وفي نيته أن..، حاجة ويرجع على طول، صار له حادث وسجن لمدة شهر هذا مقيم؟ يعني الإقامة الجبرية هل تسمى إقامة؟ ليست إقامة، وعلى هذا فعل ابن عمر ستة أشهر يقول القائل: إن الثلج لن ينحل في أقل من شهر مثلاً الذي حال دونه ودون السفر، فكيف نقول: إن ابن عمر في حكم المقيم؟ نقول: هذه إقامة ليست بإقامة حقيقة، إنما هي ليست باختياره ولا بطوعه، يعني شخص سجن، شخص حبسه حابس ليست إقامته بطوعه ولا اختياره، إذن لا تسمى إقامة، مسألة الجمع ستأتي -إن شاء الله تعالى- غداً نختم بها الدورة، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب:......

الذي يقول: إنه خاص بالفرائض ما يدخل التراويح، ويش المانع أن تكون التراويح في البيت أفضل من المسجد وما يصليها جماعة؟ لا سيما إذا كان تركه للجماعة لهدف صحيح، يقول: الجماعة يقرؤون نصف جزء وأنا بأقرأ خمسة أجزاء، هذه أيام فاضلة ليش أفرط بها؟ ويفعله كثير من أهل العلم الآن، يصلون في بيوتهم، بدل من أن يقرأ نصف جزء ويسمع..، يصلي في بيته.

والأولى خشية أن يظن به خلاف ما هو عليه أن يصلي مع الجماعة ويزيد في بيته ما شاء، يصلي لنفسه ما شاء.

طالب:......

يعني إذا خرجوا من الأحساء وقت الظهر يصلون الظهر والعصر متى يصلون الرياض؟ بعد دخول وقت العصر.

طالب:......

هو إذا كان هدفهم أن يستريحوا من الصلاة هذه مشكلة، يعني ينبغي أن تصلى الصلوات في أوقاتها حسب الإمكان إذا كان هذا يشق عليهم فالله يحب أن تؤتى رخصه.

طالب:......

حديث اليوم حديث الباب: المغرب وتر النهار بالنص، وكونها وتر النهار ذكرنا أنها لأنها وقعت بعد أو ختام صلوات النهار فهي كالوتر له، ومعارضة هذا الكلام لحديث: ((لا وتران في ليلة)) غير واردة؛ لأن المقصود بالوتر الوتر الذي يقع بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، يعني لا معارضة بين هذا الحديث وحديث: ((لا وتران في ليلة)) لأن المقصود بالوتر الذي جاء المنع منه ما يقع في وقت الوتر، ووقت الوتر بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، فلو أوتر شخص مرتين بعد صلاة العشاء قلنا: لا وتران في ليلة، لكن ماذا عما لو أوتر في المغرب بين العشاءين هل يشمله حديث: ((لا وتران في ليلة))؟ نقول: صلى صلاة غير مشروعة، صلاة مبتدعة، لو صلى ثلاث ركعات بعد صلاة المغرب أو صلى خمس ركعات، أو صلى ركعة نقول: هذه بدعة لم يأتِ بها شرع، وأما صلاة المغرب فليست واقعة في وقت الوتر وإن كانت وتراً، فهي غير داخلة في الوتر المنفي.

طالب:......

الآن ما هو بعندنا وقت الصيام من طلوع الفجر إلى غياب الشمس، هل حصلت نية نقض الصيام نية الفطر في هذه المدة؟ إذن لا أثر لها، لكن لو نوى الإفطار في أي جزء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس من نوى الإفطار أفطر، طيب لو أن شخصاً..، وهذا كما هو معلوم في الفريضة أما النافلة لو نوى نقضها، نعم النافلة لو صلى الصبح وجاء إلى البيت وقال: عندكم فطور ناوي يأكل؛ لأنه لا يشترط للنافلة تبييت، النافلة لا يشترط لها تبييت نية، فيختلف حكمها عن حكم الفريضة، ما دام ما أكل ولو نوى أن يأكل لا أثر لهذه النية في صوم النفل، لكن لو نوى الإفطار في أي جزء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في الفريضة يقول أهل العلم: أفطر، من نوى الإفطار أفطر، طيب من نوى نقض الوضوء ينتقض وضوؤه وإلا ما ينتقض؟ نعم، شخص متجه إلى الدورة يريد أن ينقض الوضوء ويتوضأ، سمع الإقامة قال: أنقض الوضوء بعد الصلاة نقول: انتقض وضوؤه وإلا ما انتقض؟ ما انتقض، لماذا؟ نعم؟

طالب:.....

كيف؟

طالب:......

نعم نوى الإفطار ولا أكل ما هو مثله؟ مثله وإلا لا؟

طالب:.......

ويش هو؟ ويش هو اللي ما هو بواجب؟ ارفع صوتك، ارفع صوتك.

طالب:.......

ما هي بواجبة؟ شرط، مثل النية في الصيام، مثل النية في الصلاة، هم يقولون: من نوى الإفطار أفطر، فهل من نوى نقض الوضوء ينتقض وضوؤه بعد الفراغ من العبادة؟ النية لا أثر لها بعد الفراغ، نعم؟

طالب:.......

إذن نرجع إلى كلام الأخ، أنه بعد الانتهاء من العبادة لا أثر للنية فيها، ولذا إذا أذن المغرب وغربت الشمس ونوى الإفطار نوى نقض الصيام، قال: أنا هذا الصيام ما هو بمعجبني، أبصوم يوم غيره يبطل صيامه؟ صيام أمس، نعم ما له أثر بعد الفراغ من العبادة، ولذا يقولون في النية..، لكن التنظير أن يقال شخص يتوضأ الآن لما غسل وجهه ويديه، غسل وجه واليدين نوى نقض الوضوء، ينتقض وإلا ما ينتقض؟ ينتقض ولذا يشترطون استصحاب الحكم، حكم النية، إيش حكم النية؟ ألا ينوي نقضها حتى تتم الطهارة، وهنا لا ينوي نقض الصيام حتى يتم الصيام، فإذا نوى نقض الطهارة بعد فراغه من الطهارة، أو نوى نقض الصيام بعد فراغه من الصيام لا أثر لهذه النية.

طالب:.......

أما بالنسبة للزوم الجماعة على من يسمع النداء عليه أن يجيب، كما في حديث ابن أم مكتوم ((أتسمع النداء؟)) قال: نعم، قال: ((أجب لا أجد لك رخصة)) وأما بالنسبة للقصر في المشاعر والجمع في عرفة وفي مزدلفة فمن أهل العلم من يقول: إنه من أجل النسك، وعلى هذا يجمع ويقصر كل حاج، سواء كان بينه وبين مسكنه مسافة قصر أو دون ذلك، ولا ينظر إلى المسافة حتى أهل مكة يجمعون ويقصرون؛ لأن الجمع والقصر من أجل النسك، ليستعان بالقصر والجمع على تطويل وقت الوقوف، وتطويل وقت الراحة في مزدلفة لمباشرة أعمال يوم النحر بقوة ونشاط، هذا قول معتبر عند أهل العلم، ومنهم من يقول: أبداً الجمع والقصر للسفر، وعلى هذا لا يجمع في عرفة إلا من كان بينه وبينها مسافة قصر، ولا يجمع في مزدلفة إلا من كان بينه وبينها مسافة قصر، ولا يقصر في منى إلا من كان بينه وبينها مسافة قصر، وهذا هو مقتضى قول الأكثر، مقتضى قول الجمهور، لكن ما حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه نبه أهل مكة أن يتموا الصلاة في عرفة ولا في مزدلفة ولا في منى إنما نبههم في مكة، لما صلى بهم في المسجد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أتموا فإنا قوم سفر)) لكن مقتضى قول الجمهور أن أهل مكة ومن كان دونه ودون هذه المشاعر أقل من مسافة القصر أنهم لا يجوز لهم أن يقصروا الصلاة ولا يجمعوا.

طالب:.......

نعم الرخص حكمها واحد، الرخص حكمها واحد، لا يجوز أن يجمع، ولا يجوز أن يقصر حتى يفارق عامر البلد، نعم.

طالب:.......

المرأة لا يلزمها المصافة، وجاء في حديث أنس أن أم سليم خلفهم، والعجوز من وراءنا، فليست..، انفراد المرأة في الصف لا يقتضي بطلانه، وتكون حينئذٍ مخصصة من عموم: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) الكلام موجه إلى الرجال، يعني لو أن الانفراد مؤثر في النساء لطلب امرأة نعم تصلي مع أم سليم، وحينئذٍ لا صلاة لمنفرد خلف الصف، أما الرجال فالجماعة والمصافة مقصد شرعي بالنسبة لهم، نعم.

طالب:.......

من يقف في آخر الصف الأول المتأخر نظير من يقف في الصف المؤخر من الرجال، نعم.

طالب:.......

الحكم الشرعية قد ندركها وقد لا ندركها، قد يقول قائل: النساء في مكان معزول لا يراهن أحد، والتقدم مطلوب، والقرب من الإمام و..، هذا النص، وعلينا أن نسمع ونطيع ((خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)).

طالب:.......

 

لا يجوز السفر ولا..، السفر يعني الخروج من البلد والبروز منه لا يجوز ولا دقيقة فضلاً عن ساعة، ويتساهل الناس في السفر لا سيما المعلمات يخرجن من البلد مع سائق، ولو كن جمعاً، لا يجوز السفر والمراد بالسفر الإسفار والبروز والخروج عن البلد، فلا يجوز أن تركب مع غير محرمها، ولو كن جمعاً من النساء، السفر له مخاطر، يسأل بعض من يتولى نقل المعلمات إلى خارج المدن يقول: إننا لا نستطيع أن نقف في أثناء الطريق لأداء صلاة الصبح، ويريد أن ينتظر بالصلاة حتى تطلع الشمس ويصلون المدرسة، ظلمات بعضها فوق بعض، ظلمات بعضها فوق بعض، كم من المصائب والكوارث حصلت من مثل هذا التساهل، هذا بالنسبة للسفر، أما بالنسبة للخلوة بالسائق فتحرم الخلوة بالسائق في السيارة إذا لم يكن محرم ولو كانت داخل المدن، فإذا انضم إليها أخرى انتفت المحرمية، انتفت الحرمة لعدم الخلوة، ونفرق بين الخلوة وبين السفر، السفر ولو انتفت الخلوة تبقى الحرمة لا بد من محرم، داخل المدن انتفى السفر فلا بد من انتفاء الخلوة ..

يقول: إن بعض الشباب يصورون المشايخ بالجوالات يصورنهم بالجوالات؟

الآلة التي في الجوال آلة تصوير، والتصوير المترجح عندي في أمره أنه بجميع صوره وأشكاله وآلاته داخل في التحريم، فعلى هذا لا يجوز تصوير ذوات الأرواح بأي آلة كانت، فعلينا أن نتقي الله -جل وعلا- في أنفسنا، وأننا محاسبون فيما نأتي وفيما نذر، ولا أبيح لأحد كائناً من كان أن يصورني؛ لأن هذا هو المترجح عندي لا أجيز لأحد أن يصورني، والله المستعان.