شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (33)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يا ذا الجلال والإكرام، قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا
ارْفَعُهَا بِحَيْثُ لاَ مُنَاولَهْ
وَبَعْضُهُمْ حَكَى اتِّفَاقَهُمْ عَلَى
نَفْي الْخِلاَفِ مُطْلَقًَا، وَهْوَ غَلَطْ
وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بأِنْ للشَّافِعِي
مَذْهَبِهِ (الْقَاضِي حُسَيْنٌ مَنَعَا
قَالاَ كَشُعْبَةٍ وَلَو جَازَتْ إِذَنْ
وَعَنْ (أبي الشَّيْخِ) مَعَ (الْحَرْبِيِّ)
لَكِنْ عَلى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا
قَالُوا بِهِ، كَذَا وُجُوْبُ الْعَمَلِ
وَالثَّانِ: أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ
جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلاَ
وَالثَّالِثُ: التَّعْمِيْمُ فِي الْمُجَازِ
مُطْلَقًَا (الْخَطِيْبُ) (وَابْنُ مَنْدَهْ)
وَجَازَ لِلْمَوْجُوْدِ عِنْدَ (الطَّبَرِيْ)
وَمَا يَعُمُّ مَعَ وَصْفِ حَصْرِ
فَإِنَّهُ إِلى الْجَوَازِ أَقْرَبُ
فِي ذَا اخْتِلاَفًَا بَيْنَهُمْ مِمَّنْ يَرَى

 

وَنُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ أَنْوَاعَا
تَعْيِيْنُهُ الْمُجَازَ وَالْمُجْازَ لَهْ
جَوَازِ ذَا، وَذَهَبَ (الْبَاجِيْ) إِلَى
قال: وَالاخْتِلاَفُ فِي الْعَمَلِ قَطْ
قَوْلاَنِ فِيْهَا ثُمَّ بَعْضُ تَابِعي
وَصَاحِبُ (الْحَاوي) بِهِ قَدْ قَطَعَا
لَبَطْلَتْ رِحْلَةُ طُلاَّبِ السُّنَنْ
إِبْطَالُهَا كَذَاكَ (لِلسِّجْزِيِّ)
عَمَلُهُمْ، وَالأَكْثَرُوْنَ طُرَّا
بِهَا، وَقِيْلَ: لاَ كَحُكْمِ الْمُرْسَلِ
دُوْنَ الْمُجَازِ، وَهْوَ أَيْضًَا قَبِلَهْ
وَالْخُلْفُ أَقْوَى فِيْهِ مِمَّا قَدْ خَلاَ
لَهُ، وَقَدْ مَالَ إِلى الْجَوَازِ
ثُمَّ (أبو الْعَلاَءِ) أَيْضًَا بَعْدَهْ
وَالشَّيْخُ لِلإِْبْطَالِ مَالَ فَاحْذَرِ
كَالْعُلَمَا يَوْمَئِذٍ بِالثَّغْرِ
قُلْتُ (عِيَاضٌ) قالَ: لَسْتُ أَحْسِبُ
إِجَازَةً لِكَوْنِهِ مُنْحَصِرَا
ج

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: الثالث: أي القسم الثالث من أنواع التحمل بعد السماع من لفظ الشيخ والقراءة عليه، الذي يسمونه العرض الإجازة.

الإجازة: مصدر أجاز يجيز إجازة، وأصلها إجوازة كإعانة وإقامة، يقولون: تحركت الواو، وتوهم افتتاح ما قبلها فقلبت ألفًا، فاجتمع ألفان، فحذفت إحداهما، إما الأصلية أو المنقلبة عن الواو، على خلاف بين الأخفش وسيبويه، قولهم تحركت الواو وتوهم انفتاح ما قبلها، كل هذا تمرير للقواعد، تمرير للقاعدة، ومنهم من يقول كالخضري في حاشيته على ابن عقيل يقول: تحركت الواو بحسب الأصل، وانفتح ما قبلها باعتبار الحال، يعني بعد القلب، وهذا لا يجري على قاعدتهم، المقصود أن هذا أصلها إجوازة كإقامة وإعانة وإمامة، وغيرها ما جاء على هذا الوزن، وأصل اللفظ يرد للعبور والانتقال، تقول: عبرت أو جزت النهر إذا عبرته وانتقلت من ضفة إلى أخرى، وأيضًا يرد اللفظ للإباحة الذي هو الجواز، قسيم المنع، وقسيم الحظر، وبعضهم يقول: إن الإجازة مأخوذة من المجاز، ويقول: إن حقيقة الرواية إنما هي في السماع والعرض، ومجازها بالإجازة والمناولة، وما يلي ذلك؛ لأن الإجازة لا يدل عليها لا مستند شرعي ولا لغة، لا يطلق على من أذن له أن يحدث عن شخص أن الشخص الأول حدثه، يعني في اللغة، ولا في الشرع، إذا قال: إذا وجدت فرصة مناسبة لئن تتحدث باسمي أو تحدث عني بكلام طيب فحدث، الشرع يؤيد هذا وإلا ما يؤيده؟ ما يؤيد هذا، يعني لو أنت قلت، أو قيل لك في أي عقد تحضره وتصدق المتعاقدين فأنت وكيل عني اشهد وأثبت شهادتي، أذنت له أن يشهد عنك، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز أبدًا، ما يجوز، ولو قلت له: شوف أدنى مناسبة أو فرصة للحديث، إذا رأيت مجتمعًا من الناس، الناس مجتمعون في مناسبة فتحدث بكلام طيب تعظ به الناس باسمي، قل: إن فلان يقول كذا، يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز؛ ولذا حجة من منع الرواية بالإجازة أن من قال لغيره: حدث عني بما لم تسمعه مني كأنه قال له: أجزت لك أن تكذب عليّ، والأصل في الرواية على ما تقدم، إما أن يسمع من لفظ الشيخ، أو يقرأ على الشيخ فيقر، هذه الأنواع الأخيرة بدءًا بالإجازة احتيج إليها، كثر الناس، وكثرت الأحاديث، فصار من الشاق جدًّا، ومن الذي لا يطاق أن يجلس كل شيخ لكل طالب في كل كتاب، مستحيل هذا، يعني إذا قدرنا أن كتب السنة يعني في ألف مجلد، والراوي المسند الشيخ الذي عنده، الذي روى هذه الكتب بالسماع أو بالعرض عن شيوخه يستحيل أن يجلس لكل من جاءه أن يقرأ عليه جميع هذه الكتب، فتسمحوا بقول الشيخ: أذنت لك يا فلان أن تروي عني مروياتي هذه الكتب، هذه هي الإجازة، الإذن بالرواية الإجمالي، الإذن بالرواية المفيد للإخبار الإجمالي عرفًا، فهو يروي عنك إجمالًا، ثم يحدث عنك تفصيلًا، أجزتك أن تروي عني صحيح البخاري، ثم يقول: حدثنا شيخنا قال: قال البخاري إلى إسناده حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان... إلى آخره، هو ما تلقى عنك حديث: الأعمال بالنيات لا بالسماع منك، ما سمعه من لفظك، ولا قرأه عليك، وإنما تسمح الناس في مثل هذا الإذن، وصارت الكتب والأحاديث تروى به؛ نظرًا للمشقة العظيمة التي تلحق المسندين مع كثرة الطلاب وكثرة الكتب، وصارت الإجازة بالنسبة للطلاب الحديث بعد أن كان طالب العلم يلزمه أن يرحل من أجل حديث واحد يسمعه، يرحل من المدينة إلى بغداد، يرحل من المدينة إلى مصر، يرحل من المدينة إلى اليمن؛ ليسمع حديث يوجد عند فلان من الرواة، صار يكتب إليه ويجيز وينتهي الإشكال بجميع ما يرويه، وتيسر الأمر للطلاب، يعني نظير تيسر الطلب الآن من خلال الآلات، يعني الرجل في بيته ومتخفف من جميع التكاليف التي تلزمه لو خرج، وجالس في بيته ويسمع الدروس، هذه من نِعم الله، ومع ذلك يسمع تفصيلًا، ما هو بمثل الإجازة بعد أقوى من الإجازة، يسمع تفصيلًا، ولا يحتاج إلى أن يرحل، يعني الطالب في أقصى المشرق يسمع في الوقت الذي يسمع فيه من في أقصى المغرب، واحتيج للإجازة؛ لأن المسافات بعيدة، والأحاديث كثيرة، والشيوخ كثير فشق عليهم، وشفع لهذا التسامح الأثر المرتب على الرواية، يعني الإجازة ما كانت معروفة في عصور الرواية، حينما كانت الرواية بالفعل يترتب عليها التصحيح والتضعيف، لكن لما كان الأثر المرتب على اتصال الأسانيد هو مجرد إبقاء السلسلة التي هي خصيصة هذه الأمة تسامحوا، سهل اروِ عني صحيح البخاري؛ لأن صحيح البخاري مدون ومضبوط ومتقن، وأنا أروي صحيح البخاري برواية أبي ذر، وبرواية فلان أو علان، وأنت ترويه عن طريقي بهذه الرواية، فما صار للرواية ذاك الأثر البالغ الذي يترتب عليه الثبوت من عدمه، فتسامحوا في كيفية الرواية، وتجاوزوا عن كثير من الشروط التي يشترطونها في الرواة؛ لأنه الآن صار أثرها يعني مالها أثر حقيقي عملي، يقول بعض من أبطل الإجازة: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة، هذه يحتج بها من يرى أن الإجازة غير صحيحة، ولكن هذا الاستدلال، أو هذه العلة التي من أجلها تبطل الإجازة علل لا تثمل ولا تثبت أمام التمحيص؛ لأن الرحلة ليست مقصودة لذاتها؛ لأنه يلزم عليه أنه لو رحل من المشرق أو المغرب وروى عن الشيخ بالإجازة صحت روايته؛ لأنه ما بطلت الرحلة، والإجازة لا تتأثر سواء حضر إلى الشيخ أو لم يحضر.

يقول -رحمه الله تعالى-:

طالب:........

عرفنا أنها ترد للعبور والانتقال، ترد أيضًا للإباحة التي هي قسيم المنع، وقال بعضهم: إنها من المجاز، كونها للعبور أو الانتقال العبارة عبرت أو المروي عبر من الشيخ إلى تلميذه بهذا الإذن الإجمالي، وأيضًا الإباحة كأنه يبيح له أن يروي عنه، ويجيز له أن يروي عنه، وكذلك قولهم: إنها مأخوذة من المجاز، هذا عند من يثبت المجاز، يقول: إن حقيقة الرواية إنما هي بما يسمع من لفظ الشيخ، أو يقرأ عليه، وما عدا ذلك مجاز، لماذا؟ لأنه لفظ استعمل في غير ما وضع له، وهذه حقيقة المجاز عند من يقول به.

قال -رحمه الله-:

ثم الإجازة تلي السماعا
 
ج

 

...................................

الذي هو القسم الأول أو الثاني؟

طالب:.......

لكن هل بالفعل الإجازة تلي السماع، وعلى هذا تكون فوق العرض؟ نعم؟ إذا قلنا: "ثم الإجازة تلي السماعا" تلي القسم الأول، إذًا القسم الثاني وليست الثالث، نعم؟

إذا قلنا: إنها تلي السماع يعني من لفظ الشيخ، قلنا: إنها أقوى من العرض، وهي القسم الثاني وليس الثالث، حتى الناظم يفسر هذا الكلام بأن الإجازة تلي السماع عرضًا، يعني الذي يسمع من لفظ القارئ على الشيخ، السماع يشمل السماع المرتبة الأولى، ويشمل السماع الثاني؛ لأن السماع القسم الأول والثاني كلاهما سماع، الأول من لفظ الشيخ، والثاني من لفظ القارئ على الشيخ، فهو مجمل يتناول القسمين؛ ولذا صارت الإجازة هي القسم الثالث.

ثم الإجازة تلي السماعا
 
ج

 

...................................

وابن منده يرى أنها أعلى منه، أعلى من السماع، ومنهم من يقول: هما سواء، ما دام أذن له أن يروي فكأنه سمع، وهذان القولان ليسا بشيء؛ لأن الخلاف في أصل جواز الإجازة، في أصل جواز الرواية بالإجازة، والقسم الأول والثاني تصح الرواية بهما بالإجماع، ولهما من الدلائل اللغوية والشرعية مما لا يجعل في النفس أدنى ريب أو شك في صحة الرواية بهما، أما الإجازة فالخلاف فيها قوي، والرواية بها والاستدلال للرواية بها لا شك أن فيه غموض، يعني شيء حادث طارئ، لا يوجد في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا في عصر صحابته الكرام، ولا في عصر التابعين، إنما وجد متأخرًا.

ثم الإجازة تلي السماعا
 
ج

 

ونوعت لتسعة أنواعا

نوعت يعني قد نوعت الإجازة "لتسعة أنواعا"، يعني تسعة أنواع، وهي متفاوتة في القوة والضعف؛ لأن منها ما يعين فيه المجاز له، والمجاز به، كأن يقول: أجزت لمحمد بن عبد الله بن فلان الفلاني عيّن المجاز له برواية صحيح البخاري عني، عين المجاز والمجاز به، هذه أرفع الأنواع، الثاني: يعين المجاز ولا يعين المجاز به، الثالث: يعين المجاز به ولا يعين المجاز... إلى آخر الأقسام التي سوف يذكرها الناظم -رحمه الله تعالى- واحدًا تلو الآخر.

فأرفعها الذي هو النوع الأول.

أرفعها بحيث لا مناوله
 
ج

 

...................................
ج

أرفع هذه الأنواع التسعة حيث لا مناولة؛ لأن الكلام في القسم الثالث في الإجازة المجردة عن المناولة؛ لأن عندنا إجازة مجردة، أجزت لك أن تروي عني صحيح البخاري، وهناك مناولة مقرونة بالإجازة، هذا صحيح البخاري خذه فاروه عني، لا شك أن هذا أعلى.

الثالث: المناولة المجردة عن الإجازة، وهذه باطلة على ما سيأتي.

وإن خلت عن إذن المناوله
 

 

قيل: تصح والأصح باطله
ججج

يعني إذا ناوله كتابًا يرويه عنه بمجرد المناولة؟ لا، وسيأتي الكلام في هذا، المقصود أن الكلام في الإجازة المجردة عن المناولة، الباب كله في الإجازة المجردة عن المناولة، فأرفعها مما تجرد بحيث لا مناولة معها

....................................
 

 

تعينه المجاز والمجاز له
ججج

الأول تعينه، تعيين المجيز المجاز به الكتاب، والمجاز له وهو الطالب، هذا أرفع أنواع الإجازة.

وبعضهم حكى اتفاقه على
ج

 

جواز ذا...........................
 
ج

بعضهم فيما ذكره القاضي عياض حكى اتفاقهم، يعني اتفاق العلماء على جواز ذا، يعني هذا النوع، لكن ذهب القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي إلى نفي الخلاف مطلقًا، يعني عن صحة الإجازة التي من هذا النوع، مطلقًا يعني من هذا النوع وغيره "وذهب الباجي إلى *** نفي الخلاف مطلقًا" يعني عن صحة الإجازة، فقال: صحيحة مطلقًا هذا النوع وغيره "وهو غلط" يعني كما ستراه من الخلاف في الأنواع الأخرى

..........................وهو غلط
جج

 

قال: والاختلاف في العمل قط
ج

يعني قال الباجي: والاختلاف، يقول الباجي: لا خلاف في جواز الرواية بها، يعني الإجازة، لكن الاختلاف في العمل قط، الخلاف إنما هو في العمل، يعني الرواية تجوز، لكن العمل لا يجوزن، مثل ماذا؟ المرسل تجوز روايته، لكن لا يجوز العمل به، المرسل، المنقطع، المعلق، تجوز روايتها، لكن لا يجوز العمل بها؛ ولذلك قال: قال -يعني الباجي-: لا خلاف في جواز الرواية بها، والاختلاف إنما هو في العمل قط، يعني فقط، وفي الدرس -درس الميمية- مر علينا قط مرادًا بها فقط.

...................................
ج

 

وبالعتيق تمسك قط واعتصمِ
ج

ج

يعني فقط دون غيره، وهنا يقول: "والاختلاف في العمل" يعني بها، الاختلاف إنما هو في العمل بها "قط" أي فقط.

ورده الشيخ بأن للشافعي
ج

 

قولان فيها ثم بعض تابعي
ج

ورده أي قول الباجي بنفي الخلاف الشيخ ابن الصلاح، بـ(أن) هذه مخففة من الثقيلة "بأن للشافعي *** قولان فيها" مخففة، إذا خففت أن وإن قل العمل.

وخففت إن فقَلّ العملُ
ج

 

...................................
جج

يعني يكون إهمالها أقوى من إعمالها؛ ولذا قال: "قولان" لم يقل: قولين، وهي اسم (إن) الأصل أنه اسم إن، لكنها لما خففت قل العمل، {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طـه].

وخففت (إن) فقل العملُ
ج

 

...................................
جج

"ورده الشيخ" يعني رد قول الباجي الشيخ ابن الصلاح "بـ(أن)" وهذه مثلما قلنا: مخففة من الثقيلة؛ ولذلك رفع اسمها ولم ينصب "بـ(أن) للشافعي" وكذلك لمالك قولان فيها، أي في جوازها ومنعها، فقول الشافعي يجيز الإجازة، وقول يمنع الإجازة، والربيع فاته قدر يسير من الأم للشافعي، فاته بالسماع فأراد أن يتحمله بالإجازة فرفض الإمام الشافعي، قال: اجلس واقرأ، هذا يدل على أنه لا يرى الإجازة، وروي عنه بل ثبت عنه أنه أجاز مما يجعل المنع إنما هو لتكون الرواية مطردة، تكون رواية الكتاب كلها بالعرض.

"قولان فيها" أي في جوازها ومنعها "ثم بعض تابعي" يعني ثم رده بعض تابعي مذهبه، يعني مذهب الشافعي،

مذهبه القاضي الحسين منعا

 

...................................

بعض تابعي مذهب الشافعي منع الرواية بها جزمًا، وهو القاضي الحسين بن محمد المروزي، أحد أعيان المذهب، وأحد الوجوه، أصحاب الوجوه المعتبرة في المذهب، منع الرواية بها جزمًا.

...................................
 
ج

 

وصاحب الحاوي به قد قطعا
ج
ج

الماوردي أبو الحسن الماوردي أيضًا إمام من أئمتهم "صاحب الحاوي" الكبير "فيه" يعني في الحاوي "به" بعدم الجواز "قد قطعا" مع عزوه المنع لمذهب الشافعي، عزا لمذهب الشافعي المنع أيضًا "وقالا" يعني القاضي حسين والماوردي "كشعبةٍ" يعني كقول شعبة بالصرف للضرورة وإلا فالأصل أنه ممنوع من الصرف، "كشعبة ولو جازت إذن" يعني ولو جازت الإجازة، إذن بالنون؛ لأن بعضهم يكتبها بالألف والتنوين إذًا.

طالب:.......

يعني النون فيه ليست منقلبة عن تنوين، إنما هي أصلية عند المبرد، ومن يقول بقوله، ويقول: "وددت أن أكوي يد من كتبها بالألف" مع أن غيره يجيز هذا، يتوسع فيه؛ لأن التنوين نون ساكنة ينطق بها ولا تكتب.

"ولو جازت" يعني الإجازة "إذن" بالنون.

...................................
ج

 

لبطلت رحلة طلاب السنن

الرحلة: هي الانتقال من البلد إلى غيره من البلدان التي يكثر فيها أهل العلم، أهل الرواية، أهل الإسناد، وما زالت -ولله الحمد- الرحلات تتتابع لطلب العلم، وإن لم تكن للرواية لكنها لطلب العلم، وهو في الجملة محمود.

...................................
ج

 

لبطلت رحلة طلاب السنن

لأجلها، يعني لأجل السنن من بلد إلى بلد لاستغنائهم بالإجازة عنها، يعني الآن ما يحتاج ولا من يرحل بالكتاب، يعني إذا طلبت الإجازة من المشرق إلى المغرب أو العكس، هذا الاستدعاء للإجازة يحتاج إلى من يرحل به إلى المشرق، الآن اكتب الطلب وبالفاكس يمشي ويرجع عليك نفس الشيء بلحظة، تيسرت الأمور ولله الحمد.

...................................
ج

 

لبطلت رحلة طلاب السنن

وقلت: إن هذه العلة لا تكفي لرد الإجازة؛ لأن الرحلة ليست مقصودة لذاتها، الآلات أبطلت الرحلة عند كثير من طلاب العلم، الآلات يطلب العلم وهو في بيته، ويحصل ما يحصله من يطلب الدرس، وقد يجاب على سؤاله قبل سؤال من يحضر الدرس.

وعن أبي الشيخ مع الحربي
 
ج

 

إبطالها كذاك للسجزي

وجاء عن أبي الشيخ عبد الله بن محمد الأصبهاني مع أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي، وصالح بن محمد المعروف بجزرة، إمام من أئمة الحديث، جاء عنهم إبطالها، وحكاه الآمدي وابن الحاجب عن أبي حنيفة وأبي يوسف "كذلك للسجزي" أبي نصر عبد الله بن سعيد الوائلي السجستاني، يقال: السجستاني وسجزي "لكن على جوازها" على جواز الإجازة.

لكن على جوازها استقرا
ج

 

عملهم.............................
 
ج
 
ج

أي عمل أهل الحديث قاطبة، وصار إجماعًا، يعني بعد عصور الرواية استقر الأمر على جواز الإجازة.

لكن على جوازها استقرا
ج

 

عملهم والأكثرون طرا

"قالوا به" أو بها، والأكثرون طرًّا عملهم يعني عمل أهل الحديث قاطبة، ونقل فيها الإجماع، "والأكثرون" من العلماء "طرًّا" يعني جميعًا "قالوا به" أي بالجواز، قالوا به، الأكثرون طرًّا كيف ينقل الإجماع وهو يقول: والأكثرون طرًّا قالوا به، أي الجواز؟ يعني قبل انعقاد الإجماع، يعني قول الجمهور قبل انعقاد الإجماع، ثم انقرض الخلاف، قالوا به أو بها، يعني بالجواز بالرواية بها، وقال السلفي وهي ضرورية، السلفي يقول: ضرورية، السلفي إمام مسند محدث، مكثر، جاب البلدان والأقطار من أجل الرواية، ولو جلس في كل بلد ليأخذ عن أهله بالسماع أو بالعرض ما رجع إلى أهله، لكنه جاب الأقطار والبلدان والتقى بالشيوخ وأهل الإسناد وأخذ مروياتهم بالإجازة، ورجع إلى بلده، وعد من المسندين الكبار؛ ولذا يقول: هي ضرورية، لماذا؟ لأنها لو لم تكن ضرورية وألزم بأن يسمع أو يعرض، ما رجع إلى أهله، يعني الرحلة من بلد إلى بلد تحتاج إلى أشهر، جابر بن عبد الله سافر إلى عبد الله بن أُنيس شهرًا كاملاً من أجل حديث واحد، والسلفي جاب الأقطار وحمل مئات الألوف من الأحاديث بطريق الإجازة، ولو سمعها أو عرضها لاحتاج إلى أضعاف عمره، فضلًا عن كونه يرجع إلى بلده أو لا يرجع؛ ولذا قال: هي ضرورية.

...................كذا وجوب العملِ
جج

 

بها وقيل: لا كحكم المرسلِ
ج

كذا لما استقر الأمر على جواز الرواية بها، كذا استقر كما هو المعتمد وجوب العمل والاحتجاج بالمروي بها، قد يقول قائل: إن المعول في الاحتجاج والعمل هو ما دُوّن في الكتب بالأسانيد المتصلة بالسماع والعرض، فلسنا بحاجة إلى أن نعول على الإجازة ونعتمد عليها.

...................كذا وجوب العملِ
جج

 

بها وقيل: لا كحكم المرسلِ
ج

يعني لو افترضنا أن عالمًا من أهل الحديث ومن أهل الفقه ليست عنده إجازات، وليست عنده روايات بالكتب، كتب السنة المدونة كالصحيحين والسنن والمعاجم والمسانيد والمصنفات والمستخرجات والموطآت، ما عنده روايات ماذا نقول عنه؟ نقول: هذا ليس بمحدث وله عناية كبيرة بمعرفة الحديث رواية ودراية؟ لكن ما عنده أسانيد، يقول: أنا ما أؤمن بأهمية الأسانيد، ثم ماذا إذا قلت: حدثني فلان عن فلان في عشرين نفسًا إلى البخاري ثم قلت: قال الإمام البخاري: حدثنا الحميدي، ماذا يستفيد الحديث؟ يقول: ما له قيمة؛ ولذلك لو قيل لي: أجزتك قلت: ما أريد، هذا يبقى محدثًا وفقيهًا وإلا يقال: ما له قيمة هذا، ما عنده أسانيد؟ محدث؛ لأن اتصال الأسانيد في العصور المتأخرة ليس له أثر عملي، العمل على صحة نسبة الكتب إلى مؤلفيها، فإذا ثبتت نسبة الكتاب إلى مؤلفه انتهى الإشكال، تدرس الإسناد من هذا المؤلف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وما عدا ذلك..، لكن لو كان لك رواية بصحيح البخاري ثم جاء من يدرس..، رواية في سنن أبي داود دعنا من صحيح البخاري؛ لأنه ما يحتاج إلى دراسة، بينك وبين أبي داود مثلًا ثمانية عشر أو تسعة عشر نفسًا، ثم جاء واحد يحتاج إلى أن يستدل بحديث من سنن أبي داود عن طريقك، وذكر إسنادك كاملًا، ثم قال أبو داود..، وذكر الحديث هل يترجم لك؟ وينظر في قوتك وضعفك؟ يحتاج يترجم لشيخك لينظر..؟ يترجم لثمانية عشر شخصًا لينظر هل فيهم المقبول وفيهم المردود؟ لا، أبدًا ما يحتاج إلى هذا، ما يحتاج إلى هذا إطلاقًا، وقل مثل هذا في الكتب الأصلية التي تروي الحديث بالوسائط، يعني البغوي مسند، يروي الحديث أحيانًا بأسانيده المستقلة، وأحيانًا بواسطة الكتب يروي عن اثنين أو ثلاثة، ثم يقول: حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا الحميدي قال: حدثنا فلان، في شرح السنة، ونحن نحقق شرح السنة نصحح ونضعف نحتاج إلى أن ندرس من بين البغوي إلى البخاري والحديث في صحيحه؟ ما نحتاج، نحتاج إلى أن ندرس البغوي ثم شيخه، ثم شيخ شيخه، ثم اللؤلؤي، ثم أبي داود، ثم سند أبي داود إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ما نحتاج، فالكتب المسندة الأصلية التي تروي بواسطة الكتب، بواسطة الأئمة المصنفين كالبيهقي مثلًا يروي أحاديث عن طريق أصحاب الكتب، وقد يروي أحاديث بسنده المستقل؛ لأنه إمام مسند، ما رواه على جهة الاستقلال، هذا يدرس، يدرس شيخه، يدرس شيخ شيخه إلى آخر السند، لكن ما رواه في أثناء الطريق إمام مصنف نرجع إلى الأصل وندرس إسناد أبي داود أو إسناد الترمذي، أو إسناد ابن ماجه، أو إسناد الكتب المصنفة المتداولة، بعد أنه نتأكد أن هذا الحديث موجود في الأصل، فنرجع إلى دراسة هذا الحديث في الأصل؛ لأن المؤلف قد يعتمد على رواية ليست هي المتداولة بين أيدينا، فلا نجد الحديث في سنن أبي داود؛ لأننا اعتمدنا رواية اللؤلؤي، وهو اعتمد رواية ابن داسه مثلًا، أو رواية ابن العبد، أو أورد الحديث من  طريق البخاري، فبحثنا عنه ما وجدناه في صحيح البخاري؛ لأنه اعتمد رواية حماد بن شاكر، ونحن اعتمدنا على رواية أبي ذر، ومع ذلك إذا رواه عن طريق حماد بن شاكر عرفنا أنه في رواية حماد بن شاكر هل نبحث عن هذه الرواية لنتأكد؟ أو نثق بهذا الإمام البيهقي ونقول: خلاص خرجه الإمام البخاري وهو موجود في رواية حماد مما زاده عن رواية...؟ مع أن رواية حماد الغالب فيها النقص ليس فيها الزيادة، يعني نثق بهذا الإمام، ولا نحتاج إلى أن ندرس الواسطة، يعني شدد كما تقدم في أوائل الألفية حينما تكلم الناظم عن نقل الحديث من الكتب المتعمدة، قال:

قلت: ولابن خير امتناعُ
 

 

نقل سوى مرويه إجماعُ
ج

يعني كلام ابن خير في فهرسته –الإشبيلي- يجعل طالب العلم يحرص على الإجازة، لماذا؟ لأنه قال: يمتنع أن ينقل حتى من الكتب المؤلفة تنقل حديثًا وأنت ليست لك به رواية، أو تعمل بحديث ليست لك به رواية، فيجعل الذي لا رواية له متصلة بالأئمة بالكتب يجعله لا يجوز له أن يتطاول على هذه الكتب، ولا يروي منها، ولا ينقل، ولا يعمل، حتى تكون له به رواية، لكن هذا الإجماع الذي نقله منقوض بإجماع آخر، ابن برهان نقل الإجماع على أنه يجوز لمن أراد الرواية أو النقل أو العمل أن ينقل من صحيح البخاري، ويعمل بما في صحيح البخاري ولو لم تكن له به رواية، وهذا محل إجماع.

...................كذا وجوب العملِ
 
جج

 

بها...................................

يعني والأكثرون طرًّا، أو الإجماع إن ثبت عدم المخالف فيما بعد، عدم المخالف، إن لم يوجد مخالف فيما بعد، هذا في الرواية والعمل "وقيل" وهو قول أهل الظاهر كابن حزم وغيره: لا يجوز العمل به، تجوز الرواية بها، لكن لا يجوز العمل بها كحكم الحديث المرسل؛ لأن فيها انقطاع، يعني ما دامت هذه الرواية بالإجازة غير معتبرة، يعني تروي بواسطة الإجازة الخبر، لكن لا تعمل به؛ لأن الشيخ الذي تحدث عنه بالإجازة ما حدثك، لا أسمعك ولا سمع منك، فحكمها حكم المرسل، لكن الخطيب البغدادي الحافظ رد هذا الكلام، يقول: كيف يكون من تعرف عينه وعدالته بمنزلة من لا نعرفه؟! في السند المرسل ويشمل أنواع الانقطاع فيه راوٍ لا نعرف عينه، فيه سقط ما نعرفه، لكن في الإجازة أنت تعرف الذي أجازك، ومن أجازه ومن أجازه إلى آخره، كلهم معروفون، ففرق بينها وبين المرسل.

طالب:........

دعنا ممن يقول به، لكن على القول بعدم الجواز به؛ لأنه إذا صحت الرواية بالأصل المقيس عليه كقول الحنفية والمالكية من باب أولى أن تصح الرواية بالفرع، مع أنه ذكر عن مالك وأبي حنيفة أنهم لا يرون الرواية بالإجازة "والثانِ" يعني النوع الثاني، وحذفت الياء.

والثانِ أن يعين المجاز له
جمهورهم..........................

 

دون المجاز وهو أيضًا قبله
...................................

إذا عين المجاز له دون المجاز به هذا النوع أيضًا قبله الجمهور من العلماء، الثاني: من أنواع الإجازة المجردة من المناولة أن يعين المجيز المجاز له –الطالب- دون الكتاب المجاز به "وهو" أي هذا النوع "أيضًا قبله *** جمهورهم" أي جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء سلفًا وخلفًا "رواية وعملًا" رواية به من غير تعيين للمجاز به، وعملًا بالمروي به بشرطه، هو الآن مجهول، لكن بشرط أن يؤول إلى العلم، شريطة أن يؤول إلى العلم، لكن لو استمرت الجهالة، أجزتك أن تروي عني بعض مروياتي، هذا يؤول إلى العلم؟ هذا لا يمكن أن يؤول إلى العلم، لكن لو قال له: أجزت لك أن تروي عني جميع مروياتي، الآن ما عين، ومروياته منها ما تقدم عن الإجازة، ومنها ما تأخر، يعني بعض ما أجيز به ما حصل إلى الآن، فهو يروي عنه جميع مروياته إلى وفاته، حتى ما تتجدد منها، هنا ما عين المجاز به، لكنه يؤول إلى العلم، لو قال: اشتريت منك هذه السلعة بما في ذمة فلان لي، قال: كم الذي في ذمة فلان؟ قال: والله بالدفتر، ما بعد جمعنا، المجموع إلى الآن ما بعد طلع، لكن هذا يؤول إلى العلم، يجمع ويعرف، فليس الثمن مجهولًا، لكن لو قال: اشتريت هذه السلعة ببعض ما في ذمة فلان لي، هذا الثمن مجهول، والبيع باطل؛ لأنه اختل شرطه.

ثم قال:

...................................

جمهورهم رواية وعملًا
ج

 

.......................وهو أيضًا قبله
والخلف أقوى فيه مما قد خلا
ج

ولكن الخلف الذي هو الخلاف أقوى في هذا النوع من الذي قبله، ولكن الخلف في جواز الرواية والعمل أقوى في هذا النوع مما قد خلا، أي من النوع الذي قبله، بحيث لم يُحكَ فيه الإجماع، هذا النوع ما حكي فيه الإجماع بخلاف النوع الأول "والثالث" أي النوع الثالث من أنواع الإجازة،

.................التعميم في المجازِ
مطلقًا الخطيب وابن منده
ج 

 

له وقد مال إلى الجوازِ
ثم أبو العلاء أيضًا بعده

ج

النوع الثالث من أنواع الإجازة التعميم في المجاز له، وتحت هذا صورتان.

الصور الأولى: أن يعين المجاز به، والصورة الثانية: ألا يعين المجاز به، الصورة الأولى أن يقول: أجزت لمن قال: لا إله إلا الله، أو لجميع المسلمين، أو لأهل الإقليم الفلاني، أجزت لهم أن يرووا عني، يعين المجاز به صحيح البخاري هذه الصورة الأول، أو لا يعين، فيقول: مروياتي.

"والثالث التعميم في المجاز*** له" سواء عين المجاز به أو أطلق، كأن يقول: أجزت للمسلمين أن يرووا عني مروياتي أو صحيح البخاري على وجه الخصوص.

"له وقد مال" يعني ذهب "إلى الجواز *** مطلقًا الخطيب" البغدادي أبو بكر الحافظ "مطلقًا" سواء الموجود حين الإجازة أو بعدها قبل وفاة المجيز أطلق، قال: أجزت لأهل الإقليم الفلاني أن يرووا عني مروياتي، أو كتاب بعينه، وأهل الإقليم الفلاني منهم الموجود، ومنهم من سيوجدن موجود وقت الإجازة، ومنهم من سيوجد بعد ذلك، وعلى كل حال الإجازة في أصلها ضعف، وتزداد ضعفًا بهذا التوسع، أجزت لمن قال: لا إله إلا الله، أجزت للمسلمين، أجزت لأهل الإقليم الفلاني، كلما انحصر اللفظ صارت أقرب إلى الجواز، وكلما شاع اللفظ صارت أقرب إلى المنع، الحافظ ابن عبد البر يشترط في الإجازة أن يكون المجاز -الطالب طالب الإجازة- أن يكون ماهرًا بالصناعة، يعني من أهل الحديث، يستحق أن يروي، ويثق به الشيخ، أن يأذن له بالرواية، ولو ليُسمعه، أو يسمع منه؛ لأنه محل ثقة من الشيخ أنه يعرف إذا قرأ أتقن، وإذا سمع حفظ، أما الإجازة تقول: أجزت لفلان، وولد فلان، وولد ولد فلان ممن هو أهل للرواية ومنهم ليس بأهل، أو أجزت لأهل الإقليم الفلاني، وفيهم الأبله، وفيهم المغفل، وفيهم الصغير، فيهم الكبير، فيهم من لا يستحق أن يتحمل هذا العلم، لاشك أنها أن ضعفها ظاهر.

...................................

مطلقًا الخطيب وابن منده

 

......... وقد مال إلى الجواز
...................................

مال إليه –أيضًا- الحافظ أبو عبد الله ابن منده، ومنده تقال بالهاء في الوقف، والدرج، تقال بالهاء في الوقف والدرج، مثل ابن ماجه، مثل ابن داسه، يعني ألفاظ أعجمية لا تخضع لقوانين العربية أنها إذا وقف عليها لها حكم، وإذا أدرجت لها حكم. ولعلنا نتذكر السؤال الذي ورد في درس المغرب للتنبيه على الأخوة الذين يحصل لهم شيء من النعاس في الدرس، ومعلوم أن روايتهم تكون ضعيفة، حتى قال بعض أهل العلم: إن الإجازة على وجهها خير من السماع الرديء، الإجازة على وجهها خير من السماع من الرديء، ولا شك أن النعاس يسري، ويؤثر على غيره، وإن كان لا يحصل منه حركة، ولا أذى، ولا تشويش، لكنه يسري، وبعضهم يتحايل بعض السراق يتحايل، فيدخل المحل، ويجلس، ثم يتثاءب أمام صاحب المحل، ثم بعد ذلك ينعس حتى يؤثر عليه، فينعس، ثم يسرق ما يشاء، على كل حال السماع الرديء الإجازة خير منه، والانتساب كما معروف في الدراسة النظامية خير من الحضور الذي لا تترب عليه أي آثار.

مطلقًا الخطيب وابن منده

 

ثم أبو العلاء أيضًا بعده

الحافظ الثقة أبو العلاء الهمداني "أيضا بعده" أي بعد ابن منده،

وجاز للموجود عند الطبري

 

والشيخ للإبطال مال فاحذر

وكذا جاز التعميم في الإجازة للموجود حين صدروها خاصة عند أبي الطبيب الطاهر الطبري فيما نقله الخطيب "والشيخ للإبطال" يعني وكذا الشيخ ابن الصلاح للإبطال –أيضًا- مال.

وقال الإجازة بأصلها ضعيفة، وتزداد بهذا التوسع ضعفًا، هذا التوسع، وهذا الاسترسال يزيدها ضعفًا كثيرًا لا ينبغي احتماله، وعلى هذا "فاحذرِ" بدون ياء، كسرة، فاحذرِ عندك ياء؟ نعم؟

طالب:......

نعم، موجود ياء، فاحذر بالكسر؛ لأنه ها؟

طالب:.....

أي ثانية؟ والثاني لا، لا الثاني بحذف الياء، معروف أنه بحذف الياء، لا هو الصحيح أنه بدون ياء، لكن هذه الطبعة المحققة المراجعة هذه فيها ياء، ومعلوم أن الفوات لا بد منه، يعني ما أحد يزعم أن عمله كامل، يعني ومراجعتي للكتاب قبل طبعه مراجعة خفيفة، معروف أن الإنسان قد يثق بالمحقق، ثم بعد ذلك لا يدقق عليه تدقيقًا تامًّا، ويفوته بعض الشيء، ولوجود بعض الملاحظات على هذه الألفية، وبعض الكتب التي وضع عليها اسمي صرت أمتنع من التقديم، لأنه يكلف، لو أردت أن تراجع الكتاب حرفًا حرفًا، حققه أنت، نعم، والله يجيبون لك يقول: راجع كتابي، وقدم له، صرت أرفض رفضًا تامًّا؛ لأني وقفت على أشياء ما أدري كيف فاتت؟ يعني قراءتي لها سرد، سرد واختبار بعد ما هو بقراءة تامة، لكن الأخوان يقولون يكفينا المقدمة التي كتبتها؛ لأن فيها منهجية لطلب علوم الحديث، لأن فعل الأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، والمضارع إنما يجزم بحذف حرف العلة.

وما يعم مع وصف حصر

 

كالعلما يومئذ بالثغر

"وما يعم" يعني قد صرح ابن الصلاح بقوله: ما يعم مع وصف حاصل، يعني يخفف هذا العموم، "أجزت لجميع المسلمين" هذا لا يمكن الإحاطة به، من قال: لا إله إلا الله، هذا عموم العموم، نعم، لكن لو قال: أهل الثغر، أو أهل البلد الفلاني، أو أهل القرية الفلانية، وكل ما صغر يكون الحصر فيه أقرب، أدق، ويكون الرواية بها أقوى؛ لأنها كلما توسعت ضعفت، يعني مثال ذلك أن تأتي بحبر، نعم معك حبر في فنجان مثلًا، أو بياله تسكبه على هذا الكأس يصير اللون غامقًا، يكون اللون للحبر، وإذا زدت قليلًا خف اللون، وإذا سكبته في البحر مثلًا؛ انتهى خلاص ذاب، وهذا مثل الإجازة، الآن الإجازة الأصل أن الرواية بين الشيخ والطالب كفاحًا، مواجهة، هذا الأصل، ثم إذا توسع فيها يأتي الاستدعاء، وفيه عشرة أشخاص يطلبون الإجازة بكتاب كذا، هؤلاء محصورون، مائة شخص، أكثر، والرواية أضعف لماذا؟ لأن الشيخ كلما يقل العدد يعرف أعيانهم، ويتصفحهم، ويحيط بهم، ويعرف الأهل من غير الأهل، لكن إذا زادوا ما يستطيع أن يتصفحهم، ولا يعرفهم، حتى ولا يستطيع أن يقرأ أسماءهم، ولا قراءة، فضلًا عن كونه لا أسماء مكتوبة، ولا استدعاء، من تلقاء نفسك أجزت من قال: لا إله إلا الله، فلا شك أن بهذا التوسع تزداد ضعفًا، نعم؟

طالب:......

يكتب لأنه حضر، وهو مميز، هذا ما يضر، وقت التحمُّل لا يُشترط شروط، الشرط في وقت الأداء، إذا أراد أن يؤدي طبق عليه الشروط، هذا أشرنا إليه سابقًا.

وما يعم مع وصف حصر

 

كالعلما يومئذ بالثغر

بالقصر، الموجودون يوم الإجازة "يومئذ" يعني يوم الإجازة "بالثغر" بالثغر الثغور التي هي الحدود، الحدود التي تجب حياطتها، وصيانتها من استغلال الأعداء لغفلة أهلها؛ ولذا جاء الحث، وعظيم الأجر على المرابطة في الثغور، فإنه في هذه الصورة يعني الحصر إلى الجواز،

فإنه إلى الجواز أقرب
في ذا اختلافًا بينهم ممن يرى

 

قلت: عياض قال: لست أحسب
إجازةً لكونه منحصرا

يعني إذا قال: أجزت أهل الرياض، أو قال: أجزت أهل الخرج، أيهما أقوى؟

طالب:......

نعم؛ لأنه كلما زاد الحصر كان الرواية أقوى؛ لأنها الأصل فيها الحصر، بين شيخٍ وتلميذه، فإذا زاد العدد كل ما له تضعف، مثل ما نظرنا بالحبر.

"فإنه" يعني في هذا الصورة "إلى الجواز أقرب".

قلت: وعياض سبق ابن الصلاح في كلامه هذا، وقال: "لست أحسب" يعني أظن في جواز.

"ذا اختلافًا" بينهم أي العلماء "ممن يرى إجازة" أي يعتمد الإجازة الخاصة رواية، وعملًا.

"لكونه منحصرًا" لكونه منحصرًا، يعني مع قلة المجازين يتجه القول بجوازها، وعلى كل حال كلام ابن عبد البر لا شك أنه قوي، ومتين، ودقيق، أنه لا يجاز إلا الماهر بالصناعة؛ لأن الأصل في الرواية السماع، أو العرض، والأصل أنه لا يروي عنك إلا إذا سمع منك، أو سمعت منه، لكن لصعوبة هذا الأمر، صعوبة الرواية، وحصر الرواية بالطريقين فيه صعوبة، فيه كلفة، تكليف بما لا يطاق، فأقل الأحوال أن تثق بهذا الشخص أنه إذا سمع منك أتقن، وإذا قرأ عليك أجاد، وهذا هو الماهر بالصناعة، وابن عبد البر شرطه هذا قوي، وبهذا تحفظ الإجازة، وتحفظ الرواية عن غير أهلها "كالعلما يومئذٍ" كالعلماء بالقصر الموجودين يوم الإجازة.

"يومئذ بالثغر" يعني خصص بوصفين، وكلما زادت القيود انحصر العدد.

طالب:......

لا، هم ما يرون اشتراط العلم، علم المجاز، لا ما ذكره إلا ابن عبد البر ما دام أجيز، وصاروا يجيزون لأناس لا يحسنون شيئًا عنده هذا الصحيح كتب اسمه عليه في الطباق، وصار يرويه الناس، وأحيانًا يأخذ أجره، ويتكسب من ورائه، هذا الذي صار في آخر الزمان، هو في عموم يبقى العموم، يعني كونه يجيز أهل الخرج، نقول: أولى من أجيز أهل الرياض، لكن يبقى نعم.

طالب:......

ما عين، ما يحتاج، ما هو بتعيين، ما قال: أجزت فلان وفلان، وفلان وفلان، لا أجزت أهل الثغر، أجزت أهل الخرج ما فيه تعيين. 

"