بلوغ المرام - كتاب الصلاة (31)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ما تفضل به الشيخ -وفقه الله- من الحرص على العلم والسعي الجاد في تحصيله لا يحتاج إلى مزيد لا سميا إذا استحضرنا النصوص الثابتة من الكتاب والسنة القطعية في أهمية العلم وفضل العلماء، ومنازل أهل العلم في الدنيا والآخرة، وأن الله -جل وعلا- يرفعهم بهذا العلم درجات على غيرهم، فلسنا بحاجة إلى مزيد في بيان فضل العلم والعلماء، لكن على طالب العلم أن يستحضر هذا دائماً؛ ليكون باعث له على الاستمرار في التحصيل، وداعياً قوياً على الصبر والمصابرة على هذا الباب العظيم من أبواب الجهاد، فهذا باب عظيم يحقق به العبد الهدف الذي من أجله خلق وهو العبودية لله -جل وعلا- على مراد الله -سبحانه وتعالى-، ينفع نفسه وينفع غيره، يتعلم العلوم الشرعية المورثة للخشية على الجادة المعروفة عند أهل العلم، ويطلب العلم على أهله، ويلازم أهله المعروفين بالعلم والعمل، ثم بعد ذلك يعمل بما علم، ويعلم غيره، ويستحق أن يكون بذلك ربانياً إذا كان مخلصاً لله -جل وعلا- في جميع ذلك في العلم والتحصيل، في العمل والتطبيق، في التعليم والتوجيه، ما قاله الشيخ لسنا بحاجة إلى أن نضيف فيه شيئاً؛ لأن فيه خير وبركة -إن شاء الله تعالى- لكن نبدأ بما نحن بصدده بشرح أحاديث البلوغ، والمدة قليلة ما تفي بالقدر الذي النية -إن شاء الله تعالى- جادة في تحقيقه، وختم الكتاب في أقرب مدة، هذا لا شك أنه مطلوب من الإخوان لكنه ليس بهدف، هدفنا أن نستفيد الفائدة المرجوة المطلوبة، يعني نبسط في موضع البسط، ونختصر في موضع الاختصار -إن شاء الله تعالى-، والله المستعان.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله-.

باب: صلاة الجمعة:

عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله-...

الترجمة فيها صلاة الجمعة؟

سم يا شيخ.

وإلا باب الجمعة؟

باب: صلاة الجمعة، طبعة الزهيري.

كل الطباعات فيها هذا وإلا باب الجمعة؟

طالب.......

نعم؟

طالب.......

لأن صلاة هذه في الغالب يذكرها الشراح، يعني باب بين قوسين، ثم بعدها صلاة ثم بين قوسين الجمعة، تجد بعض الإخوان الذين ينشرون الكتب ينشرون العنوان على ما وجدوا، والغالب أن صلاة هذه من كلام الشارح وليست من كلام المؤلف، وقد توجد في بعض النسخ، قد توجد في بعض النسخ، نعم.

قال -رحمه الله-: "عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره: ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين)) رواه مسلم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الجمعة" الباب عرفناه مراراً، وأنه في الأصل لما يدخل معه ويخرج منه في المحسوسات، هذه حقيقته اللغوية والعرفية عند الناس، العرف العام على هذا، لكن العرف الخاص عند أهل العلم أنه ما يضم مسائل علمية وفصول، ويدخل في الغالب تحت كتاب، وهو أيضاً من إطلاق الحقيقة وليس بمجاز على ما يقولون، لكنها الحقيقة الخاصة، الحقيقة العرف الخاص عند أهل العلم، كما ذكرنا ذلك مراراً.

"باب: الجمعة" في الحديث الأول يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم-" الضمير يعود إلى الثلاثة إلى عبد الله وعمر وأبي هريرة "أنهما سمعا" الترضي والدعاء للثلاثة، وإسناد الخبر إلى الاثنين؛ لأن عمر لا علاقة له بهذا الحديث، الحديث مروي من طريق عبد الله بن عمر وأبي هريرة "أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره" على أعواد منبره هذه من إضافة الصفة إلى الموصوف، الصفة إلى الموصوف، الأصل على المنبر الذي هو من أعواد لا من الطين ولا الجذع الذي كان يخطب إليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، كان يخطب مستنداً إلى جذع فلما كثر الناس قيل له: لو اتخذت منبراً، فاتخذ المنبر من أعواد يعني من خشب، مكون من ثلاث درجات، لما كثر الناس ليراهم أقترح عليه -عليه الصلاة والسلام- أن يتخذ المنبر، فلما جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- ليصعد المنبر الجديد وتخطى الجذع حن إليه الجذع -عليه الصلاة والسلام-، وسمع صوته فنزل النبي -عليه الصلاة والسلام- من منبره واحتضنه حتى سكت، وهذه من معجزاته -عليه الصلاة والسلام- ومن دلائل نبوته، رقي المنبر وخطب -عليه الصلاة والسلام- خطبة كان منها قوله: ((لينتهين أقوام)) ((لينتهين أقوام)) اللام هذه في جواب قسم محذوف تقديره: "والله لينتهين" اللام، وينتهين: فعل إيش؟ مضارع معرب وإلا مبني؟ مبني على إيش؟ على الفتح، لماذا؟ لاتصاله بنون التوكيد، لاتصاله وهذا مهم جداً، تكون النون مباشرة للفعل، وجاء في آخر الحديث: ((ثم ليكونن)) ما قال: ليكونن لماذا؟ نعم؟ النون ما باشرت ليش ما باشرت والنون مع النون؟ نعم فيه الفاصل الواو، الواو واو الجماعة محذوفة، لماذا لا نقول: ((لينتهين)) فيه واو محذوفة؟ نعم؟ ما في واو هنا؟ لماذا؟

طالب:......

نعم لأن الفاعل موجود "أقوام"، والفاعل في ((ليكونن)) الواو التي هي كناية عن الأقوام.

وأعربوا مضارعاً إن عريا

 

عن نون توكيدٍ مباشر...

 

لا بد أن تكون النون مباشرة.

((لينتهين أقوام)) جمع قوم، والقوم: الجماعة، ويخصه بعضهم بالرجال {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ} {وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء} [(11) سورة الحجرات] فدل على أن المراد بالقوم هم الرجال، نعم يأتي التعبير بالقوم ويدخل فيه النساء، ويدخل فيهم النساء، لكن هنا يدخل النساء وإلا ما يدخل؟ لا يدخل النساء؛ لأن النساء غير مطالبات بأداء الجمعة ((لينتهين أقوم عن ودعهم)) ودع مصدر أي ترك، ودعهم تركهم للجمعات، والمصدر من هذه المادة الذي هو أصلها مستعمل كما هنا، استعمل أيضاً المضارع ((من لم يدع)) استعمل الأمر ((دع ما يريبك)) لكن أهل العلم يقولون: إن الماضي أميت من هذه المادة، ما يقولون: ودع بمعنى ترك، يقولون: أميت، وأن قرئ في الشواذ: {ما وَدَعَك ربك} ((لينتهين أقوم عن ودعهم)) يعني تركهم الجمعات جمع جمعة، والجمعة بضم الجيم والميم على المشهور جمعة، وسكنها الأعمش في قراءته جمْعة، وضبطه بالفتح جمَعة كهمزة ولمزة، وفي لغية كسرت الميم جمِعة، لكن الأشهر وبها قرأ الأكثر الجُمُعة {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [(9) سورة الجمعة].

وفضل هذا اليوم وأنه عيد في الأسبوع معروف ((ما طلعت الشمس على خير من يوم الجمعة)) والخلاف في المفاضلة بينه وبين يوم عرفة معروف عند أهل العلم، والجمعة كما جاء في الحديث الصحيح: ((الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما)) وجاء في حديث آخر أنها ((كفارة لما بينهما وزيادة ثلاثة أيام)) فالمقصود أن فضل يوم الجمعة معروف، وفيه ساعة الاستجابة، وفضل صلاة الجمعة جاء فيه من النصوص ما في حديث الباب ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم)) هذا تهديد وعيد شديد على من تساهل في الجمعة، وجاء: ((من ترك ثلاث جمع طبع الله على قلبه)) لأن التكرار ثلاثاً مطرد في الشرع أنه يجعل الشيء عادة وديدن ((عن ودعهم الجمعات)) يعني الإتيان إلى هذه الصلاة ((أو ليختمن الله على قلوبهم)) والختم: الطبع على القلب نسأل الله العافية، الطبع والاستيثاق منه بحيث لا ينفذ إليه خير ولا يرد الشر، بحيث لا ينفذ إليه خير ولا يرد شراً، هذا الختم {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ} [(7) سورة البقرة] يعني طبع عليها، كثير من الناس -من المسلمين- بهذه المثابة وهو لا يشعر، وهذا من مسخ القلوب -نسأل الله السلامة والعافية-، وهو فيما يقرر أهل العلم أنه أعظم من مسخ الأبدان، أعظم من مسخ الأبدان،      وسببه التفريط في أمر الله -جل وعلا- والاستخفاف بمحارم الله –تبارك وتعالى-، كثير من الناس مختوم على قلبه، مطبوع على قلبه، ممسوخ، وهذا كما جاء في النصوص يحصل كثيراً في أخر الزمان في هذه الأمة مسخ القلوب ومسخ الأبدان كلها تحصل في آخر الزمان بالنسبة لهذه الأمة.

ذكر ابن القيم -رحمه الله- وغيره من هذا الأمر أمور تشيب منها الذوائب، الآن لما يذكر في الخبر أنه يمضي الاثنان إلى المعصية فيمسخ أحدهما خنزير -نسأل الله السلامة والعافية-، ويمضي الثاني إلى معصيته ما يرجع، يمضي إلى معصيته كلاهما ممسوخ، كلاهما مسخ، لكن هذا مسخ بدن، وهذا مسخ قلب -نسأل الله السلامة والعافية-، ويحصل هذا في أخر الزمان، وقرر ابن القيم -رحمه الله تعالى- أنه يكون في طائفتين من الناس -نسأل الله العافية-، في الحكام الظلمة، وفي العلماء الذين يبدلون شرع الله بالتحريف -نسأل الله السلامة والعافية-.

((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين)) الغفلة عما ينفع في الدنيا والآخرة، الغفلة عما ينفع في الدنيا والآخرة، الغفلة عامة، قد يقول قائل: إن كثير من هذا النوع الذين لا يحضرون الجمعات قد نجحوا في أمور دنياهم، وتولوا المناصب العليا، وحصلوا الأموال الطائلة والجهل عريض، نقول: ما أفلحوا ولو صار لهم ما صار من أمور الدنيا، فإن الدنيا كلا شيء بالنسبة للآخرة من جهة، والأمر الثاني: أنه ما يدريك أن هذا المسئول الكبير مفلح، أو هذا التاجر الكبير مفلح، أو هذا الوجيه مفلح؟ ما يدريك أنه يعيش في نفسه أمور يغبط عليها الفقراء وفي حياته اليومية؟

المقصود أن الاهتمام بشأن الجمعة معروف في النصوص، والشارح يقول: "وعدم إتيان الجمعة من باب تيسير العسرى" ما معنى هذا الكلام؟ "وعدم إتيان الجمعة من باب تيسير العسرى" يعني هل هذا مثلما يقال اليوم من فقه التيسير، يعني إذا شق عليك الإتيان إلى الجمعة تيسر الأمر، عدم إتيان الجمعة من باب تيسير العسرى أو الأمر يختلف؟ هذا تهوين من شأن الجمعة أو تشديد وتهويل من شأنها؟ نعم؟

طالب:......

نعم {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [(10) سورة الليل] فسنيسره للعسرى، هذا أمر خطير جداً، ولا شك أن التهاون بصلاة الجمعة طريق مسهل ومذلل يوصل إلى العسرى، نسأل الله السلامة والعافية.

أما بالنسبة لحكم صلاة الجمعة فهي فرض على الأعيان المستطيعين، فرض على الأعيان يعني فرض عين، فرض على الأعيان يعني لا على الكفاية كما نقل بعضهم عن بعض العلماء، لكنه فرض عين، ومثل هذا الحديث نص صحيح صريح في وجوبها على كل مكلف مستطيع، يستثنى من ذلك المعذور، ومن الأعذار السفر، فالمسافر ليس عليه جمعة، والنساء ليس عليهن جمعة، نعم.

قال المؤلف -رحمه الله-: "وعن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: "كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به" متفق عليه، واللفظ للبخاري، وفي لفظ لمسلم: "كنا نجمع معه إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفئ".

وعن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- قال: "ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة" متفق عليه، واللفظ لمسلم، وفي رواية: "في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

يقول المؤلف -رحمه الله-: "وعن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: "كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة" وكنا الصيغة تدل على الاستمرار "مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به" ثم ننصرف يعني من صلاة الجمعة بعد الخطبة والصلاة ينصرفون وليس للحيطان ظل يستظل به، هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما.

ظل يستظل به هل هذا نفي لمطلق الظل؟ بمعنى أن الشمس لم تزل بعد، ما زالت الشمس يعني قبل الزوال؟ أو أن للحيطان ظل لكنه لا يصل إلى حد بحيث يستظل به فيكون فعلها بعد الزوال؟ {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [(10) سورة لقمان] الآن السموات على عمد وإلا بغير عمد؟ بغير عمد البتة أو عمد لا ترى؟ نعم؟

طالب:.......

البتة طيب ترونها يمسك السماء بعمد ويش المانع؟ هذا اللفظ محتمل كاللفظ الذي معنا: "وليس للحيطان ظل يستظل به" يحتمل نفي الظل بالكلية ويكون من أدلة الحنابلة على جواز فعل الجمعة قبل الزوال، أو أنه ليس لها ظل يستظل به يعني ظل ظليل مديد بحيث يمشون الناس وهم كلهم يستظلون بهذا الظل دفعة واحدة، فيكون فعلها بعد الزوال مباشرة قبل أن ينتشر الظل الظليل المديد؟ نعم، ويكون هذا ليس فيه مستمسك للحنابلة وإن وقتها إنما هو بعد الزوال كما يقول الجمهور، وهذا اللفظ محتمل، اللفظ محتمل، وإن قال بعضهم: إنه يبعده أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقرأ في صلاة الجمعة بسور طويلة الجمعة والمنافقين مثلاً، فلو كانت بعد الزوال لصار هناك ظل مع طول القراءة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يرتل، فهذا من أدلة الحنابلة الذين يرون أن الجمعة يجوز فعلها قبل الزوال، وأن أول وقتها وقت صلاة العيد، وأن أخر وقتها وقت صلاة الظهر، والجمهور على أن وقتها وقت صلاة الظهر تبدأ من بعد الزوال وتنتهي بمصير ظل كل شي مثليه.

وفي لفظ لمسلم: "كنا نجمع" يعني نصلي الجمعة نجمع نصلي الجمعة بخلاف نجمع فالجمع غير التجميع، "نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء" يعني دليل على المبادرة .... نقول: إذا زالت الشمس، وهذا الحديث يفسر الحديث الذي قبله، يفسر: "كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... نصلي الجمعة إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء" يعني فيء قليل، يعني بعد الزوال لكنه قليل لا يستوعب الناس إذا خرجوا من المسجد، على كل حال الاحتمال في الحديث الأول قائم في الراوية الأولى، أما الراوية الثانية فإنها مفسرة وأنهم كانوا يجمعون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس، إذا زالت وهذا نص في تأييد قول الجمهور، ثم نرجع نتتبع الفيء لقلته، وهذا فيه دليل على المبادرة بصلاة الجمعة.

"وعن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- قال: "ما كنا نقيل" نقيل: من القيلولة، وهي الراحة في منتصف النهار، الراحة في منتصف النهار، وهي معروفة عندهم القيلولة، وهي من أنفع أوقات النوم في النهار، بخلاف طرفيه بخلاف طرفي النهار، فالنوم بعد صلاة الصبح غير محمود، وكذلك النوم بعد العصر إنما إذا وقع النوم في وسط النهار ليستجم الإنسان ويأخذ البدن قسطه من الراحة بعد الجهد الجهيد والتعب والكد ليل نهار يقيلون في هذا الوقت، وسواء صاحبها نوم أو لم يصاحبها نوم، القيلولة أعم من أن تكون نوماً، بل هي راحة "ما كنا نقيل ولا نتغدى" يعني نتناول طعام الغداء إلا بعد الجمعة، إلا بعد الجمعة؛ لأنهم يبادرون بصلاة الجمعة، ويبادرون إلى صلاة الجمعة، يبادرون إليها ويبادرون بها كما تقدم في الحديث السابق، "متفق عليه، واللفظ لمسلم"، وفي رواية: "في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

"ما كنا نقيل ولا نتغدى" احتمال يكون في عهده واحتمال أن  يكون بعده -عليه الصلاة والسلام-، لكن الراوية الثانية نص في أنهم في عهده -عليه الصلاة والسلام-، مع أن قول الصحابي: "كنا نفعل أو ما كنا نفعل" سواء أضافه إلى عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- أو لم يضفه فالمراد به في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- عصر التشريع، ولا يظن بالصحابي أنه ينسب إلى عصر ليس بوقت تشريع، في حكم شرعي "كنا نفعل أو كنا نقول أو كنا نعمل" هذا لا يمكن أن يقوله إلا في وقت التشريع؛ لأنه بصدد تقرير مسألة شرعية، ولذا أهل العلم عندهم مثل هذه الصيغة مرفوعة، ولو لم يضفه إلى عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-.

يعني في قوله -جل وعلا-: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النــور] يعني في الساعات الثلاث التي لا بد فيها من الاستئذان، {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النــور] قد يقول قائل: إن هذا ديدنهم أن نومهم وقيلولتهم إنما هي بعد الظهر، فلا يكون في الحديث دليل على المراد، هذه عادتهم، ما كانوا يقيلون إلا بعد الجمعة وهو بعد الظهر {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النــور] ها؟ هل نقول: إن الحديث إذا قلنا مثل هذا وأردنا أن نوفق بين الآية والحديث وقلنا: إن ديدنهم القيلولة بعد الظهر {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النــور] يعني بعد الظهر، حينئذٍ يكون قوله: "ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة" جاري على العادة على عادتهم، وأنهم باستمرار يفعلون هذا بعد الجمعة وبعد صلاة الظهر ولا فرق، واضح وإلا ما هو بواضح؟ في إشكال وإلا ما في إشكال؟ نعم؟ وفي قوله: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النــور] هذا في الجمعة وغير الجمعة، الغالب؟

طالب:.......

لا هو الآية جاءت على العادة، على الجادة، افترض أن واحد ما نام في الليل، من بعد صلاة العشاء نعم وعوض عن النوم بعد صلاة الصبح يدخل عليه بدون استئذان؟ لكن الجادة أن النوم بعد صلاة العشاء، فلآية فيها تقرير العادة هذا الأصل {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النــور] أو نقول: إن الظهيرة وقت ظهور الشمس وارتفاعها وشدة حرها، ولو لم يكن بعد صلاة الظهر، غير مرتبط بصلاة الظهر، المهم ارتفعت الشمس وازداد حرها واحتاج الناس إلى القيلولة هذا وقت الظهيرة، وفي الحديث: ((وحين يقوم قائم الظهيرة)) يعني وقت الزوال، وإذا عرفنا السبب لماذا قالوا..، جاء في الحديث ((وحين يقوم قائم الظهيرة)) سموا وقت الزوال قائم الظهيرة، الإبل على شدة تحملها للحر تقف في هذا الوقت، لا تطيق حر الأرض، ولذا قالوا: "يقوم قائم الظهيرة"، وهذا يبدأ قبل الزوال، تبدأ شدة الحر فهو أعم من أن يكون من صلاة الظهر.

وعلى كل حال هذا الأحاديث كلها تدل على المبادرة بصلاة الجمعة، المبادرة بصلاة الجمعة، والخلاف بين أهل العلم معروف، الحنابلة يرون صحة صلاة الجمعة قبل الزوال، وعرفنا وقت الجمعة عندهم، والجمهور على أن وقتها وقت صلاة الظهر، والقاعدة التي ذكرها أهل العلم ابن رجب وغيره أنه إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب لا يجوز فعلها قبل السبب اتفاقاً، ويجوز فعلها بعد الوقت يعني بعد دخوله اتفاقاً والخلاف فيما بينهما فسبب الوجوب هنا طلوع الشمس، طلوع الشمس من يوم الجمعة، سبب الوجوب ووقت الوجوب الزوال، فلا تجوز قبل ارتفاع الشمس وتجوز بعد الزوال، وهذا متفق عليه في الأولى والثانية والخلاف فيما بينهما، يعني كفارة اليمين سببها انعقاد اليمن ووقتها الحنث لا يجوز قبل أن تعقد اليمن أن تكفر، ويجوز اتفاقاً أن تكفر بعد الحنث، لكن بينهما هو محل الخلاف على هذه القاعدة، دم المتعة والقران سببه الإحرام بالعمرة للمتمتع، والإحرام بهما للقارن، ووقته يوم العيد، والخلاف بين السبب والوقت يعني قبل يوم العيد هل يذبح الهدي وإلا ما يذبح؟ محل خلاف بين أهل العلم.

على كل حال القاعدة هذه لها فروع كثيرة جداً، منها مسألتنا هذه، والحنابلة مشوا على الجواز، ولا شك أن الاحتياط في ألا تصلى إلا بعد الزوال، ولو بدئ بالخطبة قبل ذلك، لكن الصلاة لا بد أن تقع بعد الزوال، وهذا قول الاحتياط، والأدلة محتملة، فمن صلاها قبل الزوال قريب منه لا يأمر بالإعادة، لكن الأحوط والأولى ألا يصليها إلا بعد الزوال، ولو وقعت الخطبة قبل ذلك، والأدلة تدل...

يقولون: الرجاء توفير مكيف لغرفة النساء الخارجية وإضاءة لنتمكن من الجلوس في دروس المغرب والعشاء.

نعم.

قال الإمام -رحمه الله-:

لحظة لحظة نعم؟

طالب.......

ويش فيها؟ هاه؟

طالب.......

المقصود الكلام في الصلاة، في الصلاة، الكلام في الصلاة، نعم.

"وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب قائماً، فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً" رواه مسلم".

هذا الحديث حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب في يوم الجمعة قائماً، كان يخطب يوم الجمعة قائماً، القيام في خطبة الجمعة واجب عند أهل العلم، ولم يخطب النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو جالس البتة، ولا خلفاؤه من بعده، أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي، يقال: إن أول من خطب جالس كان معاوية -رضي الله عنه- لما ثقل، ثقل جداً فخطب جالساً، وخطب بعض بني أمية بعده جالسين، وأنكر عليهم بعض الصحابة، أنكر عليهم أبو سعيد وغيره، فالخطبة من جلوس لا تجوز، خطبة الجمعة بل الخطب الشرعية لا بد لها من قيام.

"كان يخطب يوم الجمعة قائماً، فجاءت عير من الشام" العير: هي الإبل المحملة، هي الإبل المحملة بالبضائع "فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها" انصرفوا إليها، انصرفوا إليها "حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً"، رواه مسلم" انفتل الناس وهؤلاء كلهم صحابة، يعني من المسلمين، انفتل الناس إليها، {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} [(11) سورة الجمعة] فكون الصحابة -رضوان الله عليهم- انصرفوا وتركوا النبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، الصحابة أولاً: هم بشر يعتريهم ما يعتري البشر، وقد يكون الوقت وقت شدة وضيق، فإذا سمعوا بشيء مثل هذا لا شك أنه يؤثر على النفوس، وحضور الخطبة أصلاً عند عامة أهل العلم ليس بواجب، لكن من حضر يلزمه الإنصات على ما سيأتي، يعني لو إنسان حضر مع إقامة الصلاة أو بعد أن فاتته الركعة على ما سيأتي في الحديث الآتي يضيف إليها أخرى وتتم له جمعة، لكنه حرم من التبكير والأجور العظيمة التي رتبت على التبكير لصلاة الجمعة واستماع الخطبة، واستماعها واجب.

إذا قال لصاحبه: أنصت ارتكب محظور محرم، أيهما أسهل أن يقول لصاحبه: أنصت ينكر المنكر أو يخرج ويترك الخطيب؟ لا شك أن مثل هذا لن يكون من الصحابة -رضوان الله عليهم- إلا في حال حرج شديد، هم بأمس الحاجة إلى هذه العير، ولا يبعد أن يكون فيهم شديد الجوع، من أهل العلم من يرى أن الخطبة كانت بعد الصلاة، كانت الخطبة بعد صلاة الجمعة، وظنوا أن الانصراف عنها كالانصراف عن خطبة العيد، وجاء في الترخيص في الانصراف من خطبة العيد ما جاء: ((إنا نخطب فمن شاء أن يجلس فليجلس)) المقصود أن هذا قول لبعض أهل العلم، ويلجأ إليه لرفع مثل هذا الإشكال، وإن كانت الخطبة بعد الصلاة، وحكمها عندهم كحكم الاستماع لخطبة العيد، إذا صلى الصلاة يجوز له أن يجلس ويجوز له أن ينصرف، لكن هذا يحتاج إلى نقل، يحتاج إلى نقل، وعوتبوا على انصرافهم، ولو كان مما يجوز لهم ما عوتبوا عليه في سورة الجمعة {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا} [(11) سورة الجمعة] لو كانت الخطبة بعد الصلاة ويسوغ الانصراف منها ما عوتبوا "فانفتل الناس حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً" لم يبق معه -عليه الصلاة والسلام- إلا اثنا عشر رجلاً، واشتراط العدد سيأتي الكلام فيه، لكن من أقول أهل العلم من يقول: إن الجمعة تنعقد باثنا عشر رجلاً لهذا الحديث، لهذا الحديث.

ففي الحديث أن الخطبة تكون من قيام، وأن هؤلاء الذين انصرفوا وعادوا وأدركوا الصلاة صلاتهم صحيحة، وإن كانوا فعلوا ما يستحقون عليه العتاب، والمظنون بالصحابة -رضوان الله عليهم- أن الحاجة شديدة وماسة إلى مثل هذا الخروج.

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)) رواه النسائي وابن ماجه والدار قطني، واللفظ له، وإسناده صحيح، لكن قوى أبو حاتم إرساله.

حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أدرك من صلاة الجمعة وغيرها)) الحديث مخرج في السنن، والذي في الصحيحين: ((من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة)) ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) ((من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) هذا اللي في الصحيح، أما ادارك الجمعة بركعة هذا في السنن، رواه النسائي، يقول: ((فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)) مثل هذا جاء نظيره في من أدرك من الصبح ركعة فليضف إليها أخرى، ومن أردك من العصر فليضف إليها ثالثة، الإدراك عندنا أكثر من إدراك، إدراك للوقت، وإدراك للجماعة، وإدراك للركعة، وإدراك لتكبيرة الإحرام.

حديث: ((من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة)) وحديث: ((من أدرك من الصبح)) هذا تقدم الكلام فيه، تكلمنا عن الإدراك، وبم يكون؟ أما بالنسبة لإدراك الوقت فالنص صريح في أن الوقت يدرك بادراك ركعة: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) وقل مثل هذا في سائر الصلوات، يعني يضيف إليها ما بقي وتكون صلاته أداء، أدركها في وقتها، ومن أهل العلم من يرى أن ما أدركه في الوقت أداء، وما أدركه بعده قضاء، يعني أن الركعة التي أدركها من الوقت تكون في وقتها، وهي أداء هذا حد الأداء ينطبق عليها، وما أدركه بعد خروج الوقت يكون قضاء، لكن فضل الله -جل وعلا- أوسع من أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فقد أدرك الصلاة)) ونقول: نصفها أداء ونصفها قضاء، هذا بالنسبة لإدراك الوقت، لإدراك الجماعة، الجمهور على أن من أدرك مع الإمام أدنى جزء من الصلاة أنه يكون مدركاً للجماعة، حتى قالوا: من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس، وجمع من أهل التحقيق يقولون: إن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة؛ لأنها أقل ما يطلق عليه اسم الصلاة ركعة، وعلى كل حال الكلام في مثل هذا مضى مفصلاً، إدراك تكبيرة الإحرام يدرك الركن وهو تكبيرة الإحرام إلى أن يشرع الإمام في ركن ثاني بعده وهو القراءة، فإذا شرع الإمام القراءة فاتته تكبيرة الإحرام، ومنهم من يقول: إنه ما دام يقرأ في الفاتحة إلى أن يقول: أمين فتكبيرة الإحرام مدركة، يستدلون بقول بلال: "لا تسبقني بآمين" للنبي -عليه الصلاة والسلام- وهو مؤذن، أول من حضر إلى المسجد وتفوته تكبيرة الإحرام ويقول: "لا تسبقني بآمين" يستعبد مثل هذا.

إدارك الجمعة يكون بإدراك ركعة، بإدراك ركعة هذا قول الجمهور، وعند الحنفية يدرك الجمعة بإدراك أي جزء منها كغيرها من الصلوات، وعلى هذا من دخل مع الإمام وقد رفع من الركوع وهو لا يدري أفي الركعة الأولى أو الثانية؟ ينوي ظهر وإلا جمعة؟ أو نية معلقة فإن كانت الركعة الأولى التي فاتته يدرك الثانية وإن كانت الثانية ما أدرك شيء فيصلي ظهر؟ يعني هذا الحديث: ((من أدرك من صلاة الجمعة وغيرها -من صلاة الجمعة- ركعة فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)) فيكون قد أدرك الجمعة، لكن الذي لا يدرك ركعة لا يدرك الجمعة، جاء والإمام رافع من الركعة الثانية عليه أن يصلي أربعاً ظهراً، لكن إذا جاء وقد رفع الإمام من الركوع وهو لا يدري هل هو في الركعة الأولى أو في الثانية ماذا ينوي؟ ينويها جمعة والاحتمال أن تكون الثانية وهو غير مدرك للجمعة؟ ينويها ظهر والاحتمال أن يكون في الركعة الأولى فيكون مدرك للجمعة؟ أو ينوي نية معلقة إن كانت الأولى فكذا وإن كنت الثانية فكذا وصلاته صحيحة؟ نعم؟ يعني ينوي فرض الوقت إن كان جمعة فجمعة، وإن كان ظهر فظهر، نعم.

طالب.......

نعم ينوي فرض الوقت، إن كانت جمعة فجمعة، إن أدرك ركعة فجمعة وإلا فظهر.

هذا الحديث يدل على أن استماع الخطبة ليس بشرط لصحة صلاة الجمعة، حضور الخطبة ليس بشرط لصحة صلاة الجمعة.

"رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني واللفظ له، وإسناده صحيح" الإسناد صحيح ما في إشكال، لكن أبا حاتم قوّى إرساله، قوّى إرساله، ويكون حينئذٍ فيه تعارض الوصل والإرسال، وقدمنا مراراً نظير هذا الخلاف في تعارض الوصل والإرسال تقدم مراراً في نظير هذا الحديث، وأبو حاتم كثير ما يرجح الإرسال، كثير ما يرجح الإرسال، وغيره قد يرجح الوصل وقد يرجح الإرسال، لكن من أهل العلم من ميله إلى الوصل، ومنهم من ميله إلى الإرسال كأبي حاتم، ومنهم من لا يحكم بحكم مطرد، وهذا الأصل في أحكام المتقدمين أنها ليس فيها حكم عام مطرد، بل ما ترجحه القرائن هو الراجح، وهنا رجح أبو حاتم إرساله، وأكثر الأئمة على أنه موصول، على كل حال الحديث مصحح من قبل جمع من أهل العلم، وإسناده صحيح لا إشكال فيه، الإشكال في تعارض الوصل مع الإرسال، ولا يمنع أن يكون الترجيح أو الراجح قول الأكثر، يتصور على مذهب الحنفية أن تستمر صلاة الجمعة إلى دخول وقت العصر، يعني يأتي شخص فاتته الجمعة أقول: شخص يدرك مع الإمام التشهد، هذا أدرك الجمعة عندهم، ثم يأتي شخص ويجد هذا الشخص المسبوق في التشهد يدخل معه، أدرك الجمعة مع من أدرك الجمعة وهكذا إلى ما لا نهاية، نعم وهكذا يستمر الأمر إلى قرب صلاة العصر، وما أدري هل هم يقولون بهذا حقيقة أو هو من باب الإلزام لهم، إنما ذكر عنهم هذا، كما ألزم الظاهرية بكثير من المسائل التي لا يقولون بها، وإنما هي تجري على أصولهم، نعم.

"وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائماً فمن أنبأك أنه كان يخطب جالس فقد كذب" أخرجه مسلم".

نعم هذا حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يخطب قائماً، ولم يحفظ عنه أنه خطب جالساً البتة، يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائماً وهذا أمر لا بد منه للخطبة، ويشترط لصحة الجمعة شروط منها: أن يتقدمها خطبتان، يجلس بينهما، فعلى هذا لو فصل بين الخطبتين وهو قائم، جعل فاصل بين الخطبتين وهو قائم هل نقول: إنها خطبتان أو خطبة واحدة؟ يعني ما جلس، سنته -عليه الصلاة والسلام- وطريقته وهديه أنه يخطب الخطبة الأولى قائم، ثم يجلس ثم يقوم بعد ذلك للخطبة الثانية، ولم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه خطب جالساً ولا عن خلفائه الراشدين، وعرفنا أن أول من خطب جالساً فيما يذكر معاوية -رضي الله عنه- بعد أن ثقل، وصعب عليه القيام، ثم تبعه على ذلك بعض بني أمية، هل نقول: إنه لا بد من تقدم خطبتين، لكن هل يلزم أن يكون بين الخطبتين جلوس أو يتم الفصل بينهما بأي فاصل؟ افترض أنه احتاج ماء شرب ماء وهو قائم، افترض أنه احتاج الدورة مثلاً خطب الخطبة الأولى ونزل ورح للدورة ورجع ما جلس وشرع في الثانية ما يتصور يا أخوان؟ أنه قد يحتاج الدورة ضرورة؟ هل يكفي مثل هذا عن الجلوس أو نقول: لا بد من الجلوس؟ نعم؟

طالب.......

نعم كيف؟

طالب.......

ما يشترط أن يجلس ويش اللي فرق بين الجلوس هذا وبين القيام؟ الرسول كان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم هذا ديدنه أنت تقول:  قائماً واجب والجلوس سنة ويش اللي دل على هذا؟    

طالب.......

أيوه؟

طالب.......

إيه لو قلنا: إن الجلوس سنة وله أن يواصل بين الخطبتين ويش المانع أنها تكون خطبة واحدة طويلة؟ إيش الداعي لهذا الفاصل؟ تكون خطبة واحدة طويلة..........؟

طالب.......

كلاهما ثابت على حد سواء عنه -عليه الصلاة والسلام-، إما أن يستويا في الوجوب أو يستويا في العدد، وبه بالوجوب فيهما قال جمع من أهل العلم، وبالسنية فيهما قال جمع من أهل العلم، وفرق بينهما بعض أهل العلم بأن القيام لا بد منه لا خطبة من غير قيام، أم الجلوس فهو حاجة إن احتيج إليه وإلا فلا، قال بعض أهل العلم بهذا، الجلوس الترك حاجة نعم والحاجة يُرَدُ تقريرها إلى المحتاج نفسه، قد يقول: أنا لست بحاجة إلى الجلوس من أجل أرتاح، ما أنا مرتاح ألزمتموني بالقيام أقوم، لكن الجلوس ما هو من أجلي؟ نعم؟ أنا مانا بحاجة إلى راحة، والأصل الإقتداء به -عليه الصلاة والسلام- فهو الأسوة والقدوة، وهذا ديدنه، وهذا شأنه.

طيب لو احتاج إلى دورة ونزل من المنبر وراح الدورة توضأ ورجع ما جلس هل نقول: إن جلوسه هناك يكفي عن جلوسه عن المنبر؟ أو نقول: لا بد أن يجلس على المنبر كفعله -عليه الصلاة والسلام-؟ يعني كل على مذهبه في هذا، يبقى أن المسألة جلوس على المنبر، ولا يتحقق الجلوس على المنبر بالجلوس على غيره.

"ثم يقوم فيخطب قائماً فمن أنبأك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب" في مسلم عن جابر بن سمرة: "فقد –والله- صليت معه أكثر من ألفي صلاة" والله لقد صليت معه أكثر من ألفي صلاة، وكان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم" ألفي صلاة؟ ألف صلاة جمعة كم سنة؟ ألفي صلاة؟ السنة فيها خمسين جمعة، ألفي صلاة جمعة؟

طالب.......

نعم؟ أربعين سنة؟ نعم أربعين سنة صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة جمعة؟ لا، لا، نعم يحمل على جميع الصلوات الجمعة وغير الجمعة، يعني أنه ملازم مواظب للصلاة خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجمعة وغيرها، يعني ما يتصور صلى أربعين سنة.

"فمن -نبأك أو- أنبأك أنه يخطب جالساً فقد كذب" دليل على أنه جازم فيما يقول ومتأكد منه غير متردد ولا مرتاب ولا شاك، الآن عندكم راحة وإلا ما فيه؟ في راحة وإلا ما في؟ هذا وقتها وإلا باقي؟

طالب: والله ما ادري متى وقتها بالضبط، لكن في راحة، في فاصل.

الآن وإلا؟ كيف؟ إيه هذا منتصف الوقت، هذا منتصف الوقت، إن كانت الراحة لا بد منها فلتكن في هذا الوقت، وإن أردتم أن نستمر في الدرس إلى أن ينتهي هذا الأمر إليكم، إن كان هناك راحة فهذا وقتها، هذا منتصف الدرس.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام الحافظ -رحمه الله-: وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول: "صبحكم ومساكم" ويقول: ((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) رواه مسلم.

وفي رواية له: كان خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته، وفي رواية له: ((من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له)) وللنسائي: ((وكل ضلالة في النار)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في حديث جابر: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني هذه عادته وديدنه وطريقته "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى أنه منذر جيش يقول: "صبحكم ومساكم" هذا الأسلوب الخطابي منه -عليه الصلاة والسلام- ليقع كلامه موقعاً قوياً في التأثير في السامع "إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه" وهكذا ينبغي أن يكون الخطيب لا سيما إذا كانت خطبته في إنكار منكر منتشر، أو في ترك مأمور مهجور، مقرر في الشرع مثل هذا ينبغي أن يكون وضع الخطيب ليؤثر في السامع؛ لأن بعض الخطباء يلقي الخطبة على طريقة رتيبة تجعل أكثر السامعين ينامون، تبعث على النوم والخمول والكسل، لكن لو اعتمد الناس هذا الأسلوب من النبي -عليه الصلاة والسلام- كان ما نام الناس، إذا خطب -عليه الصلاة والسلام- احمرت عيناه، يعني من شدة الغضب لما يرى أو لما رأى من التقصير أو التعدي لبعض حدود الله "وعلا صوته" وهنا ينبغي رفع الصوت علا صوته، الخطيب ينبغي أن يرفع صوته، وإن كان المطلوب أن يكون بقدر الحاجة، لا يزيد على الحاجة، لكن تعلمون أنهم ليس عندهم ما يبلغ الصوت من هذه المكبرات، فإذا كان الجمع لا يبلغه الصوت العادي يرفع الصوت حتى يبلغ السامع؛ لأن القصد من الخطبة السماع، القصد من الخطبة أن تسمع ويستفاد منها "وعلا صوته، واشتد غضبه" وبعض الناس يخطب في صفين أو ثلاثة، ويرفع على الآلات إلى أعلى شيء، ويرفع صوته ويجعل الناس يصدعون، صحيح –والله- بعض الآلات تورث الصداع، على شأن إيش؟ أصوات مرتفعة ومؤثرات تردد من أجل إيش؟ يأتي في هذا الحديث: ((خير الهدي هدي محمد)) قد يقول: هدي محمد رفع الصوت يا أخي أرفع صوتك بدون مكبر؛ لتقتدي بهدي محمد -عليه الصلاة والسلام-، إذا كنت بالفعل تريد تقتدي بمحمد لا تحط مكبر، أما تضع مكبر وتقلك الناس وتأذيهم بهذا المكبر، وترفع على أعلى شيء ومؤثرات وأصوات تتردد، وبعض الكلام يضع بعضاً من قوة الصوت، لا شك أن هذا خلاف السنة، فقوله: "علا صوته" حيث لا آلة؛ لأنه المقصود تبليغ الحاضرين.

"واشتد غضبه" يشتد غضبه -عليه الصلاة والسلام- لا سيما إذا انتهكت المحارم، لا سيما إذا انتهكت المحارم "حتى كأنه منذر جيش" "حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم" صبحكم الجيش أيها الناس "ومساكم" يعني جاءكم في وقت الصباح، وجاءكم في وقت المساء، هذا وضعه -عليه الصلاة والسلام-، يخوف الناس ويحذرهم ليصلوا إلى مأمن، ليصلوا إلى المأمن، ويقول بعد ذلك: ((أما بعد)) ويقول: ((أما بعد)) وهذه من سنن الخطبة، سنن الرسائل ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- في خطبه وفي مراسلاته وكتاباته يقول: ((أما بعد)) ثبتت عن أكثر من ثلاثين صحابي، في الخطب والرسائل، ولا يقوم غيرها مقامها، ويؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى أخر، وهي في الموضع الأول لا تحتاج إلى ثم؛ لأن بعض الإخوان إذا أخذ يتكلم: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ثم أما بعد" على شان إيش جبت ثم؟ أما بعد مباشرة، فإذا أردت الانتقال إلى أسلوب ثالث قل: ثم، اعطف الثانية على الأولى، أما قبل فلا.

"أما بعد" وأما: قائم مقام الشرط، أما: حرف شرط، وبعد: قائم مقام الشرط، وجوابها ما بعد الفاء "أما بعد فإن" وبعدُ مبني على الضم كما تقدم في خطبة الكتاب؛ لأنه مقطوع عن الإضافة مع نية المضاف إليه، ومثله قبل {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [(4) سورة الروم] لكن لو أضيفت أعربت، ولو قطعت مع عدم نية المضاف إليه أعربت مع التنوين، والخلاف في أول من قالها معروف:

جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً
ويعقوب وأيوب الصبور وآدم
     

 

بها عُد أقوال وداود أقربُ
وقس وسحبان وكعب ويعربُ
ج

ثمانية أقوال.

((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله)) خير الحديث الحديث إذا أطلق في مقابل القرآن يراد به ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا أطلق الحديث على عمومه وهو ما يتحدث به دخل فيه القرآن، ودخل فيه كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، ودخل فيه كلام من دونه، فهنا خير الحديث عموم ما يتحدث به كتاب الله، خير ذلك كتاب الله -جل وعلا- وهو القرآن، وجاء في فضله وفضل تعلمه وتعليمه من النصوص ما لا يحتاج إلى بيان ((فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد)) الهدي كذا ضبط بفتح الهاء، وضبط بضمها، الهدي والهدى، خير الهدى هدى محمد، وخير الهدي هدي محمد، والمراد بذلك طريقته وسنته وعادته وديدنه، خير الهدي عموماً خير الطرق التي تسلك والسنن التي تتبع سنة محمد -عليه الصلاة والسلام-، وهديه وديدنه وعادته -عليه الصلاة والسلام-، هدي محمد، ويصرح باسمه -عليه الصلاة والسلام-، باسمه العلم، وخير الهدي هدي محمد، هل يكون في قوله -عليه الصلاة والسلام- بعد التصريح باسمه -صلى الله عليه وسلم-؟ نحن مأمورون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] اشترط بعضهم الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- لصحة الخطبة، فغيره لا بد من أن يصلي، لكن بالنسبة له هل يدخل في الأمر: ((البخيل من ذكرته عنده فلم يصل علي)) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ويذكر اسمه المجرد باسمه العلم، ولا أحفظ نص صلى فيه -عليه الصلاة والسلام-، وإنما أمر بذلك وحث عليه، على نفسه.

((وشر الأمور محدثاتها)) شر الأمور كلها من الأقوال والأفعال شرها محدثاتها، وكل خير في اتباع من سلف، فالإحداث لا شك أنه لا سيما في الدين بدعة، أما المحدثات في أمور العادات والدنيا فالمسلم يأخذ بما ينفعه منها، ويترك ما يضره على ألا يكون فيما يأخذه من النافع ألا يكون من باب التشبه بالأعداء ((شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) كل بصيغة العموم، والبدعة في أصل اللغة: ما عمل على غير مثال سابق، ما عمل على غير مثال سابق، وفي الشرع: ما عمل من دون أن يسبق له شرعية من الكتاب والسنة، وهذا في أمور الدين، البدعة في اللغة في الأصل: ما عمل على غير مثال سابق، يعني صنع شيئاً ما سبق إليه ابتدعه، والله -جل وعلا- بديع السماوات، يعني مبدع، منشأ على غير مثال سابق، وأما في الشرع: ما لم يسبق له شرعية من الكتاب والسنة، ومعلوم أن هذا في أمور العبادات، وما يتقرب به إلى الله -جل وعلا- في المقاصد والغايات، وأما الوسائل فهي متفاوتة، منها ما يقرب من الغايات، ومنها ما يبعد عنها، فما بعد من الوسائل عن الغايات فمثل هذا قابل للاجتهاد والتجديد، فالدعوة مثلاً لها وسائل، لها وسائل فمثلاً من وسائلها استعمال المركوب مثلاً، هل يقول قائل: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- في دعوته لم يركب إلا الحمار أو البعير ما نركب إلا مثله هذه وسيلة للدعوة وسيلة لعبادة لا يدخلها الاجتهاد؟ أو نقول: هذه بعيدة عن الغاية؟ وإن كانت وسيلة إلى هذه الغاية، لكن لبعدها نعم، تخضع للاجتهاد، لكن هناك وسائل تقرب من الغايات حتى أن منهم من ينازع في كونها وسائل، بل هي غايات، الآن الوضوء الوضوء هو وسيلة إلى الصلاة، وسيلة إلى الصلاة، منهم من يقول: هو غاية بذاته بدليل أنه يشرع أن يبقى المسلم على طهارة ولو لم يرد بذلك العبادة مما يتعبد به إلا بالوضوء، مثل هذه الآلات المكبرة للصوت أو المبكرة للحرف للقراءة هذه وسائل، هل نقول: إنها خاضعة للاجتهاد أو غير خاضعة للاجتهاد، نعم أمور اجتهادية أمور اجتهادية وهي حادثة وتستعمل في عبادة، لكنها ليست غايات فدخلت في حيز الاجتهاد، وهذه الأمور تتفاوت فيها وجهات النظر، منهم من يضيق تضييقاً شديداً، ومنهم من يتوسع توسعاً غير مرضي، وخير الأمور في الوسط، من أهل العلم المعروفين من رفض الاستعمال من هذه الآلات، أمور حادثة تستعمل في عبادة كيف أدي أفضل العبادات وأعظم العبادات الصلاة أؤديها بآلة حادثة وهي المكبر؟ ومن الشيوخ من مات ولم يستعملها لا في صلاته ولا في خطبته ولا..، ومن أهل العلم من رأى أن المصلحة راجحة، والمفسدة لا تكاد تذكر في جانب المصلحة العظيمة فرأى أن استعمال مثل هذه الآلات يحقق مصلحة ولا يترتب عليه مفسدة ولو استعمل في أمر..، في عبادة، المقصود أن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، هناك ضابط وضعه بعض أهل العلم أن كل ما كنت الحاجة داعية إليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعله فإنه بدعة، نقول: هل الحاجة داعية إلى تبليغ الصوت إلى البعيد القاصي في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ الحاجة داعية بلا شك، الحاجة داعية بدليل أنه أواخر الصفوف لا يسمعون القراءة، فالحاجة داعية، لكن هل مثل هذه الآلات موجودة في عصره ولم يفعلها؟ ليست موجودة، هم في عهد السلف يستعملون المستملي الذي هو المبلغ عن المتكلم في الجموع الكثيرة، وهذه الآلة تقوم مقام المستملي.

فالخطوط التي تجعل في الفرش فرش المسجد أو في محاذاة الحجر الأسود خط هذه ينطبق عليها الحد الذي حدد في تعريف البدعة، الحاجة داعية إلى مثل هذا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم تفعل، لكن الحاجة في عهده -عليه الصلاة والسلام- هل هي بمستوى الحاجة بعده -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ يعني خطوط الفرشات هذه النبي -عليه الصلاة والسلام- بإمكانه يخط برجله في الرمل ويستوون على هذا الخط، ولا يحرص على إقامة الصفوف مثل ما كان يفعل -عليه الصلاة والسلام- يرتاح من هذا، لكن الحاجة ليست بقوة الحاجة الآن، صفه -عليه الصلاة والسلام- يمكن عشرة أو عشرين، يمكن تسويتهم، لكن في الجوامع الكبرى وفي الحرمين وغيرهما لا يمكن تنظيم الناس بمجرد الكلام، كثير من الناس يتساهل في تطبيق السنن، وقد لا يتسنى له، وكثير من الناس يجهل، منهم من يجهل ومنهم من يتساهل، وتجدون الصفوف في الحرمين رغم وجود هذا السجاد ووجود الخطوط يعني صفوف تحتاج إلى تعديل.

كانت مصليات الأعياد قبل أن تفرش بهذه الفرش التي تعدل الصفوف يعني الصفوف كالأقواس لا يمكن تعديلها، وعلى كل حال هذه مما تتجاذبها وجهات النظر، لكن يبقى أنه إذا زادت المصلحة وغمرت المفسدة في سبيل تحقيق هذه المصلحة ينبغي ألا يلتفت إلى المفسدة، الخط المحاذي للحجر الأسود رأى أهل العلم أنه يحقق مصلحة؛ لأنه يأتي من يستفتي يقول: بدأت الطواف بالحرف يقول: من رجل إسماعيل، وين رجل إسماعيل؟ المقام، ما فيش رجل إسماعيل يا أخي وين أنت؟ مثل هذا لو ترك له الأمر بدون خط وبدون شيء بيعرف شيء ذا؟ وكثير من الناس يعني الذي يسأل عن الكعبة إذا دخل صحن الكعبة هذا بيعرف اشلون يطوف؟ وشلون يبدأ؟ وشلون ينتهي؟ جهل جهل مطبق، فرأي أهل العلم أن هذا الخط يحقق مصلحة والمفسدة مغمورة، لكن زادت المفسدة رأينا المفسدة تزيد يوماً فيوماً يحنون على الخط، يقصدون الخط كالقاطرة واحد وراء الثاني يصلون على الخط الأسود، وضيقوا على الطائفين، فلا بد من إيجاد بديل لهذا الخط، ولا شك أن المصالح والمفاسد تزيد وتنقص من وقت إلى أخر، وعلى كل حال هذا ضابط في الحديث: ((كل بدعة ضلالة)) ((وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) عام في كل ما يبتدع في أمر الدين، لكن هل هو من العام الباقي على عمومه أو العام المخصوص كما يقول بعض أهل العلم؟ هل هو عام محفوظ بحيث يكون كل ما أحدث في الدين ضلالة؟ كل ما ابتدع في الدين ضلالة؟ من أهل العلم من يرى أنه من العام المخصوص، والصحيح أنه باقي على عمومه، باقي على عمومه، وأنه كل ما أحدث في الدين من غاياته ومقاصده ووسائله القريبة من الغايات مثل هذه كلها ضلالة، من أهل العلم من يقسم البدع إلى بدع واجبة، وبدع مستحبة، وبدع مباحة كيف؟ النبي –عليه الصلاة والسلام- يقول: ((وكل بدعة ضلالة)) وأنت تقول: بدعة واجبة كيف ضلالة واجبة؟ منهم من يقول: هناك بدع محمودة وبدع مذمومة، بدع مستحسنة ومستحبة وبدع مذمومة، يستدل بقول عمر -رضي الله عنه- في صلاة التراويح: "نعمت البدعة" نعمت البدعة، وإذا نظرنا إلى صلاة التراويح التي جمع عمر -رضي الله عنه- الناس عليها، وأردنا أن نطبق التعريف عليها التعريف اللغوي: ما عمل على غير مثال سابق، هي عملت على مثال سبق، صليت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- جماعة، فليست ببدعة لغوية، وهل هي بدعة شرعية؟ ليست بدعة شرعية؛ لأن هناك سبق لها شرعية من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ليست بدعة شرعية، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بأصحابه ليلتين أو ثلاث جماعة في ليالي رمضان ثم ترك، لا رغبة عنها، ولا نسخ لها، ولا رفعاً لحكمها، وإنما خشية أن تفرض، وإذا كان الأمر كذلك فقد سبق لها شرعية من فعله -عليه الصلاة والسلام-، والعلة في تركها ما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- شفقة على أمته، فإذا لم تكن بدعة لا لغوية ولا شرعية فماذا تكون؟ الشاطبي يقول: مجاز، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في الاقتضاء يقول: بدعة لغوية، وتبعه على هذا كثير من أهل العلم، لكن إذا طبقنا التعريف الغوي ما وجدناه ينطبق، نعم؟

طالب.......

نعم هي مشاكلة، مشاكلة أو مجانسة في التعبير، وهذا أسلوب مطروق في لغة العرب وفي النصوص أيضاً،  {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] ذي مسألة تقدمت مراراً، لكن التذكير بها في موضعها لا بد منه، الشاطبي -رحمه الله تعالى- رد التقسيم وقوض دعائمه، وقال: إنه قول مخترع مبتدع التقسيم تقسيم البدع، الذين يقولون بالتقسيم يقولون: هناك بدع واجبة كالرد على الزنادقة والملاحدة، لكن القرآن يرد على المخالفين، السنة فيها نصوص، السلف ردوا على المخالفين، فليست ببدعة من البدع الواجبة يقولون، من البدع المستحبة بناء المدارس والأربطة من المقرر في الشرع أن الوسائل لها أحكام الغايات، وامتثال الأمر لا يتم إلا بفعل المأمور، وما يتم به فعل المأمور، أنت مأمور بالعلم والتعليم والتعلم كيف يتم هذا العلم وتحصيل العلم والتعليم إلا ببناء يضم المتعلمين بالأربطة وغيرها من الأمور متعدية النفع، يقولون: هذه بدع، نقول: لا ليست ببدع، إذا أمر الشرع بغايتها فوسائلها تبع لها؛ لأن الأمر بالشيء أمر بما لا يتم إلا به أيضاً.

((وكل بدعة ضلالة)) رواه مسلم، وفي راوية له: "كانت خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- يحمد الله ويثني عليه" يحمد الله قالوا: من شرط صحة الخطبة أن يتقدمها الحمد والثناء مع الصلاة -على النبي عليه الصلاة والسلام-، وقراءة شيء من القرآن، وينطبق عليها مسمى الخطبة، يعني لو صعد المنبر وقرأ سورة قاف ونزل ما تكلم بكلمة هل يقال: إنه خطب؟ يقال: قرأ ما يقال: خطب، لو أنشد قصيدة ولو ابتدأت القصيدة بالحمدلة والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وأما بعد، وضمنت شيء من القرآن قال: خطب؟ ما خطب، ومن أهل العلم من يرى أن الخطبة تبطل بتضمينها الشعر؛ لأنه لم يؤثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال بيتاً في خطبته، في خطبه كلها، لكن إذا كان الشعر شيء مغمور بحيث لا يخرج الخطبة عن مسماها شي يسير جداً بالنسبة للخطبة واحتيج إليه لعدم ما يقوم مقامه في معناه فلا بأس -إن شاء الله تعالى-.

"يحمد الله ويثني عليه" وبهذا نعرف أن الحمد غير الثناء، وإن فسر الجمهور الحمد بأنه هو الثناء، الحمد غير الثناء وجاء في حديث أبي هريرة في مسلم: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدين، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي)) فهذا الحديث يدل على أن الثناء غير الحمد، ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الوابل الصيب فرق بين الحمد والثناء، وحد كل وحد منهما بحد خاص، فليرجع إليه، "ثم يقول على إثر ذلك" يعني بعد ذلك، إثر وأثر لا فرق، ضبطت بهذا وهذا "وقد علا صوته" والحال أنه -عليه الصلاة والسلام- قد علا صوته، ارتفع صوته كما تقدم.

"وفي راوية له: ((من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له))" الأمور كلها بيد الله -جل وعلا- هداية القلوب بيد الله -جل وعلا- إذا كتب للعبد الهداية ووفقه لها لن يستطيع من على وجه الأرض بجميع ما يستطيعونه من قوة أن يصرفوه عن هذا الهدى، وبالمقابل من أراد الله إضلاله لو بذلت جميع الأسباب لهدايته ما تم، ومن أوضح الأدلة حرص النبي -عليه الصلاة والسلام- على هداية أبي طالب حتى اللحظة الأخيرة من حياته ((قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)) أخر ما قال: "هو على ملة عبد المطلب" ((من يضلل فلا هادي له)) {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [(56) سورة القصص] وهذه الهداية هي هداية التوفيق والقبول والانقياد والإذعان، أما هداية الدلالة والإرشاد فيملكها النبي -عليه الصلاة والسلام- وبعث بها {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [(52) سورة الشورى] وأتباعه كذلك يدلون الناس ويرشدونهم إلى الطريق الحق، أما القبول فبيد الله -جل وعلا-، وعلى هذا يبذل الإنسان ما أمر به من بذل لأسباب الهداية، أما كون الناس يهتدون أو لا يهتدون هذا الأمر ليس إليه، يحرص على أن يهتدوا وتحقق دعوته الثمرة التي من أجلها نصب نفسه لها، إذا لم يتحقق السبب فالقلوب بيد الله -جل وعلا-.

"وللنسائي: ((وكل ضلالة في الناس))" كل ضلالة في النار، يعني كل صاحب ضلالة في النار، وليس المراد الضلالة نفسها، كما في حديث الإسبال ((ما أسفل من الكعبين ففي النار)) يعني من الثوب وإلا صاحب الثوب؟ صاحب الثوب وإلا الثوب سهل، فكل الناس الثوب سهل عنده لو كل الثوب في النار ما هو بمشكلة، لكن الإشكال في صاحب الثوب، نسأل الله السلامة والعافية.

كم باقي على الأذان؟

طالب:......

أيه يكفي هذا يكفي، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

"
أخ يقول: إنه اتصل عبر الهاتف على زوجته بسبب جدال معها غضب غضب شديداً مما دفعه بالتلفظ بكلام مفاده الطلاق، ويقول: إنه لا يتذكر حتى المكان الذي اتصل منه بسبب ذلك الغضب يسأل هل عليه شيء؟

على كل حال الغضب إذا بلغ مبلغاً يفقد الإنسان عقله أو يقرب من ذلك فطلاق الغضبان معروف عند أهل العلم حكمه وهل يقع أو لا يقع؟ لكن النص يدل على أنه لا يقع، لكن شريطة أن يكون قد بلغ من صاحبه مبلغ يحول بينه وبين عقله، أم إذا كان يعقل ماذا يقول فمناط التكليف ثابت، وتقرير قوة الغضب وضعفه لا بد من حضور الطرفين لينظر في الأسباب والباعث على هذا الغضب، هل هو بالفعل يدفع إلى غضب شديد يعذر معه الإنسان أو لا؟ وعلى كل حال على المسلم أن يلتزم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قيل له: أوصني، قال: ((لا تغضب)) بعض الناس يقول: أنا مجبول على الغضب لا استطيع، نقول: لا تغضب مع ذلك، تصبر يصبرك الله، تحلم على كل حال عليك أن تجاهد نفسك، وتلزمها بالأخلاق الحميدة، والآداب الإسلامية التي جاءت الشريعة بالحث عليها، ثم بعد ذلك توفق وتسدد وتعان.

يقول: ما هي أفضل منهجية يمكن إتباعها لتعليم الحدث سواء التائبون من الفساق أو الكفار الذين دخلوا في الإسلام؟

يعلمون أهم المهمات، وأوجب الواجبات مما يتعلق بالشهادة وتقريرها، وتحقيق التوحيد، وما ينافيه ويناقضه، يعلمون الوضوء والصلاة والصيام وقواعد الإسلام الكبرى بالتدريج والرفق واللين مع السهولة والوضوح، ثم بعد ذلك يتدرج بهم إلى ما بعد ذلك.

أخ يقول: إنه يبيع الألبسة التي تلبسها النساء في الحفلات والأعراس يسأل هل يجوز له بيعها علماً أنها ليست ساترة لجسم المرأة بأكمله؟

على كل حال هي تبعاً لحكم اللباس نفسه، البيع تابع لحكم المبيع، هل العين التي وقع عليها العقد مباحة أو غير مباحة؟ إذا كانت مظهرة للعورات أو مشتملة على التشبه بالكافرات والفاسقات لا يجوز بيعها، أما إذا كانت ساترة سابغة تظهر ما يجوز إظهاره للنساء إذا كانت بين النساء أو للمحارم إذا كانت بين المحارم، هذا لا بأس بها، إذا كانت سابغة وافية لا يخرج من المرأة شيء إذا كانت في الأماكن العامة وما أشبه ذلك بحيث يراها الأجانب حينئذٍ يكون بيعها حلال؛ لأن لبسها حلال، أما إذا كانت مما لا يجوز لبسه بأن كانت تظهر شيء من محاسن المرأة التي تفتنها بين محارمها أو بين النساء؛ لأن حكم عورة المرأة عند النساء هي عورتها عند محارمها؛ لأن السياق واحد في أية النور وفي آية الأحزاب، النساء عطفن على المحارم، فعورة المرأة عند المرأة كعورتها عند أخيها وأبيها، فإذا كانت تظهر القدر المباح عند الأب والأخ لا بأس أن تحضر به الأعراس على أنها كلما اتصفت بالحشمة والاحتياط لنفسها لا سيما في هذه الأزمان التي يمكن أن تخرج بصورة ولو كانت مباحة شرعاً إلا أنها تعرض نفسها لبعض الأمور التي لا تحمد عقباها.
في هذا الزمان الذي تواردت فيه الشرور، وتواطأ فيه الأعداء، وتكالبوا على المرأة المسلمة بإمكانها أن تحضر وهي لابسة لباس يعني جائز لا بأس به، لكن قد تصور على هيئة من الهيئات لا سيما إذا خشيت على نفسها أنها في موضع ليست في مأمن من التصوير، والتصوير شأنه خطير، وشره مستطير، وقد حضر العفائف إلى هذه الأماكن وصورن ودبلج على وجوههن صور مشينة، وتسببت في الضغط عليهن ووقع بعضهن، وهن في الأصل عفيفات، فعلى المرأة أن تحتاط لنفسها، وتبحث عن الموطن الذي تريد الذهاب إليه هل هي في مأمن من هذه التصرفات أو لا؟ على الإنسان أن يحرص على نجاة نفسه، ولو ضحى بحقوق الآخرين، نعم هناك بر وهناك صلة وهناك آداب وتعامل مع الأقارب مع الجيران مع الأصحاب، لكن يبقى أن الزم ما على الإنسان نفسه، يحتاط لنفسه أكثر مما يحتاط لغيره.

يقول السائل: ما حكم السجود وبين الجبهة والأرض حاجز كالطاقية؟

إذا كان هذا الحاجز متصل بالمصلي عند أهل العلم يكره إلا لحاجة، الكراهة تزول بأدنى حاجة، لو هناك شوك أو حر شديد أو أي شيء وسجد على طاقيته على شماغه لا بأس، وإلا فالأصل الكراهة عند أهل العلم أم غير المتصل المنفصل عن المصلي لا بأس بالسجود عليه إذا كان طاهراً.

هذا يسأل يستعمل العادة السرية يقول: أستعملها دائماً؟

هولا شك أن كثير من الشباب -هداهم الله- يعرض نفسه لمواقع الفتن، ويهيئ لنفسه من أسباب الشرور ما يلزمه بالوقوع في الفاحشة، أو ما يقرب منها، فعلى الإنسان أن يحسم المادة، ويدفع جميع الأسباب التي توقعه في المحرمات، فلا يخرج إلى الأماكن العامة التي يرتادها النساء المتبرجات، ولا يقتني من الآلات من يجعله يزاول مثل هذه المنكرات، ما يضطره إلى ذلك، لكن إذا وجد نفسه في موقع لا يمكن التخلص منه إما الفاحشة أو هذه العادة هذه العادة أسهل، ارتكاب أخفف الضررين إذا لم يجد وإلا فهي محرمة عند أهل العلم {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(6) سورة المؤمنون] ما استثني شيء إلا الزوجة وملك اليمين، فهذه العادة محرمة، ولو كانت مباحة لأرشد إليها النبي –عليه الصلاة والسلام- من لا يستطيع النكاح، لا يستطيع الباءة، أرشد إلى الصيام، لكن بعض الناس لا يملك نفسه، يقول: عجزت، نقول: هذه أسهل من الوقع في الفاحشة، ومع ذلكم هي محرمة، من حصلت منه عليه أن يتوب ويندم ويقلع.
يقول: كيف أتخلص منها مع أني أستخدم هذه العادة من خمس سنوات؟
على كل حال عليك أن تبذل الأسباب في التخلص منها، ولا تمكن نفسك من الأسباب التي توقعك فيها، لا شك أن هذا من أعظم ما يتحصن به الإنسان، ويستعين به على أن يحصن نفسه، فعليك أن تسعى جاداً ألا تنظر في الصور لا الحقيقة ولا الوهمية، لا في شاشات، ولا في مجلات، ولا جرائد، وبعض الناس يفتح لنفسه المجال على أوسع أبوابه، ويقول: أنا اضطررت إلى هذا، أنت اللي اضطريت نفسك يا أخي، {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [(40) سورة النــور] الوسيلة محرمة والنتيجة محرمة، فعلى الإنسان أن يهتم لنفسه.
يقول: مع أني أستخدمها لمدة خمس سنوات ولا أدي ماذا أفعل وعمري الآن سبعة عشر سنة، وأخاف أن أكون فيّ عقم؟
الأطباء يذكرون لها بعض الأضرار، يذكرون لها بعض الأضرار الصحية والنفسية، وأن فيها أثر على الإنجاب، هي الآن يا أخي ما دامت محرمة فلا تنظر إلى الأمور الأخرى، نعم الأمور الأخرى مثل الحكم والعلل نعم المرتبة الحكم الشرعية والعلل التي من أجلها منع هذا العمل، نعم تكون رافد لا تكون هي الأصل في المنع، لا تقول: أنا لا أفعل هذه لأن فيها أضرار، لا، لأنها محرمة يا أخي؛ لتؤجر على كفك كما تؤجر على فعلك، والله أعلم.
نعم، ها محمد إيش عندك؟
طالب.......
لما لا إيش؟
طالب.......
وجميع الصور المحرمة التي تندرج تحت أصول عامة وقواعد كلية في الشرع لا بد أن ينص عليها الشارع؟ يعني ألا تدخل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(6) سورة المؤمنون] هات نص يدل على جوازها وهي داخلة في المنع هنا؟
طالب.......
الله أعلم، كل المنكرات معروفة بعد في الجاهلية، نعم؟
طالب.......
لا، لا هي تندرج في هذه الآية، وتدخل فيها دخول أولي، ويبقى أن لو كانت جائزة لأرشد إليها الشارع -عليه الصلاة والسلام- من لا يستطيع النكاح، أرشد إلى الصيام، لكن مع ذلك كثير من الشباب يقول: أنا لم أستطع الكف حتى مع الصيام، يبقى أنها محرمة، ولا تجوز نعم لكنها أسهل بكثير من الوقوع في الفاحشة، الإنسان إذا كان بين أمرين أمر صعب جداً موبقة من الموبقات، كبيرة من كبائر الذنوب، أو مثل هذه، لا شك أن ارتكاب أخف الضررين مقرر في الشرع، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يسترسل مع هذا الكلام، مع مثل هذه القواعد، ويقول: ما دام في أعظم منها أنا -الحمد لله- أنا أسهل، نعم أنت أسهل، ويجب عليك أن تنظر في أمور دينك إلى من هو أعلى منك، لا تنظر إلى من هو دونك، تقول: الحمد لله أنا أستعمل هذه العادة والناس يزنون ويلطون ويفعلون، لا يا أخي يعني بعد الناس كفار ومشركون كثير منهم بعد تصل إلى حدهم تبرر لنفسك، بينما في أمر الدنيا عليك أن تنظر إلى منه دونك؛ لأنه أجدر ألا تزدري نعمة الله عليك، نعم.
طالب.......
نعم عثمان بن مضعون، إيه ولو أذن له لختصينا، إيش فيه؟
طالب.......
على كل حال لو لم يرد فيها إلا الآية؛ لأن الآية حصرت المباح، وما عدا ذلك يبقى محرم، نعم.

يقول: بالنسبة للساعات المنهي عن الصلاة عنها فالقول أنه يستثنى من ذلك صلاة الجمعة، ويستثنى من ذلك صلاة الفرائض، فقد يقال: العموم إذا دخله الخصوص ضعف، فما قولكم فيمن يقول بضعف القول بمنع الصلاة في هذه الاستثناءات؟

هذه المسألة مسألة ما جاء في النهي عن الصلاة في بعض الأوقات، وما جاء في الأمر بها، وأهل العلم يتفقون على أن الفرائض لا تدخل في النهي، لا تدخل في النهي، ويتفقون على أن النوافل المطلقة داخلة في النهي، ويبقى النوافل المرتبطة بأسباب هي محل الخلاف بين أهل العلم، وهي مسألة بحثناها مراراً، وأفضنا القول فيها، لكن مسألة ذوات الأسباب في أوقات النهي وجاء الأمر بصلاة ركعتين قبل الجلوس من غير نظر إلى وقت من الأوقات، وجاء النهي عن الصلاة في هذه الأوقات، بعض النظر عن جميع الصلوات، فاستثنيت الفرائض بالنصوص.
لا شك أن أحاديث النهي كما ذكر هنا في السؤال دخلها مخصصات، وضعفت بهذه المخصصات، وتبقى قوتها في غير هذه الأشياء المخصوصة، تبقى قوتها في غير الأمور التي جاءت النصوص بتخصيصها، يعني لو شخص جالس بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة العصر جالس في المسجد لما بقي على غروب الشمس قام وصلى ركعتين بقي على غروب الشمس ربع ساعة نصف ساعة قام وصلى ركعتين ويش الداعي لهذه الركعتين؟ هل هناك سبب يحمل عليهما؟ ما في سبب، دخل إلى المسجد معه النص ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وأيضاً النص ما زال قائماً "ثلاث ساعات كان رسول -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن" ونهى عن الصلاة، و((لا صلاة بعد الصبح حتى طلوع الشمس))، و((لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) معنا نصوص النهي ما زالت قائمة، أما أنها...
يقول: ما قولكم فيمن يقول في ضعف القول بمنع الصلاة لهذه الاستثناءات؟
الآن هو لما قرر أن العموم إذا دخله الخصوص ضعف، وقرر القول في ضعف القول بمنع الصلاة لهذه الاستثناءات كأنه يقول: ما دام ضعف عمومه بطل الاستدلال به، نقول: ليس بصحيح، يبقى عمومه متناول لجميع الصور التي لم يرد فيها استثناء؛ لأن التخصيص إخراج بعض أفراد العام لا جميع أفراد العام، وليس معنى أن حديث: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)) ويقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من صلى راتبة الصبح بعدها أنه يضعف..، إيش معنى يكون حديثاً ضعيفاً؟ لا، الحديث في الصحيحين، لكن ضعف الدلالة على تناول جميع الصور نعم؛ لأنه أخرج من هذه الصور بعضها، ويبقى الصور التي لم تخرج بدليل يتناولها العموم بقوته، يعني لما يقال في الوصية مثلاً: يعطى جميع بني تميم، كل شخص من بني تميم يعطى من هذا المال، أو كل طالب في هذا المسجد يعطى من هذه الوصية، ثم كل شوي جايب استثناء: لا تعطون فلان، لا تعطون فلان، لا تعطون فلان وهكذا، العموم السابق ضعف، نعم ضعف هذا نسويه في حياتنا اليومية لو أن الأب قال لأبنه: لا تتحرك من هذا المكان، لا تخرج من هذا المكان، ثم قال: أذن يا.. أنا بطلع أصلي، طيب اطلع صل، جاءت الدراسة اطلع المدرسة، اطلع الخباز، اطلع كذا ضعف النهي، يضعف النهي، لكن لو قال: لا تخرج البتة، أريد أخرج أصلي قال: لا تطلع، أريد أروح المدرسة قال: لا تطلع، هذا فيه قوة، وهكذا النصوص الشرعية إذا حفظت من التخصيص صار فيها قوة، يعني قوة في الدلالة بغض النظر عن قوة الثبوت، الحديث في الصحيحين، فكونه يخرج بعض الصور منه لا يعني أنه يضعف في ثبوته أبداً، لا أثر في ذلك على الثبوت، ويبقى أنه جاء في الأوقات المضيقة أكثر مما جاء في الأوقات الموسعة؛ لهذا السؤال الذي جاء وأظنه على ما ذكر الكاتب من مصر.
يقول: فما قولكم فيمن يقول في ضعف القول بمنع الصلاة لهذه الاستثناءات؟
معنى الصلاة مطلقاً؟ يعني مثلما قلنا: جالس بعد صلاة العصر يقرأ القرآن وبعد ساعة قام وصلى ركعتين قال: أنشط لي لو أتابع الجلوس إلى المغرب نمت، نقول: لا يا أخي لا تصل ركعتين، ما في سبب يدعو إلى هاتين الركعتين، لكن لو دخل إلى المسجد في هذا الوقت صلى ركعتين، شمله حديث: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) ويبقى ما عدا هذه الأمور المخصوصة على أصل المنع، على أنه لو دخل إلى المسجد وجلس لا يثرب عليه؛ لأن معه أحاديث النهي، وعمل بها الجمهور، وقدموها على أحاديث ذوات الأسباب، والمسألة بحثت مراراً، وقررت بالتفصيل.

أخ يقول: إنه يشتغل معه بعض الناس من أصول إسلامية، ولكنهم لا يصلون، وهو يدعوهم إلى الصلاة وفي نفس الوقت يعلمهم بعض الآداب الإسلامية، يسأل هل عنده أجر إذا لم يصلوا وطبقوا تلك الآداب؟

((من دعا إلى هدى كان له مثل أجل فاعله)) من دعا إلى هدى كان له مثل أجر فاعله، هو مأمور ببذل السبب، مأمور بالدعوة، مأمور بالتوجيه، مأمور بالإرشاد، مأمور بالإنكار، وهذا بذل السبب، والأجر مرتب على هذا السبب، كون المدعو يستجيب هذا هو المطلوب، لكن إذا لم يستجب فأنت لست مسئول عنه، إثمه عليه، ولك الأجر، فستمر على هذا.