هدي النبي في رمضان (07)
الحلقة السابعة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إخوتنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم إلى هذا اللقاء في هذا البرنامج الذي نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا به جميعًا أيها الإخوة نرحب في مطلع هذه الحلقة بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله فحياه الله وأهلاً وسهلاً به معنا.
حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
أيها الإخوة المستمعون الكرام هذا الشهر شهر رمضان هو شهر القرآن يجتدوا فيه المؤمنون الصائمون القائمون في تلاوة هذا الكتاب العظيم حتى لكأن هذا الشهر من أعظم العبادات فيه تلاوة هذا القرآن وهذا الذكر الحكيم الذي هو كلام ملك الملوك ونود فضيلة الشيخ وفقكم الله في بداية هذه الحلقة أن نتعرض لشيء من فضل القرآن الكريم وفضل تلاوته وخاصة في هذا الشهر الفضيل وشيء من الآداب التي ينبغي بتالي القرآن الكريم أن يكون عليها ولو تعرضتم بشيء من حال السلف في ذلك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
لا شك أن رمضان هو شهر القرآن حيث أنزل فيه، كما قال -جلَّ وعلا-: { شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِ } البقرة: ١٨٥ ولا يعني هذا أن القرآن لا يعرف إلا في رمضان، لكن رمضان شهر المسابقة والمسارعة إلى الخيرات كلها كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل في القرآن وغيره، والقرآن عناية السلف به واضحة ظاهرة اقتداء بنبيها -عليه الصلاة والسلام- بأنه كان يدارسه جبريل القرآن كل ليلة من رمضان فهذا لا شك أن له أثر في فضل القراءة في هذا الشهر إضافة إلى مضافة الأجر في كل العبادات في هذا الشهر، والقرآن كلام الله المنزل على رسوله -عليه الصلاة والسلام- هو مصدر عز هذه الأمة وشرفها، كما قال -جلَّ وعلا-: { صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ } ص: ١ أي ذي الشرف كما قال -جلَّ وعلا-: { فِيهِ ذِكۡرُكُمۡ } الأنبياء: ١٠ { لَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ كِتَٰبٗا فِيهِ ذِكۡرُكُمۡ } الأنبياء: ١٠ أي شرفكم وما تذكرون به، وقال -جلَّ وعلا-: { بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ } المؤمنون: ٧١ أي بما فيه شرفهم وقال تعالى { وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَ } الزخرف: ٤٤ أي شرف لكم، قال -عليه الصلاة والسلام-: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» خرجه البخاري وغيره، رتب النبي -عليه الصلاة والسلام- على قراءة كل حرف عشر حسنات بين ذلك بقوله: «لا أقول ألف لام ميم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» وجاء الحث على قراءة القرآن وتلاوته وترتيله وفهمه وتدبره والعمل به وذم هجره والإعراض عنه جاء الأمر بالتدبر في مواضع من القرآن { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا } النساء: ٨٢ قال -جلَّ وعلا-: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ } محمد: ٢٤ وقال -جلَّ وعلا-: { كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ } ص: ٢٩ وغير ذلك من الآيات التي تحث على التدبر وقراءة القرآن على الوجه المأمور به كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تورث القلب الإيمان العظيم وتزيده يقينًا وطمأنينة وشفاء كما قال -جلَّ وعلا-: { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٞ وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارٗا } الإسراء: ٨٢ تدبر القرآن يورث الهدى والنور الإلهي واليقين والطمأنينة يقول ابن القيم:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى . |
|
فالعلم تحت تدبر القرآن . |
هناك آداب ينبغي مراعاتها لقارئ القرآن لا سيما نحن نلاحظ من كثير من الإخوان الذين يجلسون في المسجد يديمون المقام في المسجد لقراءة القرآن في هذا الشهر المبارك، يوجد بعض ما يلاحظ عليهم مما قد يفهم منه عدم رعاية حق القرآن واحترام القرآن كما ينبغي، من ذلكم كثير من الناس يقرأ القرآن وهو يتثاءب فتصدر منه أصوات مزعجة وهو يقرأ لا شك أن التثاؤب من الشيطان فعلى قارئ القرآن أن يمسك عن..، عن القراءة أثناء التثاؤب، من ذلكم أن يبدأ القراءة بالاستعاذة والبسملة وألا يقطع القراءة إلا لحاجة وأن يقف عند الوعد والوعيد ويتأثر وألا يترك القرآن منشورًا؛ لأن بعض الناس إذا أراد أن يسجد سجدة التلاوة ترك القرآن منشور مفتوح كذا ويضعه على الأرض هذا امتهان له أسوأ من هذا أن يثني الورق بعض الناس إذا أراد أن يسجد ثنى الورقة وهذا يعرضها للتلف ولا شك أنه امتهان وأسوأ من ذلك وقد رأيته قلب المصحف.
على وجهه.
على وجهه، كل هذه تنبغي ملاحظتها بعض الناس يمد رجله إلى المصحف هذا أيضًا امتهان فهذا المصحف هذا القرآن كلام الله -عزَّ وجل- وتعظيمه من تعظيم الله بل من تعظيم شعائر الله إضافة إلى أنه يجب ألا يمس القرآن إلا طاهر وأن يستحب أن يستقبل القبلة أثناء القراءة.. وغير ذلك من الآداب التي ذكرها أهل العلم. هناك قد يمر بالقارئ سجدة سجدة تلاوة فسجود التلاوة سنة ينبغي الاهتمام به وأوجبه بعضهم كأن شيخ الإسلام يميل إلى أن إلى الوجوب، سجود التلاوة في أوقات النهي يعتريه الخلاف بين أهل العلم في فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي عند من يقول بأن سجود التلاوة صلاة، وأما الذي يقول أنه ليس بصلاة وأنه لا يشترط له ما يشترط للصلاة هذا ما عنده إشكال لكن عند من يقول أنه صلاة ويمنع من فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي لا يرى السجود في مثل هذا الوقت لكن لا شك أن السجود أمره أخف من الصلاة ولذا ينبغي أن يحرص قارئ القرآن على السجود حتى في أوقات النهي.
يا شيخ بالنسبة للتكبير في سجدة التلاوة، هل يجب على الساجد هنا وهو يقرأ أن يكبر ثم إذا انتهى أم الصفة في هذا الأمر..
عند من يقول أنه صلاة يقول يكبر إذا سجد وإذا اعتدل من السجود ويسلم عند من يقول إنه صلاة، وعند من يرى أنه ليس بصلاة لا يكبر ولا..، لا أولاً ولا آخرًا، لكن لو سجد وهو يصلي فلا بأس أن يكبر إذا رفع وإذا خفض إذا خفض وإذا رفع لعموم حديث التكبير عند كل خفض ورفع بعض وهذه يحتاجها من يتعلم القرآن على معلم، والمعلم أيضًا يحتاجها المعلم والمتعلم إذا كرر آية السجدة على المتعلم يعني المعلم يكرر آية السجدة يلقنها المتعلم والمتعلم يكررها على المعلم، هل يسجد مرة واحدة أو بعدد قراءتها أو لا يسجد أصلاً المعلم والمتعلم كلاهما يحتاج إلى التكرار، يقول القاضي عياض اختلف العلماء في المعلم والمتعلم إذا قرءا آية السجدة فقيل عليهما السجود لأول مرة فقط، وقيل لا سجود عليهما، أما كونه يكرر السجود بقدر..، بعدد تكرار القراءة فهذا كأنه لم يقل به أحد، جاء في صحيح مسلم عن إبراهيم بن يزيد التيمي، قال كنت أقرأ على أبي القرآن في السُّدة فإذا قرأت السجدة سجد فقلت له يا أبت أتسجد في الطريق، قال إني سمعت أبا ذر يقول سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فساق حديث «حيثما أدركتك الصلاة فصل».
وهذا دليل لمن قال بأن سجود التلاوة صلاة استدلوا بهذا يا شيخ؟
نعم لأنه قال «حيثما أدركتك الصلاة» هي جزء من الصلاة على كل حال.
فضيلة الشيخ بالنسبة للمدة التي يحسن بالإنسان أن يختم بها القرآن الكريم أدناها أعلاها هل ورد شيء من ذلك عند السلف؟
ثبت في البخاري وغيره عن عبد الله بن عمرو قال قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اقرأ القرآن في شهر» قلت إني أجد قوة حتى قال «فاقرأه في سبع ولا تزد» رواه أبو داود والترمذي مصححًا عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» والشاهد عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن ابن مسعود «اقرؤوا القرآن في سبع ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث» ولأ بي عبيد عن عمرة عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث، قال الحافظ ابن حجر: وهذا اختيار أحمد وأبي عبيد وإسحاق وغيرهم يعني عدم القراءة في أقل من عدم الختم في أقل من ثلاث لكن ثبت عن كثير من السلف -وهذا مشكل- ثبت عن كثير من السلف أنهم قرؤوا القرآن في أقل من ذلك. قال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر استحب له أن يختصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني يقول من كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل منه بما هو فيه يعني لا يترك المصالح العامة ويكثر من قراءة القرآن؛ لأن نفع القرآن وإن كان في غاية الأهمية إلا أنه خاص بينما الأعمال المتعدية نفعها من صالح المسلمين نفعها عام ولا بد أن لا بد للمسلم من القيام بها ومن لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ولا يقرؤه هذرمة.
لعلنا فضيلة الشيخ لأن الوقت الحقيقة يدركنا أن نكمل هذا..، هذه المسألة وهي المدة التي يقرأ فيها القرآن الكريم في الحلقة المقبلة، نعتذر للشيخ ونعتذر لكم أنتم مستمعينا الكرام وبهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة أتقدم في ختامها بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله ولكم أنتم مستمعينا الكرام، نلقاكم بإذن الله تعالى وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
"