فقه الإمام البخاري في الحج (12)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم مستمعينا الكرام إلى هذا اللقاء الجديد في فقه الإمام البخاري في الحج هذا البرنامج الذي يسعدنا أن نستضيف فيه فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير فحيا الله فضيلته وأهلاً وسهلاً بكم يا شيخ عبد الكريم.
حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
أيها الإخوة ولا يزال الحديث حول فقه هذا الإمام العلم في الحج ونود منكم فضيلة الشيخ في هذا اللقاء أن تحدثونا عما ذكره الإمام البخاري رحمة الله عليه في مسائل التقديم والتأخير في مناسك الحج.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين الإمام البخاري رحمه الله تعالى ترجم بباب إذا رمى بعدما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلاً إذا رمى بعدما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلاً وأورد فيه حديث حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال: «لا حرج» وعنه رضي الله عنهما قال كان النبي عليه الصلاة والسلام يسأل يوم النحر بمنى فيقول: «لا حرج» فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح قال: «اذبح ولا حرج» وقال رميت بعدما أمسيت فقال «لا حرج» ذكر الإمام رحمه الله تعالى الرمي في المساء إذا رمى بعدما أمسى أو حلق قبل أن يذبح والترجمة مركبة من شقين عقب هذين الشقين بحالين ناسيًا أو جاهلاً فهل الحالين يعودان إلى الشقين أو إلى الشق الأخير فقط لأن هذا فرع من قاعدة كبرى عند أهل العلم الجمل المتعددة إذا تعقبها استثناء أو وصف مؤثر أو بيان هيئة حال أو ما أشبه ذلك هل يعود إلى جميع الجمل أو يعود إلى الأخيرة فقط؟ مسألة خلافية بين أهل العلم لكن الذي عندنا إنما يعود على الجملة الأخيرة فقط؛ لأن النص ما فيه رميت بعدما أمسيت جاهلاً أو...
على أقرب موصوف...
نعم كما في قوله جل وعلا { وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٤ إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ} النور: ٤ - ٥ فهل التوبة ترفع الحد لا ترفع الحد إجماعًا اللي هو الجملة الأولى ترفع الوصف بالفسق اتفاقًا لأنه آخر مذكور الجملة الوسطى هي محل الخلاف وهذه مسألة لها وقتها وبحثها على كل حال استدل الإمام البخاري بجواز الرمي في المساء بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال رميت بعدما أمسيت فقال لا حرج وفي المسألة خلاف ومع صحة حديث ابن عباس يترجح القول بجواز الرمي في المساء ومعنى بعدما أمسيت أي بعد دخول المساء وهو يطلق على ما بعد الزوال إلى أن يشتد الظلام كله مساء.
يعني في في وقتنا الحاضر قرابة الثانية عشرة وما بعدها.
نعم نعم إلى أن يشتد الظلام ثم ذكر تقديم الحلق على الذبح وقيده بالنسيان وإن لم يرد القيد في حديث ابن عباس حديث ابن عباس ما فيه قيد لكن القيد ورد في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وفيه أن رجلاً قال لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال «اذبح ولا حرج» وفي رواية أخرى عن عبد الله بن عمرو أيضًا أنه شهد النبي عليه الصلاة والسلام يخطب يوم النحر فقام إليه رجل فقال كنت أحسب أن كذا قبل كذا ثم قام آخر فقال كنت أحسب أن كذا قبل كذا حلقت قبل أن أنحر نحرت قبل أن أرمي وأشباه ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «افعل ولا حرج» لهن كلهن فما سئل يومئذ عن شيء إلا قال افعل ولا حرج وهكذا جاء مقيدًا في الرواية الأولى بالنسيان وهو عدم الشعور وفي الرواية الأخرى بالجهل لقوله حسبت أن كذا قبل كذا وجاء في حديث أسامة بن شريك عند أبي داود السؤال عن السعي قبل الطواف فقال: «افعل ولا حرج» علمًا بأن وظائف يوم النحر رمي جمرة العقبة ثم نحر الهدي ثم الحلق أو التقصير ثم طواف الإفاضة والسعي لمن عليه سعي.
هذا الترتيب المختار.
نعم والترتيب المذكور مطلوب إجماعًا لأن النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك مرتبًا وقال: «خذوا عني مناسككم» فالترتيب المذكور مطلوب إجماعًا لأن النبي عليه الصلاة والسلام جعل كذلك ونقل ابن قدامة الإجماع على الإجزاء مع التقديم والتأخير وقال القرطبي روي عن ابن عباس ولم يثبت عنه أن من قدم شيئًا على شيء فعليه دم وبه قال سعيد بن جبير وقتادة والحسن والنخعي وأصحاب الرأي وذهب الشافعي وجمهور السلف والعلماء وفقهاء أصحاب الحديث إلى الجواز إلى الجواز وعدم وجوب الدم لقوله صلى الله عليه وسلم للسائل: «لا حرج» فهو ظاهر في رفع الإثم والفدية معا لأن اسم الضيق يشملهما وقال الطحاوي: ظاهر الحديث يدل على التوسعة في تقديم بعض هذه الأشياء على بعض كأن الصحابي فهم من قوله لا حرج لا حرج في جميع الأجوبة فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج» فنفي الحرج يدل على انتفاء الإثم وانتفاء الفدية أيضًا يقول الطحاوي: ظاهر الحديث يدل على التوسعة في تقديم بعض هذه الأشياء على بعض قال إلا أنه يحتمل أن يكون قوله لا حرج أي لا إثم في ذلك الفعل وهو كذلك لمن كان ناسيًا أو جاهلاً وأما من تعمد المخالفة فتجب عليه الفدية وتُعقب بأن وجوب الفدية يحتاج إلى دليل ولو كان واجبًا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ لأنه وقت الحاجة ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وقال الطبري لم يسقط النبي عليه الصلاة والسلام الحرج إلا وقد أجزأ الفعل إذ لو لم يجزئ لأمره بالإعادة لأن الجهل والنسيان لا يضعان عن المرء الحكم الذي يلزمه في الحج ولا في غيره كما لو ترك الرمي ونحوه فإنه لا يأثم بتركه جاهلاً أو ناسيًا لكن تجب عليه..، يلزمه أن يؤديه القاعدة في النسيان القاعدة في النسيان أن النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم ينزل الموجود منزلة المعدوم لكنه لا ينزل المعدوم منزلة الموجود يعني لو نسي وزاد ركعة قلنا نسيانك هذا نزل الموجود هذه الركعة منزلة المعدوم لكن لو نسي وزاد ونقص ركعة جاء بثلاث بدل أربع نقول لا بد أن تأتي لأن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود في الرمي مثلاً قال نسيت وزدت حصاة حصاتين قلنا هذا موجود ينزل منزلة المعدوم لكن نسيت أو جهلت لكن لو نقصت قلنا لا بد أن تأتي لأن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود مجيء التقييد بالجهل والنسيان لم أشعر أحسب أن كذا قبل كذا في بعض الأحاديث هل يحمل عليه الأحاديث المطلقة؟ جاء بالتقييد لم أشعر وجاء مطلقًا سئل عن كذا قال: «افعل ولا حرج» وجاء مقيدا بقوله لم أشعر قاعدة حمل المطلق على المقيد أنه يحمل ولذلك الترجمة عند الإمام البخاري قال: ناسيًا أو جاهلاً فكأن البخاري رحمه الله اعتمد هذا وهذا هي القاعدة في حمل المطلق على المقيد لكن هناك قاعدة عامة مرادة من قبل الشارع فهمها الصحابي من تصرف النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: فما سئل عن شيء قُدم ولا أُخر إلا قال افعل ولا حرج فدل على أنه يجوز التقديم والتأخير للناسي وغير الناسي من باب التوسعة والترخيص وكونه في الحج أيضًا في الحج الذي تكثر فيه الجموع بحيث يبلغ القيد بعض الناس دون بعض القيد الذي ذكر لم أشعر ما بلغ كثير من الناس بلغته القاعدة العامة فلا بد من بيان القيد للجميع كما قيل نظيره في قطع الخف لمن لم يجد النعلين يجعل في الأمر سعة والله أعلم، يعني النبي عليه الصلاة والسلام في في المدينة لما ذكر ما يلبسه المحرم قال «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعمها أسفل الكعبين» في عرفة وهو يخطب قال من لم يجد النعلين فليلبس الخفين مقتضى حمل المطلق على المقيد أنه لا بد من القطع، لكن من جهة أخرى أنه حضر معه عليه الصلاة والسلام في الحج من لم يسمع كلامه في المدينة يجعل أن أن أن هذا كأنه ناسخ لهذا وقال به جمع من أهل العلم، على كل حال التقييد بالجهل والنسيان قال به بعض العلماء لكن فهم الصحابي الذي فهم أنه ما سئل عن شيء قدم ولا أخر دليل على أنه لا يلزم أن يكون جاهلاً أو ناسيًا نعم قد يكون حال السائل الذي سأل جاهل حال السائل ناسي لكن لا يلزم كل من نسي أو جهل والإثم حينئذٍ مرتفع بالنسيان والقاعدة العامة رفعت لزوم الترتيب رفعت لزوم الترتيب وإن كان الأصل أن الترتيب مطلوب لأن النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك مرتبًا وقال خذوا عني مناسككم لكن مع هذه التوسعة والظرف يقتضي مثل هذه التوسعة الظرف كثر الزحام مع الجهل مع لا شك أنه يقتضي مثل هذه التوسعة العامة { وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ } الحج: ٧٨ يعني لو تصورنا أن الترتيب مطلوب واتجه الناس دفعة واحدة إلى شيء واحد ثم اتجهوا دفعة واحدة إلى شيء آخر لو لم توجد هذه التوسعة لا شك أن الحج سوف يكون فيه حرج عظيم جدًا ومع هذه التوسعة فيه زحام وفيه مشقة وفيه حرج لكن { وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ } الحج: ٧٨ الذي لا تستطيع أن تؤديه في وقته عليك عليك أن تأخذ بالرخصة يعني إذا لم تستطع العزيمة فالجأ إلى الرخصة والله المستعان.
أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم أيها الإخوة المستمعون الكرام إلى هنا نصل إلى ختام هذه الحلقة أتقدم في ختامها بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله ونفع بعلمه شكرًا لكم أنتم مستمعينا الكرام نلقاكم بإذن الله تعالى في اللقاء المقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
"