شرح كتاب التوحيد - 06

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: أثر ابن مسعود -رضي الله عنه- "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه.." سأل أو سئل بعض الأخوة عن صحة هذا الأثر في الدرس، فبحثت عنه بالاستعانة ببعض الأخوة فكانت نتيجة البحث ما يلي:

الأثر: أخرجه الترمذي والطبراني في الكبير، والبيهقي في الشعب، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد: "هذا الأثر رواه الترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبى حاتم والطبراني نحوه".

وقال الألباني عند هذا الحديث: ضعيف الإسناد، وقال الشيخ عبد المحسن العباد في تعليقه على الترمذي: ضعف الحديث الألباني، ولعل الشيخ ناصر ظن أن داود بن عبد الله الأودي هو الضعيف، ولم يطلع على ما عند المزي في تهذيب الكمال، هناك داود بن يزيد الأودي، وهما في طبقة واحدة، كلاهما روى عنهم محمد بن فضيل، وكلاهما روى عن الشعبي، ولكن المزي رمز في ترجمة الضعيف بـ(قاف) أي: روى عنه ابن ماجه القزويني، والثقة رمز له بـ(تاء)، والحديث مخرج عند ابن ماجه وإلا الترمذي؟ عند الترمذي، فدل على أن الذي هنا هو الثقة.

قال المباركفوري: داود بن عبد الله الأودي الزعافري أبو العلاء الكوفي ثقة من السادسة وهو غير عم عبد الله بن إدريس الأودي.

يحصل الوهم بهذا للتشابه في أسماء الرواة، يرد أكثر من راوي بالاشتراك في الاسم والنسب والكنية والطبقة، ويحصل إشكال كبير بسبب هذا عند الباحثين، بحيث لا يستطيع كثير من طلاب العلم التمييز بين هذا وهذا، حتى أن الكبار يختلفون في كون الراويين واحدا، أو الواحد اثنين، والبخاري -رحمه الله تعالى- حصل له شيء من هذا، بأن ظن الاثنين واحدا، والواحد اثنين في تاريخه.

وللخطيب الحافظ البغدادي -رحمه الله- كتاب اسمه (موضح أوهام الجمع والتفريق)  موضوعه هذا، يعني ما يظن أنهما اثنان وفي الحقيقة واحد أو العكس، ويحصل مثل هذا إذا تشابه الرواة وتقاربوا في السن، واشتركوا في الأخذ عن الشيوخ، واشترك عنهم التلاميذ يحصل مثل هذا مثل داود بن يزيد الأودي هنا، هما اثنان، ليسا بواحد، لكن ما الذي يفصل إذا لم نستطع أن نحدد من جهة الطبقة ولا من جهة الشيوخ، ولا من جهة التلاميذ؟

طالب:.......

من أخرج له، نعم، نجد الضعيف خرج له ابن ماجه، ولم يخرج له الترمذي والعكس، الثقة خرج له الترمذي ولم يخرج له ابن ماجه كما في رمز المزي، مع أن الرموز قد يعتريها ما يعتريها؛ لأنها بالحروف والحروف سهلة التصحيف.

على كل حال هذه قرينة تدل على أن داود بن يزيد هذا هو الثقة وليس الضعيف، وعلى كل حال أهل العلم في مثل هذا لا سيما و مما لا يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:.......

حقيقةً الرمز بالحروف يحصل فيه التصحيف؛ ولذا لا يعول على رموز الجامع الصغير للسيوطي؛ لأنه يرمز للصحيح بصاد، وللضعيف بضاد، لا فرق بينهما إلا هذه النقطة، والمهمل يعتريه ما يعتريه كما أن المعجم يعتريه ما يعتريه، فمع الوقت تتأثر الورق ويكثر فيها السواد وقد تأتي حشرة أو شيء من هذا فتؤثر في الحرف، ومعلوم أن رجيع الحشرات على الأبيض يصير أسود فيمكن الصاد تصير ضاد، الاحتمال وارد، النساخ أيضاً قد يغلط فيضيف نقطة أو يحذف نقطة، فحقيقةً الرمز بالحروف مشكل، لا سيما وأن النساخ كثير منهم ليس من أهل العلم، ومنهم من همه الأجرة، يكتب بالأجرة ولا يعتني بما يكتب.

على كل حال المفترض أن تكون الرموز بالكتابة، كتابة الرمز كاملاً، لا يرمز لشيء من هذا، صحيح اكتب صحيح، وإذا كتبنا صحيح، لا يمكن أن يلتبس بضعيف بحال من الأحوال، ومثله لو كتب الترمذي بدل التاء، أو ابن ماجه بدل القاف، لا يمكن أن تصحف في وقت من الأوقات، نعم؟

طالب:.......

إيه هي متميزة لكن القاف والتاء عند بعض النساخ تراها قريبة من بعض، قريبة من بعض، القاف والتاء عند بعض النساخ الذين لا يحسنون يميزون، وبعضهم يكتب بخط المشق، أو التعليق، وهذان نوعان من الخط لا تميز فيهما الحروف بعضها من بعض، يحصل فيها الخلط الكبير لمن لا يحسن قراءتها، ثم بعد ذلك يأتي ناسخ وما يحسن قراءة هذه الحروف ثم يصحفها، وهذه الأمور مما تجب العناية به، يعني يترتب عليه إثبات كلام بصحة نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أو نفي كلام صحيح.

وهنا الرمز بالقاف يدل على أن الضعيف خرج له ابن ماجه دون الترمذي، والثقة خرج له الترمذي دون ابن ماجه، والحديث مخرج عند الترمذي إذن: الراوي هو الثقة وليس الضعيف.

والمكثر مثل الشيخ الألباني-رحمة الله عليه- ، لا بد أن يقع في كلامه ما يقع؛ لأن الانتقاد بكثرة ما يقع إنما ينظر إليه بالنسبة إلى الصواب، الخطأ عند أهل الحديث إنما ينسب إلى الصواب، فالمكثر يغتفر له أكثر مما يغتفر للمقل، وتجد إنساناً له أعمال كثيرة وجهود ظاهرة قاصرة ومتعدية ويحفظ عليه هذا الخطأ، تجد بعض الناس ما حفظ عليه أخطاء، لماذا؟ لأنه ليس له جهود، فهل يقال: إن هذا أفضل من هذا؟ كونه يقع في كلام الشيخ مثل هذا الخلط وإن كان الشيخ معروفا بالتحري والتثبت والدقة، لكن لا بد أن يقع، ولا عصمة إلا للرسول -عليه الصلاة والسلام-، أما من عداه فالخطأ متوقع، فالخطأ منه متوقع، وكفى المرء نبلاً أن تعد معايبه

يعني ما يقال والله إن الشيخ غلط لماذا ما رجع إلى تهذيب الكمال؟ كم من راو تكلم فيه الشيخ؟ وكم من حديث حكم عليه الشيخ ودرس إسناده؟ وتكلموا في راو من الرواة أنه أخطأ في سبع ما يروي، بعض الناس يقال: كثير الخطأ، وما أخطأ إلا خمسة أحاديث، لماذا؟ لأن جميع مروياته لا تصل إلى العشرة، لكن بعضهم يخطئ في مائة حديث، لكن تغتفر باعتبار أنه روى ألوفاً من الأحاديث.

يعني هذا مطرد في جميع الأعمال، تجد بعض الناس يقول: والله الشيخ الفلاني أخطأ في فتوى كذا، ويشنع عليه!!

يا أخي انظر إلى ألوف الفتاوى التي ما أخطأ فيها، وفلان ما حفظ عليه خطأ، طيب كم أخطأ؟ ومثله في الشفاعات، يقال: والله فلان شفع لفلان وهو لا يستحق، الشيخ فلان ما يتثبت!.

طيب أخطأ في واحد وشفع لألوف، وفلان ما يخطئ؛ فلان صاحب تحري وكذا، لكن إذا بحثت تجده ما شفع لأحد أبداً كيف يخطئ وما فعل؟

مثل هذه المسائل...؛ لأنه قد يقال: إن الشيخ لماذا ما رجع إلى المزي؟ هذا واضح، رمز لهذا، ورمز لهذا، صحيح أنه ما يستدل به على المراد، لكن ما يلزم أن يكون الإنسان على ذكر من كل شيء؛ لأن الإحاطة بكل شيء مستحيلة ممتنعة.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المؤلف المجدد -رحمه الله- تعالى:

باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله، وقول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} الآية [(108) سورة يوسف].

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) وفي رواية: ((إلى أن يوحدوا الله فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) [أخرجاه].

ولهما عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم خيبر: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه)). فبات الناس يدوكون ليلتهم أيُّهم يعطاها.

فلما أصبحوا غدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلهم يرجو أن يعطاها. فقال: ((أين علي بن أبي طالب؟))، فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأتي به فبصق في عينيه، ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، وأعطاه الراية فقال: ((انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من حمر النعم)). يدوكون: أي: يخوضون.

فيه مسائل:

الأولى: أن الدعوة إلى الله طريق من اتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

الثانية: التنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيراً من الناس لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه.

الثالثة: أن البصيرة من الفرائض.

الرابعة: من دلائل حسن التوحيد: كونه تنزيهاً لله تعالى عن المسبة.

الخامسة: أن من قبح الشرك كونه مسبة لله.

السادسة: -وهي من أهمها- إبعاد المسلم عن المشركين؛ لئلا يصير منهم ولو لم يشرك.

السابعة: كون التوحيد أول واجب.

الثامنة: أنه يبدأ به قبل كل شيء، حتى الصلاة.

التاسعة: أن معنى: ((أن يوحدوا الله))، معنى شهادة: أن لا إله إلا الله.

العاشرة: أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب، وهو لا يعرفها، أو يعرفها ولا يعمل بها.

الحادية عشرة: التنبيه على التعليم بالتدريج.

الثانية عشرة: البداءة بالأهم فالأهم.

الثالثة عشرة: مصرف الزكاة.

الرابعة عشرة: كشف العالم الشبهة عن المتعلم.

الخامسة عشرة: النهي عن كرائم الأموال.

السادسة عشرة: اتقاء دعوة المظلوم.

السابعة عشرة: الإخبار بأنها لا تحجب.

الثامنة عشرة: من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء من المشقة والجوع والوباء.

التاسعة عشرة: قوله: ((لأعطين الراية)) إلى آخره. علم من أعلام النبوة.

العشرون: تفله في عينيه علم من أعلامها أيضاً.

الحاديةَ والعشرون

الحاديةُ

أحسن الله إليك.

البناء

الحاديةُ والعشرون: فضيلة علي -رضي الله عنه-.

الثانية والعشرون: فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح.

الثالثة والعشرون: الإيمان بالقدر، لحصولها لمن لم يسمع لها

يسع، لمن لم يسع لها.

أحسن الله إليك.

الثالثة والعشرون: الإيمان بالقدر، لحصولها لمن لم يسع لها ومنعها عمن سعى.

الرابعة والعشرون: الأدب في قوله: ((على رسلك)).

الخامسة والعشرون: الدعوة إلى الإسلام قبل القتال.

السادسة والعشرون: أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا.

السابعة والعشرون: الدعوة بالحكمة؛ لقوله: ((أخبرهم بما يجب عليهم)).

الثامنة والعشرون: المعرفة بحق الله تعالى في الإسلام.

التاسعة والعشرون: ثواب من اهتدى على يده رجل واحد.

الثلاثون: الحلف على الفتيا.

طالب:.......

الخامسة والعشرون: الدعوة إلى الإسلام قبل القتال.

طالب:.......

إيه،

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

الدعوة إلى الإسلام، هي الدعوة إلى الله.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- التوحيد ومعنى كلمة التوحيد وتحقيق التوحيد والخوف مما يضاده، وبيان أنه من أعظم نعم الله -جل وعلا- على عباده –أعني التوحيد- والبراءة مما يضاده أراد أن يبين أن هذه النعمة تحتاج إلى شكر، إذا تقرر أن منة الله -جل وعلا- على عبده بتحقيق التوحيد والبراءة من ضده -من الشرك وأهله- وأن هذه أعظم نعمة يمتن بها الله على عبده، وأن كل نعمة تحتاج إلى شكر، ومن شكر هذه النعمة أن يتحدث بها، وأن يفرح بها، وأن لا يفرح بشيء مثل ما يفرح بها، وإن كانت النعم لا تعد ولا تحصى، لكن هذه هي أعظم النعم، ومن شكر هذه النعمة ونصح الخلق دعوتهم إليها.

الإنسان إذا اطلع على شيء ينفع سواءً كان في أمور الدين، وهذا هو الأصل ومن أجله خلق الإنسان، الإنس والجن، أو من أمور الدنيا أن ينصح لغيره، ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)) فإذا امتن عليه بهذه النعمة وبرئ من ضدها فمن شكر هذه النعمة الدعاء إليها.

قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله، وقوله الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [(108) سورة يوسف].

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}: هذه طريقي، وأفردت..، أفرد السبيل وهو الصراط المستقيم؛ لأنه سبيل واحد، {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ} [(153) سورة الأنعام]، السبيل الأصل فيه أنه واحد؛ لأنه لا طريق ولا صراط ولا سبيل يوصل إلى الله -جل وعلا- إلا واحد، وهو ما يكون بالاعتصام بالوحيين واتباع النبي -عليه الصلاة والسلام-، سبيل واحد وطريق واحد، وجاء في قوله -جل وعلا-: {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} [(16) سورة المائدة]، سبُل، والأصل في السبيل أنه مفرد واحد، لاتوجد سبل وطرق توصل إلى الله -جل وعلا- متعددة، إلا سبيل واحد وهو الصراط المستقيم، وهو سبيل وطريق النبي -عليه الصلاة والسلام-، وسبل السلام احتاجت إلى وصف من إضافة الموصوف إلى صفته، سبل السلام، لو لم توصف لما جاز أن يعبر بالجمع، لكن لما وصفت انتفى المحظور، السلام هو السلامة، ولا تكون السلامة إلا باتباع النصوص.

وأيضاً قد يقال: سبل باعتبار الوسائل، والسبيل باعتبار الغاية، فالسبل إذا قلنا: باعتبار الوسائل الموصلة إلى الله -جل وعلا- فالجميع مما شرعه الله سبل، وباعتبار الجنس سبيل كلها تندرج تحت مسمىً واحد، وهو سبيل الله وصراطه المستقيم، لكن باعتبار أفرادها التوحيد سبيل، الصلاة سبيل، الزكاة سبيل موصلة إلى الله -جل وعلا-، فهي سبل وكلها سبل للسلام، وطرق للسلامة.

"{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}": قل هذه: الإشارة قل يا محمد، قل يا محمد هذه الإشارة إلى محسوس، أو معنوي معقول؟

نعم، معنوي، إلى أمر معنوي، والإشارة الحسية في الأصل إنما تكون إلى الأمر المحسوس، لكن باعتبار وضوحها، وكونها كالشمس في رابعة النهار صحت الإشارة إليها.

"{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}": على علم، على علم ووضوح فيما يدعى إليه، بخلاف من يدعو إلى الله، وقد يكون صحيح القصد لكنه عن جهل، بعض الناس يكون عنده حرص على الخير للناس، وحرص على الخير لنفسه أولاً ثم لغيره، لكنه يدعو الناس على غير بصيرة -على جهل- وهذا واقع، وكثيراً ما نسمع من يتكلم وعلمه ناقص، وقد يكون من العامة، وقد يكون عقله غير تام، نسمع هذا كثيراً، وتجد مثل هؤلاء لا يترددون في الكلام، بينما -مع الأسف الشديد- المؤهل قد يتردد وينظر ويوازن، ويحسب للكلمة ألف حساب، ولذلك الشيطان يخذله، أنت لست بحاجة، يعني الناس ممكن تقول كلام ما يستفيدون منه، الناس جاؤوا لفرح، تبي تنكد عليهم، وتكدر صفوهم بالكلام، وتجد الشيطان يخذل الكفء، ثم يتصدى لذلك من ليس بكفءٍ، وهذا أمر واقع، تجد بعض الذين يتصدرون لوعظ الناس، وتوجيههم وإرشادهم بعضهم ليسوا أكفاء، وتجد كثيراً من الأكفاء يتخاذلون ويترددون، ويتحسسون من أمور يظنون أن لها نتائج، ثم بعد ذلك يتقاعسون، ويتركون المجال لغير الكفء، وقل مثل هذا في كثير من الأمور، يعني نسمع من يفتي وهو ليس بأهل، لماذا؟ لماذا يسأل هذا الشخص الذي ليس بأهل؟ لتقصير الكفء، لو أن الناس كل أدى ما عليه ما احتجنا إلى مثل هذا أن يفتي، أو مثل هذا أن يتكلم ويعظ، لو قام كل أحد بما أوجب الله عليه ما احتجنا إلى مثل هذه الأمور، كما أنه لو أديت الزكاة على وجهها لما وجدت السرقات والغش في المعاملات، لكن لما وصدت الأبواب الشرعية، أو قلَّت المنافذ الشرعية فتحت أبواب الشرور، فعلى الكفء ألا يتأخر، ولا يجوز له أن يرى المعصية ولا ينكر، ولا يجوز له أن يرى ما يحتاج إلى بيان ولا يبين؛ لأنه أخذ عليه عهد، وميثاق أن يبين، ولا يترك المجال لغير الأكفاء.

كثيراً ما يتحدث الناس في مجالسهم أن فلاناً لا يترك فرصة إلا ويتكلم، وتجده في المجالس لماذا لا يمنع، لأنه إلى العامية أقرب، طيب من يقوم مقامه؟ هؤلاء الذين تكلموا ما عُرفوا بشيء، ولو أن الكفء قام بما أوجب الله عليه ما ترك مجالاً لمثل هذا، لكن لما خلت الساحة تكلم مثل هذا.

"{أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}": على علم تام بما أدعو إليه.

"{أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي}": فأتباعه -عليه الصلاة والسلام- يدعون إلى الله، ولا يتركون الدعوة؛ لأن من تعلم وعلم وعمل عليه أن يدعو، كما جاء في المسائل الأربع التي ذكرها الإمام المجدد.

المسألة الثالثة: الدعوة، والرابعة: الصبر على الأذى، فبعد أن يتعلم الإنسان يصير عالماً ولو لم يكن إماماً محيطاً بجميع العلوم إنما يدعو لما تعلم، تعلم ثم يعمل، لكن لا يجوز له أن يدعو عن جهل، أو لا يعرف حكم ما يدعو إليه، أو حكم ما ينكره، لا يجوز له ذلك؛ لأنه حينئذ يدعو على غير بصيرة، فيكون سالكاً سبيل غير النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن تبعه.

أحدث ما أحدث فيما يتعلق بالدعوة، وتباينت الأنظار والأهواء، والاجتهادات في سبل الدعوة، وهل يمكن أن تكون من سبيله -عليه الصلاة والسلام-، والمسائل في الوسائل لا شك أن اجتهادات أهل العلم تختلف فيها، فمنهم المتحري ومنهم المتوسع، فتجد بعض الدعاة يسلك مسالك مستحدثة، ويتوسع فيها توسعاً في نظر غيره غير مرضي، فيسلك مسالك الدعوة في أماكن تزاول فيها المعاصي، وبعض الدعاة -بعض أهل العلم- يتورع عن الدعوة في مثل هذه الأماكن، منهم من يتورع ويحتاط أشد الاحتياط يقول: لا دعوة إلا في المساجد، منهم من يتوسع قليلاً فيقول: اجتماعات الناس محل الدعوة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغشى الناس في مجالسهم فيدعو في الأعراس، وفي غيرها، في أماكن اجتماع الناس، في مخيماتهم، يتوسع في هذا قليلاً، ومنهم من يتوسع بدون قيد، فيغشى أماكن يخشى عليه من أن يُفتن بها، من أماكن تزاول فيها المعاصي وقد يكون هناك أشياء لا يمكن صبره عنها، حتى وصل الأمر إلى أن تزاول الدعوة عن طريق القنوات الماجنة، فيكون قبله امرأة عارية، وبعده موسيقى صاخبة ، وفي أثناء الكلام ما يدرى ما يحصل، ويقول –يعني على حسب اجتهاده-: أنه يدعو من خلال هذه القناة التي يراها شريحة كبيرة من الناس، وإذا تكلمنا في المساجد هؤلاء ما يحضرون الصلاة، وإذا تكلمنا في الخطب في الجمعة قالوا: هؤلاء ما يحضرون الصلاة، وإذا تكلمنا في القنوات المحافظة هؤلاء ما يشاهدون القنوات المحافظة، تلكمنا من خلال إذاعة القران، يقول: ما يستمعون لإذاعة القرآن، فنغشى هؤلاء ونغزوهم في قعر بيوتهم من خلال هذه القنوات، وليُعلم أن الدعوة مما يُطلب بها ويُرجى ما عند الله -جل وعلا-، كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "ما عند الله لا ينال بسخطه"، فمثل هذه الأمور حقيقة التوسع فيها غير مرضي، التوسع من غير قيد ولا شرط، وأيضاً الإحجام وعدم الإقدام إلى حد يصل إلى أن الإنسان لا يتكلم خشية أن يقع في أمر لا أصل له شرعاً، خشية أن يقع، وأدركنا من يتورع عن مكبر الصوت، يخطب في الجمعة والناس ما يسمعون، لماذا؟ لأن المكبر محدث، هؤلاء لهم اجتهادهم، ونعرفهم في علم وعمل لكن المسألة اجتهادية، ومصلحتها ظاهرة، يعني بعض من يحضر الدرس ما يسمع، إلا من خلال المكبر، فمثل هذا لا يستعمل المكبر، يقول: المكبر محدث، وأنا أستعمله في عبادة، والمحدثات في الدين بدعة، هذا له وجهة نظره ولا يثرب عليه، وهذا لا شك أنه من أهل الاحتياط، لكن ينظر إلى الدافع إلى ذلك، هل هو في قرارة نفسه هذا هو السبب أو هناك سبب آخر؟

المقصود أن الأمور بمقاصدها، فإذا قال مثل هذا الكلام، وأدركنا من قال مثل هذا الكلام ومات على ذلك -رحمة الله عليه- لكن يبقى أن المسألة ظاهرة، وأن الكلام لا يصل إلا بواسطة هذه المكبرات، وتأخذ حكم المستملي، ماهو المستملي؟ المستملي هو الذي يبلغ كلام الشيخ، هو الذي يبلغ كلام الشيخ، تكثر الجموع عند بعض المحدثين بحيث لا يستطيع إسماع ولا واحد بالمائة منهم، يعني يحضر عشرة آلاف، عشرون ألفا عند بعض المحدثين، اتخذوا المستملين، يعني بعد خمسة صفوف واحد، وبعد عشرة واحد، وعن يمين واحد، وهكذا إلى عشرة مستملين أو عشرين، وكل يسمع, الأول يسمع من الشيخ فيبلغ، ثم الذي بعده يسمع ممن يسمع منه فيبلغ، هذه الآن انحلت، وظيفة المستملي انحلت بمكبر الصوت، ولذلك الآن يزاولها أهل العلم من غير نكير بينهم.

فالاحتياط الزائد الذي يوقع في شيء من الحرج الكبير مثل هذا لو تجاوزه الإنسان لكن لا يتوسع، توسعاً بحيث لا يتردد في شيء، عليه أن يتحسس وأن يتردد في أول الأمر، ولا يقدم على شيء إلا بعد بينة.

بعض العلماء قد يتورع عن شيء قد يتورع بنفسه، لا يلج بعض الأمور ومنها القنوات، لكن لا يمنع من أن يقول: يا فلان لماذا لا تظهر في القنوات وتفيد الناس وتنفع الناس؟ يوجد هذا، هل هذا اضطراب في المنهج؟ يعني عرف عن الشيخ ابن باز-رحمه الله-  أنه قد يقول لبعض الناس: أنت من خلال التلفزيون انفع الناس، لكن لماذا لا تطلع يا شيخ؟ الشيخ غير.

لهذا نقول: إن هنا علماء كبار يحتج الناس بهم، هؤلاء لا يجوز بحال أن يظهروا في مثل هذه الأماكن؛ لأن خروجهم في هذه القنوات تشريع للناس، لكن يبقى أنه من يسقط الواجب على حد فتوى من أفتى بذلك، أنا لا أقول بهذا، ولا أتوسع بهذا إطلاقاً لا لنفسي ولا لغيري، لكن على قول من يقول بهذا، يقول: إن الحجة تبلغ الناس من خلال بعض طلاب العلم الذين لا يحتج بهم في استحلال هذه القنوات، يبقى أن الكبار الذين يحتج بهم وهم قدوات بالنسبة للناس لا يخرجون بحال، وبعض طلاب العلم الذين ليسوا بقدوات، لا يمكن أن تدخل قناة؛ لأن فلانا الشاب ظهر فيها، لكن فلانا الكبير ما ظهر، لكن لو ظهر هذا الكبير تجد شريحة من الناس اقتدت به واشترت هذه القناة وأدخلوها في بيوتهم وعند محارمهم، ومثل قناة المجد الآن، كثير من الناس تحرج منها في أول الأمر، ثم بدؤوا كل ما رأوا عالم اقتدى به الناس، إلى أن خرج واحد من أهل التحري والتثبت صار حجة لبقية طلاب العلم، فمثل هذا على الإنسان أن يحتاط لنفسه؛ لأنه قدوة، العالم قدوة، وليحسب لقوله وفعله الحساب الدقيق بحيث لا يزج بالناس في هذه الأمور؛ لأن فلاناً خرج في هذه القناة وقد عرف بالتحري والتثبت ومن بقايا السلف ومثل هذا إلى آخره، ثم يبقى على الدور الأفراد، العبرة بالحق، والدليل، ومن معه الدليل، حتى لو خرج من خرج، عليك أن تتثبت وتتحرى وتنظر في المفاسد والمصالح ورجحان المفاسد ورجحان المصالح، هناك قواعد شرعية تضبط الأمور كلها، ولو خرج من خرج فيها، فالمقصود أن هذه السبل وهذه الوسائل على الإنسان أن يتحرى؛ لأنه يرجو ما عند الله، ويزاول عبادة، والعبادة الأصل فيها أنها توقيفية، لكن إذا رجحت المصلحة وغمرت المفسدة قد يكون للاجتهاد مجال، نعم؟

طالب:.......

الدعوة في المقاهي، الدعوة في النوادي، الدعوة في السواحل، الدعوة في أماكن تجمعات الناس التي تزاول فيها المعاصي، يعني بعض الناس لهم وجهة نظر، يقول: هؤلاء ما نشوفهم في المساجد، فرصة أننا نغشاهم في أماكنهم وندعوهم إلى الله -جل وعلا-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغشى الناس في مجالسهم، حتى أن منهم من يذهب إلى البنوك ويدعو.

المقصود أن مثل هذه الأمور كل إنسان أعرف بنفسه، وظروفه، إن كان يتأثر مما يرى، أو لا يتأثر، إن كانت المصلحة راجحة والمفسدة مغمورة يعني ما هناك أدنى ضرر، ولا هناك أدنى نقص، المسألة قابلة للاجتهاد، والله المستعان.

ومن أهل التحري من يقول: أبداً العلم أصله في المسجد، من يطلبه يأتي، والباقي له ناس، الباقي له ناس يدعون إليه، والمعول على قوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [(108) سورة يوسف]، لا بد أن يكون السبيل موافقا لسبيله -عليه الصلاة والسلام- وطريقته.

الأمر الثاني: أن يكون على بصيرة وعلم وبينة مما يدعو إليه، {أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} مما يدل على أنه لو اختلف سواءً كان بالسبيل والطريقة أو الدعوة على غير بصيرة فإنه لا يكون من أتباعه -عليه الصلاة والسلام-.

"{وَسُبْحَانَ اللّهِ}": تنزيه لله -جل وعلا-، "{وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}": تنزيه لله -جل وعلا- عما لا يليق به، {وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وإذا لم يكن من المشركين فهو من الموحدين، ويدعو إلى الله، يعني إلى توحيده، المنافي للشرك، الذي نفاه عن نفسه.

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما بعث معاذاً إلى اليمن": النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث معاذاً إلى اليمن سنة عشر أو في آخر سنة تسع، أو في ربيع الأول سنة عشر -على الخلاف بين أهل العلم- بعثه معلماً، وقاضياً وموجهاً وبعث معه أبا موسى الأشعري، هذا على ناحية، وهذا على ناحية، هذا على صنعاء، وهذا على عدن، وهكذا.

وأبو موسى قدم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو في حجة الوداع، وأما معاذ فلم يقدم إلا بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-.

"بعث معاذاً إلى اليمن، قال له": لما بعثه قال له: ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب))": ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب)) لماذا؟ أهل الكتاب يختلفون عن أهل الشرك وعباد الأوثان، أهل الكتاب عندهم علم، وعبدة الأوثان جهال لا علم عندهم.

الدعوة في أوساط الجهال أمرها أسهل بكثير من الدعوة في أوساط المتعلمين؛ لأن المتعلم عنده شيء من الحجة، يمكن أن يجادل، يمكن أن يناقش يمكن أن يتأول، الجاهل ما عنده شيء من ذلك، ولذلك تأثير الدعوة في العوام أكثر من تأثيرها في أنصاف المتعلمين.

قال: "((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب))": ليتأهب لذلك، ويعد العدة لذلك، نعم؟

طالب:.......

الحكم، لكن غالب السكان يهود ونصارى.

"((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب))": يعني من اليهود والنصارى، والمراد بالكتاب الجنس، التوراة والإنجيل، وأهل الكتاب يختلف حكمهم عن أحكام المشركين، فلهم أحكام تخصهم، الكتابي له حكم، والمشرك له حكم، والخلاف بين أهل العلم في إطلاق الشرك على أهل الكتاب، هل يقال: هم مشركون أو يقال: فيهم شرك؟ فرق بين أن يقال للإنسان: مشرك، أو فيه شرك، وهم يدعون مع الله غيره، فاليهود تدعوا عزيراً، يزعمون أنه ابن الله، والنصارى يدعون المسيح وأمه، ويقولون بالتثليث، هذا لا شك أنه شرك، شرك أكبر، لكن هل يقال: هم مشركون أو أهل كتاب ليسوا بمشركين وفيهم شرك، يعني فرق أن يقال: فلان جاهلي، أو فيه جاهلية، وفرق بين أن يقال: فلان منافق أو يقال: فيه نفاق.

ابن رجب -رحمه الله- تعالى يقرر أن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك، هم كفار بالإجماع، يعني لا يقال: إن هذا يهوِّن من شأنهم أو أنهم يمكن أن يقبلوا في حظيرة الناجين يوم القيامة، لا، هم كفار بالإجماع، ومن شك في كفرهم يقول أهل العلم: كفر إجماعاً، هذا ما عندنا فيه شك ولا أدنى تردد، لكن إطلاق لفظ الشرك، هل يقال: هم مشركون أو فيهم شرك؟ الذي قرره الحافظ ابن حجر في شرح البخاري أنهم فيهم شرك، ولا يقال: مشركون؛ ولذلك لا يحتاج إلى استثناء أو تخصيص نسائهم أو نكاح نساءهم من تحريم نساء المشركات؛ لأنهن لسن بمشركات، يعني ما نحتاج إلى مخصص، وإن كان المخصص موجود، نعم.

طالب:.......

كيف؟ لا، قل: كفرهم.

طالب:.......

لا أنا أسوق الخلاف من حيث هو، من حيث ما قاله أهل العلم، ومن حيث ما قرره أهل العلم، يعني هل يقال: هم مشركون؟، {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(1) سورة البينة]، وقد يقال: إن المشركين من باب عطف الخاص على العام، وهم نوع من المشركين، وعلى كل حال المسألة خلافية، والخلاف أثره في المعاملة، أهل الكتاب تؤخذ منهم الجزية ويقرون بالاتفاق على أديانهم، ويضاف إليهم المجوس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخذها من مجوس هجر، وأما بالنسبة لغيرهم فالخلاف في الاكتفاء بالجزية وإبقائهم على أديانهم محل خلاف بين أهل العلم معروف، منهم من يقول إن الجزية خاصة بأهل الكتاب، ولا يؤخذ من مشرك غير كتابي جزية ويقر على دينه، ومنهم من يقول: الحكم واحد، نعم؟

طالب:.......

بالنسبة لإقرارهم على أديانهم في الخلاف المعروف، وبالنسبة لنكاح نسائهم وأكل طعامهم.

طالب:.......

بالنسبة للجزية نعم، بالنسبة للجزية أخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- الجزية من مجوس هجر، لكن نكاح نسائهم لا، ما يمكن، ولا أكل طعامهم، لا نكاح نسائهم ولا أكل طعامهم بالنسبة للمجوس، وإن ألحقوا بهم في أخذ الجزية منهم، نعم؟

طالب:.......

ماذا ؟

طالب:.......

.........................

طالب:.......

ما أسمع؟

طالب:.......

طيب، يعني هل {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [(33) سورة التوبة]، يعني أهل الكتاب؟ أو المشركون الذين هم عبدة الأوثان؟ هاه؟

طالب:.......

على كل حال المسألة مثل ما ذكرنا، والخلاف المرتب على ذلك في أفراد منصوص عليها بأدلة خاصة، يعني هل نحتاج إلى أن نخرج الكتابية من تحريم نكاح المشركات؟ نحتاج أن نخرجهن بمخصص؟ المحصنات من أهل الكتاب، هذا مخصص، لكن بعضهم يقول: ما نحتاج إلى مخصص أصلاً؛ لأنهن لسن مشركات، فالخلاف يقرب من اللفظي، ؛ لأنه لو لم يكن هناك مخصص قلنا: إننا لا نحتاجه، لكن وجد المخصص، فحل نساء الكتاب سواءً قلنا: لعدم دخولهن في المشركات، أو قلنا: لوجود المخصص، لا فرق.

"((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أولَ ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله))": ويجوز ((فليكن أولُ ما تدعوهم إليه شهادةَ أن لا إله إلا الله))، ((يوشك أن يكون خيرَ مال المسلم غنمٌ))، ويجوز: ((يوشك أن يكون خيرُ مال المسلم غنماً، يتبع بها شعف الجبال))، وهنا يجوز أن تكون أول اسم يكن، وخبرها شهادةَ، ويجوز أن يكون أولَ خبر مقدم، واسمها شهادةُ.

لكن ما الفرق بين كون أول مبتدأ، وبين كونها خبراً؟ يعني هل نقول: إن التقديم والتأخير يدل على الحصر ، لما قدمنا الخبر على المبتدأ؟

الأصل أن الذي يفيد الحصر تقديم المعمول على العامل، تقديم المعمول على العامل، وهل الخبر معمول للمبتدأ؟ هاه؟

طالب:.......

ورفعوا مبتدأ بالابتداء، والخبر؟ هاه؟

طالب:.......

((فليكن)): اللام لام الأمر ويأتينا بعد من يقول مثل هذا الأخ جزاه الله خيراً، يقول: تطرح بعض المسائل والإشكالات ثم لا ترجح، يعني هل الخبر مرفوع بالمبتدأ؟

المبتدأ مرفوع بالابتداء، لكن هل الخبر مرفوع بالمبتدأ، أو لا؟ يعني فائدة طرح مثل هذا أن ترجع إلى الألفية وشروح الألفية؛ لأنه منصوص عليها، ما تُركت المسألة، لكن لو قلتها أنا خلاص، يمكن بعضهم ينتبه، وبعضهم ما ينتبه، لكن لما تشغل باله المسألة يذهب يراجع، أنتم طلاب كبار أكفاء تحسنون التعامل مع الكتب، وترجعون إلى المسائل في مظانها، ما يحتاج أن تلقنوا كل شيء.

المقصود أن اللام هنا لام الأمر، ((فليكن)): ويكن فعل أو فعل مضارع مجزوم باللام لام الأمر، وهو ناقص، مجزوم بلام الأمر، وعلامة جزمه حذف أو السكون؟ السكون، وحذف الواو من أجل التقاء الساكنين.

"(( فليكن أولَ ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله))": وهنا يقول: باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة، والمناسبة بينهما ظاهرة؛ لأن الترجمة باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وهنا يقول: ((فليكن أولَ ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) مطابقة.

"وفي رواية: ((إلى أن يوحدوا الله))": والرواية موافقة لشهادة أن لا إله إلا الله؛ لأن توحيد الله لا يكون إلا بلا إله إلا الله، بنفي جميع ما يعبد من دون الله وإثبات العبادة لله وحده لا شريك له.

"((إلى أن يوحدوا الله))": الحديث واحد، يعني هل قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- لمعاذ مرتين أو مرة واحدة؟ مرة واحدة، كيف مرة وكلاهما في صحيح البخاري؟ مرة يقول الراوي: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) وفي رواية أخرى يقول: ((إلى أن يوحدوا الله))؟

الرواية بالمعنى، والرواية بالمعنى جائزة عند جمهور أهل العلم بشروطها من عالم بمدلولات الألفاظ، وما يحيل المعاني، تجوز الرواية بالمعنى عند الجمهور، خلافاً لمن منعها كابن سيرين.

الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، لا شك أنها هي الغاية التي عندها يكف عن القتال؛ ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) والشهادة لا بد أن تكون على يقين ومعرفة، ولذا لا تقبل الشهادة على غير يقين، وعلى جهل بالمشهود به، وأن تكون عن اعتقاد قلب وجزم لا شك فيها ولا تردد، وأن تكون ملفوظاً بها، لا بد أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)) ولا يكفي أن يعترف ويقر بقلبه دون أن يتلفظ، وشيخ الإسلام ينقل الإجماع على أن الاعتراف في الباطن دون النطق لا ينفع ولا يكفي، أما بالنسبة لأحكام الدنيا فهذا محل إجماع، لكن إذا عرف الله -جل وعلا- واعتقد أنه الإله المعبود وحده لا شريك له، ووقر الإيمان في قلبه، لكنه مع تمكنه من النطق -أما إذا لم يتمكن من النطق هذا شيء معروف- مع تمكنه من النطق، محل خلاف بين أهل العلم، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

نعم، لكنه مات على ملة عبد المطلب، يعني ما نفى ما عبد، عرف أن دين محمد من خير أديان البرية ديناً، يعرف أنه من خير الأديان، لكن ما اعتنقه، ولا اعترف به لا باطناً ولا ظاهراً، هو مات على ملة عبد المطلب، لكن لو تصورنا -وهذه مسألة واقعة، يعني سئلنا عنها- طالب إفريقي يقول: لي زميل نصراني، اقتنع بالإسلام ووقر الإيمان في قلبه، لكن حرم، قال له زميله: نذهب إلى الشيخ الفلاني لتسلم على يديه ويلقنك الشهادة، فذهبوا إلى الشيخ، قال: الآن باقي على صلاة الظهر ربع ساعة، أنا الآن أتجهز للصلاة، وبعد الصلاة تحضرون، ويلقن الشهادة، يقول: خرجنا من بيت الشيخ، فإذا هناك تبادل لإطلاق النار فقتل الرجل، قلت: هل سمعته يتلفظ بأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ قال: لا، ما تلفظ، تركها حتى يصلي الشيخ ثم يلقنه، قلت: كافر، مات نصراني -نسأل الله العافية- هذا في أحكام الدنيا، أما في الآخرة يتولاه الله -جل وعلا-، جاء عازم على الإسلام، عازم لا شاك ولا متردد، جاء ليلقن فيتلقن، ثم لو أن الشيخ لقنه الشهادة ما تحتاج إلى دقيقة، وعلمه الوضوء وذهب به معه؛ لأنه باقي يقول: ربع ساعة، حتى ولو كانت الصلاة تقام يمدي، فيه وقت، لو كانت الصلاة تقام، يلقنه الشهادة ويعلمه الوضوء، أو يتوضأ أمامه ويصنع مثل ما يصنع، ويذهبون يصلون سوياً، لكنه الحرمان، نسأل الله العافية.

"((شهادة أن لا إله إلا الله)) وفي رواية: ((إلى أن يوحدوا الله))": هذه أعظم المطالب، وكل مسائل الدين تابعة للشهادة، لا تصح إلا بها.

أهل العلم يقولون: إن صلى فمسلم حكماً، ما سمعناه يتلفظ بالشهادة، لكنه صلى مع المسلمين، قالوا: مسلم حكماً.

الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة)) هذا عرفناه مشركاً، من قوم مشركين رأيناه يصلي، هل نقول: لا تقبل منه الصلاة حتى نسمعه يشهد أن لا إله إلا الله؟

على مقتضى الحديث، الحديث فيه ترتيب، الفقهاء يقولون: إن صلى فمسلم حكماً، فمعناه أنه يكف عنه إذا رؤي يصلي، ونهيت عن قتل المصلين؛ وذلكم لأن الصلاة تتضمن الشهادة، نعم؟

طالب:.......

لكن إذا لم يسمعوا كيف يحكمون عليه؟ ما يستطيعون أن يحكمون عليه حتى يسمعوا، يعني لو اكتفى بقوله: هو مسلم، اشهد أن لا إله إلا الله، قال: لا، لكن أنا مسلم، رفض أن ينطق بالشهادة وقال: أنا مسلم، أذن توضأ وراح يصلي، يكفي أو لا يكفي؟

طالب:.......

لكنه صلى.

طالب:.......

مسلم حكماً، لكن مقتضى كونه مسلماً حكماً أننا نكف عن قتله، نعم؟

طالب:.......

الصلاة ما فيها شهادة؟

طالب:.......

الحديث مرتب، ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله))، ثم بعد ذلك الصلاة، ثم الزكاة، و((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا، أو يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة))، هذه أمور مرتب بعضها على بعض، فالصلاة لا تصح إلا بعد الشهادة، يعني الصلاة لا تصح إلا بعد الدخول في الإسلام، والعبادات كلها لو زكى ولم يدخل الإسلام ما قبل، صام ولم يدخل الإسلام لم يقبل، ولا يعني أنهم غير مخاطبين بالفروع، الكفار غير مخاطبين على ما سيأتي؟ هم مخاطبون، نعم؟

طالب:.......

هذا الأصل، وفي رواية: ((حتى يقولوا لا إله إلا الله)) وإذا لم يتلفظ بها ولم يأت بما يدل عليها فهو ليس بمسلم إجماعاً، إذا لم يتلفظ بها، لكن إن صلى، ونحن ما سمعناه يتلفظ بها هو مسلم حكماً عند أهل العلم، بمعنى أنه لو صلى ثم أتى بناقض يكون مرتداً، لكن لو لم يصلِّ مع عدم نطقه بالشهادة ثم أتى بناقض هو كافر أصلي، فرق بين المرتد وبين الكافر الأصلي، ولذلك بعضهم يقول: الحديث فيه ترتيب أمور بعضها على بعض، شهادة، ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) وفي رواية: ((إلى أن يوحدوا الله)) ثم ((فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم..))، منهم من يقول بهذا الترتيب على هذا المنهج، هذه السبيل في الدعوة، أعلمهم، أولاً: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن أطاعوك..، يعني على الترتيب، وبعضهم يقول: لا، أخبره بشرائع الإسلام جملة؛ لأنه قد يكون في شرائع الإسلام ما لا يقبله، أو ما لا يطيقه بل يرفضه ثم بعد ذلك إذا دخل في الإسلام ثم امتنع فإنه حينئذ يحكم عليه بالردة، يقول: يترك كافراً أصلياً أفضل من أن يكون مرتداً، بعضهم يقول هذا، من أهل العلم من يقول به، بعضهم يقول: أخبرهم بالشرائع، يعني هل من غشه أن ندخله في الإسلام ولا نخبره بما يقتضي الحكم عليه بالردة؟ أو أن نقول: هذا المنهج النبوي قال لمعاذ افعل كذا؟ وهل يمكن أن يكون هذا محل تردد مع أن النص صحيح وصريح في الترتيب؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

نعم، لكن يقول: أنا والله أشهد أن لا إله إلا الله، لكن صلاة..، أو أي ناقض من النواقض، هل نخبره بشرائع الإسلام بحيث يدخل في الإسلام على بينة؟ الآن يوجد من يتلفظ بالشهادة ثم من الغد أو بعد الغد يرتد؛ لأنه عرف شيئاً يقول: ما أتحمله، ولو كان ما لا يتحمله لا يقتضي الردة، يعني فرق بين أن يرجع عن الإسلام؛ لأنه رأى ما لا يحتمله، ولو لم يحكم بسببه عليه بالردة، وبين أن يرتكب ما يرتد بسببه، نعم؟

طالب:.......

لأن بعضهم رجع لما قيل له: اختتن، اختتن قال: خلاص هونا، هل يقال له قبل الدخول في الإسلام: ترى عليك صلاة، وعليك زكاة، ويؤخذ من مالك، وتصوم النهار كاملا، وتحج في الزحام، وتختتن؟ صد؛ لأن بعض العلماء يقول هذا الكلام، يقول: يترك كافراً أصلياً أسهل من كونه يسلم ثم يرتد.

لكن أنا أقول: هذا الكلام وإن كان له من حيث النظر حظ لكنه ليس بصحيح، الحديث نص صحيح صريح في التدرج في الدعوة وترتيب الفرائض بعضها على بعض، ((فإن أطاعوك لذلك، فأعلمهم))، ((فإن أطاعوك لذلك، فأعلمهم))، يعني ترتيب، نعم.؟

طالب:.......

إذا حكمنا بكفره فعليه أن يغتسل ويدخل في الإسلام من جديد، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

يعني أنه مقتول سواءً كان كافراً أصلياً، يعني المرتد تقبل منه الجزية؟

طالب:.......

طيب، عند جمع غفير من أهل العلم يقولون: تقبل منه الجزية، ويُؤَمَّن، لكن ((من بدل دينه فاقتلوه)) فرق بينهم، نعم؟

طالب:.......

طيب.

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

أقول: الحديث صريح في التدرج، وأن الشرائع يبنى بعضها على بعض، ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله))، وفي رواية: ((إلى أن يوحدوا الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة))": ومفهومه أنه لم يفترض غير هذه الصلوات الخمس، وفيه دليل للجمهور على عدم وجوب الوتر، ولا صلاة العيد، ولا الكسوف، لكن الجمعة داخلة في الصلوات الخمس، ، أما ما عداها فليس بواجب بدلالة هذا الحديث.. هاه؟

طالب:.......

مقيد باليوم والليلة، في كل يوم وليلة، يعني الوتر منها.

طالب: العيد.

العيد، هاه؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

تونا على الصيام، نحن ما وصلنا الزكاة بعد.

طالب:.......

نعم، يريد أن يقول: إن بعض الصلوات واجبة ولو لم تذكر كما أن الصيام واجب ولو لم يذكر، تريد هذا؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

أما ما دل الدليل عليه صراحة بوجوبه من الصلوات أو غيرها فلا إشكال فيه؛ لأنه يكون حينئذ مفهوم الحديث معارض بما هو أقوى منه، وقد يكون؛ لأن الحديث في آخر عهده -عليه الصلاة والسلام- في السنة العاشرة، ما يقال: إن الصيام ما فرض، ولا الحج ما فرض، الحج مفروض والصيام مفروض، وهذا سيأتي الكلام عليه، لكن الاستدلال بعدم وجوب شيء من الصلوات بهذا الحديث، لا شك أنه مستمسك لمن يقول بعدم الوجوب.

"((فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة))": وفيه جواز إطلاق هذا اللفظ على الزكاة، وبعضهم يقول: إن الصدقة إنما هي في التطوع، بخلاف الزكاة الواجبة.

"((فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة –أي زكاة- تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم))": تؤخذ من أغنياء أهل اليمن فترد على فقراء أهل اليمن؛ لأن الخطاب موجه إلى تلك الجهات، موجه إلى معاذ ليعامل تلك الجهات، ويستدل بهذا من يقول بعدم جواز نقل الزكاة، والذي يقول: تؤخذ من أغنيائهم يعني من أغنياء المسلمين ترد إلى فقرائهم يعني فقراء المسلمين، وليس فيه تنصيص على الجهة أو الناحية، وفيه التنصيص على المصرف، وهم الفقراء، وفيه جواز تخصيص بعض المصارف كالفقراء مثلاً دون بقية المصارف الثمانية، وأنه لا يلزم أن توزع الزكاة على المصارف كلها، وإنما يكفي إذا صرفت في مصرف معتبر من المصارف الثمانية.

"((تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم))": والأغنياء من يملك النصاب، الغني من يملك النصاب ولو كان في عرف الناس فقيراً؛ لأنه قد يملك نصابا، والنصاب كما هو معلوم من الذهب والفضة والحبوب والثمار، وعروض التجارة وغيرها، وبهيمة الأنعام كل نوع من أنواع المكاسب والتجارات له نصاب محدد في الشرع، فالذي يملك نصاباً، لكن هذا النصاب حال عليه الحول وهو لا يكفيه، يعني بقي من راتبك، وحال الحول من الراتب على مبلغ ألفين ريال ثلاثة آلاف، لكن هذه الثلاثة آلاف قد لا تكفيك، نقول: أخرج زكاتها، ما دام حال عليها الحول وهي نصاب فأكثر عليك أن تخرج زكاتها، وتأخذ بقية ما يكفيك من الزكاة، فحينئذ تجب عليه الزكاة، ويأخذ من الزكاة، ويكون حينئذ يجتمع فيه الوصفان، غني وفقير، يمكن أو ما  يمكن؟ أو يقال: غني ومسكين، مسكين عنده بعض ما يكفيه، والفقير ليس عنده شيء، لا يجتمع النقيضان وهما الفقر والغنى، لا يجتمعان، لكن قد يقال: إنه غني باعتبار أنه تجب عليه زكاة؛ لأنه يملك أكثر من النصاب، ومسكين بمعنى أنه لا يجد ما يكفيه من النفقة، قد يقول بعضهم: إن مثل هذا لا يتصور، كيف يبقى عنده من راتب العام الماضي ما تجب فيه الزكاة وهو لا يكفيه؟ هاه؟

طالب:.......

من المحبوس؟

طالب:.......

المال؟ يعني بذمة مفلس، ثم استوفاه يجب عليه زكاته لسنة واحدة وإن لم يكفه نفقة، يعني لك ثلاث آلاف عند شخص من سنين بذمة هذا الشخص، وهو مفلس، نعم ليس بمليء، ثم أعطاك إياها، ثلاثة آلاف وأنت مصروفك الشهري خمسة آلاف، نقول: زكِّ هذه الثلاثة آلاف وتأخذ بقية ما يكفيك من الزكاة، مثل هذا متصور، نعم؟

هل يأخذ مصروف السنة كاملة من الزكاة، أو يأخذ كل يوم بيومه، أو كل شهر بشهره، يأخذ قبل ما ينفد عنده، فإذا نفد ما عنده صح أن يكون فقيراً؟ هاه؟

طالب:.......

يعني لا يجوز أن يأخذ وعنده شيء، المسكين عنده بعض ما يكفيه، يعني شخص صرفه الشهري الذي يكفيه ويكفي عائلته وهو من أوساط الناس خمسة آلاف وراتبه ثلاثة آلاف، نقول: ما يجوز لك تأخذ برصيدك ريالاً؟ هاه؟

طالب:.......

لا، مسكين عنده بعض ما ينفقه، الفقير ما عنده شيء.

طالب:.......

ولو كان، سماه مسكيناً، المقصود أن مثل هذه الأمور، هل له أن يأخذ وعنده مال؟ أو نقول: لا يأخذ حتى ينفد ما عنده ليصح اتصافه بالفقر؟.

كثير من صغار الموظفين عندهم عوائل رواتبهم لا تكفي ولا نصف الشهر، هل نقول: لا تأخذ من الزكاة إلا في النصف الثاني، إذا صار ما عندك شيء، أو نقول: خذ ما يكفيك، كمل الكفاية، عنده راتب ثلاثة آلاف، خذ ألفين واملأ المستودعات، والفواتير وأمِّن نفسك لمدة شهر، هذا معروف بالاطراد، يعني ما يقال: إنه مرة يكفيه ثلاثة آلاف، وإذا اقتصد كفاه أقل، وإذا توسع قليلاً، لا، هذا مطرد أنه ما يكفيه، أمور محسوبة.

طالب:.......

إذا زاد على النفقة لا بد أن يرده، لا بد أن يرد القدر الزائد.

طالب:.......

كم الاجتماع؟ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء} [(60) سورة التوبة].

طالب:.......

لا، لا بد، إذن لا يجوز له أن يأخذ الزائد أصلاً.

طالب:.......

هو لا بد أن يملكه بمعنى أنه لا يأخذ حكم من ينتفع بالمال من غير تملك، لكن إذا مات لا يجوز له أن يتملك أكثر من حاجته.

طالب:.... ما الفرق بين......

الفرق بينها أن الصدقات للفقراء تمليك، ما تقول: والله أنا أعرف هذا الفقير أنا ما أسلمه المال، لا بد أن أسدد له الدين، لا بد أن تملكه إياه، تعطيه إياه، ثم بعد ذلك هو يتصرف.

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

في الرقاب يجوز أن تعتق عبداً، لكن ما يلزم أن تعطيه المال ليشتري رقبه، لكن تعطيه المال ليشتري نفقة، تمليك، هذا المقصود به.

طالب:.......

ثم.

طالب:.......

إذا كان أنفقها ما يلزم، إن كان لم ينفقها يلزم.

طالب:.......

النبي -عليه الصلاة والسلام-  يدخر نفقته، فلو فعله لا إشكال.

طالب:.......

والله المسألة عرفية، يعني على حسب ما يتعارفه الناس، الإنسان ابن بيئته وابن زمنه، مثل الناس.

"((تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك –تحذير- وكرائم أموالهم))": الكرائم: جمع كريمة وهي النفيس من الأموال، لا تأخذ النفيس الذي تعلقت به قلوب أصحابه، ولا تأخذ الرديء الذي يضر بالفقراء والمساكين، إنما تأخذ من وسط المال، والإسلام حينما يراعي مصلحة المحتاج والفقير فإنه في الوقت نفسه لا يهدر مصلحة الغني، فينظر إلى التكاليف والأحكام الشرعية من الجهتين، وكل له من خطاب الشرع ما يخصه، فالغني له ما يخصه، عليه أن يدفع وله أن لا يظلم، والفقير له أن ينتفع وليس له أن يبذر ويزيد في أخذ ما لا يحتاجه، وكذلك الساعي والجابي له حقوق، له حق العمالة على الزكاة؛ لأنه عامل، وعليه أن يتقي ما حُذِّر منه.

"((فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم))": لأنك إذا أخذت الكرائم ظلمت الأغنياء، وإذا أخذت الرديء ظلمت الفقراء، فإذا دعا عليك المظلوم فإن دعوته مجابه.

"((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))": يعني اجعل بينك وبين هذه الدعوة وقاية تقيك من عذاب الله بحلول وقبول دعوة المظلوم عليك.

"((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))": المظلوم أياً كان، قد يكون هذا المظلوم توفرت له الأسباب وعنده موانع من قبول الدعاء، هذا المظلوم كسبه ومطعمه حرام، "وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب"، هذه أسباب متوافرة، ((ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك))، استبعاد، وهنا ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) هذا رجل مظلوم ومسافر، وأشعث وأغبر، ويمد يديه إلى السماء، لكنه يأكل المال الحرام، هل تجاب دعوته أو لا تجاب؟ مظلوم يعني وجدت أسباب ووجدت موانع؟

طالب:.......

طالب:.......

مظلوم لكن عنده موانع، أليست دعوة ؟ والذي يقول يا رب يا رب، يمكن مظلوم، ((فأنى يستجاب له))، احتمال أن يكون مظلوما، هذا الذي يطيل السفر أشعث أغبر ويمد يديه إلى السماء، ويكرر يا رب؛ لأنها من وسائل..، اعتبر هذا مظلوما، ((فأنى يستجاب له)). هاه؟

طالب:.......

ليس هناك ما يمنع من قبوله، حتى لو وجدت الموانع ما دام مظلوماً فيكون هذا النص مخصصا للأحاديث الأخرى التي فيها أن الموانع تمنع من إجابة الدعاء لا سيما ما يتعلق بالمطعم والمشرب.

طيب هذا مظلوم ودعا بدعوة فيها قطيعة رحم، الذي ظلمه من أرحامه، ظلمه أبوه أمه أخوه عمه خاله، قطيعة رحم، أو دعوته فيها إثم، ظلمه شخص فدعا عليه بالردة مثلاً؛ لأن النصوص في هذا لا بد أن ينظر إليها مكتملة، يعني ((يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم)) دعا عليه أن يرتد، هذا إثم، دعا بقطيعة رحم، دعا على والده أو على أمه وهو مظلوم في الوقت نفسه، دعا على من ظلمه، هل نقول: إن دعوة المظلوم مستجابة على كل حال مهما كانت الموانع، هاه؟

طالب:.......

أيهما الذي يقيد؟

طالب:.......

طيب مظلوم استعجل، مستحسر قال: دعوت فلم يستجب لي، أنا أدعو على فلان، وكل ماله يزداد، هاه؟

طالب:.......

لماذا لا نقيد بالظلم هنا بقية النصوص؟

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

إيه

طالب:.......

نقول: الدعاء له أسباب وله أوقات وله موانع، فنفترض أن هذا المظلوم جاء هذا الجابي للزكاة إلى صاحب إبل فإذا عنده جمل أنفس ما يملك، لو عدلت بقية الإبل به ما عدلته، قال: نريد أن نأخذه، نبي نأخذه؟ هذا ظلمه، فلما ركبه هذا الساعي الجابي رفع يديه، استقبل القبلة ورفع يديه يدعو عليه، مع أن مطعمه حرام، ومشربه حرام، وقد يكون من سرقات، وقد يكون من غش، ومن ربا، قلنا: إن هذا مخصص ما دام مظلوماً تستجاب دعوته، ((دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب)) طيب، هناك موانع أخرى دعا بإثم، أخذ هذا الجمل النفيس الكريم عند صاحبه، فدعا عليه بالردة، دعا عليه بإثم، نعم؟

طالب:.......

يعني يستجاب؟

طالب:.......

مانع  ليس هناك ما يمنع من قبوله.

طالب:.......

اعتدى في دعائه عليه، أخذ جملاً فدعا عليه بأكثر مما يستحق. نعم؟

طالب:.......

هو ظالم، وهو مظلوم في الوقت نفسه، دعا على من ظلمه، لكن هل نقول: إنه إذا دعا عليه بأكثر مما يستحق أنه تعدى، وهذا من الاعتداء في الدعاء، ثم هل الاعتداء يقاوم ((ليس بينها وبين الله حجاب)) مثل ما قلنا في المطعم والمشرب؟ نعم؟

طالب:.......

لكنه مانع على كل حال، نعم؟

طالب:.......

طيب.

طالب:.......

طيب دعا عليه بالردة ماذا يفعل؟.

طالب:.......

حتى لو معصية من المعاصي، يعني دعا بإثم.

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

كوننا نخصص بعض ونترك بعض هذا ليس بمنهج.

طالب:.......

يعني......... طيب.

طالب:.......

في شيء يا إخوان؟

إذن عندنا تعارض في مثل هذه النصوص، هناك موانع من قبل الدعاء، المطعم لا شك أن له أثرا، وهناك أيضاً الدعوة بالإثم وقطيعة الرحم وغيرها من الموانع، وهنا يقول: ((ليس بينها وبين الله حجاب))، مقتضاها قبول الدعوة على أي حال، أو بقدر مظلمته، أو ينصر على أي وجه، من غير تحديد ولو لم تجب الدعوة بعينها.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

إيه، يعرضه للفتن، هو تعرض للفتن.

طالب:.......

{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء]، ويتفق أهل العلم على أن من ظُلم لا يجوز أن يدعو إلا بقدر مظلمته، نعم؟

طالب:.......

وقالوا في المماطل: "ليُّ الواجد ظلم يبيح عرضه وعقوبته"، العقوبة التعزير، والعرض أن يتحدث به في كل مجلس، إنما بقدر مظلمته يقول: مطلني فلان، فقط، هذا ما يباح من عرضه نعم؟

طالب:.......

يعني يدعو عليك، أو لك؟

طالب:.......

لمن ظلمك؟

طالب:.......

لا، هو الآن الدعوة دائرة بين الظالم والمظلوم فقط، إذا دعوت لأحد بالصلاح هذه مسألة خارجة تطبق عليها الشروط والأسباب والموانع، لكن المسألة في دعائك على من ظلمك، هذه هي التي ليس بينها وبين الله حجاب، نعم؟

طالب:.......

هذا فضل منك، فضل، إي نعم؟

طالب:.......

طيب.

طالب:.......

ما ينحل الإشكال، إذا وافق ساعة استجابة فدعا، هاه؟

طالب:.......

 قد تجاب.

يذكرون في كتب علوم الحديث أن الإمام أحمد ويحيى بن معين وشخص ثالث من الرواة ذهبوا إلى-نسيت والله،- المهم إلى راوٍ من الرواة وأرادوا اختباره وضبطه، فقلبوا عليه بعض الأحاديث فانتبه وغضب، وأحسن الظن بالإمام أحمد، وأما أنت فتفعل كذا لكذا، وأما أنت فلا أماتك الله إلا كذا، وأنساك كذا، وقال للثالث: أماتك الله على غير الإسلام أو شيء من هذا، يقولون في كتب علوم الحديث: إن المدعو عليه استجيبت الدعوة فيه.

"(واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) [أخرجاه]": هاه؟

طالب:.......

نعم أم جريج لما دعت على ولدها أن لا يميته حتى يريه المومسات، وأجاب الله دعاءها.

طالب:.......

هذا إثم وقطيعة رحم، كلاهما.

طالب:.......

أنا ما أعارض أنها أجيبت،  أجيبت على كل حال.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

كونه والد هذا من أسباب الإجابة، وكونها إثم وقطيعة رحم، هذا من موانع الإجابة، هل تقاوم المانع مع السبب أو ما تقاوم؟ ما تقاوم، عندنا سبب الظلم، هناك مقاوم للظلم، وهي الموانع، هل تقوى هذه الموانع على مقاومة، ((فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))؟ هذا الذي نبحثه، هناك أسباب وموانع، من أسباب إجابة الدعاء الظلم، أن يكون الإنسان مظلوماً، أيضاً من أسباب إجابة الدعاء إطالة السفر؛ لأنه مظنة للانكسار والذل والخضوع، ورفع اليدين من مظنة الإجابة، وتكرار يا رب، يا رب، يقولون: من كررها أربع مرات، أو قالوا: خمس مرات، لا بد أن يجاب، يا رب يا رب، بدليل تكرارها في آخر آل عمران، {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [(195) سورة آل عمران]، وهذه مجربة عند أهل العلم، يقولون: مجربة، فهل هذه الأسباب تقاوم بالموانع أو لا؟ هذا الذي نبحثه من أول الأمر.

طالب:.......

هذا الأصل.

"((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) [أخرجاه]": يعني البخاري ومسلم.

"ولهما عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم خيبر: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله))": في واحد تكلم هنا؟

طالب:.......

تفضل.

طالب:.......

إيه لا يمنع أن يكون..، أولاً التوازن بين الأمرين، لكن إذا لم يمكن، ما عنده سن واجبة إلاَّ هذه التي أفضل من المطلوب أو دون المطلوب

طالب:.......

يعني وجب عليه حقة، عنده حقتان، واحدة بألفين، وواحدة بألف، أيهما التي يأخذ؟

طالب:.......

الألف ضرر على المساكين؟

طالب:.......

نعم، المتوسط بألف وخمس، صاحبة ألف رديئة، وصاحبة  الألفين كريمة وليس عنده إلاَّ هاتين الا ثنتين، ينظر الأحظ للفقراء أو للغني؟ هنا يحصل التردد هل نظلم الغني، أو نظلم الفقراء؟ فيقول الفقهاء: ينظر في الأحظ للفقراء؛ لأن الغني مهما ظلم ليس مثل ظلم الفقير، يعني المسألة فرضت لنفع الفقير في الأصل، شرعية الزكاة إنما هي لنفع الفقراء، هذا الأصل فيها، لكن إذا كان هناك ضرر لا بد منه، إما على الفقراء أو على الغني، وضرر محتمل، قيل له: اشتر حقة بألف وخمس واعطنا إياها، أو نأخذ أم ألفين، قال: لا، أنا والله ما أشتري شيئا، خذ هذه أو هذه؟ ننظر للأحظ للفقراء، وليس معنى هذا أنه حقة من المزايين التي تساوى خمسمائة ألف ستمائة ألف، وعنده حقة تساوى ألفا، نقول: لا نأخذ تلك التي فيها حظ للفقراء؟!، لا، هذه جائحة بالنسبة له، نحن ما ننظر إلى مثل هذا، لكن إذا كان الفرق يسيراً ينظر في الأحظ للفقراء، وليس في هذا ظلم للغني،

الغني خُيِّر، قيل له: اشتر متوسطة، قال: لا والله لن أشتر

طالب:.......

من المجبور؟

طالب:.......

مدعو عليه، لكنه بسبب ما ارتكب.

طالب:.......

على كل حال هو ظلم سعداً فأجيبت الدعوة فيه؛ سعد مستجاب الدعوة، هاه؟

طالب:.......

لا، لا بد من أن يستوفيها من ولي الأمر، وعلى هذا لا يجوز له أن يتولى هذا بنفسه من غير تفويض من ولي الأمر، وكل شخص إذا جاء وقت الزكاة ركب سيارته ودار على أصحاب الأموال وأخذ زكواتهم ثم أحضرها إلى بيت المال بعد أن يأخذ نصيبه، ولذلك نجد بعض مكاتب الدعوة، وبعض أئمة المساجد، يفوضون بعض الشباب يجمعون، ويعطونهم نسباً هم يفرضونها، هذا ليس إليهم، هذا لولي الأمر، هذا ليس للأفراد، وليس قابلا للاجتهاد أبداً، إلا إذا فوضهم ولي الأمر.

طالب:.......

عاد يصير عندهم تنظيم وفرع لولي الأمر في كل جهة يتولى هذه الأمور هذا الأصل، لكن ليس لأحد أن يفتات على ولي الأمر في هذه الأمور، وإلا صارت فوضى، من الذي يقدر نصيب عامل الزكاة؟ لو ترك هذا للناس ما بقيت زكاة.

طالب: بعض الجمعيات.......

هذا الإشكال، هذا من باب الإغراء، كأنه قال: من قتل قتيلاً فله سلبه، من جاء بشيء فله نسبة، ليس بصحيح، هذا لولي الأمر فقط، هو الذي يعين الجباة، وهو الذي يحدد النسب ومقدار أجورهم هذا له.

طالب: أحسن الله إليك، بالنسبة لصاحب المال لو أعطى النقود للزكاة؟

يعطيه من ماله؟

طالب: نعم.

لا، لا ما هو من الزكاة.

طالب:.......

لا، يعطيه من ماله أجره؛ لأنه ريَّحه، يعني بدلاً من أن يفرق أمواله فأعطى أناساً يفرقونها بالأجرة، وإلا الأصل أنه هو الذي يؤديها، ويتحمل تبعاتها.

طالب:.......

لا، العامل إنما يعين من ولي الأمر، حتى لو قال لفقير اجمع لي أنا مدين بمائة ألف وأعطيك عشرة آلاف، يملك؟ ما يملك.

ففي الحديث السابق اقتصر على ذكر الشهادتين والصلاة والزكاة، وما ذُكر الصيام وهو مشروع، وهو مفروض في السنة الثانية من الهجرة، قبل حديث معاذ بثمان سنوات، والحج آخر ما قيل في فرضه سنة تسع، يعني قبل بعثة معاذ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حج سنة عشر، وقدم إليه أبو موسى من اليمن، وقد أهلَّ بما أهلَّ به النبي -صلى الله عليه وسلم- ((بمَ أهللت؟)) أهللت بما أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسأله: ((هل سقت الهدي؟)) قال: لا، قال: ((اجعلها عمرة))، بخلاف علي -رضي الله عنه- لما جاء وقد أهل بما أهل به النبي -عليه الصلاة والسلام- وقد ساق الهدي فاستمر قارناً، كفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.

المقصود أن الحج قد فرض، والصيام قد فرض، ولم يذكرا في هذا الحديث، منهم من يقول: إنه إذا دخل في الإسلام، وتلفظ بالشهادتين، وأدى الصلاة التي تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، وأدَّى الزكاة زكاة المال الذي محله من النفس بالمحل الأسنى، ككل الناس يجود بماله، فإذا جاد، فعل الصلاة المتكررة، وجاد بالزكاة التي في المال الذي تعب عليه، فإنه لا بد أن يجود بالصيام الذي هو شهر في السنة، والحج الذي هو مرة في العمر، فلا يحتاج إلى تنصيص.

وأيضاً الصيام إنما ذكر في الحديث، وحديث: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) ذكرت الشهادة، وذكرت الصلاة، وذكر الصيام؛ لأنها هي التي يقاتل عليها، لكن لو أن شخصاً شهد أن لا إله إلا الله، نعم، وأدى الصلاة والزكاة ولا صام، سواءً ادعى أنه صائم، وهو يأكل سراً؛ لأنه سر بينه وبين ربه، ولا حجَّ، هل يقاتل على ذلك؟ لا يقاتل، إنما ذكر في هذا الحديث والحديث الثاني: ((أمرت أن أقاتل الناس)) إنما ذكرت؛ لأنها يقاتل عليها، وما عداها لا يقاتل عليه.

طالب: لو قيل بتوقيف الدعوة.......

أما من خلال هذا الحديث فبعضها رتب على بعض، بمعنى أنه لا يجوز أن يدعى إلى الصلاة قبل الشهادة، ولا يجوز أن يدعى إلى الزكاة قبل الصلاة، لا بد من هذا الترتيب، هاه؟

طالب: في بلاد المسلمين.........

يدعى أو يركز على ما يخل به، التركيز على ما يخل به، ولذلك لو أسلم أحد من أهل الديانات السابقة إنما يركز مع نطقه بالشهادة على أبرز ما كفر به، النصراني يؤكد على أن عيسى عبد الله ورسوله، لا بد أن يعترف بهذا مع الشهادة، يعني لو أسلم نصراني هنا وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، لا بد أن يقال: واشهد أن عيسى عبد الله ورسوله، قد يقول قائل: بأن لا إله إلا الله، تبطل دعوى إلهية عيسى -عليه السلام- التي يزعمها النصارى، نقول: لا بد من التنصيص؛ لأنه وجد في أهل الكتاب من لا يعرف معنى لا إله إلا الله، وسيأتي في المسائل أن من أهل الكتاب من لا يعرف معنى لا إله إلا الله، نعم؟

طالب:.......

{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} [(5) سورة التوبة] هذه في أهل الكتاب وإلا في المشركين؟ في المشركين.

طالب:.......

لا، لا نفسها، {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ}، وفي الآية الأخرى: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [(11) سورة التوبة]، لا بد من هذا، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

مثل؟

طالب:.......

قال: ما أصلي الجمعة؟ بعضهم اشترط كما في المسند، في المسند بعضهم اشترط بعض الشعائر أو بعض الصلوات أنه لا يفعلها، قبلها منهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: إن الإيمان إذا وقر في قلبه فسيأتي ببقية الشرائع، لكن ليس مثل هذا بالصراحة، هذا نص محكم، وهذاك من المتشابه، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

على كل حال إذا فهم معناها والتزم بمقتضاها فمن مقتضاها أن يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله، لا بد أن الأمور التي يشك في قبوله لها، لا بد أن يركز عليها، هاه؟

طالب:.......

كيف فليكن؟

طالب:.......

الأصل في الأمر الوجوب، وأمره الله -جل وعلا- أن يقاتل، والأمر له ولأمته من بعده، عليهم أن يقاتلوا حتى يُدخِلوا الناس في دين الله، وهذا من النصح للناس، أن يخلصوهم من الشرك الموجب للخلود في النار، ويدخلوهم في الإسلام الموجب للخلود في الجنة، هذا من كونه -عليه الصلاة والسلام- رحمة للعالمين، ولو ترتب على ذلك ما ترتب من قتل وأسر واسترقاق، لكن ليس الأصل في الجهاد التسلط على العباد، والاستيلاء على أموالهم وبلدانهم، أبداً، هذه طريقة الأعداء، هم الذين يقاتلون من أجل المال، ومن أجل التسلط على الناس، ومن أجل إذلال الناس وإخضاعهم، أبداً، هذا ما عرف في تاريخ المسلمين أنهم فتحوا البلدان من أجل حصول ما يترتب على ذلك من أمر الدنيا، إنما المعروف أنهم من أجل هداية الخلق، ولذلك لو بادروا بالإسلام ما قاتلوا.

كان بعض الإخوان يقولون: الليلة ليلة الجمعة وفيها التزامات وفيها طلعات مع الأسرة وكذا، يقول: لو نجلس بدون درس المغرب، هاه؟

طالب:.......

لا، لا خلاص، نوسع للإخوان قليلاً؛ لأن بعضهم النقص ظاهر اليوم، درس اليوم ظاهر النقص، بالنسبة للأيام السابقة، حتى بعضهم قال: لو أننا بدون درس الخميس؛ لأن الخميس وقت للنزهة مع الأهل وكذا، وما ندري عن درس المغرب لكن يبقى أن هذه رغبة لبعض الإخوان أن اللي يبي يطلع والليل قصير يبي يطلع من صلاة المغرب، هاه؟

طالب:.......

الأصل في درس، لكن مطلب من بعض الإخوان أن الليلة ليلة جمعة وجرت عادة كثير من الناس أنهم يخرجون ليلة الجمعة، وخروجهم من صلاة المغرب أوسع لهم من أن يخرجوا مع قصر الليل من صلاة العشاء، في بعضهم يطلب أن درس المغرب يعني يترك؛ لأن الليلة ليلة جمعة، أنا أرى، أنا واحد منكم، أنا واحد منكم، وظروفي هي ظروفكم، يعني ما نختلف عن شيء.

طالب:.......

إيش نقول: أنتم الطلقاء، وإلا إيش نقول، ليه لأن بعض الناس يعني عندهم يعني ترتيب لمثل هذا اليوم، بعض الأسر ترتب لمثل هذا اليوم؛ لأن الإشكال أن بعض الناس على مدار العام يظنون أن البقاء في البيوت ليلة الجمعة خلاف الأصل، وبعضهم يتذمر ليلة جمعة وجالس في البيت، والنساء والذراري يعني يضيقون بها ذرعاً إذا جلسوا في البيوت ليلة الجمعة.

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

إيه والله يهمه، لكن -إن شاء الله- ما عليه نقصان الأجر وثبت، أقول: الأجر وثبت إن شاء الله تعالى، ولن يعدم فائدة، إذا جلس في المسجد وقرأ له خمسة أجزاء نصف مليون حسنة، هاه؟

طالب:.......

لا، أنا قيل لي من بعض الأخوة، وهو مطلب جيد يعني، فبعد المغرب أنتم الطلقاء ما في درس، الله يعينكم ويوفقكم، اللهم صلِّ على محمد.