كتاب الديات من المحرر في الحديث - 04

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده وروسله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

ففي آخر الدرس الماضي وفي باب القسامة في الجاهلية من صحيح البخاري، ذكر الإمام البخاري قصة القسامة في بني هاشم في قتيلهم مفصَّلة موضَّحة، ثم ذكر بعدها قصة عمرو بن ميمون، قرأناها بالأمس، قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية قِرْدة اجتمع عليها قِرَدة قد زنت فرجموها، فرجمْتُها معهم. هذه القصة أولاً ليست من أصول الكتاب؛ لأنها ليست بحديث، ليست بحديث يُروَى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتكلَّف الشراح مناسبة ذكر هذا الخبر لباب القسامة في الجاهلية، وما ظهر شيء إلا أنها وقعت هذه القصة في الجاهلية، فهي من أمور الجاهلية التي وقعت في الجاهلية، ولذا تختلف النسخ في إثبات هذا الباب، باب القسامة في الجاهلية تختلف، وإلا فليس في القصة مناسبَة للقسامة، لكنها مناسِبة لأمور الجاهلية، فإدراجها تحت هذا الباب؛ لأن هذا الباب لم يُثبَت في كثير من النسخ، لم يُثبَت في كثير من النسخ، ومادام الباب لم يُثبَت في كثير من النسخ فإننا لا نتكلف مناسبة هذه القصة للقسامة، وإن كانت من أمور الجاهلية؛ لأنها وقعت في الجاهلية هذا شيء.

 والأمر الثاني وهو الأهم أنها ليست من أصول الكتاب فليست من الأحاديث الأصول التي يعتني البخاري بثبوتها على شرطه كون الباب لم يوجَد في كثير من النسخ هو الظاهر من تصرف ابن حجر، وأن الراجح عدم إثبات الباب، باب القسامة في الجاهلية بدليل أنه لم يشرح الترجمة، إذا مر ابن حجر بترجمة ترجم البخاري بباب، وسرد بعده ما يوجَد من الأحاديث والآثار أول ما يبدأ به شرح الترجمة، قوله: باب القسامة في الجاهلية معناه كذا وكذا وكذا، ما ذكر هذا ابن حجر.

 وهذا دليل على أن الباب ليس بثابت، ولو على أقل الأحوال عند ابن حجر، وابن حجر من أشد الناس عناية بصحيح البخاري.

 وإذا قلنا: إن الباب لم يثبت، فكون هذه القصة وُجدت في أمور الجاهلية، في أمور الجاهلية في باب مناقب الأنصار كثير من الأحاديث فيها ذكر للأنصار لكن يبقى أننا لا نتكلف مناسبة بين هذه القصة وبين القسامة باعتبار أن الترجمة لم تثبت، وكونها من أمور الجاهلية، نعم من أمور الجاهلية؛ لأنها وقعت في الجاهلية.

 يقول ابن حجر في الكلام على الخبر: ليس المراد من هذا الكلام أن القصة لم تثبت في هذا المكان. هي موجودة في هذا المكان من صحيح البخاري، لكن الترجمة باب القسامة في الجاهلية لم تثبت، وإن وجدت في بعض النسخ؛ لأن أول حديث فيها فيه قسامة، لكن ماذا عن بقية الأخبار التي ليس فيها قسامة؟ لا يوجد فيها ارتباط بالباب كهذه القصة.

 قوله: حدثنا نعيم بن حماد في رواية بعضهم: حدثنا نعيم غير منسوب، وهو المروزي، نزيل مصر، وقلَّ أن يخرج له البخاري موصولاً، بل عادته أن يذكر عنه بصيغة التعليق التي يقول فيها: قال، قال نعيم بن حماد، ووقع في رواية القابسي حدثنا أبو نعيم، وصوَّبه بعضهم يعني الفضل بن دكين قال: وهو غلط.

 قوله: وعن حصين في رواية البخاري في التأريخ في هذا الحديث حدثنا حصين، فأُمن بذلك ما يخشى من تدليس هشيم الراوي عنه.

 لأن هشيم بن بشير معروف بالتدليس، لكنه صرح بصيغة التحديث، وقرن فيه أيضًا مع حصين أبا المليح.

 قوله: رأيت في الجاهلية قِرْدَة هو بكسر القاف وسكون الراء واحدة القرود، وقوله: اجتمع عليها قِرَدة بفتح الراء جمع قِرْد، وقد ساق الإسماعيلي هذه القصة من وجه آخر مطوَّلة من طريق عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون قال: كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شَرَف، يعني على جبل فجاء قِرْد مع قرَدة فتوسَّد يدها، فجاء قِرْد أصغر منه فغمزها فسلَّت يدها من تحت رأس القرد الأول سلاًّ رفيقًا فوقع عليها، وأنا أنظر، ثم رجعَتْ فجعَلتْ تدخل يدها تحت خد الأول برفق كصنيع بني آدم، القِرْد الأول كبير في السن، والثاني صغير، غمزها فتبعته كما يفعله الفساق والفجار من بني آدم، فرجعت كأنها ما فعلت شيئًا.

 يقول: فجعَلتْ تدخل يدها تحت خد الأول برفق، فاستيقظ فزِعًا. وإذا علمنا أن القِرَدة منهم الممسوخ من بني آدم كما في قصة اليهود في السبت، ورأينا من تصرفاتهم شيئًا يستغرب منه الإنسان، تصرفات تدل على أن عندهم قوة مُدْرِكَة، كما عند بقية الحيوانات، لكنها أشد.

 فاستيقظ القرد الأول الذي كان نائمًا على يدها فَزِعًا، فشمها فصاح، فاجتمعت القرود، فجعل يصيح ويومئ إليها بيده، فذهب القرود يمنة ويسرة، فجاؤوا بذلك القرد- أعرفه يعني الذي غمزها وذهب بها- فحفروا لهما حفرة، فرجموهما، فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم.

قال ابن التين: لعل هؤلاء كانوا من نسل الذين مُسخوا، فبقي فيهم ذلك الحكم، ثم قال: إن الممسوخ لا يُنسِل، ليس له نسل.

 قلتُ: وهذا هو المعتمَد لما ثبت في صحيح مسلم: إن الممسوخ لا نسل له. إلى آخر القصة، وقد استنكر ابن عبد البر قصة عمرو بن ميمون هذه وقال: فيها إضافة الزنى إلى غير مكلَّف، وإقامة الحد على البهائم، وهذا منكَر عند أهل العلم، لكن عمومًا الزنى تنفر منه الطِّبَاع.

 وفي شرح حديث الذباب في صحيح البخاري، وقد استنكره بعض من يحكِّم عقله في النصوص، استنكروه، فأثبت ابن حجر أن مثل هذا موجود، أن هذا موجود، هذه القوى المدرِكَة موجودة، وذكر أن فرسًا أُكرِهَ على أن ينزوَ على أمه، أُكْرِه على أن ينزو على أمه، فرفض، فجللوها، جعلوا عليها غطاءً صار لا يعرفها ما يدري أنها هي، فنزا عليها، فلما رفعوا الجلال التفت إلى ذكره فقطعه بأسنانه.

 الزنى تنفر منه الطباع، طباع الحيوان، فكيف يليق بإنسان، وكيف يليق بمسلم يعلم ما فيه من البشاعة، وأنه فاحشة، وأنه فاحشة؟ نسأل الله العافية، والنصوص القطعية على تحريمه، وأنه مقرون بتحريم الشرك والقتل، ويحصل منهم ما يحصل، والله المستعان.

 على كل حال أردت أن أذكر هذه الطرفة؛ لأنها وقعت تحت الترجمة في صحيح البخاري باب القسامة في الجاهلية، والكلام يجر بعضه بعضًا، فنكون على ذكر منها، وكون الشراح لم يجدوا لها مناسبة للباب فالصواب أن الباب غير موجود في النسخ كلها، بل موجود في بعضها، والصواب عدم ثبوته؛ بدليل أن الحافظ ابن حجر لم يشرحه، ولو كان ثابتًا لشرحه، فتبقى أنها من أمور الجاهلية، ولا يترتب عليها حكم، وهي مجرَّد خبر كسائر الأخبار، ليست من الأحاديث الأصول المرفوعة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، التي يعتني البخاري في ثبوتها، ويشدِّد في ذلك، فلا كلام لأحد في هذا، والله المستعان.

 حتى لو قيل: إنها غير ثابتة فما فيه إشكال؛ لأنها لا يترتب عليها حكم، لكنَّ سندها صحيح يعني ثابتة إلى عمرو بن ميمون، ثابتة لمن نُسِبَت إليه.

فيه أحد يقرأ؟

طالب: ........

فيه أحد يقرأ؟

طالب: .........

نعم، الفحل.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

قال المصنِّف -رحمه الله-:

باب صول الفحل وجناية البهائم وغير ذلك:

 عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من قُتِل دون ماله فهو شهيد». متفق عليه.

 وفي لفظ: «من أريد ماله بغير حق فقاتل دونه فقُتِل فهو شهيد». رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وصححه.

 وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قاتل يعلى بن منبِّه أو أمية.."

مُنَيَّة.. مُنَيَّة..

"قاتل يعلى بن مُنَيَّة أو أمية رجلاً، فعض أحدهما صاحبه، فانتزع يده من فمه فنزع ثنيته، وفي لفظ ثنيتِه.."

ثَنِيَّتَيْه.

"ثَنِيَّتَيْه..

أحسن الله إليكم.

فاختصم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أيعض أحدكم كما يعض الفحل؟! لا دية له». متفق عليه، واللفظ لمسلم.

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم- «لو أن امرءًا اطلع عليك بغير إذن فخذفتُه..»."

فخذفتَه.

"أحسن الله إليكم.

«فخذفتَه بحصاة ففقأتَ عينه لم يكن عليك جناح». متفق عليه، واللفظ للبخاري.

 وفي لفظ لأحمد والنسائي وأبي حاتم البستي: «من اطلع في بيت في بيت قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية له ولا قصاص».

 وعن حرام بن محيصة الأنصاري عن البراء بن عازب قال: كانت له ناقة ضارية فدخلت حائطًا فأفسدت، فكُلِّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وحفظ الماشية بالليل على على.."

على أهلها.

"على أهلها..

أحسن الله إليكم.

وإن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل. رواه أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجه وابن حبان وفي إسناده اختلاف، وقد تكلم فيه الطحاوي. وقال ابن عبد البر: هو مشهور حدَّث به الأئمة الثقات.

 وعن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد «من تطبب ولا يَعلم».."

يُعلَم..

"«ولا يُعلَم منه طب فهو ضامن». رواه أبو داود، وتوقف في صحته، والنسائي وابن ماجه والدارقطني، ولم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم. وغيره يرويه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب صَوْل الفحل وجناية البهائم وغير ذلك"، الصَّوْل من صال يصول صيالة وصولاً، يعني هجم الصائل الذي يهجم على الشيء بغير حق هذا يقال له: صائل، والصائل يُدفَع، يجب دفعه، لكن يدفع بالأسهل فالأسهل، فإذا اندفع بالأسهل لم يتجاوَز ذلك إلى الأشد، يُدفَع بالدفع المناسب بدون سلاح، باليد، وإن كفت اليد يجب الوقوف عند هذا الحد، وإن لم تكفِ فبالعصا مثلاً، فإن لم يرتدع فبالسلاح، لكنه يجب دفعه سواء كان مريدًا للنفس أو المال أو العِرض فإنه يجب دفعه، فإذا قُتِل فهو في النار، هذا وعيد شديد، وإذا قَتَل فالمقتول شهيد؛ «من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون نفسه فهو شهيد»، على ما سيأتي في الحديث.

 جناية البهائم، البهائم معروف أنها غير مكلَّفة، لكن إذا جنت فأفسدت فهي مملوكة لشخص فأفسدت مال آخر فإن صاحبها يضمن إذا فرَّط. طيب غير مكلَّفة نقول: نعم يضمن، وليس من باب الحكم التكليفي، وإنما هو من باب الحكم الوضعي، من باب ربط السبب بالمسبب، من باب ربط السبب بالمسبب، فهو حكم وضعي كما يتلفه الطفل، الذي يتلفه الطفل يُضمَن، ولذا قالوا: من باب الخطأ، قتل الخطأ عمد الصبي والمجنون، طيب مجنون، كيف يكلف بداية وكفارة؟ لأن عمده في حكم قتل الخطأ من المكلَّف. هو مرفوع عنه القلم، ومرفوع عنه.. لكن من باب ربط السبب بالمسبب، لو أتلف طفل مالاً لإنسان ضمنه، وكذا النائم لو انقلب على مال لشخص آخر وانكسر فإنه يضمن، لكنه لا يقال: هذا عمد، يكون من باب الخطأ.

 ولو انقلبت أم على ولدها وهي نائمة فعليها الدية والكفارة، ما يقال: رفع القلم عن النائم، لا، نقول: هذا ليس بحكم تكليفي. النائم مرفوع عنه القلم، لكنه من باب ربط السبب بالمسبب، فوجد السبب، فمن جرائه وجد المسبب، وهو الدية والكفارة، وهكذا.

 "عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه-" يعني ابن العاص.

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

عندنا رضي الله عنه ورضي الله عنهما؛ لأن عبد الله مسلم، وأباه عمرو بن العاص مسلم، فالأصل عنهما.

" قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من قُتِل دون ماله فهو شهيد». متفق عليه، وفي لفظ: «من أُريد مالُه بغير حق فقاتل دونه فقُتل فهو شهيد». رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه".

 قد يقول قائل: أترك الصائل يأخذ ما يريد من المال؛ إبقاءً على نفسي، لكن لو كل الناس فعلوا ذلك لجرؤوا هؤلاء المجرمين على أموال المسلمين، فيجب دفعهم؛ لئلا يستشري شرهم، يجب دفعهم؛ لئلا يستشري شرهم، فيقاتل، لكن إذا كان المال يسيرًا ما يستحق، قال بعضهم: يحقن دمه في مقابل هذا اليسير، لكن لو قتل دون هذا المال اليسير دخل في عموم الحديث «من قُتل دون ماله فهو شهيد».

وجاء أيضًا «من قُتل دون عرضه»، وجاء أيضًا «من قُتل دون نفسه»، يعني إذا قتل دون ماله فهو شهيد فمن باب أولى أن يقاتل دون نفسه، وأن يقاتل دون عرضه، نسأل الله السلامة والعافية.

 الشهيد له أحكام؛ منها ما هو في الآخرة، ومنها ما هو في الدنيا، ومنها ما هو في الدنيا والآخرة. يعني من الشهداء من تثبت له أحكام الدنيا، ولا يثبت له الحكم في الآخرة، كالغالّ مثلاً، أو مَن قاتل رياءً وسمعة أو ما أشبه ذلك، لكنه في الظاهر شهيد، لا يغسَّل ولا يصلى عليه، منهم من تثبت له الشهادة في الآخرة فقط؛ من مات بشيء جاء فيه ذكر الشهادة: كالغريق مات بالغرق، أو الحريق مات بالحرَق، أو المبطون مات من وجع البطن، هؤلاء شهداء، لكنهم في الآخرة دون الدنيا في الدنيا يُغسَّلون، ويُكفَّنون، ويُصلَّى عليهم، ويُدفَنون في المبقابر مثل غيرهم، كغيرهم من أموات المسلمين، لكن في الآخرة لهم الشهادة بالنص الصحيح.

 شهيد الدنيا والآخرة من يقتل في المعركة في سبيل الله مريدًا إعلاء كلمة الله مقبلاً غير مدبِر مخلصًا في ذلك لله- جل وعلا- هذا شهيد في الدنيا والآخرة.

 والذي معنا هل يأخذ حكم الشهيد في الدنيا كشهيد المعركة فلا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه أو في الآخرة فقط كالمبطون والحريق والغريق؟

قولان لأهل العلم، قولان لأهل العلم؛ الأول: وهو أنه كالشهيد كشهيد المعركة، قال به إسحاق والأوزاعي والشعبي. والقول الثاني أنه مثل الغريق والحريق والمبطون يُغسَّل ويُصلَّى عليه ولا تثبت له أحكام الشهيد في الدنيا وإن ثبتت له الشهادة في الآخرة، وهذا قول مالك والشافعي ورواية عن أحمد، والثاني هو الأظهر، والثاني هو الأظهر؛ لأن الشهيد الذي جاءت النصوص بمدحه، وأن الشهادة تكفِّر كل شيء إلا الدين، وأنه يشفع لسبعين من أهل بيته هو شهيد المعركة.

 "رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه". على كل حال الحديث يعني اللفظ الثاني وأما اللفظ الأول فهو متفق عليه عند البخاري ومسلم، وحتى رواية الثاني مصححة لا إشكال فيه «من أُريد مالُه بغير حق فقاتل دونه فهو شهيد»، هذه أيضًا الرواية صحيحة..

قال -رحمه الله- "وعن عمران بن حصين- رضي الله عنه- قال :قاتل يعلى بن مُنَيَّة قاتل يعلى بن مُنَيَّة أو أُمَيَّة" وأو هذه هذه لإيش؟ شك، لكن أمه منية، وأبو أمية، شك في ماذا قال الراوي هل قال: ابن منية فنسبه إلى أمه أو قال أمية، فنسبه إلى أبيه.

 "رجلاً" قاتل يعلى بن منية أو أمية رجلاً يعني تضاربوا، تشاجروا. "فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فمه" ضروري أن ينزع يده بقوة، الذي يترتب على هذا النزع من سقوط أسنان أو أضراس أو شيء من هذا أو جرح هذا هدر أم ماذا؟ هل يترك يده في فمه يعضها، يقضمها كما يقضمها الفحل كما جاء في الحديث؟

"انتزع يده من فمه، فنزع ثنيته"، وفي لفظ ثنيتيه" بالإفراد، وهي رواية الأكثر كما قال ابن حجر، وثبتت التثنية، وقد لا يكون هناك خلاف بين الإفراد والتثنية؛ لأن الإفراد مفرد مضاف يعم كما في حديث «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء»، الرواية الأخرى: «ليس على عاتقيه منه شيء»، المفرد المضاف يعم، فلا اختلاف بين الروايتين والإفراد كما قال ابن حجر رواية الأكثر.

 والثنايا الأسنان في مقدمة الفم، الأسنان في مقدمة الفم، ثنيتان فوق، وثنيتان تحت.

 "فاختصما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم"- الذي انتُزِعَت ثنيته ذهب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: نزع ثنيتي، يدِّعي، وهو صحيح نزع ثنيته، لكن ينتظر حتى يرسله أم ينزع؟ قال بعض العلماء: ينزع برفق، لكن في مثل هذه الظروف قد لا يحضر الرفق، قد لا يحضر، وهو معذور، كما "قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «أيعض أحدكم كما يعض الفحل»" الذكر من الإبل يترك يده في فمه يقضمها ولا يتصرَّف؟! «لا دية له»، لا دية له، هدر لماذا؟

لأنه معتدٍ لأنه معتدٍ مستحق لما حصل، وهو البادي، والبادي أظلم، فلا دية له، فضلاً عن القصاص؛ لأنه دفاع مشروع، لأنه دفاع عن النفس مشروع، وما ترتب على المشروع، فهو هدر لا عوض، لا عِوَض له.

 "متفق عليه، واللفظ لمسلم.

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم"- أبو القاسم كنيته -عليه الصلاة والسلام-: «لو أن امرءًا اطلع عليك بغير إذن»، الباب فيه كسر، فيه ما يبين ما وراءه، فيه شَق أو جدار فيه ثقب أو من نافذة يطَّلِع، وهذا قد يحصل بين الجيران أو من جدار السطح يطلع على عورات المسلمين من الجيران، هذا لو اطلع فحكمه كما جاء في الحديث والبيوت في السابق الاطلاع عليها صعب، إلا إذا كان هناك ثقب في باب أو شيء؛ لأنها محاطة بجدران مرتفعة، وأحواشها وأفنيتها في داخلها.

 الآن العكس، الفناء متاح من جميع الجهات الجدار قصير، والنوافذ في الدور الثاني تتيح النظر، فكانت البنايات الإسلامية القديمة أستر بلا شك.

 «لو أن امرءًا اطلع عليك بغير إذن فخذفته» يعني رميته بحصاة، ويروى بالخاء، ويروى أيضًا بالحاء، ورواية الخاء أكثر، «خذفته» الرواية الأخرى: «فحذفته بحصاة»، يعني رميته بحصاة، والخذف إنما يكون بين الأصبعين، وجاء النهي عنه، جاء النهي عن الخذف في الحديث الصحيح؛ لأنه إنما يفقأ العين، ويكسر السن، ولا ينكأ العدو، فهل نقول: إن الخذف منهي عنه فلا يستعمل في هذا؟

الآن الخذف مأذون به؛ لأنه دفاع مشروع؛ «لو أن امرءًا اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح». وهذا "متفق عليه". ليس عليك إثم، وليس عليك قصاص ولا دية؛ لأنه معتدٍ وظالم، وأنت مدافع دفاعًا مشروعًا، فلا شيء عليك.

 طيِّب واطلع عليك هذا قلنا: إنه لفظ عام سواء كان اطلع عليك من ثبت في جدار أو شق في الباب أو نافذة أو سطح أو غيره، «لم يكن عليك جناح»، يعني إثم ولا دية ولا قصاص؛ لأنك تدافع عن نفسك، تدافع عن محارمك. بعضهم قال: يضمن الحديث فيه دليل على أنه لا يضمن، رفع عنه الإثم، ومن باب أولى أن يُرفَع القصاص والدية، وهذا يدل على تحريم الاطلاع على الناس في منازلهم، ولهذا ينبغي للمستأذن ألا يقف أمام الباب؛ لئلا ينظر إلى شيء لا يجوز النظر إليه إذا فتح الباب، بل يكون عن يمين الباب أو شماله، ولا يقف أمام الباب ينحرف يمينًا أو شمالاً، وفيه حديث خرَّجه أبو داود من حديث هزيل جاء رجل فوقف على باب النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذن مستقبل الباب، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هكذا عنك أو هكذا»، يعني رح يمينًا أو شمالًا.

«فإنما جعل الاستئذان من أجل البصر»، من أجل البصر، الآن الذين يأتون  إلى البيوت بالطلبات سواء كانت من مطعم أو من بقالة أو ما أشبه ذلك، كثير منهم لا يكترث، وكثير من الأحوال الذي يتولى فتح الباب إما طفل أو امرأة أو شيء، لكن لو جاء رب البيت لا يرضى أن يكون مقابل الباب أبدًا، فمثل هذا يجب أن ينبَّه هؤلاء على مثل هذا، يقف أمام الباب، فإذا فتح الباب اطلع على عورات المسلمين، هذا مثل داخل في هذا الحديث: لو فقئت عينه صارت هدرًا. "متفق عليه، واللفظ للبخاري.

 وفي لفظ لأحمد والنسائي وأبي حاتم البستي" المعروف بابن حبان: «من اطَّلع في بيت قوم بغير إذنهم، من اطَّلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية له، فلا دية له، ولا قصاص، فلا دية له ولا قصاص»، وهو مخرج عند من ذُكر بشرط بسند صحيح على شرط الشيخين، لماذا لا دية له ولا قصاص؟

 لأنه دفاع مأذون فيه شرعًا فيه النص الصحيح، وبهذا قال الشافعي وأحمد، ذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن عليه القصاص إن فقأ عينه دليلهم عقلي، وقياس، لكن القول الأول فيه النص الصحيح الصريح قالوا: لو دخل هذا فأصاب من المرأة ما دون الجماعة فعقوبته إيش؟ يعزَّر لكن تفقأ عينه؟

 قالوا: لو أنت اطلعت فقأنا عينك، عندنا الحكم ثم جاء الزوج فأخرج عينه بيده، له ذلك أم ليس له ذلك؟

 مذهب أبي حنيفة ومالك يحتج بهذا، يقول: لا، عليه القصاص لو فقأ بدليل ما ذكرنا أنه لو دخل البيت فنال من زوجته ما دون الفرج لم يكن له أن يفقأ عينه فالنظر أقل مجرد النظر من وراء الباب أقل يقال: هذا الحديث جاء على سبيل الزجر والمبالغة، ولا تعد حقيقة الفقء، لكن الأصل الحقيقة هي الأصل، وما جاء في الحديث الصحيح الصريح لا يمكن رده بمثل هذا القياس الذي استُعمِل في مقابل النص قياس معارِض للنص فهو عند أهل العلم فاسد الاعتبار، فاسد الاعتبار.

طالب: ...........

لا لا، في لحظة النظر، في لحظة النظر.

"وعن حرام بن محيِّصة الأنصار عن البراء بن عازب قال: كانت ناقة ضارية فدخلت حائطًا، كانت ناقة ضارية" ما معنى ضارية؟ متوحشة صائلة صائل كانت له ناقة، يعني البراء بن عازب "كانت له ناقة ضارية فدخلت حائطًا فأفسدت فيه" تأكل فأفسدت الثمار، "فكُلِّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها فقضى أن حفظ الحوائط" المزارع، والغالب أن الحوائط يعني المحاطة بسور، وغلب إطلاقه بإزاء المزارع، وهي في هذا الحديث يظهر أنها غير محاطة؛ لأنها لو كانت محاطة ما دخلت الناقة.

 "أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها"، أهل المزرعة هم الذين يحفرون في النار؛ لأنهم يعني أهل المزارع منتشرون فيها يزرعون ويحرصون، والإبل تنتشر بالنهار للرعي، فأهل المزارع مستيقظون منتشرون فيها عليهم حراستها، وأهل الإبل في الغالب في النهار تنتشر للرعي.

 "وحفظ الماشية بالليل على أهلها"؛ لأن أهل المزارع ينامون، ما يُكلَّفون الحفظ بالليل كما كُلِّفوا الحفظ بالنهار، وحفظ الماشية بالليل على أهلها، لماذا؟

لأن أهل المزارع ينامون، والواجب أن الإبل، وهي لا ترعى بالليل يحفظها أصحابها، عليهم حفظها.

 "وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل، ما أصابت ماشيتهم بالليل"؛ لأنهم فرَّطوا في حفظه، فرَّطوا في حفظها، أما بالنهار فيفترض أن شخصًا عنده عشر أو عشرون أو مائة من الإبل، وأرسلها ترعى بالنهار، أرسلها ترعى بالنهار، فاسترسلت في المشي، ودخلت حائطًا، ويُكلَّف بأي ناقة منها ما فيه تفريط، لكن بالليل أهل المزارع وأهل الحوائط ينامون، فلا يُكلَّفون الحراسة بالليل والنهار، كما أن أهل الإبل لا يُكلَّفون الحراسة بالليل والنهار، وهذا تمام العدل، وهذا تمام العدل.

 "رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجه وابن حبان، وفي إسناده اختلاف، وفي إسناده اختلاف، وقد تكلم فيه الطحاوي".

 يعني في وصله وإرساله، في وصله وإرساله، "قال ابن عبد البر: هو حديث مشهور حدَّث به الأئمة"، فالراجح وصله، الراجح وصله؛ لأن هذه الرواية التي معنا عن حرام بن مُحَيِّصَة الأنصاري عن البراء بن عازب قال: كانت له ناقة، حرام يروي القصة عن صاحبها، مَن هو؟ البراء بن عازب رواية الإرسال تقول: عن حرام بن محيصة أن البراء بن عازب كانت له، فحرام بن محيصة يروي قصة لم يشهدها، ولم ينسبها إلى صاحبها، حينما قال عن البراء فهو يرويها عن البراء، لكن لما قال: إن البراء بن عازب كانت له ناقة ضارية فهو يتحدث ويروي قصة لم يشهدها، فجاء الإرسال من هذه الحيثية.

 وننبه على مسألة اصطلاحية، وهي أن العلماء ابن الصلاح ومن جاء بعده نسبوا إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أنهما يفرِّقان بين عن وأنّ، فعن محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين ألا يُعرَف الراوي بالتدليس، ويعرف بالسماع مِمَن روى عنه فهي محمولة على الاتصال، بخلاف أنّ فهي لا تقتضي الاتصال، عمدة ومعوَّل ابن الصلاح في التفريق بينهما، ونسبة القول بالتفريق بالإمام أحمد ويعقوب بن شيبة ما جاء عن محمد بن الحنفية عن عمار بن ياسر عن محمد بن الحنفية عن عمار، مرَّ بالنبي، عن عمار قال: مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: متصل في الرواية الأخرى أن عمارًا مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ما قلنا هنا عن يرويه عن صاحب القصة، وأنَّ يروي القصة، قصة لم يشهدها، فحكم الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة بينهما بين الخبرين أن الأول موصول، والثاني مرسَل؛ لأنه في الرواية الأولى يرويها عن صاحبها، في الرواية الثانية يحكي القصة من تلقاء نفسه وهو لم يشهدها، فذهب ابن الصلاح إلى أن التفريق والحكم بالوصل والإرسال مرده  إلى اختلاف صيغة الأداء وليس المراد كذلك، ليس هذا مرادهما؛ لما ذكر الحافظ العراقي كلام ابن الصلاح في ألفيته قال:

.............................

 

كذا له ولم يصوِّب صوبه

ما أصاب السبب الحقيقي للتفريق، ما أصاب السبب، ما أدرك السبب الحقيقي للتفريق، قال أحمد: هذه رواية موصولة، وهذه مرسلة قال: هو نظر ما فيه إلا الفرق النون أنّ وعن، ولذا المرجح كما قال الحافظ العراقي:

وحكم عن حكم أنَّ أو..

..........................

 

وحكم أنّ حكم عنْ فالجل

سووا وللقطع نحا البرديجي

 

حتى يبين الوصل في التخريج

فليس سبب الاختلاف في الحكم هو الاختلاف في الصيغة، لا، وفي مثل ما عندنا هنا قال عن البراء بن عازب قال: كانت له، يعني كانت لي، يتحدث عن نفسه، والرواية الثانية أن البراء بن عازب كانت له ناقة ضارية إلى آخره، فحكموا بأنها مرسلة، واختلفوا في وصل الحديث وإرساله، ولكن الوصل أكثر، ولذا الحديث صحيح.

 "قال ابن عبد البر: هو مشهور، حدَّث به الأئمة الثقات"، وبمقتضى هذا الحديث قال الأئمة الثلاثة، وبمقتضى الحديث قال الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: لا ضمان على أهل المواشي، لا ضمان على أهل المواشي مطلقًا يعني سواء أفسدت بالليل أو بالنهار، دليل أبي حنيفة قال: حديث متفق عليه قوله -عليه الصلاة والسلام-: «العجماء جرحها جبار، العجماء جَرحها جُبار».

وأجيب بأن حديث «العجماء جرحها جبار» عام، وحديث الباب خاص، والخاص مقدَّم على العام.

 ما الذي دعا الطحاوي أن يتكلم في هذا الحديث؟

لأنه حنفي، وأبو حنيفة لا يقول بموجبه، وإنما يقول: هو هدر، سواء كان بالليل أو النهار، حصلت حوادث كثيرة تسببت في قتل أناس كثر وهي هذه الإبل السائبة في الطرق يحصل منها حوادث في الطرق، تصطدم بها السيارات فيموت من فيها، وهذا كثير مع الأسف، كثير، وهل حصل الحادث بالليل أو بالنهار؟ يطبَّق عليه الحديث، وأيضًا هل سائق السيارة تعدى أو فرط؟ أيضًا له مدخل في الحكم؛ لأن بعض السائقين يمشي بسرعة أكثر من السرعة المتاحة، ولو سار على الطريقة المعروفة والمتاحة، والسرعة المتاحة يمكن أن يتلافى الحادث، ولذلك قد يُحكَم بمقتضى الحديث إذا لم يتعدَّ ولم يفرِّط، وقد يُحكَم عليه بشيء من نسبة الحادث؛ لأنه تعدى أو فرَّط، ويجني بعض الحضور حضور الحادث على من حصل له الحادث؛ لأنه يسارع فيقطع الوسم من الإبل، هذا جانٍ لماذا؟

لئلا يعرف صاحبها فيطالَب؛ لأن الإبل تُعرَف بالوسم، والوسم مأثور، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يسم إبل الصدقة فيُعرَف بذلك صاحبها، فيأتي شخص يريد أن يعمِّي ويضيع الحق الذي تسبب عن هذا الحادث، فيقطع الوسم وهو آثم، وارتكب محرَّمًا وإثمًا عظيمًا وجناية على هذا الذي مات بسبب هذا الحادث. فعلى مثل هذا أن يتقي الله -جل وعلا- ألا يدخل في نفسه شيئًا ولو كانت لأبيه أو لأخيه، ثم ماذا؟ ولو كانت لأبيه أو لأخيه، ولكنه الجهل والشح والظلم يحمل على مثل هذا.

 ثم بعد هذا قال -رحمه الله-: "وعن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من تطبب»" يعني زاول المهنة الطب، «من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن»، يأتي جاهل ويتطبب يجري عمليات، أو يصرف علاجيات قوية ضارة، ثم يترتب على ذلك موت المريض، يضمن يضمنه؛ لأنه متعدٍّ.

 «من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن»، يعني عليه الدية والكفارة، ضامن، لماذا لا يكون عليه قصاص؟

قالوا: لأنه قد يصيب وهو أيضًا بموافقة المريض، لكن باعتبار أنه لا يُعلم منه طب هو جانٍ بلا شك، رفع عنه القصاص صيانة للدم، ولما يوجد من الشبهة في درء القصاص؛ لأن المريض موافق، والطبيب قد يصيب ليس بقاتل حتمي، يعني ما قتله بآلة حتمية القتل، لكنه قد يصيب وهو برضى المريض قالوا: ضامن يضمن الدية، وعليه الكفارة، لكن الطبيب الماهر خطؤه في بيت المال، خطؤه في بيت المال، وكثيرًا ما نسمع بأن هناك أطباء، وهناك حملات في وزارة الصحة في النظر في مستواهم وشهاداتهم، ونسمع أن منهم من عنده شهادة مزورة، فهو داخل في هذا، هو داخل في هذا، نسأل الله العافية.

 قال -رحمه الله-: "رواه أبو داود، رواه أبو داود وتوقف في صحته، والنسائي وابن ماجه، وقال الدارقطني: لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم، لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم، وغيره يرويه عن ابن جريج".

 يعني غيره أكثر من عشرة من الرواة "يروونه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرسلًا" يعني من دون عن أبيه عن جده "مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم"- فهو غير متصل، مرسل يعني ضعيف، ولذلك الراجح تضعيف هذا الحديث، لكن مقتضاه وما جاء فيه من حكم متفق عليه، متفق عليه أنه من يتطبب ويعالِج ويجري عمليات، ويصرف أدوية ضارة وهو لا يعرف لا شك أنه يضمن؛ لأنه قاتل، وإن لم يكن قتله عمدًا، فيُدرَأ عنه القصاص، لكنه مُفرِّط في قتل هذا الشخص، فهو قاتل يثبت في حقه الدية والكفارة، وإن كان الحديث ضعيفًا، لكن الأئمة اتفقوا على الحكم بضمانه، الحكم بضمانه، كثير من الجهلة يتطاولون على أشياء يترتب عليها أشياء، يترتب عليها أحكام.

 طيب شخص تصدَّر للفتوى وهو جاهل، فأفتى بأن فلانًا عليه دم، والصواب أنه ما عليه شيء، يضمن هذ المفتي هذا الدم، وهكذا.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.