شرح المنظومة الميمية في الآداب الشرعية (1)

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال العلامة حافظ حكمي -رحمه الله تعالى-:

المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد    لله رب العالمين على
ذي الملك والملكوت الواحد الصمد الـ
من علم الناس ما لا يعلمون وبال
 ثم الصلاة على المختار أكرم مبـ
 والآل والصحب والأتباع قاطبة
 ما لاح نجم وما شمس الضحى طلعت
 وبعد من يرد الله العظيم به
وحث ربي وحض المؤمنين على
وامتن ربي على كل العباد وكل
يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت
كذاك في عده الآلاء قدمه
وميز الله حتى في الجوارح ما
وذم ربي تعالى الجاهلين به
وليس غبطة إلا في اثنتين هما الـ
ومن صفات أولي الإيمان نهمتهم
العلم أغلى وأحلى ما له استمعت
العلم غايته القصوى ورتبته الـ
العلم أشرف مطلوب وطالبه
العلم نور مبين يستضيء به
العلم أعلى حياة للعباد كما
ج

 

آلائه وهو أهل الحمد والنعمِ
بر المهيمن مبدي الخلق من عدم
بيان أنطقهم والخط بالقلم
عوث بخير هُدىً في أفضل الأمم
والتابعين بإحسان لنهجهم

وعد أنفاس ما في الكون من نسم
خيراً يفقهه في دينه القيم

 تفقه الدين مع إنذار قومهم
الرسل بالعلم فاذكر أكبر النعم
على نبيك أعني سورة القلم
ذكراً وقدمه في سورة النعم
منها يعلم عن باغٍ ومغتشم
أشد ذمٍ فهم أدنى من البهم
إحسان في المال أو في العلم والحكم
في العلم حتى اللقى أغبط بذي النهم
أذن وأعرب عنه ناطق بفم
علياء فاسعوا إليه يا أولي الهمم
لله أكرم من يمشي على قدم
أهل السعادة والجهال في الظلم
أهل الجهالة أموات بجهلهم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، أما بعد:

فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-: في منظومته الميمية في الوصايا والآداب العلمية:

بسم الله الرحمن الرحيم

افتتح بالبسملة، وثنى بالحمدلة، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاء في ذلك من الفضل بذكر الله -جل وعلا-، وإن كان ما جاء بخصوص البسملة والحمدلة والصلاة والتشهد كل ما جاء في هذا ضعيف، على خلاف بلفظ الحمدلة حيث حسنه بعض أهل العلم، كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر، هذا حسنه النووي وابن الصلاح، وجمع من أهل العلم، وحكم كثير من أهل العلم على الحديث بجميع طرقه وألفاظه بأنه ضعيف، وعلى كل حال القرآن الكريم مفتتح بالبسملة والحمدلة، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء فضلها في نصوص كثيرة.

يقول -رحمه الله تعالى-:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين على

 

آلائه...............................

يعني نعمه، على نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، فقد أسبغ النعم على عباده الظاهرة والباطنة، والتي أعظمها على الإطلاق نعمة الإسلام.

...................................

 

.............وهو أهل الحمد والنعمِ

 

هو أهل الحمد، وهو المنعم وهو المتفضل بهذه النعم الكثيرة.

"ذي الملك" بدل من لفظ الجلالة المجرور باللام "ذي الملك والملكوت" والملكوت هو الملك إلا أنه يضاف إليه الواو والتاء للمبالغة، فيقال في الملك: ملكوت، ويقال للجبار والجبر: الجبروت "الواحد الفرد" الذي لا إله غيره "الصمد" الذي تصمد إليه الخلائق، وهو القائم بأمورها وشؤونها "البر" الجامع لأنواع البر "المهيمن" "مبدي الخلق من عدم" منشئهم من عدم، ابتدأهم من لا شيء.

"من علم الناس ما لا يعلمون" علم الناس كلهم، واختص المسلمين منهم بالعلم النافع، وعلمهم أيضاً كما علم غيرهم من أمور الدنيا، وغيرهم يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وإن لم يعلموا باطنها {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [(7) سورة الروم] هؤلاء الأمم والحضارات التي تقدمت في هذه الأزمان وهذه العصور على المسلمين بمراحل كثيرة لا يعلمون من الدنيا أما في أمور الدين لا يعلمون شيئاً، لكن لا يعلمون من أمور الدنيا إلا الظاهر؛ لماذا؟ لأنه لو علموا باطن الدنيا وحقيقة الدنيا لأسلموا، إنما علموا من أمور الدنيا ما لا ينفعهم، إذ لو نفعهم علمهم لقادهم إلى الإسلام {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [(7) سورة الروم] فعلمهم علم ظاهر لا باطن.

"من علم الناس ما لا يعلمون" سواءً كان في أمور الدين أو في أمور الدنيا "وبالبيان أنطقهم" بالبيان بالإعراب عما في قلوبهم بواسطة ألسنتهم أنطقهم، وميزهم بذلك عن غيرهم من المخلوقات، ميز الإنسان بالنطق عن سائر المخلوقات.

من علم الناس ما لا يعلمون وبالـ

 

بيان أنطقهم والخط بالقلم

يعني علمهم الخط بالقلم، والخط هو البيان الثاني بعد اللسان، وقد يكون أبلغ من اللسان عند كثير من الناس كتابته أبلغ من كلامه، وبعض الناس كلامه أبلغ من كتابته.

"ثم الصلاة على المختار" النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي اختاره من بني هاشم، واختار بني هاشم من قريش، واختار قريش من العرب، والعرب من سائر المخلوقات، فهو صفة الصفوة، وهو المختار خلاصة المخلوقات -عليه الصلاة والسلام-.

ثم الصلاة على المختار أكرم مبـ

 

عوث..............................

أكرم مبعوث، وأكرم مخلوق -عليه الصلاة والسلام-، سيد ولد آدم "بخير هدي" بملة الإسلام، بالدين الذي لا يقبل الله من أحد سواه "بخير هدي في أفضل الأممِ" أمة محمد -عليه الصلاة والسلام- هي أفضل الأمم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [(110) سورة آل عمران] فهي خير الأمم، وهي أفضل الأمم، وهي أشرف الأمم بهذا النبي الكريم، وبهذا الكتاب العظيم {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [(44) سورة الزخرف] لشرف لك ولقومك، فشرف هذه الأمة باقتدائها بنبيها، وبتمسكها بكتاب ربها، واعتصامها بسنة نبيها -عليه الصلاة والسلام-.

هذه هي الخصيصة التي بها كرمت وفضلت على سائر الأمم، ومن أعظم الشعائر التي تميزت بها هذه الأمة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي هي سبب تفضيلها على سائر الأمم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [(110) سورة آل عمران] فقدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله -جل وعلا- لأنه هو الذي يميز هذه الأمة عن سائر الأمم، وإلا سائر الأمم فيهم المؤمنون؛ لماذا لا يتساوى المؤمن بإبراهيم المؤمن بموسى المؤمن بعيسى المؤمن بغيرهم من الأنبياء بالمؤمنين من هذه الأمة؟ هذه الأمة أفضل وأكرم وأشرف على الله -جل وعلا-؛ لأن هذه الشعيرة لا توجد عند غيرها، والإيمان وإن كان موجوداً إلا أنه هو الأصل ولا يصح عمل بدونه، فهذه الخصيصة هي التي امتازت بها هذه الأمة، وصارت سبباً لتفضيلها على غيرها.

..........................أكرم مبـ
والآل..............................

 

عوث بغير هدي في أفضل الأممِ
...................................

يعني الصلاة على المختار على النبي -عليه الصلاة والسلام- "ثم الصلاة على المختار أكرم مبـ * عوث بخير هدي في أفضل الأمم".

والآل والصحب والأتباع قاطبة
ما لاح نجم وما شمس الضحى طلعت

 

والتابعين بإحسان لنهجهم
وعد أنفاس ما في الكون من نسم

صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى صحابته، وعلى آله وعلى أتباعهم إلى يوم القيامة، لكنه أفرد الصلاة دون السلام، والامتثال -امتثال الأمر- في قوله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] إنما يتم بالجمع بينهما، بين الصلاة والسلام، والسبب في ذلك طول الكلام، أطال الكلام المتعلق بالصلاة فنسي أن يختم بالتسليم، وهذه العادة أن الإنسان إذا أطال مثل ما فعل مسلم سطرين في الصلاة فنسي السلام، وتعقبه النووي في شرحه، وأطلق الكراهة في إفراد الصلاة دون السلام، وإن كان الحافظ ابن حجر -رحمه الله- يخص الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، من كان ديدنه ذلك يتجه القول بالكراهة بالنسبة له، وأما من كان يجمع بينهما تارة، ويصلي تارة، ويسلم تارة، هذا لا يتجه القول بالكراهة بالنسبة له.

"والآل والصحب" إذا جمع اللفظان حُمل الآل على الأقربين، نساؤه، أزواجه وذريته وأقاربه، ولهم حق عظيم على هذه الأمة، فهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن حقهم أن يصلى عليهم، ويسلم عليهم تبعاً له، لا على جهة الإفراد دونه، فالعرف العلمي خص الصلاة والسلام بالنبي -عليه الصلاة والسلام- استقلالاً، وإن جاز عطف غيره تبعاً له، يجوز عطف غيره تبعاً له، أما على سبيل الاستقلال فالمسألة خلافية بين أهل العلم ما لم تكن شعار لشخص بعينه، فلا يقال أبو بكر -صلى الله عليه وسلم- دون غيره، ولا يقال عمر -صلى الله عليه وسلم- دون غيره، ولا يقال: علي عليه السلام وعليه الصلاة والسلام دون غيره وهكذا، لكن من أهل العلم من يتسامح إذا فعله مع الجميع أحياناً لا يكون دائماً يكون أحياناً، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم صلِ على آل أبي أوفى)) يستدل به من يقول بالجواز، وإن كان امتثالاً للأمر في قوله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] هذا الأمر لمن دفع الزكاة يصلى عليه، اللهم صلِ على فلان، أو على آل فلان امتثالاً للأمر، وهذا خاص في هذا الموضع، أما ما عداه فلا يصلى إلا على النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أنه لا يقال: محمد -عز وجل- وإن كان عزيزاً جليلاً، لكن العرف عند أهل العلم خص هذا بالله -جل وعلا-، الترضي خصوه بالصحابة، والترحم على من جاء بعدهم.

"والآل والصحب" الآل أصله أهل، ولذا يصغر على أهيل، ومنهم من يقول: من أول من الهمزة والواو واللام؛ لأنه يؤول إليهم، ويؤولون إليه، يرجع إليهم، ويرجعون إليه أهله منهم من هو من أصوله، ومنهم من هو من فروعه، فهو يرجع إليهم ويؤول إليهم، ومنهم من يقول: أصله أهل، والخطب سهل.

"والآل والصحب" الصحب: جمع صاحب كركب جمع راكب، وهو من رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمناً به، ومات على ذلك "والأتباع" يعني من تبع هؤلاء بإحسان إلى يوم الدين "والأتباع قاطبة" يعني جميعاً "والتابعين بإحسان لنهجهم" الأتباع والتابعين تكرار وإلا ليس بتكرار؟ يعني إذا قلنا: الأتباع المراد بهم واحدهم تابعي، وهو من لقي الصحابة، التابعين لهم من جاء بعدهم، نقول: هذا ليس بتكرار، وإذا قلنا: الأتباع يشمل التابعين، ومن جاء بعدهم قلنا: والتابعين زيادة تأكيد، لكن حمل كل لفظ على حقيقة أولى، فنقول: الأتباع: جمع تابعي، وهو من رأى الصحابي حال كونه مؤمناً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ومات على ذلك فهو تابعي.

والتابعين بإحسان، يعني إلى يوم القيامة، من هذه الأمة.

"والتابعين بإحسان لنهجهم" يعني على طريقتهم، على ما كان عليه أولئك السلف الأوائل.

"ما لاح نجم" لاح يعني ظهر ولمع "نجم وما شمس الضحى طلعت" شمس الضحى تخصيص شمس الضحى دون شمس أول النهار وشمس العصر لأنها أقوى، الشمس في رابعة النهار أقوى منها في أول النهار وآخره ولذلك تخصص دائماً.

..........وما شمس الضحى طلعت

 

وعد أنفاس ما في الكون من نسمِ

"عد أنفاس ما في الكون من نسم" هذه مبالغة في الكثرة؛ لأنه من صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- مرة صلى الله عليه بها عشراً، فكم يكون عد ما في..، "وعد أنفاس ما في الكون من نسمِ" أجور عظيمة يحرمها الغافل، لكن هل يتحقق في الإجمال ما يتحقق في التفصيل؟ نعم؟ يعني يتحقق في الإجمال ما يتحقق في التفصيل؟ يعني بدلاً من أن تقول عشر مرات: اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك محمد عشر مرات تقول: اللهم صل على محمد عدد رمل عالج، يتحقق هذا وإلا ما يتحقق؟ نعم؟

طالب:.......

إذا كان من الوارد في النصوص: ((عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، ورضا نفسه)) هذا ما فيه إشكال، لكن غير وارد يعني بإمكانك أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عدد خلقه، ورضا نفسه، ومداد كلماته، وزنة عرشه ليحصل لك الأجر العظيم؟ في الوارد نعم ما في إشكال، يعني في الوارد؛ لأنه لو لم يترتب عليه الأثر ما جاء الحث عليه، لكن كون الإنسان يشبك ويلحق هذه الأعداد بذكر ورد مفرداً ومجرداً، يعني لو تقرأ الفاتحة مثلاً مرة واحدة، أو تقرأ قل هو الله أحد تقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [(1-4) سورة الإخلاص] عدد رمل عالج يحصل وإلا عدد الخلق؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

باللفظ، لا بد أن يؤتى به باللفظ، لكن التسبيح؟ الله أكبر عدد رمل عالج.

هاه؟

طالب:.......

إيه، لكن يحصل العدد وإلا ما يحصل؟ نعم؟

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

هو لا يشك أحد في فضل الله -جل وعلا- وسعة جوده وكرمه ما نشك في هذا، لكن الكلام المسألة مسألة اتباع، يعني وعد أنفاس ما في الكون من نسم، هو يريد الكثرة الكاثرة، وأجورها على الله -جل وعلا- بقدر ما يكتبه للإنسان، وقد يكتب للإنسان بلفظ واحد ما لا يكتب لغيره بألفاظ بحسب ما يستحضره من معاني، نعم بينما أرشد إلى قوله: ((سبحان الله... عدد خلقه، ورضا نفسه، ومداد كلماته، وزنة عرشه)) إلى آخر الباقيات الصالحات، لكن إذا قلنا: إن هذا التكثير هم يفرقون بين العدد الإجمالي والعدد التفصيلي، يعني إذا قلت: استغفر الله ثلاثاً، يحصل به الأجر؟ ما يحصل، ولذلك بين الراوي تقول: استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، فالإجمال لا يحصل به التفصيل إلا إذا ورد فيه نص، ما يحصل ما رتب به على التفصيل إلا إذا ورد به نص، وعلى كل حال هذه الأعداد التي ذكرها لا شك أنه يثاب عليها؛ لأن قصده التكثير من هذه الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- التي جاء الحث عليها.

نعم؟

طالب:.......

يعني هذه مصدرية، نعم.

...................................

 

وعد أنفاس ما في الكون من نسمِ

 

"وبعد" الأصل أما بعد، السنة المأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أما بعد، رويت عنه من أكثر من ثلاثين صحابياً، ويستعملها في خطبه ومكاتباته، فالإتيان بها سنة للانتقال من أسلوب إلى آخر.

وبعد من يرد الله العظيم به

 

...................................

لو جاء بـ(أما) التي هي حرف شرط وتفصيل لاقترن جوابها بالفاء، ومن المتأخرين من يرى أن الواو تقوم مقام (أما) ونص عليه الزرقاني في شرح المواهب، يقول: إنها تقوم مقام (أما).

"وبعد" يبنى على الضم لأنه حذف المضاف ونوي معناه.

..............من يرد الله العظيم به

 

خيراً يفقهه في دينه القيمِ

هذا يدل عليه حديث معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-، وجاء عن غيره من الصحابة: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) بجميع أبوابه، يفقهه في الدين بجميع أبوابه، لا أن الحديث محصور على الفقه بالأحكام العملية، وإن كان الفقهاء يصدرون كتبهم بهذا الحديث، وإلا فالعقائد هي الفقه الأكبر عند أهل العلم، ودخولها في الحديث دخولاً أولياً كغيرها من أبواب الدين.

وبعد من يرد الله العظيم به

 

خيراً يفقهه في دينه القيمِ

ذكرنا مراراً أن من لم يتفقه في الدين هل أريد به شر أم أنه لم يرد به خير في هذا الباب، وإن أريد به خير من أبواب أخرى؟ وقلنا: إن بعض عامة المسلمين من لا يقرأ ولا يكتب ولم يتفقه ولا يعرف حكم، ومع ذلك عنده من أعمال الخير وضرب من أبواب الخير بحظ وافر بكثير من أبواب الخير، تجده صاحب صلاة وصيام وأذكار ونفقات، وقد يكون ضارب بسهم في جهاد ونحوه وبر وصلة وحج وغيره من أعمال الخير، نقول: هذا من هذا الباب باب الفقه وباب العلم هذا ما أراد الله به خيراً، لو أنه أراد به خيراً لوجهه إلى هذا، وإن أراد به خيراً من جهات أخرى.

قد يقول قائل: ((من يرد الله به خيراً)) نكرة في سياق الشرط فتعم الخير كله، يفقهه في الدين، هل نقول: إن هذا لم يرد به خير ولو أنفق ولو جاهد ولو صلى ولو صام أنه ما أريد به خير؟ نكرة في سياق الشرط تعم أنواع الخير، نقول: وإن كان اللفظ عاماً إلا أنه جاء ما يخصصه؛ لأن الشرع جاء بالحث على هذه الأبواب كلها، فمن امتثل هذا الحث وهذه الأوامر فهو على خير بلا شك، نعم؟

طالب:.......

طيب، لكنه ما تفقه، نتفق على أنه ما تفقه، وإن عبد الله فعلى جهل، لا بد أن يعتري عبادته ما يعتريها، نقول: وإن كان اللفظ يفيد العموم إلا أنه جاء ما يخصصه بنصوص أخرى، جاء الحث على نوافل العبادات صيام صدقة صلاة حج جهاد بر صلة هذا كله خير بالنصوص خير، وإنما جاء هذا اللفظ للعناية بشأن العلم والفقه في الدين.

"يفقهه في دينه القيمِ" {دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [(161) سورة الأنعام] نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

يعني هم أفضل من غيرهم؟

طالب:.......

هذه خيرية نسبية في هذا الباب، وقد يكون خير في هذا الباب وشر في أبواب أخرى، وإن كان من وصف بالشر قد لا يتصف بالخير الموجود هنا؛ لأن الفقه ما نفع، لا يلزم أن يكون فقيهاً ولو عرف الأحكام بأدلتها إذا لم يعمل بعلمه.

"في دينه القيم".

وحث ربي وحظ المؤمنين على

 

تفقه الدين مع إنذار قومهم

مع إنذار{فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ} [(122) سورة التوبة] يقول:

وحث ربي وحظ المؤمنين على

 

تفقه الدين مع إنذار قومهم

يعني الإنسان إذا تعلم عليه أن يُعلّم، وقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم أن يبينوا للناس ولا يكتمون.

وامتن ربي على كل العباد وكل

 

الرسل بالعلم فاذكر أكبر النعم

ج

أكبر النعم أن تعبد الله -جل وعلا- وتحقق ما خلقت له على بصيرة، وهذا لا يتأتى إلا بالعلم المقرون بالعمل.

يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت

 

...................................

يكفيك لوما نزل إلا سورة اقرأ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [(1) سورة العلق].

يكفيك في ذاك أولى سورة نزلت

 

على نبيك أعني سورة القلم

"كذاك في عده الرحمن" كذلك في عده الآلاء "قدمه" {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [(4) سورة الرحمن] هو علم، يعني افتتح هذه السورة سورة الآلاء سورة النعم {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(13) سورة الرحمن] افتتحها بالعلم والتعليم.

"كذاك في عده الآلاء" النعم "قدمه" قدم العلم "ذكراً وقدمه في سورة النعم" وقدمه في سورة النعم، سورة النعم هي سور النحل، بسبب ما عدد الله -جل وعلا- فيها من نعمه على عباده، وأي آية تدل على العلم في سورة النحل؟ {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(7) سورة الأنبياء] نعم؟

طالب:.......

ارفع ارفع صوتك؟

طالب:.......

أيوه؟

طالب:.......

طيب؛ لأنه لو قلنا: إنه قوله -جل وعلا-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل] يشترك معها سورة الأنبياء، في سورة الأنبياء أيضاً: {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [(78) سورة النحل] هذه تدل على العلم؟ امتنان بالعلم.

وميز الله حتى في الجوارح ما

 

منها يعلم عن باغ ومغتشمِ

 

الجوارح من الكواسر الطيور ومن الوحوش، من الحيوانات المتعلم منها مميز على غيره، الكلب أنجس المخلوقات، ولذا جاء غسل ما ولغ فيه سبعاً، ويعفر بالتراب سبع، والنجاسات المغلظة العذرة يكفيها الثلاث، والكلب نجاسته مغلظة جداً، لا بد من غسل ما ولغ فيه سبعاً، ويؤكل ما يصيده إذا تعلم، إذا اتصف بالعلم ومع أن من الحيوانات من الوحوش ما هو أطهر منه، ما هو خير منه، الكلب ضُرب به أبشع الأمثلة {إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} [(176) سورة الأعراف] العالم الذي يعلم ثم لا يعمل، أو يعمل بخلاف علمه الذي يعود في هبته مثله كمثل الكلب، ليس له إلا مثل السوء، ولو كان هناك أقبح وأشنع منه مُثل به، ومع ذلك تشرف بالعلم، فيؤكل ما يصيده.

وميز الله حتى في الجوارح ما

 

منها يعلم عن باغ ومغتشمِ

الأسد ملك الوحوش الكلب المعلم أفضل منه.

وذم ربي تعالى الجاهلين به

 

أشد ذمٍ فهم أدنى من البهمِ

{أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [(179) سورة الأعراف].

وليس غبطة إلا في اثنتين هما

 

الإحسان في المال أو في العلم والحكمِ

وليس غبطة إلا في اثنتين ((لا حسد إلا في اثنتين)) لا حسد يعني لا غبطة، الحسد المذموم الذي يُتمنى فيه زوال النعمة عن الغير هذا محرم، ويأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، لكن الحسد الممدوح هنا هو الغبطة ((لا حسد)) يعني لا غبطة ((إلا في اثنتين)) يعني في خصلتين ((رجل آتاه الله الحكمة فهو يعلمها، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه)) نعم؟

طالب:.......

إيش؟

طالب:.......

لأن الحسد ينقسم إلى التمني يجمعه التمني، التمني يجمع النوعين، ثم بعد ذلك إن صاحبه تمني زوال النعمة عن غيره فهو المذموم، وإن صاحبه بقاء النعمة على المنعم عليه وتمني مثلها له هذا محمود.

وليس غبطة إلا في اثنتين هما
ومن صفات أولي الإيمان نهمتهم      
ج

 

الإحسان في المال أو في العلم والحكمِ
في العلم حتى اللقى أغبط بذي النهمِ

أغبط أفعل تفضيل من الغبطة، هؤلاء المنهومين بالعلم الشرعي، الذين يقصدون به وجه الله -جل وعلا-، ويقصدون به إخراج أنفسهم من ظلمات الجهل، ونفع غيرهم بنور العلم، هؤلاء المتصفون بهذه هم المؤمنون حقاً؛ لأنهم يعبدون الله -جل وعلا- على بصيرة، ويُعلمون غيرهم.

ومن صفات أولي الإيمان نهمتهم

 

 في العلم حتى اللقاء..............

يعني لا ينقطع ولا ينقضي أمد التعلم، إنما هو من حصول الآلة كما تقدم من التمييز إلى الوفاة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ} [(99) سورة الحجر] لأنه عبادة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [(99) سورة الحجر] ومن أعظم ما يتعبد به الرب -جل وعلا- العلم الشرعي المورث للخشية، وليست له نهاية.

العلم أعلى وأحلى ما له استمعت

 

أذن وأعرب عنه ناطق بفم

هذا عند من؟ هذا بالنسبة لمن؟ لمن تلذذ بالعلم؛ لأن العلم كغيره من التكاليف عبادة من العبادات، في أول الأمر جهاد، ثم بعد ذلك يتلذذ به طالبه، فيصير عنده أفضل مسموع تطرب الأذن لسماعه، ويتلذذ اللسان بالنطق به، وهذا شيء جربه من جربه، وطالب العلم حتى العالم إذا كان له نصيب من ازدياد في العلم والتعليم وجد هذه اللذة، ويتعجب الناس من الصبر والجلد عند بعض المتعلمين وعند بعض المعلمين، تجد بعض أهل العلم يتمنى ألا يوجد وقت عنده إلا ويصرف في العلم، والأمثلة موجودة ولله الحمد، يعني يوجد في المتقدمين كثير، كثير في الأئمة من الصادقين، ومن جاء بعدهم وقتهم كله للعلم والتعليم، للعلم والعمل، يوجد مثلاً على سبيل المثال الطيبي شرف الدين الطيبي، يجلس من بعد صلاة الفجر إلى أذان الظهر للتفسير لتفسير القرآن، وبعد صلاة الظهر إلى أذان العصر لصحيح البخاري، وبعد صلاة العصر إلى أذان المغرب لكتاب آخر نسيته، وهكذا هذا ديدنه، إلى أن قبض وهو ينتظر صلاة الظهر بعد فراغه من درس التفسير في يوم من الأيام في المسجد، هذا تلذذ، بعض شيوخنا الذين ذهبوا ودرجوا، وبعضهم ممن يوجد الآن على هذا..، عنده استعداد يدرس عشرة دروس باليوم، النووي اثنا عشر درس باليوم، الآن يوجد عندنا من المشايخ يدرس ليل نهار يدرس ولا يمل، والشباب الذين حوله يخدمونه يملون، يتناوبونه مناوبة، وطلاب العلم بعضهم ما شاء الله من حلقة إلى درس، ومن مسجد إلى مسجد، وبعد ذلك إذا ذهب إلى البيت الكتاب بيده، والحفظ والفهم والمراجعة مراجعة الكتب، وواحد من شيوخ شيوخنا ليلة زواجه لما اضطجع وأوى إلى فراشه مع عرسه تذكر آية فأشكلت عليه فنزل إلى المكتبة ومن تفسير إلى تفسير إلى أن أذن الفجر، العلم العلم يعني يصل إلى حد تتمنى أنه لا يوجد في الوجود غيره، يعني مر على بعض من كان له نهم بالمطالعة والقراءة أنه إذا أذن تعجب كيف أذن تو إحنا مصلين، لكن إذا أكمل الكتاب الذي بيده وانقطع يوم أو يومين أو ثلاثة الاستئناف من أصعب الأمور، وعلى طالب العلم أن يواصل لا يفتر؛ لأنه إذا فتر المعاودة صعب، والله المستعان.

العلم أعلى وأحلى ما له استمعت

 

أذن وأعرب عنه ناطق بفمِ

تسمعون بعض المشايخ وهو يقرر بعض المسائل العلمية يعني تتمنى ألا يسكت، وبعضهم مجرد ما تسمع الجملة الأولى منه ينبو عنه سمعك، وتنفر منه أذنك، وتتمنى أن يسكت ولا يتكلم؛ لماذا؟ لأن هذا أخذ العلم على الجادة، وحفظ وفهم على الأصول، وعلى القواعد المقررة عند أهل العلم، وبعضهم ثقافات من كل علم، وإذا أراد أن يتكلم بمسألة شرعية النص لا يحضره، وكلام أهل العلم الذي فيه القوة والمتانة ما حفظ منه شيء، وإذا..، مع الأسف أن بعضهم يسأل سماعاً ثم يأخذ يلت ويعجن يروح يمين يسار، ثم بعد ذلك إذا فرغ عنه يكون طلاسم؛ لأن بعضهم يستفتي بعض الناس بعض القنوات أو بعض الآلات بشريط مثلاً، ثم يفرغ عنه طلاسم، تجده ألفاظ ما لها قيمة، فأين هو من هذا الكلام؟

العلم أعلى وأحلى ما له استمعت

 

أذن وأعرب عنه ناطق بفمِ

هذا كل إنسان يدركه، يعني طالب العلم المبتدئ يميز، العوام يميزون أن هذا يعي ما يقول، وهذا لا يعي ما يقول وإن تكلم، وإن أضفيت عليه الألقاب، ما يمشي هذا حتى على العامة.

العلم غايته القصوى ورتبته العُليا

 

...................................

أو العَلياء؟ لأن مقابلة القصوى العُليا، لكن الغاية عالية رفيعة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [(11) سورة المجادلة] درجات من درجات الجنة، ما هي بالدرجات اللي ارتفاعها شبر أو دون من الشبر، يعني بين الدرجة والدرجة من درجات الجنة مثل إيش؟ ما بين السماء والأرض، درجات درجات يعني ما هي المسألة..، درجة واحدة ترفعك إلى شيء لا يخطر على بالك، فكيف بالدرجات؟!

...................................

 

فاسعوا إليه يا أولي الهمم

"فاسعوا إليه" يعني إلى العلم يا أصحاب الهمم العالية، دون الهمم الدنيئة الوضيعة التي تقنع بالدون، تقنع باليسير، لا تقنعوا باليسير، فاسعوا إلى غايته القصوى.

"العلم أشرف مطلوب" لكن المقصود به العلم النافع الذي يورث الخشية لله -جل وعلا- {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فالذي لا يخشى الله -جل وعلا- علمه ليس بعلم، حصر حقيقي {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فالذي لا يخشى الله -جل وعلا- ليس من أهل العلم وإن ادعى ذلك، وإن حمل ما حمل من المسائل، وإن تفنن وإن ضرب من كل علم بطرف، لكنه إذا لم يورثه هذا العلم خشية الله -جل وعلا- فليس بعلم.

العلم أشرف مطلوب وطالبه

 

 

لله.................................

يعني مخلصاً فيه لله -جل وعلا- "أكرمُ من يمشي على قدمِ" فإذا تمايزت الوحوش بالعلم فلأن يتمايز المكلفون به من باب أولى.

العلم نور مبين يستضيء به

 

أهل السعادة.......................

ج

يعني هم أهل العلم "العلم نور مبين يستضيء به * أهل السعادة" يعني السعادة في الدارين، لا يظن كما يظن بعض الجهال أن انحباس الإنسان على كتبه وتركه ما يتداوله الناس من ملذوذات الدنيا ومتعها الزائلة لا يظنه حبس؛ لأن بعض الناس ينعى على بعض الناس أنه والله مسكين محجور بها البيت لا يروح ولا يجي، وما غير كتاب ومن كتاب إلى كتاب، وين الناس؟ وين الوناسات؟ وين الاستراحات؟ هم أهل السعادة، لكن ما يدرك هذا.

العلم نور مبين يستضيء به

 

أهل السعادة.......................

ج

السعادة في الدارين، ويراد بذلك أهل العلم الذين طلبوه لله -جل وعلا-، وعملوا به لا يقال، ولا يماري به، ولا ليجادل به؛ لأنه سيأتي في كلام الشيخ الآفات التي تعتري طالب العلم.

ومن يكن ليقول الناس يطلبه

 

أخسر بصفقته في موقف الندمِ

يتبين على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، لكن أهل السعادة هم الذين طلبوه لله -جل وعلا- خالصاً لوجهه وعملوا به.

"والجهال في الظلم" الجهال الذين لا يتعلمون في ظلم، وهذا واضح، يعني مثل ما ضرب أبو بكر الآجري في كتابه أخلاق العلماء مثال، قال: فضل العلماء على غيرهم كمثل قوم ساروا في مهلكة مهيعة، وادٍ فيه سباع وحيات وأشجار وصخور يسيرون في ليلة مظلمة، فإن سلم من حية نهشه سبع، وإن سلم منهما كسرت رجله حصاة، وما أشبه ذلك، أو وقع على وجهه فجرح، فيأتي شخص بيده مصباح يتقدمهم ينظرون بواسطة مصباحه حتى يخرجوا من هذه الأرض المهلكة، هذا صاحب العلم وهذا الجاهل، وتجد الجهال يتصرفون تصرفات لا يعلمون مدى خطورتها، ويتعاملون بمعاملات يجهلون حكمها، وفي النهاية يقعون في المحرمات والمحظورات.

"والجهال في الظلمِ".

العلم أعلى حياة للعباد كما

 

أهل الجهالة أموات بجهلهم

"العلم أعلى حياة للعباد" هذا الحي حياة تنفعه، حياة سعيدة لا حياة شقاء وتعاسة.

"كما * أهل الجهالة أموات بجهلهم"

لا سمع لا عقل بل لا يبصرون.....

 

 

...................................

يعني ليس لهم سمع ولا عقل، ولا أعين يبصرون بها؛ لأنها وإن وجدت هذه الحواس إلا أن وجودها مثل عدمها، ولذا نفاها الله -جل وعلا- عن من لا يستفيد منها.

"وفي السعير" في جهنم -نسأل الله العافية- "معترف كل بذنبهم" يعترفون بذنوبهم؛ لأنهم انصرفوا عن الدين لا يتعلمونه ولا يعملون به، إلا عمل لا يوافق مراد الله -جل وعلا-، وذُكر من النواقض الانصراف بالكلية عن الدين لا يتعلمه ولا يرفع به رأساً، ولا يعمل به، هذا لا شك أنه لا حظ له من الدين، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"

يقول هذا: حديث: ((لا يقاد الوالد بولده)) هل هو صحيح عند أهل العلم للحديث الشريف؟

نعم ثابت عندهم يصل إلى درجة الاحتجاج.
ومعناه: إذا قتل الوالد ولده لا يقتص من الوالد، وهل يحاسب الوالد على قتله ولده يوم القيامة أم لا يحاسب؟
المسألة مفترضة في والد سوي، أما في والد ذهب عقله بتأثير شهوة، أو مأكول أو نحوه أو مشروب كثرت هذه الجرائم بسبب ما يحصل من الآباء من مخدرات، وما أشبه ذلك، وما يحصل من الأولاد من مخالفات؛ لأنه وجد من قتل ولده غيرة على محارمه، وحصل قضايا، لكنها يعني ما زالت قليلة -ولله الحمد-، قد توجد في مجتمعات أخرى، المقصود أنه يقتله إما لمؤثر في عقله، أو لغيرة، أو ما أشبه ذلك، أو لتأديب زاد فيه فوصل به إلى حد القتل، أو ما أشبه ذلك، فمثل هذا يتجه مثل تطبيق هذا الحديث، من أهل العلم من يقول: إذا قصد قتله من غير سبب، وأضجعه وذبحه كما تذبح الشاة هذا يقول: ليس له مبرر، ولا يدل عليه أن هناك تحقق لهذه الأبوة، فوضعهم كوضع الأجنبي، فإذا كان ذبحه على هذه الطريقة يقاد به، أما إذا أراد تأديبه فمات من أثر تأديب، أو قتله غيرة، أو ما أشبه ذلك، أو في حالة غضب بسبب تأثير مؤثر، فأهل العلم يقولون: إنه لا يقاد به، كونه يحاسب الوالد على قتل ولده بلا شك، على قتل ولده يوم القيامة لا شك أنه يحاسب؛ لأنها جريمة على كل حال.

يقول: كيف الجمع بين حديث: ((على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض أحد منه عليها)) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام- وبين حديث الجساسة

وهو يدل على وجود الدجال، والأول ينفي وجوده، وقد استشهد الشيخ ابن عثيمين بالحديث الأول، واستشهد أحد المشايخ الفضلاء بالحديث الآخر؟
على كل حال لا منافاة بينهما؛ لأن الحديث الأول على وجه الأرض، وحديث الجساسة في البحر.

هل يعتبر سن الثلاثين كبير على الحفظ أم فيه القدرة؟

أُعلن عن عجوز جاوزت السبعين، امرأة جاوزت السبعين أتمت حفظ القرآن، وقد بدأت به بعد الستين فلا يأس...

يقول: هل هناك طرق مجربة أو توصي بها لتربية الأولاد عن حفظ العلم وحبه؟

مسالك يسلكها المربون لتحبيب الطلاب بالعلم من ضروب الترغيب والترهيب، وهذه الضروب ما كانت موجودة في السابق؛ لماذا؟ لأنه في السابق ليس عنده ما يشغله، إن اشتغل بتعليم وإلا اشتغل بمهنة شاقة، فذهابه للتعليم أيسر له وخير له من أن يعمل في مزرعة والده أو في متجره أو في مصنعه، فهو يرتاح بالعلم، أما الآن البديل للتعليم النوم واللعب، البديل للتعليم الآن هو النوم أو اللعب، فلا بد من أن يعان، وأن يؤخذ بيده، فإما مرة بترغيب ومرة بترهيب، ويحتاج إلى تأديب وحزم أحياناً، فبهذا يرغب -إن شاء الله تعالى- بالعلم، وهناك مواقف أحياناً تصد عن التعلم، يحصل له موقف عند المعلم إما أن يضربه أو يعامله معاملة، أو يتكلم عليه بكلام لا يحتمله، ثم يترك التعليم بالجملة، لا بد أن تعالج مثل هذه الأمور، والإشكال أنها تعالج أحياناً بأساليب غير مناسبة، يعني تساهل أكثر من اللازم، ومثل هذا لا شك أنه لا يحقق النتيجة المرجوة من هذا التساهل، نعم ينبغي أن تكون المسألة فيها شيء من التوازن، لا بد أن يكون هناك شيء من التوازن؛ لأنه نعم في السابق قد يقسو المعلم على التلميذ، ثم يخرج إلى غير بدل، لا يتعلم إطلاقاً، فيعود عامياً لا يقرأ ولا يكتب، ويشتغل بأمور أخرى، أما الآن لا توجد هذه القسوة، مُنعت هذه القسوة منعاً باتاً، وتبعاً لذلك منع جميع الأساليب التي تجبر الطالب على التعلم، ما فيه إلا ترغيب الآن، ما في شيء اسمه ترهيب، وهي ردة فعل من السابق؛ لأنه كان السابق فيه ضرب، فيه إرهاب شديد للطفل الصغير.
يعني أحمد أمين لما كتب في فيض الخاطر، كتب في الجزء الأول من فيض الخاطر، يحكي الكُتاب الذي درس فيه، وذكر من الشدة والعصي الطويلة والقصيرة، والجلوس على التراب، والسقف تنهال منه الأتربة والشرب من الماء الكدر، ذكر أشياء يعني ما يصبر عليها إلا شخص مجبور على هذا الأمر، وهذا واقع يعني ما ينكر أنه واقع.
يقول: ثم جاء الولد يعني يقصد ولده فما الذي حصل بعد الكتاب الذي تحدث عنه طويلاً في عشر صفحات؟ فجاء الولد فلما بلغ السادسة أو قبل ذلك الخامسة أو الرابعة ذهبت به إلى الروضة، فاستقبلته سيدة في فناء مزروع، وبدأ يتحدث بأسلوبه الذي أجزم أن فيه مبالغة، بالهدايا والحلوى، وما أدري المهم أنه..، وإذا حصل له أدنى شيء في اعتلال صحته لا يدخل مع باب الروضة إلا بتقرير طبي، وكنا نشرب الماء من الزير، ما أدري تعرفون الزير وإلا ما تعرفوه؟ يدخل الطالب يده إلى الكتف ليأخذ الكأس في الزير، ثم يأتي يقول: يأتي بقرص نصفه تراب، المهم أنه..، ويأتي الفقيه –السيد- يأتي بزيت، وكلهم يغترفون من هذا، المهم تحدث عن الكتاب وتحدث عن روضة الأطفال، أنا ما أدري لماذا يبالغ في ذم الكتاب، ويبالغ مبالغة شديدة في مدح روضة الأطفال، ويختم الكلام بسطر: وفي النهاية حفظت القرآن ولم يحفظ شيئاً، أنا لا أدري لماذا يبالغ في ذم الكتاب وفي النهاية حفظ القرآن والولد لم يحفظ شيئاً، يعني هل النتيجة مرة لأن الوسيلة والمقدمات كلها مرة؟ بالعكس، يا أخي الإنسان يتحمل هذه الوسيلة في سبيل الوصول إلى الغاية، وفي النهاية حفظ القرآن ولم يحفظ شيئاً، يعني هل هذا تنفير من الكتاب، وترغيب فيما مدحه وأطراه أو العكس؟ يعني لو توسط في أمره قلنا: العكس، لكن لو شفت لو قرأت الأسلوب الذي كتب به عن الكتاب ما يدخل الكتاب بعد هذا إلا إنسان لا عقل له، وفي النهاية حفظت القرآن، إلا إذا كان حفظ القرآن لا وزن له عنده، فأنت تعجب من السرد الخيالي للكتاب ولروضة الأطفال، ومع ذلك في النهاية حفظت القرآن ولم يحفظ شيئاً.
يعني الإنسان إذا أراد أن يعرض شيء له غاية وله هدف حينما يتحدث عن شيء، هل يعرض الغاية التي هي أعظم مقصود لطالب العلم حفظ القرآن يعرضها بهذه الطريقة، هل هو الآن في عرضه يحث على حفظ القرآن أو ينفر من حفظ القرآن؟ يعني الذي يقرأ العرض ينفر من الكتاتيب بحيث يجعل من يقبل دخول ولده فيها لا عقل له، وفي النهاية حفظت القرآن،... ليس بهذا، نعم لو المسألة نقد موجه إلى الكتاتيب والمطالبة بالإصلاح ما يخالف، لكن هذا أمر انتهى، يتحدث عنه بعدما انتهى.
طالب:......
لا لا، كلهم حفظوا القرآن، كلهم حتى طه حسين حفظ القرآن مرتين بهذه الطريقة، ومع ذلك أعطوا ذكاء ولا أعطوا زكا -نسأل الله العافية-، لا نقول: الجميع، لكن من قرأنا لهم تجده حفظ القرآن، ومعلم في مدرسة القضاء الشرعي، ومع ذلك عنده مخالفات كبيرة هو الذي كتبها بقلمه.