التعليق على شرح حديث (ما ذئبان جائعان) لابن رجب (04)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: نود توجيهًا لمعشر طلاب العلم في قضية مهمة أحسبها كذلك، وهي الدعوة للأقربين خاصة، وذلك لما نشاهده من ضعف في تأثير الطلاب بين مجتمعاتهم وأقاربهم، وللأسف فإن كثيرًا من المجتمعات لما غاب دور الطلاب خرج مَن يتكلم بغير علم.

الأصل في العالم وطالب العلم أنه قدوة في أقواله وأفعاله، وأنه يكون مؤتسيًا مقتديًا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ووارثًا لعلمه ودعوته {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} [سورة فصلت:33]، وقد يؤدي العالم دوره في التعليم، ويضعف في جانب الدعوة، وقد يكون بالعكس، وهذا الكلام الذي يقال ويدار من ضعف العلماء أو بعض العلماء وبعض طلاب العلم في دعوتهم للأقربين كما جاء في قوله -جل وعلا-: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [سورة الشعراء:214] والأقربون كما هو معلوم أولى بالمعروف.

ولكن نعرف من الشيوخ الكبار من بذل وحرص على الأقربين، ورتَّب لهم دروسًا مناسبة لهم، وبذل السبب، ولكن النتائج بيد الله، يعني ما طلع من أولادهم علماء، بل وجد في أولادهم ونسائهم من هو إلى العامية أقرب وإلى أفعال العامة أقرب، وقد يكون الشيخ الذي بين أظهرهم إمامًا من أئمة المسلمين، لكن هل يلام إذا بذل السبب؟ لا يلام، لا يلام إذا بذل السبب، فالنتائج والهداية بيد الله -جل وعلا-، وعرفنا من الأنبياء من لم يؤمن به أقرب الناس إليه كزوجته وولده، مع أننا نقطع ونحلف على أنه لم يقصِّر في حقهم، ونعرف من شيوخنا مَن بذل السبب، ويعتصره الألم حينما يذكر له صلاح الأولاد، لكن الأمور كلها بيد الله، الهداية بيد الله وأجره على الله إذا بذل السبب سواء اهتدوا وهو المطلوب، أو لم يستجيبوا، والأمر ليس بيده، وهو مأجور على جهاده معهم، لكن مع ذلك عليه أن يستمر في ذلك، وألا يغفل عنهم يقول: بذلت وبذلت وبذلت ما فيه فائدة، لا، يستمر في دعوتهم ونصحهم وتوجيههم وإرشادهم، ويستمر أيضًا في مراقبتهم.

فما يذكره السائل له حظ من النظر، لكن أكثر الأمور تخفى على كثير من الناس، ونشاهد في مجتمعنا وفي غيره من أولاد المشايخ من لا يكون على حد يطلبه أبوه من الاستقامة والعلم وما أشبه ذلك، لكنه ما قصَّر، بينما يوجَد في أولاد أوساط الناس وعامتهم من يحمل العلم والعمل، كل هذا بيد الله -جل وعلا-، لكن على الإنسان ألا يقصِّر في بذل ما يستطيعه من دعوة الأقربين ثم الذين يلونهم من الحي وجماعة المسجد ثم البلد، ثم ينتشر علمه في الآفاق ودعوته كذلك.

 

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-:

"وأما حرص المرء على الشرف، فهذا أشد هلاكًا من الحرص على المال، فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلوِّ في الأرض أضر على العبد من طلب المال وضرره أعظم، والزهد فيه أصعب، فإن المال يُبذَل في طلب الرياسة والشرف والحرص على الشرف على قسمين أحدَهما.."

أحدُهما.

أحسن الله إليك.

"والحرص على الشرف على قسمين: أحدُهما طلب الشرف.."

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا} [سورة النحل:76] مثله.

أحسن الله إليك.

"أحدُهما طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال."

طالب: .............

يجوز البدل، لكن هذا أسلوب القرآن يعني نعارض أسلوب القرآن بما يجوز ما يصلح، ما فيه شيء، ما فيه وجه ثانٍ يعني إذا بغينا نتأول.

طالب: .............

البدل أحدِهما مجرور، يعني لو بغيت تبدل، لكن القرآن استأنف ما أبدل.

"والحرص على الشرف على قسمين أحدُهما طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال، وهذا خطَر جدًّا وهو الغالب.."

أو خطِر.

"وهذا خطِر جدًّا وهو الغالب.."

فعِل فعِل صيغة مبالغة.

طالب: .............

نعم، ما هو بصحيح.

"يمنع خير الآخرة وشرفها وكرامتها وعزها، قال الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [سورة القصص:83] وقل من يحرص على رياسة الدنيا بطلب، وقل من يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فوُفِّق بل يوكَل إلى نفسه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن سمرة: «يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها».

قال بعض السلف: ما حرص أحد على ولاية فعدل فيها.

وكان يزيد بن عبد الله بن وهب من قضاة العدل والصالحين وكان يقول.."

وَهْب أم مَوْهَب؟

عندي وهب... أحسن الله إليك يا شيخ، نفس الطبعة هنا موهب وهنا وهب! تجيء؟!

وكان يزيد بن عبد الله بن مَوْهَب هذا الذي نحفظ.

أحسن الله إليك.

"وكان يزيد بن عبد الله بن موهب من قضاة العدل والصالحين، وكان يقول: من أحب المال والشرف، وخاف الدوائر لم يعدل فيها، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة»، وفيه أيضًا عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن رجلين قالا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أمِّرنا قال: «إنا لا نولي أمرنا هذا من سأله ولا من حرِص عليه»."

حرَص.

أحسن الله إليك.

"واعلم أن الحرص على الشرف بطلب الولايات يستلزم شرًّا عظيمًا قبل وقوعه في السعي في أسبابه، وبعد وقوعه بالخطر العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظلم والتكبُّر وغير ذلك من المفاسد، وقد صنف أبو بكر الآجري، وكان من العلماء الربانيين في أوائل المائة الرابعة مصنَّفًا في أخلاق العلماء وآدابهم، وهو من أجل ما صُنِّف في ذلك، ومن تأمَّله وعلم منه طريقة السلف من العلماء والطرائق التي حدثت بعدهم المخالفة لطريقتهم، فوصف فيه عالم السوء بأوصاف طويلة منها أنه قال: قد فتنه حب الثناء والشرف والمنزلة عند أهل الدنيا يتجمل بالعلم كما يتجمل بالحلة الحسناء للدنيا ولا يجمِّل علمه بالعمل به، وذكر كلامًا طويلاً إلى أن قال: فهذه الأخلاق وما يشبهها تغلب على قلب من لم ينتفع بالعلم، فبينا هو مقارِب لهذه الأخلاق إذ رغبت نفسه في حب الشرف والمنزلة، فأحب مجالسة الملوك وأبناء الدنيا، فأحب أن يشاركهم فيما هم فيه من منظر بهي ومركب هني وخادم سري ولباس ليِّن وفراش ناعم وطعام شهي، وأحب أن يعتنى به، وأن يسمع قوله، ويطاع أمره، فلم يقدر عليه إلا من جهة القضاء فطلبه فلم يمكنه إلا ببذل دينه، فتذلل للملوك وأتباعهم، فخدمهم بنفسه وأكرمهم بماله، وسكت عن قبيح ما ظهر من منازل أبوابهم وفي منازلهم وفعلهم، ثم زين لهم كثيرًا من قبيح فعلهم بتأويله الخطأ ليحسن موقعه عندهم، فلما فعل هذه مدة طويلة واستحكم فيه الفساد ولوه القضاء، فذُبح بغير سكين، فصارت لهم عليه منَّة عظيمة، ووجب عليه شكرهم فآلم نفسه؛ لئلا يغضبهم عليه، فيعزلوه عن القضاء، ولم يلتفت إلى غضب مولاه، فاقتطع أموال اليتامى والأرامل والفقراء والمساكين وأموال الوقف الموقفة على المجاهدين وأهل الشرف بالحرمين وأموالاً يعود نفعها على جميع المسلمين، فأرضى بها الكاتب والحاجب والخادم، فأكل الحرام وأطعم الحرام، وكثر الداعي عليه، فالويل لِمَن أورثه علمه هذه الأخلاق هذا العلم الذي استعاذ منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمر أن يستعاذ منه، وهذا العلم الذي قال فيه- عليه الصلاة والسلام-.."

العالِم وهذا العالِم..

أحسن الله إليك.

"وهذا العالِم الذي قال فيه -عليه الصلاة والسلام-: «إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه»، وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يسمع»، وكان -عليه السلام- يقول: «اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وأعوذ بك من علم لا ينفع» هذا كله كلام الإمام أبي بكر الآجري -رحمه الله تعالى-، وكان في أواخر الثلاثمائة ولم يزل الفساد متزايدًا على ما ذكرناه أضعافًا مضاعفة، فلا حول ولا قوة إلا بالله."

حسبك يكفي.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد،

فيقول المصنف -رحمه الله تعالى- في الصنف الثاني من المهلكات والمفسدات لدين المرء الواردة في الحديث: تقدم الكلام في الأولى وهي حب المال، والمسألة الثانية حب الشرف، وهو أعظم؛ لأن حب المال أمره محسوس الفائدة منه ظاهرة ومتعلِّقة بالجوارح في الغالب، لكن حب الشرف علاقته بالقلب وفساده للقلب وإفساده أظهر، فقال -رحمه الله تعالى-: "وأما حرص المال على الشرف، فهذا أشد هلاكًا من الحرص على المال" من الحرص على المال.

يجوز أخذ المال على تعليم القرآن وعلى تعليم العلم، لكن هل يجوز تعليم القرآن أو تعليم العلم ليقال: عالم؟ هذا الشرف هذا حب الشرف.

ففي بعض صور حب المال أو في كثير منها ما يجوز، لكن حب الشرف العمل القلبي الذي يزاحم الإخلاص أمره أعظم وأشد، ولذا يقول المؤلف: فهذا أشد هلاكًا من الحرص على المال، فإذا طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر يقول: "فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر على العبد"..

ماذا في النسخة الثانية..؟

فإن طلب.. يقول: "فإن طلب شرف الدنيا والرفعةِ فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر على العبد من طلب المال، وضرره أعظم" ذكرنا أن هذا علاقته بالجوارح ونفعه ظاهر، والحاجة إليه أشد أعني المال، لكن حب الشرف وذكرنا أن من أخذ الأجرة على تعليم القرآن «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله»، لكن من علَّم الناس تعلَّم وعلَّم ليقال، فهذا أحد الثلاثة الذين هم أول من تسعَّر بهم النار، نسأل الله العافية.

"فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف" فإن المال.. "أضر على العبد من طلب المال وضرره أعظم والزهد فيه أصعب" وقلنا في درس الأمس: يوجَد من الناس من المال عنده أولى عنده وأهم وأعظم من كل شيء يذل نفسه من أجل المال، ومن الناس من يبذل الأموال الطائلة من أجل أن يمدح ويثنى عليه، فهذا لون وذاك لون، ومن أهل الدنيا من فتن بهذا، ومنهم من فتن بهذا، والحرص على الشرف على قسمين.

طالب: .............

يطلب المال بالرئاسة، نعم بعض الناس يبذل ما يملك ليرأس ليحصل على المال؛ لأنه إذا تولى وصارت بيده أموال الخزائن والولايات في الجملة فيها تيسير لحصول المال، ولذلك لما دخل عبد الله بن عمر على عبد الله بن عامر يزوره وقال له: عظني قال: "لا يقبل الله صلاة بغير طُهور ولا صدقة من غلول، وكنتَ على البصرة" كنت أميرًا على البصرة، وهذه مظنة أنك.. بيت المال بين يديه ولا حسيب ولا رقيب، فبينهما تلازم في الغالب، بينهما تلازم، لكن قد ينفك هذا فتجد من المدح لا يساوي عنده شيئًا، لكن يهمه المال وتجد العكس، المال يبذله من أجل كلمة تقال فيه، والله المستعان.

"والحرص على الشرف على قسمين أحدهما طلب الشرف في الولاية والسلطان والمال، وهذا خطِر جدًّا، وهو في الغالِب يمنع خير الآخرة وشرفها وكرامتها وعزها، قال الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [سورة القصص:83]، وقل من يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات، فيوفَّق بل يوكَل إلى نفسه كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الرحمن بن سمرة: «يا عبد الرحمن بن سمرة لا تطلب الإمارة لا تطلب الإمارة أو لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وُكِلْت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها»" هذا مجرَّد السؤال يأتي لولي الأمر ويطلب الإمارة ويقول: ولني على الجهة الفلانية، لكن أشد ضررًا من هذا من يقدِّم القرابين في دينه ويتنازَل عن شيء من دينه وعلمه ليولَّى، وأنتم تسمعون بعض القرابين التي يقدمها بعض خطاب الدنيا وعشاقها تجدهم في الفتاوى يتنازلون ويتساهلون ويرضون فلانًا وعلانًا من أجل أيش؟ أن يعطى شيئًا من الولاية أو الإمارة، والله المستعان.

قال بعض السلف: ما حرص أحد على ما حرَص أحد على ولاية فعدل فيها ما يُوَفَّق لإبراء ذمته منها، لكن الذي يُطلَب للولاية ويقبلها؛ لأنها تعينت عليه، ويرى أن نفعه فيها ظاهر، وهو أولى من غيره فيها من غير تزكية لنفسه، فهذا يعان عليها.

"وكان يزيد بن عبد الله بن مَوْهَب من قضاة العدل والصالحين، وكان يقول: من أحب المال والشرف وخاف الدوائر" من أحب المال والشرف وخاف الدوائر "لم يعدل فيها" كيف لم يعدل فيها؟! من أحب المال والشرف وخاف الدوائر خاف الدوائر أن تدور عليه فيعزل عن منصبه، ما فيه توجيه إلا مثل هذا "لم يعدل فيها" يصير شحيحًا بهذه الولاية. "وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة»" يعني المسؤولية ليست سهلة، المسؤولية ليست سهلة، «كلكم راعٍ وكل مسؤول عن رعيته» يعني إذا كان {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} [سورة الصافات:24] مسؤول عن نفسك أولاً، مسؤول عمن تحت يدك من زوجتك وأولادك، مسؤول عمن ولاك الله عليهم كبرت هذه المسؤولية أو صغرت، فعلى الإنسان أن يتخفف منها بقدر المستطاع، والله المستعان.

"«إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة»" مادام الإنسان يكسب ويجني ويُمدَح ويُثنَى عليه فهو مبسوط، "«وبئست الفاطمة»" لكن النتيجة ندامة، "وفيه أيضًا عن أبي موسى الأشعري أن رجلين قالا" هما جاءا مع أبي موسى هذان الرجلان من رهط أبي موسى من الأشعريين ودخلوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أبي موس،ى وأبو موسى لا يدري ماذا يريدون، ما عرف أنهم سيسألون ولايات "أن رجلين قالا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أمِّرنا. قال: «إنا لا نولي أمرنا هذا من سأله، ولا من حرَص عليه»".

قال: "واعلم أن الحرص على الشرف في طلب الولايات يستلزم في نسخة شرًّا عظيمًا"، والأخرى حرصًا عظيمًا" وفي نسخة "ضررًا عظيمًا قبل وقوعه في السعي في أسبابه وبعد وقوعه بالخطر العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظلم والتكبر، وغير ذلك من المفاسد" يعني في بذل الأسباب، ثم أثناء بذل الأسباب للحصول على الولاية، وفي بدايات الحصول عليها وفي نهاياتها، فهي خطر عظيم كما ذكر المؤلف وغيره من أهل العلم.

طالب: .........

أولاً يوسف -عليه السلام- قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [سورة يوسف:55] لا شك أن من وجد في زمن لا يوجد من يصلح لهذه الولاية إلا هو أنه يتعيَّن عليه مع غلبة ظنه أنه يعدل فيه ويقسط، ولا يتعرض لفتن ولا غير ذلك.

قال: "وقد صنف أبو بكر الآجري كتابًا في أخلاق العلماء"، وهو مطبوع ومتداول، وفيه فوائد يجدر بطالب العلم أن يرجع إليه، وأن يقرأه أكثر من مرة، وفيه أمثلة لأنواع الناس وأقسام من يتصدون لطلب العلم ولأنواع وأصناف من العلماء، ولحاجة الأمة الماسة إلى أهل العلم، لكن المراد بهم الربانيون.

"وقد صنف أبو بكر الآجري، وكان من العلماء الربانيين في أوائل المائة الرابعة" في أواخر الثالثة وأوائل الرابعة، وهو من الآخذين عن أبي داود وغيره "مصنفًا في أخلاق العلماء وآدابهم، وهو من أجَلِّ ما صنف في ذلك"، والمصنفات في هذا الباب كثيرة، هذا من أجلها ومن أنفعها وأنفسها ما كتبه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، وأيضًا الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع وكتب كثيرة في هذا الباب.

"ومن تأمله عَلِم منه طريقة السلف من العلماء والطرائق التي حدثت بعدهم المخالفة لطريقتهم، فوصف فيه عالم السوء بأوصاف طويلة" يعني التغير في القلوب بين طلاب العلم وأهل العلم قبل وجود هذه الدراسات النظامية والشهادات العالية أمر ظاهر، نحن أدركنا شيوخًا من العلماء الراسخين لا يرضى أن يقال له: الشيخ فلان، ثم صار كلمة الشيخ وفضيلة الشيخ وفضيلة الدكتور وكذا هذه أمر لو ما تقال بعضهم يغضب، ووصل الحد- نسأل الله السلامة والعافية- بشخص صغير السن حدث حديث التخرج في الجامعة، وطُلِب لإلقاء درس أو محاضرة فقُدِّم له، جاء واحد يقدم له، هو على اليمين والذي يقدم على اليسار، وكان مع هذا الشاب ورقة فيها سيرته الذاتية ومن تحت الطاولة قدمها لهذا المقدِّم من أجل أيش؟ أن يقرأها على الناس، وليت الأمر انتهى على ذلك لما انتهى قال: هداك الله، قطعت عنق صاحبك، أنا لا أرضى بمثل هذا أين؟! نسأل الله العافية! أي فساد في القلب أعظم من هذا؟!

يعني يصل الأمر إلى هذا الحد؟! هو استدراج يتساهل الإنسان في أول الأمر ويسمع المدح والثناء ما كنا نسمع المدح والثناء من شيوخنا ولا عليهم، ثم بعد ذلك لو ما يمدح الإنسان ضاق صدره.

يقول ابن القيم: -رحمه الله- في الفوائد إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب المدح والثناء فاذبحه بسكين علمك ويقينك أنه لا أحد ينفع مدحه ولا يضر ذمه إلا الله؛ لأن القلوب تغيرت الآن لو في مجلس يقال لشخص إن الملك أو الأمير الفلاني ذكرك البارحة وأثنى عليك احتمال ما يجيئه النوم تلك الليلة، لكن هل يحسب حسابًا لقوله -جل وعلا- في الحديث القدسي: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي»؟! والله المستعان.

"ومن تأمله علم منه طريقة السلف من العلماء والطرائق التي حدثت بهم المخالِفة لطريقتهم فوصف فيه عالم السوء بأوصاف طويلة منها أنه قال: قد فتنه حب الثناء والشرف والمنزلة عند أهل الدنيا يتجمَّل بالعلم كما يتجمل بالحلة الحسناء للدنيا، ولا يجمل علمه بالعمل به".

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

بالحلة الحسناءِ..

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

المرأة؟

طالب: .........

هو الكلام على هذا العالم الذي يتجمل بالحلة الحسناء وإلا كان يقول كما تتجمل بالحلة الحسناءُ يعني من النساء.

طالب: .........

هذا الشخص من الرجال ما هو يتجمل إذا بغى يطلع للناس؟

طالب: .........

ما هو ضروري أن تكون امرأة هو نفسه يتجمل.

"وذكر كلامًا طويلاً إلى أن قال: فهذه الأخلاق وما يشبهها تغلب على قلب من لم يتضمخ" يعني يتصف ويغرق ويستغرق في العلم، وفي نسخة: ينتفع فينا هو مقارِب لهذه الأخلاق؛ إذ هبَّت نفسه في حب الشرف والمنزلة، "فأحب مجالسة الملوك وأبناء الدنيا، فأحب أن يشاركهم فيما هم فيه" {لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [سورة طـه:131] يعني الذي ينظر إلى من فوقه فسوف يزدري نعمة الله عليه، وسوف يسعى في بذل الأسباب التي توصله إلى ذلك سواء كانت من وجوه مباحة أو محرمة، لكن من العصمة ألا ترى ولا تنظر إلى هذه الأمور.

"فأحب مجالسة الملوك وأبناء الدنيا، فأحب أن يشاركهم فيما هم فيه من منظر بهي ومركب هني وخادم سري ولباس لين وفراش ناعم وطعام شهي" كلها موجودة عندهم، لكن كيف تصل إلى هذه الأمور؟ كونك لا تعرفها ولم ترها هذه عصمة لك بلا شك، لكن إذا رأيتها واشرأبت نفسك إليها وطمعت في مثلها فلا بد أن تبذل الأسباب، ومن الأسباب أن تتنازل عن شيء من دينك، وتهين نفسك، وأحب "أن يعتنى به ويحتفى به"، الآن الزيارات حتى فيما بين آحاد الناس أو بين بعض من ينتسب إلى العلم هي ظاهرها وإذا سئل عنها أنها زيارات في الله يرجى ثوابها، لكن هل يستوي عند الشخص الزائر الدافع عنده لو احتفي أو أهمل، يعني ذهب لزيارة شخص نظير له أو فوقه أو دونه فاحتفى به ورحب به وأكرمه أو العكس أهمله.

طالب: .........

نعم لا يستويان، لكن إذا كانت الزيارة لله قاصدًا لله ما هو لإكرام نفسك المفترض أنه لا ما يختلف الوضع.

"وأن يُسمَع قوله، ويطاع أمره، فلم يقدر عليه إلا من جهة القضاء فطلبه" في السابق ما فيه  ولاية فيها سلطة على الناس إلا إمارة، وهي في الغالب أقل شأنًا من القضاء؛ لأن الإمارة تُصرَف أو تعطى من عنده علم ومن لا علم عنده كما هو معلوم، لكن القضاء لا يصرف إلا لعالم، فتكون له الولاية من جهتين ولا شك أن هذا أشد "إلا من جهة القضاء فطلبه فلم يمكنه إلا ببذل دينه، فتذلل للملوك وأتباعهم" فيخدمهم بنفسه "فخدمهم بنفسه، وأكرمهم بماله، وسكت عن قبيح ما ظهر له" تجيء المجاملات، تجيء المجاملات ولا شك أن أهل العلم الراسخون لا يتأثرون بمثل هذا، يسأل صاحب ولاية شخصًا من أهل العلم، فيرد عليه بما يدين الله به، ولا يتأثر بكونه ولاية أو غير ولاية، ويسأل آخر ممن اشرأبت نفسه إلى ولاية أو وظيفة، فيلتمس له الأعذار والرخص، هذا موجود، وهذا موجود.

"وسكت عن قبيح ما ظهر له من الدخول في إيواناتهم ومنازلهم من أفعالهم، ثم قد زين لهم كثيرًا من قبيح فعلهم" يتأول لهم يتأول لهم الأخطاء، ويبحث عن شواذ الفتاوى من أجل أن يبرر لهم ما يفعلونهم؛ "ليحسن موقعه عندهم، فلما فعل هذا مدة طويلة واستحكم فيه الفساد" لأن القلب في بداية الأمر يمكن علاجه، لكن إذا استشرى المرض استعصى العلاج "واستحكم فيه الفساد ولوه القضاء فذُبح بغير سكين"، لا شك أن في القضاة على مر التاريخ من هم أهل عدل وإنصاف وتحرٍّ للحق وصدع به، هذا موجود والخير في الأمة إلى قيام الساعة، لكن علماء الدنيا وطلاب الدنيا موجودون، يعني من بعد القرون المفضلة بدؤوا يزيدون ويكثرون، "فصارت لهم عليه منة عظيمة، ووجب عليه شكرهم، فآلم نفسه" آلم نفسه بالتذلل والخضوع والخنوع، "فآلم نفسه؛ لئلا يغضبهم عليه فيعزلوه عن القضاء" والآن الولايات أكثر من القضاء بعضها أعظم خطرًا من القضاء، هذا موجود في السابق ما فيه إلا القضاء، لكن الآن فيه ولايات كثيرة جدًّا، فيها عدل، وفيها ظلم، وفيها حب رئاسة وتسلط، "ولم يلتفت إلى غضب مولاه، فاقتطع أموال اليتامى والأرامل والفقراء والمساكين وأموال الوقف الموقوفة على المجاهدين" النووي- رحمة الله عليه- ما تولى ولاية، وكان لا يأكل من ثمار كثير من المزارع أو عزف عن الخضار والفواكه والكماليات كلها، عازف عنها -رحمه الله-، والسبب في ذلك ألا يكون في هذه الخضار والفواكه شيء من مزارع موقوفة على مساكين وأرامل وأيتام، ويحصل فيها ظلم لهم، نعم هذا ورع زائد بالنسبة للنووي، وحمل نفسه على شدة، ما يطلب هذا من كل أحد، لكن هذا مثال، هذا مثال، أقل الأحوال أن يردع بعض الاسترسال الحاصل من بعض الناس؛ لأن مثل هذه الأمور يعالَج بها التوسع الموجود عند بعض الناس والضيق عند النووي لما يخاطَب هو يخاطَب بنصوص تدل على شيء من السعة ونصوص الكتاب والسنة، علاج علاج.

 يعني لما تجد شخصًا مشددًا، متشددًا على نفسه تجيء له بنصوص الوعد وسعة رحمة الله، وبالمقابل إذا وجدت مفرِّطًا، يعني عندك في المثال العملي إذا نوقش مثلاً الإحرام من الميقات، فجاء شخص يتساهل فيه يقول: ما يحتاج أن تحرم من الميقات، وعندنا قولان متقابلان سعيد بن المسيب يقول: من تجاوز الميقات بلا إحرام فلا شيء عليه، وسعيد بن جبير: من تجاوز الميقات فلا حج له، هذا المتساهل في فتواه ما الذي تذكره له أي الفتويين؟

طالب: سعيد بن جبير.

سعيد بن جبير حتى يعتدل، وبالمقابل لو وجدنا متشددًا في هذه المسألة قلنا: المسألة ما هي.. لو قال: إن الإحرام من الميقات ركن..

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

ماذا فيه؟

طالب: ..........

في القاتل؟ نعم، قال: ليس له توبة؛ لأنه مبيِّت للقتل، لأنه مبيِّت للقتل، فيُردَع بمثل هذا.

"وأموال الوقف الموقوفة على المجاهدين وأهل الشرف بالحرمين وأموالاً يعود نفعها على جميع المسلمين، فأرضى الكاتب" على جميع المسلمين أموال بيت المال بعض الناس يتسامح فيها وحرمتها ثابتة، نعم يختلف أهل العلم في القطع بالسرقة من بيت المال، لكن يبقى أنها محرمة ومصانة؛ لأنها لعموم المسلمين، والتحلل منها يصعب، وبعض من يقترض من بيت المال يقول: هذا نصيبي من بيت المال لن أسدد، فعله لا شك في تحريمه، وأنه يلزمه أن يسدد ما التزم به.

تفضَّل.

يقول -رحمه الله-: فأرضى بها" أي بهذه الأموال التي اقتطعها من أموال اليتامى والمساكين ومن عطف عليهم، "فأرضى بها الكاتب والحاجب والخادم" لماذا؟ لأنهم هم الذين يوصلونه إلى صاحب القرار، "فأكل الحرام، وأطعم الحرام، وكثر الداعي عليه" يعني من المظلومين الذين أخذ أموالهم بغير حق، "فالويل لمن أورثه علمه هذه الأخلاق، وهذا العلم هو الذي استعاذ منه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمر أن يستعاذ منه، وهذا العالِم الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه، إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه»"، وهذا الحديث كما ذكر المخرِّج أنه نقلاً عن الحافظ العراقي أنه ضعيف، فورد في الباب أحاديث كثيرة ولو لم يكن في الباب إلا ذكر الثلاثة الذين هم أول من تسعَّر بهم النار _نسأل الله العافية_.

"وكان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يُسمَع»" وهذا الحديث عند مسلم وغيره، "وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وأعوذ بك من علم لا ينفع»" وهذا مخرَّج عند النسائي وغيره، هذا كله كلام الإمام الآجري -رحمه الله تعالى- وكان في أواخر المائة.. وكان في أواخر الثلاثمائة هناك قال في أوائل المائة الرابعة، وهنا في أواخر المائة الثالثة، ومن وجد في آخر الثالثة فهو يمتد عمره إلى أن يبلغ أو يصل إلى الرابعة.

"ولم يزل الفساد متزايدًا على ما ذكرناه أضعافًا مضاعفة ولا حول ولا قوة إلا بالله" ولي الله الدهلوي له كتاب في علوم القرآن في أصول التفسير اسمه الإكسير تعرَّض لبعض الأوصاف الواردة في المنافقين في سورة التوبة يقول: والأمثلة لا تصعب عليك، انظر مجالس الكبراء ومن يرتادها من بعض من ينتسب إلى العلم وتجد الأمثلة.

طالب: ..........

فقد ذُبِحَ بغير سكين؟ اسأل جارك، اسأل جارك.. ما خرجت الحديث؟

طالب: ..........

ما خرجته؟

طالب: ..........

ذُبِح بغير سكين لا شك أن القضاء كما جاء في الخبر ثلاثة قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة، أما كونهم كلهم يُذبَحون بغير سكين هذا ما هو بصحيح، أما القاضيان في النار فهذا صحيح من قضى بين الناس بجهل، أو عرف الحق وعدل عنه، هذا لا شك أنه على خطر وأما من عرف الحق وحكم به فهذا هو الناجي.

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........

كونه يخطئ ما فيه معصوم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع»، لكن إذا استعمل الوسائل الشرعية وخرجت النتائج بعد استكمال واستفراغ الوسع في استعمال الوسائل الشرعية والنتيجة خرجت غير مطابقة للواقع فهو معذور كما قال النبي- عليه الصلاة والسلام-: «فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقتطع له قطعة من نار فليأخذها أو ليدعها».

طالب: ..........

فله أجران.

أحسن الله إليك.

"ومن دقيق آفات حب الشرف طلب الولايات والحرص عليها، وهو باب غامض لا يعرفه إلا العلماء بالله العارفون به المحبون له، الذين يعادون له، الذين يعادون له من جهال خلقه المزاحمين لربوبيته وإلهيته مع حقارتهم وسقوط منزلتهم عند الله وعند خواص عباده، العارفين به كما قال الحسن -رحمه الله- فيهم: إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين فإن ذل المعصية في رقابهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه. واعلم أن حب الشرف بالحرص على نفوذ الأمر والنهي وتدبير أمر الناس إذا قصد بذلك مجرد علو المنزلة على الخلق والتعاظم عليهم وإظهار صاحب هذا الشرف حاجة الناس إليه وافتقارهم إليه وذلهم له في طلب حوائجهم منه فهذا نفسه مزاحِمة لربوبية.."

مزاحَمة..

أحسن الله إليك.

"فهذا نفسه مزاحَمةٌ لربوبية الله تعالى وإلهيته، وربما تسبب بعض هؤلاء إلى إيقاع الناس في أمر يحتاجون فيه إليه؛ ليضطرهم بذلك إلى رفع حاجاتهم إليه وظهور افتقارهم واحتياجهم إليه، ويتعاظم بذلك ويتكبر به، وهذا لا يصلح إلا لله تعالى وحده لا شريك له، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [سورة الأنعام:42]،  وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [سورة الأعراف:94] وفي بعض الآثار أن الله تعالى يبتلي عبده بالبلاء؛ ليسمع تضرعه. وفي بعض الآثار أيضًا: أن العبد إذا دعا الله وهو يحبه قال الله: يا جبريل، لا تعجل بقضاء حاجته، فإني أحب أن أسمع تضرعه.

 فهذه الأمور أصعب وأخطر من مجرد الظلم، وأدهى من الشرك، والشرك أعظم الظلم عند الله، وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني فيهما عذبته»، كان بعض المتقدمين قاضيًا، فرأى في منامه كأن قائلاً يقول: أنت قاضٍ والله قاض فاستيقظ منزعجًا وخرج عن القضاء وتركه، وكان طائفة من القضاة الورعين يمنعون الناس أن يدعوهم بقاضي القضاة، فإن هذا الاسم يشبه ملك الملوك الذي ذم النبي -صلى الله عليه وسلم- التسمية به وقال: «لا مالك إلا الله»، وحاكم الحكام مثله أو أشد منه.

 ومن هذا الباب أيضًا أن يحب ذو الشرف والولاية أن يحمد على أفعاله، ويثنى عليه بها، ويطلب من الناس ذلك، ويتسبب في أذى من لا يجيبه إليه، وربما كان ذلك الفعل إلى الذم أقرب منه إلى المدح، وربما أظهر أمرًا حسنًا في الظاهر، وأحب المدح عليه، وقصد به في الباطن شرًّا وفرح بتمويه ذلك وترويجه على الخلق، وهذا يدخل في قوله تعالى: {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ} [سورة آل عمران:188] الآية، فإن هذه الآية إنما نزلت فيمن هذه صفاته، وهذا الوصف أعني طلب المدح من الخلق ومحبته والعقوبة على تركه لا يصلح إلا لله وحده لا شريك له، ومن هنا كان أئمة الهدى ينهون عن حمدهم على أعمالهم وما يصدر منهم من الإحسان إلى الخلق، ويأمرون بإضافة الحمد على ذلك إلى الله وحده لا شريك له، فإن النعم كلها منه.

 وكان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- شديد العناية بذلك، وكتب مرة إلى أهل الموسم كتابًا يُقرَأ عليهم، وفيه الأمر بالإحسان إليهم، وإزالة المظالم التي كانت عليهم وفي الكتاب.."

وإزالةِ وإزالةِ المظالم..

أحسن الله إليك.

"وإزالةِ المظالم التي كانت عليهم، وفي الكتاب: ولا تحمدوا على ذلك كله إلا الله، فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري. وحكايته مع المرأة التي طلبت منه أن يفرض لبناتها اليتامى مشهورة، فإنها كانت لها أربع بنات، ففرض لاثنتين منهن وهي تحمد الله، ثم فرض للثالثة فشكرت فقال: إنما كنا نفرض لهن حيث كنتِ.. تولين الحمد أهله، فمري هؤلاء الثلاثة يواسين الرابعة أو كما قال -رضي الله عنه-، وحاصل الأمر أراد أن يعرف أن ذا الولاية إنما هو منتصب لتنفيذ أمر الله، وأمر العباد بطاعة الله تعالى، وناهٍ لهم عن محارم الله.."

وحاصل الأمر.. يقول: وحاصل الأمر..

"وحاصل الأمر أراد أن يعرف أن ذا الولاية إنما هو منتصب لتنفيذ أمر الله وأمْر العباد.."

وآمر أحسن الله إليك؟

وأُمِر العباد بطاعته.. لتنفيذ أمر الله..

طالب: ..........

وأُمِر العباد بطاعة الله تعالى... لا، إنما هو منتصب لتنفيذ أَمْر الله وأَمْر العباد بطاعة الله تعالى لكن وناهٍ تكون آمر آمر وناهٍ، المقابلة لناهي تكون آمِر العباد..

قف على حاصل الأمر.

طالب: فيه موقف يا شيخ بعد صفحتين..

بعد أيش؟ صفحتين؟

طالب: ..........

نعم بعيد.

طالب: ..........

فالمحبون لله غاية مقاصدهم..

طالب: نعم هذا مرتبط.. هذا مرتبط بالكلام عن عمر بن عبد العزيز.. لأنه قال أراد..

حاصل الأمر هذا تابع لكلام عمر بن العزيز مقرر له.

"وحاصل الأمر أراد أن يُعرَف أن ذا الولاية إنما هو منتصب لتنفيذ أمر الله، وآمرٌ العباد بطاعة الله تعالى، وناهٍ لهم عن محارم الله، ناصح لعباد الله بدعائهم إلى الله، فهو يقصد أن يكون الدين كله لله، وأن تكون العزة لله، وهو مع ذلك خائف من التقصير في حقوق الله أيضًا."

فالمحبون..

"فالمحبون لله..."

كم باقٍ؟ كما باقٍ على الإقامة؟

طالب: ..........

هذا موقف فالمحبون.. موقف.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

الأسبوع القادم.

طالب: ..........

لا لا، ما فيه درس.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك..

اللهم صل وسلم على البشير النذير...

طالب: ..........

ما فهمت.

طالب: ..........

أفراد الكلمات أم الأضداد؟

طالب: ..........

 

الأضداد، فيه الأضداد لابن الأنباري.