التعليق على شرح علل الترمذي لابن رجب (03)
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال ابن رجب –رحمه الله-: "ومنهم: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري :
القرشي، يكنى أبا بكر، أحد الأئمة الأعلام الحفاظ الأثبات، وكان يقال: إنه أعلم الناس بكل فن.
قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أبو سلمة التبوذكي قال: حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: جالست جابر بن عبد الله، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، فلم أر أحدًا أنسق للحديث من الزهري.
وقال أحمد بن حنبل: قيل لسفيان – يعني ابن عيينة – قال عمرو بن دينار: ما أرأيت أحدًا أبصر بالحديث من الزهري؟ قال: نعم. وروى ابن عدي بإسناده عن الليث قال: كان ابن شهاب يقول: ما استودعت قلبي شيئًا قط فنسيته. وعن عمر بن عبد العزيز قال: ما رأيت أحدًا أحسن سوقًا للحديث إذا حدث من الزهري.
وعن أيوب السختياني قال: ما رأيت أعلم من الزهري، قيل له: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أعلم من الزهري.
وقال عبد الرحمن..."
لا شك أن كلًّا له مزية في الحفظ والضبط والاتقان؛ الزهري ما له نظير، وفي المواعظ والرقائق والزهد والزيادة في العمل الحسن ليس له نظير أيضًا، وعيب على الزهري –رحمه الله- دخوله على السلطان وقبوله للهبات، مع أن السلطان عمر بن عبد العزيز.. ما يخفى.
"وقال عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري: ما استعدت حديثًا قط، ولا شككت في حديث قط، إلا حديثًا واحدًا ، فإذا هو كما حفظت.
وقال أحمد: الزهري أحسن حديثًا وأجود الناس إسنادًا .وكان عمر بن عبد العزيز يقول: لم يبق أحدٌ أعلم بسنة ماضية منه. وكذا قال مكحول. وقال الثوري: مات الزهري يوم مات وما أحد أعلم بالسنة منه .
وقال هشام بن عمار: أخبرنا الوليد عن سعيد أن هشام بن عبد الملك سأل الزهري أن يملي على بعض ولده شيئًا من الحديث؟ فدعا بكاتب فأملى عليه أربعمائة حديث، فخرج الزهري من عند هشام، فقال: أين أنتم يا أصحاب الحديث. فحدثهم بتلك الأربعمائة. ثم لقي هشامًا بعد شهر أو نحوه، فقال للزهري: إن ذلك الكتاب قد ضاع، فقال: لا عليك، فدعا بكاتب فأملها عليه، ثم قابل هشام.."
اختبار يرى مرة ثانية يخطئ أو ما يخطئ.
"ثم قابل هشام بالكتاب الأول، فما غادر حرفًا واحدًا ! .وقال أبو حاتم الرازي: أثبت أصحاب أنس الزهري، ثم قتادة، ثم ثابت البناني .
ومنهم يحيى بن أبي كثير الطائي يكنى أبا نصر، من أهل اليمامة، واسم أبي كثير صالح بن المتوكل، كان أحد الأئمة الربانيين، والحفاظ المتقنين .قال أيوب: ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير.
وذكر ابن المديني أنه سمع يحيى بن سعيد يقول: قال شعبة: حديث يحيى بن أبي كثير أحسن من حديث الزهري.
وروى عبد الرحمن بن الحكم بن بشير قال: كان شعبة يقدم يحيى بن أبي كثير على الزهري. والحكاية التي ذكرها الترمذي عن أيوب خرّجها ابن عدي عن الحسين بن يوسف عن الترمذي، وكان يحيى بن أبي كثير يرسل .وضعف يحيى بن سعيد مرسلاته وقال: هي شبه الريح."
يرسل كل أحد عن الثقات وعن الضعفاء مثل الحسن، بخلاف سعيد بن المسيب فمرسلاته قوية.
"وقال أحمد: لا تعجبني مراسيله؛ لأنه قد روى عن رجال صغار ضعاف.
وليحيى بن أبي كثير كلام حسن في علم المعارف والمحبة والخشية والمخاوف."
لا يُستطاع العلم براحة الجسم من كلامه –رحمه الله- في صحيح مسلم، ومن أراد الاطلاع على كلامه في المعارف والأحوال والمواعظ فحلية الأولياء موجود.
طالب: .......................
نعم، لكن قوله: لا يستطاع العلم براحة الجسم في صحيح مسلم كتاب المواقيت.
"منهم: أيوب بن أبي تميمة السختياني:
البصري يكنى أبا بكر، واسم أبيه كيسان، أحد الأئمة الأعلام الربانيين الحفاظ الأثبات .وكان شعية يقول: حدثنا أيوب السختياني وكان سيد الفقهاء.
وقال أبو خشينة: سألت محمد بن سرين من حدثك بحديث كذا وكذا؟ قال: حدثني الثبت الثبت أيوب. وحدث عنه مالك بن أنس وقال: ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه. وروي عن شعبة مثله.
وعن هشام بن عروة قال: ما قدم علينا أحد من أهل العراق أفضل من أيوب السختياني ومسعر. وقال ابن أبي مليكة: أيوب ما بالمشرق مثله ! وقال عبد الوهاب الثقفي: سمعت ابن عون يقول: عليكم بأيوب، فإنه أعلم مني. وقال: وسمعت يونس يقول: عليكم بأيوب فإنه أعلم مني .وقال ابن المبارك: ولم أر رجلًا أفضل من أيوب.
وقال القواريري: سمعت حماد بن زيد يقول: سمعت أيوب ويحيى بن عتيق وهشامًا يتذاكرون حديث محمد، يعني ابن يسرين، فذكروا حديثًا، فقال أيوب: هو كذا، فخالفه هشام، ويحيى، ثم لم يقوما حتى رجعا إلى حفظ أيوب، قال: فأراد أيوب أن يضع من نفسه فقال: وما الحفظ؟ وأي شيء الحفظ؟ ! هذا فلان يحفظ."
أراد أن يبين لهم أو لئلا يأخذه العجب لرجوعهم إلى حفظه، يقول: الحفظ عندنا حفظ، لكن ما الفائدة من الحفظ من غير عمل، ومن غير فهم، ومن غير فقه؟ ينبغي أن يقرن الإنسان.. لا سيما في المواضع التي يتميز فيها على غيره أن يذكر شيئًا من ضعفه، إذا كانت عنده حافظة قوية فبهر الحاضرين بحفظه يبين شيئًا من مواضع أو مواطن الضعف عنده؛ لئلا يفتتن هو أو يفتن به أحد، مثل لو فهم مسألة، وأعجب به الحاضرون من دقة فهمه، يعني ينبغي أن يقرن ضعفه بالحفظ بغيره ولو أعجبوا به حفظًا وفهمًا قرن ذلك بضعف العمل؛ لأن النفس ما تُؤمن لا يؤمن أن يفتن الشخص وهو لا يشعر، هذا درس.
"قال: وما الحفظ؟ وأي شيء الحفظ؟ ! هذا فلان يحفظ قال حماد: رجل رأيته يضحك به."
هذا فلان يحفظ واحد من المساكين الذي.. يحفظ وبعد؟ يذكر أن فيه شخصًا يحفظ، يعني يحفظ الفروع، لكن يُسأل عن المسألة في الفقه ما يدري عن شيء، يقول: بأي باب؟ إذا قالوا له: بالباب الفلاني، قال: أعطوني أوله فقط وخذوا باقيه، كان عند قاضٍ من القضاة، والظاهر أنه بجهتكم بحائل عند قاضٍ من القضاة قبل أربعين أو خمسين سنة، فكان القاضي إذا أشكل عليه شيء قال: أعطني باب كذا، بدل ما يأتي بالكتاب يسرد هذا الباب، فيأخذ القاضي ما يحتاج والسلام عليكم، هذا فلان يحفظ –الله المستعان-، إذا اجتمع الحفظ مع الفهم، وتوّج ذلك بالعمل والإخلاص فهذي المقومات، لكن بعضها لا يغني عن بعض، لو كان أعلم الناس وأفقههم وأذكاهم وأحفظهم، لكن ما هنا عمل، ماذا يستفيد؟
"وقال ابن معين: أيوب ثقة، وهو أثبت من ابن عون، وإذا اختلف أيوب وابن عون في الحديث فأيوب أثبت منه .وسئل ابن معين عن أحاديث أيوب اختلاف ابن علية وحماد بن زيد؟ فقال: إن أيوب كان يحفظ، وربما نسي الشيء."
من يعرى من الخطأ والنسيان؟ من يعرى؟
"قال يحيى: وأخبرني عبد الصمد بن عبد الوراث عن أبيه عن أيوب أنه كان إذا قدم البصرة يقول: خذوها رطبة قبل أن تتغير. ولم يكن يكتب ولا يكتب.
قيل ليحيى: كان شعبة هم أن يترك حديث أيوب؟ قال: كان أيوب خيرًا من شعبة، ولكن لحال أنه كان يتحفظ ولم يكن يكتب.
قال يحيى: وأيوب، ويونس، وابن عون هؤلاء خيار الناس، وسليمان التيمي أيضًا.
وذكر ابن مهدي عن حماد بن زيد قال لي أيوب: لقد كنت أجمعت أن لا أحدث بشيء اختلف عليّ فيه. قال سلّام بن أبي مطيع قال أيوب: لو كنت كاتبًا عن أحد من الناس كتبت عن ابن شهاب.
ومنهم مسعر بن كدام.."
يكفي يكفي.