شرح كتاب التوحيد - 35

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المجدد -رحمه الله تعالى-:

"باب ما جاء في التطيُّر:

وقول الله تعالى: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [سورة الأعراف:131] وقوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [سورة يــس:19] الآية.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر»، أخرجاه زاد مسلم: «ولا نوء ولا غَول».."

غُوْل غُوْل..

أحسن الله إليك.

"«ولا نوء ولا غُوْل» ولهما عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل» قالوا: وما الفأل؟ قال: «الكلمة الطيبة». ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: ذُكِرَت الطيرة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أحسنها الفأل ولا ترد مسلمًا، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك».

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعًا: «الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا.. وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل»، رواه أبو داود والترمذي وصححه، وجعل آخره من قول ابن مسعود، ولأحمد من حديث ابن عمرو: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك» قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: «أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك»، وله من حديث الفضل بن العباس -رضي الله عنهما-: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك».

فيه مسائل:

الأولى: التنبيه على قوله: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ} [سورة الأعراف:131] مع قوله: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [سورة يــس:19].

الثانية: نفي العدوى.

الثالثة: نفي الطيرة.

الرابعة: نفي الهامة.

الخامسة: نفي الصفر.

السادسة: أن الفأل ليس من ذلك بل مستحب.

السابعة: تفسير الفأل.

الثامنة: أن الواقع في القلب من ذلك مع كراهته لا يضر، بل يذهبه التوكل.

التاسعة: ذكر ما يقوله من وجده.

العاشرة: التصريح بأن الطيرة شرك.

الحادية عشرة: تفسير الطيرة المذمومة."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فيقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب- أجزل الله له الأجر والثواب، وجمعنا وإياه في جنات النعيم ووالدينا ووالديهم وجميع المسلمين-.

يقول -رحمه الله-: "باب ما جاء في التطير" التطير تفعُّل مصدر تطيَّر، المضعَّف يتطيَّر تطيُّرًا مثل تخيَّر تخيُّرًا، والطيرة اسم المصدر، والطيرة اسم المصدر كالخِيَرَة، والتكليم مصدر تكلَّم، والكلام اسم المصدر وهكذا..

العرب في جاهليتهم كانت قلوبهم تدور بها الأهواء يمينًا وشمالاً، ولا قاعدة لهم، ولا مرجع لهم في ذلك إلا عاداتهم، فكانوا يتشاءمون ويتطيرون بالطيور، ولذلك قيل لها: تطيُّر؛ أخذًا من الطيور التي هي أكثر ما يتشاءمون بها من الطيور، وقد يتشاءمون بأرنب أو.. أي شيء ثانٍ لكن التطير في الجملة ينظرون وقد يستعملون قبل التطير العيافة التي هي زجر الطير؛ لأن الطائر إما أن يطير بنفسه من غير إثارة، وإما أن يُثار فيطير، فالعيافة كما تقدم زجر الطير من أجل ماذا؟ يزجره ليطير، فينظر ماذا يصنع، فإن طار عن يمينه صار السانح أو عن يساره فهو البارح، ومن أمامه فما هو؟

طالب: ..........

نعم، الناطح والنطيح، ومن خلفه القاعد والقعيد، هم يتصرفون على حسب ما صنعه هذا الطائر، والطائر هل بيده تدبير؟ أو له عقل يستطيع أن يتصرف فيه مثل هذه التصرفات عن حكمة ورأي؟! بحيث إن العاقل الرجل مكتمل العقل يمضي على حسب ما وجهه هذا الطائر إن كان له قصد، وليس له قصد في الجملة، إذا جاء الطائر من يمينه مضى في سبيله، ورأى أن مشواره ناجح وتجارته التي يريدها تامة، وإن صار عن يساره وهو البارح قال: لا، هذا شؤم ونحس فلا يُتِم سفره، بل يرجع إلى مكانه ويجزم بأن تجارته خاسرة، إذا طار الطائر وراح عن يمين أو شمال، وهذا الرجل الذي سار في طريقه إلى وجهته إن مضى بسبب ذلك أو رجع بسببه هذا هو التطير، فالطيرة ما أمضاك أو ردك، وهي شرك كما سيأتي.

"وقول الله تعالى: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [سورة الأعراف:131]، وقوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [سورة يــس:19]"، {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ} [سورة الأعراف:131]، والآية الثانية {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [سورة يــس:19] طائرهم عند الله أي بعلمه وتقديره ما يحصل لهم ما يحصل لهم، إنما هو بعلم الله -جل وعلا- وتقديره عليهم وليس للطائر أي دور إنما هو من الله -جل وعلا- وقوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [سورة يــس:19] أي بسببكم وبسبب تطيركم، وبسبب تشاؤمكم حصل لكم ما حصل؛ عقوبة من الله- جل وعلا-، عقوبة بسبب هذا التطير الذي هو شرك.

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر»" «لا عدوى» لا نافية، فهي تنفي العدوى، وكذلك "«لا طيرة ولا هامة ولا صفر»" وجاء في العدوى النفي كما في هذا الحديث المتفق عليه وغيره نفي للعدوى، وجاء ما يدل على إثباتها مما قُرن بهذا الحديث «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم فرارك من الأسد»، وفي الحديث الصحيح أيضًا «لا يورِد مُمْرِض على مُصِح» «فر من المجذوم» لمَ أفر من المجذوم وهو ما فيه عدوى؟ «لا يورد ممرض» صاحب إبل مريضة على إبل صحيحة، هذا فيه إثبات للعدوى أم ما فيه؟

طالب: فيه.

نعم في ظاهره إثبات للعدوى «فر من المجذوم فرارك من الأسد» «لا عدوى» العلماء في هذا النفي، ومنهم من يرى أنه نفي يراد به النهي يعني لا تعتقدوا العدوى، ولا تعتقدوا الطيرة، ولا الهامة ولا صفر والنهي إذا جاء بصيغة النفي كان أبلغ يعني كأنه غير موجود أصلاً فضلاً عن أن يعتقد وجوده، أو يعمل به، وكذلك نفي أو إثبات الخبر، ويراد به الحكم، قد يأتي الخبر، ويراد به الحكم الأمر أو النهي {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [سورة البقرة:228] هذا خبر أم حكم شرعي أمر؟ فيأتي بالنفي، ويأتي بالإثبات، ويأتي بالأمر، ويأتي بالنهي.

 على كل حال العلماء حيال هذا الاختلاف بين هذه الأحاديث يسمونه مختلِف الحديث، وهو أن يوجد حديثان أو أكثر ظاهرهما التعارض، أو بينهما تعارض في الظاهر، هذا يقول: «لا عدوى»، ويقول: «فر من المجذوم»، ويقول: «لا عدوى» ويقول: «لا يورد ممرض على مصح»، ويقول: «فر من المجذوم»، ويأخذ بيد المجذوم الرسول -عليه الصلاة والسلام- ويضعها في الإناء ويقول: «كل بسم الله، ثقة بالله».

من العلماء من قال: «لا عدوى» نفي لاعتقاد سريان المرض بنفسه، وأنه يعدي أو يتعدى من المريض إلى السليم بنفسه لا بتقدير الله -جل وعلا-، وأما إذا اعتقد أنه ينتقل من مريض إلى مريض، ينتقل المرض من مريض إلى مريض بتقدير الله -جل وعلا- فلا مانع من وجوده، وهذا مسلَك عند بعض أهل العلم، ونصره جمع من أهل العلم أن المنفي سريان المرض بنفسه لا بتقدير الله -جل وعلا- أنه مجرد ما يختلط السليم مع المريض ينتقل المرض من المريض إلى السليم.

ومنهم من يقول: إنه لا عدوى مطلقًا، تخالط مريضًا أو تخالط سليمً ما فيه فرق، لا فرق «لا عدوى» النفي واضح، «لا عدوى» يعني لا ينتقل المرض أصلاً من مريض إلى سليم، طيب «فر من المجذوم فرارك من الأسد»، «لا يورد ممرض على مصح» قال: من أجل الحفاظ على عقيدة الإنسان؛ لئلا يقدر الله انتقال المرض من المريض إلى السليم بتقديره -جل وعلا- في.. أثناء المخالطة، فيعتقد أنه أعدى، فيقع في الحرج من مخالفة الحديث، فبدلاً من أن تقول أعداني فلان أو تعدى إلي فلان، احسم المادة ولا يورد ممرض على مصح، وفر من المجذوم، هذا مسلك ثانٍ لأهل العلم.

الأول: أنه لا عدوى أصلاً، لا توجد العدوى والنهي عن مخالطة المريض سواء كان من بني آدم أو من الإبل من أجل ألا ينتقل المرض فيعتقد المسلم أن هناك عدوى، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «لا عدوى»، فيقع في حرج من مخالفة النص.

والثاني: أنه ينتقل، لكن بتقدير الله -جل وعلا- لا بسريانه بنفسه، ومنهم من يقول: المستثنى الجذام فقط يعدي وما عداه لا يعدي، يبقى الحديث محفوظًا لا عدوى إلا من الجذام الذي ورد فيه النص «فر من المجذوم».

 طيب الجرب؟ لما قال: «لا عدوى» -عليه الصلاة والسلام- قال أصحاب الإبل منهم من هو موجود حاضر قالوا: الإبل يكون في عجبها نقب من ماذا؟ من الجرب. نقب فينتقل إلى الإبل كلها فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من أعدى الأول؟» من أعدى الأول؛ ليقرر أنه لا عدوى؛ لأن هذا المخاطَب في قلبه لوثة اعترض على الحديث وإلا لو استسلم يعني من استسلم وزالت الشبهة من قلبه يفصَّل له في الأمر، لكن الآن المعمول به في واقع الناس اليوم فيه عدوى بالمستشفيات أم ما فيه؟ يقرون العدوى، يقرون العدوى، وهذا قول من أقوال أهل العلم لا معارضة للحديث، وإنما هو باعتقاد أنه من الله -جل وعلا- بدليل «من أعدى الأول؟» وكثير من الناس يخالط المرض وما يحصل شيء، لكن إذا كتب الله شيئًا وقدَّره على أحد انتقل ويكون حينئذٍ سبب المخالطة، سبب، والأسباب كما هو معلوم عند أهل السنة أنها تؤثِّر بجعل الله -جل وعلا- الأثر فيها، وأنها لا تؤثر بنفسها تستقل بالأثر، ولا أنها ليس لها أثر ألبتة لها أثر، وذلك الأثر بتقدير الله -جل وعلا-، وجعله التأثير فيها.

الذين يقولون: الأسباب لا تؤثر يستوي في ذلك عندهم من لبس الثياب وزاد فيها، ولم يتعرض لبرد، وجلس عند النار يستدفئ في الشتاء، هذا لا شك أنه سبب، لكن لا يمنع أن يدخله البرد؛ لأن السبب غير مؤثر بنفسه، لكن الذين يقولون: لا تأثير لها يقولون: استحم تحت الماء البارد بثوب واحد واخرج إلى العراء أو اصعد إلى السطح، ما فيه فرق، والسبب ما له أي أثر، يصلح هذا؟

طالب: ..........

نعم.

المقصود أن معتقد أهل السنة أن لها أثرًا، والله -جل وعلا- هو الذي جعل فيها الأثر، وأنها مؤثرة بتقدير الله -جل وعلا-، ومنها مخالطة المريض سبب، وقد ينتقل المرض إلى السليم بجعل الله -جل وعلا- لهذا السبب من قدرة السيران إلى الصحيح، وكل شيء بقدر «لا عدوى ولا طيرة»..

طالب: ..........

مثله، هو ورد في الإبل، لكن كل شيء فيه مرض.. النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن القدوم على بلد فيه الطاعون، كما أنه نهى عن الخروج منه.

طالب: ..........

كيف؟

طالب: ..........

هم يفرقون بين أمراض وأخرى، فيه أمراض معدية كما يقول الأطباء، وهي محل قبول للانتقال والسراية، ويبقى أن الأمر كله بتقدير الله -جل وعلا-، وفيه أمراض غير معدية، أمراض لها حجر صحي عندهم.

 وعلى كل حال مادام هناك قول يدعم ما عليه العمل فما فيه تضييق، والذي يقول: ثقة بالله، توكلت على الله، ويدخل على المريض سواء معدٍ أو غير معدٍ، وعنده من اليقين والتوكل ما يجعله يفعل ذلك، خالد بن الوليد أكل السم، ومنهم من مشى على البحر، وأبو مسلم الخولاني اقتحم النار.

طالب: ..........

بذاتها.. لا، بذاتها ... مسبِّب أصلاً، على كل حال المسألة مبحوثة، وابن القيم -رحمه الله- أطال الكلام فيها.

طالب: ..........

لا، هذا الشؤم، وسيأتي الشؤم.

«ولا عدوى ولا طيرة» يعني التشاؤم بالطيور- والذي سبق أن شرحناه- أو بغيرها من الحيوانات منفي. ولا هامة: طائر يُعرَف بالبومة، تعرفه بهذا الاسم؟

عندكم كذا؟

طالب: ..........

وأنتم؟

المقصود أنه ما يحتاج إلى تعب، معروف، طائر يقع على البيوت، فإذا نعق قالوا: نعى صاحب البيت أو أحدًا من أهل البيت، يعتقدون في ذلك، خلاص يجزمون أنه يموت، ونفاه النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذه البومة طائر ضعيف، لا حول له ولا قوة، ولا يستطيع أن يؤثر في شيء، وهو كغيره من الطيور.

«ولا هامة ولا صفر» صفر قالوا: إنه داء يكون في البطن، داء يكون في البطن، وتعتقد فيه العرب اعتقادًا أنه إذا وجد في شخص أنه ينتقل إلى غيره، وأنه وأنه.. المقصود أن هذا الداء عندهم يعتقدون فيه ما يعتقدون، وهذا قول. والثاني أنه لا شؤم في شهر صفر، صفر كغيره من الشهور لا أثر له، والعرب يتشاءمون في صفر، وكانوا يؤخرونه بسبب النسيء، يؤخرون المحرم إلى صفر؛ بسبب النسيء، ويحرِّمون العمرة في الأشهر الحر،م ويؤجلونها إلى صفر يقولون إذا جاء صفر وبرأ الدبر، الدبر الذي يلحق الإبل؛ بسبب الحمل، وهو كثرة المشي عليها؛ بسبب الحج، إذا رجعوا، ما يرجعون إلا بعد مضي مدة، يبرأ فيها الدبر الذي في الإبل.

وعلى كل حال سواء كان داءً في البطن، أو كان الشهر، فلا شؤم في واحد منهما، كل هذا منفي.

ومن العرب من يتشاءم في شهر شوال، لاسيما في باب النكاح ما يتزوجون في شوال، وكانت عائشة -رضي الله عنها- لا تزوج أحدًا ممن لها عليه كلمة إلا في شوال، وقالت: إنها تزوجت في شوال، وأي نسائه -عليه الصلاة والسلام- أحظى منها عنده، وقد تزوجت في شوال؟ إذًا شوال كغيره من الشهور، ما فيه أدنى أثر.

"أخرجاه" يعني البخاري ومسلم في الصحيح.

"زاد مسلم: «ولا نوء ولا غُوْل» «ولا نوء»" يعني النجم يُعتقَد فيه أن له أثرًا في إنزال المطر أو شيء من هذا، ولذا جاء في الحديث الصحيح: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فهذا مؤمن بي كافر بالكوكب، ومن قال: مُطِرنا بنوء كذا كان كافرًا بي مؤمنًا بالكوكب»,

"«ولا غول»" الغول قالوا هذه نوع من الجن في البراري والقفار يتراءى للناس بألوان وبأشكال تضلهم الطريق، تضلهم الطريق، فهذه مجرد أشباح قالوا: نوع من الجن والنبي- عليه الصلاة والسلام- يقول: «إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان، إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان»؛ لأنها إذا سمعت الأذان أدبرت كعادة الشياطين، وهذا النوع من الجن قد يقال له: السعالي، معروف السعالي؟ واحدها..

طالب: سعلو سعلو..

سواء كان بالتذكير أو التأنيث، لكن جمعها سعالي، يقول الشاعر:

رأيت عجبًا مذ أمسا

 

........................

هذا شاهد في العربية عند ابن عقيل وغيره، تعرفه؟

...........................

 

عجائزًا مثل السعالي خمسًا

طالب: ..........

كيف؟

طالب: ..........

معروف؟ تحفظ البيت؟

طالب: ..........

من قائله؟ وما الذي قبله؟ وما الذي بعده؟ وما الشاهد فيه؟ وما وجه الاستشهاد؟

طالب: ..........

يحتاج مراجعة، طيِّب.

طالب: ..........

غول غول..

طالب: ..........

لا لا، ما يلزم، ولذلك قال: «إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان» نفي للاعتقادات التي يعتقدونها في وقت رؤيتها.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

لا، قد يكون لها ذلك، وقد يكون مجرد تخييل، بعض الناس خيالاته تخيفه وتريه بعض الأشياء على غير حقيقتها، الناس يتفاوتون في هذا، لكن لا يمنع من أن تكون موجودة، وإذا تغولت فبادروا بالأذان، فيذهب أثرها.

يقول: وأبطله.. في حاشية الشيخ سليمان قوله: «ولا غول» الغول أحد الغيلان، وهو جنس من الجن كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولاً أي تتلون تلونًا في صور شتى، وتغولهم أي تضلهم عن الطريق، وتهلكهم، فنفاه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبطله، وقيل: ليس نفيًا لوجود الغول، وإنما في إبطال زعم العرب في تلونه واغتياله، فيكون بمعنى أنها لا تستطيع أن تضل أحدًا.

ثم قال: "ولهما" يعني البخاري ومسلم "عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل» قالوا: وما الفأل؟ قال: «الكلمة الطيبة»" الكلمة الطيبة، الكلمة الطيبة لا شك أنها تشرح النفس، وتسر القلب، ويتفاءل بها خيرًا؛ لأن الفأل بخلاف الشؤم؛ لأن الفأل إحسان ظن بالله -جل وعلا-، والشؤم إساءة ظن بالله، فإذا سمع الكلمة مما يسره انشرح صدره كما لو كان مريضًا فدخل عليه شخص مسالم مثلاً أو طيب أو من الأسماء التي تختلف مع ما هو متلبِّس فيه من المرض يتفاءل السلامة طيبة، والعرب يسمون اللديغ سليمًا من باب التفاؤل قال: «الكلمة الطيبة» كانت تعجب النبي- صلى الله عليه وسلم-.

طالب: ..........

كيف من الكلمة؟

طالب: ..........

لا لا، فيه أشياء كلها مما يسر إذا واجهت ما يسرك، تفاءلت وانشرح صدرك ولن يمضيك ولن يردك.

طالب: ..........

ماذا فيها؟

طالب: ..........

لا، هذا تمضيه أو ترده، فهذا التطير.

ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر..

طالب: ..........

عمر -رضي الله عنه- جاءه رجل فقال: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: ابن من؟.. قال ابن لظى.. ابن كذا ابن كذا قال: اذهب فقد احترق بيتك، هذا ما هو فأل ولا شؤم، استدلال باللفظ على مدلوله، وكونهم عمدوا إلى هذه الألفاظ يستحقون من الجزاء ما أصابهم.

طالب: ..........

ما فيه شيء، ازداد يقينًا، ما فيه شيء، ازداد حسن ظن بالله -جل وعلا-، ما فيه شيء، قال: ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر صوابه عروة وليس عقبة، عروة بن عامر مختلَف في صحبته، وفيه حبيب بن أبي ثابت أيضًا فيه كلام لأهل العلم، لكن وثَّقه أبو حاتم وجماعة، ولذلك سكت عنه أبو داود.

"ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر" كما ذكر المصنف وصوابه عروة بن عامر- رضي الله عنه- "قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أحسنها الفأل، أحسنها الفأل»" مما يدل على أنه نوع من الطيرة، وليس من الشؤم، نوع من الطيرة، لكنه يترتب عليه إحسان الظن بالله -جل وعلا- وانشراح الصدر، وتخالف الشؤم الذي فيه سوء الظن بالله -جل وعلا-.

 "«أحسنها الفأل، ولا ترد مسلمًا»" ما ترد مسلمًا؛ لأنه إذا مضى أو رد بسببها كانت شركًا. فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك»" إذا رأى أحدكم شيئًا ينبعث أو ينتج عنه شؤم يمضيه أو يرده فليقل هذا الذكر: «اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك» اعتراف من العبد لله -جل وعلا- أن أزمَّة الأمور كلها بيده -جل وعلا-، فالحسنات والخير كله من الله -جل وعلا-، ودفع الشرور والآفات والسيئات عنده -عز وجل-، «ولا حول ولا قوة إلا بك» عبد ضعيف مسكين، لا حول له ولا قوة، ولا قدرة إلا بالله -جل وعلا-.

الحديث مثل ما قلنا: عروة مختلف في صحبته، وأثبتها جماعة من أهل العلم، وحبيب بن أبي ثابت مختلف في توثيقه، لكن وثقه أبو حاتم -رحمه الله-، وهو من أشد علماء الجرح في التوثيق، ولذا سكت عنه أبو داود وقد قال في رسالته إلى أهل مكة: ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه وما سكتُّ عنه فهو صالح، ونسخة وقف عليها الحافظ ابن كثير: وما سكت عليه فهو حسن، مع أنه -رحمه الله- قد سكت عن أحاديث فيها كلام لأهل العلم لا تصل إلى درجة الحسن وقالوا: إن صالح كلمة صالح أوسع من حسن، والصلاحية حينئذٍ تكون أعم من الاحتجاج أو الاستشهاد.

طالب: ...........

إذا صلح للاستشهاد انجبر، إذا جاء له شاهد، وما فيه ضعف شديد أو وهن شديد قلته.

 وعلى كل حال القواعد التي تُطلق هكذا عامة لا بد أن يخرج عنها مسائل تُستثنَى، وإلا ففي الحديث ما سكت عنه فيه ضعيف، وما فيه وهن شديد اشترط بيانه ولم يبينه -رحمه الله-. على كل حال كتاب أبي داود من خير الكتب، ولا يمنع من دراسة أسانيده والخروج بنتيجة دقيقة، والغالب الإصابة معه كغيره من الأئمة، يحكمون على الأحاديث، ولا يلزم أن يكون قولهم هو الصواب في كل حديث.

"وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعًا «الطيرة شرك»" الطيرة شرك، الطيرة شرك، العلماء يقولون: الطيرة شرك، يعني شرك أصغر، شرك أصغر، تنافي كمال التوحيد الواجب، ولا تخرج الإنسان من الإسلام بالكلية؛ لأنها ليست بأكبر، "«وما منا إلا»" وما منا إلا، يعني إلا ويقع في نفسه شيء من هذا النوع، «وما منا إلا» يعني وما منا إلا قد يقع أو من يقع في نفسه شيء من هذا النوع الذي هو طيرة، لكنه لا تحدث عنده قولاً ولا فعلاً، ولا يرتب عليها أثر، "«ولكن الله يذهبه بالتوكل»" الإنسان وهو ماشٍ في طريقه قد يلوح له شيء أحيانًا يدفعه، أحيانًا يرى أنه يقع في نفسه شيء منه، والنفوس قد ينقدح فيها أشياء من غير نظر ولا روية، يرى بعض الناس فما يستحسن طريقه الذي مشى فيه، وهو ما فيه أدنى إشكال، وبعض الجهات يتشاءمون في شيء من خلْق الله، إذا رأى أعمى تشاءم، إن كان فاتحًا من أول النهار قفل، وإن رأى أعور كذلك.

 وبعض الناس في بعض الجهات يكون عنده شيء من العفرتة في جهة من الجهات الغربية يتشاءمون بالأعور، فجاء هذا العفريت ودور اثنين عمياوين ويقودهم أعور وذهب بهما إلى محل دكان من هذا النوع، ثلاثة بعين واحدة، يقول: أغلق الدكان ورح، ولا فتح أسبوعًا، هذه أمور لا أثر لها، ولا قيمة لها، يعني هل أثرت في القوم الآخرين الذين لا يلتفتون لها؟! ما أثرت شيئًا. «وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل» استمر في طريقك، وتوكل على الله، ولا تلفت إلى هذه الأمور، ولن تجد أي أثر إلا التوفيق والإعانة والتسديد من الله -جل وعلا-.

"رواه أبو داود والترمذي وصححه وجعل آخره" «وما منا..» إلى آخره "من كلام ابن مسعود"، وهو الصحيح موقوف على ابن مسعود؛ لأن الرسول ما يقول: ما منا إلا.

"ولأحمد من حديث ابن عمرو" عبد الله بن عمرو بن العاص: "«من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك»" يعني ذاهب إلى طريقه، وله حاجة يقصدها، ثم يتشاءم بشيء فيرجع، فهذا أشرك، وقلنا: إن أهل العلم قرروا أنه الشرك الأصغر؛ لأنه لا ينافي أصل التوحيد إلا إذا اعتقد أن هذا الطائر أو.. إن هذا الطائر هو الذي سوف يرزقه أو يمنعه الرزق، أو ما أشبه ذلك، هذا لا شك أنه أكبر.

 "قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: أن تقول: «اللهم لا خير إلا خيرك»" الخير من الله، الخير بيديك. "«ولا طير إلا طيرك»" ما فيه طيور مخلوقات ضعيفة لا سوانح ولا بوانح ولا غيرها، "«ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك»" ولا إله غيرك وحدك لا شريك لك.

 "وله من حديث الفضل بن عباس -رضي الله عنه-: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك»" هذا ضابط، هذا ضابط، يعني كونه يقع في نفسك شيء وتمضي ولا ترجع لا بسبب هذا الطائر، يعني كونه يأتي من الشمال المقتضى في عادة العرب أن يتشاءم ويرجع، إذا ذهب وما رده فما عليه.. لا أثر له، وقل مثل هذا فيما لو جاءك من اليمين ولم يمضك ونظرت في أمرك ونظرت لا أثر له، فإذا نظرت إن الخيرة في مضيِّك فأنت على الأص،ل وإن رجعت فلا أثر لذلك ما أمضاك أو ردك.

قال -رحمه الله-:

"فيه مسائل:

الأولى: التنبيه على قوله: {إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ} [سورة الأعراف:131]، مع قوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [سورة يــس:19]" وهذا في أول الباب كأن فيها نوع تعارض، لكن المقصود في الآية الأولى غير المقصود بالآية الثانية، طائرهم عند الله بعلمه وتقديره، والثانية "طائركم معكم"؛ بسبب ذنوبكم وجناياتكم.

"الثانية: نفي العدوى"؛ لأنه قال: «لا عدوى»، وعرفنا بالنفي المذكور في العدوى.

"الثالثة: نفي الطيرة كذلك".

"الرابعة: نفي الهامة كذلك".

"والخامسة: نفي الصفر".

"السادسة: أن الفأل ليس من ذلك" ليس من الطيرة المذمومة ولا من التشاؤم، بل هو شيء ينقدح في النفس بسبب كلمة أو شيء يراه مما يُسر فيحمله على إحسان الظن بالله -جل وعلا- كما تقدم.

"السابعة: تفسير الفأل" بالكلمة الطيبة؛ لأنه أظهر ما يكون من ذلك، اسمع كلمة طيبة، وهناك أمثلة من الكلمات التي يتفاءل بها، يعني أفلح ورباح ويسار أسماء لها مدلولات طيبة تبعث على انبعاث الفرح والسرور وحسن الظن بالله -جل وعلا- .

"الثامنة: أن الواقع في القلب من ذلك من التطير مع كراهته لا يضر" لا يضر مضرة عملية واقعة، يعني اعتقده ضره في اعتقاده، وإن بنى عليه ورتَّب عليه أمورًا أمضته أو ردَّه ضره في أمور دنياه مع آخرته لا يضره "بل يذهبه التوكل".

"التاسعة: ذكر ما يقوله من وجده": «اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك».

"العاشرة: التصريح بأن الطيرة شرك" التصريح بأن الطيرة شرك، وعرفنا أنها من نوع الشرك الأصغر.

"الحادية عشرة: تفسير الطيرة المذمومة" تفسير الطيرة المذمومة، وقد مضى تفسيرها.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب: ...........

ماذا ؟

طالب: ...........

يقول في الحديث: «إن كان الشؤم ففي ثلاث: المرأة والدابة والدار، المرأة والدابة والدار»، هذا يثبت التشاؤم بهذه الأمور في لفظه، في لفظه، فيه إثبات للتشاؤم، ولكن أولاً الحديث: «إن كان، إن كان» وإن شرطية تدل على الضعف، ضعف الاحتمال والشؤم من فعل الناس، إذا تزوج زوجة فحصل له عندها ضرر على زواجها بها ضرر، وهذا الضرر مكتوب عليه لو تزوج ثانية غيرها؟ نفس الشيء المكتوب عليه لا بد أن يكون، فليس بسببها.

 وقل مثل هذا في الدار والدابة، سكن الدار الجديدة، فوقع وانكسر، طلع مرة ثانية وانكسر، ما هو بسبب الدار، إن هذه أمور مكتوبة عليه، وقعت عند دخوله هذه الدار، لا بها، ما هي، ما هي.. الدار ليس لها أثر، لو دخل ثانية ومكتوب عليه سينكسر، وقل مثل هذا في الدابة، قد يكون لخلق الدابة أثر إذا كانت نكورًا وليست عسيفًا، وكذا من ركبها ارتفعت به ونزلت، فوقع وانكسر، هذا لذاته تصير سببًا حسيًّا محسوسًا، وليس من الشؤم في شيء، لكن وقوع هذه الأمور المكتوبة على الشخص، لو تزوج غير هذه المرأة، أو دخل غير هذه الدار، ومكتوب عليه أن ينكسر سينكسر.

 ولذلك يقول ابن القيم -رحمه الله-: وهذه الأمور تقع عند هذه الأمور، لا بها، لا بالمرأة، ولا بالدابة، ولا بالدار، لكن عندها، عند مقارنته لها، ودخوله فيها، ومعاشرته لها يحصل.

طالب: ...........

لئلا يعتقد، لئلا يعتقد الشؤم، الأمر بتغيير من حصل عنده هذه الأمور بسبب أو عند اقترانه بهذه الأمور، لا لأنها مثار شؤم؛ وإنما لئلا يعتقد أنها مثار شؤم، فيقع في مخالفة لا عدوى ولا طيرة ولا..

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

لا، هذا خلل في صناعته، ما فيه إشكال يصير.

طالب: ...........

نعم بالمقبرة إذا تزوجت ومات زوجها، ثم تزوجت ثانيًا ومات زوجها..

طالب: ...........

لكن هل هو هذا الطريق أنسب له من غيره، وتركه من أجل ذلك هذا تشاؤم؟

طالب: ...........

إذا كان أقرب له من غيره صار تشاؤمًا.

طالب: ...........

جاء هذا وهذا.