شرح مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (06)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الإمام -إمام المسجد وفقه الله- البارحة بعد صلاة العشاء حصل فيها أن الجوال بالنغمات الموسيقية صدح أكثر من مرة، ونبه الإمام -حفظه الله ووفقه- على هذه المسألة، ولا شك أن من تصدر منه هذه الأصوات ممن يحمل هذا الجوال لا يخلو من ثلاث حالات:

فإما أن يكون ممن يتدين بتحريم مثل هذه النغمات، ويعترف بأن مثل هذه النغمات موسيقى فهذا عليه أن يتقي الله -جل وعلا-؛ لأنه يرتكب المحرم ويصر عليه، وهناك فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بتحريم النغمات الموسيقية، وطالب الحق يكفيه حديث: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) يستحلون، والاستحلال لا يكون إلا للمحرم، إذ الحلال لا يستحل، بل هو حلال، هذا إذا كان يعترف بأنها موسيقى، وأن الموسيقى حرام.

الحالة الثانية: أن يعترف بأنها موسيقى، ويرى الحل تبعاً لما يشاع ويذاع في وسائل الإعلام الآن قولاً وفعلاً من الشبهات التي أوردت على الناس.

الحديث الذي أوردناه في الصحيح في صحيح البخاري، وجمهور أهل التحقيق على أنه موصول؛ لأن البخاري -رحمه الله تعالى- قال: قال هشام بن عمار، وهشام بن عمار من شيوخه الذين لقيهم، وأخذ عنهم مباشرة دون واسطة، والتهديد بالخسف لا يدل على أن الأمر يقبل النظر، بل هو محرم قطعاً، هناك أدلة يستدل بها المخالفون كلها الإجابة عنها واضحة وسهلة، وابن القيم -رحمه الله تعالى- أفاض في ذكر أدلة التحريم، وأجاب عن أدلة المخالفين، وعمدة المخالفين ومعولهم على تضعيف جميع الأحاديث، معولهم على تضعيف الأحاديث الواردة؛ لأن البخاري قال في الحديث: قال هشام بن عمار، ولم يقل: حدثنا هشام بن عمار، وأكثر أهل التحقيق على أن هذا موصول وليس بمعلق، منهم من يرى أنه معلق كالحافظ المزي -رحمه الله تعالى- يرى أنه معلق، وعلم عليه في تحفة الأشراف بعلامة التعليق (خ ت) لكنه معلق بصيغة الجزم، وجاء من طرق موصولة عند أبي داود وغيره، فلا مجال للكلام في الحديث، فإذا ثبت هذا الحديث وفي معناه أحاديث كثيرة، مما يدل على تحريم المعازف، فعلى هذا الشخص الذي ينازع في تحريم الموسيقى والمعازف عليه أن يراجع نفسه، ويتقي الله -جل وعلا-، وألا يتبع الهوى، حجة شخص من الأشخاص قال: ابن حزم إمام ويرى إباحة الغناء، لكن هل ترضى ابن حزم إماماً لك يقودك إلى الصراط المستقيم وعنده من الطوام ما عنده؟ يقول: ما عندنا قرآن واحد عندنا أربعة قرآنات، هل ترضى أن يكون هذا إماماً لك؟ هل ترضى أن يكون إمامك من يقول: لو لم يرد إلا قول الله -جل وعلا-: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} [(23) سورة الإسراء] لجاز ضربهما بل قتلهما؟ هل ترضى أن يكون هذا قدوتك؟ لكنه الهوى، وكفيت شر الهوى، فإذا اتبع الإنسان هواه، واتخذه إلهاً من دون الله فنتيجته العطب -نسأل الله السلامة والعافية-، هذا إذا كان يعتقد إباحة مثل هذه المعازف، من الناس من يقول: المعازف حرام، لكن هذه النغمات ليست من المعازف، ينازع في كونها موسيقى، نقول: يا أخي هذا محمول، ويرافقك في الحضر والسفر، سل نفسك واختبر وجرب، هل هذه النغمات تأثيرها في النفس مثل الجرس الذي يعلق على الدواب أو أشد أو أقل؟ خل الحد الفاصل الجرس الذي نهي عن اتخاذه، وذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الملائكة لا تصحب رفقة معهم جرس، وجاء في التحذير منه نصوص كثيرة، الجرس الذي هو عبارة كما يقول أهل العلم: عن سطل صغير فيه قطعة حديد يحدث أصواتاً عند تحرك الدابة في المشي، فإذا كان هذا مثل الجرس فهو ممنوع، إذا كان أشد من الجرس في الإطراب صار أشد منعاً، إذا كان دون الجرس نازع لا بأس، فعلينا أن نتقي الله -جل وعلا-، وألا نكون إمعات مع الناس، رأى فلانا، أو سمع نغمة فلان، أو البيئة التي عاش فيها، ومع الأسف أن بعض طلاب العلم كانوا يتحرون في مثل هذه الأمور أشد التحري، لكنهم خالطوا أهل الدنيا، فسهلت عليهم هذه الأمور فسمعت من جوالاتهم، وليست العبرة بمن فتن، لا، لا تنظر إلى من هلك كيف هلك؟ انظر إلى من نجا، فهذا للإيضاح والبيان؛ لأن بعض الناس ينازع هل هذه نغمات؟ هل هذه موسيقى؟ هل هذه تدخل في المحرم أو لا تدخل؟ لأنه بإمكانه أن يقول: ليست بموسيقى، ماذا تقول له؟ تقول: بل موسيقى، ما يوافقك، والناس يتفاوتون في الحساسية من هذه الأمور، شخص معافى من جميع الآلات يستنكر أدنى شيء، وشخص موغل في استعمال هذه الآلات لا ينظر إلى أي شيء، وكثير من الناس بين بين، يسمع لكنه لا عن قصد فيميز بين هذه الأمور.

المقصود أن الإنسان عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، ولا يتبع هواه، وإذا كان هذا مما أفتي بتحريمه، وليس المجال مجال نقاش لمن أباحه أو حرمه، لكن أفتي بتحريمه من لجنة معتمدة في البلد كلفت بالإفتاء من قبل ولي الأمر، فلا مجال للنقاش في مثل هذا، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن ينظر إلى ما ينجيه، ويكون معه في قبره، أترضى أن تكون غداً مع هؤلاء الفساق والمجان؟ أو تود أن تكون مع الأخيار؟ اختر لنفسك.

طالب:.......

بعض الناس لاسيما من سمع ما هو أشد من هذا، الذي سمع ما هو أشد من هذه النغمات لا تؤثر فيه هذه شيء، فيقول: ليست موسيقى، على كل حال على الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يبحث عما يخلصه من عذابه.

يقول: ما حكم التسمي أو التلقب بآية الله وحجة الله أو ولي الله؟

هذه الألقاب حادثة، يعني وجدت بعد القرون المفضلة، بل بعد الستة القرون الأولى، وجدت متأخرة جداً، وأكثر من يتسمى بها من طوائف المبتدعة، نعم من أهل السنة من لقب بولي الله؛ لأن الولاية أمر مدرك، إذا عمل بما أوجب الله عليه، وعمل بما شرع له من واجبات ومستحبات استحق الولاية بهذا، فإذا كان كذلك ولقب من قبل غيره، وتعارف الناس على هذا فهذا اللقب موجود في أهل السنة، لكنه لا يوجد في سلف هذه الأمة وأئمتها من المتقدمين أبداً، بل حتى أقل الألقاب لا يوجد عند السلف، ما في أحد يقول: شيخ الإسلام أحمد بن حنبل أبداً، ولا الشيخ أحمد بن حنبل، يعني بعد الفتنة وثباته فيها صار يلقب الإمام، أو باعتباره إماما متبوعا، اللقب مطابق، وعلى كل حال على الإنسان أن يقول بالعدل والحق والإنصاف، والإشكال أن هذه الألقاب تتبع الأهواء، حتى موجود من بيننا ومن طلابنا ومن إخواننا ومن زملائنا من إذا أعجب بشخص رفعه رفعاً لا يستحق، ووصفه ولقبه بألقاب لا تنطبق عليه، وإذا رأى من شخص ما لا يناسبه، أو أفتى بفتوى تخالف ما يراه استكثر عليه أدنى لقب، وهذا موجود، ومسألة الإسقاط، ومسألة الرفع، رفع القدوات، وإسقاط غيرهم هذا أمر متداول مع الأسف، وبعضه لا يسلم من هوى.

طالب:......

لا، ليست بغيبة، هي ليست بغيبة، لكنها يخشى منها الفتنة، أكثر من كونها غيبة، وأعظم وأشد.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال أبو القاسم -رحمه الله تعالى-:

باب الآنية

"وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس، وكذلك آنية عظام الميتة، ويكره أن يتوضأ بآنية الذهب والفضة فإن فعل أجزأه"

بآنية أو في آنية؟

طالب: بآنية عندك في يا شيخ؟

إيه.

طالب: لا عندنا بالباء.

الشرح، الشرح معكم.

طالب: معي الشرح يا شيخ؟

لأنه يختلف، يختلف الحكم باختلاف الحروف، فرق بين أن يتوضأ فيها، وأن يتوضأ بها، وأن يتوضأ منها، وأن يتوضأ إليها.

طالب: في الشرح في.

أيوه هذا الذي عندنا، نعم.

ويكره أن يتوضأ بآنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه، وصوف الميتة وشعرها طاهر.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب الآنية

الباب سبق الكلام فيه في الذي قبله، وأنه في الأصل موضوع لما يدخل منه ويخرج معه، يعني في المحسوسات، هذا الأصل في الباب، ومنهم من يقصر الحقيقة على المحسوس، ويجعل استعماله في غيره من المجاز، ومن يقول بالمجاز ما عنده إشكال في مثل هذا، لكن الذي لا يرى المجاز، ولا شك أن استعمال الباب عند أهل العلم اصطلاح وعرف خاص، فهي حقيقة عرفية، لا نحتاج إلى أن نقول: مجاز، وعندنا الحقائق ثلاث: لغوية وشرعة وعرفية، هذا حقيقة عرفية، تعارف أهل العلم عليها، وتتابعوا عليها، وجعلوها لما يضم فصولا ومسائل علمية.

الآنية، باب كما يقولون: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا باب، وبعضهم يرى جواز النصب مقدراً، اقرأ باب الآنية، وباب مضاف، والآنية مضاف إليه، والآنية: جمع إناء، وجمع الجمع أواني، والأواني جمع الآنية التي هي جمع إناء، حقيقتها اللغوية والشرعية والعرفية متفقة، الآنية هي الأوعية، جمع إناء، والأوعية جمع وعاء، تتفق فيها الحقائق الثلاث.

يقول -رحمه الله تعالى-: "وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" جلد الميتة إدخاله في باب الآنية أولاً استعمالاته أكثر من كونه إناء، فيستعمل إناء، ويستعمل فراشا، ويستعمل ملبوسا، له استعمالات كثيرة، لكن الحاجة إلى كونه إناء عند من تقدم أكثر من حاجة كونه فراشا أو لباسا "كل جلد ميتة" كل من صيغ العموم، "كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" يدخل في هذا العموم "كل جلد ميتة" المراد بالميتة ما مات حتف أنفه من غير تذكية، أو كان مما لا تنفعه أو تفيد فيه التذكية، أو كان المذكي لا تنفع تذكيته، فإذا مات مأكول اللحم خرجت روحه، وفارقت جسده حتف أنفه صار ميتة، إذا ذبح الكلب ذكي الكلب، أو ما لا يؤكل صار ميتة، إذا ذكى المجوسي أو الوثني غير المسلم وغير الكتابي ذكى بهيمة الأنعام فهي ميتة.

"كل جلد ميتة الجلد" الجلد هو الذي يستر اللحم وما يحويه "كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" الجلد والمسك بمعنى واحد، هذه الميتة تشمل ما يؤكل لحمه، وما كان طاهراً في الحياة مما لا يؤكل لحمه، وما كان نجساً مما يؤكل أو لا يؤكل "كل جلد ميتة" يشمل ما مات مما يؤكل، ويشمل أيضاً ما مات مما لا يؤكل وإن كان طاهراً في الحياة، ويشمل ما مات مما لا يؤكل وكان نجساً في الحياة؛ لأنها ميتة.

"دبغ أو لم يدبغ" الجواب فهو نجس عنده، يدخل في عموم الميتة يدخل فيها أشياء، يدخل في عموم كلامه أمور لا يوافق عليها، ميتة امرأة مسلمة ماتت، جلدها طاهر أو نجس؟

طالب:......

"كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" يدخل في هذا العموم أو لا يدخل؟ يدخل، لكن يوافق أو لا يوافق؟ لا يوافق، ما تباح ميتته كحيوان البحر الذي لا يعيش إلا فيه، الذي قال فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((الحل ميتته)) جلودها طاهرة أو نجسة؟ طاهرة، إذاً كلامه يحتاج إلى تقييد، قد يقول قائل: إن الآدمي لا يُستدرك به، لماذا؟ لأنه لا جلد له، بعض أهل العلم ينازع في كون الآدمي له جلد، لكن التنصيص على أن لهم جلودا {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [(56) سورة النساء] يدل على أن له جلدا، هم الجلد عندهم اصطلاحاً: ما يمكن سلخه، جلد الآدمي يمكن سلخه أو ما يمكن؟ يمكن سلخه؟

طالب:......

إيه.

طالب:......

كونهم يقطعون جزء من اللحم هم يسمونه...، وإن سموه.

طالب:......

هم يقولون -حتى الفقهاء ينصون على هذا-: إن الآدمي والخنزير لا جلد له؛ لأنه لا يمكن فصله عن اللحم، هو من هذه الحيثية وإلا فالنص القرآني يرد عليهم {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ} [(56) سورة النساء] فدل على أن الآدمي له جلد سواءً أمكن انفصاله أو فصله عن اللحم أو لم يمكن، فله جلد على كل حال ثابت بالنص.

"كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ" الدبغ استعمال بعض الأشياء المنشفة لرطوباته المطهرة له كالقرض والأرطأ وغيرهما.

"دبغ أو لم يدبغ" يعني لا فرق فهو نجس سواءً كان مدبوغاً أو غير مدبوغ، وهذه المسألة مسالة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من يرى عكس ما قاله المؤلف، كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو طاهر، وهذا ينسب للزهري، ومنهم من يمنع بإطلاق كما قال المؤلف، وهو المشهور عند الحنابلة، ومنهم من يفرق بين مأكول اللحم فيفيد فيه الدبغ، وبين غيره فلا يفيد فيه الدبغ، ومنهم من يرى أن كل جلد ميتة دبغ فإنه يطهر، وما لم يدبغ فإنه نجس، ومنهم من يفرق بين جلود السباع وبين غيرها، ومنهم من يعمم ولا يستثني إلا الكلب والخنزير، ومنهم من لا يستثني إلا الخنزير، الذي قرره المؤلف: "وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" عمدته حديث عبد الله بن عكيم أنه قال: جاءنا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل موته بشهر أو شهرين ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، لا تنتفعوا من الميتة بشيء، إهاب يعني جلد ولا عصب، هذه عمدة هذا القول، وأيضاً الجلد جزء من الميتة نجاسته عينية لا يمكن تطهيره كلحمها، والله -جل وعلا- يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [(3) سورة المائدة] وجلدها منها، هذه أدلة من يرى هذا الرأي، والذي يقول بطهارة الجلود كلها سواءً دبغت أو لم تدبغ وهو القول المنسوب إلى الإمام محمد بن شهاب الزهري لعله لم يبلغهم مثل هذه الأخبار، لا سيما وأن حلها معلق بالدبغ، وفي الأحاديث الصحيحة ما يدل على التفريق بين المدبوغ وغيره ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) وفي حديث الشاة التي أهديت لمولاة ميمونة فماتت ورموها قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هلا انتفعتم بإهابها؟)) قالوا: إنها ميتة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما حرم أكلها)) وفي رواية: ((يطهرها الماء والقرض)) هذا النص ورد في شاة يستدل به من يقول: إن جلد مأكول اللحم يطهر، وأما ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) فيستدل به من يرى طهارة جميع الجلود إذا دبغت، سواءً كانت مأكولة أو غير مأكولة، ولا يستثنى من ذلك شيء، والنهي عن جلود السباع واستعمالها واتخاذها ثابت، فبعضهم يستثنيها من العموم الوارد في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) لأنه ورد النهي عن اتخاذها واستعمالها فهي مستثناة، والذي يقول بالعموم ويأخذ بعموم ((أيما إهاب)) يقول: كونه يطهر لا يعني أنه يجوز استعماله، فالذهب والحرير طاهران، لكن لا يجوز استعمالهما بالنسبة للذكور، فالإهاب يطهر لكن لا يجوز استعماله، من يرى أن الدبغ لا ينفع إلا ما كان طاهراً في الحياة يستدل بمثل حديث: ((دباغ الأديم ذكاته)) فشبه الدباغ بالذكاة، والذكاة لا تفيد إلا في المأكول، إذاً الدباغ لا يفيد إلا في المأكول، هذه مجمل الأدلة التي استدلوا بها، وهذه الأقوال إجمالاً، والذي يظهر -والله أعلم- رجحان القول بالتعميم، وأنه أيما إهاب دبغ فقد طهر، أما حديث عبد الله بن عكيم فهو مضعف عند أهل العلم، وفيه اضطراب كبير، وفيه جهالة لمن نقل الكتاب، وهل هو عن أشياخ من جهينة، أو بدون واسطة سمع الكتاب بدون واسطة، أو عن واسطة أشياخ من جهينة.

قد يقول قائل: إن هذا غير مؤثر سواءً كان سمعه بغير واسطة، أو بواسطة هؤلاء الأشياخ وإن لم يسموا، الجهالة في مثل هذه الحالة تضر أو ما تضر؟ هم ليسوا صحابة، تضر جهالتهم أو لا تضر؟ نعم، قالوا في مثل هذا الأكثر على أن جهالة مثل هؤلاء تضر، لكن يبقى أن من أهل العلم من يقول: إنهم ماداموا في الصدر الأول أقل ما يقال فيهم: إنهم من كبار التابعين، وهؤلاء هم الذين أشار إليهم ابن الصلاح بقوله: ونفر قد تقادم العهد بهم، فهؤلاء يتسامح في جهالتهم، الأمر الثاني: أنهم جمع، أشياخ، جمع، يعني جهالة كل واحد منهم على حدة يجبرها رواية الثاني وإن كان مجهولاً، فقال بعضهم: إن مثل هذا لا يؤثر.

على كل حال الحديث متكلم فيه، والكلام فيه قوي وتضعيفه له وجه، ولو قدر ثبوته فالإهاب كما قال النضر بن شميل: هو الجلد قبل الدبغ، وإذا كان الجلد قبل الدبغ فإنه لا يجوز الانتفاع به كالعصب، هذا على سبيل التنزل على سبيل افتراض أنه ثابت، ومن يضعفه لا يحتاج إلى مثل هذا الكلام.

ذكاة الأديم أو دباغ الأديم ذكاته، قولهم أن هذا الحديث يدل على أن الدباغ لا ينفع إلا ما تنفع فيه الذكاة، كلام وجيه أو ليس بوجيه؟ الآن عندنا تشبيه الدباغ بالذكاة، الذكاة تنفع، والدباغ ينفع أو ما ينفع؟ إذاً الدباغ ينفع.

قولهم: إن الدباغ لا ينفع إلا ما تنفع فيه الذكاة لا يلزم، بدليل أن الجلد لا يذكى، فذكاته دباغه، يعني إذا كانت الذكاة تؤثر فالدباغ يؤثر، بغض النظر عن المذكى، فهذا الجلد الذي دبغ كأنه مذكى، ترى دقيق يا إخوان فهمه يحتاج إلى إمعان، نعم؟

طالب:......

ذكاته دباغه، دباغه ذكاته يعني ينفع فيه يفيد فيه، إذا كانت الذكاة تفيد فيما تنفع فيه فالدباغ يفيد أيضاً فيما دبغ، فلا يعارض حديث: ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) والذي يترجح عندي أن الدباغ ينفع في كل جلد، ويبقى أن ما نهي عن استعماله كجلود السباع يبقى النهي ثابتا، والطهارة لا تعارض الاستعمال، ليس كل طاهر يجوز استعماله.

يقول: "وكذلك آنية عظام الميتة" كذلك آنية عظام الميتة يعني نجسة، آنية عظام الميتة نجسة، لماذا؟ لأنها مما يشمله مسمى الميتة، والميتة نجسة بالإجماع، نجاسة الميتة مجمع عليها، يعني بجميع ما يحويه الجلد، حتى الجلد نجس، لكنه يطهر بالدباغ، إذاً العظم وما يحويه البطن نجس، ما كان خارج الإهاب، خارج الجلد كالشعر والظلف والقرن هذه محل خلاف بين أهل العلم، هل تتأثر بالموت أو لا تتأثر؟ تتأثر أو ما تتأثر؟ إذا وجد شاة ميتة مكثت أشهرا، هل شعرها يطول أو يبقى كما هو؟ يبقى كما هو، إذاً تأثر بالموت، أو ما تأثر؟ تأثر،

هل حكمه حكم الميتة، أو حكمه حكم المنفصل؟ بدليل أنه يجوز جزه حال حياتها ولا يتأثر بذلك؛ لأنه لو كان حكمه حكمها لتأثر، ولصار كجزء من أجزائها، فما أبين من حي فهو كميتته، والشعر إذا أبين من الحي يأخذ حكم الميتة أو لا يأخذ؟ لا يأخذ حكم الميتة، يجز ويستعمل، وأما القرن فهو محل خلاف بين أهل العلم، هل هو مثل الشعر في حكم المنفصل، وكذلك الظفر أو لا؟ قاعدة من قواعد الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله-، الشعر والظفر هل هما في حكم المتصل أو في حكم المنفصل؟ وأورد على ذلك مسائل توضح هذه القاعدة، والمرجح أنهما في حكم المنفصل.

طالب: والريش عفا الله عنك؟

مثله، الريش مثل الشعر، الريش والشعر والوبر والصوف كلها حكمها واحد، بدليل أن الريش ينتف من الطائر ولا يضر، هذا أمر متفق عليه، لكن يبقى أن ما باشر النجاسة يعني أصول الشعر وأصول الريش تنجس بالميتة، فلا بد من غسله، أو يجز جزا بحيث لا يصل إلى آخره، نعم؟

طالب:......

ما أبين من حي فهو كميتته، استثنوا من ذلك الطريدة والمسك في فأرته، استثنوها من هذا.

طالب:......

إيش هو؟

طالب: الدواء؟

دواء إيش؟

طالب:......

((تداووا ولا تدووا بحرام)) النجس حرام، لكن من أهل العلم من يفرق بين النجس الذي لا يضر، والنجس الذي يضر، وأن استعماله استعمال حاجة أو ضرورة بحيث لا يقوم مقامه غيره يتسامحون فيه، على كل حال الأصل ألا يتداوى بحرام.

"وكذلك آنية عظام الميتة" وهذا قول الجمهور، نجاسة عظام الميتة قول الجمهور، وأنها تحلها الحياة كسائر أجزاء الميتة {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [(78) سورة يــس] دل على أنها...، الذي يقبل الحياة يقبل الموت، وأما بالنسبة للشعر وهو يتأثر بالحياة، وينمو بالحياة، وينحسر نموه بعد الموت إلا أن نموه كنمو النبات، وليس من قبيل نمو الحيوان، بدليل أن الحيوان لا يتألم إذا جز، فدل على أنه غير مرتبط بحياة الحيوان من حيث الألم؛ لأن الإحساس يدل على أن هذا الجزء حي، لا يتأثر شعر الحيوان بجزه، إذاً هو حي باعتبار أنه نامٍ من جهة، ولا يشبه حياته حياة الحيوان، وإنما أقرب ما يكون إلى حياة النبات، ويمكن أن يستعمل في مثل هذا قياس الشبه، الشعر الحي ينمو، والحيوان الحي ينمو، والنبات الحي ينمو، فهل حياة الشعر مثل حياة النبات، أو مثل حياة الحيوان؟ أقرب ما يكون إلى حياة النبات، فيلحق بأقرب الأصلين شبهاً.

عظام الميتة الجمهور على أنها نجسة، وأن نجاستها عينية؛ لأنها جزء من الميتة، وأبو حنيفة يرى أن العظام لا تأخذ حكم الميتة، وأنها طاهرة، وعلى هذا ميل شيخ الإسلام ابن تيمية، ومما يستدلون به أن النبي -عليه الصلاة والسلام-أمر أن يشترى لفاطمة قلادة من عاج، والعاج من أنياب الفيل، والفيل محرم الأكل؛ لأنه ذو ناب، ولا يفيد فيه ذكاة، إذاً حكمه حكم الميتة، فدل على أن العظم لا يأخذ حكم اللحم، وقول الجمهور في هذا ظاهر.

كيف نجيب عن هذا الحديث، يعني مخرج في السنن؟

طالب:......

لا، العاج من أنيابه، نعم، السن والظفر، الشعر والظفر....

طالب:......

إذا قلنا بأن الشعر والظفر في حكم المنفصل فما يطبق عليه فمه هل نقول: إنه في حكم المنفصل أو حكم العظام الداخلة؟

طالب:......

هاه؟

طالب:......

باستمرار، يعني هل يخص ناب الفيل، أو يقاس عليه غيره، أو نقول: إن الحديث فيه ما فيه، أما كون العظم داخلا في البهيمة، وجزء من أجزائها، وينمو بنموها، وتتألم إذا تأثر هذا العظم، يعني يصدر منه ألم، بل ألم شديد ليس مثل الظفر، أو مثل الشعر، يعني إذا سوس السن كيف يكون الألم؟ الألم شديد، وإذا انكسر العضو تألم ألماً شديداً، هل نقول: إن هذا من اللحم، هذا الألم من اللحم المجاور لهذا العظم، أو من العظم نفسه؟ هو من العظم، ولا شك في دخوله في مسمى الميتة، لكن الحديث ماذا نقول عنه؟ في أحد بحثه؟ مخرج عندك؟

طالب:......

لا في الشرح، أحد معه الزركشي؟

طالب:......

ضعيف؟ إذا ضعف خلاص لا تتكلف اعتباره، أنا أعرف أن فيه كلاما، لكن ما دام، ما علته؟

طالب:.......

خلاص انتهينا من الحديث، إذاً المرجح في عظام الميتة أنها نجسة، نعم؟

طالب:......

كيف؟

طالب:......

إما أن يخص أو ينظر في القول الثاني، فالمرجح في هذه المسألة قول الجمهور، وأن عظام الميتة نجسة، الأنفحة واللبن....

طالب: ما علق عليه يا شيخ.

ما علق عليه؟ ما خرجه؟

طالب: لا أبد، لكن لما قال أبو داود بإسناده قال: في باب ما جاء في مثل..... في كتاب الترجل، ورواه أيضاً الإمام أحمد في المسند فقط.

ما يكفي هذا، اللبن والأنفحة.

طالب: فائدة قال في معالم السنن: وأما العاج الذي تعرفه العامة فهو عظم أنياب الفيلة، وهو ميتة لا يجوز استعماله.

لبن الميتة، والبيضة في جوف الدجاجة، والأنفحة هذه ينازع فيها الذي يقول بطهارة العظام يقول بطهارة اللبن، اللبن طاهر، لكن إذا كان طاهرا ووعاؤه نجس، الثدي، نعم ينجس، يتنجس، لكن هذا يجري على قول من يقول: إذا كانت النجاسة مؤثرة في القليل ولو لم يتغير، مؤثرة مطلقاً، فهو نجس عنده؛ لأنه تنجس خلاص انتهى، والذي يقول: إنه لا يتأثر إلا إذا تغيرت أحد أوصافه، وهل يقول الذي يقول بطهارة الماء الذي لم يتغير ولو وقعت فيه نجاسة يقول بطهارة اللبن ولو لم يتغير، الحكم واحد؟ نعم كأنهم يطردون هذا، المقصود أن مثل شيخ الإسلام الذي لا يرى التنجس إلا بالتغير يقول: إذا حلب اللبن من الميتة واستخرج ولم تتغير أوصافه فهو طاهر.

الأنفحة هذه العصارة التي تؤخذ من معدة الجدي الصغير، وهذه يستعملونها في صناعة الجبن، والصحابة -رضوان الله عليهم- لما فتحوا الأمصار أكلوا من الجبن، وهي تصنع بواسطة هذه العصارة، فاستدل بعضهم على أن هذه الأنفحة طاهرة، والأمصار لا سيما بلاد فارس فيها مجوس، لكن أجاب عن هذا بعض أهل العلم أنه لا يمنع أن يكون فيها من أهل الكتاب من تحل ذبيحته، وشيخ الإسلام يقول في مثل هذا كله بالطهارة، ولا شك أن الأحوط والأبرأ للذمة ألا يستعمل شيء من هذا، وأما ما وقع من الصحابة -رضوان الله عليهم- فلعلهم تحروا في هذا، وعرفوا أن من يذبح هذه الأنعام ممن تحل ذبيحته.

طالب:......

لا، هو أقرب إلى الشعر الظفر بأصله، يتألم بأصله لا بطرفه.

طالب:......

لا، هم يقصون طرفه، ما يتأثر منه شيء.

طالب:......

لا، ليس الأذن هذا القرن.

طالب: حتى الأذن إذا طال؟

لا، لا الأذن ما فيها إشكال، الأذن جزء منها ما فيه إشكال، لكن الكلام في القرن، ما أدري الذي يظهر لي أنه لا يتألم، أما أصله بلا شك مؤلم كأصل الشعر، وأصل الظفر كلها مؤلمة.

طالب: الذين يدرسون الفنون الطبية يقولون: إن الأصل العظم مرتبط بالأصل فيقولون: إن التألم يأتي من العصب لا من أصل العظم.

على كل حال كلما قرب من جسم النامي الحي مؤلم بلا شك، حتى الظفر، حتى الشعر مؤلم، أصوله مؤلمة.

قال -رحمه الله-: "ويكره أن يتوضأ بآنية الذهب والفضة، وإن فعل أجزأه، وصوف الميتة وشعرها طاهر" لكن لو جاء بهذه الجملة الأخيرة بعد العظام، لو قال: وكذلك آنية عظام الميتة قال: وصوف الميتة وشعرها طاهر، هذا مكانها، دون أن يفصل بالوضوء.

"يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة" أولاً: الكراهة هذه تتبع القول باتخاذ آنية الذهب واستعمالها في غير الأكل والشرب، أما الأكل والشرب ففيه النصوص الصحيحة الصريحة.

طالب:......

من يقول بطهارته يجيز بيعه، منهم من يقول: إنه يطهر ظاهراً لا باطناً، ويستعمل في اليابسات دون المائعات، المسألة كثيرة الفروع، وإذا قلنا: إنه يستعمل في اليابسات دون المائعات، هل يصلح شنطا وحقائب وأحذية أو لا يصلح؟ المسألة فروعها كثيرة.

أقول: جاء في الحديث الصحيح من حديث حذيفة وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الشرب والأكل أيضاً في آنية الذهب والفضة، وقال: ((فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخر)) يعني الكفار، وجاء في الحديث الصحيح أيضاً: ((الذي يشرب في آنية الذهب كأنما يجرجر في بطنه ناراً)) أو ((نار جهنم)) -نسأل الله السلامة والعافية-، فالنص في الأكل والشرب لا إشكال فيه، ولذا عامة أهل العلم على تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، نازع في هذا بعض أهل الظاهر، لكن لا عبرة بقولهم مع صحة الأحاديث وصراحتها، جمهور أهل العلم يلحقون بالأكل والشرب سائر الاستعمالات والاتخاذ ولو لم يستعمل، قالوا: إذا نهي عن الأكل والشرب فالنهي عن سائر الاستعمالات التي هي أقل حاجة من الأكل والشرب من باب أولى، وإذا نهي عنه مع الاستعمال فلئن ينهى عنها عن اتخاذها مع عدم الاستعمال من باب أولى؛ لأن الحاجة داعية للاستعمال، ولا تدعو حاجة إلى مجرد الاتخاذ، فالجمهور على منع الأكل والشرب، وهذا فيه النص، وإلحاق سائر الاستعمالات، وقياس الأولى بالنسبة لمجرد الاتخاذ.

فعلى قول الجمهور الوضوء في آنية الذهب والفضة يقول المؤلف: يكره، والكراهة عند المتقدمين أكثر استعمالها في الحرام، وجاء القرآن بذلك {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] مع أن من ذلك الذي تقدم والإشارة إليه أمور هي من عظائم الأمور، فالتعبير عنها بالكراهة دل على أن الكراهة تستعمل في غير معناها الاصطلاحي الذي تعارف عليه المتأخرون من الفقهاء، فإذا قال المؤلف: يكره، يعني يحرم، وقال الإمام أحمد: أكره المتعة، وهو يحرمها تحريماً شديداً، المقصود أنهم يستعملون الكراهية في المحرم، والأئمة كلهم على هذا.

"يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة" يعني على قول من يبيح الشرب يعني من باب أولى الشرب الذي ورد فيه النص، وقلنا: إن بعض أهل الظاهر يبيحون ذلك، من باب أولى أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، الذي يحرم الأكل والشرب ويبيح سائر الاستعمالات يبيح الوضوء، فقوله: يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، يكره، عرفنا أن الكراهة المراد بها كراهة التحريم، وقد تطلق ويراد بها كراهة التنزيه، وهو الأكثر في اصطلاح المتأخرين، والتفاوت واضح وظاهر بين اصطلاحات المتقدمين واصطلاحات المتأخرين، وعلى كل حال إذا كان لا يعارض الاصطلاح لا يعارض نصاً شرعياً فلا مشاحة في الاصطلاح، إذا كان هذا الاصطلاح لا يعارض نصاً شرعياً، أو يخالف ما تقرر في أي علم من العلوم فإنه حينئذٍ لا مشاحة في الاصطلاح، لا سيما إذا بُين، وضربنا أمثلة في دروس مضت، وقلنا: إن للإنسان أن يسمي والد الزوجة ما شاء، يسميه عما خالا الأمر لا يختلف، يوجد من يسميه عما، ويوجد من يسميه خالا؛ لأنه لا يترتب عليه حكم شرعي، لكن لو قال شخص: إن أخا أبيه خاله، وأخا أمه عمه، يقول: هذا اصطلاح، أنا أألف في الفرائض وأسميه خالا، وأورثه تعصيبا، لكن أسميه خالا، وأسمي أخو الأم عما، ولا أورثه بعد مع وجود العصبة وأصحاب الفروض، على خلاف في توريثه؛ لأنه من ذوي الأرحام، يوافق أو ما يوافق؟ نقول: لا مشاحة في الاصطلاح أو في مشاحة؟ لا بد أن يشاحح؛ لأن هذا يخالف ما تقرر، ويهدم أصولا في علم من العلوم، لو قال: أنا أرسم الخريطة وأضع الجنوب فوق، والشمال تحت، يشاحح أو ما يشحح؟

طالب:......

على الورقة، على الورقة يضع الجنوب فوق، والشمال تحت، ما يغير شيئا فقط يقلب الخريطة، ما يشاحح في مثل هذا، ابن حوقل في صورة الأرض فعل هذا، لكن عامتهم يجعلون الشمال فوقا، هذا لا مشاحة في الاصطلاح؛ لأنه ما يغير من الواقع شيئا، لكن لو قال: الشام جنوب، واليمن شمال يشاحح أو ما يشاحح؟ يشاحح؛ لأن هذا يترتب عليه أمور.

المقصود أن الاصطلاح إذا لم يخالف ما تقرر في علم من العلوم، أو يكون في مخالفة نص شرعي هنا يشاحح فيه، وما عدا ذلك القاعدة مطردة: لا مشاحة في الاصطلاح.

نأتي إلى حديث ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) وجماهير أهل العلم على أنه سنة وليس بواجب، هل نقول: إن هذا عناد للنص، أو نقول: إنهم اختلفوا في فهم معنى الواجب؟ يعني إذا قلنا: إن الواجب هو ما يأثم بتركه صارت معاندة، وإذا كان معنى الواجب عندهم يحتمل هذا وذاك، قلنا: ما في معاندة، لو قال إنسان: إن أي محرم من المحرمات التي وردت في آيات الإسراء التي منها الزنا مثلاً {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] قال لك: والله يا أخي الزنا مكروه، ومعه النص، يشاحح أو ما يشاحح؟ نقول له: ما معنى الكراهة عندك؟ وما معناها في الآية؟ إن قال: الكراهة عندي ما استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين، وأنه لا يعاقب فاعلها، نقول: لا يا أخي تشاحح، لكن إذا قال: الكراهة تعني التحريم، قلنا: هذا اصطلاح ويؤيده النص ولا مشاحة في الاصطلاح.

نأتي إلى قوله: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) إذا قال: لا، غسل الجمعة ليس بواجب، بل هو سنة، هل نقول: معاند أو غير معاند؟ نقول: ما معنى الواجب عندك؟ وما معنى المندوب؟ وما معنى الواجب في هذا الحديث؟ إذا قال: الواجب معناه مما تؤيده لغة العرب أنه المتحتم المتأكد، كما تقول: حقك واجب علي، وهذا تتسع له لغة العرب، قلنا: إن هذه ليست معاندة، فيكون معنى واجب متأكد، فهو من آكد السنن، ومعنى الواجب في الاصطلاح أنه يأثم بتركه؟ لا يأثم بتركه؛ لأن هذا مما اختلف فيه النص مع الاصطلاح، المسألة تحتاج إلى شيء من البسط لأنها...، وطالب العلم لا بد أن يكون على خبرة بهذه الأمور معرفة دقيقة، ذكرنا في درس سابق أنه لو قال شخص: أنا والله عمري كله الآن نصف لحيتي أبيض ما عمري رأيت جملا أصفر، والله -جل وعلا- يقول: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] إذا كان يريد بالأصفر هذا فليس هناك جمل بهذا اللون، في جمل بهذا اللون؟ ما في جمل بهذا اللون، فنقول: صحيح ما رأيت جملا أصفر، لكن إثبات الوصف قطعي بالقرآن، أما كونك ما رأيت الجمل الذي تراه بهذا اللون نقول: كلامك صحيح، وحينئذٍ لا يكون معاندا، ويبقى أنه كلما قرب الاصطلاح من الاستعمال الشرعي كان أولى وأحرى، لكن إذا تتابع الناس وتعارفوا على اصطلاحات إذاً لا بد أن ننسف جميع ما اصطلح عليه أهل العلم، أو كثير مما اصطلح عليه أهل العلم.

يقول: "يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه" وفي كتاب الزكاة يقول المؤلف: "والمتخذ آنية الذهب والفضة عاصٍ وفيها الزكاة" هل متخذ المكروه كراهية اصطلاحية عاصٍ؟ لا، ليس بعاصٍ، فدل قوله: "عاصٍ" على أن الكراهة كراهية تحريم، فيربط بين كلامي المؤلف ويعرف مراده.

"أن يتوضأ" الوضوء معروف، وسيأتي -إن شاء الله- تفصيله "في آنية الذهب" يتوضأ في، معناه أنه ينغمس في آنية الذهب والفضة، ثم يخرج بعد ذلك مرتباً فروض الوضوء؛ لأنه قال: "في" هل الكراهية هنا لمجرد الانغماس كما جاء النهي عن الاغتسال في الماء الدائم، أو لكونه في آنية الذهب والفضة، أو للأمرين معاً؟ لأنه الآن توضأ ما اغتسل، نعم؟

طالب:......

في آنية الذهب والفضة.

طالب: في بمعنى من يا شيخ.

نعم؟

طالب: أقول: في بمعنى من.

لا، هم يفرقون بين فيها ومنها وإليها وعليها، نعم.

طالب: وين آنية الذهب يا شيخ التي تتسع لشخص ينغمس فيها؟

افترض، هم بنوا قصور من ذهب، نعم؟

طالب:......

إيه مغطس لكن من ذهب.

على هذا إذا عاملنا المؤلف بكلامه، ومشينا على ما مشى عليه، وأن (في) للظرفية، وأن كلامه منصب على من يغمس في آنية الذهب والفضة، ماذا عن الذي يتوضأ منها؟ يغترف منها، إناء يسع مدا أو مدين أو صاعا يغترف منه للوضوء، يدخل في هذا أو لا يدخل؟

طالب: يدخل؛ لأن العلة الذهب والفضة.

إي نعم، والمقصود الاستعمال سواء توضأ فيها أو منها أو إليها أو عليها، المقصود الاستعمال، وقلنا: إن الكراهية هنا كراهية تحريم.

"في آنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه" عصى وارتكب المحرم في استعمال الذهب والفضة في الوضوء، لكن هل الوضوء صحيح أو ليس بصحيح؟ النهي يعود إلى ذات المنهي عنه الذي هو الوضوء، أو يعود إلى شرطه، أو يعود إلى أمر خارج؟ إلى أمر خارج؟، نعم يعود إلى أمر خارج على قوله هو "فإن فعل أجزأه" يعود على أمر خارج كما لو صلى وفي يده خاتم ذهب، أو على رأسه عمامة حرير، أو حذاء من فضة، يعصي، لكن عمله وعبادته صحيحة؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج، هم عند هذه المسألة يذكرون الصلاة في الدار المغصوبة، هذا توضأ في الماء أو في الإناء المحرم، في آنية الذهب والفضة، وذاك توضأ في الدار المغصوبة، هل الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة أو غير صحيحة؟ المعتمد في المذهب ماذا؟

طالب:......

غير صحيحة، ما الفرق بين هذه المسألة ومسألة الصلاة في الدار المغصوبة؟

هم يقولون: استعماله للماء بعد إخراجه من الإناء، استعماله إذا اغترف من الإناء استعماله في الوضوء ما استعمل الذهب والفضة في العبادة مباشرة، فهو استعمل الماء بعد إخراجه من الإناء، بينما صلاته في الدار المغصوبة حركاته التي هي القيام والركوع السجود كلها وجدت في المغصوب، هناك فرق أو ما لا فرق؟ في فرق، الأكل يأكل والطعام في الإناء أو يخرجه؟

طالب:......

إيه إذاً يُستعمل، أيهما أقرب؟ يعني حينما يأكل في آنية الذهب والفضة هل معناه أنه يدخل رأسه في الإناء ويأكل أو يخرج ويستعمل الأكل خارج الإناء؟

طالب:......

يستعمله خارج الإناء، إلا إذا كانت الملعقة ذهبا هذا شيء آخر، لكن يأكل من الإناء بيده، نعم، ويجوز له أن يأكل؟ لا يأكل، ولا يجوز له أن يتوضأ وإن كان خارج الإناء، ومسألة الصحة هل تختلف بالنسبة للأكل والوضوء؟ الأكل ما يترتب عليه صحة إلا إذا قلنا: بأنه يخرجه كما فعل أبو بكر، وإلا فهو طعام مباح، نعم؟

طالب:......

كيف؟

طالب:......

لا إلا هم كلهم مشوا –أي الشراح- على أنه يتخذه إناء يغترف منه.

طالب:......

إذا قلنا: إن (في) للظرفية، ومراد المؤلف الانغماس، لكن هل يفهم من كلام المؤلف أنه يمنع الانغماس ويبيح الاغتراف؟ لا، لا يبيح الاغتراف، تنظير هذه المسالة في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة هم يقولون: الفرق بينهما أن هذا أخرجه من الإناء فاستعمله، والصلاة في الدار المغصوبة الحركات كلها وقعت في الدار المغصوبة، المنهي عن استعمالها بغير إذن صاحبها، فالتفريق من هذه الحيثية، أيضاً الاستعمال في الوضوء للماء المطلوب للماء وليس للإناء، والدار المغصوبة الاستعمال لعين المحرم، فنظير الصلاة في الدار المغصوبة الوضوء بماء مغصوب، ما قررنا مراراً أن الوسائل كلما قربت إلى الغاية أخذت حكمها وكلما بعدت خف حكمها؟ فالآنية الغاية الصلاة، وسيلتها القريبة جداً الوضوء، وسيلته القريبة جداً الماء، وسيلته الإناء؛ لأنه لا يثبت ماء بدون إناء، فكم مرحلة وصلنا حتى وصلنا إلى الغاية، كم مرحلة تجاوزنا حتى وصلنا...؟ إناء، ماء، وضوء، صلاة، وهناك الصلاة التي هي الغاية موجودة في الدار المغصوبة، فالقول ببطلان الصلاة في الدار المغصوبة أوجه من القول ببطلان الوضوء، مع أن القول ببطلان الوضوء وجه، بل رواية في المذهب، وقل مثل هذا في الوضوء بالماء المغصوب، الوضوء بالماء الموقوف للشرب... إلى آخره، فهو مشى على أن الوضوء صحيح؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج عن العبادة، لا يعود إلى الصلاة، ولا إلى الوضوء نفسه، إنما يعود إلى أمر خارج عن العبادة.

الذين قالوا بصحة الصلاة في الدار المغصوبة ما حجتهم؟

طالب:......

الجهة منفكة، يعني عليه إثم الغصب، وله أجر صلاته، لكن هذه الحركات، الصلاة عبارة عن حركات وأذكار كلها حصلت مقارنة لأمر محرم، فلا يتجه الأمر والنهي لذات واحدة، يعني هذه التصرفات وهذه الحركات محرمة، وهي في الوقت نفسه مطلوبة، يعني هل نقول باتحاد الجهة أو بانفكاك الجهة؟ نعم؟

طالب:......

الآن هو يتصرف ويتحرك ويقوم ويجلس ويركع ويسجد هذه الحركات مطلوبة لأنها صلاة، وممنوعة لأنها تصرف في مال الغير من غير إذنه، فالحركات نفسها مطلوبة وممنوعة في الوقت نفسه، نعم؟

طالب:......

الحركات في هذه الأرض مطلوبة، وفي الوقت نفسه ممنوع أن يتحرك في هذه الأرض.

طالب:......

لكن حصل أو ما حصل؟ الحركات هذه يجوز أن يتحرك في هذه الدار؟

طالب:......

لكن أنت  لو غصبت ماءاً وتوضأت به، الوضوء مطلوب، واستعمال هذا الماء بغير إذن صاحبه ممنوع، الذي يظهر أن الجهة واحدة، فلا يتصور أن يطلب فعلا وينهى عنه في وقت واحد، نعم الذين ذهب وهلهم أن النهي عن الغصب مثلاً واستعمال حق الغير ينصرف إلى هذه البقعة، والبقعة لم تذكر في شروط الصلاة ليقال: عاد النهي إلى الشرط، لكن هذه غفلة عن الحركات في مال الغير بغير إذنه، هذه الحركات ممنوعة، وبعض الناس يستبعد أن إنسانا يغصب ويؤدي عبادة في شيء مغصوب، يستبعد مع أن وجوده في الواقع بكثرة، استأجر محلا، استأجر بيتا ورفض أن يخرج، انتهت السنة قال: والله ما أطلع، غاصب أوليس بغاصب؟ غاصب، أراد أن يخرج في نزهة ووجد أرضا مسورة وجلس فيها هو وأولاده غاصب أو ليس بغاصب؟ لكن فرق بين غصب وغصب، مثل هذا الغصب أمره يسير، يعني تبعاً للضرر المترتب عليه، ما وجد مكانا مناسبا يجلس فيه مع أسرته إلا هذه الأرض المسورة، وجرت عادة الناس بالمشاحة في مثل هذا أو بالتسامح؟

طالب:......

بالتسامح، لكن إذا عرف أن زيد من الناس يشاحح في مثل هذه الأمور يتقى ويجتنب، نعم؟

طالب:......

يتصرف في مال الغير بغير إذنه إثم، هذا ظلم، إلا بنية التخلص إذا أراد أن يخرج من هذه الدار هذه الخطوات لا تحسب عليه.

فإن فعل أجزأه باعتبار انفكاك الجهة فله أجر الوضوء، ويصح وضوؤه، وعليه إثم استعمال الإناء المحرم، ووضوؤه على كلام المؤلف صحيح، والرواية الأخرى عرفناها.

يعني المبالغة في انفكاك الجهات، ترى تهون من شأن المعاصي، يعني بعض، المبالغة على سبيل المثال بعض الأشعرية يقول: يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها، الجهة منفكة، هذا زنا وهذا نظر، هذا ممنوع لذاته، وهذا ممنوع لذاته، نعم؟

طالب:......

يقولون: يجب، هذا الكلام صحيح أو ليس بصحيح؟ إنما منع هذا من أجل هذا، إذا حصل هذا فليحصل كل ما دونه، وهذا أشبه ما يكون بالاستخفاف.

ابن العربي يقول: لو وُجد قومٌ يشربون الخمر في بيت، فوقع عليهم البيت خر عليهم السقف، يقول: لهم شهادتهم وعليهم إثم شربهم، يصلح هذا أو ما يصلح؟ يعني مبالغة في انفكاك الجهة، لماذا وجد في مثل هذا المكان؟ نعم؟

طالب:......

لا هما معاً، يتصرف ويتحرك كل حركاته وسكناته محسوبة عليه، استعمال لمال غيره من غير إذنه.

طالب:......

التي منها هذه الحركات، أنت تريد أن يصحح قول من يقول بصحة الصلاة، وقول معتبر في المذهب معروف، لكن هم نظروا إلى البقعة، النهي عاد إلى ذات البقعة، والبقعة ليست بشرط بدليل أنها لا تذكر في شروط الصلاة، وليست هي ذات العبادة، فلم يعد النهي إلى ذات المنهي عنه ولا إلى شرطه، هذا قول له أهله، وله جمع غفير من أهل العلم يقولون به، وينتصرون له، ومثل هذه الأمور ترى ما يحسمها مثل هذا، لكن يبقى عندنا أن المسألة مسألة شرعية، وكل يتعبد بما يدين الله به، نعم.

المسألة الثاني من مسائل أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال يقول: قال الخرقي: "ويكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه، وبه قال أكثرهم، ووجهها أن النهي عن استعمالها لا يختص بالطهارة" يعني تستعمل في الطهارة وتستعمل في الشرب، وتستعمل في الأكل، تستعمل في استعمالات كثيرة "لأنه عام في الأكل والشرب والطيب والوضوء فلم يؤثر في فساد العبادة".

وقال أبو بكر: "الوضوء باطل، وهو أصح؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) ولأنه توضأ من إناء محرم فلم يصح، كما لو توضأ من جلد ميتة لم يدبغ" لكن جلد الميتة الذي لم يدبغ يؤثر في الماء، أثره في الماء، وحينئذٍ لا تصح الطهارة من هذه الحيثية، أما الإناء من الذهب والفضة فإنه لا يؤثر في الماء، فبان الفرق من هذه الحيثية.

هناك في الزوائد من أجل أن نقف على الباب الذي يليه: السواك وسنة الوضوء.

في الزوائد لو تأخرنا عليكم باعتبار أن هذا آخر درس نقرأه قراءة ما نحتاج إلى وقوف.

قال -رحمه الله تعالى-:

فصل في الآنية.

"وكل إناء طاهر من غير جنس الأثمان فلا بأس باتخاذه" يعني من غير الذهب والفضة "فلا بأس باتخاذه" وللمعلومية الذهب لا يختلف حكمه سواءً كان أصفر أو أبيض؛ لأن الحقيقة واحدة "فلا بأس باتخاذه واستعماله ثميناً كان أو غير ثمين".

كل إناء طاهر مباحُ

 

ولو ثميناً ما به جناحُ

"ثميناً كان أو غير ثمين" يعني ولو كان من الجواهر الأخرى التي هي غير الذهب والفضة، فأما آنية الذهب والفضة فلا يباح اتخاذها ولا استعمالها، وكذلك المضبب بهما إلا أن تكون الضبة يسيرة من الفضة لحاجة كتشعيب القدح، وقبضة السيف وشعيرة السكين، في حديث أنس أن قدح النبي -عليه الصلاة والسلام-انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة.

"وأواني الكفار وثيابهم طاهرة ما لم يتيقن نجاستها، وفي كراهية استعمالها روايتان، وإذا اشتبه الماء الطاهر بالطهور" يعني الأصل أن يكون في الباب السابق "وإذا اشتبه الماء الطاهر بالطهور توضأ من كل واحد منهما وضوءاً كاملاً" وعرفنا أنه يتوضأ من هذا غرفة ومن هذا غرفة على ما قرره المتأخرون، وهنا يقول: "توضأ من كل واحد منهما وضوءاً كاملاً" لئلا يحصل التردد في النية، والتردد يضعفها "وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة كرر فعل الصلاة في عدد النجس منها، وحينئذٍ لا يتحرى" عنده عشرة ثياب نجسة وواحد طاهر يصلي إحدى عشرة صلاة في عدد النجس وزاد صلاة لتحصل له تأدية فرضه بيقين، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.... 

"