شرح منتهى الإرادات (10)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.
قال -رحمه الله تعالى-: وإن اشتبه طهور مباح بمحرم أو نجس لا يمكن تطهيره به ولا طاهر مباح بيقين لم يتحرَّ، ولو زاد عدد الطهور المباح ويتيمم بلا إعدام، ولا يعيد الصلاة لو علمه بعد، ويلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله. ويلزمه التحري لحاجة شرب وأكل لا غسل فمه وبطاهر أمكن جعله طهورًا به أولى. يتوضأ مرة من ذا غرفة ومن ذا غرفة، ويصلي صلاة، ويصح ذلك ولو مع طهور بيقين، وثياب طاهرة مباحة اشتبهت بنجسة أو محرمة، ولا طاهر مباح بيقين، فإن علم عدد نجسة أو محرمة صلى في كل ثوب صلاة، وزاد صلاة، وإلا فحتى يتيقن صحتها، وكذا أمكنة ضيقة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وإن اشتبه طهور مباح بمحرم أو نجس.
يعني إذا اشتبه الماء الطهور المباح، (الطهور): الطاهر بنفسه المطهر لغيره.
( بمباح) يعني ملكه بطريق شرعي. (بمحرم) بمغصوب مثلًا، يقولون: مغصوب، لكن لا يقولون: مسروق، يمكن سرقة الماء أو لا يمكن؟ يعني أخذه خفية من حرزه ممكن أم غير ممكن؟ الغصب واضح.
طالب: ...............
بعلب صغيرة، بإمكانه أن يخفيها؛ لأنه لابد أن يكون خفية، السرقة بإمكانه أن يأخذ علبة نصف لتر يضعها في جيبه ويمشي، فسرقته ممكنة، لكن قبل ماذا يفعل؟! يضع ماءً في إناء في جيبه! فهذا هو السبب في تحديدهم المحرم بالمغصوب، أما السرقة الآن فهي ممكنة.
إن اشتبه هذا الطهور المباح بمحرم على أي وجه كان تحريمه، أو بنجس (النوع الثالث)، إذا اشتبه النوع الأول الطهور بالنوع الثالث النجس بأن وجدا في إناءين متشابهين يجزم بأن أحدهما طهور والثاني نجس، ولا مرجح. في هذه الحالة يحرم الاستعمال، (ولا يتحرى) فيحرم استعمالهما، لماذا؟ لأن اجتناب النجاسة واجب، ولا يتم هذا الواجب إلا بترك الأمرين بترك الإناءين.
الآن عندنا إناء طهور وإناء نجس اشتبه عليه الأمر من غير مرجح، حينئذ لا يجوز له أن يستعملهما، بل يجب عليه أن يجتنبهما. النجس ظاهر؛ لأن ملابسة النجاسة وهو يريد التطهير مناقِضة مناقَضة تامة لما أمر به، فهنا الجهة متحدة، جهة الأمر وجهة المنع متحدة تواردتا على عين واحدة في آن واحد، هذا ظاهر، لكن إذا كان مغصوبًا، وهو طهور، الجهة متحدة أو منفكة؟
طالب: منفكة يا شيخ.
الجهة منفكة، وقد ساقهما مساقًا واحدًا.
يقول: وإن اشتبه.
يعني ماء طهور مباح بمحرم أو نجس إلى آخر كلامه، حينئذ لا يجوز له أن يتحرى، بل يحرم استعمالهما، ويجب اجتنابهما، أما بالنسبة للنجس فظاهر؛ لأن اجتناب النجاسة واجب، ولا يتم هذا الواجب إلا باجتنابهما معًا، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالنجس ظاهر، لكن عندنا المغصوب مثلًا محرم، عنده ماء طهور لا إشكال فيه، وماء طهور مغصوب، هذه مسألتنا، ومسألة أخرى، عنده ماء مغصوب فقط. في مسألة الاشتباه عندنا على ما ذهب إليه المؤلف: كالنجس سواء بسواء، مع أن الجهة منفكة؛ لأن استعماله لهذا الماء، هو نهي عن استعماله، لكنه لا في مورد المأمور به، ولذا تنفك الجهة، ونظير هذا الصلاة في الدار المغصوبة، ونرجع في هذا إلى القاعدة، إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه، فإنه يبطل، أما إذا عاد إلى أمر خارج فإنه تصح مع التحريم، وهل الماء خارج عن الذات والشرط أو هو داخل؟ يعني إذا نظرنا بالخلاف الطويل في الصلاة في الدار المغصوبة، من أبطلها قال: إن البقعة شرط، كيف يصلي في الهواء! ولذا يشترط طهارة البقعة، والذي قال: إن الصلاة صحيحة، قال: عادي لأمر خارج، والبقعة هذه تستعمل في الصلاة وفي غيرها، وكذلك الماء في صورته يستعمل في الوضوء وفي غيره، فلا يتجه الإبطال.
هذا في مسألة ما لو كان الماء مغصوبًا وليس عنده ماء ثانٍ مباح، وعلى القول بانفكاك الجهة الصلاة صحيحة، واستعماله يرفع للحدث مع التحريم، نظير ما تقدم الكلام فيه من استعمال الموقوف على غير وجهه. الجهة منفكة.
في استعمال الماء غير المباح المغصوب، يتعارض عندنا ارتكاب محذور مع ترك مأمور، ارتكاب محظور وهو استعمال هذا الماء المغصوب، وترك مأمور وهو الوضوء والعدول عنه إلى التيمم مع وجود الماء، فإذا تعارض ترك المأمور مع فعل المحظور فالمرجح أيش؟
طالب: اجتناب المحظور.
تعرفون قول الأكثر بناء على قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» ما فيه استثناء، ما فيه ثنية المحظور، وشيخ الإسلام- رحمه الله تعالى- يرجح العكس، وهو أن ترك المأمور أعظم من ارتكاب المحذور، ويمثل بمعصية آدم ومعصية إبليس، يقول: معصية آدم ارتكاب محظور، ومعصية إبليس ترك مأمور ترك السجود. والقول المتجه لا هذا ولا هذا، في كل تعارض ينظر إليه بحسبه، ويمكن أن يُمثل لهذا بأن يوجد في طريقك إلى المسجد منكر لا تستطيع تغييره، مشاهدتك للمنكر الذي لا تستطيع تغييره محظور، وإتيانك لصلاة الجماعة مأمور، تصلي في البيت أم في المسجد؛ لأن المعارض أضعف، لكن لو كان في الطريق إلى المسجد بغي لا يمكن أن تدخل المسجد وعندها ظالم إلا أن يقع عليها، نقول: هنا يصلي في البيت؛ لأن المعارض أقوى، فلا يقال بأن هذا مرجح ولا ذاك مرجح، ينظر إلى كل مسألة بحسبها في الأمرين المتعارضين أيهما أقوى، فعندنا الأمر بالوضوء وهو شرط من شروط الصلاة لا تصح إلا به بحيث لو تيمم وعنده ماء لا يصح تيممه، وحينئذٍ يكون صلى صلاة مفتقدة لشرط من شروطها فهي باطلة، «لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ»، «لا تقبل صلاة بغير طهور».
وعنده أيضًا بالمقابل استعمال المحظور. الذي يقول: لا يتوضأ بمثل هذا الماء، فإذا قيل له: كيف لا يتوضأ وهو واجد للماء؟ يقول: وجود هذا الماء مثل عدمه، الماء معدوم حكمًا، فيتيمم ولو كان عنده مثل هذا الماء المغصوب؛ لأن الواجب عليه أن يرده إلى صاحبه فورًا، فرد المظالم لابد من التبرؤ منها.
يقول: وإن اشتبه ماء طهور بمحرم أو نجس لا يمكن تطهيره به.
لا يمكن تطهيره به لا يمكن تطهير النجس بالطهور بأن يكون النجس قليلًا، والطهور كثيرًا أكثر من قلتين يدفع عن نفسه فيدفع عن غيره على طريقة تطهير الماء النجس فيما تقدم، إذا لم يمكن تطهيره به.
فإن أمكن تطهيره به بأن يكون الطهور قلتين فأكثر، وعنده إناء يسعهما فإنه حينئذ يجب الخلط فيه ويتطهر، وهل يرد هذا في الشق الثاني من المسألة الذي هو المغصوب مثلًا؟ عنده إناء يسع المباح الطهور المباح والطهور المغصوب هل نقول: اخلطهما؟
طالب: لا
لماذا؟ لأنه ليست العلة التنجيس فيطلب تطهيرهما، هما طاهران مطهران، لكن العلة معنوية لا ترتفع بمثل هذا العمل، وأيضًا خلط الماء المغصوب بالماء الذي يملكه هو أيضًا ظلم ثانٍ لصاحب الماء.
لا يمكن تطهيره به ولا طهور.
ولا طاهر مباح يعني طهور مباح بيقين. يعني عنده طاهر ونجس لا يمكن تطهيره به، ولا يوجد طاهر يعني المراد به طاهر مطهر. (مباح بيقين) عنده ثلاثة أوانٍ، هذا يعرف أن هذا طاهر، الذي في هذا الإناء طهور ما فيه إشكال، الاشتباه في الإناءين الآخرين، عنده سطل أخضر في ماء يعرف أنه طهور، وعنده أيضًا سطلان لونهما واحد، اشتبه عليه الأمر يعرف أن أحدهما وقعت فيه نجاسة، الثالث الأخضر طاهر بيقين، وحينئذ يجتنب الاثنين، ويلزمه أن يتوضأ من الثالث الذي هو طهور بيقين. مثل هذا الكلام يرد على القول بأن النجاسة لا تؤثر في الماء إلا إذا غيَّرته، كقول مالك وشيخ الإسلام؟ لأن التغيير يرفع الاشتباه.
طالب: غير متغير.
لأن التغيير يرفع الاشتباه، لكن قد لا يرفع الاشتباه، عندنا طهور بيقين آجن متغير بطول مكثه، وماء وقعت فيه نجاسة من بول، وعرفنا أن البول مرارًا يعني معروف لدى الناس كلهم ولا يحتاج إلى كلام، أنه إذا قلَّت السوائل في البدن يصفر لونه فيؤثر في الماء، يمكن الاشتباه أو ما يمكن حتى على القول الثاني؟ يمكن الاشتباه حتى على القول الثاني.
(ولا طاهر) يعني طهور، (مباح بيقين لم يتحرَّ) أي لم يجتهد فينظر أيهما يغلب على ظنه أنه الطهور أو المباح فيستعمله، يقولون: ولو وجدت قرائن لا يتحرى ولا ينظر أيهما يغلب على ظنه أنه الطهور أو المباح فيستعمله، ولو وجدت القرائن، لماذا؟ لأن هذه القرائن لا تقوى إلى أن يكون غلبة ظن أو يقين.
الآن عندنا في مسألة الشك، وهو فيما إذا استوى الطرفان أمر مفروغ منه أنه يجتنبهما، لكن لو غلب على ظنه أن هذا هو الطهور، وهذا هو النجس بقرائن مثلًا أورثت عنده غلبة ظن. يأخذ بغلبة الظن، لكن غلبة الظن متفاوتة، إذا نظرنا إلى أن غلبة الظن، الظن عمومًا والاحتمال الراجح الذي يزيد على الشك ولو قليلًا إلى أن يصل إلى ما يقرب من اليقين، يعني من واحد وخمسين بالمائة إلى تسعة وستين بالمائة هذا كله ظن، إذا وجد قرينة ترجح، لكن ترجيح ضعيف جدًّا كأنه لا ترجيح، مثل هذا لا يعمل به؛ لأنه يقرب من الشك، لكن لو وجدت قرائن قوية فالأحكام معلقة بغلبة الظن، ولو رجعتم إلى القاعدة الأولى في تحريف الفقه، وهو في قوله: ظن مسائل؛ لأن أكثر المسائل الفقهية عندهم ظنية، ونظرتم إلى الفروع المتفرعة عن هذا التعريف وجدتم منها هذا، فليرجع إليها، والقاعدة الأولى في القواعد والفوائد الأصولية.
عندنا تحرٍّ بين طاهر ونجس، وعندنا تحرٍّ بين طهور ونجس، وتحرٍّ بين طهور وطاهر، وعندنا بين تحرٍّ جهات في القبلة، فرق أن تتحرى بين ما ينفعك وما يضرك، وبين أن تتحرى بين ما ينفعك وما لا يضرك. استعمال النجس ما هو بأمر سهل، هذا يزيد النجاسة، هذا يبعدك عن الله، وأنت تريد التقرب إلى الله -جل وعلا-، هذا يلوث البدن يجب غسله، فالتحري في مثل هذا عندهم لا يرد، التحري في طهور وطاهر لا بأس؛ لأن الطاهر ما يضرك، نعم لا يرفع حدثك، لكن لا يضرك، ما يؤثر عليك ولا على بدنك ولا على ثوبك ولا على بقعتك، ما يؤثر شيئًا.
طالب:.....................
نعم، المسألة مسألة التحري، لو قيل: إن التحري ولو وجدت القرائن ترك الاثنين ولو وجد الاحتياط عند بعضهم؛ لأن اجتناب النجاسات واجب، وأنت تريد أن تتقرب إلى الله -جل وعلا- على أكمل وجه.
طالب:.......................
معروف، لكن حمل السلاح فيه نجاسة يابسة أم رطبة؟ يعني هذا أخف؛ لأن اليابس ما ينجس اليابس، نعم حملت نجاسة صلاة باطلة، لكن النجاسة التي تتعدى وتسري أعظم من النجاسة التي تلزم، فهناك فروق دقيقة في هذه المسائل.
طالب:.........................
لا، ... له بدل تصلي إلى أربع جهات.
طالب:......................
منعًا للتحري الذي تذكره وتريد أن تفرق بينه وبين التحري في الماء! بإمكانك أن تصلي إلى الأربع جهات، بإمكانك أن تصل إلى اليقين، لكن هنا ما يمكن أن تصل إلى اليقين.
طالب: لا يقال يا شيخ ...... أمارات يمكن أن يستدل بها عليها بخلاف
لا، المسألة مفترضة في شخص لا يعرف هذه الأمارات ولا العلامات.
لم يتحرَّ ولو زاد عدد الطهور المباح.
ولو زاد عدد الطهور المباح يعني عنده عشرة أوانٍ ألوانها واحدة فيها واحد نجس، يتحرى أم ما يتحرى؟ يعني الذي يغلب على الظن أنه يقع على واحد من الطهور، وهذا في مسألة الاشتباه، عندهم في كتب حتى في الأصول يبحثونها، إذا اشتبهت أخته بأجنبية، أو ميتة في زكاة، أو اشتبهت أخته بنساء بلد مثلًا ماذا يصنع؟!
طالب: ما يتزوج فيه.
جميع البلد ما يتزوج فيه؟
طالب:............
لأن الاحتمال قائم، يعني ذهب شخص إلى الهند ليتزوج، وهو يعرف أن أحدًا من أجداده ذهب إلى الهند ليتزوج وترك بنته هناك، أو أحد إخوانه مثلًا ترك بنتًا واحدة هناك من بين ثلاثة أرباع المليار، نقول: يتحرى أم يجتنب الجميع؟! لكن لو راح البلد القليل يمكن حصر نسائه مثل هذا لاشك أنه يترك، أما في مثل البلد العظيم الذي التحري فيه قريب من الوسوسة، لاسيما إذا تعين عليه التزوج من هذا البلد، يتحرى فيمن يخطب يتحرى فيها أنها هل لها صلة ببلده، هل وفد عليهم أحد وتزوج منهم أو شيء من هذا. المقصود أن مثل هذا الاشتباه كـ لا اشتباه.
ولو زاد عدد الطهور المباح ويتيمم بلا إعدام.
يعني بناءً على ذلك.
طالب: أحسن الله إليك، بما لا يجتنب وما لا يجتنب، الضابط الوقوع في الحرج والمشقة، يعني إذا أوقعه في حرج ومشقة؟
وأيضًا تروي الاحتمال، احتمال الوقوع على المحظور، يعني ما فيه نسبة من شخص يذهب إلى مصر أو يذهب إلى الهند، أو البلاد المكتظة بالسكان ويجتنبها من أجل امرأة واحدة، لكن عليه أن يتحرى في هذه المرأة، مثلًا يريد أن يخطبها يسأل عنها ويتأكد.
وبناءً على ذلك يتيمم؛ لأنه عادم للماء غير واجد للماء، والله -جل وعلا- يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}[النساء:43]، وهذا عادم حكمًا وإن كان واجدًا حقيقة، لكنه عادم حكمًا، فالماء النجس وجوده مثل عدمه، المغصوب الممنوع من استعماله من الذي منعه من استعماله؟ هو الذي أمره بالوضوء، فوجوده مثل عدمه (بلا إعدام)، وحينئذ لا يلزمه إراقة الماء ليكون عادمًا حقيقة، وإن قال بذلك الخرقي، وهو قول معروف في المذاهب الأخرى، لو كان فيه وقت قرأنا من المجموع في هذه المسألة كلام متين جدًّا.
(ويتيمم بلا إعدام) لماذا؟ لأنه غير قادر على استعمال الماء. (وعنه) أي عن الإمام أحمد: أنه لابد من الإراقة؛ ليكون عادمًا حقيقةً، طيب هل هناك فرق في اشتباه ما تبيحه الضرورة واشتباه ما لا تبيحه الضرورة؟ فالآن استعمال الماء الطهور والنجس هذا تبيحه الضرورة أو ما تبيحه؟ لا تبيحه الضرورة، لكن لو كان للشرب؟ أباحته الضرورة، فما تبيحه الضرورة يتحرى، وما لا تبيحه الضرورة في مثل هذه المسائل لا يتحرى. و(عنه) يتحرى مطلقًا، و(عنه) يتحرى إذا زاد عدد الطهور، روايات في المذهب، لكن الذي اعتمده هنا وهو المرجح عند كثير من المتأخرين أنه لا يتحرى؛ لما ذكرنا من أن احتمال استعماله للماء النجس قوي، الاحتمال قوي، واستعمال النجس وهو يريد أن يتقرب به إلى الله -جل وعلا- إنما يزيده بعدًا.
ولا يعيد الصلاة التي صلاها بالتيمم لو علمه.
أي علم الماء الذي يصح منه الطهور. عنده إناءان: طهور ونجس، قلنا له: اجتنبهما ولا يتحرى، تيمم وصلى ثم تبين له الطهور بيقين يعيد الصلاة أو ما يعيد؟ يقول: (ولا يعيد الصلاة التي صلاها بالتيمم لو علمه بعد) أي بعد صلاته، لو علم الماء الطهور بعد صلاته، وتيقن من طهارته؛ لأنه اتقى الله ما استطاع، ولا يكلف بصلاتين في وقت واحد.
ثم بعد هذا ذلك يقول المؤلف: ويلزم من علم النجس.
من علم الماء النجس، (إعلام من أراد أن يستعمله) جاء شخص ليتوضأ فوجد ماءً لا علامة تدل على أنه نجس، وهو بالفعل وقعت فيه نجاسة، وعلى القول بأن النجاسة لو لم تؤثر في لونه أو طعمه أو ريحه تسلبه الطهورية، ويكون نجسًا بمجرد الملاقاة، رآه شخص يريد أن يتوضأ، وهو يعلم أنه نجس يلزمه أن يعلمه. لماذا؟ لأنه مزاول لمنكر، إذا توضأ بالنجس هذا منكر، ومن علمه يلزمه تغيير هذا المنكر، لكن بالطريقة التي تقدمت لابد أن يبين سبب التنجيس؛ لئلا يكون بينهما خلاف فيما ينجس الماء أو يكون مثلًا المخبر موسوسًا مثلًا ويرى أنه تنجس وهو في الحقيقة لم يتنجس، لابد من بيان السبب على ما تقدم.
طالب: أو أخبره صبي هل يلزمه قبول خبره؟
هل هذا خبر؟ على كل حال لو كان خبرًا أو شهادة، الصبي غير مرضي، منهم من يقبل شهادة الصبيان في صور، ومنهم من قبل رواية الصبيان إذا غلب على الظن الصدق والحفظ، إذا أخبره صبي. الآن من أراد أن يتوضأ من هذا النجس جاءه شخص وقال له: هذا الماء نجس، وأخبره بالسبب يلزمه قبول قوله، كما أنه يلزم إخبار من أراد أن يأكل في نهار رمضان. لماذا؟ لأنه مرتكب محظور، والذي يراه يرتكب هذا المحظور لا يفرق بين المعذور وغير المعذور، يعني هذا لا يفرق بين من يأكل ناسيًا أو يأكل عمدًا، فهو على كل حال في الظاهر مرتكب محظور، فيجب إخباره؛ لأنه مرتكب لمحظور.
ويكون هذا بخلاف من أصابه ماء، لا يدري أطاهر هو أم نجس. هل يسأل عنه أو لا يسأل؟ يقولون: لا يسأل، يعني مثل من جاء إلى ماء وتوضأ منه هل يلزمه أن يسأل: هل هو طاهر أم نجس؟ لا يلزمه، ومثله لو وقع عليه ماء من ميزاب ونحوه لا يلزمه أن يسأل، بل يكره أن يسأل، وعمر -رضي الله عنه- منع صاحب الميزاب أن يخبره.
طالب: لو كان الماء متغيرًا.
الذي أصابه؟
طالب: نعم.
احتمال متغير طاهر متغير بمكثه يتغير بنجاسة،
طالب: يحتمل.
ما دام الاحتمال قائمًا يترك.
طالب: لا يسأل؟
لا، لا يسأل.
طالب:..................
هو يعرف أن هذا مذهبه؟ وما ارتكب محظورًا، هو ما ارتكب محظورًا، المسألة في الخلاف، والإنكار في مواطن الخلاف، إذا كان الخلاف بحيث يقوى له من أدلته ما يجعله يكون معتمَدًا ملتفَتًا إليه يعني له حظ من النظر، مثل هذا لا يلزم ........ لاسيما والمسألة مفترضة في مقلد تبرأ ذمته بتقليد إمامه. يعني لو أن شخصًا شافعيًّا، أو مالكيًّا، أو حنفيًّا، أكل من لحم الجذور وقام ليصلي تلزمه بالوضوء؟
طالب: لا، .......
نفس المسألة، لو أكل من لحم الجذور وقام إلى الصلاة ولم يتوضأ.
طالب:...............
طيب حنبلي أعلم مالكي وقال: أنا عندي خبر.
طالب:...............
هو يعرف أن هذا مذهبه وهذا مقلد تبرأ الذمة بتقليد إمامه؟
طالب: نعم.
ما فيه إشكال، أنت رأيت مالكيًّا يأكل من لحم مفروم، سمبوسة أو غيرها، تقول له: هذا لحم جمل؟! وأنت تعرف أن مذهبه أنه لا يتوضأ من لحم الجمل!
طالب:...................
نفس الصورة، طابقت الصورة أو ما طابقت؟
طالب:...................
لا، الثانية: اللحم المفروم، هو ما عرف ما يدري، ما يستطيع أحد أن يميز اللحم المفروم من الغنم من الإبل، الصورة طابقت.
يقول: ويلزمه التحري لحاجة شرب وأكل.
لأن هذا مما تبيحه الضرورة، (لحاجة) هناك فرق بين حاجة وضرورة. (ويلزمه التحري لحاجة شرب وأكل) يعني نظير ما لو اشتبهت ميتة بمزكاة، واحتاج إلى الأكل وليس عنده حلال بيقين يتحرى، وهنا قال: (لحاجة)، ما قال: لضرورة، والأمور التي ورد تحريمها بالنص لا يبيحها عند أهل العلم إلا الضرورة، وأما ما ورد منعه بالعمومات وبالأقيسة والقواعد، مثل هذا تبيحه الحاجة، وعند أهل العلم الكراهة تزول بأدنى حاجة. المقصود أنه هنا قال: (لحاجة)، والفقهاء يعون ما يقولون، يعني يحسبون حسابهم، يلزمه التحري لحاجة، ولعل المراد الحاجة الشديدة التي لا يستطيع معها الصبر، ولو لم يترتب عليها إتلاف نفسه، التي هي حد الضرورة.
لحاجة شرب وأكل لا غسل فمه.
طالب: لا يلزمه مسحه؟
هي معطوفة على حاجة لحاجة شربٍ (يلزمه التحري لحاجة).
طالب: ليس من باب عطف الجمل على الجمل ويلزمه التحري، ولا يلزمه غسل فمه.
نعم، تحتاج إلى تقدير، لكن عطف المفردات لا يحتاج إلى تقدير؛ لأن الأصل الطهارة، لا يلزمه غسله، أميل أن الأصل الطهارة، يعني إذا أكل من مشتبه فلا يلزمه غسل فمه.
طيب، هرة أكلت فأرًا، فشربت من ماء، هل نقول: لا يلزمه غسل فمه؟ أو هو شرب بعد أن أكل تحرى وأكل مما يُحتمل نجاسته وطهارته فشرب بعدها ماءً وبقي في الإناء بعضه، يمنع غيره من شربه؛ لاحتمال النجاسة؟ أهل العلم يقولون: إن الهرة إذا أكلت فأرة أو شيئًا نجسًا ثم غابت غيبة يحتمل أنها طهر فمها وتطهيرها لا بالغسل ولا بغيره إنما بزوال النجاسة منه، وفم الإنسان لا يبقى فيه نجاسة ولو أكل مما يُظن نجاسته فلا يلزمه حينئذ غسل فمه.
الآن من اشتبهت عليه القبلة ثم اجتهد وصلى، ثم أراد أن يصلي، صلى الظهر على جهة أداه اجتهاده إليها، ثم أراد أن يصلي العصر، نقول: يكفيه اجتهاده الأول أو يجتهد ثانيًا لعله ظهر له ولاح له من العلامات والقرائن ما يدله إلى الصواب؟ يجتهد ثانيًا أم يكفيه الاجتهاد الأول؟ إن جد له جديد يجتهد، وإلا فيكفيه الاجتهاد الأول.
بالنسبة للماء اجتهد لحاجة، وشرب من أحدهما، وأراد الشرب ثانية، يجتهد ثانيًا أم يكفيه الاجتهاد الأول؟ مثله إن وجد قرائن وعلامات تدله بحيث يغلب على ظنه أن الثاني هو الطاهر غير ما شرب منه الأول له ذلك.
يقول: وبطاهر أمكن جعله طهورًا به أو لا.
يعني وإن اشتبه ماء طهور بطاهر أمكن جعله، أي جعل الطاهر طهورًا به أو لا يمكن، بأن يكون الطهور أكثر من قلتين، ثم يُمزجان معًا، هذا لا حاجة إليه، ويحتاج في مثل هذا النجس ليطهر، وأما الطاهر فلا يحتاج إلى تطهيره؛ لأنه طاهر.
(أمكن جعله طهورًا به أو لا) بأن كان الطهور قلتين فأكثر وعنده إناء يسعهما، أو لا يمكن يتوضأ. هناك قالوا: يلزمه أن يجتنب؛ لئلا يباشر النجس، وهنا قالوا: يتوضأ. يجتهد أو ما يجتهد؟
طالب: ما يجتهد.
إن أمكن الاجتهاد وترجح عنده أحدهما لا بأس، لكن إذا اشتبه، ومسألة الاشتباه في الشك، المسألة في الاشتباه حينما يوجد الشك، وحينئذ لا مجال للاجتهاد. يتوضأ وضوءًا واحدًا مرة يأخذ لكل عضو مرة من الطهور ومرة من الطاهر، من هذا غرفة ومن هذا غرفة.
طيب، استعمل ماءًا لا يرفع الحدث يضره أو ما يضره؟ لا يضره؛ لأنه استعمل ماءً طهورًا يرفع الحدث بيقين، والثاني قدر زائد، إن لم ينفعه لم يضره، يتوضأ من هذا غرفة ومن هذا غرفة، وقيل: يتوضأ من كل واحد وضوءًا كاملًا يتوضأ من هذا الإناء وضوءًا كاملًا، ثم يتوضأ من هذا الإناء وضوءًا كاملًا، والأولى هي المذهب يتوضأ وضوءًا واحدًا من هذا غرفة ومن هذا غرفة، وإذا أراد أن يتوضأ ثلاثًا ثلاثًا له أن يرجح فيأخذ من هذا غرفتين ومن هذا غرفة؟
طالب: لابد يثلث من الماءين يا شيخ.
يثلث من الماءين؟ يتوضأ ست مرات؟! فيخرج عن الحد المشروع، أو أن الثلاث شرعية، وأخرى ليست رافعة للحدث. يعني يتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، من هذا ثلاثاً، ومن هذا ثلاثًا، أو يتوضأ مرة ومرتين أو مرة ومرة؟ يعني نرجع إلى المسألة من أصلها، إذا شك في عدد الركعات هل صلى اثنتين أو ثلاثًا يبني على الأقل؛ لأنه متيقن، لكن إذا شك في عدد الغسلات ثنتين أو ثلاث؟ المذهب مضطرد يعني يجعلها ثنتين مثل الصلاة، لكن المتجه أن يجعلها ثلاثًا، لماذا؟ الصلاة إن كانت ناقصة فهي باطلة، لكن الوضوء إذا كان ناقصًا، إن كان تنتين أيش يصير؟ عمل بسنة، لكن إن كان ثلاثًا وزاد رابعة خرج إلى حيز البدعة، فكونه يدور حول السنة أولى من أن يخرج إلى بدعة، فهذا هو المرجح.
هنا أراد أن يتوضأ ثلاثًا ثلاثًا فهل يتوضأ من هذا ثلاثًا ومن هذا ثلاثًا؟ ولاشك أن فيه نوع إسراف؛ لأن الطاهر يحتاج إليه، ولو اقتصر على وضوئه مرة مرة، والوضوء مرة مرة في مثل هذا، وهو يأوي إلى دليل قوي صحيح صريح، ففي البخاري توضأ النبي -عليه الصلاة والسلام- مرة مرة، ومرتين مرتين، فإن كان رفع الحدث بمرة فهو مجزئ إجماعًا، وإن كان رفعه بالماءين على القول بأن الثاني أيضًا طهور؛ لأنه لم يتغير فيكون توضأ مرتين مرتين، يتوضأ من أحدهما مرة والثاني مرة، يعني من هذا غسلة، ومن هذا غسلة، ويتحرى في الثالثة.
لو اكتفى بالمرتين تكفيه. على كل حال قيل يتوضأ وضوءًا كاملًا، والأولى هي المذهب أن يتوضأ من هذا غرفة ومن هذا غرفة؛ لأن الوضوء الواحد من هذا غرفة ومن هذا غرفة وضوء واحد مجزوم بنيته، أما إذا توضأ مرتين مرة من هذا ومرة من هذا النية فيها تردد، فكأنه يقول: إن كان هذا هو الطهور فهذا وضوئي، وإن كان هذا هو الطهور فهذا وضوئي فالنية متردَّد فيها، يعني نظير إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم، فالنية المجزوم بها أولى إذا أمكنت، أولى من النية مع التردد؛ لأنه لا يدري أيهما الذي يرفع الحدث.
ويصلي صلاة واحدة.
ويصح الوضوء بهذه الطريقة من هذين الإناءين: الطهور والطاهر، (ولو مع طهور بيقين) يعني عنده آنية ثلاثة: الأخضر طهور بيقين، والآخران ولونهما واحد أحدهما طهور والثاني طاهر، هل يلزمه أن يتوضأ من الطهور بيقين؟ لا يلزمه؛ لأن الطاهر إن لم ينفعه لم يضره، هذا أصل المسألة، والكلام القول في المسألة السابقة؛ لأن النجس يضره.
طالب:.....................
لا، نية غسل العضو واحدة ما تحتاج، نية الوضوء واحدة يتوضأ وضوءًا واحدًا، كما لو توضأ وضوءًا واحدًا بطهور بيقين ثلاثًا ثلاثًا، نقول: التي رفعت الحدث هي الأولى أو الثانية أو الثالثة؟ هو ارتفع حدثه في الأولى أو في الثانية؟ هل نقول: ترددت نيته في الرفع في الأولى والثانية؟ ما يلزم، لكنه في أثناء الوضوء جازم بأن هذا الوضوء يرفع حدثه، فالغرفة الثانية من الطاهر نظير الغسلة الثانية في الوضوء الواحد ما تؤثر بخلاف ما لو توضأ وضوءًا كاملًا.
طالب:.......................
يمسح مرة من هذا، ومرة من هذا.
يقول: وثياب طاهرة.
يعني إن اشتبهت ثياب طاهرة مباحة اشتبهت بنجسة أو محرمة، فهذه مغصوبة أو شيء،
(ولا طاهر) يعني ولا يوجد طاهر عنده مباح بيقين فمثل هذا الاشتباه لا يخلو من حالين: الحال الأولى أن يعلم عدد الثياب التي لا تصح فيها الصلاة، النجسة والمحرمة يعلم العدد، يعرف أن عشرة ثياب عنده متنجسة وعشرة غير متنجسة.
الحال الأولى: أن يعلم عدد الثياب التي لا تصح الصلاة فيها.
والحال الثانية: أن لا يعلم، عرف أن هذه الثياب وقع عليها نجاسة ولا يدري كم المتنجس من غيره، (فإن علم عدد نجسة أو محرمة صلى في كل ثوب صلاة) يعني بعدد المحرم، يصلي بعدد المحرم، يصلي عشر صلوات، ويزيد واحدة.
طالب:.............
الشيخ : ماذا فيه. فيه إشكال عندهم؟
ما له حظ من النظر هذا الكلام؟ يؤدي صلاته بيقين، يعني يصلي في ثوب طاهر، افترض المسألة في مائة ثوب مثلًا كلها نجسة، وعنده ثوب طاهر، ولا يدري الطاهر من النجس، على كلامهم يصلي مائة صلاة ويزيد واحدة.
طالب:.................
مشقة عظيمة، لكن هذا مقتضى كلامهم، لو أتصور من وقت وقتين أو أكثر ولا يتمكن من تطهير واحد بيقين؛ لأنه ليس عنده طاهر (ولا طاهر مباح عنده بالفعل أو بالقوة) بالفعل يعني ما يعرف أن هذا الثوب الذي له طاهر بلا إشكال، أو بالقوة بحيث يكون عنده ماء يغمسه ثلاثًا ويعصره ويلبسه، قريبة من الفعل لا يتمكن منها لا هذا ولا هذا، يقولون: يصلي بعدد النجس، وهو يزيد صلاة، ليتيقن أنه صلى صلاة مكتملة الشروط.
طالب:................
لو وجدت غلبة ظن جاء بها، لكن ما وجد غلبة ظن، الثياب كلها فيها بقع صفراء هل هذه البقع كالمشروبات الغازية القريبة من لون البول، هذه المشروبات فيها شيء قريب.
طالب:.....................
يأتي هذا يأتي كلام شيخ الإسلام.
طالب:...................
مائة وواحد يلزمونه
طالب:......................
لو كان عنده مائة ثوب.
طالب:......................
طيب هات.
طالب:.................
وعشرة منها باطلة وواحدة صحيحة، ولا يمكن الوصول إلى الصحيحة إلا بهذه الطريقة.
طالب:...................
طيب والوقت الثاني يصلي مثلهن، الوقت الثاني يصلي مثلهن، أين يضعهن! إذا كان الوقت لا يستوعب فلا نظر في مثل هذا الكلام، كان عنده مائة ثوب مثلًا يصلي مئة صلاة! ما يمكن! لأن هناك وقتًا يستوعب عدد معين من الركعات، ولذا لما قال ابن المطهر الذي رد عليه شيخ الإسلام، المطهر يقول: إن علي بن أبي طالب يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة. قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: الوقت لا يستوعب.
يعني لو افترضنا أن كل ركعة بدقيقة نحتاج إلى ألف دقيقة، غير الفرائض وغير التكاليف الأخرى والواجبات الأخرى وغير أعماله اليومية ووظائفه من أمور الدين والدنيا، لكن يعرف عن الإمام أحمد مثلًا أنه يصلي ثلاث مائة ركعة، هذه ممكنة. المقصود أن مثل هذا لاشك أنه فيه مشقة شديدة، لكن هذا كلامهم، ويأتي القول الآخر.
طالب: لعله يا شيخ ما يكون عند الرجل إلا ثوب ........
يعني هل يتصور أنه في وقتنا من يفصل في السنة ثلاث مائة وستين ثوبًا بحيث لا يعود إلى الثوب أبدًا، يلبسه يومًا ولا يعود إليه أبدًا؟! ما هو متصور؟ موجود؟ على كل حال مثل ما قال الشيخ، يمكن لما كتبوا هذه المسائل في وقتهم الإنسان ما عنده ثوب أو ثوبان، هذا متصور في وقتهم. على كل حال ينظر في المسألة باعتبار جميع الاحتمالات، يحتمل أن هذا عنده مائة ثوب أو عنده ثوبان واحد طاهر وواحد نجس.
طالب:...............
لا، واحد ما يصلح، إما طاهر وإما نجس، لا يمكن الاشتباه إلا إذا كان الكم الأيمن والكم الأيسر، وهذا يأتي في إزالة النجاسة إن شاء الله تعالى.
طالب:......................
إذا أمكن الصلاة في طاهر بيقين يقولون: (ولا طاهر مباح) هذا عنده طاهر.
فإن علم عدد نجسة أو محرمة صلى في كل ثوب صلاة وزاد.
يعني على عدد النجسة أو المحرمة صلاة، (وإلا) يعني وإن لم يعلم عدد النجسة فيصلي حتى يتيقن صحتها، يعني يصلي صلوات لا يدرى عددها، لكن حتى يتيقن أنه صلى صلاة صحيحة يعني حتى يجزم بأنه صلى في ثوب طاهر ولو كثرت الثياب.
وقيل: يتحرى مع كثرتها دفعًا للمشقة.
وقيل: يصلي في ثوب واحد بلا تحرٍّ، وكذا أمكنة ضيقة.
طالب: .............
تضعف في مثل هذه الصورة، تضعف، لكن ما فيه حل غير هذا.
طالب:.................
إذا صلى عشرًا أو عشرين صلاة لا يدري أيها الفريضة تضعف النية، لكن هل نقول بمعارضة النية وهي شرط والأعمال بالنيات تعارضت مع هذا الاحتمال وهو نجاسة الثوب، فيرجح؛ لأن هذا أيضًا تعارض؟
يعني عندنا شرط وهو النية، وعندنا شرط وهو طهارة الثوب، فلو صلى إحدى عشر صلاة ضعف الشرط الأول، وإذا تحرى وصلى صلاة واحدة قوي شرط وضعف شرط، فأيهما المقدم؟
يقدم شرط النية؟ يعني على هذا يتحرى ويصلي، وعلى كل حال هناك قول وهو في المذهب أيضًا يتحرى مع كثرتها دفعًا للمشقة، وقيل: يصلي في ثوب واحد دون تحرٍّ، وفي الاختيارات لشيخ الإسلام في الثياب المشتبهة بنجس يتحرى ويصلي في واحد، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي سواء قلت الطاهرة أو كثرت، وذكره ابن عقيل في فنونه ومناظراته، ورجحه ابن القيم، وهو الرواية الأخرى عن مالك.
يقول: وكذا أمكنة ضيقة.
تنجس بعضها ونسي، عنده زوايا في بيته مثلًا أرباع أو عنده غرف صغيرة، أو دهاليز صغيرة، المقصود أن تكون ضيقة. الأمكنة الضيقة تنجس بعضها ونسي الجزء المتنجس، فإذا تنجست زاوية من مكان ضيق واشتبهت ولا سبيل إلى مكان طاهر متيقن، فإنه يصلي في زاويتين من البيت، وإذا تنجس زاوية ثانية صلى في ثلاث زوايا، إذا تنجس ثلاث زوايا يصلي في الأربع زوايا.
وعلى القول الآخر: يتحرى ويجتهد، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:286]
يقول في الفروع: يصلي في فضاء واسع حيث شاء بلا تحرٍّ دفعًا للحرج والمشقة.
في الفضاء الواسع في مكان فسيح، عرف أن هذا الصبي بال في هذا المكان لكن لا يعرف في أي جهة، مثل هذا يصلى فيه دفعًا للحرج والمشقة.
طالب: يضطرد هذا يا شيخ باشتباه الأخت بغيرها في مسألة التحري على قول شيخ الإسلام.
بين اثنتين لا، لم يرد ولا عن شيخ الإسلام، إذا اشتبهت زوجته بأجنبية واحدة أو أخته بأجنبية أو ميتة بمزكاة واحدة لا يتحرى؛ لأن الظن غالب.
طالب: اشتبهت بأهل البلد.
في أهل البلد سهل. هنا فائدة ذكرها المحشي،
يقول: الظاهر أن المراد بقوله: فيمن اشتبهت عليه ثياب مباحة بمحرمة يصلي في كل ثوب بعدد المحرمة.
أنهم يتحدثون في صحة الصلاة، قولهم: (يصلي في كل ثوب) هل هذا إباحة للصلاة في هذا الثوب المغصوب؟ أو أنهم يبينون أن الصلاة صحيحة ولا يتعرضون لحكم الغصب؟
الغصب محرم، ولا يجوز له أن يستعمل هذا الثوب المغصوب، هذه مسألة لكنها منفكة عن صحة الصلاة.
يقول: يصلي في كل ثوب بعدد المحرمة إلى آخره، بيان صحة سقوط الفرض عنه بذلك لو فعله، لا أنه يجب عليه ذلك، بل ولا يجوز فيصلي عريانًا ولا يعيد؛ لأنه اشتبه المباح بالمحظور في موضع لا تبيحه الضرورة، فهو عادم للسترة حكمًا.
يعني مثل ما لو اشتبه الطهور بالنجس، وكان عادمًا للماء حكمًا اشتبه ثوب طاهر بنجس، هذا عادم للسترة حكمًا، وحينئذ يصلي عريان، لكن لو صلى بالثوب المغصوب قالوا: الصلاة صحيحة، مع أنه يصلي بعدد المغصوب ويزيد، ولا يعيد؛ لأنه اشتبه المباح المحظور في موضع لا تبيحه الضرورة، فهو عادم للسترة حكمًا، وإلا فما الفرق بينه وبين من اشتبه عليه طهور مباح بمحرم؟ مع أن كلًّا من الطهارتين والسترة شرط للصلاة. لا يقال: الماء له بدل وهو التراب، بخلاف السترة، لكن بالمقابل أيضًا الماء إتلاف، والسترة ليس فيها إتلاف، هذا من جهة يرجح الصلاة بالثوب على استعمال الماء.
يقول: لا يقال الماء له بدل وهو التراب بخلاف السترة.
لأننا نقول: لو فرضنا عدم التراب جاز له أن يصلي أيضًا على حسب حاله مع وجود هذا الماء المشتبه، بل يجب عليه؛ لأن وجوده كعدمه حينئذ، فقد تركه لا إلى بدل، وهو ظاهر فتأمل.
لو وجد مثلًا ماءًا مشتبهًا هل هو طاهر أو طهور أو نجس، وعنده تراب مغصوب، مسائل لا تنتهي.
بل وكذلك ينبغي له لو توضأ أو اغتسل من المياه المشتبهة من كل ماء غرفة بعدد المحرم وزاد واحدة لصح وضوؤه وغسله، وارتفع حدثه حكمًا بشرط أن يراعي الترتيب والموالاة في الوضوء، بل يأخذ لكل عضو أكثر من عدد المحرم، ويغسل بذلك العضو قبل انتقاله إلى غيره، ولكنه يكون فعلًا محرمًا.
يريد أن ينظر الماء بالثياب، ولا وجه للمقارنة؛ لأن نجاسة الماء متعدية، ونجاسة الثوب غير متعدية.
طالب:..................
أين؟
طالب:..................
الذي هو اشتبه طاهر بطهور
طالب:..................
كيف؟
عندك سطل أخضر فيه طهور بيقين ما فيه إشكال، وعندك سطلان أحمر وأحمر لون واحد والماء الذي فيهما واحد، هذا طهور وهذا طاهر، يعني كونك تستعمل الطهور بيقين هذا هو الأصل، لكن ما تلزم بأن تستعمل هذا؛ لأنك رفعت حدثك بهذا الطهور بيقين، والطاهر ما يضرك بخلاف لو كان نجسًا.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فسر الماء بعد الجهد بالماء، يعني الأمور الواضحة المعروفة التي لا يختلف فيها الناس ما تحتاج إلى تفسير؛ لأن التفسير والتعريف إنما يراد به توضيح الغامض، ولو بحثنا في كتاب أئمة الإسلام المتقدمين ما وجدناهم يعرون ولا يولون التعاريف نصيبًا من جهدهم، فكتب المتقدمين يندر أن تجد فيها تعريفًا لأمر من الأمور، لو نظرت إلى كتب مالك والشافعي وأحمد، الأئمة كلهم قاطبة ما تجدهم يهتمون بالتعاريف؛ لأن الاصطلاحات العلمية واضحة والتصور كافٍ لدى طلاب العلم. والطريقة في التصنيف غير مدخولة، فتجدهم يدخلون في المقصود مباشرة، الذي يريدون الحديث عنه، وكتبهم إما بالرواية عمن تقدم، أو بمدونات أسئلتهم يُسألون، فتدوّن عنهم هذه الأسئلة، ثم خلف من بعدهم أناس، وتغيرت الفهوم، ودخلت العلوم، واختلط المسلمون بغيرهم، وتأثروا بمن اختلطوا فيه، وصار يشكل عليهم شيء من الأمور الواضحات، فعنوا بالتعاريف والحدود، لكنه على قلة أيضًا، ما تجد في كتب القرن الثالث والرابع عناية بالحدود مثل ما تجدها في الخامس والسادس والسابع، ثم بعد ذلك اعتمد الحد؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والتصور لا يكون إلا بالحد، فكيف يتحدث شخص عن أحكام أمر من الأمور وهو لم يتصوره ولم يصوره لغيره؟! فعنوا بالحدود واهتموا بها وصدَّروا بها الكتب والأبواب، وأطالوا المناقشات بذكر المحترزات، وما يشمله الحد، وما يخرجه.
هل تجد في كتب المتقدمين تعريف للصلاة أو للزكاة؟ ما تجد، ولا الحج ولا غيره، في كتب المتأخرين عرفوا، وألف كتب خاصة بالحدود والتعريفات، أما بالنسبة للحدود والتعريفات اللغوية، فهذه تكفلت بها كتب اللغة، والعلماء ينقلون من كتب اللغة إلى كتبهم، أما بالنسبة للحدود والتعريفات الاصطلاحية، فهذه حرص أهل العلم أن يأتوا بتعاريف جامعة مانعة، وقد يخفق الواحد منهم أن يأتي بتعريف أو الكثير منهم أن يأتي بتعريف لا مدخل عليه، يكون جامعًا مانعًا، ولو استعرضنا مثلًا ما نحن بصدده وهو تعريف الفقه، الفقه له حدود، له تعاريف كثيرة ، وكل تعريف منها له وعليه، الفقه بكامله، الفقه الذي يدرس سنين طويلة يختلفون في تعريفه، ويرتبون على هذه الاختلافات أحكامًا، وأول قاعدة من القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام: الفقه له حدود ثم ذكر تعريفًا، وذكر عليه مؤاخذات ومناقشات، وأنه لا يسلم، ورتَّب على هذه الخلافات في التعريف مسائل فرعية كثيرة جدًّا.
قل أن تجد كتاب من كتب الفقه أو غير الفقه من العلوم الأخرى إلا ويصدر الباب تعريف المسألة لغة واصطلاحًا، إلى أن صار يطلب مثل هذا: ما القول الراجح في تفسير الماء؟ فالأرض، والماء، والسماء، والهواء، لا تحتاج إلى تعاريف، يعني قد يقول قائل: إننا نحتاج أن نحكم على الماء، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، فلابد أن نتصور الماء، ممكن يرد مثل هذا السؤال؟! فيه أحد ما يتصور الماء؟!
لا يوجد من لا يتصور الماء، وقد عرف الماء بتعريفات تزيده غموضًا، فعرفوه من الناحية الطبيعية التي من مركباته، عرفوه بأقسامه وأجزائه التي يتركب منها، لكن من الذي يعرف الماء من خلال أجزائه؟! ففي تقديري أن تعريف هذه الأمور الواضحة التي يعرفها الناس ويشترك الناس في معرفتها، هو مجرد تضييع وقت، وقد يقول قائل: إن الترتيب الفني للتأليف ينبغي أن يتدرج من كذا إلى كذا إلى كذا، ثم بعد ذلك هذه العناصر لكل باب من أبواب إذا وُجد فُقد يكون عنصرًا، قد يقال هذا في مثل الترتيب الفني للتأليف، لكن إذا قصدت الفائدة لاشك أن مثل هذه الأمور لا يلتفت إليها.
وذهب بعضهم إلى أن من لم يجد فرجة ويصلي بجانب الإمام فيصلي وحده خلف الصف، والسؤال: الفريق الأول معهم ظاهر النص والفريق الآخر أخذوا بعموم قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:16]؟
هذا النص خاص، وأما قوله -جل وعلا-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} عام، والخاص مقدم على العام، مع أنه لا يُطالب، ما يقال: أثم بتركه الجماعة؛ لأنه اتقى الله ما استطاع، يعني وقف حتى سلم الإمام، ولم يجد من يصافه، مثل هذا لا يقال: حرام عليك أن تركت الجماعة، نقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، هذا اتقى الله ما استطاع.
يقول: إلى كم ينقسم الماء؟
لنا شهران ونصف ونشرح في أقسام الماء الذي اعتمده المؤلف، الطهور: الطاهر في نفسه، المطهر لغيره، والطاهر: الطاهر بنفسه الذي لا يطهر غيره، والنجس.
هذا الذي اعتمده المؤلف، وعرفنا أن شيخ الإسلام يميل إلى أنه قسمان: طاهر ونجس، ولا ثالث. ومن أهل العلم من يرى أنه أربعة وزاد المشكوك فيه، الذي هو موضوع حديثنا اليوم. المقصود أن من يرجح التقسيم الثلاثي لاسيما وأنه يوجد من الماء ما لا تجوز الطهارة به، وهو ما تغير بطاهر، وهو ماء لم يسلبه هذا التغير الاسم، أما إذا سلبه الاسم فلا يدخل في مسمى الماء، والخلاف شبه لفظي. الذي يقول: طاهر ونجس يختلفون في مسائل في رفع الطهورية عن الماء مثلًا، في مثل غمس يد القائم من النوم قبل أن يغسلها ثلاثًا، في مثل الماء إذا خلت به المرأة طهارة كاملة، هذا يقولون: طاهر وليس بطهور.
على القول الثاني: هذا طهور يرفع الحدث ولا أثر لما حصل فيه، وإنما هذا على جهة التعبد، هذا سبق بحثه، لكن إذا تغير الماء بالطاهر تغيرًا يسلبه اسم الماء هذا لا إشكال فيه أنه لا يُتطهر به على القولين: إما لأنه ماء متغير بطاهر على القول الأول، أو لأنه ليس بماء مطلق على القول الثاني. وما يتردد في تغيره لقربه إلى الماء مثلًا أو بعده عنه، هذا قد يكون فيه محل نظر للفريقين.
المقصود أن الخلاف يكاد يكون لفظيًّا إلا فيما قرر من قسم القسمة الثلاثية من سلب الطهورية للماء بغمس اليد أو بخلوة المرأة، أو بالأمور التعبدية، مثل هذا نعم يدخل في قولهم: إنه طاهر وليس طهور.
وهذا يريد أن يقترح منع المداخلة من الطلاب، وذلك أن تجعلوا وقتًا خاصًّا يكون لإلقاء الدرس لا يسمح فيه بالمقاطعة حتى ينتهى من الشرح، ويكون ذلك في غضون خمس وأربعين دقيقة فقط، ثم يترك المجال بعد ذلك للحوار والمداخلات؛ لأن كثيرًا من الطلاب لو ترك لهم المجال لطرح الأسئلة لضاقت ساعات الليل والنهار عن استيعاب كلامهم. تطرحون أثناء الدرس تساؤلات وتفريعات تلو التفريعات، مما يجعل الطلاب في حيص بيص، ويختلط عليهم القول الصحيح في المسألة مع أقوال الطلاب، مما يسبب تشويشًا قويًّا على المعلومات.
ثم جاء بالملاحظة السابقة.
يقول: محل النقاش والاستطراد والحوار اللقاءات المفتوحة وعلى هامش الدروس العلمية، أما أثناء الدروس فالذي نراه أن كثيرًا من المشايخ فهو للدرس فقط، وما يقرره الشيخ ويطرحه للطلاب، ولا يسمح بالكلام مطلقًا.
هذا لا شك أنه طلب وله حظ من النظر، وله أنصار، لكن الجانب الآخر وهو الاستطراد والإتيان بجميع ما يحتف بالمسألة، وأخذ رأي الطلاب؛ لأن الطلاب كثيرًا منهم في حكم الشيوخ، يعني كثير منهم يصلح للتعليم، فإذا أخذ رأيه فالمدرس قد يغفل عن شيء يرد عليه وهو لا يشعر، فإذا أخذ رأي الطلاب ولا يعني أن كل الطلاب يشاركون، ما أرى كل الطلاب يشاركون، إنما يشارك منهم البارزون، فإذا أخذ رأيهم في مسألة ما، لا شك أنه قد يتشوش بعض الناس؛ لأن ذهنه لا يحتمل المداخلات، ولا يحتمل التطويل، ولذلك ألف له كتب تناسبه، وأما كتابنا، فلا يناسبه مثل هذا الذي معنا. على كل حال طلبه وجيه، وداخل علينا بعد هذا الدرس درسان فقط، وفي استئناف الدروس إن شاء الله بعد الإجازة ننظر، نستفتي على الطريقة السابقة، وفي المكان والوقت، وتضبط الأمور إن شاء الله على ما تريدون.
أما حسم الباب بالكلية، وكوني لا أطلب مشاركة أحد أو لا أستطرد فهذا ليس بمقدروي، جربته مرارًا فلم أستطع، مع أنه يوجد من الطلاب عدد كبير يرغب في مثل هذا، والدرس إذا لم يكن بالحوار والأخذ والرد وهذه المناقشات لا شك أنها تثري الدروس. بعض الناس يقفل باب الأسئلة أثناء الدرس.
أحيانًا يرد علينا أسئلة أو مناقشات أقف فيها لا أستطيع الجواب عنها وأتردد فيها، لكن هذا لا يعني أني أمنع الطالب من السؤال؛ لأنه قد يورد علي سؤال أعجز عنه، هذا لا يرد أبدًا، ليورد الطالب ما يشاء، إن كنت أعرف جوابه أجبت، وإلا سألنا عنه الإخوان الحاضرين، وإلا بحثنا عنه. هو يستدل بصنيع بعض المشايخ، وهو صحيح وطلبه وجيه، فعلًا أحيانًا يشوش على فئة، والناس يتفاوتون، والطلاب مواهب، ولذلك كثير من الطلاب يسأل: هل تكون قراءته لكتاب واحد حتى ينتهي؟! طلبه للعلم في كتاب واحد حتى ينتهي، في فن واحد حتى ينتهي، ثم ينتقل منه إلى الفن الآخر، أو يقرأ ويتعلم أكثر من علم في آن واحد؟
نقول: الطلاب يتفاوتون، شخص يتشوش ذهنه إذا خلط بعض العلوم ببعض هذا ينصرف إلى علم واحد حتى يتقنه، ثم ينتقل إلى علم آخر، أما الشخص الذي يستوعب ولا يتشوش بمثل هذا فهذه هي الجادة، هذه هي الجادة
أن يأخذ في الصباح كتابًا، في الظهر كتاب، في العصر كتابًا، في المغرب كتابًا إلى آخره، هذا فن، وهذا فن، وهذا فن، حتى إن بعض الناس لو قلت له: الزم كتابًا واحدًا مل وسئم منه، لابد أن ينوع، فإذا لوحظ مثل هذا الذي يتشوش كيف بمن يمل؟! والعكس، فالمسألة مسألة تسديد ومقاربة، والذي لا يعجبه مثلًا مثل هذا الدرس، ويجد أن غيره أنفع له منه، اتبع الأنفع يا أخي، نحن تعودنا هذا منذ أن بدأنا، وحاولت يعني أن أنزل درجة ما استطعت.
على كل حال بقي من دروس هذا الفصل هذا الدرس والدرسان اللذان يليانه، اليوم تسعة، يعني السادس عشر والرابع والعشرين، أو السابع عشر والرابع والعشرين.
المقدم:.............
ثم بعد ذلك نكون أنهينا الآنية إن شاء الله تعالى، وأنا أعرف أن مثل هذا الذي يقترح يريد أن يقول: إن المشايخ في فصل واحد ينهون كتاب الصلاة مع الطهارة. أقول: هذا يصلح لهم ناس، ولهم جموع غفيرة تتلقى عنهم، وهم على خير إن شاء الله تعالى، وإكمال الكتب أيضًا مطلب؛ لئلا يضيع العمر ونحن في العبادات، ثم بعد ذلك تنتهي المدة وما وصلنا للمعاملات ولا المناكحات، لكن هل هذا يمشي عندنا! ما يمشي عندنا.
لا شك أن إكمال الكتب مطلب، وأخذ أكبر قدر من الفن مطلب، لكن يبقى أن تفصيل المسائل وتوضيح المسائل والوقوف على دقائق المسائل أيضًا أمر مهم، والكتاب يليق به مثل هذا، الكتاب صعب، يليق به مثل هذا.
وجاء فيه: تعديد للمصلحين في هذا العصر.
على كل حال مثل هذه المجلات التي لا يلتزم فيها الأدب والتعليم الصحيح، مثل هذه لا يحرص عليها، علمًا بأن كل الصيد في جوف الفراء.
أنا لا أنصح طالب علم أن يرجع إلى مثل هذه إلا مجلة واحدة أو اثنتين، حيث تعنى بالمباحث العلمية المؤصلة الدقيقة شريطة أن تكون مأمونة أيضًا، ولا يزج بنفسه أن يضيع وقته في قراءة صحف أو مجلات، أو متابعة وسائل أو غيرها، بحيث يضيع وقته، والعمر نفيس ويمر من غير أن يشعر به. كثير من طلاب العلم تجدهم وسائل الإعلام تضيع أوقاتهم بدون جدوى، نعم قد يقال أو يتعين على بعض الأشخاص أن يقرأ مثل هذه المجلة بنية الرد عليها؛ لأن هذا منكر لابد من تغييره، أما عموم طلاب العلم عليهم أن يتجهوا إلى العلم الصحيح من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وما يخدم هذين الأصلين.