مصباح السالك في أحكام المناسك (04)

طالب: ...........

هذا شرط تزيده المرأة، زائد في حق المرأة وجود المحرم، فإذا لم يوجد المحرم للمرأة، فإنه لا يجب عليها حج، لا يجب عليها السعي للحج، المحرم هو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، ويكون ذكرًا مسلمًا مكلفًا ولو عبدًا، بعضهم اشترط أن يكون مبصرًا، ويكفي لو كان أعمى، بعضهم اشترط البصر، والصواب أنه يكفي، لا بد أن يكون ذكرًا فلا يكفي أن يكون امرأة أو مع جمع من النساء كما يقول به بعض أهل العلم، بل لا بد أن يكون المحرم لها، وإن قال بعضهم: محرم له من محارمه، وهذا لا يكفي، ما معنى: لا يحل لامرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم؟ محرم لها؛ لأن بعضهم يقول: إذا ركبت مع رجل ليس بمحرم لها، ومعه ذو محرم له يكفي، لكن هذا بعيد عن ظاهر اللفظ.

طالب: ...........

نعم قيل به.

طالب: ...........

كيف؟

طالب: ...........

الله المستعان..

طالب: ...........

بعيد عن مراد النص، بعيد عن ظاهر النص، يعني مثل ما قيل: {فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة النــور:33] لهم أو لهن؟

طالب: ...........

لهؤلاء النساء المكرهات على البغاء أو لهؤلاء المكرِهين؟

طالب: ...........

السياق المكرهات هذا قول الأكثر، ما قال بالقول الثاني إلا من شذ، لكن قد يقول صاحب القول الثاني إن المكره ما عليه ذنب أصلاً، فهو بحاجة إلى المغفرة، فالذي بحاجة إلى المغفرة هو المُكرِه، لكن هذا المُكرِه إن لم يتب توبة بشروطها، فهذه جريمة، نسأل الله العافية.

طالب: ...........

هذا يرجع أيضًا إلى مسألة أخرى، وهي احتمال اللفظ لمعنيين، حمل اللفظ على معنييه في آن واحد، الجمهور يمنعونه، لا بد أن يكون المراد واحدًا، يعني أنت إذا دخلت مكانًا.

طالب: ...........

أنت إذا دخلت الفصل، قلت: يا محمد، أنت تريد واحدًا بعينه، قام واحد اسمه محمد، هل هو مراد لك أو ما هو مراد؟ الثاني الذي قام هو اسمه محمد، واللفظ يحتمل، لفظك يحتمله بخلاف الوصف، الوصف يحتمل أكثر من شخص.

 طالب: ...........

لكن الاسم الذي يعين المسمى المراد.

طالب: ...........

تساهل الناس، بل كثير ممن يفتي من أهل العلم للأسف الشديد في مسألة المحرم، وأمره عظيم، جاء التأكيد عليه في نصوص كثيرة، والآثار المترتبة على التساهل فيه خطيرة جدًّا، يعني ولو قالوا: إن المسألة يعني أمن طرق وسرعة في وسائل بالطائرة تسلمها حتى تدخل الباب، وتستلم، هذا الكلام ما هو بصحيح، هذا تساهل غير مرضي، يعني ولا شك أنه قول سيئ. وكم من وقائع وحوادث حصلت في الطائرة نفسها، وكم من امرأة استدرجت وجرت إلى كوارث ومصائب في الطائرة، أسوأ من ذلك القطار، سافرنا مرة فيه أكثر من خمسمائة امرأة، ولا فيه عشرون رجلًا ولا ثلاثون رجلًا، كلهم بهذه الطريقة يسلمون هناك ويستلمون هنا، فقط يسلمون المرأة بناءً على هذا التساهل، وأذكر أنه قبل سنتين حصل حادث عطل في القطار في آخر الشهر في ليلة حالكة الظلام، وخرب القطار في أثناء الطريق، ونزل الناس، القطار في وقت الصيف تعطل ولا كهرباء، ماذا يفعلون؟ ينزلون إلى البر، ظلام وأشجار وغير ذلك، من يمنع من وقوع الفواحش في مثل هذه الظروف، فالتساهل في مثل هذا غير مرضي، تجد بعض الناس ينقل معلمات مسافات، وهن جمع، لكن ليس معهن محرم، يقع في المحظور، تجدهم يتساهلون، ومع ذلكم يرتبون أمورًا على أمور، يقول: أنا لا أستطيع أن أقف لصلاة الفجر في الطريق؛ لأني معي جمع من النسوة، وأنا واحد، ويأخر صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس، وليصل لمقر العمل، ظلمات بعضها فوق بعض، والله المستعان.

طالب: ...........

ولو كان، المقصود أنه سفر ما دام يخرج من البلد يسمى سفرًا.

طالب: ...........

مسيرة يوم وليلة نصف مسافة قصر هذه؛ لأن مسافة القصر يوم للقاصدين، وداخل البلد لا بد أن تنتفي الخلوة، ومع مظنة الفتنة لا يجوز بحال.

طالب: ...........

لهما يعني لها ولمحرمها.

طالب: ...........

يعني الزوج لا يلزمه أن يسافر مع زوجته للحج ولو بذلت المقابل، ومثله الوالد ومثله الأخ.

طالب: ...........

كمن لا محرم لها.

طالب: ...........

نعم المحرم الذي يرفض وجوده مثل عدمه.

طالب: ...........

نعم على هذا الأساس وعلى هذا الشرط تقدم لخطبتها قالت: شرط أن تحج بي فلا بأس.

طالب: ...........

كما أن زوج الأخت ولا حرمت عليه أخت زوجته ليس بمحرم؛ لأن هذا التحريم ليس على التأبيد.

طالب: ...........

نعم يجوز له.

طالب: ...........

يلزمه.

طالب: ...........

ما يلزمه أن يحج عنها لا يلزمه أن يحج عنها فرق بين أن يحج بها أو يحج عنها.

طالب: ...........

لكن قد يقول قائل: إنه يلزمه أن يحج نيابة عنها من مالها، مادام ملتزمًا أن يحج، لكن قد يقول قائل: إنه لا يلزمه؛ لأنه سوف يحج لنفسه لا لها في التزامه أن يكون محرمًا لها.

طالب: ...........

لا، على الفور الحج، لا يجوز له ذلك.

طالب: ...........

على كل حال.

طالب: ...........

واقعة هي أم ما وقعت، هي المسألة وقعت تزوجت على أن يحج بها.

طالب: ...........

هو يأثم بتأخيرها؛ لأن الحج واجب على الفور، أما كونه يلزمه أن يحج عنها ما يظهر.

طالب: ...........

لأنه ليس بشرط صحة ولا إجزاء.

طالب: ...........

نعم، بناءً على أن من عصى في سفره لا يترخّص، وهذا قول الأكثر، أبو حنيفة -رحمه الله- وكان شيخ الإسلام يستروح قول أبي حنيفة أنه ولو عصى في سفره يترخّص في سفره، له الرخصة، وعليه الإثم.

طالب: ...........

بلا إذن سيد.

طالب: ...........

وله وطء مخالفة.

طالب: ...........

امرأة أحرمت بدون إذن زوجها، والإذن مما يحتاج إليه في النفل إنما يحتاج إليه في النفل، فأحرمت بلا إذنه له أن يطأها يعني ولو ترتب عليه فساد الحج، ولذا يقول: وله وطء مخالفةٍ من أمةٍ وزوجة لا من أذن لها أو كانت في فرض؛ لأن الفرض لا يحتاج إلى إذن أو نذر، أذن لها أو لم يأذن يعني في الفرض والنذر والقن في نذرٍ أذن فيه السيد كيف؟ ما معنى هذا؟ أو لم يأذن والقن في نذرٍ أذن فيه السيد.

طالب: ...........

هو العبد، القن ما فيه إشكال، والقن في نذر أذن فيه السيد، يعني يلزمه إتمامه، مادام أذن، وهو نذر عليه يلزمه أن يمكّنه منه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

"بسم الله الرحمن الرحيم الحمد، لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فرع يصح حج المغصوب على الحج."

يعني لو أن شابُا مكلّفا رفض أن يحج، فألزمه أبوه أو ألزمه ولي الأمر أن يحج يصح حجه، وأجره على قدر نيته، كما أن من امتنع من دفع الزكاة تؤخذ منه قهرًا وتجزئ.

"وأجير الهجرة والمكان والتاجر قال بعض المفسرين في قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} [سورة البقرة:198] هو النفع والربح في التجارة، وكان العرب يتأثمون أن يتّجروا أيام الحج."

كان الناس من العرب..

"وكان الناس من العرب يتأثمون أن يتّجروا أيام الحج، وإذا دخل العشر كفّوا عن البيع والشراء، فلم يقم سوقٌ، ويسمون من يخرج إلى التجارة الداج ويقولون: هؤلاء داج."

يعني ما يكون حاجًّا يصير داجًّا.

"وليسوا بالحاج.."

لا شك أن من تمحضت نيته، ولم ينهزه إلى تلك الأماكن إلا الحج أكمل وأفضل، لكن التشريك في مثل هذا أن يكون القصد الحج، ولا يمنعه ذلك من أن يبتغي من فضل الله كما قال الله -جل وعلا- في الآية التي سمعناها لا يمنع، وإن كان الأول أكمل، لكن من نهزه التجارة نهزته التجارة، وقال وتلبّس بالحج، والباعث له الأول والأخير هو التجارة، وتظاهر للناس أنه إنما ذهب للحج، هذا يذم شرعًا، ومثله إن ذهب إلى تلك الأماكن رياءً وسمعة، نسأل الله العافية.

طالب: ...........

هذا يؤجر إن شاء الله على نيته؛ لأنه ما عدل عن الترك إلى الفعل إلا إرادة الأجر، يعني كمن نُصح بأن يكثر المشي قال: أطوف بدل ما أمشي في الشوارع، أو نُصح بالحمية فقال: أصوم، مثل هذا يؤجر على قدر نيته، لكن ليس أجره مثل أجر الذي تمحّضت نيته وقصده للعبادة.

طالب: ...........

لكن جاء ما يشير إلى أن من الناس من يحج للتجارة، ومن الناس من يحج للسياحة، ومنهم إلى آخره في آخر الزمان، وهذا ملاحظ، نسأل الله العافية.

"وقيل: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواق في الجاهلية."

أسواق أم أسواقًا؟

"يتّجرون فيها أيام الموسم، وكانت معايشهم منها، فلما جاء الإسلام تأثموا، فرُفع عنهم الجناح في ذلك."

يعني كما تأثموا في السعي بين الصفا والمروة؛ لأنهم في الجاهلية كانوا يسعون للأصنام، فتأثموا لما جاء الإسلام، فرُفع عنهم الجناح.

"فرفع عنهم الجناح في ذلك، وأُبيح لهم، وإنما يُباح ما لم يشغل عن العبادة."

إن شغل عن ركن فلا شك أنه يكون مفسدًا للحج، وإن شغل عن واجب حرم، وإن شغل عن سنة فهو فيما يقابل السنة.

"وعن ابن عمر أن رجلاً قال له: إنا قوم نكري في هذا الوجه، وإن قومًا يزعمون ألا حج لنا فقال: سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يرد حتى نزل {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} [سورة البقرة:198] فدعا به فقال: أنتم حجاج، وعن عمر -رضي الله عنه- أنه قيل له: هل كنتم تكرهون التجارة في الحج؟ فقال: فهل كانت معايشنا إلا من التجارة في الحج، فلا إشكال في.."

انتهى، عندك انتهى أم؟

"انتهى، فلا إشكال في صحة الحج في المغصوب.."

مِن.. مِن المغصوب والأجير والتاجر.

"فلا إشكال في صحة الحج من المغصوب والأجير والتاجر، ولا إثم نص على ذلك وفقًا.."

وفاقًا للأئمة الثلاثة.

"وفاقًا للأئمة الثلاثة"

المغصوب على حجة الإسلام على القول بفوريته لا شك أنه يأثم مع القدرة على ذلك، يأثم، أما من عداه الأجير والمكاري وما أشبه ذلك فلا يأثم، إن شاء الله.

"قال في الأصول والمنتخب: والثواب بحسب الإخلاص، قال أحمد: ولو لم تكن تجارة كان أخلص، انتهى، ولهذا ذكر في الإقناع والمنتهى وشرحه وغيرهم أنه نوى مع نية الصوم."

أنه متى..

"أنه متى نوى مع نية الصوم هضم الطعام أو مع نية الحج التجارة أو رؤية البلاد النائية أن ذلك ينقص من الأجر، وهذا مع عدم تمحض النية كلها، لذلك فإن تمحّضت في ذلك في عبادة.."

فعبادة باطلة..

"فإن تمحّضت في ذلك فعبادة باطلة."

نعم يعني من نصح بالحمية فقال: أصوم بدلاً من أن أُمسك من غير صيام أصوم، لا شك أنه يؤجر، ومثله من نُصح بالمشي فقال: أطوف، يؤجر، لكن إذا صام من غير نية تمحّضت نيته للحمية من غير قصدٍ للثواب، أو طاف لمجرد التخفيف، أو المحافظة على الصحة أو ملازمة قرين أو ما أشبه ذلك من غير قصد التقرب بالطواف فمثل هذا لا أجر له.

طالب: ...........

لا شك أن حفظ الأمن مطلب شرعي.

طالب: ...........

هذا يحصل له الأجر، ويحصل له أيضًا أجر حفظ الأمن مع النية الصالحة.

"وتصح مع قصد رياء، لكن قال ابن رجب: الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض صلاة وصوم، وقد يصدر في نحو صدقة، وهذا العمل.."

وحج، وقد يصدر في نحو صدقة وحج..

"وقد يصدر في نحو صدقة وحج، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط."

الرياء المحض الذي يبعث على العبادة من أصلها لا يكاد يصدر من مؤمن لاسيما في الصلاة والصيام التي نفعها لازم قاصر، أما ما نفعه متعدٍّ قد يحصل، أما ما نفعه متعدٍّ وأعماله كثيرة كالحج مثلاً قد يحصل من الإنسان أن يقول: يحج كل سنة من أجل أن يقال: فلان كذا، ولكن ما يحصل من شخص يصلي الصلوات، والباعث له يقال: قد يطيل الصلاة ليقال، لكن أصل الصلاة لا يمكن، ولكون الصوم يندر فيه الرياء لاسيما الفرض، أمر إذا سابه أحد أن يقول: إني صائم ولولا ذلك لكان خدشًا في صيامه.

طالب: ...........

وهو الظاهر؛ لأن النفل الإخبار به يُنقص الأجر.

طالب: ...........

هو ينفي صدوره، لا يثبت صدوره من مسلم.

طالب: ...........

يصدر من شخص يخرج من بيته يصلي من أجل الناس؟ هذا ما هو مسلم.

طالب: ...........

والله عموم العبادات الخفية إذا أخبر بها صاحبها نقص أجرها إلا إذا ترتب على ذلك مصلحة أعظم من ذلك حال الاقتداء مثلاً، عالم يريد أن يقتدي عامة الناس به أنه يصوم النوافل، ويكثر من التلاوة وما أشبه ذلك لا مانع أن يخبر، والأمور بمقاصدها، إذا أراد أن يقتدي به الناس، أو يدفع عن نفسه تهمة، إذا أراد أن يدفع عن نفسه تهمة فلا مانع من ذلك، لما رمي ابن عمر- رضي الله عنهما- بالعي قال: كيف يكون عييًا من في جوفه كتاب الله؟ ابن مسعود أراد أن يقصده الناس بالسؤال؛ لقلة من يعرف ما يعرفه من علوم الكتاب والسنة قال: إنه لا يعلم أحدًا أعلم منه بكتاب الله، إلى آخره، هذا صدر من الصحابة، لكنه بقدر الحاجة، والأمور بمقاصدها.

طالب: ...........

..كلما أخفى كان أقرب إلى الإخلاص، والله المستعان.

"وقال: إشارة الرياء العمل من أوله.."

من أصله..

"وقال: إشارة الرياء العمل من أصله النصوص الصحيحة تدل على بطلانه، وإن كان أصل العمل لله ثم طرأ عليه خاطر الرياء ودفعه لم يضره بلا خلاف، وإن استرسل معه ففيه خلاف، رجَّح أحمد أن عمله لا يبطل بذلك، انتهى."

وقال: إشارة الرياء العمل من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه، هذا الشرك بعينه، هذا الشرك الخفي، وإن كان أصل العمل لله، ثم طرأ عليه خاطر الرياء ودفعه، يعني لم يسترسل معه لم يضرّه؛ لأن طروّ هذا الرياء اليسير يقابله ما يترتّب على المجاهدة من أجر، فيكون هذا في مقابل هذا، فلا يضر، لكن إن استرسل معه ففيه خلاف رجّح أحمد أن عمله لا يبطل بذلك؛ لأن الباعث والناهز هو قصد التقرب إلى الله -عز وجل-.

"تنبيه: وإن حج على حيوان مغصوب أو بمالٍ مغصوب عالمًا ذاكرًا بذلك.."

بذلك وقت حجه لم يصح.

"عالمًا ذاكرًا بذلك وقت حجه لم يصح، وإلا صح.."

يعني إن نسي أن هذا المال الذي حج به مغصوب أو مال محرم أو ما أشبه ذلك.

وما أحسن..

"وما أحسن ما قال بعض الفضلاء في ذلك:

إذا حججت بمالٍ أصله سحت

 

 فما حججت ولكن حجت العير

ما يقبلُ الله إلا كل صالحةٍ

 

ما كل من حج بيت الله مبرور

قال في الغاية: ولو تاب من ذلك في الحج قبل الدفع من عرفة أو بعده إن عاد فوقف في الوقف مع تدبير إحرام أن حجه يصح؛ لتلبسه مباح حال فعل الأركان."

لكن إذا انتهى من ركن، وقد تلبس بهذا الركن وهو عاصٍ، حج بمالٍ مغصوب مسروق من ربا من غش، ما عند الله لا يُنال بسخطه، لكن من يصحح حج مثل هذا يقول بانفكاك الجهة، عليه إثمه، وله حجه، والقاعدة أنه إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه بطل، أما إذا عاد إلى أمرٍ خارج فإنه لا يبطل وإن حرم الفعل، نأتي إلى المال الذي حج به، هل هو شرط للحج أو يمكن أن يحج الإنسان بغير مال، يعني يمكن انفكاك الجهة أم ما يمكن؟ يمكن، وعلى هذا يصح حجه مع تلبسه بمحرم، لكن الثواب المرتب عليه وهو مقتضى القبول لا يحصل له؛ لأن الله سبحانه وتعالى إنما يتقبل من المتقين، وهذا غير متقٍ، الثواب المرتب على هذه العبادة لا يحصل له، وإن صحت الحجة، وأسقطت الطلب وأجزأت، بمعنى لا يُؤمر بها مرة ثانية.

طالب: ............

وهذا مثل ...

"باب المواقيت، وهي مواضع وأزمنة معينة بعبادةٍ مخصوصة وأزمنة معينة بعبادة مخصوصة، فميقات أهل المدينة.."

المواقيت مواضع وأزمنة، يعني مواقيت مكانية ومواقيت زمانية، المواقيت الزمانية أشهر الحج التي هي شوال والقعدة وعشر من ذي الحجة أو ذي الحجة كاملًا، على خلاف بين أهل العلم، وأما المواقيت المكانية فيتكلم عنها الآن فميقاتُ..

"فميقاتُ أهل المدينة عن المدينة ستة أميال وعن مكة عشرة مراحل، وهذا الميقات هو المعروف في هذه الأزمنة بأبيار علي.."

وهذا أبعد المواقيت عن مكة، يزيد عن أربعمائة كيلو عن مكة، بينما المواقيت الأُخرى أقل من ذلك بكثير، ميقات أهل نجد قرن المنازل ثمانون كيلًا أو أقل، ميقات أهل اليمن يلملم السعدية مائة وعشرون، وميقات أهل مصر والشام الجحفة قريبة من رابغ مائة وثمانون، وهكذا، المقصود أن كلها قريبة ما عدا ميقات أهل المدينة زيادةً في أجرهم، والله المستعان.

"وميقات أهل مصر والشام والمغرب الجُحفة قريةٌ كبيرةٌ بقُرب رابغ، والجُحفة دونها بيسير عن مكة ثلاث مراحل، قال الشيخ في شرحه: أو أربع مراحل.."

قال الشيخ في شرحه، تقدم النقل عن الشيخ منصور، يمكن أن يكون هو المُراد؟ أقول: تقدم النقل عن الشيخ منصور في شرح الإقناع، تقدم النقل، يحتمل أن يكون هو المراد، لكن عموم الحنابلة إذا أطلقوا الشيخ فمرادهم به الشيخ تقي الدين شيخ الإسلام في شرحه على العمدة على العمدة.

"قال: وثلاثة المواقيت الباقية بين كلٍّ منها وبين مكة مرحلتان، واليمن يلملم، ويُقال: لملم، وهو جبل، ونجد الحجاز ونجد اليمن والطائف قرن جبلٍ أيضًا."

قرن المنازل قرن نعم، وهو ساكن الراء قرْن خلافًا لصاحب الصحاح الذي ضبطه بفتح الراء قَرَن، وَهِمَ في ذلك، ووهِمَ أيضًا في نسبة أُويس إليه.

طالب: ............

لا يختلف.

"ونجد الحجاز ونجد اليمن والطائف قرن جبل أيضًا، والمشرق وخُراسان والعراق ذات عرق، قريةٌ خربة قديمة، وعرق جبلٌ مُشرف على العقيق."

هذه المواقيت السابقة ذو الحليفة والجُحفة ويلملم وقرن كلها ثابتة بالنص المتفق عليه المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما ميقات أهل العراق ذات عرق فمُختلفٌ فيه، هل كان تحديده وتوقيته مرفوعًا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو من اجتهاد عمر، جاء في السنن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقّت لأهل العراق ذات عرق وسنده جيد، وجاء أيضًا أن الذي وقّت لهم ذلك بعد طلبٍ من عمر -رضي الله عنه- أنه عمر، وقد يكون النص المرفوع خَفِيَ على عمر، فوقّت لهم ذات عرق، وهذا من موافقاته، وإلا لو كان عنده شيء مرفوع لأحال إليه، ما اجتهد.

"وكلها ثبتت بالنص لا باجتهاد عمر -رضي الله عنه-.."

على كل حال عمر اجتهد، فإما أن يكون ابتدأ التوقيت، أو أصاب توقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- ووافقه، والأمر سهل.

"وهذه المواقيت لأهلها ومن مرّ عليها من غير أهلها."

هذه المواقيت لأهلها يعني لأهل تلك الجهات، فأهل المدينة يلزمهم الإحرام من ذي الحليفة، وأهل نجد من قرن، وهكذا، لكن لو تجاوز المدني الإحرام من ذي الحليفة وأحرم من الجُحفة، أو تجاوزها وأحرم من قرن، النص يدل على أنه ليس له ذلك هذه المواقيت لأهل تلك الجهات الصورة التي تقبل والنص يحتملها إذا مر على هذه المواقيت مَن ليس من أهلها، شامي مر بالمدينة تجاوز ذا الحليفة إلى الجُحفة، وأحرم من الجُحفة، يلزمه شيء أم ما يلزمه؟

طالب: ............

جملة تُلزمه، وجملة لا تُلزمه، أقول: جُملةٌ تُلزمهُ، وجُملةٌ لا تُلزمه.

طالب: ............

لا «هُنَّ لهن» هن لأهل تلك الجهات، ومن أهل تلك الجهات أحرم مما حد به شرعًا، قد أحسن من انتهى إلى ما سمع. النبي -عليه الصلاة والسلام- حدد لأهل الشام الجُحفة، فأحرم من الجُحفة يُلام؟ لكن الجُملة الثانية: ولمن مر عليها من غير أهلها تلزمه الإحرام من الأبيار، ولذا يختلف أهل العلم فيمن فعل مثل ذلك، يعني نجدي مثلاً رَكِبَ الطائرة تجاوز الأبيار مثلاً ما أفاق إلى وهو في جُدَّة ماذا نقول له؟ ارجع إلى الأبيار مادمت قد مررت بها، أو ارجع إلى السيل باعتباره ميقاتك؟ لا شك أنه لو رجع إلى الأبيار وأحرم منها لا شك أن إحرامه صحيح اتفاقًا، ولا يلزمه شيء، ولكن لو قال: أنا حد لي شرعًا بالنصوص الصحيحة الصريحة السيل، والرسول- عليه الصلاة والسلام- يقول: «هن لهن» هذه الأماكن هذه المواقيت لأهل تلك الجهات، يلزمه شيء أم ما يلزمه شيء؟ نقول: جُملة تُلزمه، وجملة لا تلزمه.

طالب: ............

هذا فهمك، لكن هو يقول: أنا وُقّت لي شرعًا، أنا من أهل نجد، ما الذي يلزمني أن أحرم من ميقات أهل المدينة؟ أنا من أهل نجد حُدّد لي قرن فسأحرم من قرن، «هُنَّ لهن».

طالب: ............

ما السبب؟

أيسر أيسر.

طالب: ............

لا، أيسر من عرفة؛ لأن ميقات عمرة المكي من الحِل من أي جهة من جهات الحِل، ما يلزمه أن يرجع للميقات. على كل حال في مثل هذه الصورة لو جاء الشامي مر بالمدينة وتجاوز ميقات أهل المدينة وأحرم من الجُحفة الجُمهور يُلزمونه بدم؛ لأنه تجاوز الميقات من غير إحرام؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «ولمن أتى عليهن من غير أهلهن» فيلزمه أن يحرم من هذا الميقات؛ لأنه مر بها ولمن مر عليها من غير أهلها، والإمام مالك يقول: أبدًا قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، حُدد له شرعًا هذا الميقات وأحرم منه لا يلزمه شيء.

طالب: ............

على كل حال قول مالك فيه قوة ... قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «هن لهن» هذه الأماكن هذه المواقيت لأهل تلك الجهات، فمن يلزمني أن أُحرم من ميقات غيري؟ الجمهور يلزمونه بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «ولمن أتى عليهن من غير أهلهن»، ولذا أقول: جُملة مُلزمة وجملة غير ملزمة، قد يقول قائل: كيف يأتي الشرع بمثل هذا؟ نقول: نظائره كثيرة جدًّا، وبهذا يظهر الفقه، وعلى هذا يترتب الأجر في مثل هذا الاجتهاد، هب أن الإمام المجتهد أصاب أو أخطأ، هو يُؤجر على اجتهاده، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجرٌ واحد، يعني تجدون إشكالات كثيرة في استدلال مثلاً في فهم نص، لماذا أشار ولم يأتِ بالواضحات ويترك هذه الإشكالات؟ لو جاء بالواضحات لصار الناس كلهم علماء، كيف يرتب أجورًا عظيمة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [سورة المجادلة:11] على أمور يسيرة؟ بهذا يتمايز أهل العلم ويتفاضلون، ولذا يختلفون في النص الواحد في فهم النص الواحد، يعني عرنة موقف أم ليست موقفًا؟

طالب: ............

يعني ليس بموقف، مالك يقول: موقف استدلالاً بهذا الحديث، والجمهور يستدلون بهذا الحديث على أنه ليس بموقف، مالك يقول: لو لم تكن من عرفة ما نُص عليها، ما قال: ارفعوا عن منى، ارفعوا عن مزدلفة، لكنها من عرفة، نص عليه. نعم الوقوف فيها محرم، لكنه مُجزئ عنده؛ لأنه خالف الأمر: »ارفعوا«.

طالب: ............

الرسول -عليه الصلاة والسلام- وقف إلى أن غربت الشمس ثم دفع وقال: «خذوا عني مناسككم»، ولذا الحنابلة يلزمونه بدم وغيرهم ما يلزمونه، غيرهم ما يلزمونه على كل حال.. من وقف قبل الزوال وانصرف، ماذا يلزمه؟ حديث عروة وقف أم ما وقف؟ الجمهور يقولون ما وقف؛ لأن الوقوف يبدأ من بعد الزوال، والرسول -عليه الصلاة والسلام- ما دخل عرفة إلا بعد الزوال، وحديث عروة يدل على أنه وقف، حديث عروة يستدل به من يقول بعدم الوقوف قبل الزوال، ومن لا يُلزم بالوقوف إلى الغروب، ويستدل به أيضًا من يقول بالوقوف قبل الزوال ما المانع كالحنابلة، وهذا أيضًا نظير المسألة التي نبحثها أن هناك من الأدلة ما ينتابه أكثر من فهم، وعلى مثل هذا تُرتّب الأُجور، نعم كلٌّ على قدر ما آتاه الله من فهم، وما بذل من جُهدٍ ووسع، والله المستعان.

طالب: ............

ورأي مالك له وجه، يعني ما يلزم بشيء، وإن كان يُؤمر احتياطًا..

طالب: ............

مثل هذا لا يدل عليه لا الجملة الأولى ولا الثانية، حينئذ يتجه إلزامه بشيء.

"قال: والأفضل الإحرام من طرف الميقات الأبعد عن مكة."

من باب الأحوط، من باب الاحتياط.

"والعبرة بهذه البقاع لا ما بُني بقربها وسمي باسمها، وينبغي تحرّي آثار القُرى القديمة."

لا لذات الآثار، وإنما لأنها أقرب إلى الصواب مما أُحدِث، أقرب إلى الصواب والدقة مما أُحدِث، لا لتحري الآثار، أما تحري الآثار فيُوقع في الغلو والشرك لذاته.

"ومن منزله دون الميقات فميقات منزله."

فميقاته منزله.

"فميقاته منزله، وجزم مرعي بأن بلاده كلها منزله، انتهى."

ما الفرق؟ من منزله دون الميقات فميقاته منزله، ساكن في الشرايع، ساكن في جُدة ميقاته منزله، حتى أهل مكة من مكة، حتى أهل مكة من مكة بالنسبة للحج ميقاته منزله، وجزم مرعي بأن بلاده كلها منزله، يعني ما يقال منزله الذي هو بيته، المراد المنزل البيت، إنما البلد كلها يحرم من أي طرف من أطراف جُدة، هذا ما جزم به مرعي.

"ومن له منزلان جاز له أن يحرم من الأقرب من مكة، والأبعد أفضل."

من له منزلان جاز له أن يحرم من الأقرب إلى مكة، والأبعد أفضل؛ لأنه أحوط، يعني شخص له منزل في جُدة، وله منزل بين جدة ومكة.. أقول له منزلان منزل في جُدة ومنزل في بحرة مثلاً يجوز له أن يحرم من الأقرب يقول: الأبعد أفضل؛ لأنه أحوط، لكن إذا كان قد أنشأ الحج من الأبعد نقول له: انتظر إلى أن تصل إلى الأقرب، أو أحرم مما أنشأت فيه الحج؟ كل هذه دائرة داخل المواقيت، كلاهما داخل المواقيت، افترض ثلاثة بيوت، بيت في جدة، وبيت بعد جدة بعشرين كيلاً وبيت ثالث بعد جدة بخمسين كيلاً كلها قبل مكة، مقتضى كلامهم أنه يجوز له أن يحرم من الأقرب، لكن من حيث أنشأ النسك سواءً كان الأقرب أو الأبعد، هذا هو الأصل.

"قال: ويحرم من مكة للحج منها.."

مَن بمكة، ويحرِم مَن بمكة..

"ويحرِم مَن بمكة للحج منها، ونصه من المسجد، وفي الإيضاح والمبهج: من تحت الميزاب، وإحرامه للحج من مكة أفضل."

يحرم من بمكة للحج منها حتى أهل مكة من مكة، وبعضهم يطرد يقول: كل إحرام بالنسبة للمكي من مكة حتى العمرة، يجعل النص على عمومه، حتى أهل مكة يحرمون من مكة سواءً كان يستوي في ذلك الحج أو العمرة، أما الجمهور فعلى أن هذا خاص بالحج، أما العمرة فلا بد من الخروج إلى الحِل يستدلون بحديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، وجلس النبي -عليه الصلاة والسلام- والناس الذين معه ينتظرون، ولو لم يكن ذلك واجبًا ولازمًا لما انتظر، لما حبس الناس من أجل أن يخرج إلى التنعيم ويرجع، والاستدلال بهذا ظاهر، فيكون قوله: حتى أهل مكة من مكة خاصًّا بالحج، وهذا قول الأكثر، ونصه: من المسجد، يُحرم من المسجد، وزادوا أيضًا من تحت الميزاب، له دليل؟ هل عليه دليل؟ كونه من المسجد أو من تحت الميزاب؟ يعني لشرف البقعة لا أكثر ولا أقل، لكن هل يلزم من شرفه أن يكون أفضل من غيره؟ النص عام «حتى أهل مكة من مكة».

طالب: ............

كيف؟

طالب: ............

لا هي حكمها حكمها مكة سواء ساكنًا أو وافدًا عليها الحكم واحد.

طالب: ............

لا ما له وجه، الوافد على مكة والموجود فيها أثناء إنشاء النسك حكمه حكم المكي.

طالب: ............

ما هو؟

طالب: ............

يعني حتى أهل مكة؟

طالب: ............

يشمل، النص شامل.

طالب: ............

تحت الميزاب باعتبار أنه في البيت تحت الميزاب في الحجر من البيت.

"وإحرامه.."

نص الإمام أحمد -رحمه الله- نص الإمام.

"وإحرامه للحج من مكة أفضل وصح من خارج الحرم ولا ذنب عليه."

صح من خارج الحرم، كثير من الناس لاسيما المنشغلون بأمور غيرهم من أرباب الحملات وغيرهم ورجال الأمن، كثير من هؤلاء يحرم عصر يوم عرفة بعرفة، يعني يتركون السنن التي فاتت، الأصل أن يحرم يوم التروية ويصلي بمنى خمسة الأوقات، ثم يدفع إلى عرفة، هذا الأصل، لكن يقول: ما الذي يلزمني أن أحرم قبل الوقوف؟ فتجدهم في عرفة إلى وقت العصر بثيابهم يشتغلون؛ لأنه أرفق بهم ثم بعد ذلك إذا بقي ما يكفي للوقوف لبسوا وأهلوا بالحج، ووقفوا مع الناس، ودفعوا معهم، وتابعوا حجهم ولذا يقول: وصح من خارج الحرم ولا دم عليه، حجهم صحيح، وليس عليهم شيء، لكنهم تركوا سننًا.

"قال: ويحرم للعمرة من الحِل، ويصح من مكة وعليه دم."

لأن ميقات العمرة الحِل يصح من مكة وعليه دم كمن تجاوز الميقات.

"ويحرم ويجزيه ولو لم يخرج للحِل."

ولو لم يخرج للحِل يعني بعد إحرامه من مكة، لكنهم يلزمونه بدم.

"ومن أحرم من مكة قارنًا فلا دم عليه تغليبًا للحج سوى دم القران."

القارن يتلبس بحج وعمرة، مقتضى العمرة أن يخرج إلى الحِل، ومقتضى الحج أن يُحرم من مكة، لو أحرم قارن من مكة يقول هنا: ومن أحرم قارنًا من مكة فلا دم عليه؛ تغليبًا للحج؛ لأن العمرة في هذه الصورة دخلت في الحج، وسوف يخرج إلى الحِل، فالحكم حينئذٍ للحج.

"ومن لم يمر بميقات أحرم إذا علم أنه حاذى أقربها منه."

أقرب هذه المواقيت، إذا حاذى أقرب هذه المواقيت منه.

"والسنة أن يحتاط، فإذا استويا في القرب منه فمن أبعدهما عن مكة."

ولهذا اعتبار المسافة مع المحاذاة أمر لا بد منه؛ لأن بعض الناس ما معنى المحاذاة عنده؟ يعني تنظر إلى الميقاتين في الخارطة، وتأتي بمسطرة وتوصل بين الميقاتين، على كلامهم جدة خارج المواقيت أبعد من المواقيت على هذه المحاذاة، لكن لا بد من اعتبار المسافة مسافة هذا الميقات عن مكة، وعلى هذا فلا تدخل جدة.

"فإن لم يحاذِ ميقاتًا أحرم من مكة بمرحلتين."

لأنها أقرب المواقيت.

"فإن لم يعرف حذو الميقات أحرم من بُعد؛ إذ الإحرام قبل الميقات جائز، وتأخيره عنه حرام."

يعني احتياطًا، فيحرم من أبعد من محاذاة الميقات احتياطًا؛ لأنه لا يتيقن المحاذاة، فيفعل ما تبرأ به ذمته، والإحرام قبل الميقات غايته أن يكون مكروهًا عند جمع من أهل العلم، وأجازه كثير، وفعله بعض السلف أحرموا قبل الميقات، لكن إذا تجاوز الميقات من غير إحرام حرم عليه وألزمه أهل العلم بدم.

"فصلٌ: ولا يحل لمكلفٍ حرٍّ مسلمٍ أراد مكة أو الحرم أو نُسُكًا تجاوز الميقات بلا إحرام إلا لقتالٍ مباح أو خوف أو حاجة تتكرر كحطاب ومكي يتردد لقريته في الحِل، وجزم مرعي أو خارج الميقات، انتهى."

يقول: ولا يحل لمكلفٍ حرٍّ مسلمٍ أراد مكة أو الحرم أو نُسُكًا يعني أراد مكة لغير النسك أو أراد النسك لا يجوز له تجاوز الميقات إلا وهو محرم، وهذا هو المعروف عند الحنابلة في المذهب، وعند جمع من أهل العلم أن الإحرام لا يلزم إلا من أراد النسك، ودليلهم قوي «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ممن أراد الحج والعمرة» مفهومه أن الذي لا يريد الحج والعمرة لا يلزمه الإحرام، ثم إن بدا له أي لمن لا يلزمه الإحرام.

"ثم إن بدا له أي لمن لم يلزمه الإحرام ممن ذكرنا أن يحرم، أو بدا لمن يرد الحرم.."

لمن لم أو بدا لمن لم يرد الحرم.

"أو بدا لمن لم يرد الحرم أن يحرم أو لزم الإحرام فتجاوز الميقات حال.."

لا أو لزم الإحرام من تجاوز الميقات حالة كونه كافرًا.

"حالةَ كونه كافرًا أو غير مُكلف كما لو تجاوز.."

أو رقيق يعني ما يلزمه الإحرام في الأصل؛ لأنه يقول: مكلف حر مسلم لو تجاوزه غير مكلف ثم كُلِّف فيما بعد تجاوزه، رقيق ثم أُعتق، تجاوزه كافر ثم أسلم، أو لزم الإحرام من تجاوز الميقات حال كونه كافرًا أو غير مكلف.

"كما لو تجاوز وهو صغير أو مجنون أو رقيق فكُلّف من كان غير مكلف، وعَتُق الرقيق، أو تجاوز الميقات غير قاصدٍ مكة، ثم بدا له قصدها فمن موضعه."

يعني يطلع من السيل إلى جدة في طريق يجعل مكة على الشمال، ثم وهو واصل يقول: ما بقى إلا عشرون كيلاً، آخذ عمرة. فمن أين يُحرم؟ من حيث أنشأ.

"يعني فإنه يُحرم من موضعه لأنه قد حصل دون الميقات على وجه مُباح فكان له أن يحرم ولا ذنب عليه لأنه.."

لأن..

"لأن من منزله دون الميقات لو خرج إلى الميقات ثم عاد وأحرم من منزله لم يلزمه شيء."

يعني لو ساكن بالشرايع بدا له حاجة في الطائف، ذهب قضى حاجته ورجع، مر بالميقات، يتجاوز أم ما يتجاوز؟ وهو عازم على الحج أو العمرة، نقول: يلزمه الإحرام من الميقات أو يحرم من منزله؟ يا فهد..

طالب: ...............

هذه مسألة المنصوص عليها الآن، شف لأن من منزله دون الميقات لو خرج إلى الميقات ثم عاد فأحرم من منزله لم يلزمه شيء لم يلزمه شيء.

طالب: ...............

لكنه مأذونٌ له شرعًا أن يُحرم من منزله كمن تجاوز الميقات الذي يمر به مثل الشامي.

طالب: يا شيخ ما قلنا قبل قليل: إن الشخص إذا كان في مكة يأخذ حكم أهل مكة؟ هذا لماذا لا يُقال خرج منها يأخذ حكم؟

لا التنظير المطابق الشامل الذي مر على ذي الحليفة وقد أذِن له الشارع أن يُحرم من الجُحفة وهنا أذِن له الشارع أن يُحرم من بيته هذا التنظير المُطابق.

طالب: ...............

له وجه.

طالب: ...............

بعد انتهاء العمل؟ لكن هو ناوٍ من الأصل أن يأتي العمرة من بلده، ناوٍ أن يأتي بعمرة أو يأتي بنسك على حدٍّ سواء؟

طالب: ...............

حكمه حكم أهل مكة.

"ومن أحرم بدخول مكة لا لنسكٍ طاف وسعى وحلق وحل."

لا لنسك طاف وسعى وحلق وحل ماذا يريد أزيد من هذا؟! ماذا يريد أكثر من هذا بعد؟!

طالب: ...............

هذا الذي ما نوى نُسكًا، الذي ينوي نُسكًا ماذا يريد أن يفعل؟

طالب: كيف تكون نيته، نية إحرامه لدخول مكة؟

نعم إما أن نلزم كل داخل على القول في المذهب، يُلزم كل داخل سواءً كان ناوي نسك أو ما نوى، أن يُحرم.

طالب: ...............

ماذا؟

طالب: ...............

ولا يأخذ أجر النسك؟ لا، يأخذ إن شاء الله، ما يُحرم الأجر إن شاء الله إذا طاف وسعى وحل إن شاء الله..

طالب: ...............

طاف وسعى وحلق وحل.

"ومن تجاوز الميقات.."

ومن جاوز..

طالب: ...............

يلزمونه بالإحرام؟ لذات الإحرام فقط يعني يتجرد من المخيط ويدخل ولا يسوي شيئًا؟

طالب: ...............

لا، من لزمه الإحرام لزمه بقية أعماله؛ لأنه دخل في النسك.

"ومن تجاوز.."

جاوز..

جاوز؟

نعم.

"ومن جاوز الميقات غير محرم يريد نسكًا ولو جاهلا أو ناسيًا أو مكرهًا لزمه أن يرجع فيحرم منه إن لم يخف برجوعه فوت حجٍّ أو نحوه فلا دم عليه ويلزمه.."

يعني إن رجع فلا دم عليه، إن رجع إلى الميقات لا دم عليه. ويلزمه..

طالب: من تعدى الميقات وهو ناوي الحج والعمرة... معنى ذلك هل نقول: يجب عليك الرجوع؟

هذا الأصل أنه يرجع، لا يجوز له مجاوزة الميقات، مع أن مجاوزة الميقات فيها الطرفان من أهل العلم من يقول: من تجاوز الميقات فلا شيء عليه، ومنهم من يقول: من تجاوز الميقات فلا حج له، يعني يمكن التوفيق بين القولين؟ ما يمكن.

طالب: ...............

لا شك أنه يلزمه التوبة والاستغفار، وعليه دم.

طالب: ...............

هو إذا رجع ما يخالف، إذا رجع وأحرم من الميقات فلا بأس.

"ويلزمه إن أحرم من موضعه دم."

ولو رجع ولو رجع الميقات يلزمه ما دام أحرم، تجاوز الميقات غير محرم وأحرم دون الميقات لزمه الدم، ولو رجع إلى الميقات، لكنه يلزمه أن يرجع قبل أن يُحرم، فيحرم من الميقات فلا يلزمه حينئذٍ شيء.

"ويلزمه إن أحرم من موضعه دم، ولا يسقط الدم عنه، ولو رجع إلى الميقات محرمًا فإن رجع إلى الميقات غير محرمٍ وأحرم منه فلا دم عليه."

هل له أن يرفض الإحرام الأول؟ أحرم دون الميقات فقيل له: يلزمك دم ولو رجعت قال: نلغي هذا الإحرام ونحرم من الميقات، يرفض الإحرام؟ الإحرام ما يمكن رفضه.

"فرعٌ: يُكره الإحرام قبل الميقات وينعقد، ووجه الكراهة ما نقله ابن أبي شامة عن أبي بكرٍ الخلال أن رجلاً جاء إلى مالك بن أنسٍ فقال: من أين أُحرم؟ قال: من الميقات الذي وقّت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحرم منه فقال الرجل: فإن أحرمتُ من أبعدَ منه؟ فقال مالك: لا أرى ذلك فقال: ما تكره من ذلك؟ قال: أكره عليك الفتن.."

الفتنة..

"قال: أكره عليك الفتنة.."

{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [سورة النــور:63] يعني إذا زعم أن عمله أكمل من عمل النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا على خطر، وإلا إن تجرّد الأمر عن ذلك، وأحرم، فالأمر لا يعد كراهة؛ لأنه ثبت عن بعض السلف ابن عمر وغيره أنهم أحرموا قبل الميقات، ويروى عن علي -رضي الله عنه- في قوله: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [سورة البقرة:196] تمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك.

"قال: وأي فتنةٍ في زيادة الخير؟ وقال مالك: إن الله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة النــور:63]."

نعم، فإذا قال: أي فتنةٍ في زيادة الخير؟ نقول: أي خيرٍ في الزيادة على المشروع؟ ولذا يرى شيخ الإسلام -عليه رحمة الله- أن الاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور فإن الاحتياط في ترك هذا الاحتياط.

"وأي فتنةٍ أكبر من أن خُصصتَ بفضلٍ لم يخصص به النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي رواية أن رجلاً قال لمالك بن أنس: من أين أُحرم؟ قال من.."

من حيث..

"قال: من حيث أحرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعاد عليه مرارًا قال: فإن زدتُ على ذلك قال: فلا تفعل.."

فلا تفعل نعم، فإني أخاف الفتنة، عندي ما هي واضحة.. قال: فلا تفعل فإني أخاف عليك الفتنة..

"قال: فلا تفعل، فإني أخاف عليك الفتنة، قال: وما في هذه من فتنة، إنما هي أميالٌ أزيدها؟ قال: فإن الله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة النــور:63] قال: وأي فتنة.."

عامة الناس، العوام وأشباه العوام يوجد عندهم مثل هذا، تجده يقال له: هذه السنة، السنة أن تفعل كذا، فتجد العامي أو شبهه ما يرتاح خاطره حتى يفعل كل ما في نفسه، والعوام يقولون: ما يهناه.. أبا عبد الله أنتم تقولون: ما يهناه؟ لا ما نقوله، نقول العوام، لكنك مشغول..!

"قال: وأي فتنةٍ في هذا؟ قال مالك: وأي فتنةٍ أعظم من أن ترى اختيارك خيرًا من خيار الله أو اختيار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.."

من اختيار الله واختيار رسوله -صلى الله عليه وسلم-..

طالب: ...............

هو ما فيه شك أنه ما يلزمه شيء؛ لأن كل ما قبل ذلك سنن، يعني المبيت بمنى والصلوات والإحرام يوم التروية، كل هذه سنن عند أهل العلم.

طالب: ...............

يحرم من الطائف، يلبس، سهل يعني يلبس من الرياض ويمشي ما فيه شيء، لكن نية الدخول في النسك من الميقات.

طالب: ...............

لا لا، اللبس الآن فيه إشكالات كثيرة، بعض الناس يلبس في الرياض، فإذا جاء إلى المطار باعتبار أن الطائرة صعب التحرك فيها ما فيه مشكلة، بعض الناس في المدينة يلبس من الشقة الذي هو ساكن فيها، ثم يأتي إلى المسجد النبوي ويصلي ويورث إشكالات كبيرة؛ لأن بعض الناس يفهم أن الإحرام من أجل الزيارة، فإذا أوقع في مثل هذا الإشكال يُمنع، ينبغي أن يُمنع، ليس على إطلاقه، مجرد اللبس لا شيء عليه، لكن إذا أوقع في إشكال صار ظاهرة الآن، تدخل المسجد النبوي تجد فيه ناسًا محرمين، قد يُخيّل لبعض العامة وبعض الجُهّال أو بعض الغُلاة أن السلام لا بد له من إحرام، مثل هذا لا بد أن يُمنع، وإن كان في الأصل ما فيه شيء، الممنوع نية الدخول في النسك، هذا الذي تترتب عليها أحكام.

"قال: وأي فتنةٍ أعظم من أن ترى اختيارك خيرًا من اختيار الله واختيار رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟ حكى ذلك كله ابن أبي شامة المغربي في كتابه الباعث على إنكار البدع والحوادث."

المغربي أبو شامة أخبره مقدسي، أنا أخبره مقدسي، من أين جاءت مغربي هذي؟! حكى ذلك.. معروف ابن أبي شامة، ما فيه مشكلة، لكن حكاه في كتابه ما ذكره.. حكاه في كتابه..

طالب: ...............

حكاه في كتابه؛ لأنه تقدم ذكر أبي شامة، نشوف الثانية.. حكاه في كتابه واختيار رسوله -صلى الله عليه وسلم- حكاه في كتابه الباعث على إنكار البدع والحوادث..

طالب: ...............

من هو الكاتب؟

"قال أحمد: هو أعجب إلي. وقال القاضي وأصحابه.."

وقاله..

وقاله؟

نعم..

"وقاله القاضي وأصحابه والمغني والمستوعب وغيرهم، روى الحسن أن عمران بن حصين- رضي الله عنه- أحرم من مصره أي من بلده، فبلغ ذلك عمر -رضي الله عنه- فغضب عليه وقال: يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحرم من مصره؟! فقال: إن عبد الله بن عامر أحرم من خُراسان، فلما قَدِمَ على عثمان لامه فيما صنع، وكرهه له، رواهما سعيد والأثرم. وقال البخاري: كره عثمان أن يُحرَمَ من خُراسان، وكره أيضًا أن يُحرَم بالحج قبل أشهره، وينعقد، وأشهر الحج شوال وذو القَعدة وعشر من ذي الحجة منها يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر.."

ووقتُ العمرةِ..

"ووقتُ العمرةِ في جميع العام."

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم صلِّ وسلم...

 

"