شرح العقيدة الواسطية (17)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء وللسامعين يا رب العالمين، قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه العقيدة الواسطية: وقوله: ﭘﭙ   مريم: ٦٥   الإخلاص: ٤   البقرة: ٢٢   ﭿ      ﮇﮈ البقرة: ١٦٥                     ﯖﯗ الإسراء: ١١١   ﭘﭙ ﭝﭞ                   التغابن: ١          الفرقان: ١ - ٢           ﭠﭡ         ﭫﭬ المؤمنون: ٩١ - ٩٢   ﭤﭥ   النحل: ٧٤                      الأعراف: ٣٣ .

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: مضى مرارا أن الله -جلَّ وعلا- له الكمال المطلق، والكمال لا يتم إلا بإثبات صفات الكمال ونفي ما يتوهم منه النقص أو يترتب عليه، وهكذا جاءت النصوص، نصوص الأسماء والصفات في الطرفين في الإثبات المفصل وفي النفي المجمل، في الإثبات المفصل إثبات لجميع الصفات التي يتصف الله بها -جلَّ وعلا- على سبيل التفصيل، وأما النفي فهو إجمالي، النفي إجمالي، والنصوص تدل على ذلك خلافًا للمبتدعة الذين يثبتون إثباتًا إجماليًا وينفون نفيًا مفصلاً، وجاء في النفي شيء من التفصيل، القاعدة أن النفي يكون إجمالاً لكن جاء نفي بعض الصفات كنفي الولادة مثلاً {لم يلد ولم يولد}، هذا النفي الذي جاء بالتفصيل بهذه الصورة لماذا؟ لأنه أثبت للخالق، فما أثبت للخالق من صفات النقص ينفى بخصوصه، وما عدا ذلك يدخل تحت النفي المجمل، فالمشركون فاليهود، والنصارى والمشركون كلهم ادّعوا أن لله ولد، اليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، والمشركون قالوا: الملائكة بنات الله، فجاء النفي لهذه الدعوى بعينها، وكذلك كل ما جاء فيه نفي مفصل؛ إنما يكون في مواجهة إثبات ما لا يليق بالله -جلَّ وعلا- فيُنص عليه.

طالب: ................

لا، مثبت من قبل اليهود، هم قالوا يوم السبت استراح والراحة لا تكون إلا من تعب، فنفى الله -جلَّ وعلا- هذا التعب ق: ٣٨  يعني تعب، لو نظرت في هذا وجدته مطّرد.

طالب: ................

بلا شك النفي المجرد ما يتضمن مدح، النفي المجرد عن إثبات كمال ضده لا يفيد مدحًا، العلماء يشترطون في إسلام الكافر أن ينطق بالشهادتين «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» وبهذا يدخلون في الإسلام، لكن من كان كفره بنفي ما يكفر به، ما يكفر بنفيه لا بد أن يثبت ما نفاه حال كفره إذا كان كفره بإثبات أو بعبادة المسيح مثلاً، لا بد أن يعترف بأن المسيح عبدالله ورسوله، وإذا كان كفره بنفي ما علم من الدين بالضرورة مثلاً أو بإنكاره، فإنه لا بد أن يقر به ويعترف مع إقراره بالشهادتين، وإلا فالأصل أنه إذا أقر بالشهادتين أثبت الألوهية لله -جلَّ وعلا-، ونفاها عما عداه يكفي وأقر بنبوة محمد -عليه الصلاة والسلام- هذا الأصل، لكن إذا كان كفره بإثبات ما علم بالضرورة من دين الإسلام نفيه أو العكس لا بد من أن يثبت أو ينفي، يثبت ما نفاه أو ينفي ما أثبته، وهذا مثال تقريبي لما ذكر في النفي المجمل وبعض النفي المفصل الذي ورد في النصوص الآتية.

يقول: وقوله: ﭘﭙ   مريم: ٦٥  اعبده أمر، واصطبر لعبادته، يعني ما يكفي أن تعبده يوم أو يومين أو شهر أو سنة أو سنتين لا، لا بد أن تصبر على هذه العبادة، والعدول عن واصبر لعبادته إلى واصطبر، وأصل الطاء تاء وجود تاء الافتعال الاصطبار هذه تدل على زيادة في المعنى، وأنه لا بد وأن يكون مع هذا الصبر مشقة ومكابدة، ما هو تصبر على الشيء السهل وتقول بالنسبة لما يشق عليك {ما جعل الله في الدين من حرج}، أو {لا يكلف الله نفسًا إلى وسعها}، نعم {ما جعل عليكم في الدين من حرج}، «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه»،  لكن يبقى أن التكاليف التي أمرت بها لا بد من عملها إلا شيء لا تستطيعه فالذي لا تستطيعه يسقط عنك، لكن بعض الناس يتذرع بأدنى مشقة ويقول: ما جعل عليكم في الدين من حرج، هذا الكلام ليس بصحيح، الجنة حفت بالمكاره، فاعبده واصطبر لعبادته، لا بد من الصبر والاصطبار عليها {حتى يأتيك اليقين}، فأنت مخلوق لهذا الهدف وهو تحقيق العبودية لله -عز وجل-، ولا بد من الاستمرار فيها حتى الموت، وبعض غلاة الصوفية يرون أنه إذا وصل إلى حد معين ووصل إلى المكاشفة وتجلت له الأمور، لا يحتاج إلى عبادة؛ لأن هذه أمور يطالب بها العامة وأشباه العامة، أما الخواص فيرفع عنهم التكليف ولا نعلم في الشرع من يرفع عنه التكليف بعد أن كُلِّف إلا المجنون، فإذا وصلوا إلى هذا الحد نعم يرفع عنهم التكليف الذي هو الجنون، {فاعبده واصطبر لعبادته} {هل تعلم له سميًّا} استفهام إنكاري يعني لا تعلم له سميًا أي نظيرًا وشبيهًا، ويقال: مساميًا كما يُروى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- هل تعلم له سميًّا مثيلاً أو شبيهًا {هل تعلم له سميًا} يعني لا تعلم له سميًا؛ لأن الاستفهام إنكاري والاستفهام الإنكاري متضمن للتوبيخ لهؤلاء الذين أثبتوا الند والسمي والشريك والمثيل لله -جلَّ وعلا-.

الإخلاص: ٤  الكفؤ والمكافئ هو المماثل، فالمكافئة هي المماثلة، يقال: هذا كفؤ لفلانة وهذه كفؤ لفلان، يعني أنها تناسبه وتماثله ويماثلها، والكفاءة في النكاح يعني المماثلة المراد بها الكفاءة في الدين، فلا يوجد لله -جلَّ وعلا- كفؤ يعني مماثل، ولا شبيه ولا نظير، {أحد} نكرة في سياق النفي فتعم جميع ما يتصور فيه أو من يتصور فيه الكمال البشري، فإذا كان من يتصور فيه الكمال البشري لا يوجد أحد منهم كفُؤاً لله -جلَّ وعلا-، وتُقرأ بالهمز وبالتسهيل؛ فإذا سُهلت قيل كُفُواً وإذا حُققت الهمزة قيل كفْؤاً وكفُؤاً،  فالله -جلَّ وعلا- ليس له كفؤ، ليس له مثيل ولا مكافئ ولا مشابه ولا نظير. {فلا تجعلوا لله الأنداد} {فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون}، الند هو الشبيه والمثيل والنظير فلا تجعلوا له شيئًا من ذلك وأنتم تعلمون أنه لا شبيه له ولا نظير له في توحيد الربوبية؛ لأن الخطاب لمن يقر بتوحيد الربوبية، فكما أنكم تعتقدون أنه لا ند له في الخلق والرَّزق فلا ند له في الألوهية ولا في أسمائه ولا صفاته، وأنتم تعلمون أنه ليس له ند، وأيضًا أندادًا نكرة في سياق النهي فتعم أيضًا، فلا يوجد ند لله -جلَّ وعلا- في جميع ما يتعلق به سبحانه وتعالى، لا في الربوبية ولا في الألوهية ولا في أسمائه وصفاته ولا في أحكامه وشرائعه، {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله} من الناس من يتخذ من دون الله أندادًا، نظراء وشبهاء وأمثال وأكفاء، من الناس من يتخذ من دون الله أندادًا جمع ند وهو المثيل والنظير، ويحبونهم يحبون هؤلاء الأنداد كحبهم لله -جلَّ وعلا- كحبهم لله -جلَّ وعلا-، لكن المؤمنين حبهم لله -جلَّ وعلا- أشد من حب هؤلاء المشركين لأندادهم.

{وقل الحمد لله} أمر بالتلفظ بالحمد، والحمد مأمور به باللسان والاعتراف بالجنان وصرف ما يستحق عليه الحمد فيما يرضيه، تقدم الكلام في الحمد والشكر والفرق بينهما، وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا، لماذا أمرنا بالحمد لهذا السبب؟ لأنه لم يتخذ ولدًا، فنقول: أُمرنا أن نقول: الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا؛ لأن اتخاذه للولد دليل حاجة؛ لأن الولد إنما يطلب لإعانة والده واحتياج والده إليه، فإذا كان المعبود الذي ترجوه في كل ما ينوبك محتاج إلى غيره لا شك أن هذا نقص، واحمد ربك الذي جعلك تعبد الغني الغنى المطلق الذي لا يحتاج إلى أحد، يعني لو نظرنا في واقع الناس، وتعالى الله عن الشبيه والمثيل، وجدنا أنه إذا وجد ملك من ملوك الدنيا أو أمير أو وزير أو متصرف أو آمر أو ناهي أو صاحب عمل من الأعمال، عنده موظفين أو عمال أو ما أشبه ذلك، له ولد، ألا يتضرر الناس بهذا الولد؟ ألا يتضررون من تصرفات بعض هؤلاء الأولاد؟ يتضررون؛ لأن هذا الولد يركن إلى أبيه فيؤذي غيره، يستمد القوة من قوة أبيه على هؤلاء الذين وُلِّي عليهم فيتضررون به، هذا مثال محسوس بشري، والله -جلَّ وعلا- يتعالى عن مثل هذه الأمور؛ ولذلك نفى عنه الولد {لم يلد ولم يولد}، وأمرنا بحمده الذي لم يتخذ ولدًا؛ لأن الولد مما يحتاج إليه الأب.

فمن مقولات بعض العوام ومن وصاياهم -وهذا كله سفه وجهل- لولده يقول: أنت الآن تشجع نادي من النوادي وِأشوفك كل أسبوع وكل شهر مغموم مهموم، شف لك نادي قوي ما يغلب علشان ما تصير مغمومًا ولا مهمومًا، فلا شك أن الذي يحتاج إلى غيره لا بد أن تكون هذه الحاجة أحيانًا تلبى وأحيانًا لا تلبى، أحيانًا تساعده أعوانه وأحيانًا لا يساعدونه، فهو في حاجة دائمة، والله -جلَّ وعلا- له الغنى المطلق والكمال المطلق، فالخلق كلهم بحاجة ماسة إليه، وله الغنى والكمال المطلق.

{وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك} لا يشركه في ملكه أحد؛ لأنه لو كان له شريك في الملك لصار ملكه ناقصًا بقدر نصيب هذا الشريك، وهو مع هذا الشريك لا بد أن يكون أمر أحدهما نافذًا دون الآخر على ما سيأتي في الآيات.

{ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذًا لذهب كل إله بما خلق}، لو كان له شريك في الملك لاستقل كل واحد منهما بنصيبه أو لاشتركا ودامت الشركة فتنازعا، ولا بد من حصول التنازع بين الشركاء، هذا إذا كان لا أحد فوقهم يلزمهم باتباع العقد الذي اشتركوا فيه والمسألة مسألة ربوبية، لا يوجد أحد يلزم الشريكين باتباع ما اتفقا عليه، وهذا على سبيل الفرض أنه لو كان معه -جلَّ وعلا- شريك -تعالى الله تبارك وتقدس- لحصل النزاع والشقاق كما في قوله تعالى:         ﭠﭡ         المؤمنون: ٩١  ينفرد كل واحد بما خلق، وأنتم تنظرون في ملوك الدنيا، كل واحد يستقل بولايته ولا سلطان له على غيره، وكونه لا سلطان له على ولاية غيره نقص، ولو تُصُوِّر أن لله -جلَّ وعلا- شريك في الملك لاستقل كل واحد بما خلق، ثم بعد ذلك يكون تصرفه في الجهة الأخرى مع عدم القدرة عليها نقص، {ولم يكن له شريك في الملك} ويأتي بيان هذا وتتمته -إن شاء الله- في الآيات اللاحقة.

{ولم يكن له ولي من الذل}، يعني بسبب الذل والحاجة لكن له ولي مع  العز الكامل والغلبة والقهر، له أولياء {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، فله أولياء، لكن مع تمام العز فليس له ولي بهذا القيد من الذل، {وكبره تكبيرًا} يعني: عظمه في نفسك وفي لسانك وعظم شعائره وما أمر بتعظيمه، وافتتح أعظم العبادات بعد الشهادتين بالتكبير.

{يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}، يسبح ينزه الآن لما نفى الكفؤ؛ لأنهم اتخذوا أنداد ونهاهم عن اتخاذ الأنداد {فلا تجعلوا لله أندادًا}، ونص على الأنداد؛ لأنها أثبتها المشرك، فهم يحبون هؤلاء الأنداد كحبهم لله، فجاء نفي الأنداد، وجاء نفي الولد {لم يتخذ ولدًا}؛ لأنه أثبت من قبل اليهود والنصارى والمشركين، وأثبت الشريك فنفاه، وأثبت الولي الذي يحتاج إليه، فنفاه -جلَّ وعلا-.

{ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرًا}، ووصف بصفاة لا تليق به {قالت اليهود يد الله مغلولة}، {قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} فجاء تسبيحه وتنزيهه عن كل ما لا يليق به، فقال: {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}.

طالب: .............

كذلك.. كذلك، عاد هذا إما أن يوجد من وصفه بأنه ينام أو تأخذه السنة، أو لأن هذه مما يتوقع أن يوصف به -جلَّ وعلا-.

{تبارك الذي نزل الفرقان} تبارك: تعالى وتقدس وتعاظم، وهو بهذا اللفظ لا يعدل عنه لفظ الماضي، ولا يوصف به غيره، ولا يطلق على غيره، {تبارك الذي نزل الفرقان نزّل} ولم يقل: أنزل، والتضعيف هنا تشديد يدل على أن النزول تدريجيًا، جاء تدريجيًا ولم يكن دفعة واحدة، {نزّل الفرقان} الذي هو القرآن، الفرقان هو القرآن، وفيه التفريق بين الحق والباطل، وبين الأولياء والأعداء، وبين المسلمين والمجرمين، وبين كل مختلِفَين، ففيه التفريق بين المتضادات.

{تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} محمد -عليه الصلاة والسلام- ونعت بالعبودية في أشرف المقامات، {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} فالفرقان وهذا القرآن هذا الكتاب العظيم الذي هو كلام الله -جلَّ وعلا- نُزّل على هذا العبد المحقق لهذه المهمة العظيمة التي من أجلها خلق وهو تحقيق العبودية، فالعبودية صفة كمال بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- وبها نعت في أشرف المواقف في تنزيل القرآن الذي هو كلام الله أفضل الكلام على الإطلاق، وفي الإسراء {سبحان الذي أسرى بعبده} وهذا أيضًا تشريف له -عليه الصلاة والسلام-، {وأنه لما قام عبدالله يدعوه} أيضًا في هذا المقام نُعت بهذا النعت العظيم الذي هو كمال له -عليه الصلاة والسلام-، {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} نفس الشيء، لكن قد تقول: لماذا قال هنا: نزّل وهناك أنزل؟ وقلنا: إن نزَّل هنا تقتضي التدريج، ومادام عرف التدريج وعرف أنه نزل نجومًا أو منجمًا على ثلاث وعشرين سنة، فكونه أنزله الإنزال حصل الإنزال حصل، وصفة هذا الإنزال أيضًا عرف من نصوص أخرى.

{تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا}، نذير فعيل بمعنى منذر لهم، والمنذر الذي يأتي بالنذارة التي يخوفهم بها من سوء العاقبة، من سوء عاقبة أفعالهم، فهو منذر للكفار أن لا يموتوا على أفعالهم فيخلدوا في النار، وينذر الفجار والعصاة ألا يموتوا على الإصرار على معاصيهم فيعرضوا أنفسهم لعقوبة الله -جلَّ وعلا- وغضبه، فهو منذر ونذير وهو أيضا مبشر يأتي للبشارة لمن أطاع الله -جلَّ وعلا- واستقام على الجادة، {الذي له ملك السموات والأرض}، {الذي نزل الفرقان}، الذي له الملك، وهما صفتان لله -جلَّ وعلا- تنزيل الفرقان، الذي نزل الفرقان، هل هذا نعت أو بدل أو بيان؟ وقوله: {الذي له ملك السموات والأرض} صفة لله -جلَّ وعلا-، الذي نزل الفرقان، {تبارك الذي نزل الفرقان}، {الذي له ملك السموات والأرض}، {الذي نزل الفرقان} هو الله -جلَّ وعلا- الذي الثانية هل هي نعت أو بدل أو بيان نعت أو بدل أو عطف بيان؟

طالب: ................

لماذا قلنا: بدل، ولم نقل: عطف بيان؟ أو صفة؛ لأنه يصلح أن تقول: تبارك الذي له ملك السموات والأرض، فهو إما بدل أو بيان.

{الذي له ملك السموات والأرض} الملك المطلق لله -جلَّ وعلا- وما يدعيه من يدعي من المخلوقين أن له ملك، نعم له ملك لكنه ملك ناقص لا يستقل به بنفسه، فلا يستقل بتدبير شؤونه فضلاً عن شؤون غيره، فالملك المطلق لله -جلَّ وعلا- هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فلا يدعى الملك مع الله -جلَّ وعلا-؟ {لمن الملك اليوم؟} لله الواحد القهار، ولا دعوى تحصل في يوم القيامة، أما في الدنيا فيوجد ملوك ويوجد من يدعي ويوجد من يدعي القوة ويزعم أنه يستقل بنفسه وبأمر مملكته، لكن واقعه يشهد بضد ذلك، وأنه محتاج إلى أحقر من يخدمه الملوك أليسوا بحاجة إلى الحرس والبوابين؟ يعني أقل موظف عنده البواب الذي عند الباب وهو بحاجة ماسة إلى هذا البواب الحاجب الذي يجلس عند الباب، فضلاً عن كونه محتاج إلى أمراء في الأقاليم ووزراء وأعوان وجنود وعساكر، هو محتاج إلى كل هذا، فهو ملك بلا شك لكنه يبقى أنه ملك ناقص، والملك المطلق في السموات والأرض هو لله -جلَّ وعلا-، وهو ملك أيضًا بالنسبة للمخلوق لكنه لا يستمده من نفسه؛ وإنما هو بتمليك الله -جلَّ وعلا- إياه.

{الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدًا} والتنصيص على نفيه؛ لأن من المشركين من أثبته كاليهود والنصارى وعباد الأصنام، {ولم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك} وهذا كله تقدم.

{وخلق كل شيء فقدره تقديرًا} خلق كل شيء، فالله -جلَّ وعلا- خالق كل شيء، وهذه من النصوص الباقية على عمومها وإطلاقها، فالله -جلَّ وعلا- هو المتفرد بالخلق، قد يقول قائل: إن هؤلاء المخلوقين منهم من يخلق، منهم من يصنع، منهم من يوجد صناعات، منهم من يوجد أفعالاً مرئية أشياء عظيمة أنتجها البشر، لكن هذه المخلوقات وهذه المصنوعات التي يصنعها المخلوق هي من خلقه -جلَّ وعلا- {والله خلقكم وما تعملون}، الذي خلق الآلة التي خَلقت هو الخالق لما خُلق، الذي يصنع آلة وهذه الآلة تصنع هو الذي صنع، فإذا كان الموجد للصانع لهؤلاء للفرع وفرعه الموجد الحقيقي لصانع الفرع وفرعه، هو الموجد لجميع هذه الأمور، نفترض أن لزيد من الناس مطبعة، المطبعة طبعت كتابًا، هل نقول أن هذا الكتاب من صنع فلان أو ما نقول؟ لأنه هو الذي صنع المطبعة، نعم من صنعه، فإذا كان الله -جلَّ وعلا- هو صانع الصانع، وهو خالق هذا العمل، الله -جلَّ وعلا- هو خالق موجد هذا العمل، صح أن يقال: إن الله -جلَّ وعلا- خالق الصانع وصنعته؛ ولذا يقول الله -جلَّ وعلا-: {والله خلقكم وما تعملون}، فالكل خلقه.

طالب: ..............

التفصيلات التي لا تليق بالله -جلَّ وعلا-.

طالب: ..............

التفصيلات التي لا تليق بالله -جلَّ وعلا- يعني المسألة مسألة إجمال في مثل هذه الأمور، فكل مخلوق الله خالقه، مثلما تقول: هذه السيارة خلقها الله -جلَّ وعلا-؟ نقول: الله خلقكم وما تعملون، بدون تفصيلات ما له داعي؛ لأن بعض التفصيلات فيها ما يشعر بالنقص؛ لأن هذه المصنوعات فيها نقص، على كل حال مثل هذه الأمور لا يُسترسل فيها، ولكن من حيث التقعيد هذا الحاصل لقول الله -جلَّ وعلا-: {والله خلقكم وما تعملون}، {وخلق كل شيء فقدره تقديرًا} يعني وضع مقداره وسواه {خلق فسوى} وقدر يعني قدره تقديرًا، إما أن يكون سواه بقدره وبقدر ما يحتاج إليه، وإما أن يقال: إنه قضى به وحكم في الأزل، {فقدره تقديرًا}.

{ما اتخذ الله من ولد} وهنا  أيضًا نفي للولد؛ لأنه جاء على ألسنة متعددة وفي شرائع متتابعة إثبات الولد لله -جلَّ وعلا- على ألسنة المخالفين مثلما قال الله -جلَّ وعلا- عن اليهود وعن النصارى وعن المشركين: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله}، ما نافية من ولد، ولد نكرة في سياق النفي فيعم، وأدخلت من لتأكيد النفي، {وما كان معه} مع الله -جلَّ وعلا- {من إله}، إله نكرة في سياق النفي فتعم، وإدخال من عليها لتأكيد العموم، أو لتأكيد النفي، {إذًا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون}، تشاهدون أنتم في الواقع أن الدنيا كلها أقاليم، الأرض مقسومة إلى أقاليم ودول، وكل واحد مستقل بدولته {إذًا لذهب كل إله بما خلق} يعني الله -جلَّ وعلا- خالق الجميع ولا يشك في هذا أحد، لكن لو افترضنا أن الله –جل وعلا- معه من إله، معه إله آخر، {إذًا لذهب كل إله بما خلق}؛ لأننا نفترض في الثاني أنه يخلق وإلا ما صار إلهًا، وإذا كان يخلق لا بد أن ينفرد بما خلق، {إذًا لذهب كل إله بما خلق}، على أرض الواقع كل دولة لها ملك، وكل دولة لها رئيس، وكل رئيس مستقل بدولته، لكن ما الذي يمنع الرئيس هذا من أن يسطوا على الدولة الثانية فيضمها إليه؟ العجز، هو عاجز عن أن يضم جميع البلدان إليه، وإلا إذا وجد فرصة سنحت له فرصة ورأى في نفسه القوة والقدرة على ضم أكبر قدر ممكن إلى مملكته يتأخر أو ما يتأخر؟ ما يتأخر، لكن يمنعهم العجز، وهنا يقول: {إذًا لذهب كل إله بما خلق} يستقل، وعند القدرة على ضم ما يملكه شريكه إليهم لن يتأخر، {ولعلا بعضهم على بعض}، إذا انفرد كل إله بما خلق وصارا متكافئين، كل واحد لا يسطوا على الثاني؛ لأنه ليست لديه القدرة إذًا لديه عجز، وإذا كان لديه عجز فلا يستحق أن يكون إلهًا إذا افترضنا أن مع الله -تبارك وتعالى- معه إله آخر، الاحتمال الأول {إذًا لذهب كل إله بما خلق} ينفرد كل واحد ينفصل بما خلق، وما الذي يمنع هذا من أن يسطوا على هذا وما خلق؟ عدم القدرة، وما الذي منع الثاني أن يسطو؟ عدم القدرة، هذا الاحتمال الأول إذًا كل منهما متصف بالعجز، فلا يصلحون آلهة، الاحتمال الثاني {ولعلا بعضم على بعض} يصير أحدهما أقوى من الثاني. {ولعلا بعضهم على بعض} فيكون أحدهما أقوى من الثاني فيستولي على الثاني وما تحت يده فينفرد بالربوبية والألوهية، إذًا لا يتصور وجود إلهين.

والعلماء يذكرون ما يسمى بدليل التمانع لإثبات الانفراد بالألوهية والربوبية؛ لأنه لا افتُرض إلهين افترضنا إلهين، كما جاء في الآية، {لذهب كل إله بما خلق} وما الذي يمنع أحدهما من الاستيلاء على الثاني والانفراد؟ إنما هو العجز، والعاجز لا يصلح أن يكون إلهًا، إذًا كلهم ما يصلحون إلهًا إذا علا بعضهم على بعض فاستولى أحدهم على الآخر تفرد بالألوهية والربوبية دليل التمانع إذا افترضنا إلهين، من الذي ينفذ حكمه على الجميع؟ إذا افترضنا التساوي وأنه لا ينفذ حكم أحدهم على الآخر، فهذا دليل عجز أحدهما عن الآخر، وإذا افترضنا نفوذ حكم أحدهما على الآخر انفرد بالألوهية كما جاء في الآية، ويقول أهل العلم: إن هذه الآية فيها برهان دليل التمانع، {ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون} تنزيه الله -جلَّ وعلا- عما يصفه به المشركون الذين يزعمون أن له ندًّا، وأن له شريكًا، وأن له ولدًا، وأن له كفؤًا.

طالب: ............

{ومن الناس من يتخذ من دون الله}، هذا إنكار لمحبة المشركين لأندادهم كحبهم لله، فوجد صفة المحبة وجدت من المشركين لآلهتهم كحبهم لله، فنفيت هذه المحبة.

طالب: .............

هل من كل وجه أو النقص ظاهر؟ {لن يخلقوا ذبابًا ولو اجتمعوا له} لو أطبق الخلق كلهم على خلق ذباب ما استطاعوا، ذباب أحقر المخلوقات {وإن يسلبهم الذباب شيئًا} يعني وإيش يسلب؟ وإيش تتصورون يسلب الذباب من الإنسان شيء؟ يعني بشيء لا تراه العين المجردة لا بد من مكبرات لنرى هذا الذي سلبه هذا الذباب، فتجد هذا الحقير يسلب أعظم المخلوقين ملك من الملوك يقع عليه ويأخذ منه شيء، يسلبه شيء، وتجد هذا يحشد جميع قواته ما يستطيع أن يخلص هذا الشيء الذي سلبه هذا الذباب، لو اجتمع كل من على الأرض ما استطاعوا، لماذا؟ قالوا: لأن الذباب يفرز مادة تتلف ما يسلبه مباشرة، فإذا تصورنا هذا في الذباب، فكيف بمن فوقه يذهب أي مكان، لكن ابحث في الشرايين الموصلة من المخ إلى العين كم فيها؟ يسوون هذا أو ما يسوون؟ يسوون أمور إجمالية ويركبون بعضها على بعض وتمشي وتجي، لكن هل هذه تصنع مثل ما يصنع الإنسان؟ هذا ما يمكن إطلاقًا، ما يمكن، من الأمور التي تحيِّر أحيانًا تحير من نظره قريب هذه الآلات الكمبيوترات والصناعات الدقيقة مثلاً تجد أنه يخزن في قرص بقدر الكف عشرات، ألوف المجلدات وتضغط ويعطيك بسرعة، وقالوا: إن هذا أكبر من حافظة البشر، كيف أكبر من حافظة البشر؟ هذا أصلاً لو تبي تخطئ أدنى خطأ ما أسعفك بشيء ووجد من البشر من يحفظ أضعاف ما في هذه الآلات، فقدرة الخالق، وبعدين من الذي صنع هذه الآلة، من الذي صنع الذي صنع هذه الآلة؟ يقول: يختل عرق من عروقه أو عصب من عصباته في أدنى اهتزاز أو تحرك يفقد كل ما صنع.

طالب: .............

عاجز، إذًا ما هو إله، ويستقل الثاني بالألوهية إذًا لا بد أن يكون الإله واحدًا، في النهاية النتيجة لا بد أن يكون الإله واحدًا، لكن من هذا الواحد؟ هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر المستحق للربوبية والألوهية، الثاني عاجز كل الاحتمالات فيه عجز، والنتيجة يكون واحدًا، المتفرد واحد. سبحان الله عما يصفون تنزيه لله -جلَّ وعلا- عما يصفه به المشركون.

طالب : ............

احتمال أن يوجد، على كل حال القاعدة عند أهل العلم أنه النفي الإجمالي، هذا الأصل فيه، وما ذكر من نفي تفصيلي إما أن يوجد من قال به -وقد عرفنا من قال ببعضه- وإذا لم نجد إما لقصورنا أو لاحتمال أن نقول: إنه يتصور من يقول به أو قد يغلب على الظن وجود من يقول به، على كل حال الأصل في الإثبات تفصيلي، والنفي إجمالي، خلاف ما يقوله المبتدعة، فهم يثبتون إثباتًا إجماليًا، وينفون نفيًا مفصلاً، والإثبات الإجمالي لا يمكن تصوره في الأعيان وإن تُصوِّر في الأذهان.

{عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون} الله -جلَّ وعلا- يعلم الغيب ولا يعلم الغيب أحد إلا الله -جلَّ وعلا- لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير}، ما يعلم الغيب، {وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا}، {وما تدري نفس بأي أرض تموت}؛ لأن هذه أمور غيبية، {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا}، {قل لا يعلم من في السموات الأرض الغيب إلا الله}، -جلَّ وعلا- عالم الغيب والشهادة، إذا كان يعلم الغيب فعلمه بالشهادة من باب أولى، فإذا كان يعلم ما لم يكن وعلمه به كعلمه بما كان، {فتعالى عما يشركون} قد يقول قائل: إذا كان الله -جلَّ وعلا- يعلم الغيب ويعلم ما سيكون ويعلم ما يؤول إليه الخلق مما كتب عليهم، فلماذا تنصب الموازين مثلاً؟ إذا كان الله -جلَّ وعلا- يعلم مقدار عمل هذا الإنسان وما عمله من خير وشر، لماذا يوضع الميزان؟ نعم لإقامة الحجة على العبد ليرى عمله بنفسه ويرى نتيجته بنفسه؛ لأنه لو لم ير لادعى أنه مظلوم، لكن إذا رأى وقُرر بأعماله كلها من تكليفه إلى أن مات ليست له حجة، وإرسال الرسل لتنقطع الحجج. {فتعالى عما يشركون}، تعالى تعاظم تقدس عما يشركون به من الأنداد والأضداد.

{فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون}، فلا تضربوا لله الأمثال، الله -جلَّ وعلا- من الأمثال أنواع الأمثال، {فلا تضربوا لله الأمثال} هناك أمثال لا تُضرب لله -جلَّ وعلا- التي تقتضي مشابهة المخلوق بالخالق، وأما المثل الأعلى {ولله المثل الأعلى} فيضرب لله -جلَّ وعلا- المثل الأعلى؛ ولذا يقال: كل كمال يتصف به المخلوق فالخالق أولى به، والمراد بالكمال الكمال الذي لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه، وكل نقص ينزه عنه المخلوق فالله -جلَّ وعلا- أولى بالتنزه عنه، {فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون}، فلا يضرب لله -جلَّ وعلا- لا مثل ولا شبه ولا نظير ولا يشبه بخلقه بوجه من الوجوه، {إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون}، {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، هذه كلها من عظائم الأمور ومن الموبقات، وهي مرتبة -كما يقول أهل العلم- على سبيل الترقي، بدأ بتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، من الفواحش ما نص عليه بأنه فاحشة الزنا واللواط وفي حكم الزنا بل شر منه نكاح زوجة الأب نُص عليها بأنها فواحش، {ما ظهر منها وما بطن} ما ظهر للملأ ووجد في عالم الشهود بحيث تمكن رؤيته مما ذكر، وما بطن مما يستتر به الإنسان.

{قل إنما حرم رب الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم}، يعني ما يسبب الإثم من المعاصي، والبغي على الآخرين بغير الحق، وبغير الحق وصف كاشف لا مفهوم له؛ لأنه لا يوجد بغي بحق، وإذا كان الوصف كاشف لا مفهوم له فيكون علة بدلاً من أن يكون قيد فيكون السبب في تحريم البغي؛ لأنه بغير حق، {وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا}، {إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم}، يعني من غير ما ذُكر مما هو أعظم منه، والبغي بغير الحق الضرر المتعدي على الآخرين، وأن تشركوا وهو أعظم الذنوب، الشرك بالله، {إن الشرك لظلم عظيم}، {وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا}، يعني هل يمكن أن يقال: إن قولهم ما لم ينزل به سلطانًا له مفهوم؟ أن من الشرك ما أنزل الله به سلطان؟ هذا لا مفهوم له، ومثلما تقدم وصف كاشف يكون علة للحكم وليس بقيد.

{وأن تشركوا بالله ما لم ينزل الله به سلطانًا} برهانًا منه -جلَّ وعلا- على جوازه، {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، وهذا أعظمها، قرر أهل العلم أن القول على الله بغير علم أعظم الذنوب بعد الشرك، فالذي يقول على الله ما لا يعلم، يقول: إن الله اتخذ ولد مثلاً قال على الله بغير علم، وكل من يقول على الله بغير ما جاء عنه، فقد قال عليه بغير علم، ومن أفتى بغير علم، فقد دخل في هذه الآية وكذب على الله -جلَّ وعلا-، من وصفه بغير ما وصف به نفسه قال على الله بغير علم، من نفى عنه ما أثبته لنفسه قال على الله بغير علم، من أفتى بخلاف ما جاء عنه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام- فقد قال على الله بغير علم، ومن عظائم الأمور أن ينسب الولد لله -جلَّ وعلا- {وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا لقد جئتم شيئًا إدّا تكاد السموات يتفطرن منه}، وقلب من يدعي الإيمان ويدعي العلم ويدعي طلب العلم لا يتحرك ويسمع مثل هذه الدعاوى، بل قد يسمعها حية من هذه القنوات، يسمع هذه الدعوى في القنوات -قنوات النصارى- حية، ولا يتحرك في ساكن، والسموات تكاد أن تتفطر من هذا الخبر، كل هذا لأن الإنسان استمرأ وصار يسمع ولا ينكر فصار ما يتحرك فيه شيء غيرة لله -جلَّ وعلا-  -نسأل الله السلامة والعافية-.

ونقف على قوله -رحمه الله-: {الرحمن على العرش استوى}، آيات الاستواء السبع.

طالب: ..............

يعني أسهل ثم أشد، ثم أشد، ثم أشد.

طالب: .............

هذا أعظم، قال بعض أهل العلم: إن القول على الله بغير علم أعظم من الشرك، ابن القيم وغيره قالوا: أعظم من الشرك، من أنواعه ما هو أعظم من الشرك.

"
يقول: كيف نجمع بين الآيات التي جاء فيها الجدال كقوله سبحانه: {تجادلك في زوجها}، {وجادلهم بالتي هي أحسن}، وبين الأحاديث التي جاءت في ذم الجدل؟

المقصود بالجدل المذموم الجدل العقيم الذي لا خير فيه ولا نتيجة وراءه، وأما الجدال والنقاش والحوار الذي يتوصل به إلى الحق فهو مطلوب.

يقول: إذا أحب الله عبدًا من عباده أحبه الناس، إذًا لماذا لم يؤمن لموسى إلا قليل؟

هل المعنى أن الإنسان إذا أحب شخصا أطاعه؟ (لموسى) عاد ما لقى إلا موسى؟! نظرت في الأفق فإذا سوادٌ عظيم قلت: هذه أمتي قال لا هؤلاء أتباع موسى، سبحان الله لو ذكر أن النبي يأتي ومعه الرجل والرجلان، والذي يأتي وليس معه أحد هذا أظهر في الاستدلال، ومع ذلك لا يعني أن الله -جلَّ وعلا- لا يحبه، لا يعني أن الله -جلَّ وعلا- لا يحبه، إنما يحبه الله -جلَّ وعلا- ينادي منادٍ من السماء أن الله -جلَّ وعلا- يحب فلانًا فأحبوه، وهذا أمر شأن سائر الأوامر، منهم من يمتثل فيحبه، ومنهم من يعصي فلا يحب.

ما حكم التجادل والنقاش في مسلمات الدين كالتوحيد والعقيدة والقرآن والرسول والولاء والبراء وغير ذلك؟

هذه من اختصاص أهل العلم، ولا يجوز أن يدخل فيها من ليس منهم، لا يجوز أن يدخل في نقاش هذه القضايا من ليس من أهل العلم، الأمور المجمع عليها والمتفق عليها بين سلف هذه الأمة لا يجوز عرضها للنقاش، أما ما اختلفوا فيه إن كان الهدف والقصد الوصول إلى الحق، فهذا من شأن أهل العلم واختصاصهم، إذا رأوا النقاش في مثل هذه الأمور سواء كان بالمحاورة الشفوية أو بالكتابة وهذا معروف عند أهل العلم يناقش بعضهم بعضًا ويرد بعضهم على بعض في المسائل التي تقبل النقاش، أما المسلَّمات فلا.