كتاب الصيام من سبل السلام (2)

نعم.

 أحسن الله إليك، بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،

 فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله– صلى الله عليه وسلم- عن الوصال، هو ترك الفطر بالنهار وفي ليالي رمضان، بالقصر فقال رجل من المسلمين".

الوصال عرفه بأنه ترك الفطر في نهار رمضان وفي الليل، هذا تعريف الوصال عندهم، والوصال معروف أنه بالنسبة لمن صام، فذكر الفطر في النهار لا داعي له؛ لأن المراد بالوصال بالنسبة للصائم، ترك الفطر في النهار، يعني هل يتصور أن يفهم فاهم ويفهم أحد بأن من لم يأكل بالليل أنه مواصل، ولو أكل بالنهار؟ هذا لا يفهمه أحد.

المقصود نهى عن الوصال بالنسبة للصائم، ولذا لو لم يأكل الإنسان من غروب الشمس إلى طلوعها ما أجزأ، ولا يعتبر مواصلًا، إنما الوصال ترك الأكل بالليل في الصيام، فيجمع الأيام اليومين والثلاثة والأربعة لا يأكل بينها شيئًا، فنهى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنهم قالوا له: إنك تواصل، والأصل الاقتداء والائتساء، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21]، فما دامت تواصل فعلينا أن نواصل مثلك، فأجابهم -عليه الصلاة والسلام- بقوله: «إني لست كهيئتكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني».

"قال المصنف: لم أقف على اسمه".

يعني لم يقف على تعيين المبهم هنا الذي قال للرسول -عليه الصلاة والسلام-: إنك تواصل، وفي الغالب أن مثل هذا إذا كان مما يظَن أنه يتعرَّض له بذم أنه لا يذكر اسمه؛ سترًا عليه.

 قد يقول قائل: هذا الشخص استدرك على النبي -عليه الصلاة والسلام-، واعترض عليه -عليه الصلاة والسلام-، يعني مثل ما يقول كثير من الناس لما يذكر له شيء يقول للقائل: وحياتك أنت؟ باللهجة العامية، هذا يستدرك على القائل، بلا شك، وهو أسلوب فيه ما فيه من الاعتراض، لكن لا يظَن بالصحابي أنه يعترض على الحكم، لكنه يريد أن يتثبت، ولينظر هل فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- عزيمة للجميع، أو هو خاص به -عليه الصلاة والسلام-؟

المقصود أن هذا ليس من باب الاعتراض، وإن فهمه بعضهم، ولذا أبهموا القائل؛ سترًا عليه.

"فإنك تواصل يا رسول الله فقال: «وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني»، فلما أبو أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا".

أبوا أن ينتهوا عن الوصال، أيهما أقوى الفعل أو القول؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- نهاهم عن الوصال، لكنه يواصل، وأبوا أن يكفوا عن الوصال؛ اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، امتثلوا واقتدوا بفعله، ولم يمتثلوا نهيه؛ لأنهم اعتقدوا أن نهيه -عليه الصلاة والسلام- عن الوصال من باب الشفقة عليهم، يعني كما ينهى الشخص بأن يصلي مائة ركعة في اليوم مثلاً شفقة عليه فيقول: لا، أنا أستطيع أكثر من ذلك، فالذي يقول مثل هذا الكلام لا يُعَد عاصيًا، الذي ينهى شفقة عليه، ثم يعترض من باب التأكد لا سيما إذا كان فعله في إطار ما شرعه الله، الإكثار من التعبد ليس ببدعة، شخص يصوم ما شرعه الله -سبحانه وتعالى- من الصيام، يصوم رمضان، ويصوم الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر، أو يصوم يومًا ويفطر يومًا صوم داود- عليه السلام-، فيأتيه أبوه ولنفترض أن أباه من أهل العلم والفضل والخير والصلاح، يقول له: يا ابني خفّف على نفسك، فلا يمتثل أمره، هل يكون عاصيًا؟ إنما كان نهيه من باب الشفقة عليه، لا من باب الإلزام، ولذا لما نهاهم النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الوصال ولم يمتثلوا إنما حداهم على ذلك الحرص على الخير، كما أنهم لم يمتثلوا أن يحلوا في الحديبية، أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحلوا فلم يحلوا؛ لأنهم تطلعوا إلى أداء العمرة في هذه السنة، وتشوفوا إليها، ورأوا أن فعلها هو العزيمة، وأن إحلالهم رخصة، ثم جاء الفعل وهو في بعض المواقف أقوى من القول، لما شكى النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى بعض أزواجه عدم امتثالهم في الحلق، قالت: احلق رأسك، فلما حلق -عليه الصلاة والسلام- رأسه كادوا يقتتلون، كلهم امتثلوا، ما تأخر أحد، وهنا لما رآهم ترددوا في ترك الوصال واصل بهم، يومًا ويومين وثلاثة، كالمنكِّل لهم، معاقب، ثم انتهى الشهر، ولو زاد الشهر لزادهم، لو امتد مدّ لهم في الوصال، وهذا درس عملي، فكونه -عليه الصلاة والسلام- يواصل لما أبداه في الحديث -عليه الصلاة والسلام-، يطعمني ربي ويسقيني، والخلاف في المراد بهذا الطعام بين أهل العلم معروف، وستأتي الإشارة إليه.

"ثم رأوا الهلال فقال: «لو تأخر الهلال لزدتكم» كالمنكِّل لهم حين أبوا أن ينتهوا. متفق عليه".

الآن إذا تعارض القول مع الفعل أو تعارض القول مع الحرص أو تعارض القول مع الاحترام، تعارض القول مع الفعل، صار القول الفعل أحيانًا أقوى كما مثّلنا ونظّرنا، تعارض الامتثال مع الاحترام، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أشار إلى أبي بكر أن قف، يعني صلِّ بالناس، اثبت في مكانك، فلم يمتثل أبو بكر، تقهقر، وترك الإمامة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، هل نقول: إن أبا بكر عصى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما امتثل أمره؟ ما عصى، ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كما قال، فما نقول: إن أبا بكر خالف أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالثبوت في مكانه وإتمام الإمامة، لا، ولكن مثل هذا يقتصر فيه على مورد النصّ، ولا يتعداه؛ لأن الأصل الاتباع، لا يقول قائل: أنا من باب احترام النبي -عليه الصلاة والسلام- أخالف أمره، وأغلو فيه، لا، «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم»، فمثل هذا يوقف فيه على مورده، ولا يقاس عليه؛ لأنه خلاف الأصل.

طالب: ...        

ماذا؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

يعني هل ما امتثلوا الأمر لما أمرهم أن يحلوا؟ ما امتثلوا، ترددوا، لكن لما حلق -عليه الصلاة والسلام- بادروا بالحلق رأوا أن المسألة جد ما تحتمل، لو تعارض قوله -عليه الصلاة والسلام- مع فعله منهم من يقول: إن الفعل يحمَل على الخصوصية به -عليه الصلاة والسلام-، والقول للأمة كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «الفخذ عورة» مع كونه -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حسر عن فخذه، نقول: تعارض الفعل مع القول، هل نقول: إن الفعل خاص به -عليه الصلاة والسلام- والقول للأمة؟ قيل به، قيل بهذا، لكن مثل هذا لا ينبغي؛ لأننا إذا قلنا: ما الأكمل ستر الفخذ أو كشفه؟ أيهما أكمل؟ ستره، كل كمال يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، قد يطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- من الكمالات ما لا تكلف به الأمة؛ لأنه أولى بالكمال من أمته -عليه الصلاة والسلام-.

"الحديث عند الشيخين من حديث أبي هريرة وابن عمر وعائشة وأنس، وتفرد مسلم بإخراجه عن أبي سعيد، وهو دليل على تحريم الوصال".

ماذا؟ البخاري، البخاري ليس بمسلم، معروف من مفردات البخاري.

طالب:...

نهى عن الشرب قائمًا، وشدد في ذلك، وأمر بالقيء لمن شرب قائمًا، وشرب قائمًا، ثبت أنه شرب قائمًا، فيحمَل النهي على التنزيه، وليس على التحريم؛ لوجود الصارف.

"وهو دليل على تحريم الوصال؛ لأنه الأصل في النهي، وقد أبيح الوصال إلى السحر؛ لحديث أبي سعيد: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر»، وفي حديث أبي سعيد هذا دليل على أن إمساك بعض الليل مواصلة".

نعم.

"وهو يرد على من قال: إن الليل ليس محلاً للصوم، فلا ينعقد بنيته".

لو كان الأمر كذلك وهذا القائل إنما استدل بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا فقد أفطر الصائم»، ولو كان الأمر كما قال لما نهي عن الوصال؛ لأنه أفطر حكمًا، ولو لم يأكل، ولما أمروا بالمبادرة بتعجيل الفطر، وتأخير السحور، هو مفطر من غروب الشمس حكمًا، لكن المراد بقوله: «فقد أفطر الصائم» دخل وقت فطره كما يقال: أظلم وأنجد وأتهم إذا دخل في ذلك.

"وفي الحديث دلالة على أن الوصال من خصائصه -صلى الله عليه وسلم-، وقد اختلف في حق غيره، فقيل: التحريم مطلقًا، وقيل: محرم في حق من يشق عليه، ويباح لمن لا يشق عليه، الأول رأى الأكثر؛ للنهي، وأصله التحريم، واستدل من قال: إنه لا يحرم بأنه -صلى الله عليه وسلم- واصل بهم، ولو كان النهي للتحريم لما أقرهم عليه، فهو قرينة أنه للكراهة؛ رحمة لهم، وتخفيفًا عنهم؛ ولأنه أخرج أبو داود عن رجل من الصحابة: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاءً على أصحابه. إسناده صحيح".

وإبقاءً.

"وإبقاءً متعلق بقوله: نهى، وروى البزار والطبراني في الأوسط من حديث سمرة: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال وليس بالعزيمة، ويدل له أيضًا مواصلة الصحابة، فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن ابن الزبير كان يواصل خمسة عشر يومًا، وذكر ذلك عن جماعة غيره".

جماعةِ غيره.

"وذكر ذلك عن جماعة غيرِه فلو فهموا التحريم لما فعلوه".

لكن ما المانع أن يكون النهي لم يبلغه؟ لم يبلغ من فعله من الصحابة، وحينئذٍ لا عبرة بما خالف المرفوع، من أي مخالف كائنًا من كان، وقد اشتد الأمر بالنسبة لمن بعد الصحابة من التابعين فمن دونهم، ممن ينتسب إلى الزهد والعبادة، ممن وقع في كثير من المخالفة فواصلوا الشهر الكامل، ومنهم من صام الأربعين من غير فطر، الحافظ الذهبي -رحمه الله- ذكر في السير قصصًا لهذا النوع، ذكروا أنهم إذا أتموا الأربعين حصل لهم من الكشوف ما لم يحصل لغيرهم، والحافظ -رحمه الله- الحافظ الذهبي يعلق على ذلك كثيرًا ويقول: إن هذه الكشوف ليست في الحقيقة كشوفًا، ولم تغير من الواقع شيئًا، وإنما هي نوع من الهلوسة، الذي يجوع أيامًا طويلة ما فيه شك أنه يختل توازنه، يختل عقله، يرد عليه من الواردات الشيء الكثير، ولذا إذا جاع الإنسان قال: أرى الواحد اثنين، أو ما يرى من قدامه من الجوع، مما يرد عليهم من الجوع، الله المستعان.

"ويدل للجواز أيضًا ما أخرجه ابن السكن مرفوعًا: «ان الله لم يكتب الصيام بالليل، فمن شاء فليتبعني، ولا أجر له» قالوا: والتعليل بأنه من فعل النصارى لا يقتضي التحريم، واعتذر الجمهور عن مواصلته -صلى الله عليه وسلم- بالصحابة بأن ذلك كان تقريعًا لهم وتنكيلاً بهم، واحتمل جواز ذلك لأجل مصلحة النهي في تأكيد زجرهم؛ لأنهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمة النهي، وكان ذلك أدعى إلى قبوله؛ لما يترتب عليه من الملل في العبادة والتقصير فيما هو أهم منه وأرجح من وظائف العبادات، والأقرب من الأقوال هو التفصيل".

يعني من كان يتعبه ويرهقه الوصال يمنَع، ومن لا فلا، على كلٍّ أقل أحواله الكراهة، يعني إذا لم يتجه القول بالتحريم لقوة المعارض فأقل الأحوال الكراهة، حينئذٍ يحمل النهي في حديث الباب على الكراهة.

"وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «وأيكم مثلي؟» استفهام إنكار وتوبيخ، أي أيكم على صفتي ومنزلتي من ربي، واختلف في قوله: يطعمني ويسقيني، فقيل: هو على حقيقته كان يطعم ويسقى من عند الله، وتُعقِّب بأنه لو كان كذلك لم يكن مواصلاً".

نعم لو أكل، لو جيء له بطعام من طعام الجنة على ما قاله بعضهم ما كان مواصلًا، صار مفطرًا حقيقة، ولما صار مواصلاً، فالوصال حينئذٍ ليس على حقيقته، وإذا قيل: إنه طعام معنوي، غذاء روحي كما يقول ابن القيم وجمعٌ، لم يكن الطعام على حقيقته، وعلى هذا يقول بعضهم: إنه في هذا الحديث لا بد من ارتكاب المجاز، كيف ذلك؟ إما أن يؤوَّل الطعام أو يؤوَّل الوصال، يعني لا طعام لا لغة ولا شرعًا إلا بالمأكول حقيقة، فتأويله بالغذاء الروحي إخراج له عن ظاهره، هذا تأويله، فحقيقة الطعام اللغوية والشرعية والعرفية ما يؤكل، هل يطلق الطعام ويراد به شيء آخر في لغة العرب، أو في النصوص أو في عُرف الناس؟ نعم قد جاء ما يشير إليه في الغيبة مثلاً، وأكل لحوم الناس هذا ليس بأكل حقيقي، وإن أُطلِقَ عليه، هو أكل معنوي، وليس بحقيقي، فالذي عندنا من هذا الباب، وعلى هذا يكون قول من قال: إنه لا بد من ارتكاب المجاز أنه لم يرد في النصوص ما يدل على أن الأكل يطلق على غير المأكول حقيقة أو في لغة العرب أو في عُرف الناس كلام متعَقّب، وحينئذ لا يلزم من هذا المجاز، فالأكل يطلق على الأكل وما في حكمه مما يقوي البدن وينعشه ويغذيه، فلا مجاز حينئذٍ.

طالب: ...        

نعم؟

طالب:...

نعم، الحديث فيه كلام، الحديث فيه كلام، الحديث ما يثبت لا لا.

طالب:...

إلى السحر، إلى السحر، هذا الحد المباح، يعني الحد المباح إلى السحر، مع أنه ما يسلم من مخالفة الأمر بتعجيل الفطر.

طالب:...

 نعم، لليوم الثاني.

"وأجيب عنه بأنه ما كان من طعام الجنة على جهة التكريم فإنه لا ينافي التكليف، ولا يكون له حكم طعام الدنيا، وقال ابن القيم: المراد ما يغذيه الله من معارفه وما يفيضه على قلبه من لذة مناجاته، وقرة عينه بقربه وتنعمه بحبه والشوق إليه، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب وتنعيم الأرواح وقرة العين، وبهجة النفوس وللقلب والروح بها أعظم غذاء وأجوده وأنفعه، وقد يقوي هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام برهة من الزمان كما قيل شعرًا: لها أحاديث من ذكراك تشغلها عن الشراب وتلهيها عن الزاد، لها بوجهك نور يستضاء به ومن حديثك في أعقابها حادي، ومن له أدنى معرفة".

له أدنى إيش؟

طالب: ...        

أفعل تفضيل، لا.

"ومن له أدنى معرفةً".

نعم.

طالب:...

لا لا، ماذا؟ أفعل تفضيل أم إيش؟

طالب:...

شراب عرابة، كيف؟ شراب معرفة هنا.

طالب:...

له أدنى هذه معروفة.

يا إخوان؟ إذا قيل: فلان أشد قبولاً للحق، أشد قبولاً للحق.

طالب:...

نعم يا إخوان؟

طالب:...

من له أقل، أدنى أقل..

طالب: ...        

 لا لا لا، لا لا.

طالب:...

أين أهل النحو؟

طالب:...

نعم، الذين يدرسون النحو كثير، أهل النحو كثر، ما بهم قلة ولله الحمد.

طالب:...

وأقرب رحمًا؟

طالب:...

أقل معرفةٍ مضاف ومضاف إليه؟

طالب:...

ها يا صالح ماذا عندك آسر؟ الله يهديكم!

طالب:...

إذا قيل: ورجال البخاري أو صحيح البخاري أوثق رجالاً وأقوى اتصالاً وأشد اتصالاً.

طالب:...

لو قلنا على نزع الخافض أدنى معرفة يعني في المعرفة، أشد في الاتصال.

اقرأ اقرأ. إن شئت.

"أو تشوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني، ولا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قرت عينه بمحبوبه، وتنعم بقربه والرضا عنه، وساق هذا المعنى واختار هذا الوجه في الإطعام والإسقاء".

هذا شيء مشاهد، هذا شيء مشاهد ممن حصل له ما يرغب فيه وتكون تلك الرغبة قوية لأي أمر من الأمور تجد نفسه يعاف الطعام، هذا شيء ظاهر، الطالب إذا نجح في الامتحان يرجون أهله ياكل، وفرح مسرور، من حصل له أي مطلوب في أمور هذه الدنيا تجده منشغلًا بهذا حتى عن الأكل، من تلذذ بمناجاة الله -سبحانه وتعالى- وعبادته تجده لا يلتفت من هذه الدنيا إلا البُلغة وحال العلماء وأهل العبادة والزهد ظاهر في هذا، بخلاف من ركن إلى الدنيا وغفل عن الآخرة فإن همه الطعام والشراب، والمركوب والملبوس، والله المستعان.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ما قاله ابن القيم: غذاء روحي.

"وأما الوصال إلى السحر فقد أذن -صلى الله عليه وسلم- فيه كما في حديث البخاري عن أبي سعيد".

عن أبي سعيد.

"كما في حديث البخاري عن أبي سعيد أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر»، وأما حديث عمر في الصحيحين مرفوعًا: «إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» فإنه لا ينافي الوصال؛ لأن المراد بأفطر دخل في وقت الإفطار لا أنه صار مفطرًا حقيقة كما قيل".

يعني مثل ما يقال: أظلم دخل في الظلم، وأنجد، وأتهم، دخل في نجد، وفي تهامة.

"لأنه لو صار مفطرًا حقيقة لما ورد الحث على تعجيل الإفطار ولا النهي عن الوصال ولا استقام الإذن بالوصال إلى السحر".

لكن ما فيه فرق بين أول الليل وآخره، عندهم أفطر حكمًا فلا وصال.

"وعنه أي أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزور» أي الكذب «والعمل به والجهل» أي السفه «فليس لله حاجة» أي إرادة «في أن يدع طعامه و شرابه»، رواه البخاري وأبو داود، واللفظ له".

أبو داود فيه الجهل؟ أو في البخاري؟ انظر التخريج.

طالب:...

التخريج عندكم؟ الجهل في أبي داود؟

طالب:...

ماذا يقول؟

طالب:...

نعم صحيح.

طالب: ...        

ماذا؟

طالب:...

صحيح إذا ما ميز مثل هذه الألفاظ ماذا عمل بالتخريج؟ حلاق هذا طبعة ابن الجوزي.

طالب: ...        

 لا لا ما فيه.

طالب:...

العكس؟ لا فيه موضع آخر، يمكن وقف على موضع وأنا موضع. نعم.

"الحديث دليل على تحريم الكذب والعمل به، وتحريم السفه على الصائم وهما محرمان على غير الصائم أيضًا إلا أن التحريم في حقه آكد، كتأكد تحريم الزنا من الشيخ، والخيلاء من الفقير".

بلا شك لحرمة الزمان، إضافة إلى عِظَم قدر من عُصي، الزمان والمكان لا شك أنه تعظَّم السيئات في بعض الأزمنة دون بعض، وتعظَّم في بعض الأمكنة دون بعض، ومن بعض الأشخاص دون بعض.

طالب: ...        

ماذا؟

طالب:...

نعم، ما يخالف ما يضر، ما يضر.

"والمراد من قوله «فليس لله حاجة» أي إرادة بيان عظم ارتكاب ما ذكر وأن صيامه كلا صيام، ولا معنى لاعتبار المفهوم هنا فإن الله لا يحتاج إلى أحد".

لا من فعل ولا من لم يفعل، الله -سبحانه وتعالى- هو الغني الغنى المطلق الكامل عن كل أحد، ولو أن الخلق كلهم أولهم وآخرهم وإنسهم وجنهم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، والعكس.

"وهو الغني سبحانه ذكره ابن بطال، وقيل: هو كناية عن عدم القبول، كما يقول المغضب لمن رد شيئًا عليه: لا حيلة لي في كذا".

أو لا حاجة؟ ماذا عندك؟ لا حاجة، لا حاجة، ما يجيء، لا لا لا. لا حاجة لي في كذا، قد تكون له حاجة لكن لما تأخر عليه قال: لا حاجة، نعم، هذا كناية عن عدم قبوله ما جاء به، وإلا فالحاجة قائمة هذا بالنسبة للمخلوق.

طالب:...

لكن الحاجة منفية ليست في محل الإثبات.

"وقيل: إن معناه أن ثواب الصيام لا يقاوم في حكم الموازنة ما يستحق من العقاب لما ذكر هذا وقد ورد في الحديث الآخر «فإن شاتمه أحد أو سابه فليقل إني صائم» فلا تشتم مبتدئًا ولا مجاوبًا".

نعم فلا إيش؟

طالب: ...        

لا ابتداءً ولا جوابًا لأحد. يعني احفظ لسانك.

طالب:...

كأنها أفضل نعم.

طالب:...

لا المحققة دعوى، ما هذا بتحقيق.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبِّل وهو صائم ويباشر" المباشرة الملامسة، وقد ترد بمعنى الوطء في الفرج، وليس بمراد هنا".

ترد هي الأصل فيها الملامسة، ترد الوطء، وترد في الوطء فيما دون الفرج، كما في حديث عائشة: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يأمرني فاتَّزر فيباشرني وأنا حائض، هذه مباشرة، اللمس مباشرة، المقصود منه مس البشرة البشرة، من غير حائل هذه هي المباشرة سواء كانت في الفرج أو دونه، أو ما بعد منه كلها مباشرة.

"وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه" بكسر الهمزة وسكون الراء فموحدة، وهو حاجة النفس ووطرها".

إِرب وأَرَب، ضبطت كذا وكذا بالفتحتين.

"وقال المصنف في التلخيص: معناه لعضوه. متفق عليه، واللفظ لمسلم، وزاد أي مسلم في رواية: في رمضان. قال العلماء: معنى الحديث أنه ينبغي لكم الاحتراز من القبلة، ولا تتوهموا أنكم مثل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في استباحتها؛ لأنه يملك نفسه، ويأمن من وقوع القبلة أن يتولد عنها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس أو نحو ذلك، وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم كفُّ النفس عن ذلك".

لكن من وجد منه الوصف وهو أنه يملك إربه يجوز له ذلك يجوز له ذلك.

طالب:...

لا، فلا رفث ولا فسوق، النكاح ودواعيه حتى الكلام يمنَع.

طالب:...

حائل لا بأس إن لم يفضِ إلى شيء، إن كان يملك؛ لأن بعض الناس حتى من وراء حجاب وناس من بعيد بالنظر، بعض بالناس بالفكر، بعض الناس بالفكر إذا فكَّر أفسد صومه وأفسد حجه بمجرد التفكير، الله المستعان، الناس يتفاوتون.

"وأخرج النسائي من طريق الأسود: قلت لعائشة: أيباشر الصائم؟ قالت: لا، قلت: أليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يباشر وهو صائم؟ قالت: إنه كان أملككم لإربه"".

طالب: ...        

ماذا؟

طالب:...

أنها نعم.

"وظاهر هذا أنها اعتقدت أن ذلك خاص به -صلى الله عليه وسلم-، قال القرطبي: وهو اجتهاد منها، وقيل: الظاهر أنها ترى كراهة القبلة لغيره -صلى الله عليه وسلم- كراهة تنزيه لا تحريم".

من باب سدّ الذريعة وإلا فإذا وثق الإنسان من نفسه فلا بأس.

"كما يدل له قولها: أملككم لإربه، وفي كتاب الصيام لأبي يوسف القاضي من طريق حماد بن سلمة: سئلت عائشة عن المباشرة للصائم فكرهتها، وظاهر حديث الباب جواز القبلة والمباشرة للصائم؛ لدليل التأسي به -صلى الله عليه وسلم-، ولأنها ذكرت عائشة الحديث جوابًا عمن سأل عن القبلة وهو صائم، وجوابها قاضٍ بالإباحة، مستدلة بما كان يفعله -صلى الله عليه وسلم-، وفي المسألة أقوال: الأول: للمالكية أنه مكروه مطلقًا".

يعني من باب سد الذريعة.

"الثاني: أنه محرم، مستدلين بقوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187]".

وما عدا ذلك، يعني الآن وقبل ذلك ممنوع يعني في النهار، الآن يعني في الليل، وما قبل ذلك يعني في النهار مفهومه أنه ممنوع.

"فإنه منع المباشرة في النهار، وأجيب بأن المراد بها في الآية الجماع وقد بيَّن ذلك فعله -صلى الله عليه وسلم- كما أفاده حديث الباب، وقال قوم: إنها تحرم القبلة وقالوا: إن من قبّل بطل صومه".

لا لا هذا لا لا.

"الثالث: أنه مباح, وبالغ بعض الظاهرية فقال: إنه مستحب".

اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، يعني من باب الاقتداء يستحبونه.

"الرابع: التفصيل فقالوا: يكره للشاب، ويباح للشيخ، ويروى عن ابن عباس، ودليله ما أخرجه أبو داود أنه أتاه -صلى الله عليه وسلم- رجل فسأله عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب".

نعم.

طالب:...

ماذا؟

طالب: ...        

مخرّج؟

طالب:...

على كلٍّ العلة معتبرة، وهي المفهومة من حديث الباب الصحيح، العلة معتبرة إذا كان الإنسان يملك نفسه سواء كان شابًّا أو كبير السِن، وإذا كان لا فلا بأس وإلا فلا ولو كان شيخًا كبيرًا، وكم من شيخ أقوى من كثير من الشباب، والعكس، نعم، كم من شاب أردأ من كثير من الشيوخ، نعم.

"الخامس: إن مالك نفسه جاز له وإلا فلا، وهو مروي عن الشافعي، واستدل له بحديث عمر بن أبي سلمة لما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته أمه أم سلمة "أنه -صلى الله عليه وسلم- يصنع ذلك، فقال يا رسول الله: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: «إني أخشاكم لله»".

بلا شك، نعم، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع ذلك يبالغ في العبادة ويقول: «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟»، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وهو أبعد الناس عن المعصية، وهو أخشى الله وأتقاهم لله -سبحانه وتعالى-، وإن غفر الله له، فلو كان ممنوعًا لاجتنبه -عليه الصلاة والسلام-.

"فدل على أنه لا فرق بين الشاب والشيخ وإلا لبينه -صلى الله عليه وسلم- لعمر، لا سيما وعمر كان في ابتداء تكليفه".

عمر في ابتداء تكليفه! كم عمره يا شيخ أبا عبد الله؟

طالب:...

صحيح، نعم ما زال في أوائل التكليف، هو ربيب النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وقد ظهر مما عرفت أن الإباحة أقوى الأقوال، ويدل لذلك ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث عمر بن الخطاب".

وعلى كل حال الاحتياط للعبادة مطلوب، وسدّ الذرائع أيضًا مقرر في الشرع، ومن خشي على نفسه من الوقوع في المحظور يجتنب.

"قال: "هششت يومًا فقبَّلتُ وأنا صائم، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: صنعت اليوم أمرًا عظيمًا! فقبلت وأنا صائم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟» قلت: لا بأس بذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ففيم؟»".

نعم، كل هذه مقدمات، المضمضة مقدمة للشرب، والقُبلة مقدمة لإفساد الصيام، فإذا لم يحصل المقصود لا من المضمضة ولا من القُبلة ما تضر، هذا فيه تمام المطابقة.

"انتهى قوله: "هشِشتُ" بفتح الهاء وكسر الشين المعجمة بعدها شين معجمة ساكنة معناه: ارتحت وخففت".

نعم ومِلْتُ.

"واختلفوا أيضًا فيما إذا قبّل أو نظر أو باشر فأنزل أو أمذى، فعن الشافعي وغيره أنه يقضي إذا أنزل في غير النظر، ولا قضاء في الإمذاء، وقال مالك: يقضي في كل ذلك ويكفر إلا في الإمذاء فيقضي فقط، وثمة خلافات آخر، الأظهر أنه لا قضاء ولا كفارة إلا على من جامع وإلحاق غير الجامع به بعيد".

لأن النصّ جاء في المجامع، النصّ القضاء والكفارة جاء في المجامع، وإلحاق غيره به بعيد، إلا أنه يقوى بالنسبة لمن أمنى بشهوة، ولذا جاء المنع من الشهوة، «يدع طعامه وشرابه وشهوته» فهذه شهوة، أما مجرد خروج المذي ليس بشهوة، وعلى هذا لا قضاء ولا كفارة، وأما بالنسبة للمني فأقل أحواله القضاء. وأما الكفارة فلا، الكفارة خاصة بالجماع.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

نعم، جاء في بعض الروايات: يصوم يومًا مكانه، لا، يلزمه القضاء بلا شك.

"(تنبيه) قولها: (وهو صائم) لا يدل أنه قبلها وهي صائمة، وقد أخرج ابن حبان في صحيحه عن عائشة كان يقبل بعض نسائه في الفريضة والتطوع، ثم ساق بإسناده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يمس وجهها وهي صائمة، وقال: ليس بين الخبرين تضاد؛ لأنه كان يملك إربه، ونبه بفعله ذلك على جواز هذا الفعل لمن هو بمثل حاله، وترك استعماله إذا كانت المرأة صائمة؛ علمًا منه بما ركب في النساء من الضعف عند الأشياء التي ترد عليهن انتهى".

بلا شك إذا حُرِّكَت شهوة المرأة ما ملكت نفسها وهي مثل الرجل، الرجل قد يملك، لا سيما إذا قوي إيمانه، ويوجد من يقع في المحظور من الرجال والنساء وبكثرة في العصور المتأخرة؛ نظرًا لرقة الدين عند كثير من الناس وغلبة الشهوة وكثرة المثيرات.

طالب:...

نعم، ما دام أفسدت صومها تقضي. النساء شقائق الرجال، إذا أُلزِم الرجل بذلك فالمرأة مثله، نعم.

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم". رواه البخاري، قيل: ظاهره أنه وقع منه الأمران المذكوران مفترقين، وأنه احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم، ولكنه لم يقع ذلك في وقت واحد؛ لأنه لم يكن صائمًا في إحرامه".

ولذا قال وهو محرم وهو صائم، والعطف على نية تكرار العامل كأنه قال: احتجم وهو محرِم، واحتجم وهو صائم، ودلّ على التغاير، لكن الرواية الأخرى احتجم وهو محرم صائم هذه تدل على الاقتران على ما سيأتي.

"إذا أريد إحرامه وهو في حجة الوداع، إذ ليس في رمضان ولا كان محرمًا في سفره في رمضان عام الفتح، ولا في شيء من عمره التي اعتمرها".

نعم؛ لأنه دخل دخل مكة وعلى رأسه المغفر، فدل على أنه ليس بمحرم وهو في رمضان.

"وإن احتمل أنه صام نفلاً إلا أنه لم يعرف ذلك، وفي الحديث روايات، وقال أحمد: إن أصحاب ابن عباس لا يذكرون صيامًا، وقال أبو حاتم: أخطأ فيه شريك إنما هو احتجم وأعطى الحجام أجرته، وشريك حدث به من حفظه، وقد ساء حفظه، فعلى هذا الثابت إنما هو الحجامة".

احتجم وهو محرِم.

"والحديث يحتمل أنه إخبار عن كل جملة على حِدة، وأن المراد احتجم وهو محرم في وقت، واحتجم وهو صائم في وقت آخر، والقرينة على هذا معرفة أنه لم يتفق له اجتماع الإحرام والصيام، وأما تغليط شريك وانتقاده على ذلك اللفظ فأمر بعيد".

ماذا؟ وانتقاده؟

طالب:...

"وأما تغليط شريك وانتقاده على ذلك اللفظ فأمر بعيد، والحمل على صحة لفظ روايته مع تأويلها أولى".

صحيح، إذًا كيف يمكن تأويلها؟ على أن يكون هذا في وقت، وهذا في وقت الاحتجام في وقت، نعم.

"وقد اختلف فيمن احتجم وهو صائم، فذهب إلى أنها لا تفطر الصائم الأكثر من الأئمة وقالوا: إن هذا ناسخ لحديث شداد بن أوس وهو: وعن شداد بن أوس "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم في رمضان فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم». رواه الخمسة إلا الترمذي وصححة أحمد وابن خزيمة وابن حبان، الحديث قد صححه البخاري وغيره، وأخرجه الأئمة عن ستة عشر من الصحابة، وقال السيوطي في الجامع الصغير: إنه متواتر، وهو دليل على أن الحجامة تفطر الصائم من حاجم ومحجوم له، وقد ذهبت طائفة قليلة إلى ذلك منهم أحمد بن حنبل وأتباعه لحديث شداد، وذهب آخرون إلى أنه يفطر المحجوم له، وأما الحاجم فإنه لا يفطر عملاً بالحديث هذا في الطرف الأول، فلا أدري ما الذي أوجب العمل ببعضه دون بعض؟ وأما الجمهور القائلون أنه لا يفطر حاجم ولا محجوم له، فأجابوا عن حديث شداد هذا بأنه منسوخ؛ لأن حديث ابن عباس متأخر؛ لأنه صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- عام حجه، وهو سنة عشر".

حجة الوداع سنة عشر يعني في آخر عمره -عليه الصلاة والسلام-.

"وشداد صحبه عام الفتح، كذا حكي عن الشافعي".

ولذا حكم الشافعي -رحمه الله- بالقول بالنسخ رأى أن حديث ابن عباس، وهو المتأخر ناسخ لحديث شداد وهو المتقدم؛ لأن حديث شداد في رمضان، عام الفتح، وحديث ابن عباس في حجة الوداع وهي في آخر عمره -عليه الصلاة والسلام- فقال بالنسخ، وإذا أمكن الجمع على كل حال لا يصار إلى النسخ، وإن قال به الجمهور، حمله بعضهم على أن الحجامة تفطر من تضعفه، بحيث يضعف عن إتمام يومه، فمعنى قوله: أفطر الحاجم لما قد يصل إلى جوفه من دم المحجوم، وأفطر المحجوم إذ صار مآله إلى الفطر؛ لأن هذه الحجامة تضعفه عن تحمل الصوم، وعلى القول بالنسخ وقال به الأكثر فالأمر واضح لا شك أن حديث ابن عباس متأخر، والمتأخر ينسخ المتقدم، والذين يقولون: إن المراد بأفطر يعني آل صيامه إلى الفطر؛ لأنه لا يحتمل الحجامة مع الصيام، وعلى هذا يكون في حكمه من سُحِب منه الدم الكثير، بحيث صار لا يقوى على إتمام الصيام، فإنه يحكم بفطره بخلاف الشيء اليسير الذي لا يضر ولا يؤثر عليه.

 وعلى كل حال الاحتياط عدم الحجامة في نهار رمضان، وعدم التبرع بالدم في نهار رمضان، لكن لو اضطر الإنسان إلى ذلك أو احتيج إليه فإن في قول الجمهور مندوحة.

طالب: ...        

 نعم القول بالنسخ.

"قال: وتوقي الحجامة احتياطًا أحب إلي، ويؤيد النسخ ما في حديث أنس في قصة جعفر بن أبي طالب، وقد أخرج الحازمي من حديث أبي سعيد مثله".

مثلَه مثلَه. الحازمي له كتاب في الناسخ والمنسوخ اسمه (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار)، من أجود ما أُلِّف في النسخ في الحديث.

طالب: ...        

 نعم مطبوع مرارًا.

"قال أبو محمد بن حزم: إن حديث «أفطر الحاجم والمحجوم» ثابت بلا ريب، لكن وجدنا في حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الحجامة للصائم وعن المواصلة ولم يحرمهما إبقاءً على أصحابه. إسناده صحيح وقد أخرج ابن أبي شيبة ما يؤيد حديث أبي سعيد أنه -صلى الله عليه وسلم- رخص في الحجامة للصائم، والرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على النسخ سواء كان حاجمًا أو محجومًا، وقيل: إنه يدل على الكراهة، ويدل لها حديث أنس الآتي، وقيل: إنما قاله -صلى الله عليه وسلم-"

ماذا؟

في رجل بعينه؟ في خاص نعم يغتابان الناس، الحاجم والمحجوم يغتابان الناس.

"في خاصٍ، وهو أنه مر بهما وهما يغتابان الناس، رواه الوحاضي".

الوحاضي نعم.

"رواه الوحاضي عن يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعاني أنه قال: إنما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أفطر الحاجم والمحجوم له»؛ لأنهما كانا يغتابان الناس، وقال ابن خزيمة في هذا التأويل: إنه أعجوبة".

بُعد بُعد.

"لأن القائل به لا يقول: إن الغيبة تفطر الصائم، وقال أحمد: ومن سلم من الغيبة! لو كانت الغيبة تفطر ما كان لنا صوم".

ولو سمعنا هذا عن الإمام أحمد يسترسل في الغيبة ويغتاب الناس، لا، إنما هذا من ورعه -رحمه الله-؛ لأنه مع ورعه يعتبر مجرد الكلام في الناس لأدنى سبب أو لحاجة من هذا الباب ورعًا منه -رحمه الله- وإلا فمقامه أعظم من أن يغتاب الناس لا سيما في مثل هذا الشهر.

"وقد وجَّه الشافعي هذا القول، وحمل الشافعي الإفطار بالغيبة على سقوط أجر الصوم، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- للمتكلم والخطيب يخطب: «لا جمعة له»، ولم يأمره بالإعادة، فدل على أنه أراد سقوط الأجر، وحينئذ فلا وجه لجعله أعجوبة كما قال ابن خزيمة".

طالب:...

إنما يغتابان الناس؟

طالب:...

لا لا لا، ثابت أم ليس بثابت، الوحاضي هذا ما سنده؟

طالب:...

ولن يذكر نعم.

"وقال البغوي: المراد بإفطارهما تعرضهما للإفطار، أما الحاجم فلأنه لا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص، وأما المحجوم فلأنه لا يأمن ضعف قوته بخروج الدم، فيؤول إلى الإفطار، قال ابن تيمية في رد هذا التأويل: إن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «أفطر الحاجم والمحجوم له» نص في حصول الفطر لهما، فلا يجوز أن يعتقد بقاء صومهما والنبي -صلى الله عليه وسلم- مخبر عنهما بالفطر، لا سيما وقد أطلق هذا القول إطلاقا من غير أن يقرنه بقرينة تدل على أن ظاهره غير مراد، فلو جاز أن يريد مقاربة الفطر".

نعم.

"دون حقيقته لكان ذلك تلبيسًا لا تبيينًا للحكم انتهى. قلتُ: ولا ريب في أن هذا هو الذي دل عليه قوله".

لأن مثل هذا الاحتياط فيه شيء، لما تحكم عليه بالفكر ثم يذهب فيكمل فطره ويأكل ويشرب ويطأ امرأته ويقول: ما دام أنا مفطر مفطر، ماذا أفعل؟ تسببت في إفساد صومه، فالاحتياط في مثل هذا إذا قلت له: أفطرت، ما سلمت من أن يقع بسبب قولك محظور، وإذا قلت له: لم تفطر، فالأمر كذلك، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «أفطر الحاجم والمحجوم» فالاحتياط في مثل هذا، ما هو؟

طالب: ...        

 ما أدري والله.

طالب:...

الإحكام؟ أن تتقى الحجامة بالنهار، بقدر الإمكان، ويحتجم بالليل ويتبرع بالليل، لو حصل هناك ضرورة من إسعاف وشبهه واحتيج إلى الدم أو حصل ضرر شديد بمناسبة أو بسبب كثرة الدم في شخص ما أريد إخراج شيء منه بحجامة أو بغيرها فالضرورة تقدر بقدرها، وحينئذٍ يكون القول قول الجمهور بالنسخ، وفيه مندوحة، لكن مع عدم الحاجة لا شك أن الاحتياط، لكن من وقعت منه الحجامة مثلاً تقول له: أفطرت، كمل أكلك وشربك؟ لا.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

يأتي أيضًا الاحتياط من جهة أخرى، لا يلزمه لزوم القضاء، لا سيما وأن قول الجمهور له وجه، لكن لو قضى من باب الاحتياط من باب إبراء الذمة نُصِح بهذا، فالأمر فيه سعة.

طالب:...

من هو؟

نعم. يرى أن الحجامة تفطر. المذهب عند الحنابلة كما هو معروف.

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أفطر هذان»، ثم رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم". رواه الدارقطني وقواه قال: إن رجاله ثقات، ولا تعلم له علة، وتقدم أنه من أدلة النسخ لحديث شداد".

أين؟

طالب:...

على كلٍّ كلام الشافعي ظاهر في القول بالنسخ، وحديث ابن عباس متأخر بلا شك، فهو ناسخ عند الجمهور، والذي يقول: لا الحكم يختلف، فحديث أفطر الحاجم والمحجوم صريح في المراد، وكونه -عليه الصلاة والسلام- أفطر احتجم وهو صائم وهو محرم ما اتفق له أن أحرم وهو صائم، وبعضهم قال: وهو محرم وهو صائم هذه وهم من الراوي، نعم احتجم وهو محرم صحيح، وعلى كل حال مثل ما ذكرنا أن الاحتياط ترك الحجامة بالنهار.

طالب:...

كل واحد على حدة، لكن حديث ابن عباس يقتضي أن الحجامة غير مفطرة إذا قلنا: على حدة، إذا قلنا: احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم، والحديث في الصحيح ما فيه إشكال، فمعنى هذا أنه -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو صائم فلم يفطر، فعلى هذا الحجامة لا تفطر الصائم، وهي مستند الجمهور، في أنها لا تفطر، وأن الفطر مما دخل لا مما خرج، على ما سيأتي.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اكتحل في رمضان وهو صائم". رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف، وقال الترمذي: لا يصح في هذا الباب شيء".

لا يصح في الكحل لا إثبات ولا نفي، وعلى كلٍّ العين ليست بمنفذ إلى الجوف، وعلى هذا فالاكتحال لا يفطر الصائم، نعم إن وجد طعم القطرة أو الكحل في حلقه فابتلعه، وقد يوجد هذا، إنما هي ليست بمنفذ طبيعي، إنما قد يوجد، الأذن منفذ إلى الحلق، لكن العين ليست بمنفذ، فإذا وُجِد الطعم فابتلعه حينئذٍ يفطر، وقد ينفذ الطعم إلى الحلق من غير المنافذ الطبيعية كما لو وطأ حنظلة مثلاً، هذا مجرّب، يحس بطعم، والبادية يعرفون هذا.

تعرف الحنظل؟

طالب:...

تعرف الشاري يا أشرف ما اسمه؟

طالب: ...        

 حنظل نعم، ماذا يسمونه عندنا؟

شاري نعم شاري.

طالب:...

ماذا؟

طالب: ...        

 نعم، مُر مُر شديد المرارة.

طالب:...

كيف تجربه وتعرفه؟

طالب:...

هذه لو أحميت الحنظلة ووطأتها في قدمك وجدت طعمها.

طالب: ...         

 نعم؟

طالب: ...        

 والله هذا ما ندري، إذا أُكِل؟ هو مرارته شديدة ما فيه شك أنه ما يطاق.

طالب:...

لا لا شديد شديد.

طالب:...

لا، هو ما يفطر، لكن هو قد يحس بطعمه، بشيء من طعمه، على ما قالوا، نحن ما جربنا.

طالب:...

لا لا.

"ثم قال: واختلف أهل العلم في الكحل للصائم فكرهه بعضهم وهو قول سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق، ورخَّص بعض أهل العلم في الكحل للصائم وهو قول الشافعي. انتهى، وخالف ابن شبرمة وابن أبي ليلى فقالا: إنه يفطر لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «الفطر مما دخل وليس مما خرج»".

هذا داخل أم خارج؟

طالب:...

ما دليل ابن شبرمة وابن أبي ليلى؟

طالب:...

هذا حديث هذا مخرّج أم ليس؟ ماذا يقول؟

طالب:...

الفطر؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

يصله لكن البيهقي أعلى.

طالب:...

نعم.

"وإذا وجد طعمه فقد دخل وأجيب عنه: بأنا لا نسلم كونه داخلاً؛ لأن العين ليست بمنفذ، وإنما يصل من المسام، فإن الإنسان قد يدلك قدميه بالحنظل فيجد طعمه في فِيه، ولا يفطر، وحديث الفطر مما دخل، علقه البخاري عن ابن عباس، ووصله عنه ابن أبي شيبة".

يعني من قوله موقوفًا؟ من قول ابن عباس.

"وأما ما أخرجه أبو داود عنه -صلى الله عليه وسلم- قال في الإثمد: «ليتقه الصائم» فقال أبو داود: قال لي يحيى بن معين: هو منكر".

لا شك، نعم.

طالب:...

هذه منافذ بلا شك.

طالب:...

لا، العين لا بأس؛ لأنها ليست بمنفذ، أما الأذن والأنف، يعني إذا وصل للحلق ثم ابتلعه هذا مفطر بلا شك.

طالب:...

والله في الغالب ما يصل، يعني ليست بمنفذ، في الغالب أنه لا يصل، والذين يجدون الطعم في الغالب أنه يتسرب من قِبَل الأذن، وهو ما يدري، هذا غالبًا، نعم، يتسرب منها ما يدري، يجد الطعم.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم، احتلم، احتلم.

طالب:...

بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا، كل المنافذ يتحفظ منها وأنت صائم.

طالب:...

يعني من غير قصد بعد أن تحفظ لا بأس.

طالب:...

فابتلعه أو رماه؟

طالب:...

إذا ابتلعه دل على وجود شيء، في حلقه فابتلعه يفرض أنه من أي منفذ كان.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه»، وفي رواية الترمذي: «فإنما هو رزق ساقه الله إليه». متفق عليه، وللحاكم أي من حديث أبي هريرة: «من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة» وهو صحيح، وورد في لفظ: «من أفطر» يعم الجماع، وإنما خص الأكل والشرب؛ لكونهما الغالب في النسيان كما قاله ابن دقيق العيد".

نعم غالبًا أن الإنسان ينسى ويأكل ويشرب، لكن ما ينسى ويجامع في نهار رمضان؛ لأنه إن نسي ما نسيت الزوجة، وإن نسي في أول الأمر ما نسي في آخره؛ لأن هذا يطول أمده. إلا إذا كان إلا إذا كان مثل بعض الناس، وإلا خشي أن يتناسى لا من النسيان.

"والحديث دليل على أن من أكل أو شرب أو جامع ناسيًا لصومه، فإنه لا يفطره ذلك؛ لدلالة قوله: فليتم صومه".

النصّ في الأكل والشرب، على كل حال النصّ في الأكل والشرب، فإلحاق الجماع به مع أنه يختلف معه في الحكم؛ إيجاب الكفارة وإيجاب القضاء، إلحاقه به ليس ليس من باب الإلحاق التام للاختلاف في الحكم، فما يقاس الجماع على الأكل والشرب؛ للاختلاف في الحكم.

طالب:...

إذا لم يفرِّط، ما هو يجلس في غرفة مظلمة ولا ما يرى ويقول: النهار ما طلع ويأكل، لا لا، إذا لم يفرط واحتاط إلى ذلك، وعُرف باحتياطه فلا بأس.

طالب:...

من بيصبر لذاك الوقت للمجامعة هذا؟ لا لا، هذا تفريط هذا، هذا تفريط استيقظ من النوم تفريط، وش استيقظ من النوم؟ أخبرك مثل واحد يسأل يسأل اللجنة الدائمة يقول إنه متعود على مرة في أول الليل ومرة في آخره، فانتبه في آخر الليل لما تبين له أنه قد أذن، الله المستعان، لا هذا تفريط تفريط.

طالب: ...        

نعم.

طالب: ...        

ماذا؟

طالب:...

أنت احتط، نعم. احتط لنفسك، خل آخر الليل اتركه، هذا صيام، هذا ركن، ركن من أركان الإسلام ما هو بلعبة.

طالب:...

لكن أقول لك: هذا ركن من أركان الإسلام، الاحتياط له واجب.

"على أنه صائم حقيقة".

أنت موجود في أول الأمر في الإسلام؟

طالب:...

لو أنت موجود في أول الأمر في الإسلام، أول ما شرع الصيام، يعني بعد العشاء ما فيه شيء خلاص، تأكل المغرب وخلاص، تلزم. أو نمت في أول الأمر ثم انتبهت خلاص فاتك.

طالب: ...        

لا لا لا، الاحتياط، هذا ركن من أركان الإسلام، لا بد من الاحتياط.

طالب:...

نعم؛ لنتعلم قولًا وفعلًا.

"وهذا قول الجمهور وزيد بن علي والباقر وأحمد بن عيسى".

انظر الذي ما عنده نية وما سأل هذا السؤال، ماذا تقول يا عمر؟ أقول: أهل الورع والتحري والتثبت ما يسأل.

طالب:...

نعم.

"والإمام يحيى والفريقين، وذهب غيرهم إلى أنه يفطر قالوا: لأن الإمساك عن المفطرات ركن الصوم فحكمه حكم من نسي ركنًا من الصلاة فإنه تجب عليه الإعادة وإن كان ناسيًا، وتأولوا قوله: فليتم صومه بأن المراد فليتم إمساكه عن المفطرات، وأجيب بأن قوله: فلا قضاء عليه ولا كفارة صريح في صحة صومه وعدم قضائه له".

عند الإمام مالك إذا أكل أو شرب ناسيًا يفطر، لكن لا كفارة عليه، لو أكل أو شرب عامدًا أفطر مع الكفارة.

طالب:...

أين؟

طالب:...

الله المستعان نعم.

"وقد أخرج الدارقطني إسقاط القضاء في رواية أبي رافع وسعيد المقبري والوليد بن عبد الرحمن وعطاء بن يسار كلهم عن أبي هريرة، وأفتى به جماعة من الصحابة منهم علي- عليه السلام- وزيد بن ثابت وأبو هريرة وابن عمر، كما قاله ابن المنذر وابن حزم، وفي سقوط القضاء أحاديث يشد بعضها بعضًا، ويتم الاحتجاج بها، وأما القياس على الصلاة فهو قياس فاسد الاعتبار؛ لأنه في مقابلة النصّ، على أنه منازع في الأصل".

وهذا فعل الأكل في نهار رمضان والشرب فعل، وما قاسوه عليه في الصلاة ترك، فرق بين الفعل والترك، فالنسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود، إنما يتم القياس فيما لو زاد ركنًا، ما هو بترك ركن، لو ترك ركنًا لا بد أن يأتي به، أكل أو شرب فعل، إيجاد فعل ناسيًا، لا شيء عليه، لكن لو زاد ركنًا ناسيًا في الصلاة أيضًا صلاته صحيحة.

طالب:...

ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود، تكمل يا أبا عبد الله؟ هيا أعطني إياه.

"وقد أخرج أحمد عن مولاة لبعض الصحابيات "أنها كانت عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتي بقصعة من ثريد فأكلت منها، ثم تذكرت أنها صائمة فقال لها ذو اليدين: الآن بعد ما شبعت! فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك» وروى عبد الرزاق أن إنسانًا جاء إلى أبي هريرة فقال له: أصبحت صائمًا وطعمت فقال: لا بأس قال: ثم دخلت على إنسان فنسيت فطعمت، قال أبو هريرة: أنت إنسان لم تتعود الصيام".

ما تعود الصيام، ما تعود الصيام، صحيح أن الناس أول يوم من رمضان أبدًا، الأكل والشرب كثير، لكن إذا اعتادوه، ولذا يتورعون عن الأكل والشرب أو ينسون أنهم مفطرون في يوم العيد، في يوم عيد الفطر، كثير منهم إذا قُدِّم له شيء، يعني كأنه صايم صيامه نفسه، فالإنسان على ما تعود، والله أعلم، انتهى.

اللهم صلِّ على محمد.