شرح قصب السكر (01) - أنواع الخبر المردود بسبب الطعن في الراوي - 01
الحمد لله رب العالمين،
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
تقدَّم من أوجه الطعن في الراوي: فحش الغلط، الغفلة، الفسق، وعرفنا أن حديث الكذاب يسمى؟ الموضوع، وحديث المتهم بالكذب يسمى المتروك، وحديث الثلاثة فاحش الخطأ، شديد الغفلة، الفاسق حديث هؤلاء يسمى المنكر، ولذا قال الناظم: فادع الكل أي ادعو وسمي حديث الكل من هؤلاء من منكرٍ، وهذا على رأي من لا يشترط المخالفة، على رأي من لا يشترط المخالفة بتسمية الحديث منكرًا، والمنكر اسم مفعول من الإنكار وهي مصدر الفعل الرباعي أنكرَ، تقول: نكرِت الشيء وأنكرته ضد عرفته، وكل ما قبحه الشرع وحرّمه وكرهه فهو منكر، والنكرة ضد المعرفة، والمنكر واحدٌ المناكير، والمنكر في الاصطلاح: هو الحديث الذي في سنده راوٍ فحُش غلطه، أو كثُرت غفلته أو ظهر فسقه، هو الحديث الذي في سنده راوٍ فحُش غلطه أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه، وانفرد به بحيث لا يعرف متنه من غير روايته، لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر، وإن لم يخالف غيره، وقد توسع كثيرٌ من المتقدمين في إطلاق المنكر، فأطلقوه على مجرد التفرُّد، على مجرد التفُّرد ولو كان المتفرِّد به ثقةً، سواء خالف غيره أم لم يخالف. قال الحافظ ابن حجر إن الإمام أحمد وغيره يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة، يطلقون المناكير على الأفراد، والذي اعتمده الحافظ ابن حجر على ما تقدَّم أن المنكر ما رواه الضعيف مخالفًا فيه الثقات، المنكر ما راوه الضعيف مخالفًا فيه الثقات. فلا بد أن يكون الراوي ضعيفًا، وأن يكون أيضًا مخالفًا فيه الثقات.
أما إذا كان الراوي ثقةً مع وجود المخالفة فإن الحديث يُسمى حينئذٍ الشاذ، ويقابل المنكر المعروف، ويقابل الشاذ المحفوظ، وقد تقدَّم. مثال المنكر على اصطلاح من لا يشترط المخالفة، مثال المنكر على اصطلاح من لا يشترط المخالفة: ما روي عن عائشة مرفوعًا: «كلوا البلح بالتمر، فإن ابن آدم إذا أكله غضب الشيطان، وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلِق» يعني أكل الجديد بالقديم، «كلوا البلح بالتمر، فإنه فإن ابن آدم إذا أكله غضب الشيطان» هذا الحديث رواه ابن ماجه والحاكم وقال الذهبي: هذا حديث منكر، هذا حديث منكر تفرد به أبو ذكير وهو ممن لا يحتمل تفرُّده، ومتنه ركيك لا ينطبق على محاسن الشريعة، لماذا؟ لأن الشيطان لا يغضب من مجرد حياة ابن آدم، وطول عمره، غضبه حينما يطول عمر ابن آدم مسلمًا مطيعًا لله تعالى، بل الذي يُرضي الشيطان أن يطول عمر ابن آدم لكن في المعاصي -نسأل الله العافية-، ومثال المنكر على اصطلاح من يشترط المخالفة ما روي من طريق حُبيب بن حَبيب أخي حمزة الزيات القارئ عن أبي إسحاق عن العيزار عن حريث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج وصام وقرى الضيف دخل الجنة» قال أبو حاتم: هذا حديثٌ منكر؛ لأن غير حُبيب رواه عن أبي إسحاق موقوفًا وهو المعروف، فإذا كان المعروف الموقوف فالمرفوع إيش؟ منكر؛ لأنه يقابل المعروف.
ثم ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- تبعًا للحافظ الوجه السادس من أوجه الطعن في الراوي وهو الوهم، فقال: أو وهمه في الإملا والوهم مصدر وهِم يهم بكسر الهاء، إذا غلط، وقد توهم الشيء تخيله وتمثله سواء أكان في الوجود أم لم يكن، ويقال وهِم إليه يهم وهمًا ذهب وهمه إليه.
قال في القاموس: الوهم من خطرات القلب، الوهم من خطرات القلب، أو هو مرجوح طرفي المتردَّد فيه، جمعه أوهام، الوهم من خطرات القلب، القلب له خطرات، وله هواجس، وله حديث نفس، فالخطرات التي ترد على القلب من غير ثبات قريب منها الهاجس، ويليها بعد ذلك حديث النفس وهو أقوى منها، يليه أيضًا الهم، وآخر المراتب مراتب القصد في القلب العزم، يقول: أو هو مرجوح طرفي المتردَّد فيه جمعه أوهام، ويقال، انتهى صاحب القاموس، ويقال وهِمت في كذا وكذا فأنا أوهم وهمًا إذا..
والوهم في الاصطلاح: هو رواية الحديث على سبيل التوهُّم، هو رواية الحديث على سبيل التوهُّم أي بناء على الطرف المرجوح المقابل للظن، وبيان ذلك أن المعلوم المعلوم ويقول بعضهم بدل أن يقول المعلوم ما عنه الذكر الحكمي، وهي عبارة صاحب مختصر ... وبيان ذلك أن المعلوم إما أن يستقر في الذهن من غير تردد أو بتردد، فالأول يسمى العلم وهذا تقدَّم تفصيله، فالعلم لا تردد فيه، بل استقراره في الذهن بنسبة كم؟ مئة بالمئة، مئة بالمئة، بمعنى أنه لا يحتمل النقيض بوجه من الـأوجه والثاني مع وجود التردد إما أن يكون راجحًا أو مرجوحًا أو مساويًا فالراجح هو إيش؟ الظن، والمرجوح الوهم والمساوي الشك، والوهم عند الحكماء قوةٌ جسمانية للإنسان، محلها كما قالوا آخر التجويف الأوسط من الدماغ، من شأنها إدراك المعاني الجزئية، المتعلقة بالمحسوسات، وهذه القوة هي التي تحكم في الشاة مثلاً بأن الذئب مهروب منه، وأن الولد معطوف عليه، قد تتصرف الحيوانات بهذه القوة المدرِكة، تصرفًا يظنه بعض الناس صادر عن عقل، ومعلومٌ أن العقل مما يتميز به الإنسان دون الحيوان، فيتصرف بعض الحيوانات ظنه بعض الناس صادر عن عقل، ولذا ينكر بعض من لا يتحقق مثل هذا الأمر بعض النصوص التي تدل على بعض التصرفات من بعض الحيوانات، فمثلاً حديث الذبابة أنكره بعضهم، قائلاً: من أين للذباب أن يعقل ويميز بين جناحيه؟ وأن أحدهما فيه داء وفي الآخر دواء أو شفاء، فأنكر الحديث، والحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما، وله نظائر، من أين للنملة أن تقسم الحبة نصفين لئلا تنبت؟ ومن أين للنملة أن تخرج للاستسقاء؟ ومن أين للفرس العقل الذي يجعله يمتنع من أن ينزع على أمه؟ في قصة ذكرها ابن حجر، ألزم بأن ينزو على أمه على أمه فامتنع، فجُلِّلت بحيث لا يراها ولا يعرفها فنزع عليها، فلما كُشِف الجلُّ قطع ذكره بأسنانه غيرة على أمه، وقد وصل كثيرٌ من الناس إلى دون هذا المستوى بكثير، والله المستعان. المقصود أن في الحيوانات قوة غريزية مدركة تدرك بعض ما ينفعها، وما يضرها، فتطلب ما ينفعها، وتهرب مما يضرها، فإذا كان الوهم هو الغالب على رواية الراوي تُرِك حديثه، أما الوهم اليسير فإنه لا يضر ولا يخلو عنه أحد.
قال ابن مهدي: الناس ثلاث: رجل حافظ متقن، فهذا لا يختلف فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك حديثه، وآخر يهِم والغالب على حديثه الوهم فهذا يُترَك حديثه، نعم. يمكن أن يقال للراوي ثقة يهم؟ أو ثقة له أوهام؟ يقال ولا ما يقال؟ هل يستحق الوصف بثقة مع أن له أوهامًا؟ أو ينزلون عن الثقة إلى الصدوق فإذا زاد وهمه قالوا أيضًا صدوق له أوهام؟ نعم؟
طالب:...
إذا كان ما تُذكَر إذا كان ما تُذكَر، فإذا استحقت الذكر نزل عن درجة الثقة.
طالب:...
إذا عُرفت أوهامه نعم ونُبِّه عليها بقي فيما عداها ثقة، المقصود أنهم في كتب الجرح والتعديل يندر أن يقولوا ثقة له أوهام، ولذلك لا تجد الراوي الذي له أوهام من الثقات يُذكَر في كتب الضعفاء، فالذي يذكر أوهام الرواة مثل الكامل لابن عدي وهو خاص بالضعفاء، نعم، لكن لا تجد للثقات كتب أو كتب الثقات تذكر أوهام الراوي، والذي يكثر ذكر الأوهام معه هو الوصف بصدوق الوصف بصدوق، ثم بين الناظم -رحمه الله تعالى- ما يسمى به حديث حديث من اتصف بهذا الوصف الوهم من الرواة فقال: والوهم إن عرف بالقرائن والجمع للطرق مع التباين فسمه معللاً فسمه معللاً يعني أنه إذا قامت القرائن بعد جمع الطرق والوسيلة التي تتبين وتتضح منها القرائن هي إيش؟ جمع الطرق، فإذا قامت القرائن بواسطة جمع الطرق على وهم الراوي من وصل مرسل أو منقطع، أو إدخال حديث في حديث، أو رفع موقوف، أو نحو ذلك من القوادح فإن حديثه حينئذٍ يسمى المعلَّل. والمعلَّل اسم مفعول، فإن الناظم قال: فسمه معللاً فتبعناه على لفظه، نعم، والمعلَّل اسم مفعول ولا يوجد هذا اللفظ الذي هو الفعل علَّل في كتب اللغة إلا بمعنى ألهاه بالشيء علله يعني ألهاه بالشيء وشغله به من تعليل الصبي بالطعام، وأما معلول على وزن اسم المفعول فهو موجود في كلام كثير من اللغويين والمحدثين، ولم يرتضها أيضًا كثير من أهل العلم، إذًا معلَّل مفضول، لفظٌ مفضول، لا يمكن أن يأتي هنا إلا أنهم أطلقوه، وإلا من حيث الاشتقاق فيه إشكال، ومثله معلول، حتى قال ابن الصلاح إنه مرذول، يعني إطلاق معلول على الحديث إنه لفظ لفظ معلول مرذول وقال النووي أنه لحنٌ لحن، وقال الحريري لا وجه لهذا الكلام البتة، لا وجه لهذا الكلام البتة. وهو موجود في كلامهم وقلنا هذا حديث معلول، والأولى في تسميته أن يقال مُعَل بلام واحدة.
فمعلول موجود في كلام المحدثين، وموجود في كلام أهل الكلام فيقولون العلة والمعلول، وموجود أيضًا في كلام الأصوليين، فالأولى أن يقال في تسمية الخبر الذي هذه صفته أن يقال له مُعَل، وهذا اللفظ رجحه الحافظ العراقي وهو اسم مفعول أيضًا من علّ يعلُ واعتل وأعله الله فهو مُعَل بلام واحدة.
وهو الأكثر عند اللغويين والمحدثين لأنهم يقولون إذا أرادوا إذا أرادوا الكلام عن حديث قالوا: علله فلان، أو يقولون: أعله فلان بكذا، أعله فلان بكذا يعني فهو مُعلٌ.
والمُعل في الاصطلاح هو الحديث الذي اطلع فيه على علة، هو الحديث الذي اطلع فيه على علةٍ تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها. مع أن ظاهره السلامة منها. والعلة عرفت بأنها عبارة عن أسبابٍ خفيةٍ غامضة تقدح في صحة الحديث، وعلل الحديث من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها وأشرفها، حتى قال ابن مهدي: لئن أعرف علةً واحدةً أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثًا ليست عندي، لئن أعرف علة واحدة أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثًا ليست عندي. ولا يقوم بهذا النوع كل أحد، ممن ينتسب إلى هذا العلم بل لا ينوء به إلا من رزقه الله تعالى فهمًا ثاقبًا، وحفظًا واسعًا، ومعرفة تامةً بمراتب بمراتب الرواة وملكةً قويةً بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن، كعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني وغيرهم.
أجناس العلل: للعلل أجناس كثيرة، ذكر الحاكم في معرفة علوم الحديث عشرةً منها على سبيل التمثيل لا الحصر، إذ لا يمكن حصرها لدقة هذا النوع من أنواع علوم الحديث وخفائه، بل مجرد ما يشتمل الحديث على سببٍ يخرجه من حال الصحة إلى حال الضعف فإنهم يسمونه حينئذ مُعلاً ولذلك نجد في كتب العلل الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ والجهالة وغيرها، قد يعلون بالأسباب الظاهرة، والأصل في العلة أنها خفية، لكن كتب بالعلل قد تذكر الشيء الظاهر، على خلاف الأصل، وقد أطلق بعضهم اسم العلة على ما ليس بقادحٍ من وجوه الخلاف، نحو من أرسل إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط إذا روي الحديث بإسناد صحيح موصولاً مرفوعًا، وروي أيضًا مرسلاً وحكمنا للرفع، أو حكمنا للوصل، ورجحنا الوصل على الإرسال بعضهم يطلق الإرسال علة، وهذه العلة وإن سميت علة إلا أنها لا تقدح في ما رُجِّح من الوصل والرفع، قال أبو يعلى الخليلي: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول. وسمى الترمذي النسخ علة، النسخ علة في جامعه ذكر حديث «الماء من الماء» وبيَّن أنه منسوخ، وفي العلل علل الجامع التي في آخره قال: وقد بينا علة الحديث في الكتاب، وعلته التي أشار إليها هي النسخ. أقسام المُعل: ينقسم المعل بحسب موقع العلة إلى ثلاثة أقسام: الأول المُعل في السند، المُعل في السند، ومثاله ما روى ابن جريح عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «من جلس مجلسًا فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر الله ما كان في مجلسه ذلك» فهذا الحديث ظاهره الصحة، حتى اغتر به غير واحد من الحفاظ كالترمذي وغيره فصححوه، لكن فيه علة خفية غامضة قادحة، فالصواب فيه ما رواه وهيب بن خالد عن سهيلٍ عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، هنا في الأصل ما رواه ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، والصواب فيه ما رواه وهيب بن خالد عن سهيلٍ أي ابن أبي صالح، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وسبب تصويب هذه الرواية على التي قبلها قول البخاري -رحمه الله-: لا أعلم لموسى سماعًا من سهيل. يعني أنه إذا لم يكن معروفًا بالأخذ عنه وجاءت عنه رواية خالف راويها من هو أكثر منه ملازمةً لموسى بن عقبة من هو أكثر ملازمة لموسى بن عقبة منه رُجحت رواية الملازِم، فرجح رواية وهيب بن خالد على رواية موسى بن عقبة. فبهذا يوجَّه تعليل البخاري، والكلام في الحديث طويل، أفاض فيه الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في آخر فتح الباري، وأما من صححه كالترمذي مثلاً فإنه لا يرى هذا الاختلاف علة قادحة، بل يجوِّز أنه عند موسى بن عقبة على الوجهين، يعني من حديث ابن مسعود ومن حديث أيضًا أبي هريرة.
النوع الثاني: المُعل في المتن، ومثلوا له بما روى معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعًا فلا تقربوه» ولما كان ظاهر هذا الإسناد الصحة، صحح الحديث جماعة وقالوا: إنه على شرط الشيخين، ولكن أئمة الحديث طعنوا فيه ولم يروه صحيحًا بل رأوه خطأً محضًا، قال الترمذي: هذا خطأٌ أخطأ فيه معمر والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن فأرة سقطت في سمن فقال: «ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم» شو الفرق بين هذه الرواية والرواية التي قبلها؟ نعم؟
طالب:...
نعم في الرواية الأولى قيد السمن بكونه جامدًا، والثانية ما فيها تقييد. وعلى هذا تلقى وما حولها سواء كانت سواء كان السمن مائعًا أو جامدًا. وأيضًا مثلوا لعلة المتن بحديث البسملة الذي رواه مسلم في الصحيح، وفيه: لا يذكرون باسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها. ولذا يقول الحافظ العراقي –رحمه الله-: وعلة المتن كنفي البسملة إذ ظن راوي نفيها فنقلها. إذ ظن راوي نفيها فنقلها. لكن على كلام الحافظ وغيره من أهل التحقيق أن المراد بالنفي هنا يحمل النفي على على عدم الجهر، وبهذا تنتفي العلة، نعم.
طالب:...
لا ما هو من كلام أنس. ولو قُدِّر أنه من كلام أنس فإن أنس سئل في آخر عمره لما نسي نعم فقال إنه لا يذكر في ذلك شيئًا. النوع الثالث المعل في السند والمتن معًا ومثاله حديث بقية عن يونس عن الزهري عن سالم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فقد أدرك» من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فقد أدرك. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا خطأ في المتن والإسناد فقال: هذا خطأ في المتن والإسناد. وإنما هو الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها» متفق عليه. «من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها» وأما قوله: «من صلاة الجعمة» فليس في هذا الحديث فوهم في كليهما. ونقل ابن الجوزي عن ابن حبان أن هذا الحديث خطأ إنما الخبر: «من أدرك من الصلاة ركعة» وذكر الجمعة أربعة أنفس عن الزهري عن أبي سلمة، كلهم ضعفاء، كلهم ضعفاء.
ما تُعرف به العلة، ما الذي تعرف به العلة؟ تعرف العلة في الحديث بأمور: منها أولاً: الإلهام من الله -سبحانه وتعالى-، الناشيء عن الإخلاص له -سبحانه وتعالى-، فبه يستطيع فبه يستطيع المتحدث التمييز بين صحيح الحديث من عليله، وقد لا يستطيع المحدث التعبير عن إقامة الحجة على دعواه، قد يقول هذا الحديث معل فيه علة، تقول له ما العلة؟ يقول فيه علة، فقط. ولا يستطيع أن يعبر عن هذه العلة، شيء ينقدح في ذهنه، وقد لا يستطيع المحدث التعبير عن إقامة الحجة على دعواه، قال عبد الرحمن بن مهدي: معرفة علل الحديث إلهام فلو قلت للعالم بعلل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة، وكم من شخص لا يهتدي لذلك، قد يقول قائل: إن مثل هذا الأمر قد يدعيه من يدعي الكشف، والتصحيح بالرؤى والمنامات والتضعيف، نعم، وقد وُجِد من يصحح، يُسأل عن حديث فيقول: انتظر إلى الغد، مجرد ما يضع رأسه على الوسادة يسأل عن الحديث، يزعم أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له هذا الحديث صحيح أو ضعيف، وهذا موجود في تراجم كثير من المتأخرين، بل من المعاصرين من يزعم أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يزوره كل ليلة، فإنه طلب من بعض المحققين المعروفين باستقامة سلوكهم وسلامة عقائدهم أن يرحل من الحي الذي هو فيه، قائلاً له: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يتضايق من جوارك لي، فقال: إذا كان الأمر كما تقول ارحل أنت، فذكر له أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيما يزعم يعرف هذا المكان، فكونه ينتقل منه فيه ما فيه ومشقة على زعمه أو كأنه يزعم أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا غير مكانه ما يعرف المكان، وهذا من تلبيس الشيطان على من سهُل قياده له أو انقياده له.
فالشيطان لا يرضى بالقليل، لا يزال بابن آدم حتى يخرجه من دينه، ولا يزال بالشخص يسول له ويملي له حتى يوقعه فيما يضحَك منه، حتى يجره إلى ما يخالف العقول والفِطر، فضلاً عن الأديان. المقصود أنه في العصور المتأخرة يعني في القرن العاشر والحادي عشر والثاني عشر وجد من يزعم أنه يعرض الأحاديث على الرسول -عليه الصلاة والسلام- بطريق الكشف فيصحح له ويضعف ويقول ما الفرق بين هذا وبين قول الإمام الكبير الحافظ عبد الرحمن بن مهدي: معرفة علل الحديث إلهام. هذا إلهام. وبعضهم يتجاوز الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فيزعم أنه يأخذ من المعدن، الذي يأخذ منه الرسول -عليه الصلاة والسلام-، من العلم اللدني، يقول هذا إلهام من الله -سبحانه وتعالى-، مثل ما يزعم ابن مهدي يزعم، وإلا اعرض أعمالك وأقوالك على الكتاب والسنة فإن كانت مطابقة فنعم، وإن كان لديك من الخبرة والدربة في السُّنَّة ولديك من الإحاطة بالطرق إذا كان لديك مثل ما عندهم فنعم وإلا فلا.
طالب:...
ما يمنع ما يمنع ولكن لا يكون طريقه علة مطردة يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- يأتي إلى هذا الشخص في كل ليلة ويزوره أو يسأله عن بعض المسائل والقضايا، يعني من رأى آخر بهجة النفوس لابن أبي جمرة شرح مختصر البخاري له، الشرح نفيس، وينقل أهل العلم عنه الغرائب وهو موجود مطبوع لكن في آخر الكتاب ما شانه به من الرؤى والمنامات، نعم، وهم يقولون الإمام القدوة العارف، التلبيس يحصل، نعم الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يتلبس به الشيطان، كما في الحديث الصحيح، من رآه فقد رآه فعلاً يعني ما يتلبس به الشيطان، لكن مثل هؤلاء قد يكونوا كذبة في دعواهم، الأمر الثاني كثرة الممارسة للحديث.
طالب:...
المرتب، إي لكن اعرض عمل هذا الشخص على الكتاب والسُّنَّة إن وجدته موافق فنظن، شو اللي يمنع؟ لأنها ممكنة رؤية النبي -عليه الصلاة والسلام- ممكنة.
طالب:...
قرأ القرآن؟
طالب:...
وسبق له أن قرأ القرآن؟
طالب:...
يُنظَر إلى الأب، لا يصير من هؤلاء المخرفين فيملي على ولده ما يشاء، نعم، شخص عنده امتحان التوحيد، فسهر ليلة الامتحان وما فتح الكتاب، لما أصبح قال: قُرئت علي الطحاوية من أولها إلى آخرها البارحة، المقصود أن هذه الدعاوى، لا بد أن تُؤيد بالعمل الموافق للكتاب والسُّنَة إذا وجدت وعرف من حال الشخص أنه صادق في دعواه فهذه أمور ممكنة ما هي مستحيلة، نعم، والكرامات ثابتة لأولياء الله -سبحانه وتعالى-. كثرة الممارسة للحديث ومعرفة رجاله وأحاديث كل واحد منهم يتوصل به إلى معرفة أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان، فيعلّون الأحاديث بذلك، والأمر الثالث: جمع طرق الحديث والنظر في اختلاف رواته والاعتبار بمكانتهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط، قال علي بن المديني: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه.
ومن ذلكم النص على علة الحديث أو القدخ فيه أنه معل من قِبل إمام من أئمة الحديث المعروفين بالغوص في هذا الشأن فإنهم الأطباء الخبيرون بهذه الأمور الدقيقة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.