تعليق على تفسير سورة البقرة من أضواء البيان (04)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

مسائل: الأولى: إذا طرأ على الإمام الأعظم فسق أو دعوة إلى بدعة هل يكون ذلك سببًا لعزله والقيام عليه أو لا؟"

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فقد تقدم في الشروط شروط اختيار الخليفة وانتخابه وتعيينه أن أنه لا بد أن يكون عدلاً والعدل هو الذي يفعل الأوامر ويجتنب النواهي فلا يتلبّس بفسق هذا أمر مقرر ومعروف وشرط معتبر؛ لأن الفاسق معروف أنه يرتكب المحرم دائما فكيف يقيم شرع الله على غيره من الفساق، لكن المسألة مفترضة في عدل ثبتت ولايته وأذعن الناس له ثم فسق طرأ عليه الفسق إما بارتكاب محرّم أو دعوة إليه أو دعوة إلى بدعة وما أشبِه ذلك، من أهل العلم من يرى أنه يجوز الخروج عليه للشرط المتقدم، ولكن هذا القول ليس بصحيح؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- علّق الخروج على أمرين لا ثالث لهما إما أن يُرى الكفر البواح، وإما أن يترك الصلاة ولا يقيم الصلاة في الناس وهذا هو الراجح- إن شاء الله تعالى-.

"قال بعض العلماء: إذا صار فاسقًا أو داعيًا إلى بدعة جاز القيام عليه لخلعه والتحقيق الذي لا شك فيه أنه لا يجوز القيام عليه لخلعه إلا إذا ارتكب كفرًا بواحًا عليه من الله برهان فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله عندكم فيه من الله برهان".

ومن تمام حديث عبادة وأن نقول أو نقوم بالحق لا نخاف في الله لومة لائم وهذا من تمام البيعة لولي الأمر.

"وفي صحيح مسلم من حديث عوف بن من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «خيار أئمتكم الذين يحبونكم وتحبونهم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم»".

الصلاة هنا أعم من أن تكون ذات الركوع والسجود فتشمل الدعاء، تدعون لهم ويدعون لكم وهذا من تمام المحبة والمودة السائدة بين الراعي والرعية، وإذا مات يصلى عليه وإذا مات أحد منهم صلى عليه الإمام كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل.

طالب: ...............

إذا منع الناس من الصلاة أو ترك الصلاة هو لأنه في بعض الروايات «لا، ما صلوا» أو منع الناس من إقامتها.

"«وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم» قال قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك قال «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله تعالى ولا ينزعن يدا من طاعة»".

وهذا يرد قول من يقول إنه يُخرج عليه أو ينازع بمجرد الفسق أو أن ولايته تبطل؛ لأنه نقض شرطا من شروطه وهو العدل أو العدالة لكن هذا الكلام ليس بصحيح.

"وفي صحيح مسلم أيضا من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ»".

يعني تعرفون من تصرفاتهم وتنكرون والمعروف معروف والمنكر منكر، المعروف هو ما يوافق الشرع والمنكر ما يخالفه فهم يزاولون الأعمال الموافقة والأعمال المخالفة.

"«فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع» قالوا يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا، ما صلوا»، وأخرج الشيخان في صحيحهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من رأى من أميره شيئًا فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرًا فيموت إلا مات إلا مات ميتة جاهلية» وأخرج مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»".

نعم والأدلة على هذا المعنى كثيرة جدًا ويشهد لهذه الأدلة النقلية العقل والواقع أن من أحدث شيئا من الفوضى ونزع يدا من طاعة فإنه يدخل على الأمة أشياء لا تحمد عقباها بل قد لا تطاق، والأمن نعمة من الله- جل وعلا- هي من أعظم النعم فهي كما قال أهل العلم أولى من نعمة الطعام والشراب، فالجوع أسهل من الخوف وهذا أمر معروف ومشاهد والواقع يشهد بذلك، وأنتم ترون الناس يتخطفون من حولنا ونحن نتفيأ ضلال هذه النعمة الوارفة بسبب تحقيق التوحيد الذي حصل على يد الإمامين محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود، ومازلنا نجني هذه الثمار لكن المؤمل والمأمول من الناس كافة الراعي والرعية المحافظة على السبب الذي حصل به هذا الأمن وألا نفرّط فيه.

والأحاديث.

لحظة.

طالب: ...............

نعم يصبر ويحتسب.

طالب: ...............

لا، حديث عبادة وأن نقوم أو نقول بالحق لا نخاف في الله لومة لائم، ولا تلازم بين الإنكار والبيان وبين الخروج على الإمام ونزع اليد من طاعته أبدا، لا وهذا من محبته والنصح له، بل من تمام النصيحة له.

طالب: ...............

والله بما تحقق به المصلحة وتُدفع به المفسدة هذه القاعدة الكلية.

طالب: ...............

على كل حال المصالح العامة مقدّمة على المصالح الخاصة، فلا بد لكل إنسان أراد أن يبين أو يغير أو ينكر أن ينظر في المصلحة العامة قبل الخاصة.

طالب: ...............

لا، إثارة الناس أشد.

طالب: ...............

هذا هو الأصل وهو الأقرب للإخلاص، لكن من أهل العلم من يستدل بفعل أبي سعيد لاسيما إذا أمنت المفسدة ولم تجد النصيحة السرية وتحققت المصلحة بذلك وغلب على الظن، حديث أبي سعيد أنكر على مروان وهو على المنبر لكن متى؟ إذا صفت القلوب، لا إذا كانت القلوب مشحونة أو مدفوعة بأمور أخرى يتظاهر للناس أنه ينكر وهو في نفسه شيء حتى أنه وجد من من يعلن الإنكار ويحرض الناس ويُظن فيه الخير ولما استفصل قال لا، نحن فقط ركبنا هذه الموجة هذا التيار فرصة هذا موجود في الناس في القديم والحديث ليس بجديد ولكل قوم وارث.

والأحاديث في هذا كثيرة.

والمسألة مسألة دين الإنسان يتدين بهذا ويتعبد به لله- جل وعلا- يعني مع كونه دينا ومع كونه يؤجر عليه أو يأثم هو ينظر في مصلحته ومصلحة أهله وذويه وبنيه، على الإنسان أن ينظر بعين البصيرة إلى من حولنا ولا يمكن  أيضا أن تترك المنكرات بأمثال السيول الجارفة تجترف المجتمعات ولا يقيم لها الناس وزنا لا بد من تغييرها بالطرق المناسبة، أما الإطباق على السكوت هذا لا يقره لا عقل ولا نقل لكن مع ذلك لا بد من تحقق المصالح ودرء المفاسد بقدر الإمكان.

طالب: ...............

هو مشكلتنا أن العلماء ينكرون ويكتبون ويبيّنون وينصحون سرا والأسباب مبذولة وهم مازالوا على ما كان عليه سلف الأمة وأئمتها من أنهم لا يظهرون للعامة شيئا خشية من الإثارة وما أشبه ذلك، لكن العامة الآن يرون المنكر ولا يرون نقيضه فلا بد من إبداء شيء لهم وتنفيسه لا بد من التنفيس عليهم بشيء لا يثير بأسلوب مناسب.

"والأحاديث في هذا كثيرة فهذه النصوص تدل على منع القيام عليه ولو كان مرتكبا لما لا يجوز إلا إذا ارتكب الكفر الصريح الذي قام البرهان الشرعي من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-عليه أنه كفر بواح أي ظاهر بادٍ لا لبس فيه".

ومع ذلك يقيَّد بالقدرة مع ذلك لا بد من تقييده بالقدرة ولا يُزجّ بالناس في مثل هذه الأمور فتباد خضراؤهم وتنتهك أعراضهم وتسفك دماؤهم على أمر مظنون قد يتحقق وقد لا يتحقق، وإذا كانت القدرة غير موجودة فالغالب أنه لا يتحقق فلا بد من تقييده بالقدرة.

"وقد دعا المأمون والمعتصم والواثق إلى بدعة القول بخلق القرآن وعاقبوا العلماء من أجلها بالقتل والضرب والحبس وأنواع الإهانة ولم يقل أحد بوجوب الخروج عليهم بسبب ذلك، ودام الأمر بضع عشرة سنة حتى ولي المتوكل الخلافة فأبطل المحنة وأمر بإظهار السنة."

مع ذلك وقف من وقف وترخّص من ترخّص وارتكب العزيمة من ارتكبها أمثال الإمام أحمد ونصر الله به الدين ورفع به هذه البدعة، ولولا وقوف من وقف ممن ارتكب العزيمة والعلم عند الله- جل وعلا- أن استمرت هذه البدعة في الناس لكن الله- جل وعلا- علم بهذه المدافعة من هؤلاء الأئمة فرفع الله بهم ونفع بهم نفعا عظيما وانتهت هذه الفتنة.

"واعلم أنه أجمع جميع المسلمين على أنه لا طاعة لإمام ولا غيره في معصية الله تعالى وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا لبس فيها ولا مطعن كحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة أخرجه الشيخان وأبو داود، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في السرية الذين أمرهم أميرهم أن يدخلوا في النار «لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا إنما الطاعة في المعروف» وفي الكتاب العزيز {وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}[الممتحنة:12]

 المسألة الثانية: هل يجوز نصب خليفتين كلاهما مستقل."

الطاعة في المعروف لو أمر بمعصية لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وهذا كل من له ولاية من الإمام الأعظم إلى الرئيس المباشر، إلى المدير، إلى الوالد، إلى المعلم، كل هؤلاء لا طاعة لهم في معصية، والطاعة أيضا بالمعروف يعني لو أمر بمباح لكن المأمور لا يطيقه، أمر الولد بأن يطلق زوجته أو أمره أن ينكح فلانة أو أمره أن يأكل الطعام الفلاني أو يقلع عن الطعام الفلاني المباح وقد ألفته نفسه وهو لا يطيعه تكون الطاعة بالمعروف، نعم إذا حمل على نفسه ووافق والده فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمر «أطع أباك» لكن أحيانا تكون الحالة السعادة سعادة هذا الشخص مربوطة بهذه المرأة فُتن بها وأُشرب قلبه بحبها أو لا يطيق هذه المرأة وأبوه يأمره أن يتزوجها نقول الطاعة بالمعروف، لكن بالطرق المناسبة يعامل الوالد معاملة حسنة ويُسعى لإقناعه.

طالب: ...............

لو أمر بترك سنة أو بواجب على الكفاية مثلا أصدر أمر بأن يمنع فلان من التعليم هذا واجب على الكفاية وقد قام به من يكفي نقول يلزم عليه أن يطيع.

"المسألة الثانية: هل يجوز نصب خليفتين كلاهما مستقل دون الآخر في ذلك ثلاثة أقوال، الأول: قول الكرّامية بجواز ذلك مطلقًا محتجين بأن عليًّا ومعاوية كانا إمامين واجبي الطاعة كلاهما على من معه وبأنّ ذلك يؤدي إلى كون كل واحد منهما أقوم بما لديه وأضبط لما يليه".

يعني من باب توزيع السلطة فإذا كان هذا القطر مثلا مساحته ألف ميل قُسم بين اثنين كل واحد يتولى منهما نصفه هذا رأي من؟ الكرّامية هذا رأيهم، لكن هذا القول ليس بشيء وإنما يكون الخليفة واحدا لما يحدث بين الاثنين من التنازع؛ لأنه قد يبغي أحدهما على الآخر ويطمع أحدهما في الآخر ويكون الناس هم الضحية.

طالب: ...............

لا الأقطار المتباعدة سيأتي الكلام عليها.

طالب: ...............

ماذا؟

طالب: ...............

لا، ليس بصحيح.

طالب: ...............

نعم، هو أولاهما بالحق ولا ادعى معاوية الخلافة ادعى إمارة الشام وأنه مولى من قبل عثمان.

"وبأنه لما جاز بعث نبيين في عصر واحد".

من عمر بعد قبل عثمان من سنة عشرين.

"وبأنه لما جاز بعث نبيين في عصر واحد ولم يؤد ذلك إلى إبطال النبوة كانت الإمامة أولى، القول الثاني: قول جماهير العلماء من المسلمين إنه لا يجوز تعدد الإمام الأعظم بل يجب كونه واحدا وألا يتولى على قطر من الأقطار إلا أمراؤه المولون من قبله محتجين بما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» ولمسلم أيضًا من حديث عرفجة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» وفي رواية «فاضربوه بالسيف كائنًا من كان» ولمسلم أيضًا.."

طالب: ...............

أين؟

طالب: ...............

هو ليس من الحدود المعروفة لا، تعزير.

طالب: ...............

نعم تعزير.

طالب: ...............

أمركم خبر، وإذا قلنا أن أصله مجتمعا جميعا بمعنى مجتمع يصح حالا يعني حال كونكم مجتمعين.

طالب: ...............

إذا استقر له الأمر بالقوة والغلبة معروف هي إحدى طرق التولية كما تقدم.

طالب: ...............

نعم إذا تمكن منه ويريد أن يشق عصا الطاعة هذا حكمه هذا الحديث، لكن إذا فر ولم يستطع عليه ولم يقدر عليه ثم اجتمع حوله أناس وغلب وهو مسلم يبايع ويستقر له الأمر هذا من طرق التولية كما تقدم.

طالب: ...............

أين؟

طالب: ...............

مرد ذلك كله على جلب المصالح ودرء المفاسد، يعني لولا هذه المصالح والمفاسد العظمى المترتبة على ذلك ما جازت توليته ألبتة استقرت الولاية للأول وانتهى ولا كلام لأحد.

ولمسلم أيضا من حديث.

وليس معنى هذا أن عمله جائز وأن غايته بررت الوسيلة أبدا هو مستحق للقتل في البداية لكن في النهاية استقر له الأمر ويترتب على مقاومته مزيد من الدماء ومزيد من المفاسد العظمى مثل هذا كما قرر أهل العلم.

طالب: ...............

على معصية وموبقة من الموبقات هو مستحق للقتل.

طالب: ...............

نعم أعظم بلا شك.

طالب: ...............

ما هو؟

طالب: ...............

ليس بعيدا، لكن يبقى أنه ولو كان أصلح في ظاهر الأمر وفي حقيقة الأمر والأول خليفة مستقر الأمر له لا يجوز بحال لجواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل.

"ولمسلم أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ومن بايع إماما صفقة يده".

فأعطاه صفقة يده.

"ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر، ثم قال سمعته أذناي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووعاه قلبي وأبطلوا احتجاج الكرّامية بأن معاوية أيام نزاع.."

نعوذ بالله من الفتن كنا نرى هذا الكلام نظري والفتن المترتبة على ذلك تقرأ في الكتب لكن صرنا نراها في الأعيان والأبصار من حولنا، صرنا نرى هذه الأمور بالأبصار، يؤتى بالبنت الفتاة وتشنق نصفين تربط إحدى رجليها بسيارة والثانية بسيارة ثانية في بلاد المسلمين، في بلد يزعم واليها أنهم مسلم والناس يتفرجون هذه هي الفتن هكذا تصنع الفتن.

"وأبطلوا احتجاج الكرامية بأن معاوية أيام نزاعه مع علي لم يدَّعِ الإمامة لنفسه وإنما ادعى ولاية الشام بتولية من قبله من الأئمة ويدل لذلك إجماع الأمة في عصرهما على أن الإمام أحدهما فقط لا كلٌّ منهما، وأن الاستدلال بكون كلٍّ منهما أقوم بما لديه وأضبط لما يليه ولجواز بعث نبيين في وقت واحد يرده قوله -صلى الله عليه وسلم- «فاقتلوا الآخِر منهما»؛ ولأن نصب خليفتين يؤدي إلى الشقاق وحدوث الفتن".

نعم من أراد أن ينظر في الآثار المترتبة على قول الكرامية في نصب خليفتين فلينظر إلى بلدين ينتسبان إلى الإسلام من البلدان المجاورة هذا تجده على سياسة وعلى نمط من الحياة والآخر يختلف عنه تماما، لكن لو كان الخليفة واحدا والسياسة واحدة والاقتصاد واحد صارت الحياة متشابهة.

طالب: ...............

ممكن نعم فاسد لأن النبيين المبعوثين من قبل الله- جل وعلا- لا يتوقع منهما أن يحصل بينهما صراع ولا خلاف بخلاف الولاة والخلفاء من رأى في نفسه أنه أقوى من غيره نازعته نفسه للتغلب عليه وأخذ ما في يده والضحية الشعوب.

طالب: ...............

على كل حال الأمر لولي الأمر الذي هو السلطان الأعظم ومن دونه ومن تحته كلهم بإنابته اكتسبوا الولاية، أما أن ينصب خليفة فقط مجرّد اسم لا قيمة له لا يأمر ولا ينهى والأمر لمن دونه هذا ليس في شرع الله أبدا.

"القول الثالث: التفصيل فيُمنع نصب إمامين في البلد الواحد والبلاد المتقاربة ويجوز في الأقطار المتنائية كالأندلس وخراسان قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه:"

عندنا نصوص شرعية وعندنا واقع عاشته الأمة قرونا طويلة وتتابع عليه المسلمون بما فيهم أهل العلم وأهل الحَل والعقد فوجد أكثر من خليفة في الواقع، يعني فمن قال في البلدان والأقطار المتنائية كالأندلس وخراسان يعني يمكن أن يستولى عن البلد والبلد الثاني لا يعلم بينهم أشهر مسافات يمكن مسافة ستة أشهر بين الأندلس وخراسان، وليست هناك وسيلة للتواصل ولا وسيلة لاستطلاع الأخبار في ذلك الوقت فالضرورة دعت إلى مثل هذا، مع أنه لو اتحدت كلمة المسلمين وصار خليفتهم واحدا كما كان في عهد الخلفاء الراشدين وأمكن أن يعين هذا الخليفة من تبرأ الذمة بتعيينه ويقوم مقامه في البلدان الأخرى ويلتئم بذلك المصلحة مع النص، لكن مادام وقع ووجد والأمة ما أنكرت ذلك وقد يكون ترك الإنكار درءًا لمفاسد، وعلى كل حال الأصل أن المسلمين لهم خليفة واحدة هذا الأصل.

طالب: ...............

مثل هذا لا يمكن جمعهم كل خليفة وكل والي متمسك بولايته ولا يمكن جمعهم إلا بإراقة دماء.

"لكن إن تباعدت الأقطار وتباينت كالأندلس وخراسان جاز ذلك على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى انتهى منه بلفظه والمشار إليه في كلامه نصب خليفتين وممن قال بجواز ذلك الأستاذ أبو إسحاق كما نقله عنه إمام الحرمين ونقله عنه ابن كثير والقرطبي".

طالب: ...............

إسحاق الإسفراييني.

"ونقله عنه ابن كثير والقرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة، وقال ابن كثير قلت وهذا يشبه حال خلفاء بني العباس في العراق والفاطميين بمصر والأمويين بالمغرب".

مع أن ولاية الفاطميين وهم عبيديون باطنية يعني التمثيل بهم لا يصلح.

"المسألة الثالثة: هل للإمام أن يعزل نفسه؟ قال بعض العلماء له ذلك، قال القرطبي: والدليل على أن له عزل نفسه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه أقيلوني، وقول الصحابة- رضي الله عنهم- لا نقيلك ولا نستقيلك قدمك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لديننا فمن ذا يؤخرك، رضيك الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لديننا أفلا نرضاك قال.."

يعني لدنيانا.

"قال فلو لم يكن له ذلك لأنكرت الصحابة ذلك عليه ولقالت له ليس لك أن تقول هذا، وقال بعض العلماء ليس له عزل نفسه؛ لأنه تقلد حقوق المسلمين فليس له التخلي عنها، قال مقيده عفا الله عنه: إن كان عزله لنفسه لموجب يقتضي ذلك كإخماد فتنة كانت ستشتعل لو لم يعزل نفسه، أو لعلمه من نفسه العجز عن القيام بأعباء الخلافة فلا نزاع في جواز عزله نفسه؛ ولذا أجمع جميع المسلمين على الثناء على سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحسن بن علي- رضي الله عنهما- بعزله نفسه وتسليمه الأمر إلى معاوية بعد أن بايعه أهل العراق حقنا لدماء المسلمين وأثنى عليه بذلك قبل وقوعه جده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين» أخرجه البخاري وغيره من حديث أبي بكرة رضي الله عنه. المسألة الرابعة:"

وقل مثل هذا وإن كان ليس بمنزلته ودرجته من أراد أن يتخلى عن منصب نفع الله به فيه، قاضي مثلا أو معلم أو في منصب حساس لمن يترك الأمر إذا كان كفؤا فمثل هذا لا يجوز له أن يتخلى إلا إذا كان متضررا بالبقاء.

طالب: ...............

البديل إذا كان أفضل منه لا بأس وإلا عزله لنفسه تخلي وتولي.

"المسألة الرابعة: هل يجب الإشهاد على عقد الإمامة؟ قال بعض العلماء لا يجب لإن إيجاب الإشهاد يحتاج إلى دليل من النقل وهذا لا دليل عليه منه، وقال بعض العلماء: يجب الإشهاد عليه لئلا يدعي مدع أن الإمامة عقدت له سرًا فيؤدي ذلك إلى الشقاق والفتنة والذين قالوا بوجوب الإشهاد على عقد الإمامة قالوا يكفي شاهدان خلافًا".

يعني كسائر العقود.

"خلافًا للجبائي في اشتراطه أربعة شهود وعاقدا ومعقودا له مستبطنًا".

مستنبطا ذلك.

"مستنبطًا ذلك من ترك عمر الأمر شورى بين ستة فوقع الأمر على عاقد وهو عبد الرحمن بن عوف ومعقود له وهو عثمان وبقي الأربعة الآخرون شهودا ولا يخفى ضعف هذا الاستنباط كما".

نعم لأن مثل هذا قد لا يكون في بال عمر- رضي الله عنه- أن هذا العدد معتبر، قد لا يكون في باله اعتبار هذا العدد يعني فلو كانوا خمسة نقول أن الشهود ثلاثة؟ أو كانوا عشرة نقول لا بد أن يكون الشهود ثمانية هذا استدلال ضعيف.

"ولا يخفى ضعف هذا الاستنباط كما نبّه إليه القرطبي وابن كثير والعلم عند الله تعالى.

 قوله تعالى {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ}[البقرة:31] يعني مسميات الأسماء لا الأسماء كما يتوهم من ظاهر الآية".

{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ}[البقرة:31] ضمير عرضهم إذا كان يعود إلى أقرب مذكور فهي الأسماء عرض الأسماء لكن المرجح أنها المسميات وإلا الأسماء كيف تعرض يعرض المسمى يسمى ما هذا؟ الذي هو المسمى ثم يذكر باسمه إن كان الجواب صحيحا ولذلك قال وقد أشار..

"وقد  أشار إلى أنها المسميات بقوله {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء}[البقرة:31] الآية كما هو ظاهر قوله تعالى: {وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُون}[البقرة:33]  لم يبين هنا ما هذا الذي كانوا يكتمون، وقد قال بعض العلماء هو ما كان يضمره إبليس من الكبر وعلى هذا القول فقد بينه قوله تعالى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ}[البقرة:34] الآية، قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ}[البقرة:34] لم يبين هنا هل قال لهم ذلك قبل خلق آدم أو بعد خلقه وقد صرّح في سورة (الحجر) و(ص) بأنه قال لهم ذلك قبل خلق آدم فقال في الحجر {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِين}[الحجر:28] ".

فدل على أن الأمر كان قبل خلق آدم بصريح السياق.

"وقال في سورة ص {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِين * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين}[ص:71-72] قوله تعالى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ}[البقرة:34]  لم يبين هنا موجب استكباره في زعمه ولكنه بيّنه في مواضع أخر كقوله {قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين}[الأعراف:12]  وقوله {قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون}[الحجر:33] ".

نعوذ بالله من الكبر هذه معصية عظمى معصية إبليس.

طالب: ...............

لا، كلام المفسر موجز جدا ومقصور على بيان ما أُجمل في موضع بيانه في موضع آخر، ليس تفسيرا تحليليا كلام الشيخ مجمل مختصر جدا، لا يحلل الألفاظ وإنما ما جاء بيانه في موضع آخر.

طالب: ...............

كلام أهل العلم طويل والقرطبي أطال في هذا وسيرد إن شاء الله في تفسير ابن كثير إن شاء الله.

طالب: ...............

أقول الكبر آفة عظيمة وهو معصية إبليس اللعين الذي واجه وجابه وعاند وأصر واستكبر من أجله والكبر من أعظم أمراض القلوب وجاء تفسيره بأنه بطر الحق وغمط الناس هذه حقيقة الكبر الذي جاءت النصوص بذمه وتعظيم شأنه وأنه من عظائم الأمور، فمن تكبر على غيره لا شك أنه رأى نفسه وإلا ما تكبر على غيره إلا أنه قد رأى في نفسه من المزية ما يستحق به التعظيم على غيره، ثم بعد ذلك يترتب على ذلك أنه في قرارة نفسه أنه يدعي أنه مظلوم ومهضوم ثم بعد ذلك من الذي ظلمه وهمه ورفع غيره عليه؟ هو الله- جل وعلا- شاء أم أبى هذه النهاية والله المستعان.

تنبيه: مثل قياس إبليس نفسه على عنصره الذي هو النار وقياسه آدم على عنصره الذي هو الطين واستنتاجه من ذلك أنه خير من آدم ولا ينبغي أن يؤمر بالسجود لمن هو خير منه مع وجود النص الصريح الذي هو قوله تعالى:  {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِين}[الأعراف:11] يسمى في اصطلاح الأصوليين فاسد الاعتبار.

فيكون مثل قياس إبليس يسمى.

مثل قياس؟

نعم مثل قياس إبليس يسمى عند الأصوليين فاسد الاعتبار.

"وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود:

والخلف للنص أو إجماع دعا

 

فساد لاعتبار كل من وعى"

يكون فاسد الاعتبار، القياس في مقابل النص معروف ومقرر عند أهل العلم أنه فاسد الاعتبار.

"فكل من رد نصوص الوحي بالأقيسة فسلفه في ذلك إبليس وقياس إبليس هذا لعنه الله باطل من ثلاثة أوجه".

لكن بالغ وغالى ابن حزم في هذا وجعل قياس إبليس أصل لرد جميع الأقيسة بأنواعها مع أنه جاء في النصوص ما يدل على اعتبار القياس جاء في الأحاديث واستدل له أهل العلم بقوله- جل وعلا- {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الأَبْصَار}[الحشر:2] وأما في النصوص فهي صريحة وواضحة في الأحاديث الصحيحة الذي جاء يشكك في ابنه جاءت بولد يختلف لونه عن لونه فوقع في نفسه أنه ليس له، فجاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له «هل لك من إبل؟» قال نعم قال «فما ألوانها» قال..

طالب: ...............

لا، «فهل فيها من أورق» قال نعم، قال إن فيها لورقا قال «فما سببه؟» قال لعله نزعه عرق، قال: «ابنك هذا لعله نزعه عرق» وهذا قياس ظاهر.

طالب: ...............

نعم حق الله أولى بالقضاء «أفرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته؟» قالت نعم قال «حق الله أولى بالقضاء».

"وقياس إبليس هذا لعنه الله باطل من ثلاثة أوجه، الأول: أنه فاسد الاعتبار لمخالفته النص الصريح كما تقدم قريبا، الثاني: أنا لا نسلم أن النار خير من الطين بل الطين خير من النار لأن طبيعتها الخفة والطيش والإفساد والتفريق وطبيعته الرزانة والإصلاح فتودعه الحبة فيعطيكها سنبلة والنواة فيعطيكها نخلة وإذا أردت أن تعرف".

يعني هذا مقارنة إجمالية وإلا معلوم أن الطين مثل ما ذُكر من فوائده الشيء الكثير ولو لم يكن منها إلا في مجال الزراعة ومجال البناء وغير ذلك مما يستفاد من الطين وتودعه الحبة فتعطيك قدرا كبيرا من الحبوب واعرض هذه الحبة اجعلها في النار تحرقها ولكن هل يمكن أن يستغني الناس عن النار {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُون}[الواقعة:71] هذه من نعم الله- جل وعلا- ولا يمكن إعداد طعام ولا تليين قاسي إلا بها ومع ذلك تبقى أن القياس مع الفارق وأن الطين خير من النار، ولا يعني أن النار ليس فيها خير بالكلية نعم فيها ضرر كبير تحرق الناس، تحرق الأموال، تحرق الزروع والثمار، لكن يبقى أن فيها نفعا وليست بشر محض.

"وإذا أردت أن تعرف قدر الطين فانظر إلى الرياض الناظرة وما فيها من الثمار اللذيذة والأزهار الجميلة والروائح الطيبة تعلم أن الطين خير من النار، الثالث: أنا لو سلمنا تسليما جدليا أن النار خير من الطين فإنه لا يلزم من ذلك أن إبليس خير من آدم لأن شرف الأصل لا يقتضي شرف الفرع بل قد يكون الأصل رفيعا والفرع وضيعا كما قال الشاعر:

إذا افتخرت بآباء لهم شرف

 

قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا

وقال الآخر:

وما ينفع الأصل من هاشم

 

إذا  كانت النفس من باهلة"

طالب: ...............

إلا إبليس الفرع هو يقول أنا أفضل لأن أصلي أفضل نقول سلمنا أن النار أفضل لكن الفرع بئس ما ولدوا.

قوله تعالى.

ما ينفع الأصل من هاشم

 

إذا كانت النفس من باهلة

يعني إذا كانت الطباع هذا الشخص الذي أصله من هاشم طباعه باهلية ومعروف القبيلة المظلومة المفترى عليها باهلة وأكثر الناس في الحط عليها وأُلِّفت في ذلك الكتب وأُودعت بطون كتب الأدب من ذلك الشيء الكثير حتى قيل لشخص هل تود أن تكون من باهلة ولك مائة من الإبل قال لا، قال هل ترضى أن تكون من باهلة وتدخل الجنة؟ أو تدخل النار؟ قال بشرط ألا يعلم الناس في الجنة أني من باهلة، لكن هذا كله لا قيمة له، معروف أن من باهلة علماء، أبو أمامة الباهلي صدي بن عجلان صحابي جليل وأعداد كبيرة جدا.

طالب: ...............

قتيبة بن مسلم كثير على مر العصور من علماء وعباد وزهاد وقوّاد من باهلة ولا زالت القبيلة موجودة وهي أيضا ولود فيها من خيار الناس الشيء الكثير.

طالب: ...............

لا، هو تحية ليس عبادة.

طالب: ...............

لا، ما أمروا الأمر الإلهي بأن يحيوا هذا المخلوق لا شك أن هذا تشريف له.

طالب: ...............

ما أمر بالسجود لأحد «ولو أمرت لأحد أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها».

طالب: ...............

ليس فيه.

طالب: ...............

نعم دعوى.

طالب: ...............

مسألة المفاضلة بين الملائكة وبني آدم في الجملة وبين صالحيهم هذه مسألة كبيرة جدا أفاض فيها ابن القيم في مفتاح دار السعادة من وجوه كثيرة.

قوله تعالى.

وحكمة إهباط آدم من الجنة إلى الأرض أيضا تكلم عليها ابن القيم في الكتاب المذكور مفتاح دار السعادة بكلام طويل جدا نفيس لا يوجد لغيره.

"قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ}[البقرة:37] لم يبين هنا ما هذه الكلمات ولكنه بينها في سورة الأعراف بقوله {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين}[الأعراف:23] قوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ}[البقرة:40]  لم يبيّن هنا ما هذه النعمة التي أنعمها عليهم ولكنه بيّنها في آيات أخر كقوله {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى}[البقرة:57]  وقوله {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ}[البقرة:49]  الآية، وقوله {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون}[القصص:5-6] إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}[البقرة:40] لم يبيّن هنا ما عهده وما عهدهم ولكنه بيّن ذلك في مواضع أخر كقوله {وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}[المائدة:12]  فعهدهم هو المذكور في قوله {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا}[المائدة:12] ".

فإذا وفوا بهذا العهد استحقوا ما ضمنه الله لهم، وفي الحديث الصحيح «أتدرون ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله» هذا أيضًا عهد من الطرفين.

"وعهده هو المذكور في قوله {لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[المائدة:12] الآية، وأشار إلى عهدهم أيضا بقوله {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران:187]  إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}[البقرة:42] الحق الذي لبسوه بالباطل هو إيمانهم ببعض ما في التوراة والباطل الذي لبّسوا به الحق هو كفرهم ببعض ما في التوراة وجحدهم له كصفات رسول.."

لا شك أن هذا لبس وخداع فإذا رآهم من يراهم على فترة هذا الإيمان ظن بهم خيرا، ومن رآهم على الفترة الأخرى ظن بهم الشر وهم متراوغون ملبسون متلوّنون.

"وجحدهم له كصفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغيرها مما كتموه وجحدوه وهذا يبينه قوله تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}[البقرة:85]  الآية والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب كما تقدم. قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ}[البقرة:45] الاستعانة بالصبر على أمور الدنيا والآخرة لا إشكال فيها وأما نتيجة الاستعانة بالصلاة".

يستعين بالصبر والصلاة، ولا شك أنه يُستعان على المصائب بالصبر وكذلك الصلاة، لما بلغ ابن عباس فقد بنته نزل من راحلته وصلى يستعين بها على هذه المصيبة، وأما الصبر{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون}[البقرة:155-156] {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب}[الزمر:10] .

وأما نتيجة.

لكن الكلام النظري سهل وكل يجيده، الكلام في العمل إذا جاء المحكّ وجاءت المصيبة واختُبر اليقين ينظر كل إنسان ماذا تكون نتيجته، وكثير من المسلمين تجده يصبر الناس ويتظاهر بذلك وإذا أُصيب صارت نتيجته صفر لا يقين ولا صبر ولا تحمل.

"وأما نتيجة الاستعانة بالصلاة فقد أشار لها تعالى في آيات من كتابه فذكر أن من نتائج الاستعانة بها النهي عما لا يليق وذلك في قوله {إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}[العنكبوت:45]  وأنها تجلب الرزق وذلك في قوله {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}[طه:132] ولذا كان -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة، وإيضاح ذلك أن العبد إذا قام بين يدي ربه يناجيه ويتلو كتابه هان عليه كل ما في الدنيا رغبة فيما عند الله ورهبة منه فيتباعد عن كل ما لا يرضي الله فيرزقه الله ويهديه. قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ}[البقرة:46]".

والمقصود بذلك الصلاة التي تترتب عليها آثارها ويخرج منها المصلي بكامل أجرها أو بقريب من الكامل، أما صلاة لا يخرج منها المصلي إلا بعشر أجرها أو أقل أو أكثر مثل هذه لا تترتب عليها آثارها؛ ولذا ترى كثيرًا من المسلمين يصلون فإذا خرج من المسجد زاول المنكرات وارتكب المحرمات فلم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر؛ لأنها لم تؤد على ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- بقوله «صلوا كما رأيتموني أصلي» تجده يدخل المسجد ويخرج وكأنه داخل محل تجاري أو سوق لا فرق، ومثل ما قيل ينظر في القبر وكأنه ينظر إلى حفرة زيت لا فرق عند كثير من الناس لما غطى القلوب وغشاها من الران، وسبب ذلك الموارد التي ترد على القلب من من فضول المباحات، فضول الخلطة، فضول الأكل، فضول النوم، فضول الكلام، فكيف بالمحرمات والله المستعان.

"قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون}[البقرة:46] المراد بالظن هنا اليقين كما يدل عليه قوله تعالى."

والظن يتفاوت من اليقين كما هنا إلى أن يصل إلى أن يكون أكذب الحديث ويصل إلى أن يكون لا يغني من الحق شيئا ويصل إلى أن يرادف الشك وأن يكون الاحتمال الراجح إلى أن يصل إلى درجة اليقين كما هنا.

"كما يدل عليه قوله تعالى: {وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون}[البقرة:4] وقوله:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُون}[المؤمنون:60]  قوله تعالى: {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ}[البقرة:48]  ظاهر هذه الآية عدم قبول الشفاعة مطلقا يوم القيامة ولكنه بين في مواضع أخر أن الشفاعة المنفية هي الشفاعة للكفار والشفاعة لغيرهم بدون إذن رب السموات والأرض أما الشفاعة للمؤمنين".

ودون رضاه عن المشفوع له هذه الشفاعة المنفية.

"أما الشفاعة للمؤمنين بإذنه فهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع فنص على عدم الشفاعة للكفار بقوله {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى}[الأنبياء:28]  وقد قال {وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}[الزمر:7] وقال تعالى عنهم مقررا له {فَمَا لَنَا مِن شَافِعِين}[الشعراء:100] وقال فما تنفعهم شفاعة الشافعين إلى غير ذلك من الآيات وقال في الشفاعة بدون إذنه {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[البقرة:255]  وقال {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى}[النجم:26]  وقال{يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً}[طه:109] إلى غير ذلك من الآيات وادعاء شفعاء عند الله للكفار أو بغير إذنه من أنواع الكفر به جل وعلا كما صرح بذلك في قوله {وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون}[يونس:18]  تنبيه: هذا الذي قررنا من أن الشفاعة للكفار مستحيلة شرعا مطلقا يستثنى منه شفاته -صلى الله عليه وسلم- في عمه أبي طالب في نقله من محل من النار إلى محل آخر منها كما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-".

لكن الخروج من النار للكفار هذا مستحيل {وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِين}[الحجر:48]  فقد حرم الله عليه الجنة- نسأل الله العافية- الخروج أما التخفيف فقد جاء في حق أبي طالب أنه في ضحضاح من نار أو عليه نعلان من نار شراكان من نار يغلي منهما دماغه- نسأل الله العافية- يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- «ولولا أنا لكن في الدرك الأسفل من النار».

طالب: ...............

نعم هو بمثابة المنافقين قامت عليه الحجة وعرف من مخالطته للنبي -عليه الصلاة والسلام- مثل ما عرفه المنافقون من مخالطة الصحابة والصلاة معهم.

"كما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح فهذه الصورة التي ذكرنا من تخصيص الكتاب بالسنة".

والله أعلم.

 

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"